پنجشنبه 6 ارديبهشت 1403  
 
 
المبحث الثالث اليقاع 1 وزن
 
هو ركن من أركان اللغة الشعرية, «يقصد به وحدة النغمة التي تتكرر على نحو ما في الكلام أو في البيت, أي توالي الحركات والسكنات على نحو منتظم في فقرتين أو أكثر من فقر الكلام, أو في أبيات القصيدة»([1]).
وقد شبهه أحد الباحثين بحركة الأمواج المتكسرة على الساحل وعودتها من جديد, فعلى الرغم من تكرار حركة الأمواج لا توجد موجتين تتكسران في شكل متناظر تماماً, فهذا التشابه في اختلاف حركة الأمواج قد ندعوه بالإيقاع([2]).
والإيقاع في الكلام نجده في النثر و الشعر على السواء, ولكنه في الشعر نوع أرقى, بل تعد أسمى صورة موسيقية فيه, والأكثر انتظاماً([3]), فهو يمثل لغة التوتر والانفعال التي تخلق جواً خاصاً للقصيدة من الهدوء أو الصخب أو الروعة أوالبطولة أوالطرب, وغيرها من الكيفيات التي لا تؤديها الألفاظ بصورة مفردة.
فالإيقاع الموسيقي في الشعر ليس مجرد وسيلة إطراب فحسب, بل هو ذو قيمة معنوية خاصة, تساعد الشعراء على تلافي النقص في تعابيرهم, بحيث يستغنون عن الخيال ويعوضونه بالنغم الخاص في القصيدة([4]).
وتقوم الموسيقى في الشعر مقام الألوان في الصورة, فكما انه لا توجد صورة من غير ألوان لا يوجد شعر من غير موسيقى وأوزان وأنغام([5]), فهي تضفي على الكلمات حياة فوق حياتها, وتجعلنا نحس بمعانيها, كأنما تمثل أمام أعيننا تمثيلاً واقعياً, فضلاً عما تهبه للكلام من مظاهر الإيحاء والتأثير, وتجعله مصقولاً مهذباً تصل معانيه إلى القلب بمجرد سماعه([6]).
وللشعر قوى موسيقية «يتجلى فيها جوهر الشعر الزاخر بالنغم وموسيقى تؤثر في أعصاب السامعين ومشاعرهم بقواها الخفية التي تشبه قوى السحر, قوى تنشر في نفوسهم موجات من الإنفعال, يحيون بتناغمهم معها, وكأنما تعيد فيهم نسقاً كان قد اضطرب واختل نظامه»([7]).
وقد تميز الشعر العربي منذ القديم بصياغته ذات التوقيع الموسيقي, ووحدة النظم التي تشد من أزر المعنى. وتجعله ينفذ إلى قلوب سامعيه ومنشديه, وتوحي مجالاً يستطيع القول أن يشرحه([8]). فقد «أكد القدماء في تعريف الشعر بأنه الكلام الموزون المقفى»([9]). حيث رأوا ذلك الانسجام الموسيقي في توالي مقاطع الكلام وخصوصاً إلى ترتيب خاص فضلاً عن تردد القوافي وتكرارها([10]).
وبصيغة أخرى يمثل الإيقاع حالة من تنظيم التوتر الانفعالي المتجسد في لغة القصيدة, وشحذ تأثيره في وقت واحد, ويمثل الوزن الشكل الخاص للإيقاع الذي يبرز تحديد حالة التوقع, بان ينظم تتابع الإيقاعات في نسق زمني معين يمُكِّن الكلمات من أن يؤثر بعضها في الأخر على أكبر نطاق ممكن, وباستعمال القافية يكاد يصبح تحديد التوقع الإيقاعي كاملاً([11]).
وعند دراسة الإيقاع في شعر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء, لا بد من تسليط الضوء على الأوزان والقوافي, والموسيقى الداخلية وبعض المحسنات اللفظية التي شكلت ظاهرة واضحة في شعره.
 
هو المعيار الذي يقاس به الشعر. ويعرف سالمه من مكسوره, ويعد أحد مقومات الشعر, بل أعظم أركانه([12]). لأنه الإيقاع الذي يضفي على الكلام رونقاً وجمالاً, ويحرك النفس ويثير فيها النشوة والطرب([13]).
فإذا كان الإيقاع عبارة عن ترديد وتناوب متناسق للمقاطع, فان الوزن صورة منضبطة منه, وهو أكثر الصور شيوعاً في الشعر العربي.
فقد راعى الشاعر العربي في قصيدته «المساواة بين أبياتها في الإيقاع والوزن بعامة, بحيث تتساوى الأبيات في حظها من عدد الكلمات والسكنات المتوالية, وفي نظام هذه الحركات والسكنات في تواليها, وتتضمن هذه المساواة وحدة عامة للنغم, وتشابهاً بين الأبيات وأجزائها, تشابهاً ينتج عنه تناسب تام, وتكرار للنغم, تألفه الأذن لتسر به النفس»([14]).
وقد شغلت قضية العلاقة بين الوزن والغرض حيزاً مهماً عند النقاد, فالغالبية منهم لم تقل بأعداد الوزن إعداداً ونظم القصيدة عليه, يدعمهم ما يقال بأن القصيدة تختمر في ذهن الشاعر وتولد بأفكارها وألفاظها ووزنها وقافيتها, فالشاعر «المطبوع مستغن بطبعه عن معرفة الأوزان وأسمائها»([15]), إلا أن اتجاه آخر يؤمن بالعلاقة والمناسبة بين أوزان القصائد وأغراضها, معتمداً في ذلك على الاستنتاجات المتأتية من دراسة الشعر العربي واستقراء موضوعاته وأوزانه([16]).
ولعل من الأقرب إلى الصواب أن نربط بين العاطفة والوزن, وهو مذهب الكثير من النقاد المحدثين, الذين رأوا أن ثمة علاقة قريبة بين الموسيقى والعاطفة العميقة الجذور في الشعر, وان من الصعوبة فصل الإيقاع والأوزان عن التأثيرات العاطفية, وأن الشعر لا يكون شعراً إلا بالنسج والتأليف بين الفكرة والعاطفة والصور والموسيقى اللفظية وتنسيق القالب الشعري([17]).
فــ «المرء وإن كان يستطيع في النفس الواحد أن ينطق بمقاطع كثيرة, إلا أن قدرته في هذا محدودة يسيطر عليها ما هو فيه من حالة نفسية. وهو حين يكون هادئاً وادعاً أقدر على النطق بمقاطعه الكثيرة دون أن يشوبها إبهام من لفظها،وهو اقل قدرة على هذا حين يكون متلهفاً سريع التنفس كما هو الحال في الانفعالات»([18])التي تعتريه في الحزن أو الفرح على حد سواء.
وعند دراسة شعر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. نجده قد اعتمد في أكثر قصائده على موسيقى الشعر العربي القديم, وأشهر بحوره وأنغامه, متأثراً في ذلك بموجة التقليد, والوفاء للتراث التي اصطبغ بها مجمل نتاج الشعراء في ذلك العصر([19]). وفي الجدول أدناه احصائية للأوزان التي استعملها الشيخ في قصائده ومقطوعاته وبحسب الترتيب التنازلي:
ت
الوزن
عدد القصائد والمقطوعات
1
الطويل
32
2
الكامل
12
3
الوافر
11
4
الخفيف
11
5
البسيط
11
6
الرجز
9
7
المتقارب
7
8
السريع
6
9
الرمل
4
10
المجتث
1
المجموع
104
 
والذي نجد فيه, أن الشيخ يتجاوب مع الشعر العربي القديم الذي تأثر به عبر قياسات الأبحر الوزنية, فمن الطبيعي أن تأتي أشعاره متماثلة وهذه الأنماط الوزنية لبحور الشعر العربي.
فالبحر الطويل قد شكل حوالي ثلث المجموع من قصائده ومقطوعاته. وهي النسبة التي أحتلها هذا الوزن في مجمل التراث الشعري العربي([20]).
ومن المعلوم أن البحر الطويل يمتلك مقاطع كثيرة, وأجزاء تامة تمنح الشاعر فرصة التحرك عبر مسافة موسيقية طويلة قادرة على استيعاب مشاعره وانفعالاته, وتتسع لكثير من المعاني والأغراض فهو «يصلح للفخر والحماسة والرثاء والوصف والتاريخ والشكوى والألم والنظرات الكونية»([21]).
وهذا ما عكسه الشيخ في شعره. فقد استعمل هذا البحر ليستوعب العديد من قصائد الرثاء والمديح والرسائل الشعرية وغيرها من الأغراض([22]). وبصورة تنسجم مع شخصيته ومكانته الدينية والاجتماعية. فهذا البحر من أعظم البحور أبهة وجلالة وإليه يعمد أصحاب الرصانة والفخامة الشعرية([23]).
ويأتي في المرتبة الثانية (الكامل). وهو البحر المطواع لتحكم الشعراء فيه, والمستساغ في تقطيع تفاعيله على الوجوه المختلفة([24]). والذي يعد «من أكثر بحور الشعر جلجلة وحركات, وفيه لون خاص من الموسيقى يجعله ــ إن أريد به الجد ــ فخماً جليلاً مع عنصر ترنمي ظاهر»([25]).
فقد اعتمده الشيخ في ثلاثة من أطول قصائده التي جاءت في الرثاء([26]). حيث قال فيإحداها ــ من الكامل ــ([27]):
يا ابنَ النبي أقول فيك مُعزياً

 
نفساً وعزَّ على الثكول عَزاءُ

ما غضَّ من علياك سوء صنيعهم

 
شرفاً وإن عظم الذي قد جاؤا

إن تمسي مغبرَّ الجبين معفراً

 
فعليك من نور النبي بهاء

أو تبق فوق الأرض غير مُغسلٍ

 
فلك البسيطان الثرى والماء

 
ويعد توظيف هذا البحر في قصائد الرثاء وما يستتبعها من انشاد وتأثير بعواطف السامعين في المحافل مثال على إدراك الشاعر ما لهذا البحر من مزايا وسمات فهو«من النوع الجهير الواضح الذي يهجم على السامع مع المعنى والعواطف...»([28]).
وزيادة على ذلك ما نظم الشاعر على هذا الوزن من قصائد أخرى وبأغراض مختلفة([29]). شأنه شأن الشعراء المحدثين الذين كان عندهم هذا الوزن «من الأبحر الذُلل, ونظمهم فيه كثير, وطوالهم منه لا تكاد تحصى»([30]).
وفي المرتبة الثالثة يأتي كل من (الوافر) و (الخفيف) و (البسيط). فالبحر الوافر هو البحر الذي يكون ذا أسلوب تغلب عليه الخطابة, وبصورة لا تختلف بين رقاق الوافريات وفخماتها, فالخطابة في الوافر فيها عنصر التكرار والمزاوجة والمطابقة([31]). وهذا ما نجده في أحدى قصائد الشيخ في مجال السياسة حيث قال ــ من الوافر ــ([32]):
لنا في الشرق أوطان ولكن

 
تضيق بنا كما ضاقت لحودُ

أكاذيب السياسة بيناتٍ

 
تكيد بها الحكومة ما تكيدُ

وعودٌ كلها كذبٌ وزور

 
فكم وإلى ما تخدعنا الوعودُ

 
فضلاً عما نظمه الشيخ على هذا الوزن من الأغراض الأخرى([33]). مستثمراً ما يرشحه هذا الوزن من الأداء العاطفي سواء كان ذلك في الغضب الثائر والحماسة, أم في الرقة الغزلية والحنين([34]).
أما (الخفيف) الذي جاء مساوياً للوافر في مجموع شعر الشيخ, فهو بحر شاع عند أهل الحيرة في الجاهلية, وكثر في صدر الإسلام حتى «صار من بحور الشعر المقدمات عند إسلامي الحجاز», بل صار البحر الأول بلا ريب»([35]).
فقد اتخذ أولئك الشعراء من وزنه الرصين القوي ذي الرنة الجميلة. مركباً لكلامهم الناعم المرقق الذي أكسبه موسيقى حية تصبغ غزل الرجال في النساء بما هو حقه من رقة و تأنٍ وتلطف([36]).
وهذا ما نجد أثره في شعر الشيخ, ولاسيما في المرحلة الأولى من حياته الشعرية. فقد نظم العديد من غزلياته وتهانيه على هذا الوزن, في حين لم نجد مرثية واحدة فيها على كثر مرثياته في تلك المرحلة.
فمن ذلك قوله متغزلاً ــ من الخفيف ــ([37]):
يا نسيم الربيع زدني هبوباً

 
نفساً طيباً ورياً رطيبا

واحكي يا جلنار خد حبيبي

 
فحبيبي الذي حكى لي الحبيبا

وابتسم يا اقاح لي عن عذابٍ

 
بتُّ مستعذباً بها التعذيبا

 
وكذلك قوله ــ من الخفيف ــ([38]):
بابي انت يا ربيب مها السفح

~
واين المهاة منك احورارا

ليس ذاك السواد شعر ولكن

 
ألبس الحسن وجنتيه شعارا

ورخيم الألفاظ تحسب فاهُ

~
يُسقط الدر واللئالي نثارا

 
كذلك تلك القصائد الإنسانية أمثال (وقفة عند تدمر)([39])و(العلم سر الحياة)([40])و(مدرسة الكائنات)([41]). ومن ذلك آخر قصيدة قالها الشيخ قبل وفاته.حيث جاءت على هذا الوزن أيضاًً, فقد وصف فيها قرية (كرند). فقال ــ من الخفيف ــ([42]):
يدهش اللب من (كرند) رجالٌ

 
مثل قلب البخيل جلمود صخره

غير أن العيون منها جوارٍ

 
وعيون البخيل لم تند قطره

كم دروس منها استفدت فكانت

 
فِكرة ثم عِبرة ثمَّ عَبره

 
والتي تجسدت فيها رؤية الشاعر الحزينة للحياة, وتداعيات أنفاس الشيخ اليائسة, التي أختار لبلورتها وزناً «يلائم العاطفة المتزنة المضبوطة»([43]).
والبسيط من البحور «التي أولع الشعراء بركوبها منذ الجاهلية, وذلك لاتساع أفقه وامتداد رقعته وجمال إيقاعه»([44]), ويعد مع البحر الطويل من أطول بحور اشعر العربي ذات التفعيلات الكثيرة القادرة على احتواء أفكار الشعراء والتعبير عن انفعالاتهم وعواطفهم.
نظم فيه الشيخ الكثير من قصائده, التي جاء بعضها في الرثاء والمديح والغزل, وغيرها من الأغراض, فمن ذلك قصيدته في رثاء الإمام الحسينu والتي قال منها ــ من البسيط ــ([45]):
يا حائراً لا وحاشا نور عزمته

 
بمن سواك الهدى قد شَغَّ مسرجهُ

وواسع الحلم والدنيا تضيق به

 
سواك ان ضاق خطبٌ مَن يُفرجهُ

ويا مليكا رعاياه عليه طفت

 
وبالخلافة باريه متوجهُ

يا عاريا قد كساه النور ثوب سناً

 
زها بصبغ الدم القاني مدبجُهُ

 
الا ان من الملاحظ استعمال الشيخ لوزن المخلع البسيط في أكثر من قصيدة. وقد عد من ضمن البحور المناسبة للتغني في مجالس الأنس والراح([46]). وهو ما حوره الشيخ في استعمال هذا الوزن في مجالس الأفراح والمناسبات, فقد نظم فيه أكثر من قصيدة في التهنئة([47]).
مثل قوله مهنئاً أحد أصدقائه بعرس ــ (من مخلع البسيط) ــ([48]):
بشرى فبطالع المسرة

 
قد املكنا الزمان بشره

في اسعد ساعة ووقتٍ

 
للبدر غدت تزف زهره

والعيش صفا ورق حتى

 
خلنا جرت الصبا بخمره

 
فهذه الأبيات يكاد نغمها لا يصلح إلا لمثل هكذا مناسبة وأجواء, الأمر الذي يعكس أدراك الشيخ ومعرفته بالقيمة الموسيقية لهذا البحر من بحور الشعر الأخرى.
أما بحر الرجز الذي يعد مطية الشعراء لكثرته في كلامهم ولسهولته وعذوبته([49]). فقد جاء في شعر بعد البسيط في عدد القصائد و المقطوعات, نظم فيه الشيخ قصائده المختلفة. فقد وصل طول احداها إلى(123بيتا), قالها في تهنئة والده عندما عاد من حج بيت الله الحرام.
حيث قال ــ من الرجز([50]):
بشرى فقد اقبلت العقائل

 
وواصلتك والرقيب غافل

وفتحت نور المنى نسائم

~
البشر كما تُفتح الخمائل

 
إلا إن قصيدة (عزمات العرب) تعد أشهر قصائد الشيخ في هذا الوزن, فقد أستلهم فيها قريحة الفارس العربي وهو يرتجز بين الصفوف. حيث قال ــ من الرجز ــ([51]):
يا عزمات العرب البواسل

 
هبي لحل هذه المشاكل

قومي فلا موضع للقعود أو

 
يسكن غلي هذه المراجل

 
فقد وضف الإيقاع الشديد لهذا الوزن ليقرع به أسماع العرب ويوقظهم من جديد.
ويأتي بعد ذلك كل من المتقارب والسريع والرمل ومقطوعة منفردة في المجتث. نظمها الشيخ في وصف مدينة الإسكندرية عندما قال ــ من المجتث ــ([52]):
 اسكندرية هذي

 
ام برحة من جنانِ

ونحن منها بحلمٍ

 
ام في صحيح عيانِ

............................................................
 
............................................................
 
 
وقد أستعمل الشيخ هذه الأوزان في أغراض شعره المختلفة, إلا أن من الملاحظ وجود قصيدة في الرثاء جاءت على البحر (السريع), وعلى خلاف عادة الشاعر من إستعمال البحور الطويلة الرزينة في الرثاء ليستوعب أشجانه وأحزانه. فقد قال في رثا ء أحد العلماء ــ من السريع ــ([53]):
 يا هل يجيب الربع تستألي

 
عن رسمه المنطمس البالي

كم موقف لي بثنايا الحمى

 
بين ضلال السمر والضال

غارت جياد الوجد في مهجتي
 ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ
 
بغور آيات وأطلال
 ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ
أمادت الأرض صروف القضى

 
وزلزلتها أيُّ زِلزالِ

سمعاً بني العلياء أن الردى

 
دك شمام الشرف العالي

 
وربما كان نظم الشيخ لهذه القصيدة قريب وقت المصيبة, فقد قال د. إبراهيم انيس: «إن الشاعر في حالة اليأس والجزع يتخيل عادة وزنا طويلاً كثير المقاطع يصب فيه أشجانه ما ينفس عن حزنه وجزعه, فإذا قيل الشعر وقت المصيبة والهلع تأثر بالإنفعال النفسي وتطلب بحراً قصيراً يتلائم وسرعة التنفس, وإزدياد النبضات القلبية»([54]). فمن المحتمل أن يكون زمن نظم هذه القصيدة متزامناً مع وقت المصيبة حيث الإنفعال العاطفي الشديد والتأثر الأني الذي يناسب تك الإيقاعات السريعة المتكررة التي يتميز بها البحر السريع.
 وكذلك ما نجده في جدول البحور الشعرية لخماسيات الشيخ تلك التي جاءت في فورة عاطفية شديدة وحالة يأس وألم ألمت بالشاعر ودعته إلى قول الشعر حيث نلاحظ في هذا الجدول:
 
ت
الوزن
عدد الخماسيات
1
السريع
34
2
المتقارب
13
3
الوافر
7
4
الطويل
6
5
الكامل
3
6
الخفيف
3
7
المجتث
3
المجموع
69 خماسية([55])
 
أن البحر السريع قد احتل موقع الصدارة فيه. ومن بعده تأتي البحور الطويلة وهي (المتقارب والطويل والكامل والوافر), وكأن الحالة هنا هي عكس ما موجود في جدول القصائد والمقطوعات التي كان للبحور الطويلة فيه المكانة الأولى والاهتمام الأكبر.
ولعل السبب في ذلك هو نفس السبب السابق. فالحالة الانفعالية التي كان تحت وطأئها الشيخ وهو ينظم خماسياته ربما أثرت على ان تكون الأبحر القصيرة والسريعة هي الأكثر بين أوزان خماسياته.


([1]) النقد الأدبي الحديث: 461.
([2]) ينظر: موسوعة المصطلح النقدي (الوزن و القافية و الشعر الحر), ج. س. فرينور ترجمة، د. عبد الواحد لؤلؤة, دار الحرية للطباعة ــ بغداد، 1980: 11.
([3]) ينظر: موسيقى الشعر. د. ابراهيم انيس, ط 1. مكتبة الأنجلو المصرية. 1972: 16.
([4]) ينظر: في النقد الأدبي, د. شوقي صنيف. ط3. دار المعارف. مصر (د.ت): 151.
([5]) ينظر: المصدر نفسه: 21.
([6]) ينظر: موسيقى الشعر: 16.
([7]) فصول في الشعر ونقده, د. شوقي ضيف. دار المعارف. مصر ــ 1971م. 27.
([8]) ينظر: النقد الأدبي الحديث: 461.
([9]) ينظر: نقد الشعر لأبي الفرج قدامة بن جعفر, تحقيق. كمال مصطفى. ط3. مطابع الرجوى ــ القاهرة 1979: 17.
([10]) موسيقى الشعر: 21.
([11]) ينظر: لغة الشعر الحديث في العراق: 28.
([12]) ينظر: العمدة: 1/ 134.
([13]) معجم النقد العربي القديم: 2/ 435.
([14]) النقد الأدبي الحديث: 462.
([15]) العمدة: 1/ 134.
([16]) ينظر: بناء القصيدة في النقد العربي القديم: 163 ــ 163.
([17]) ينظر: المصدر نفسه: 166 ــ 167.
([18]) موسيقى الشعر, د. ابراهيم أنيس: 175.
([19]) ينظر: حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث: 32 ــ 33.
([20]) ينظر: موسيقى الشعر: 69.
([21]) الشعراء وإنشاد الشعر, د. علي الجندي، دار المعارف ــ مصر: 1969: 102.
([22]) الحسن من شعر الحسين: 25, 27, 41, 60, 70, 108, 204... وغيرها.
([23]) ينظر: المرشد إلى فهم أشعار العرب د. عبد الله الطيب المجذوب. مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ــ 1955 م: 1/ 392.
([24]) ينظر: العروض تهذيبه وإعادة تدوينه, جلال الحنفي. مطبعة العاني ــ بغداد 1978 ــ 1398: 417.
([25]) المرشد إلى فهم أشعار العرب: 1/ 264.
([26]) الحسن من شعر الحسين: 18, 47, 162.
[27]) المصدر نفسه: 49.
[28]) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: 1/ 64.
([29]) (الحسن من شعر الحسين): 13, 77، 127, 170, 221,... وغيرها.
([30]) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: 1/ 325.
([31]) المصدر نفسه: 1/ 359.
([32]) جنة المأوى (المقدمة): 44, ماضي النجف وحاضرها: 3/ 189.
([33]) ينظر: شعراء الغري: 8/ 138, 167. الحسن من شعر الحسين: 77, 127, 170, 130, 221.
([34]) ينظر: المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: 1/ 258.
([35]) ينظر: المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: 1/ 258.
([36]) ينظر: المرشد إلى فهم اشعار العرب وصناعتها: 1/ 207.
([37]) الحسن من شعر الحسين: 40.
([38]) المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها: 1/ 208.
([39]) شعراء الغري: 8/ 161.
([40]) الحسن من شعر الحسين: 264.
([41]) شعراء الغري: 8/ 148.
([42]) المصدر نفسه: 8/ 123.
([43]) الشعر الجاهلي منهج في دراسته وتقويمه: د. محمد النويهي, الدار القومية للطباعة والنشر ــ القاهرة. (د, ت): 1/ 61.
([44]) العروض تهذيبه واعادة تدوينه: 164.
([45]) الحسن من شعر الحسين: 67.
([46]) المرشد إل فهم أشعار العرب: 1/ 90.
([47]) الحسن من شعر الحسين: 267, 235.
([48]) المصدر نفسه: 235.
([49]) ينظر: موسيقى الشعر: 127.
([50]) الحسن من شعر الحسين: 156.
([51]) الحسن من شعر الحسين (العصريات والمصريات): 243.
([52]) المصدر نفسه: 260.
([53]) الحسن من شعر رالحسين: 166.
([54]) موسيقى الشعر: 177.
([55]) لم يتمكن المؤلف من نقل احدى الخماسيات من المخطوطة المحتوية على سبعين خماسية وذلك لضياعها.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما