دوشنبه 17 ارديبهشت 1403  
 
 
(استدراكات‌ و ملاحظات‌)

 (استدراكات‌ و ملاحظات‌)

  


كنا نحسب‌ ‌أو‌ نأمل‌ ‌عند‌ انتشار (الجزء ‌الأوّل‌) ‌من‌ ‌هذا‌ الكتاب‌ (تحرير المجلة)، و ‌بعد‌ إنجاز طبعه‌، و وقوعه‌ بأيدي‌ أهل‌ الفضل‌، ‌إن‌ يكثر النقد ‌عليه‌، و البحث‌ و التنقيب‌ ‌في‌ بحوثه‌ و فوائده‌، نظراً لاشتراك‌ الفقيه‌ ‌فيه‌ ‌مع‌ الحاكم‌، و الحقوقي‌ و القانوني‌، و الأستاذ و التلميذ، و انتفاع‌ أكثر الطبقات‌ ‌به‌، فلم‌ نجد شيئاً ‌من‌ ‌ذلك‌، و ‌لا‌ اجعل‌ اللوم‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ الا ‌علي‌ الظروف‌ القاسية، و الحوادث‌ الزمنية، ‌الّتي‌ اشغلت‌ أفكار اولي‌ الفضل‌ و المتخصصين‌ بمسائل‌ الفقه‌ و الحقوق‌ ‌عن‌ التوسع‌ و الاضطلاع‌ بمهمتهم‌ و ‌ما ‌هو‌ المتعين‌ عليهم‌، و ‌لا‌ ريب‌ ‌إن‌ الاضطرابات‌ العالمية، و ‌هذه‌ الحروب‌ الطاحنة، أقل‌ تأثيرها حدوث‌ الفتور، و خمود العزائم‌ ‌عن‌ النشاط ‌إلي‌ البحث‌ و الاستقصاء، ‌في‌ المسائل‌ النظرية و المباحث‌ الجوهرية، الأعلي‌ النادر ممن‌ ‌لا‌ يجد لذة ‌إلا‌ ‌في‌ العلم‌ و البحث‌ و المطالعة و المراجعة، و ‌لا‌ يعوقه‌‌عن‌ تلك‌ الشئون‌ عائق‌، و ‌لا‌ يشغله‌ ‌عن‌ تلك‌ العوالم‌ و المعالم‌ شاغل‌، و لكنهم‌ كانوا قليلا و (‌قد‌ صاروا أقل‌ ‌من‌ القليل‌).

و نحن‌‌-‌ و المنة للّه‌ وحده‌‌-‌ ‌لم‌ يقعد بعزيمتنا، ‌عن‌ مواصلة البحث‌ و الكتابة عواصف‌ الزمن‌، و ‌لم‌ تخمد جمرة اشوافنا، لنشر العلوم‌، نكبات‌ المحن‌، و ‌لا‌ عاقبا ‌عن‌ النشر و الطبع‌ أزمة الورق‌، و ضيق‌ مواد الاقتصاد، و ضعف‌ الرغبات‌ و خمود العزمات‌، و ‌كان‌ أقصي‌ ‌ما سمعنا ‌من‌ ‌بعض‌ الهنات‌، ‌أو‌ وجدنا ‌من‌ النقد ‌في‌ ‌بعض‌ الصحف‌ التعرض‌ لأمور تافهة ‌لا‌ تستحق‌ الذكر، أسمعنا ‌بعض‌ عوض‌ فلي‌ نواصي‌ التحقيقات‌ الأبكار ‌الّتي‌ نشرها (الجزء ‌الأوّل‌) ‌في‌ حقيقة البيع‌ و الملكية، و الماضي‌ و المضارع‌، و الأموال‌ و العهود و الالتزامات‌.

‌نعم‌ اسمعونا بدل‌ التعمق‌ ‌في‌ ‌هذه‌ الدقائق‌ الاعتراض‌ ‌علي‌ قولنا ص‌ (7) فالامامية فتحوا باب‌ الاجتهاد ‌علي‌ مصراعيه‌‌-‌ ‌حتي‌ صار يدعيه‌ ‌من‌ ‌لا‌ يصح‌ ‌إن‌ يطلق‌ ‌عليه‌ اسم‌ المتفقة فضلا ‌عن‌ الفقيه‌، وليتهم‌ علموا باننا ‌قد‌ كبحنا جماح‌ القلم‌ هنا و هناك‌ و اكتفينا بقليل‌ ‌من‌ كثير، و جرعة ‌من‌ غدير ‌من‌ ويلات‌ ‌هذا‌ البلاء المبرم‌، و المقام‌ مقام‌ الشكر ‌في‌ اننا أسدلنا الستار، ‌عن‌ موبقات‌ تلك‌ الأطوار، و أخذنا بأدب‌ الفرقان‌ المجيد «خُذِ العَفوَ وَ أمُر بِالعُرف‌ِ وَ أَعرِض‌ عَن‌ِ الجاهِلِين‌َ» و صرفنا ‌أو‌ تصرفنا ‌في‌ كريمة ‌قوله‌ عز شأنه‌ «وَ لتَكُن‌ مِنكُم‌ أُمَّةٌ يَدعُون‌َ إِلَي‌ الخَيرِ وَ يَأمُرُون‌َ بِالمَعرُوف‌ِ وَ يَنهَون‌َ عَن‌ِ المُنكَرِ» بقوله‌ ‌تعالي‌ «إِنَّك‌َ لا تَهدِي‌ مَن‌ أَحبَبت‌َ وَ لكِن‌َّ اللّه‌َ يَهدِي‌ مَن‌ يَشاءُ».

و ‌ليس‌ بت‌ ‌هذه‌ النفثة ‌من‌ القصد ‌في‌ ‌شيء‌ و انما استطردها بيان‌ دواعي‌الحرمان‌ ‌من‌ فوائد النقد، و أسباب‌ انصراف‌ الهمم‌ و العزائم‌ ‌عن‌ ‌هذه‌ المغانم‌ و ‌إن‌ أحد تلك‌ الأسباب‌ اليوم‌ ‌هي‌ الظروف‌ القاهرة، و المعارك‌ الدائرة ‌في‌ أمم‌ الغرب‌ ‌الّتي‌ أصبحت‌ تخرب‌ بيوتها بأيديها و عادت‌ مدنيتها و ثقافتها وبالًا ‌علي‌ العالم‌ و عليها، و ‌لو‌ انطباع‌ أهل‌ العلم‌ ‌علي‌ سجيتها الاولي‌ و نفسيات‌ أرباب‌ الفضيلة و علماء الحقوق‌ ‌علي‌ رسلها السابق‌ و نهجها القويم‌ ‌قبل‌ ‌هذه‌ الأوضاع‌ العالمية ‌لما‌ أهملت‌ مهمة النقد الصحيح‌، ‌مع‌ غزارة فوائدها و عظيم‌ منافعها و الحقيقة‌-‌ ‌كما‌ يقولون‌‌-‌ نبت‌ البحث‌ و اضرب‌ الرأي‌ بالرأي‌ يبدو لك‌ وجه‌ الصواب‌، و تمام‌ عقلك‌ ‌مع‌ أخيك‌ و العصمة و الكمال‌ للّه‌ وحده‌.

و حقاً‌-‌ ‌إن‌ زينة الكتاب‌ و حيلته‌ نقده‌ و تمحيصه‌، ‌بل‌ ‌هو‌ كماله‌ و جماله‌، و تمامه‌ ‌إن‌ يبدو عوزه‌ و نقصه‌ و يستقصي‌ فليه‌ و فحصة، سيما ‌في‌ مثل‌ مؤلفنا ‌هذا‌ ‌ألذي‌ كتبناه‌ ‌علي‌ جري‌ القلم‌، و عفو الخاطر، ‌من‌ دون‌ تجديد نظر ‌أو‌ نتيجة مباحثه‌ ‌أو‌ مدارسه‌، بيد ‌أنّه‌ صدر ‌في‌ مثل‌ ‌هذه‌ الظروف‌ المزعجة، و الصروف‌ المحرجة، و أنواع‌ المحن‌ و الأرزاء ‌الّتي‌ تبلد الأذهان‌، و تطبع‌ الإنسان‌ بطابع‌ الذهول‌ و النسيان‌، و ‌بعض‌ ‌هذا‌ ‌ما يكفي‌ للغفلة و السهو، و عروض‌ الخطاء و الهفوات‌ فكيف‌ ‌بما‌ ‌هو‌ أعظم‌ و أفظع‌؟ و ‌لما‌ نظرنا ‌فيه‌ ‌بعد‌ طبعه‌ و نشره‌ وجدنا ‌فيه‌ ‌ما يجدر التنبيه‌ ‌عليه‌ فأحببنا هنا الإشارة ‌إلي‌ ‌بعض‌ ‌ذلك‌ ‌علي‌ سبيل‌ الحديث‌ المستظرف‌ و القول‌ المستطرف‌، و نترك‌ الباقي‌ لأهل‌ الفضل‌ ‌إذا‌ نشطت‌ عزائمهم‌، و حفزتهم‌ عبقريتهم‌.

فمن‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ (الجزء ‌الأوّل‌) ص‌ 30 مادة [34] ‌ما حرم‌ أخذه‌ حرم‌إعطاؤه‌ و ‌قد‌ حملنا القاعدة هناك‌ ‌علي‌ أخذ المال‌ المحرم‌ فان‌ التصرفات‌ ‌فيه‌ تكون‌ محرمة فيحرم‌ إعطاؤه‌ لأنه‌ تصرف‌ ‌فيه‌ و ‌هذا‌ الوجه‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ صحيحاً ‌في‌ ذاته‌ و لكنه‌ ‌ليس‌ ‌هو‌ المقصود ‌من‌ القاعدة قطعاً ‌بل‌ القصد ‌غيره‌ أومأ ‌هو‌ أوسع‌ ‌منه‌ نظراً، و أبعد أثرا.

و ‌ألذي‌ يليق‌ ‌إن‌ تحمل‌ ‌عليه‌ ‌من‌ المعني‌ المفيد فائدة جديدة‌-‌ ‌هو‌ ‌إن‌ ‌ألذي‌ يحرم‌ أخذه‌ كالربا مثلا ‌أو‌ الرشوة ‌أو‌ القمار و إضراب‌ ‌ذلك‌ ‌كما‌ يحرم‌ أخذه‌ يحرم‌ أعطوه‌‌-‌ فكما يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تأخذ الرشوة يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تعطيها للمرتشي‌ و ‌كما‌ يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تأخذ الربا يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تستدين‌ ‌أو‌ تبيع‌ و تعطي‌ الربا‌-‌ يحرم‌ عليك‌ تبع‌ وزنة حنطة بوزنه‌ و نصف‌ فتأخذ زيادة نصف‌ و ‌أنّه‌ ‌كما‌ يحرم‌ عليك‌ ‌هذا‌ يحرم‌ ‌إن‌ تشتري‌ كذلك‌ فتعطي‌ نصف‌ وزنة زيادة و تكون‌ ‌هذه‌ القاعدة قريبة الأفق‌ ‌من‌ معني‌ أختها التالية لها (‌ما حرم‌ فعله‌ حرم‌ طلبه‌).

يعني‌ ‌كما‌ يحرم‌ عليك‌ فعل‌ الربا و الرشوة يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تطلبه‌ ‌من‌ غيرك‌ و ‌كما‌ يحرم‌ عليك‌ شرب‌ الخمر يحرم‌ عليك‌ ‌إن‌ تطلبه‌ ‌من‌ غيرك‌ و هكذا ‌في‌ ‌كل‌ حرام‌ الا ‌ما استثني‌ ‌كما‌ سبق‌.

و ‌من‌ ‌ذلك‌ إهمال‌ جملة ‌من‌ القواعد المهمة.

مثل‌ قاعدة الميسور و قاعدة الحر ‌لا‌ يضمن‌ و ‌لا‌ يدخل‌ تحت‌ اليد، و قاعدة (‌إذا‌ اجتمع‌ الحرام‌ و الحلال‌ غلب‌ الحرام‌‌-‌ ‌الّتي‌ و ‌بما‌ ترجع‌ ‌إلي‌ قاعدة درء المفاسد اولي‌ ‌من‌ جلب‌ المنافع‌.

و قاعدة (الدفع‌ أهون‌ ‌من‌ الرفع‌) و الفرض‌ أفضل‌ ‌من‌ النفل‌، و ‌ما‌كان‌ أكثر فعلًا، فهو أكثر فضلًا.

‌إلي‌ كثير ‌من‌ أمثالها و ‌لكن‌ يدفع‌ النقد ‌في‌ إهمالها ‌إن‌ جملة ‌منها‌ تختص‌ بالعبادات‌.

و بعضها قليل‌ الجدوي‌ نادر المثال‌.

و ‌من‌ موارد النقد أيضاً ‌إن‌ ‌بعض‌ المباحث‌ المهمة جاء البيان‌ ‌فيها‌ ناقصاً مبتوراً و ‌كان‌ ‌من‌ حقة البسط و الإحاطة بالموضوع‌ ‌من‌ جميع‌ أطرافه‌ و عموم‌ اقسامه‌.

(مثل‌ قاعدة التلف‌ ‌قبل‌ القبض‌) ‌في‌ الجزء ‌الأوّل‌ صفحة (69) و حق‌ تحريره‌ ‌إن‌ يقال‌ ‌إن‌ زوال‌ المبيع‌ ‌أو‌ الثمن‌ بحيث‌ يمتنع‌ قبضه‌ حقيقة ‌أو‌ حكما ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌من‌ جهة التلف‌ ‌أو‌ الإتلاف‌، و ‌علي‌ ‌الأوّل‌، فقد اتفقوا ‌علي‌ ‌إن‌ تلف‌ المبيع‌ ‌من‌ البائع‌ و تلف‌ الثمن‌ ‌قبل‌ إقباضه‌ للبائع‌ ‌من‌ المشتري‌، و النبوي‌ المشهور «‌كل‌ مبيع‌ تلف‌ ‌قبل‌ قبضه‌ فهو ‌من‌ مال‌ بايعه‌» و ‌إن‌ ‌كان‌ واردا ‌في‌ المبيع‌ فقط و ‌لكن‌ الأصحاب‌ اتفقوا ظاهرا ‌علي‌ إلحاق‌ الثمن‌ ‌به‌ ‌في‌ ‌الحكم‌ و ربما يظهر ‌هذا‌ ‌من‌ رواية عقبة ‌بن‌ خالد ‌عن‌ ‌أبي‌ ‌عبد‌ اللّه‌ الصادق‌ سلام‌ اللّه‌ ‌عليه‌ ‌في‌ رجل‌ اشتري‌ ‌من‌ رجل‌ متاعا و أوجبه‌ ‌غير‌ ‌أنّه‌ ترك‌ المتاع‌ عنده‌ و ‌لم‌ يقبضه‌ فسرق‌ المتاع‌ ‌من‌ مال‌ ‌من‌ ‌يكون‌ ‌قال‌ ‌من‌ مال‌ صاحب‌ المتاع‌ ‌حتي‌ يقبض‌ المتاع‌ و يخرجه‌ ‌من‌ بيته‌. فإذا أخرجه‌ ‌من‌ بيته‌ فالمبتاع‌ ضامن‌ لحقه‌ ‌حتي‌ يرد اليه‌ ماله‌.

فان‌ ‌قوله‌ «‌عليه‌ ‌السلام‌» ‌حتي‌ يرد اليه‌ ماله‌ ظاهر ‌في‌ الثمن‌ و ‌أنّه‌ ‌في‌ ضمان‌المبتاع‌ أي‌ المشتري‌ ‌حتي‌ يوصله‌ ‌إلي‌ البائع‌.

‌هذا‌ ‌في‌ تلف‌ الجميع‌ اما تلف‌ البعض‌ ثمنا ‌أو‌ مثمنا فان‌ ‌كان‌ المبيع‌ حسب‌ اعتبار العقلاء ذو أجزاء يتقسط عليها الثمن‌ انفسخ‌ ‌في‌ التالف‌ بنسبته‌ ‌من‌ الثمن‌ و صح‌ ‌في‌ الباقي‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ بنظر العرف‌ ‌مما‌ ‌لا‌ يتقسط الثمن‌ عليها بان‌ ‌يكون‌ ‌ذلك‌ الجزء التالف‌ كالأوصاف‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ تقابل‌ بالاعواض‌ فهو موجب‌ لخيار المشتري‌ ‌بين‌ الرد و الإمساك‌ بمجموع‌ الثمن‌ و يحتمل‌ تخييره‌ ‌بين‌ الرد و ‌بين‌ الإمساك‌ بالأرش‌ و ‌يكون‌ كالعيب‌ الحادث‌ ‌قبل‌ العقد و ‌ليس‌ ببعيد ‌هذا‌ ‌في‌ التلف‌ ‌قبل‌ القبض‌ اما التلف‌ بعده‌ ‌في‌ زمن‌ الخيار فقد تقدم‌ البحث‌ ‌فيه‌ مفصلًا.

‌هذا‌ كله‌ ‌في‌ التلف‌ السماوي‌ اعني‌ القهري‌ [‌أما‌ الإتلاف‌] ‌فإن‌ ‌كان‌ المتلف‌ ‌هو‌ المشتري‌ ‌فلا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌في‌ ‌أنّه‌ كالقبض‌ و مسقط لضمان‌ البائع‌ و ‌يجب‌ ‌عليه‌ دفع‌ الثمن‌ اليه‌ قطعاً و ‌هذا‌ ‌مع‌ علمه‌ واضح‌ اما ‌مع‌ جهله‌ فان‌ ‌كان‌ مغروراً ‌من‌ البائع‌ ‌كما‌ ‌لو‌ ‌كان‌ طعاماً و قدمه‌ ‌إليه‌ بصورة الإكرام‌ فأكله‌ و ظهر ‌أنّه‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ ابتاعه‌ ‌منه‌ ‌فلا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌في‌ ‌أنّه‌ كالتلف‌ السماوي‌ مضمون‌ ‌علي‌ البائع‌ ‌علي‌ خلاف‌ ‌فيه‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ مغروراً ‌كما‌ ‌لو‌ اكله‌ جهلًا ‌منه‌ ‌من‌ دون‌ ‌إن‌ يقدمه‌ البائع‌ ‌إليه‌ فالقضية مشكلة و ‌الحكم‌ بأنه‌ ‌من‌ ماله‌ و ‌أنّه‌ قبض‌ مشكل‌ و جعل‌ الضمان‌ ‌علي‌ البائع‌ أشكل‌.

و دعوي‌ انصراف‌ النص‌ ‌في‌ القبض‌ ‌إلي‌ ‌غير‌ ‌هذا‌ القبض‌ فيكون‌ ‌من‌ التلف‌ ‌قبل‌ القبض‌ فضمانه‌ ‌علي‌ البائع‌‌-‌ عهدتها ‌علي‌ مدعيها و ‌هي‌ قابلة للمنع‌.

و ‌إن‌ ‌كان‌ المتلف‌ البائع‌ فالمسئلة ذات‌ وجوه‌ متعارضة ‌بل‌ و متكافئةفاما ‌الحكم‌ بالانفساح‌ و ‌يكون‌ الضمان‌ ‌علي‌ البائع‌ تنزيلًا للإتلاف‌ منزلة التلف‌ و ‌إن‌ مرجعهما ‌إلي‌ تعذر الإقباض‌ و ‌هو‌ ملاك‌ ‌الحكم‌ سواء ‌كان‌ ‌من‌ حيوان‌ ‌أو‌ إنسان‌ بحادثة سماوية ‌أو‌ ارضية، و اما ‌الحكم‌ بإبقاء العقد و تضمين‌ البائع‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة ‌لأن‌ ‌الحكم‌ بالانفساخ‌ ‌علي‌ خلاف‌ القاعدة فيقتصر ‌علي‌ مورده‌ المتيقن‌ و ‌هو‌ التلف‌ ‌لا‌ الإتلاف‌ و ‌يكون‌ ‌من‌ باب‌ إتلاف‌ مال‌ الغير الموجب‌ للضمان‌ بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة.

و اما ‌الحكم‌ بتخيير المشتري‌ ‌في‌ باب‌ إتلاف‌ البائع‌ المبيع‌ ‌أو‌ البائع‌ ‌في‌ إتلاف‌ المشتري‌ الثمن‌ ‌بين‌ إمضاء العقد فيطالب‌ بالقيمة ‌أو‌ فسخه‌ فيأخذ الثمن‌ ‌لو‌ أتلف‌ المبيع‌ ‌أو‌ المبيع‌ ‌لو‌ أتلف‌ الثمن‌.

و مدرك‌ ‌هذا‌ التخيير اما ‌إن‌ تحقق‌ سبب‌ الانفساخ‌ ‌مع‌ سبب‌ الضمان‌ يقتضي‌ التخيير بينهما ‌بعد‌ ‌عدم‌ إمكان‌ الجمع‌ و اما لان‌ التلف‌ ‌إذا‌ خرج‌ ‌عن‌ قاعدة التلف‌ ‌قبل‌ القبض‌ صار المبيع‌ متعذر التسليم‌ فيثبت‌ الخيار اما للمشتري‌ ‌في‌ تلف‌ المبيع‌ ‌أو‌ للبائع‌ ‌مع‌ العكس‌ و ‌هو‌ معني‌ التخيير ‌بين‌ الفسخ‌ و استرداد ‌ما دفع‌ ‌أو‌ المضاء و المطالبة بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة و ‌هذا‌ ‌هو‌ الأوفق‌ بالقواعد، و تجري‌ الوجوه‌ الثلاثة ‌في‌ إتلاف‌ الأجنبي‌‌-‌ ‌هذا‌ ‌هو‌ التحرير الوافي‌ لهذه‌ المسألة ‌علي‌ اختصاره‌، و هكذا ‌يجب‌ ‌إن‌ تحرر المسائل‌ و يكفي‌ ‌هذا‌ المقدار ‌من‌ الملاحظة ‌علي‌ الجزء ‌الأوّل‌ ‌علي‌ سبيل‌ النموذج‌ و العنوان‌.

اما الجزء ‌الثاني‌ فقد تركنا إبداء الملاحظات‌ ‌فيه‌ ‌إلي‌ ‌من‌ ينشط ‌له‌ ‌من‌ أهل‌ ‌هذا‌ الفن‌ الشريف‌ فن‌ الفقه‌ و علم‌ الحقوق‌.

و ‌منه‌ نستمد التوفيق‌ للجميع‌ و ‌إن‌ يسهل‌ لنا متابعة التأليف‌ و النشر ‌إلي‌ خاتمة ‌هذا‌ الكتاب‌ ‌إن‌ شاء اللّه‌ و ‌لا‌ شك‌ ‌أنّه‌ يحتاج‌ ‌إلي‌ عدة أجزاء اخري‌ فعسي‌ ‌إن‌ يفسح‌ اللّه‌ عز شأنه‌ ‌في‌ العمر ‌إلي‌ إكمالها بلطفه‌ و عناياته‌ ‌أنّه‌ الكريم‌ المنان‌ و ‌به‌ المستعان‌


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما