جمعه 7 ارديبهشت 1403  
 
 
الباب الثاني فصل الاول بناء الفصيده
 
 
 
(البناء) لغة نقيض الهدم, والبنية (بكسر الباء وضمها)ما بنيته, واستعملت هذه المفردة للدلالة على إنشاء القصور والسفن([1]).
وقد استعارها قدامى العرب في مجال الأدب لتدل على معنى الإنشاء والتكوين والصياغة, فقد ذكر ابن قتيبة (276هـ ) في معرض كلامه عن اختلاف الأساليب والصياغات نظرا لتنوع الأغراض في الشعر بان «المديح بناء والهجاء بناء وليس كل بان بضرب بانياً بغيره»([2]). وكذلك ورد عن ابن طباطبا(322هـ )قوله: «إذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره»([3]).
ومن الجلي أن هذا المفهوم لمفردة (البناء) يختلف عن ما هو موجود عند المحدثين من النقاد الذين يرون أن مصطلح (البناء الفني) في القصيدة هو مجموعة متشابكة في العلاقات تتوقف فيها الأجزاء أو العناصر على بعضها من ناحية وعلى علاقتها بالنص كلا من ناحية أخرى([4]).
إلا أن ذلك لا يعني أن القدامى لم يلتفتوا إلى هذا المفهوم للمصطلح؛ بل نجدهم قد أشاروا إليه في مكان آخر خارج نطاق تحديد معنى مفردة (البناء) ومدلولاتها؛ فقد اشار ابن قتيبة (276هـ)إلى بناء قصيدة المدح عند الشاعر القديم, وكيف ابتدأها «بذكر الديار والدمن والاثار, فبكى وشكا, وخاطب الربع, واستوقف الرفيق ليجعل ذلك سببا لذكر اهلها الظاعنين عنها، ثم وصل ذلك بالنسيب فاذا علم انه قد استوثق من الاصغاء اليه والاستماع له, عقب بايجاب الحقوق, فرحل في شعره, وشكا النصب والسهر وسرى الليل, وانضاء الراحلة والبعير, فإذا علم انه قد اوجب على صاحبه حق الرجاء وزمام التأميل, وقرر عنده ما ناله من المكاره في المسير, بدأ في المديح»([5]).
وكذلك اشار ابن طبا طبا (322هـ) الى ذلك عندما قال: «أحسن الشعر عندما ينظم القول فيه انتظاما يتسق به أوله مع أخره على ما ينسقه قائله فان قدم بيتا على بيت دخله الخلل كما يدخل الرسائل والخطب بل يجب أن تكون القصيدة كلها ككلمة واحدة في اشتباه اولها باخرها»([6]).
فقد بذل الشاعر العربي جهداً كبيراً وهو يعبر عن تجاربه الشعرية التي اودعها عواطفه واحاسيسه, محاولا في الوقت نفسه مراعاة الأسس المتبعة في بناء النموذج الشعري المتكامل, فالقصيدة العربية بناء متكامل في جميع الأبعاد والمضامين([7]).
وعند تسليط الضوء على شعر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء, نجده يحتوي على انماط عدة من البناء الفني, يمكن أن نحددها بما يأتي:
1.     بناء القصائد المكتملة (المتعددة الأجزاء)
2.     بناء الموشحات.
3.     بناء القصائد المباشرة ذات الغرض الواحد والمقطعات.
4.     بناء الخماسيات.
 


([1]) ينظر: لسان العرب. مادة (بنى).
([2]) الشعر والشعراء. ابن قتيبة. تحقيق احمد محمد شاكر. دار المعارف 1982م: 1/ 94.
([3]) عيار الشعر لمحمد بن أحمد بن طباطبا العلوي, تحقيق د. طه الحاجري, د. محمد زغلول سلام شركة فن الطباعة ــ مصر 1956: 5.
([4]) ينظر: نظرية البنائية في النقد الأدبي. صلاح فضل مكتبة الأنجلو المصرية ــ 1978م: 180.
([5]) الشعر والشعراء: 1/75 ــ 76.
([6]) عيار الشعر: 126.
([7]) ينظر : النقد الأدبي الحديث: 15.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما