جمعه 7 ارديبهشت 1403  
 
 
ب ــ ذم الحروب والتحذير من اضرارها
إن تلك الروح الإنسانية الخيرة التي تنشد السعادة للجميع. وتدعو إلى التسامح والتآخي. ترفض بطبيعة الحال كل أشكال العدوان والتخريب التي تسببها الحروب وويلاتها.
فقد كان اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م. وما صاحبها من دمار وأضرار. أحد مظاهر الشقاء الإنساني في ذلك العصر. الذي أخذ حيزه البارز في نتاجات الشعراء. الذين أخذوا يحذرون الناس من الحروب وأسبابها وما يجنيه الإنسان من نتاجاتها وويلاتها.
وكان من ذلك ما أشار اليه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء عندما قال ــ من الخفيف ــ ([1]):
سل لدى الحرب ألسن النيران

 
عن صنيع الإنسان بالإنسان

أو سل الأرض ما جرى فسيول الد

~
م فيها هدارة بالبيان

كم بريئات انفس اشبعتها

 
غصص الموت جاشعات الأماني

كم مصابيح اوجه أطفأتها

 
واغرات الصدور بالشنآن

كم نساء اضحت أيامى تعاني

 
من يتامى فقيدها ما تعاني

 
فالإنسان تقع عليه المسؤولية في اندلاع الحروب, وما تؤدي إليه من كوارث ودمار، نتيجة عدوانه على أخيه. وجشعه الذي لا ينتهي، وحقده وما يحمله من ضغينة على الأخرين، وما هذه الدماء التي تغطي وجه الأرض إلا شواهد تنطق بهذا الظلم, وما هذه الأنفس البريئة وبكاء الثكالى والأيتام إلا نماذج لنتائج الحروب وويلاتها.
ولهذا نجد الشيخ يعجب من أولئك الذين يطلقون على أنفسهم دعاة للسلام والتقدم ــ فيقول ــ([2]):
أفهذا وضع السلام على الأر

 
ضِ وهذا تمدن الإنسان ؟

 
وفي جانب آخر نجد الشيخ يصور الأرض كتلة من النار يتطاير منها شرر تلك الحروب والإعتداءات. فيقول ــ من الخفيف ــ ([3]):
ياكرات الأفلاك ذي كرة الأ

 
رض استحالت بالاصطدام شرارا

فخذي يا سماء بأسك منها

 
واحذريها إن استطعت حذارا

 
ثم يذكر الشيخ كيف وظف الإنسان قدراته العلمية للتدمير وقتل الأخرين, فهذه المناطيد التي ملأت السماء, وتلك السفن التي غطت وجه البحار, ومختلف الأسلحة الرهيبة الأخرى, التي تتفنن في سرقة أرواح البشر وقتلهم، ما هي إلا شواهد لجهل الإنسان وما يبلغه حقده من ظلم وتدمير. فيقول ــ من الخفيف([4]):
فالمناطيد تستطير فضاءاً

 
والأساطيل تستشيط بحاراً

وقذيف المكسيم يلهب قطراً

 
ومكين الرشاش يهمي قطارا

فهناك الأشباح تهوي رمادا

 
ولطيف الأرواح يعلو بخارا

تصبغ الأرض بالدماء فتبدي

 
خجلاً وجنة السماءِ احمرارا

 
ولا يجد الشيخ بعد كل ذلك التحذير والنصح إلا التوسل لله (جل وعلا) لينقذ هذه البشرية من الدمار. ومن ظلم الإنسان لأخيه وحقده الذي لا ينتهي. فيقول([5]):
رَبِّ رحماك شبت الأرض نارا

 
أدماراً اردتها أم بوارا

ام براكين من مطامع قومٍ

 
والسياسات اورثتها انفجارا
 
 


([1]) الحسن من شعر الحسين (العصريات والمصريات): 249.
([2]) الحسن من شعر الحسين (العصريات والمصريات): 249.
([3]) المصدر نفسه: 241.
([4]) المصدر نفسه: 241.
([5]) الحسن من شعر الحسين: 242.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما