شنبه 1 ارديبهشت 1403  
 
 
4 ــ العرض والتحضيض
وهما من أساليب الطلب, الذي إذا جاء بلين سمي بــ (العرض) وإذا جاء بالحث سمي بــ (التحضيض), وعُدَّا من الأغراض المجازية, المولدة من الإستفهام والتمني([1]).
ومن الملاحظ أن هذا الطلب باللين أو الحث عليه, يرتبط من جانب كبير بشخصية الشاعر وانفعاله تجاه موضوع معين, فقد عرف عن الشيخ اعتداده الكبير بنفسه, وقوة شخصيته([2]), الأمر الذي ربما ينعكس على استعماله لمثل هذا الأسلوب, وكيف يوظفه في شعره, وعلى طبيعة الموضوع الذي يجد من المناسب استعماله فيه.
قفد استعمله في احدى مقدماته الغزلية فقال ــ في الكامل ــ([3]):
يا ريم هلا رمت غير تجنبي

 
ورعيت عهدي في الهوى وذمامي

 
ليعكس من خلاله مقدار حبه, ومدى معاناته متوسلاً إلى المحبوب وصله ورعاية عهده.
إلا أن الإستعمال الأكثر لهذين الأسلوبين, جاء في موضوع التحرر الوطني, ومعالجة الشاعر لمشاكل المجتمع, والدعوة إلى الإصلاح.
فقد قال ــ من الرجز ــ([4]):
أنتم فروع دوحة واحدة

 
فكيف قطعتم عرى التواصل

ألا مساعير يثورون لها

 
بسلة البيضِ وهز الذابل

 
فالشاعر من فرط ألمه وتبرمه مما يراه من تخاذل الأمة والمجتمع أخذ يبحث عن أولئك الذين بنوا المجد وبلغوا العلا, في أسلوب يتضمن الكثير من اللوم والتأنيب والغصة والألم العميق.
وكذلك قوله ــ من الطويل ــ([5]):
فكم تحملون الضيم في عقر داركم

 
وكان على أعدائكم منكم العقرُ

ألا هبة تسترجعون تراثكم

 
فحق لكم لو انصفوا النهي والأمرُ

 
فالخطاب موجه ايضاً إلى الشعب العربي, بعد أن وجد الشاعر فيه الضعف والتخلف والخذلان, محاولاً النهوض به, وبث العزيمة في رجاله, و مذكراً إياهم تراثهم المجيد الذي ضيعوه.
وقوله أيضاً ــ من الخفيف ــ([6]):
حسبنا من تعللات الأماني

 
قد قضينا بالوعد والخلف عُمرا

ضاق رحب البلاد عنكم فهلا

 
توسعوا للعلوم فيهن صدرا

حيث قصد الشيخ الإلحاح في طلبه وحث المجتمع العربي على التعلم ونبذ الجهل.
 
وبذلك يكون الشيخ قد أباح لنفسه استعمال العرض والتحضيض في معرض الدعوة إلى الإصلاح والدفاع عن الأرض والعقيدة وبصورة تعكس جهده في سبيل تحقيق ذلك, حتى وصل به الأمر إلى التوسل والإلحاح في دعوته, بعد أن لم يجد غير الضعف والخذلان.
 


([1])ينظر الايضاح: 244, وينظر جواهر البلاغة (في الهامش): 77.
([2]) ينظر: شعراء الغري: 8/118.
([3]) الحسن من شعر الحسين: 176.
([4]) المصدر نفسه: 243.
([5]) الحسن من شعر الحسين: 257.
([6]) المصدر نفسه: 264.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما