پنجشنبه 9 فروردين 1403  
 
 
الباب الاول الفصل الثالث :المرحلة الثالثة
وهي المرحلة الشعرية الأخيرة من حياة الشيخ الأدبية التي تتضمن ما نظمه من قصائد ومقطعات بعد ان تجاوز الستين من عمره.
فبعد ان عاد الشيخ من رحلته الى كل من الحجاز والشام ومصر سنة (1911 ــ 1914م)، وبعد اندلاع عمليات الجهاد والمقاومة التي شارك فيها ضد الاحتلال البريطاني في العراق، كرّس الشيخ باقي حياته لطلب العلم والتدريس والتأليف، وأصبح في مدة ليست بالطويلة أحد أبرز الزعماء المسلمين في العراق والعالم الإسلامي([1]).
وكان الشيخ طوال هذه الحقبة الزمنية قد ترك تعاطي الشعر ونظمه منشغلاً بالدرس والعلم، ومتأثراً بذلك التيار والموقف السائد في العراق، ولاسيما عند بعض الأسر العلمية الدينية التي ترى «الشعر وشرف الانسان ووقاره وعلو مقداره على طرفي نقيض, وإذا ما عدت فضائل الرجل وحسناته آنذاك, فالشعر لابد من ان يأتي في آخرها, فيقال ان الشعر دون مقامه»([2]).
وقد استمرت هذه القطيعة بين الشيخ والشعر لأكثر من عشرين سنة متواصلة، قطعتها بعض البواعث التي حركت موهبته الشعرية الدفينة, ولاسيما بواعث الحزن والألم التي تقع ضمن البواعث العامة التي يستدعي بها الشعراء «الشعر، فتشحذ القرائح وتنبه الخواطر وتلين عريكة الكلام وتسهل طريقة المعنى. كل امريء على تركيب طبعه واطراد عادته»([3]).
فعندما كان الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في أواخر العقد السادس من حياته وفي حدود سنة 1935م، عرضت عليه الكثير من المحن والمصائب والمتاعب، والتي كان منها موقف الحكومة وبعض شيوخ العشائر من حركة العشائر العراقية عام 1935م في العراق وما آلت إليه الأمور بعد ذلك من خداع أولئك وغدر هؤلاء([4]). وكذلك ما أصاب الشيخ من وفاة ولديه في العام نفسه, لتتضاعف بذلك أحزانه وآلامه([5]).
فخرج بعد أيام من تلك الحوادث الى الكوفة, وفي ساعة صفاء واختلاء, نظم مجموعة من المقاطيع الشعرية الخماسية التي أسماها «خماسيات روضة الحزين «والتي قال عنها انها كانت» على تمام الحروف الهجائية, كل مقطوعة خمسة أبيات, وعلى كل روي جملة مقاطيع, تناهز السبعين مقطوعة, تضمنت بعض الشؤون الفلسفية, والتوجع من مفاجع الدهر, ووقائع الصروف, وحال العشائر, ورثاء الصبيين التي اختلستهما يد المنية([6]), لتكون تلك الخماسيات ابرز مظهر لشعر الشيخ في هذه المرحلة من حياته, زيادةً على بعض القصائد الأخرى التي لا تتعدى موضوعاتها السياسة والرثاء والهجاء والتبرم من الحياة, وبعض الموضوعات الأخرى, وهي ما سنسلط عليها الضوء في هذا الفصل من الدراسة.
 


([1]) ينظر: الفردوس الأعلى, (المقدمة) الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء, تعليق السيد محمد علي القاضي الطبطبائي. تصحيح السيد محمد حسين الطبطبائي, ط1, دار الحجة البيضاء 1422هـ ــ 2001م: 3.
([2]) تطور الشعر العربي الحديث في العراق: 22.
([3]) بنظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده: 1/205.
([4]) يراجع صفحة (17) من هذ الكتاب.
([5]) ينظر: عقود حياتي: 78.
([6]) المصدر نفسه: 78.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما