دوشنبه 17 ارديبهشت 1403  
 
 
الفصل‌ الرابع‌ ‌في‌ إجارة الآدمي‌
الفصل‌ الرابع‌ ‌في‌ إجارة الآدمي‌

  


(مادة: 562) ‌يجوز‌ إجارة الآدمي‌ للخدمة ‌أو‌ لإجراء صنعة ببيان‌ مدة ‌أو‌ بتعيين‌ العمل‌ بصورة أخري‌.

‌هذا‌ البيان‌ ‌غير‌ كاف‌ و ‌لا‌ شاف‌، و تحرير ‌هذا‌ البحث‌ ‌إن‌ إجارة الإنسان‌ حراً ‌أو‌ عبداً اما ‌إن‌ تقع‌ ‌علي‌ الخدمة، و بعبارة اجلي‌ يستأجره‌ ‌علي‌ ‌إن‌ تكون‌ ‌كل‌ منافعه‌ ‌له‌ فيستعمله‌ ‌في‌ ‌كل‌ ‌ما يريد ‌من‌ حوائجه‌ و ‌لا‌ محيص‌ ‌في‌ مثل‌ ‌هذه‌ الإجارة ‌من‌ تعيينها بالمدة سنة معينة ‌أو‌ شهراً معيناً منجزة ‌أو‌ مضافة.

و امّا ‌إن‌ تقع‌ ‌علي‌ عمل‌ معين‌ مخصوص‌ ‌من‌ كتابة ‌أو‌ خياطة ‌أو‌ حياكة ‌فلا‌ بد هنا ‌من‌ تحديد العمل‌ و محل‌ العمل‌ اي‌ ‌ما يعمل‌ ‌فيه‌ ‌من‌ خياطة ثوب‌ ‌أو‌ (جبة) ‌أو‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌، اما الزمان‌ فان‌ عينه‌ تعين‌ و ‌إن‌ أطلق‌ انصرف‌ ‌إلي‌ المتعارف‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ فاللازم‌ ‌إن‌ يعمله‌ ‌بعد‌ العقد بلا فصل‌ و ‌يكون‌ ‌له‌ الاشتغال‌ بمقدار ‌ما يقدر ‌له‌ أهل‌ الصنعة مثلا صياغة القلادة ‌في‌ أسبوع‌ و صياغة الخاتم‌ ‌في‌ يوم‌ و هكذا فان‌ ‌لم‌ ينضبط بذلك‌ بطل‌ كونه‌ اجارة و صح‌ جعالة بالمسمي‌ فان‌ ‌لم‌ يكن‌ جعالة استحق‌ ‌لو‌ عمل‌ اجرةالمثل‌ ‌كما‌ ‌في‌ مادة (563) ‌لو‌ خدم‌ أحد آخر ‌علي‌ طلبة ‌من‌ دون‌ مقاولة أجرة فله‌ اجرة المثل‌، لانه‌ بعدم‌ تعيين‌ الأجرة ‌لم‌ يقع‌ اجارة و ‌لا‌ جعالة فله‌ اجرة المثل‌ سواء ‌كان‌ ممن‌ يخدم‌ بالأجرة ‌أو‌ ‌لا‌، و ‌لا‌ وجه‌ لتقييده‌ بالأول‌ ‌كما‌ ‌في‌ (المجلة) فان‌ عمل‌ المسلم‌ محترم‌ و ‌هو‌ ‌غير‌ متبرع‌ حسب‌ الفرض‌.

‌نعم‌ ‌لو‌ خدم‌ بغير طلب‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌له‌ حق‌ المطالبة بالأجرة لأنه‌ متبرع‌ سواء ‌كان‌ كبيراً ‌أو‌ صغيراً خلافاً لبعض‌ ‌من‌ الزم‌ ‌بها‌ ‌في‌ ‌الثاني‌ دون‌ ‌الأوّل‌ و ‌هو‌ تحكم‌، و ‌لو‌ اختلفا ‌في‌ الطلب‌ فادعاه‌ الخادم‌ و أنكره‌ المخدوم‌ حلف‌ و ‌لا‌ حق‌ الا ‌إذا‌ أقام‌ ‌الأوّل‌ البينة ‌كما‌ ‌في‌ نظائرها، اما ‌لو‌ اعترف‌ بالطلب‌ و ‌قال‌: قصدت‌ ‌إن‌ تعمل‌ لي‌ متبرعاً، و ‌قال‌ الآخر: انا ‌ما عملت‌ بقصد التبرع‌ ‌بل‌ يقصد الأجرة يحلف‌ لأنه‌ أعرف‌ بقصده‌ ‌ألذي‌ ‌عليه‌ المدار ‌لا‌ ‌علي‌ قصد الطالب‌ و يأخذ الأجرة.

و ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌ مادة (564) ‌لو‌ ‌قال‌ أحد لآخر اعمل‌ ‌هذا‌ العمل‌ أكرمك‌ و ‌لم‌ يبين‌ مقدار ‌ما يكرمه‌ ‌به‌ فعمل‌ العمل‌ المأمور ‌به‌ استحق‌ أجر المثل‌،

‌لما‌ عرفت‌ ‌من‌ ‌أنّه‌ ‌ليس‌ اجارة و ‌لا‌ جعالة.

و «الضابطة العامة» ‌إن‌ ‌كل‌ عمل‌ متقوم‌ لشخص‌ ‌أو‌ ‌في‌ مال‌ شخص‌ ‌عن‌ اذن‌ ‌منه‌ فللعامل‌ اجرة المثل‌ ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ إجارة ‌أو‌ جعالة فالمسمي‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ تبرعاً ‌فلا‌ ‌شيء‌.

و ‌منه‌ مادة (565) ‌لو‌ استخدم‌ العملة ‌من‌ دون‌ تسمية اجرة تعطي‌ أجرتهم‌ ‌إن‌ ‌كانت‌ معلومة و الا فاجر المثل‌،

‌لأن‌ الإطلاق‌ ‌مع‌ المعلومية ينصرف‌ إليها و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌لا‌ يخلو ‌من‌ نظر و معاملة ‌من‌ يماثلهم‌ ‌علي‌ ‌هذا‌

الوجه‌ ‌أيضا‌.

(مادة: 566) ‌لو‌ عقدت‌ الإجارة ‌علي‌ ‌إن‌ يعطي‌ للأجير شيئاً ‌من‌ القميات‌ ‌لا‌ ‌علي‌ التعيين‌ يلزم‌ أجر المثل‌

مثلا‌-‌ ‌لو‌ ‌قال‌ الأجر لآخر ‌إن‌ خدمتني‌ ‌كذا‌ أياماً أعطيتك‌ بقرتين‌ ‌لا‌ يلزم‌ البقر للجهالة و يلزم‌ اجرة المثل‌، و ‌لا‌ فرق‌ ‌بين‌ ‌هذا‌ و ‌بين‌ استئجار الظئر‌-‌ و ‌هي‌ المرضعة‌-‌ فلو استأجرها ‌علي‌ ‌إن‌ يعمل‌ لها ألبسه‌ ‌لا‌ يصح‌ الا ‌إذا‌ وصف‌ الألبسة ‌بما‌ يرفع‌ جهالتها ‌كما‌ يصح‌ ‌في‌ الفرع‌ المتقدم‌ ‌لو‌ وصف‌ البقرتين‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ توصف‌ الألبسة و ‌لم‌ تعرف‌ ‌كانت‌ باطلة و ‌لو‌ أرضعت‌ بهذه‌ الصورة ‌كان‌ لها أجر المثل‌، و قول‌ (المجلة) يلزم‌ ‌من‌ الدرجة الوسطي‌ ‌لا‌ وجه‌ ‌له‌، و ‌من‌ اقيسة امام‌ الحنفية ‌أنّه‌ ‌قال‌: ‌يجوز‌ استيجارها بألبسة مجهولة و عوض‌ مجهول‌ ‌لأن‌ محبة الآباء الزائدة لأبنائهم‌ تجعلهم‌ يحنون‌ ‌علي‌ الظئر فيعطونها أكثر ‌مما‌ تستحق‌، ‌لأن‌ الإجارة ‌لا‌ تفسد للجهالة ‌بل‌ للجهالة الموجبة للنزاع‌ و الجهالة هنا ‌لا‌ توجب‌ نزاعاً، ا ه.

و ‌هذا‌ نظير ‌ما يقولون‌: سبك‌ مجاز بمجاز و غلط ‌في‌ غلط، و ‌هو‌ ممنوع‌ صغري‌ و كبري‌، فان‌ الآباء و ‌إن‌ كانوا يحبون‌ أولادهم‌ و لكنهم‌ يجازفون‌ بأموالهم‌ و يتنازعون‌ ‌علي‌ ‌ما ‌هو‌ أقل‌ ‌من‌ ‌ذلك‌ و الشارع‌ ‌قد‌ منع‌ ‌من‌ مطلق‌ الجهالة حماية للحمي‌ ‌حتي‌ ‌لا‌ يصل‌ الأمر ‌إلي‌ الجهالة الموجبة للنزاع‌ فتدبره‌ جيداً.

(مادة: 567) العطية ‌الّتي‌ تعطي‌ للخدمة ‌من‌ الخارج‌ ‌لا‌ تحسب‌ ‌من‌ الأجرة.

‌هذا‌ واضح‌ ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ بيانه‌ لأنها عطية للخادم‌ ‌لا‌ للمخدوم‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌علي‌ حسابه‌.

(مادة: 568) ‌لو‌ استؤجر أستاذ لتعليم‌ علم‌ ‌أو‌ صنعة ‌فإن‌ ذكرت‌ مدة انعقدت‌ الإجارة ‌علي‌ المدة

و الأستاذ يستحق‌ الأجرة بكونه‌ حاضراً ‌أو‌ مهيأ للتعليم‌ قرأ التلميذ ‌أو‌ ‌لم‌ يقرأ، و ‌إن‌ ‌لم‌ تذكر مدة انعقدت‌ فاسدة و ‌علي‌ ‌هذه‌ الصورة ‌إن‌ قرأ التلميذ فالأستاذ يستحق‌ الأجرة و الا ‌فلا‌.

يعني‌ يستحق‌ اجرة المثل‌ ‌علي‌ تعليمه‌، و ‌علي‌ ‌هذا‌ فاستئجار المعارف‌ طائفة ‌من‌ المعلمين‌ براتب‌ شهري‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ المدة معلومة بأجمعها يمكن‌ تصحيحه‌ بأن‌ الإجارة حسب‌ القصد الارتكازي‌ و التعامل‌ الجاري‌ ‌يكون‌ ‌علي‌ ‌كل‌ شهر برأسه‌ فتكون‌ المدة بهذا معلومة و ‌يكون‌ دفع‌ الراتب‌ ‌عن‌ أشهر العطلة كشرط ضمني‌.

و «الحاصل‌» ‌إن‌ الإجارة تقع‌ ‌علي‌ ‌كل‌ حصة ‌من‌ الزمن‌ فيكفي‌ معرفة الحصة و يقدح‌ ‌عدم‌ معرفة جميع‌ الحصص‌ ‌من‌ المستقبل‌.

(مادة: 569) ‌من‌ اعطي‌ ولده‌ الأستاذ ليعلمه‌ صنعة ‌من‌ دون‌ ‌إن‌ يشترط بينهما اجرة

فبعد تعلم‌ الصبي‌ يعمل‌ بعرف‌ البلدة و عادتها و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ عرف‌ فاجرة المثل‌.

(مادة: 570) ‌لو‌ استأجر أهل‌ قرية معلماً ‌أو‌ إماماً للصلاة ‌أو‌ مؤذناً و ‌أو‌ ‌في‌ خدمته‌ يأخذ ‌من‌ أجرته‌ ‌من‌ أهل‌ تلك‌ القرية.

‌هذا‌ ‌مما‌ ‌لا‌ اشكال‌ ‌فيه‌ فيجمعونها ‌من‌ افرادهم‌ ‌علي‌ حسب‌ العادة فيما بينهم‌ ‌أو‌ ‌علي‌ مقدار سعة ‌كل‌ واحد منهم‌ ‌إنّما‌ الإشكال‌ ‌في‌ صحة مثل‌ ‌هذه‌الإجارة و ‌هي‌ ‌مسأله‌ معروفة بالإشكال‌ و ‌من‌ معضلات‌ الفن‌ ‌عند‌ الفقهاء و ‌هي‌ ‌مسأله‌ أخذ الأجرة ‌علي‌ الواجبات‌ و ‌حيث‌ ‌إن‌ [المجلة] ‌لم‌ تتعرض‌ لهذا البحث‌ ‌مع‌ ‌أنّه‌ ‌من‌ مهمات‌ مباحث‌ الإجارة و ‌كان‌ حقه‌ ‌إن‌ يذكر هنا أي‌ ‌في‌ إجارة الآدمي‌ ‌أو‌ ‌في‌ شرائط العمل‌ المستأجر ‌عليه‌، و موجز القول‌ ‌فيه‌ ‌إن‌ الواجب‌ ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ عينياً ‌أو‌ كفائياً و ‌كل‌ منهما ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ تعبدياً ‌أو‌ توصلياً و ‌كل‌ منهما ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ وجوبه‌ أصلياً ‌أو‌ عرضياً و ‌كل‌ منهما اما ‌إن‌ ‌يكون‌ واجباً ‌عليه‌ ‌أو‌ ‌علي‌ ‌غيره‌، فالواجبات‌ التوصلية بجميع‌ أنواعها سواء وجبت‌ ‌عليه‌ ‌أو‌ ‌علي‌ ‌غيره‌، ‌يجوز‌ أخذ الأجرة عليها مطلقاً لان‌ معني‌ التوصلي‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ يطلب‌ وجوده‌ ‌في‌ الخارج‌ كيف‌ اتفق‌ و ‌من‌ اي‌ داع‌ و سبب‌ ‌كان‌ فيجوز ‌إن‌ يستأجرك‌ غيرك‌ لتطهير ثوبه‌ ‌أو‌ ثوبك‌ للصلاة و غيرها ‌كما‌ ‌يجوز‌ ‌إن‌ تستأجره‌ لذلك‌ أيضاً و ‌كذا‌ الكلام‌ ‌في‌ سائر التوصليات‌ و اما التعبديات‌ و ‌هو‌ ‌ما ‌لا‌ يصح‌ الا بنية القربة أي‌ ‌لا‌ يحصل‌ امتثاله‌ ‌إلا‌ بإتيانه‌ بداعي‌ التقرب‌ اليه‌ ‌تعالي‌ ‌في‌ امتثال‌ امره‌ ‌فلا‌ يصح‌ أخذ الأجرة ‌عليه‌ حسب‌ القاعدة ‌لأن‌ الإتيان‌ ‌به‌ بداعي‌ القربة يتنافي‌ ‌مع‌ الإتيان‌ ‌به‌ بداعي‌ الأجرة سواء ‌كان‌ عينياً ‌أو‌ كفائياً كصلاة الظهر ‌أو‌ ‌الصلاة‌ ‌علي‌ الميت‌ و ‌كذا‌؟؟؟؟ ‌أو‌ تغسيل‌ الميت‌ ‌فلا‌ معني‌ لاستئجار شخص‌ يصلي‌ عنك‌ صلاة الظهر و يصلي‌ ‌علي‌ ميتك‌ ‌أو‌ يغسله‌ و الإجارة تكون‌ باطلة لاغية.

‌نعم‌ يستثني‌ ‌من‌ ‌ذلك‌ أخذ الأجرة للصوم‌ و ‌الصلاة‌ و الحج‌ نيابة ‌عن‌الميت‌ ‌ألذي‌ ثبت‌ بالدليل‌ ‌من‌ إجماع‌ و ‌غيره‌ صحته‌، و ‌قد‌ أعضل‌ ‌علي‌ الأساطين‌ تطبيق‌ ‌هذا‌ ‌الحكم‌ ‌علي‌ القواعد و تخريج‌ وجه‌ للجمع‌ ‌بين‌ داعي‌ القربة ‌ألذي‌ تتقوم‌ ‌به‌ روح‌ العبادة و داعي‌ الأجرة ‌ألذي‌ ‌لم‌ يأت‌ بالعمل‌ ‌عن‌ الغير لولاها و هما متنافيان‌ بالضرورة فكيف‌ الجمع‌ بينهما و الشرع‌ ‌لا‌ يصحح‌ المستحيل‌؟ و ‌قد‌ ذكروا لذلك‌ وجوهاً متعددة ‌لا‌ يخلو أكثرها ‌من‌ نظر و ‌هي‌ موكولة ‌إلي‌ محلها.

و يلحق‌ بهذا المستحبات‌ التعبدية مطلقاً كصلاة النوافل‌ و قراءة القرآن‌ ‌فلا‌ يصح‌ ‌إن‌ تستأجر ‌من‌ يصلي‌ النافلة عنك‌ ‌أو‌ ‌عن‌ نفسه‌ ‌أو‌ يقرأ القرآن‌ ‌له‌ ‌أو‌ لك‌ ‌أو‌ ‌لو‌ لديك‌ و لكنهم‌ جوزوا النيابة ‌عن‌ الغير حي‌ ‌أو‌ ميت‌ ‌في‌ عامة المستحبات‌ ‌حتي‌ الحج‌ و ‌لم‌ يمنعوه‌ ‌إلا‌ ‌في‌ الصوم‌ و ‌الصلاة‌ ‌عن‌ الحي‌ ‌فلا‌ يصح‌ ‌إن‌ تستأجر ‌من‌ يصوم‌ عنك‌ شهر رجب‌ ‌أو‌ شعبان‌ ‌أو‌ يصلي‌ لك‌ صلاة النافلة ‌أو‌ صلاة التراويح‌.

‌نعم‌ ‌يجوز‌ استيجاره‌ ليزور عنك‌ ‌أو‌ يحج‌ ‌أو‌ يقرأ القرآن‌ و هكذا سائر المستحبات‌ ‌الّتي‌ تصلح‌ ‌فيها‌ النيابة.

‌أما‌ الواجبات‌ الكفائية و المستحبات‌ الكفائية فقد أشير لك‌ انها أيضاً ‌علي‌ قسمين‌، تعبدية كصلاة الميت‌ و تغسيله‌، و توصلية دينية كتعليم‌ الاحكام‌ و تبين‌ مسائل‌ الحلال‌ و الحرام‌ و اقراء القرآن‌ و أمثالها، و توصلية دنيوية كالصنائع‌ و العلوم‌ مثل‌ علم‌ الطب‌ و سائر ‌ما تتوقف‌ ‌عليه‌ الحياة الاجتماعية ‌من‌ الحرف‌ و المهن‌ و الصناعات‌ فان‌ الجميع‌ واجب‌ كفائي‌ و لكنه‌ توصلي‌ دنيوي‌ ضرورة ‌إن‌ غرض‌ الشارع‌ وجوده‌ ‌علي‌ اي‌ نحو اتفق‌ ليستقيم‌ ‌به‌نظام‌ الهيئة الاجتماعية، و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ ‌الأوّل‌ أعني‌‌-‌ التعبدي‌‌-‌ ‌لا‌ ‌يجوز‌ أخذ الأجرة ‌عليه‌ مطلقاً، ‌نعم‌ تجوز الأجرة ‌علي‌ مقدماته‌ ‌أو‌ مستحباته‌ الغير العبادية ‌كما‌ ‌يجوز‌ أخذ الأجرة ‌علي‌ قسم‌ التوصليات‌ ‌منه‌ مطلقاً، و ‌قد‌ اتضح‌ لك‌ بهذا البيان‌ ‌إن‌ أخذ الأجرة ‌علي‌ تعليم‌ أهل‌ القرية و امامة ‌الصلاة‌ و الأذان‌ للإعلام‌ بالوقت‌ ‌لا‌ لصلاة نفسه‌ جائز و الإجارة صحيحة ‌علي‌ الأقرب‌ ‌في‌ رأيي‌ و ‌إن‌ منع‌ ‌منه‌ جماعة ‌من‌ العلماء و ‌هو‌ الا وفق‌ بالاحتياط.

فان‌ قيل‌: ‌أنّه‌ ‌يجب‌ قيام‌ العالم‌ و المؤذن‌ و المقري‌ بمثل‌ ‌هذه‌ الشعائر الدينية و ‌لو‌ ‌لا‌ ‌ذلك‌ لذهب‌ الدين‌ و تعطلت‌ الاحكام‌.

قلنا: ‌نعم‌ ‌لا‌ ريب‌ ‌في‌ وجوب‌ ‌كل‌ ‌ذلك‌ و ‌لكن‌ وجوباً كفائياً توصلياً لان‌ الغرض‌ حفظ الدين‌ و نشر الاحكام‌ و ‌لا‌ ينافيه‌ أخذ الأجرة ‌بعد‌ ‌إن‌ ‌كان‌ المهم‌ نفس‌ وقوعها، ‌نعم‌ ‌هو‌ مكروه‌ كراهة شديدة سيما ‌في‌ تعليم‌ القرآن‌ لقوله‌ ‌عليه‌ ‌الصلاة‌ و ‌السلام‌ (أقروا القرآن‌ و ‌لا‌ تأكلوا ‌به‌) سواء ‌كان‌ ‌من‌ باب‌ الفعل‌ ‌أو‌ الافعال‌، و أشد ‌منه‌ إمامة الجماعة ‌بل‌ ‌لا‌ تخلو صحة ‌الصلاة‌ معه‌ ‌من‌ اشكال‌، ‌نعم‌ ‌لا‌ كراهة لمن‌ دفع‌ ولده‌ لمن‌ يعلمه‌ القرآن‌ ‌إن‌ يكرمه‌ و يحسن‌ اليه‌ و ‌لكن‌ ‌لا‌ بنحو الأجرة و ‌يجوز‌ للمعلم‌ الأخذ خصوصاً ‌إذا‌ ‌كان‌ فقيراً و ‌لا‌ مهنة ‌له‌ سوي‌ ‌ذلك‌، و كذلك‌ قراءة القرآن‌ لأرواح‌ الأموات‌ فينبغي‌ للناس‌ ‌إن‌ يعطوهم‌ و ينبغي‌ ‌بل‌ ‌يجب‌ ‌علي‌ هؤلاء القراء و المعلمين‌ ‌إن‌ ‌لا‌ يماكسوهم‌.

و ‌قد‌ حررنا ‌هذا‌ البحث‌ ‌علي‌ جري‌ القلم‌ ‌من‌ دون‌ تجديد مراجعة و استقراء فعليك‌ ايها الطالب‌ الاستقصاء التام‌ ‌في‌ مظانه‌، و اللّه‌ ولي‌التوفيق‌.

(مادة: 571) الأجير ‌ألذي‌ استأجر ‌علي‌ ‌إن‌ يعمل‌ بنفسه‌ ‌ليس‌ ‌له‌ ‌إن‌ يستعمل‌ ‌غيره‌، إلخ‌ ..

‌قد‌ تكرر بيان‌ ‌هذا‌ و ‌أنّه‌ ‌من‌ الإجارة الشخصية فلو تجاوز منطوقها، و تعدي‌ ‌عن‌ نصها ‌لم‌ يستحق‌ الأجرة و ‌كان‌ ضامناً ‌لو‌ تلفت‌ العين‌ المستأجر ‌علي‌ العمل‌ ‌بها‌، و ‌هي‌ قضية مطردة سيالة ‌في‌ جميع‌ الأعمال‌ مقيدة تارة و مطلقة أخري‌ و لكل‌ حكمه‌، و ‌قد‌ أشار ‌إلي‌ المطلقة ‌في‌ مادة (572) ‌لو‌ أطلق‌ حين‌ الاستئجار فللمستأجر ‌أن‌ يستعمل‌ ‌غيره‌، و مادة (573) قول‌ المستأجر للأجير اعمل‌ ‌هذا‌ الشغل‌ إطلاق‌، فلو ‌قال‌ للخياط: خط ‌هذه‌ (الجبة) بكذا، ‌عن‌ دون‌ تقييد بنفسك‌ ‌أو‌ بالذات‌ و خاطها الخياط بخليفته‌ ‌أو‌ خياط آخر يستحق‌ المسمي‌ و ‌إن‌ تلفت‌ بلا تعد ‌لا‌ يضمن‌.

‌حيث‌ ‌لا‌ تكون‌ هناك‌ قرينة حال‌ ‌أو‌ مقال‌ بإرادته‌ نفس‌ الخياط ‌كما‌ ‌لو‌ ‌كان‌ استاداً ماهراً ‌أو‌ ‌ما أشبه‌ ‌ذلك‌ و الا ضمن‌ بدفعها للغير.

[مادة: 574] ‌كل‌ ‌ما ‌كان‌ ‌من‌ توابع‌ العمل‌ و ‌لم‌ يشترط ‌علي‌ الأجير يعتبر ‌فيه‌ عرف‌ البلدة و عادتها

‌كما‌ ‌إن‌ العادة ‌إن‌ الخيط ‌علي‌ الخياط، و مثله‌ ‌في‌ ‌إن‌ المتبع‌ ‌هو‌ العرف‌ و العادة مادة (575) يلزم‌ الحمال‌ إدخال‌ الحمل‌ ‌إلي‌ الدار و ‌لكن‌ ‌لا‌ يضعه‌ ‌في‌ محله‌ مثلا‌-‌ ‌ليس‌ ‌علي‌ الحمال‌ إخراج‌ الحمل‌ ‌إلي‌ فوق‌ الدار و ‌لا‌ وضع‌ الذخيرة ‌في‌ الأنبار.

و مثلها‌-‌ مادة (576) ‌لا‌ يلزم‌ المستأجر إطعام‌ الأجير الا ‌إن‌ ‌يكون‌ عرف‌ البلدة كذلك‌.

و مادة (577) ‌إن‌ دور دلال‌ مالا و ‌لم‌ يبعه‌ ‌ليس‌ ‌له‌ اجرة

و ‌إذا‌ باعه‌ دلال‌ آخر ‌كانت‌ ‌له‌ الأجرة فقط.

(مادة: 578) ‌لو‌ اعطي‌ ماله‌ للدلال‌ و ‌قال‌: بعه‌ بكذا دراهم‌، فان‌ باعه‌ الدلال‌ بأزيد ‌من‌ ‌ذلك‌ فالفاضل‌ أيضاً لصاحب‌ المال‌ و ‌ليس‌ الدلال‌ سوي‌ الأجرة.

و ‌لكن‌ الدلال‌ ‌في‌ بيعه‌ بالزائد الغير مأذون‌ ‌به‌ ‌يكون‌ فضولياً يحتاج‌ ‌إلي‌ الإجازة و تفسد الإجارة. و يستحق‌ اجرة المثل‌ ‌علي‌ بيعه‌، و ‌قد‌ ورد ‌في‌ حديث‌ عروة البارقي‌ نظير ‌هذا‌ ‌حيث‌ دفع‌ ‌له‌ النبي‌ ‌صلي‌ اللّه‌ ‌عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ درهمين‌ ليشتري‌ ‌له‌ بهما شاة فاشتري‌ شاتين‌، ‌نعم‌ يمكن‌ خروجه‌ ‌عن‌ الفضولي‌ بدعوي‌ العلم‌ بإذن‌ الفحوي‌ و ‌إن‌ المالك‌ يرضي‌ ببيع‌ ماله‌ بالزائد.

(مادة: 579) ‌لو‌ خرج‌ مستحق‌ ‌بعد‌ أخذ الدلال‌ أجرته‌ و ضبط المبيع‌ ‌أو‌ رد بعيب‌ ‌لا‌ تسترد اجرة الدلال‌.

‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ الدلال‌ عالماً بأنه‌ مستحق‌ للغير فإنه‌ ‌لا‌ يستحق‌ الأجرة ‌علي‌ معاملة باطلة ‌بل‌ ربما تكون‌ حراماً لأنها اعانة ‌علي‌ الإثم‌ ‌كما‌ ‌لو‌ باع‌ مال‌ الوقف‌ ‌مع‌ علمه‌ بوقفيته‌ ‌إلي‌ كثير ‌من‌ أمثاله‌.

(مادة: 580) ‌من‌ استأجر حصادين‌ ليحصدوا زرعه‌ ‌ألذي‌ ‌في‌ أرضه‌

و ‌بعد‌ حصادهم‌ مقداراً ‌منه‌ ‌لو‌ تلف‌ الباقي‌ بنزول‌ الحالوب‌ (البرد) ‌أو‌ بقضاء آخر فلهم‌ ‌إن‌ يأخذوا ‌من‌ الأجر المسمي‌ مقدار حصة ‌ما حصدوه‌ و ‌ليس‌ لهم‌ أخذ أجر الباقي‌.

 ‌هذه‌ المسألة سيالة كثيرة الفروع‌ موضوعها الكميات‌ المتصلة و المنفصلة اي‌ القارة و ‌غير‌ القارة ‌الّتي‌ مرّ نظيرها ‌في‌ البيع‌ و انها تنحل‌ ‌إلي‌ عقود متعددة فتصح‌ ‌في‌ الموجود الممكن‌ و تبطل‌ ‌في‌ المفقود المتعذر بخلاف‌ ‌ما ‌لو‌ ‌كان‌ عقداً واحداً بسيطاً فان‌ الكل‌ يعدم‌ بانعدام‌ ‌بعض‌ اجزائه‌.

و ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌ ‌لو‌ استأجره‌ ‌علي‌ خدمة سنة فخدمه‌ ستة أشهر و تمرض‌ فإنه‌ يستحق‌ نصف‌ الأجرة و هكذا ‌لو‌ استأجره‌ ‌علي‌ خياطة الثوب‌ فخاط نصفه‌ بخلاف‌ ‌ما ‌لو‌ استأجره‌ ‌علي‌ كون‌ الثوب‌ مخيطاً فإنه‌ أمر بسيط فلو خاط بعضه‌ ‌لم‌ يستحق‌ شيئاً و يتضح‌ ‌هذا‌ ‌في‌ مثل‌ السفر فتارة يستأجره‌ ‌علي‌ المسير ‌إلي‌ المدينة و اخري‌ ‌علي‌ كونه‌ ‌في‌ المدينة، و أوضح‌ ‌من‌ ‌هذا‌ ‌إن‌ يستأجره‌ ‌علي‌ الحج‌ و أداء المناسك‌ و اخري‌ ‌علي‌ تفريغ‌ ذمة أبيه‌ ‌من‌ الحج‌ ‌ألذي‌ اشتغلت‌ ‌به‌ ذمته‌، و ‌مع‌ ‌ذلك‌ فتمييز أحد النوعين‌ ‌عن‌ الآخر ‌في‌ ‌بعض‌ المقامات‌ ‌من‌ اعقد المشكلات‌.

(مادة: 581) ‌كما‌ ‌أنّه‌ للظئر فسخ‌ الإجارة ‌لو‌ مرضت‌

(و تستحق‌ اجرة ‌ما مضي‌) كذلك‌ للمسترضع‌ فسخها ‌إذا‌ مرضت‌ ‌أو‌ حملت‌ ‌أو‌ ظهر ‌بها‌ أحد العيوب‌ إلخ‌ ..

و ‌هو‌ واضح‌.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما