دوشنبه 17 ارديبهشت 1403  
 
 
الفصل‌ ‌الثاني‌
الفصل‌ ‌الثاني‌ (‌في‌ ضمان‌ المستأجر)

  


عرفت‌ ‌إن‌ العين‌ المأجورة أمانة مالكية ‌في‌ يد المستأجر و ‌من‌ حكم‌ الأمانات‌ مطلقاً ‌عدم‌ الضمان‌ بغير تعد و تفريط و ‌قد‌ أحسنت‌ (المجلة) ‌في‌ مادة (600) المأجور امانة ‌في‌ يد المستأجر ‌إن‌ ‌كان‌ عقد الإجارة صحيحاً ‌أو‌ ‌لم‌ يكن‌.

و لكنه‌ ‌إذا‌ قبضه‌ بإذن‌ المؤجر ‌في‌ الفاسدة اما ‌لو‌ قبضها بدون‌ اذنه‌ فهو ضامن‌ ‌مع‌ الفساد مطلقاً و يتفرع‌ ‌علي‌ ‌هذه‌ المادة‌-‌ مادة (601) ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌ ‌إذا‌ تلف‌ المأجور ‌في‌ يد المستأجر ‌ما ‌لم‌ يكن‌ بتقصيره‌ ‌أو‌ بتعديه‌ ‌أو‌ بمخالفته‌ المأذونية.

يعني‌ ‌إن‌ أسباب‌ الضمان‌ ثلاثة.

1‌-‌: إتلافه‌ بالتعدي‌.

2‌-‌: تقصيره‌ ‌في‌ حفظه‌ ‌حتي‌ تلف‌.

3‌-‌: مخالفته‌ للإذن‌ و شروط الإجارة.

فلو اشترط ‌عليه‌ ‌إن‌ ‌لا‌ يحمل‌ ‌علي‌ الدابة أكثر ‌من‌ وزنة فحمل‌ عليها الأكثر فهلكت‌ و ‌لو‌ بسبب‌ آخر ضمن‌ لانه‌ بمخالفته‌ الشرط خرج‌ ‌عن‌ الامانة، و ‌كان‌ ينبغي‌ ‌إن‌ يضم‌ ‌إلي‌ أسباب‌ الضمان‌ سبب‌ رابع‌ و ‌هو‌ شرط الضمان‌ مطلقاً و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌في‌ صحة مثل‌ ‌هذا‌ الشرط بحث‌ و ‌لكن‌ الأقوي‌ الصحة، و ‌قد‌ ذكرت‌ (المجلة) السبب‌ ‌الأوّل‌ ‌في‌ مادة (602) يلزم‌ الضمان‌ ‌علي‌ المستأجر ‌لو‌ تلف‌ المأجور ‌أو‌ طرأ ‌علي‌ قيمته‌ نقصان‌ بتعديه‌، مثلا‌-‌ ‌لو‌ ضرب‌ المستأجر دابة الكراء فماتت‌ ‌منه‌ ‌أو‌ ساقها بعنف‌ و شدة فهلكت‌ لزمه‌ ضمان‌ قيمتها.

و ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌ مادة [603] حركة المستأجر ‌علي‌ خلاف‌ المعتاد تعد تفريطاً و يضمن‌ الضرر و الخسار ‌ألذي‌ يتولد ‌منها‌ مثلا‌-‌ ‌لو‌ استعمل‌ الألبسة ‌الّتي‌ استكراها ‌علي‌ خلاف‌ عادة الناس‌ و بليت‌ يضمن‌‌-‌ و كذلك‌احتراق‌ الدار بسبب‌ إشعال‌ النار أزيد ‌من‌ عادة سائر الناس‌.

و أشارت‌ ‌إلي‌ السبب‌ ‌الثاني‌ ‌في‌ مادة (604) ‌لو‌ تلف‌ المأجور بتقصير المستأجر ‌في‌ المحافظة ‌أو‌ طرأ ‌علي‌ قيمته‌ نقصان‌ يلزم‌ الضمان‌، مثلا‌-‌ ‌لو‌ ترك‌ المستأجر دابة الكراء خالية الرأس‌ و ضاعت‌ يضمن‌ لأنه‌ أمين‌ مكلف‌ بحفظ الامانة فيضمن‌ ‌إذا‌ قصر بالحفظ المعتاد.

و أشارت‌ ‌إلي‌ الثالث‌ ‌في‌ مادة (605) مخالفة المستأجر مأذونيته‌ بالتجاوز ‌إلي‌ ‌ما فوق‌ المشروط توجب‌ الضمان‌، و اما مخالفته‌ بالعدول‌ ‌إلي‌ ‌ما دون‌ المشروط ‌أو‌ مثله‌ ‌لا‌ توجبه‌، مثلا‌-‌ ‌لو‌ حمل‌ المستأجر خمسين‌ أقة حديداً ‌علي‌ دابة استكراها لان‌ يحملها خمسين‌ أقة سمناً و عطبت‌ يضمن‌ و اما ‌لو‌ حملها حمولة مساوية الدهن‌ ‌في‌ المضرة ‌أو‌ أخف‌ و عطبت‌ ‌لا‌ يضمن‌.

‌أما‌ مادة (606) فهي‌ ‌من‌ توابع‌ ‌ما تقدم‌ ‌في‌ مادة (591) و (592) و مادة (600) و حقها ‌إن‌ تذكر ‌في‌ إحدي‌ تلك‌ المواد.

الفصل‌ الثالث‌ (‌في‌ ضمان‌ الأجير)

‌هذا‌ الفصل‌ معقود لتلف‌ المستأجر ‌فيه‌ و ‌ألذي‌ قبله‌ ‌كان‌ لبيان‌ تلف‌ المأجور، و ‌حيث‌ ‌إن‌ الملاك‌ ‌في‌ المقامين‌ متحد ‌كان‌ الأنسب‌ بالتحرير جمعهما ‌في‌ مقام‌ واحد فان‌ تلك‌ الأسباب‌ بعينها ‌هي‌ أسباب‌ ضمان‌ المستأجر ‌فيه‌ فإذا أعطيت‌ الخياط ثوباً ليخيطه‌ فأتلفه‌ ‌أو‌ قصر ‌في‌ حفظه‌ ‌حتي‌ تلف‌، ‌أو‌ تعدي‌ الإذن‌ ‌أو‌ الشرط ‌كان‌ ضامناً و ‌كذا‌ ‌لو‌ غرّه‌ و ‌قال‌ يتسع‌ لصنعه‌ قباء فظهر خلاف‌ ‌ذلك‌، و ‌لا‌ فرق‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ ‌بين‌ الأجير الخاص‌ و المشترك‌ و ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ تكثير الأمثلة و تكرار المواد و الفصول‌، و ‌لا‌ نجد وجهاً مقبولا ‌أو‌ معقولا للفرق‌ بينهما، و ‌ما يقال‌ ‌من‌ أننا ‌لو‌ قلنا: بأن‌ الأجير المشترك‌ ‌لا‌ يضمن‌ التلف‌ الحاصل‌ ‌من‌ عمله‌‌-‌ يباشر بتقبيل‌ اعمال‌ فوق‌ طاقته‌ و يضر بالمستأجرين‌، ففساده‌ غني‌ ‌عن‌ البيان‌، و تنقيح‌ القول‌ ‌علي‌ الإجمال‌ ‌في‌ ضمان‌ الأجير ‌ما يعمل‌ ‌فيه‌ ‌إن‌ القاعدة تقتضي‌ ‌عدم‌ ضمانه‌ كالمستأجر بالنسبة ‌إلي‌ العين‌ الا ‌مع‌ التعدي‌ و التفريط ‌أو‌ التغرير‌-‌ فالقصار و النجار و البيطار و الخياط و الصائغ‌ و سائر أرباب‌ المهن‌ و الصنائع‌ ‌حتي‌ الحمال‌ و المكاري‌ للنقل‌ و الحمل‌ ‌لا‌ يضمنون‌ ‌ما يتلف‌ ‌أو‌ يعاب‌ بأيديهم‌ ‌من‌ أموال‌ الناس‌ الا بالإتلاف‌ ‌أو‌ الشرط ‌أو‌ التفريط ‌في‌ الحفظ ‌أو‌ التقصير ‌في‌ العمل‌ ‌أو‌ التغرير بان‌ يقول‌ ‌له‌ المستأجر: ‌إن‌ ‌كان‌ ‌هذه‌ القطعة ‌من‌ القماش‌ تكفي‌ جبة ففصلها، ‌فقال‌: ‌نعم‌ تكفي‌ ففصلها فظهر انها ‌لا‌ تكفي‌ و ‌لا‌ فرق‌ ‌بين‌ ‌إن‌ يشترط ‌عليه‌ ‌أو‌ يسأله‌ فيقول‌ ‌نعم‌، ‌إذا‌ ‌كان‌ مغروراً ‌منه‌، اما ‌مع‌ ‌عدم‌ ‌شيء‌ ‌من‌ ‌هذه‌ الأسباب‌ ‌فلا‌ ضمان‌ لأنه‌ أمين‌ كالعين‌ ‌في‌ يد المستأجر لاستيفاء المنفعة و ‌لكن‌ ذهب‌ أكثر الفقهاء ‌إلي‌ ‌إن‌ الخياط و القصار ‌إذا‌ أفسد الثوب‌ ضمن‌، و ‌كذا‌ الختّان‌ و الحجام‌ و الكحال‌ و البيطار و ‌كل‌ ‌من‌ آجر نفسه‌ لعمل‌ ‌في‌ مال‌ المستأجر ‌إذا‌ أفسده‌ ‌كان‌ ضامناً و ‌إن‌ ‌كان‌ بغير قصده‌ لعموم‌ (‌من‌ أتلف‌ ..) و للصحيح‌ ‌عن‌ الصادق‌ (‌عليه‌ ‌السلام‌) ‌في‌ الرجل‌ يعطي‌ الثوب‌ ليصبغه‌،‌فقال‌ «‌عليه‌ ‌السلام‌» (‌كل‌ عامل‌ أعطيته‌ ‌علي‌ ‌إن‌ يصلح‌ فأفسد فهو ضامن‌) و يظهر منهم‌ إطلاق‌ الضمان‌ ‌حتي‌ ‌مع‌ ‌عدم‌ التعدي‌ و التفريط ‌بل‌ قالوا بضمان‌ الطبيب‌ المباشر للعلاج‌ ‌إذا‌ أضر و ‌إن‌ ‌كان‌ حاذقاً الا ‌مع‌ أخذ البراءة و ‌عدم‌ التقصير و افرطوا ‌حتي‌ قالوا بضمان‌ الحمال‌ ‌إذا‌ عثر و زلق‌ فوقع‌ و انكسر ‌ما ‌كان‌ يحمله‌ ‌كل‌ ‌ذلك‌ لقاعدة الإتلاف‌، و صدق‌ الإتلاف‌ ‌في‌ كثير ‌من‌ ‌هذه‌ الموارد مشكل‌ و الصحيح‌ ناظر ‌إلي‌ ‌من‌ أفسد ‌عن‌ تقصير و تسامح‌ و لذا ‌لم‌ يحكموا ‌في‌ ‌ما ‌لو‌ استأجر دابة لحمل‌ متاع‌ فعثرت‌ و تلف‌ ‌أو‌ نقص‌ بضمان‌ صاحبها ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ‌هو‌ السبب‌ ‌في‌ عثرتها بضرب‌ زائد ‌أو‌ نخس‌ و ‌كذا‌ ‌في‌ السفينة ‌لو‌ غرق‌ متاعها و سرق‌ و ‌إذا‌ استؤجر لحفظ متاع‌ فسرق‌ ‌لم‌ يضمن‌ الا ‌مع‌ التقصير ‌في‌ الحفظ ‌أو‌ الشرط.

‌نعم‌ ‌لو‌ غلبه‌ النوم‌ فسرق‌ ‌قد‌ يعد ‌ذلك‌ تقصيراً فيضمن‌ لكنه‌ مشكل‌، و ‌علي‌ ‌كل‌ حال‌ ‌لو‌ سرق‌ ‌لم‌ يستحق‌ الأجرة ‌إن‌ ‌كانت‌ الإجارة ‌علي‌ الحفظ، اما ‌لو‌ ‌كانت‌ ‌علي‌ النطارة و النظارة و ‌لو‌ لداعي‌ الحفظ و ‌قد‌ قام‌ بهما ‌علي‌ العادة استحقها، ‌كما‌ ‌إن‌ صاحب‌ الحمام‌ ‌لا‌ يضمن‌ الثياب‌ ‌لأن‌ الأجرة انما ‌هي‌ للحمام‌ فقط ‌لا‌ ‌له‌ و للحفظ، ‌نعم‌ ‌لو‌ وضعها ‌إلي‌ جنبه‌ بصفة الامانة وجب‌ ‌عليه‌ حفظها فلو قصر ‌في‌ الحفظ ضمن‌.

و «القصاري‌» انك‌ عرفت‌ ‌إن‌ كلا ‌من‌ المستأجر و الأجير بالنسبة ‌إلي‌ العين‌ و محل‌ العمل‌ أمين‌ و قاعدة [الائتمان‌ ‌عدم‌ الضمان‌] ‌إلا‌ ‌إذا‌ خرج‌ ‌عن‌ الأمانة بأحد الأسباب‌ المتقدمة فالأصل‌ الاولي‌ ‌ألذي‌ يرجع‌‌إليه‌ ‌في‌ موارد الشك‌ ‌هو‌ ‌عدم‌ الضمان‌ ‌حتي‌ يتحقق‌ حصول‌ السبب‌ و ‌من‌ جميع‌ ‌ذلك‌ يتضح‌ القول‌ ‌في‌ مواد ‌هذا‌ الفصل‌.

اما‌-‌ مادة (607) ‌لو‌ تلف‌ المستأجر ‌فيه‌ بتعدي‌ الأجير ‌أو‌ تقصيره‌ يضمن‌، ‌فلا‌ اشكال‌ ‌فيها‌ ‌كما‌ ‌لا‌ إشكال‌ ‌في‌ مادة [608] تعدي‌ الأجير ‌هو‌ ‌إن‌ يعمل‌ عملا ‌أو‌ يتحرك‌ حركة مخالفين‌ لأمر الآجر صراحة ‌كان‌ ‌أو‌ دلالة إلخ‌ .. و مثلها مادة [609] تقصير الأجير ‌هو‌ قصور ‌في‌ محافظة المستأجر ‌فيه‌ بلا عذر مثلا‌-‌ ‌لو‌ فرت‌ الشاة و ‌لم‌ يذهب‌ الراعي‌ لقبضها تكاسلا و إهمالا يضمن‌ ‌حيث‌ ‌أنّه‌ ‌يكون‌ مقصراً و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌عدم‌ ذهابه‌ ‌قد‌ نشأ ‌عن‌ غلبة احتمال‌ ضياع‌ الشاء الباقيات‌ ‌عند‌ ذهابه‌ ‌يكون‌ معذوراً و ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌.

انما الاشكال‌ و المنع‌ ‌في‌ المادتين‌ الأخيرتين‌‌-‌ مادة (610) الأجير الخاص‌ أمين‌ ‌حتي‌ ‌أنّه‌ ‌لا‌ يضمن‌ المال‌ ‌ألذي‌ تلف‌ ‌في‌ يده‌ بغير صنعه‌ و ‌كذا‌ ‌لا‌ يضمن‌ المال‌ ‌ألذي‌ يعمله‌ بلا تعد أيضاً.

و‌-‌ مادة (611) الأجير المشترك‌ يضمن‌ الضرر و الخسار ‌ألذي‌ تولد ‌عن‌ فعله‌ و صنعه‌ ‌إن‌ ‌كان‌ بتقصيره‌ ‌أو‌ ‌لم‌ يكن‌.

‌فإن‌ الأجير الخاص‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ‌لا‌ يضمن‌ لأنه‌ أمين‌ فالاجير المشترك‌ أمين‌ فحقه‌ ‌إن‌ ‌لا‌ يضمن‌ أيضاً فما وجه‌ التفصيل‌ بالضمان‌ بينهما؟ ‌كما‌ عرفته‌ قريباً موضحاً.

و ‌إلي‌ هنا انتهت‌ مواد (المجلة) ‌من‌ مباحث‌ الإجارة

و ‌قد‌ بقيت‌ مسائل‌ مهمة ‌لم‌ تتعرض‌ لها ‌أو‌ أشارت‌ إليها بصورة مجملة يلزم‌ بيانها.

الاولي‌‌-‌: ‌إن‌ صورة امتناع‌ الانتفاع‌ بالعين‌ المأجورة و أنواعه‌ كثيرة

و ‌حيث‌ ‌إن‌ أكثرها ‌قد‌ تقدم‌ متفرقاً ‌في‌ عدة مواد وجدنا ‌من‌ حسن‌ التحرير ‌إن‌ ننظم‌ شتاتها ‌في‌ سلك‌ واحد كعقد متلائم‌ فنقول‌: ‌إن‌ امتناع‌ تمام‌ الانتفاع‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ لتلف‌ العين‌ ‌أو‌ لتعيبها ‌أو‌ لسبب‌ آخر ‌مع‌ سلامتها.

اما التلف‌ فان‌ ‌كان‌ سماوياً فهو موجب‌ للفسخ‌ بجميع‌ أنواعه‌ ‌بعد‌ القبض‌ ‌أو‌ قبله‌ ‌في‌ الأثناء ‌أو‌ ‌قبل‌ الشروع‌ ‌في‌ الاستيفاء، غايته‌ ‌أنّه‌ ‌لو‌ ‌كان‌ ‌في‌ الأثناء وزعت‌ الأجرة المسماة ‌علي‌ الماضي‌ و الباقي‌ بالنسبة فأخذ المستأجر حصة ‌ما بقي‌ و دفع‌ للمؤجر حصة ‌ما مضي‌ و يمكن‌ الفسخ‌ ‌في‌ الجميع‌ و أخذ بدل‌ المثل‌ ‌عن‌ الماضي‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ بإتلاف‌ متلف‌ فان‌ ‌كان‌ ‌هو‌ المؤجر ضمن‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة للمستأجر‌-‌ يعني‌ قيمة المنفعة‌-‌ و ‌لو‌ قيل‌ ‌إن‌ للمستأجر الخيار ‌بين‌ الفسخ‌ و استرداد الأجرة المسماة ‌أو‌ الإمضاء و أخذ القيمة ‌كان‌ سديداً، و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌هو‌ المستأجر ضمن‌ العين‌ و لزمته‌ الأجرة المسماة و ‌كان‌ إتلافه‌ بمنزلة الاستيفاء، و ‌إن‌ ‌كان‌ المتلف‌ أجنبياً ضمن‌ العين‌ للمؤجر و المنفعة للمستأجر، اما ‌في‌ العمل‌ فتبطل‌ الإجارة مطلقاً لزوال‌ الموضوع‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ المانع‌ ‌هو‌ العيب‌ فهو موجب‌ لخيار المستأجر مطلقاً سواء ‌كان‌ ‌قبل‌ العقد ‌أو‌ بعده‌ ‌قبل‌ القبض‌ ‌أو‌ بعده‌ فلو فسخ‌ ‌في‌ أثناء المدة دفع‌ ‌من‌ الأجرة المسماة بالنسبة عما مضي‌، اما ‌لو‌ ‌كان‌ المانع‌ ‌غير‌ التلف‌ و العيب‌ فاما ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌من‌ المؤجر بامتناعه‌ ‌من‌ تسليم‌ العين‌ و ‌عدم‌ التمكن‌ ‌من‌ جبره‌ بحاكم‌ ‌أو‌ نحوه‌ ‌أو‌ سلمها ‌ثم‌ انتزعها ‌أو‌ حال‌ ‌بين‌ المستأجر و ‌بين‌ الانتفاع‌ فهو ‌في‌ الجميع‌ ضامن‌ للمنفعة بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة و ‌لو‌ قيل‌ بالخيار للمستأجر ‌كان‌ أصوب‌، و اما ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌من‌ المستأجر ‌فإن‌ ‌كان‌ لعذر كمرض‌ يمنعه‌ الركوب‌ مثلا ‌أو‌ زوال‌ مرض‌ ‌كما‌ ‌لو‌ استأجره‌ ‌علي‌ قلع‌ ضرسه‌ فزال‌ الألم‌ و أمثال‌ ‌ذلك‌ فالمسئلة مشكلة و القول‌ بالبطلان‌ ‌في‌ الابتداء ‌أو‌ ‌في‌ الأثناء للتعذر و تنزيل‌ العذر الخاص‌ منزلة العام‌ قريب‌ جداً و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌لا‌ يخلو ‌من‌ نظر، اما ‌لو‌ تركها ‌لا‌ لعذر فقد لزمته‌ الأجرة، و اما ‌لو‌ ‌كان‌ المانع‌ أجنبياً كظالم‌ ‌أو‌ غاصب‌ ‌أو‌ غيرهما فان‌ ‌كان‌ ‌قبل‌ القبض‌ تخير ‌بين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ المؤجر بالأجرة ‌أو‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الظالم‌ بالبدل‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ بعده‌ ‌فلا‌ رجوع‌ ‌له‌ ‌علي‌ المؤجر و تعين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الأجنبي‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ المانع‌ عذراً عاماً كنزول‌ ثلج‌ ‌أو‌ قيام‌ حرب‌ و ‌ما ‌إلي‌ ‌ذلك‌ فالبطلان‌ ابتداء ‌أو‌ ‌في‌ الأثناء و تتوزع‌ الأجرة.

‌هذا‌ ‌هو‌ التحرير الشافي‌ المستوعب‌ لجميع‌ فروع‌ القضية باختصار و ‌يجوز‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌قد‌ فاتنا ‌شيء‌ و لمن‌ يستدركه‌ علينا المحمدة و الشكر و باللّه‌ التوفيق‌.

الثانية‌-‌: ‌لم‌ تذكر (المجلة) بطلان‌ الإجارة ‌أو‌ عدمه‌ بموت‌ المؤجر ‌أو‌ المستأجر

‌مع‌ أنها ‌من‌ مواضع‌ الخلاف‌ ‌بين‌ فقهاء المذاهب‌ كاختلاف‌ فقهائنا ‌فيها‌ و ‌لكن‌ استقرت‌ فتوي‌ المتأخرين‌ منا ‌علي‌ ‌عدم‌ بطلانها أصلا بموت‌ أحدهما و ‌لا‌ بموتهما و تنتقل‌ الأجرة ‌إلي‌ ورثة المؤجر ‌لو‌ مات‌ و المنفعة ‌إلي‌ ورثة المستأجر.

‌نعم‌ ‌في‌ الإجارة المقيدة بالمباشرة تبطل‌ ‌من‌ حين‌ الموت‌ ‌لا‌ ‌من‌ أصلها

و تتوزع‌ الأجرة، و ‌كذا‌ ‌لو‌ آجر المرتزقة العين‌ الموقوفة وقفاً ترتيباً و ماتوا ‌في‌ أثناء المدّة ‌فإن‌ إجارتهم‌ تبطل‌ لانتقال‌ الحق‌ ‌إلي‌ البطن‌ اللاحق‌ و ملكيتهم‌ محدودة، ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ إيجارهم‌ لمصلحة الوقف‌ فإنها تبقي‌ ‌إلي‌ تمام‌ مدتها و ‌كذا‌ ‌لو‌ اوصي‌ لرجل‌ بالمنفعة مدة حياته‌ و مات‌ ‌في‌ أثناء الإجارة، اما الأجرة ‌علي‌ العمل‌ ‌فلا‌ تبقي‌ ‌بل‌ ‌يجب‌ ‌علي‌ الورثة الإتيان‌ بالعمل‌ المستأجر ‌عليه‌، اما ‌لو‌ اشترط عمله‌ بنفسه‌ ‌أو‌ سكناه‌ بذاته‌ فمات‌ فللمؤجر الخيار و ‌لو‌ ‌كان‌ ‌علي‌ نحو التقييد بطلت‌، و ‌لو‌ آجر الولي‌ الصبي‌ مدة و بلغ‌ ‌في‌ أثنائها و صار رشيداً فيحتمل‌ البطلان‌ ‌في‌ الزائد و يحتمل‌ الصحة و يحتمل‌ وقفها ‌علي‌ الإجازة و ‌هو‌ الأقرب‌ ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ مصلحته‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ الوقت‌ تقتضي‌ إجارته‌ تلك‌ المدة المعينة فإنها تلزم‌ و ‌لا‌ حق‌ ‌له‌ ‌في‌ فسخها، و يشبه‌ ‌ذلك‌ ‌ما ‌لو‌ آجر العبد و أعتقه‌ ‌في‌ أثناء المدة ‌أو‌ آجر الدار و باعها ‌في‌ الأثناء ‌كما‌ سيأتي‌ ‌أو‌ آجرت‌ المرأة نفسها ‌ثم‌ تزوجت‌ فان‌ الجميع‌ لازم‌ ‌لا‌ فسخ‌ ‌فيه‌ و نفقة العبد ‌في‌ تلك‌ المدة اما ‌علي‌ المولي‌ ‌ألذي‌ استوفي‌ منافعه‌ ‌فيها‌ ‌أو‌ ‌في‌ كسبه‌ ‌إن‌ امكنه‌ الكسب‌ ‌مع‌ الخدمة ‌أو‌ ‌علي‌ ذمته‌ ‌أو‌ ‌من‌ بيت‌ المال‌ ‌أو‌ ‌علي‌ المسلمين‌ كفاية ‌أو‌ ‌علي‌ مستأجره‌ و يستوفيه‌ ‌منه‌ ‌بعد‌ انتهاء المدة و ‌هو‌ الأقرب‌، اما الزوجة فنفقتها ‌علي‌ الزوج‌ ‌مع‌ التمكين‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ الخدمة لغيره‌،

الثالثة‌-‌: ‌يجوز‌ للمؤجر بيع‌ العين‌ المأجورة ‌في‌ أثناء مدة الإجارة

فالمشتري‌ يملك‌ رقبة العين‌ مسلوبة المنفعة تلك‌ المدة و المستأجر يملك‌ المنفعة و ‌لا‌ تزاحم‌ بينهما و ‌لكن‌ ‌لو‌ ‌كان‌ المشتري‌ جاهلا بالإجارة ‌كان‌ ‌له‌ الخيار لانه‌ نقص‌ ‌في‌ العين‌ معني‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ نقصا صورة و ‌ليس‌ ‌هو‌ عيباً و لذا‌ليس‌ ‌له‌ المطالبة بالأرش‌ ‌بل‌ اما الإمضاء و اما الفسخ‌ كسائر الخيارات‌ ‌غير‌ خيار العيب‌، و ‌لو‌ ‌كان‌ عالماً و أقدم‌ ‌فلا‌ خيار، ‌أما‌ ‌لو‌ اعتقد أنها مثلا سنة ‌ثم‌ بان‌ انها سنتان‌ ‌كان‌ ‌له‌ الخيار ‌علي‌ اشكال‌، و ‌لو‌ فسخ‌ المستأجر رجعت‌ المنفعة ‌إلي‌ البائع‌ ‌لا‌ ‌إلي‌ المشتري‌.

‌نعم‌ ‌لو‌ اعتقد البائع‌ و المشتري‌ بقاء المدة ‌ثم‌ انكشف‌ انقضاؤها فالأقوي‌ أنها للمشتري‌ لتبعيّة المنفعة للعين‌ سواء شرطا كونها مسلوبة المنفعة ‌أو‌ تبانيا ‌عليه‌ و ‌لا‌ يثبت‌ للبائع‌ خيار الا ‌مع‌ الغبن‌، ‌هذا‌ كله‌ ‌لو‌ بيعت‌ ‌علي‌ ‌غير‌ المستأجر اما ‌لو‌ بيعت‌ ‌عليه‌ فهل‌ تنفسخ‌ الإجارة أم‌ تبقي‌؟ وجهان‌ و تظهر الثمرة حينئذ ‌في‌ أمور أظهرها استحقاق‌ الأجرة و الثمن‌ معاً للبائع‌ و عدمه‌، (ثانيها) بقاء ملكيته‌ للمنفعة ‌لو‌ فسخ‌ البيع‌ بأحد أسبابه‌، (ثالثها) إرث‌ الزوجة ‌من‌ المنفعة فيما ‌لا‌ ترث‌ ‌من‌ عينه‌، (رابعها) رجوع‌ المشتري‌ بالأجرة ‌لو‌ تلفت‌ العين‌ ‌قبل‌ القبض‌ و ‌قبل‌ انقضاء مدة الإجارة ‌فإن‌ تلف‌ العين‌ ‌في‌ الإجارة يوجب‌ الرجوع‌ بالأجرة، اما ‌لو‌ قلنا ببطلانها بالبيع‌ ‌فلا‌ رجوع‌ ‌بل‌ يرجع‌ بالثمن‌ فقط، و ‌لو‌ وقع‌ البيع‌ ‌منه‌ و الإجارة ‌من‌ وكيله‌ ‌في‌ وقت‌ واحد فالأقوي‌ صحتهما معاً لقاعدة اعمال‌ السببين‌ و يثبت‌ للمشتري‌ الخيار.

(الرابعة)‌-‌: ‌إذا‌ تبين‌ بطلان‌ الإجارة ‌قبل‌ استيفاء ‌شيء‌ ‌فلا‌ اشكال‌

و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌بعد‌ الاستيفاء ‌كان‌ للمالك‌ المؤجر بدل‌ المثل‌ عما استوفاه‌ المستأجر ‌من‌ المنفعة ‌أو‌ ‌ما عمله‌ ‌من‌ عمل‌، ‌هذا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ المؤجر جاهلا، اما ‌لو‌ ‌كان‌ عالماً فالمشهور عندنا ‌أنّه‌ ‌لا‌ ‌شيء‌ ‌له‌ لأنه‌ بتسليمه‌ ‌مع‌ علمه‌ بالفساد ‌قد‌ سلطه‌ و أسقط حرمة ماله‌ و ‌هذه‌ ‌عند‌ أصحابنا قضية سيالة و قاعدة مطردة فيما ‌كل‌ ‌ما ‌هو‌ ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌ مثلا‌-‌ ‌لو‌ سلم‌ البائع‌ المبيع‌ ‌مع‌ علمه‌ بفساد البيع‌ فان‌ ‌كان‌ موجوداً استرده‌ و ‌إن‌ أتلفه‌ المشتري‌ استرد الثمن‌ ‌من‌ البائع‌ و ‌لا‌ يرجع‌ ‌عليه‌ بشي‌ء لأنه‌ سلطه‌ ‌علي‌ إتلاف‌ ماله‌، و ‌علي‌ ‌هذا‌ السبيل‌ نهجوا ‌في‌ سائر العقود، و ‌هي‌ لعمر الحق‌ طريقة ‌غير‌ مستقيمة، ‌بل‌ عليلة سقيمة، ‌فإن‌ البائع‌ هناك‌ و المؤجر هنا ‌ما سلطا المشتري‌ و المستأجر ‌علي‌ إتلاف‌ المال‌ مجاناً و انما سلطاه‌ بالعوض‌ و كون‌ الشارع‌ ‌لم‌ يمض‌ تلك‌ المعاملة ‌لا‌ يقلب‌ الواقع‌ عما ‌هو‌ ‌عليه‌ ‌من‌ انهما ‌لم‌ يسلطا الا بالعوض‌.

و «بالجملة» فقاعدة احترام‌ مال‌ المسلم‌ و ‌أنه‌ (‌لا‌ يحل‌ مال‌ امرئ‌ ‌إلا‌ بطيب‌ نفسه‌) تقتضي‌ غرامة المال‌ ‌علي‌ ‌من‌ أتلفه‌ ‌إلا‌ ‌مع‌ التسليط المجاني‌ المفقود ‌في‌ باب‌ المعاوضات‌ بالضرورة و ‌إن‌ ‌كانت‌ فاسدة فالحق‌ عندنا الضمان‌ بالبدل‌ ‌في‌ جميع‌ العقود الفاسدة ‌حتي‌ ‌لو‌ باع‌ المسلم‌ ماله‌ بالخمر و الخنزير و هكذا ذكروا ‌في‌ الأجرة و ‌إن‌ المستأجر ‌إذا‌ دفعها عالماً بالفساد فان‌ ‌كانت‌ موجودة أخذها و ‌إن‌ ‌كانت‌ تالفة و أتلفها المؤجر ‌فلا‌ رجوع‌ و العامل‌ ‌إذا‌ عمل‌ ‌في‌ الإجارة الفاسدة قالوا: ‌لا‌ يستحق‌ المسمي‌ لفساد الإجارة و ‌لا‌ بدل‌ المثل‌ لانه‌ متبرع‌، و ‌هذا‌ عندي‌ غريب‌ لان‌ المتبرع‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ يقول‌ ‌أو‌ يقصد ‌إن‌ يعمل‌ بلا اجرة ‌لا‌ ‌ألذي‌ يعمل‌ بقصد الأجرة و الشارع‌ يفسدها و احكام‌ الشارع‌ بالصحة و الفساد ‌لا‌ يقلب‌ الموضوعات‌ الخارجية عما ‌هي‌ ‌عليه‌، فتدبره‌ و اغتنمه‌ فإنه‌ ‌من‌ نفائس‌ التحقيق‌، و باللّه‌ التوفيق‌.

الخامسة‌-‌: ‌إن‌ (المجلة) ‌لم‌ تتعرض‌ لمسائل‌ الخلاف‌ و النزاع‌

‌بين‌ المستأجر و المؤجر ‌مع‌ ‌أن‌ مسائل‌ الشجار ‌بين‌ المتعاقدين‌ ‌من‌ أهم‌ مباحث‌ العقود سيما ‌في‌ الإجارة لكثرة الوقوع‌ و عموم‌ البلوي‌ و نحن‌ نذكر ‌ذلك‌ ‌علي‌ نحو الاختصار، و النزاع‌ ‌فيها‌ يقع‌ ‌علي‌ أنحاء.

(‌الأوّل‌) ‌لو‌ تنازعا ‌في‌ أصل‌ الإجارة قدم‌ قول‌ منكرها بيمينه‌ فان‌ ‌كان‌ ‌قبل‌ استيفاء ‌شيء‌ ‌من‌ المنفعة ‌أو‌ العمل‌ ‌فلا‌ ‌شيء‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ بعده‌ ‌أو‌ ‌بعد‌ ‌شيء‌ ‌منه‌ فان‌ ‌كان‌ المنكر المالك‌ ‌كان‌ ‌له‌ اجرة المثل‌ و ‌لا‌ يستحق‌ الزائد عليها ‌من‌ المسمي‌ ‌ألذي‌ يدعيه‌ مدعي‌ الإجارة و ‌إن‌ وجب‌ ‌عليه‌ باعترافه‌ و حسب‌ اعتقاده‌ ‌إن‌ يوصله‌ ‌إلي‌ المالك‌ و ‌لو‌ ‌من‌ ‌حيث‌ ‌لا‌ يعلم‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ المنكر ‌هو‌ المتصرف‌ قدم‌ ‌قوله‌ و وجب‌ ‌عليه‌ ‌إن‌ يدفع‌ بدل‌ المثل‌ للمالك‌ فان‌ زاد ‌علي‌ المسمي‌ ‌ألذي‌ يدعيه‌ ‌لم‌ يجز ‌له‌ أخذه‌ و لزم‌ ‌علي‌ المتصرف‌ ‌إن‌ يوصله‌ ‌إليه‌ بأي‌ نحو ‌كان‌.

(‌الثاني‌) ‌لو‌ اتفقا ‌علي‌ ‌إن‌ المتصرف‌ مأذون‌ باستيفاء المنفعة و المالك‌ يدعي‌ الإجارة و الآخر يدعي‌ العارية و أصالة الاحترام‌ اي‌ ‌عدم‌ البذل‌ و الاذن‌ بلا عوض‌ تقضي‌ بتقديم‌ قول‌ ‌الأوّل‌ و أصالة براءة ذمة المتصرف‌ تقضي‌ بتقديم‌ ‌قوله‌ فيتحالفان‌ و تثبت‌ بعده‌ اجرة المثل‌ ‌علي‌ قاعدة باب‌ التداعي‌.

(الثالث‌) ‌لو‌ تنازعا ‌في‌ قدر الأجرة ‌أو‌ قدر المأجور ‌أو‌ مدة الإجارة ‌أو‌ ‌في‌ أصل‌ الشرط ‌أو‌ ‌في‌ قدره‌ يقدم‌ قول‌ منكر الزيادة و منكر شرط ‌مع‌ يمينه‌ ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ الشرط ‌مما‌ يقتضيه‌ عقد الإجارة كالمحافظة ‌علي‌ العين‌ ‌من‌ لص‌ ‌أو‌ ذئب‌ و نحوه‌.

 (الرابع‌) ‌لو‌ تنازعا ‌في‌ تلف‌ العين‌ و عدمه‌ قدم‌ قول‌ منكر التلف‌ بيمينه‌ ‌علي‌ قاعدة المنكر و المدعي‌، و لكنهم‌ قدموا هنا قول‌ المستأجر ‌إذا‌ ادعي‌ التلف‌ لأنه‌ أمين‌، و ‌لو‌ تنازعا ‌إن‌ التلف‌ ‌كان‌ ‌عن‌ تعد ‌أو‌ تفريط قدم‌ أيضاً قول‌ منكره‌ ‌مع‌ اليمين‌ أيضاً.

(الخامس‌) ‌لو‌ تنازعا ‌في‌ ‌إن‌ المأجور ‌هذه‌ الدار ‌أو‌ تلك‌ ‌أو‌ ‌أنّه‌ دار ‌أو‌ دكان‌ ‌أو‌ بغل‌ ‌أو‌ فرس‌ و هكذا ‌أو‌ ‌إن‌ حمل‌ المتاع‌ ‌إلي‌ (بغداد) ‌أو‌ (البصرة) ‌أو‌ ‌إن‌ الخياطة ‌علي‌ قباء ‌أو‌ قميص‌ فكل‌ ‌ذلك‌ ‌من‌ باب‌ التداعي‌ يتحالفان‌ و تثبت‌ اجرة المثل‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌بعد‌ العمل‌ و الا ‌فلا‌ ‌شيء‌.

‌نعم‌ ‌لو‌ اختلفت‌ صورة الدعوي‌ ‌كما‌ ‌لو‌ حمل‌ المتاع‌ ‌إلي‌ بلد فأنكر المالك‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌هو‌ المستأجر ‌عليه‌ فالقول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ ‌أو‌ خاط الخياط القماش‌ قميصاً فأنكر الاذن‌ ‌أو‌ الإجارة ‌علي‌ ‌ذلك‌ فالقول‌ أيضاً ‌قوله‌ و يضمن‌ المتصرف‌ ‌كل‌ نقص‌ ‌أو‌ ضرر، اما ‌لو‌ ‌كان‌ ‌قبل‌ العمل‌ فهو ‌من‌ التداعي‌ ‌كما‌ ذكرنا.

(السادس‌) ‌لو‌ تنازعا ‌في‌ صحة الإجارة ‌أو‌ فسادها ‌بعد‌ الاتفاق‌ ‌علي‌ وقوع‌ العقد قدم‌ قول‌ مدعي‌ الصحة ‌كما‌ ‌في‌ سائر العقود.

(السابع‌) ‌إذا‌ اختلفا ‌في‌ رد العين‌ المأجورة فمقتضي‌ قضية ‌إن‌ المستأجر أمين‌ ‌إن‌ يقدم‌ ‌قوله‌ ‌في‌ الرد ‌كما‌ قدم‌ ‌في‌ دعوي‌ التلف‌ و كلاهما خلاف‌ الأصل‌ و لكنهم‌ هنا حكموا بتقديم‌ قول‌ المؤجر عملا بأصالة ‌عدم‌ الرد اي‌ استصحاب‌ بقائها ‌عند‌ المؤجر و ‌لم‌ يعملوا بهذا الأصل‌ ‌في‌ قضية التلف‌ ‌مع‌ ‌إن‌ الأمانة ‌في‌ المقامين‌ ثابتة و الأصل‌ فيهما جار و استخراج‌ وجه‌ الفرق‌ بينهما يحتاج‌ ‌إلي‌ مزيد تأمل‌.

(الثامن‌) ‌لو‌ اختلفا ‌في‌ المال‌ المردود ‌فقال‌ المستأجر ‌هذا‌ مالك‌، و ‌قال‌ المؤجر. ‌ليس‌ ‌هذا‌ مالي‌، فالقول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ و ‌إن‌ ‌قال‌ ‌بل‌ مالي‌ ‌ذلك‌ الشي‌ء ‌كان‌ ‌من‌ باب‌ التداعي‌، و صور النزاع‌ و الخلاف‌ كثيرة ربما يتعسر ضبطها ‌علي‌ التفصيل‌ و ‌لكن‌ «الضابط» ‌أنّه‌ كلما ‌كان‌ النزاع‌ بالأقل‌ و الأكثر ‌أو‌ دائر ‌بين‌ النفي‌ و الإثبات‌ فالقول‌ قول‌ منكر الأكثر و قول‌ النافي‌ ‌لا‌ المثبت‌، و مدعي‌ الأكثر يحتاج‌ ‌إلي‌ إثبات‌ ‌من‌ بينة و غيرها ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ أميناً فيقدم‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ و ‌كل‌ ‌ما ‌كان‌ النزاع‌ ‌بين‌ متباينين‌ فهو باب‌ التداعي‌ و التحالف‌.

(التاسع‌) مقتضي‌ القواعد الأولية ‌إن‌ ‌من‌ استؤجر ‌علي‌ عمل‌ كخياطة ‌أو‌ كتابة ‌أو‌ صوم‌ ‌أو‌ صلاة و بقية شئون‌ ‌هذه‌ المباحث‌ موكولة ‌إلي‌ (كتاب‌ القضاء) ‌كما‌ ‌أنّه‌ ‌قد‌ بقيت‌ ‌من‌ (كتاب‌ الإجارة) عدة مسائل‌ جد مهمة ذكرها فقهاؤنا ‌في‌ مؤلفاتهم‌ المتوسطة فضلا ‌عن‌ الموسوعات‌ رأينا ‌إن‌ ذكرها يخرج‌ بنا ‌إلي‌ البسط ‌ألذي‌ ربما ‌لا‌ ‌يكون‌ مرغوباً ‌في‌ ‌هذه‌ العصور ‌الّتي‌ توفرت‌ ‌فيها‌ العلوم‌، و تكثرت‌ الفنون‌، و ازدحمت‌ الاعمال‌، ‌حتي‌ ضاق‌ مجال‌ الفكر و الخيال‌، ‌علي‌ سعته‌ ‌عن‌ استيعابها، و لنكتف‌ بهذا المقدار ‌من‌ مباحث‌ الإجارة سائلين‌ الحق‌ جل‌ شأنه‌ ‌أن‌ يوفقنا لتحرير باقي‌ كتب‌ (المجلة) بمنه‌ و كرمه‌.

اللهم‌ عليك‌ توكلنا و إليك‌ أنبنا و إليك‌ المصير.

(و يتلوه‌ كتاب‌ الكفالة ‌إن‌ شاء اللّه‌)


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما