جمعه 31 فروردين 1403  
 
 
المبحث السادس ــ المناجاة
لم ينس الشاعر وهو في خضم الشكوى من رزايا الدهر، والتفكر في حقيقة الحياة، والتساؤل عن مسيرة الانسان فيها، ان يتوجه الى خالقه ويناجيه في شعره طالباً الرحمة منه والخلاص والهداية الى سبيل الرشاد.
كما نجد ذلك في إحدى خماسياته عندما قال ــ من المتقارب([1]):
 
برمت من بؤس هذي الحياة

 
فهل من حياة لنا ثانيةً؟

ولاشك عندي ولكنني

 
أحاذر خفة ميزانيةً

فلا نلت في هذه راحة

 
ولا تلك تُذهب أشجانيةً

حنانك يا رب ماذا الوجود

 
وما كان كوني بامكانيةً

ومالي اختيار ومن شقوتي

 
يقال نعم نفسك الجانيةً

 
فمن شدة ما قاساه الشاعر من أذى الدنيا ومصائبها، أخذ يبحث عن الحياة الأخرى التي تخلو من كل ذلك. ولا يعني طلبه هذا يأس واضطراب في عقيدة الشاعر وايمانه بالمعاد والحياة بعد الموت، ولكنه في الوقت نفسه يخشى ان يطول حسابه هناك, وان يخف ميزانه من الصالحات، فلا يجد أمامه إلا الخالق البرّ الرحيم يناجيه ويتوسل اليه طلباً لرحمته ورجاءً لعفوه وكرمه.
فعلى الرغم من كل المصائب والنكبات التي آلمت الشيخ وأحرقت فؤاده, نجده لا ينسى التوجه الى ربه, وطلب الرأفة والرحمة منه, والتوسل إليه بان يرفق به من قسوة هذا الامتحان وكثرة المصائب والويلات التي أصابته في حياته، فيقول ــ من الخفيف([2]):
كلُّ شيءٍ يفنى ووجهكَ

 
لا تدعني بغير وجهك أشقى

أنا لا أدّعي عذابكَ عذبٌ

 
غير اني أقول يا رب رفقا

ان تجدني حملت ذرة كبرٍ

 
فاطرحني للهون ذلاً وسُحقا

رُبَّ مولى يجور في الحكم حتى

 
يحمل العبد كارهاً ان يعقا

ان تدعني حياً فباسمك أحيا

 
أو تمتني فأنت خيرٌ وأبقى

 
وهذا منتهى التسليم والإيمان بقضاء الله وعدله, وشاهد على ثبات الشيخ وقوة عقيدته وصبره على تحمل أشد المحن والمصائب.
 


([1])المصدر نفسه: 21.
([2]) خماسيات روضة الحزين: 18.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما