پنجشنبه 6 ارديبهشت 1403  
 
 
2 ــ ولادته ونشأته:
ولد الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في النجف الأشرف عام (1294 هـ ــ 1877 م)([1]).
وأرخ ولادته شعراً السيد موسى الطالقاني في قوله([2]).
سرورٌ به خص أهل الغري

 
فَعَمَّ المشارق والمغربين

بمولد من فيه تمَّ الهنا

 
وقرت برؤيته كلُّ عين

وقد بشر الشرع مذ أرخوا

 
(ستثنى وسايده للحسين)

 
ونشأ في بيت جليل عامر بالعلم والأدب. وتربى تربية كريمة تركت آثارها الواضحة على شخصيته ونظرته إلى الحياة فبعد ولادته بعدة أشهر سافر والده إلى إيران تاركاً الصغير في رعاية جده الشيخ محمد رضا([3]). الذي تكفل تربيته والسهر على راحته، ويذكر الشيخ أيام طفولته الأولى بقوله: «ولكني بلطفه تعالى أذكر أني ما توغلت ولا انهمكت في الألعاب الصبيانية كما هي عادة الأطفال. ولم تكن لي فيها رغبة وأتذكر جدي (أعلى الله مقامه) يوقفني بين يديه وأنا ابن سنتين ونصف فيأمرني بالصلاة, فأقوم وأكبر وآتي بصورة الصلاة من ركوع وسجود فإذا فرغت ضمني إليه»([4]).
ولم يتجاوز الرابعة من العمر حتى توفي جده عام 1297 هـ . تاركاً اياه في رعاية والدته التي كانت على قدر من الثقافة «وتجيد قراءة القرآن والأدعية وتحفظ الشئ الكثير من القصص والأحاديث»([5]).
فقد كانت حريصة على تربيته مع أخيه الشيخ أحمد([6]) ــ الذي يكبره بسنتين ــ تربية دينية علمية, فادخلتهما معاً إلى الكتاب وعلى العادة القديمة في ذلك الوقت حتى ختم القرآن وهو ابن ست سنوات([7]). وبعد ذلك أرسلته إلى معلم اسمه الشيخ علي النزال في الزاوية الغربية من الصحن الحيدري الشريف. حتى قدم والده من سفرهـ الذي استغرق قرابة سبع سنوات ــ ليتكفل هو أمر تربيته ورعايته, فادخله عند استاذ اسمه الشيخ باقر قفطان ليتعلم الكتابة والخط، وفي أثناء دراسته عند الشيخ المذكور أخذ يتردد على بعض حلقات طلبة العلم، ليأخذ عنهم شيئاً من النحو ومبادئ العربية([8]).
ونشأ الصغير في حجر والده, ونهل من فيض أدبه وعلمه, فلم يتجاوز العاشرة من العمر حتى أُولع بمطالعة كتب الأدب وحفظ الأشعار وجمع الدواوين وإدمان مطالعة المجاميع, وفي الوقت ذاته توسع في دراسة علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة([9]).
وبعد أن شب قليلاً أخذ يجالس الأدباء وكبار الشعراء، الذين كان يغص بهم مجلس والده، ولا سيما في ليالي رمضان, حيث يؤدون الشعائر الدينية وقراءة القرآن والأدعية. ثم يبدأ المجلس الأدبي. حيث يتم تناول الطرف الأدبية والقصائد الشعرية، وكثيراً ما كان يلقي عليهم الشاب الصغير شيئاً من ديوان البحتري والأرجاني أو ابن نباته, ولكل شاعر خمسة أبيات وبإنشاد دون الغناء وفوق التلاوة, يتلو البيت ويقف دون القافية التي يستوجب على المتسابق المعني معرفتها. وإلا يتحمل نفقات المجلس من شاي وفاكهة. وكثيراً ما يتصل ذلك إلى ما بعد رمضان. وقد يخرج الجميع في الربيع إلى بعض البساتين أو شريعة الكوفة([10]). وقضى الشيخ على ذلك أكثر من عشر سنوات كانت بحق «باكورة العمر وزهرة الحياة وبُلهينةَ العيش وغراس الفضيلة وبذرة النبوغ»([11]).
 


([1]) ينظر: معجم المؤلفين: 9 /250. ينظر: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام: 365. ينظر: معارف الرجال: 2/272. ينظر: طبقات اعلام الشيعة: 1/612.ينظر: الأعلام، خير الدين الزركلي, ط 2, مطبعة كوستانوفاس وشركائه. 1374 هـ 1955 م: 6/339.
([2]) ديوان السيد موسى الطالقاني. طبعة النجف ــ 1376 هـ : 260.
([3]) هو الشيخ محمد رضا بن موسى بن الشيخ جعفر الكبير. ولد سنة 1238 هـ . وتوفي سنة 1297 هـ ، من أعلام الأسرة المشهورين, ينظر: ماضي النجف وحاضرها: 2/189.
([4]) عقود حياتي, محمد حسين كاشف الغطاء. كتاب مخطوط, موجود عند الشيخ محمد شريف نجل الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. في مكتبته الخاصة في النجف الأشرف: صفحة 1.
([5]) المصدر نفسه:2.
([6]) هو الشيخ أحمد بن الشيخ علي كاشف الغطاء. ولد سنة 1292 هـ وتوفي سنة 1344 هـ . أحد أعلام الأسرة. ورجالها المشهورين. نال درجة الإجتهاد. وألف الكثير من الكتب, ينظر: ماضي النجف وحاضرها: 3/127 ــ 131.
([7]) ينظر عقود حياتي:2.
([8]) ينظر المصدر نفسه:2.
([9]) ينظر: جنة المأوى (المقدمة): 18.
([10]) ينظر: عقود حياتي: 6.
([11]) المصدر نفسه: 6.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما