الفصل الثاني (في شروط انعقاد الإجارة و نفاذها)
شروط انعقادها هي شروط الصحة، و الإجارة عندنا إذا صحت لزمت و ليس فيها خيار ذاتي كخيار المجلس في البيع و خيار الحيوان و خيار التأخير- نعم تجري فيها الخيارات العامة كخيار العيب و الغبن و نحوها كما سيأتي.
أما شرائط الصحة فتارة بالنسبة إلي العقد و اخري إلي المتعاقدين و ثالثة إلي الأجرة و المنفعة، اما العقد فقد سبق القول فيه في الفصل الأوّل، و كان ينبغي إن تخص (المجلة) هذا الفصل لشرائط المتعاقدين و تخص الأوّل بشرائط العقد و لكنها أدخلت بعضا في بعض و خلطت في الفصلين بين شرائط هذا و ذاك ففاتها حسن التحرير و متانة التأليف، ففي مادة (444) يشترط في انعقاد الإجارة أهلية العاقدين يعني، كونهما عاقلين مميزين، ذكرت شرائط العاقدين من العقل و التمييز و أهلية التصرف بالملك أو الوكالة أو الولاية أو الوصية عن المالك و لكنها أقحمت في خلال ذلك مادة (445) المشتملة علي ما هو من شرائط العقد و هو اشتراط موافقة الإيجاب و القبول و اتحاد مجلس العقد و كان حق هذا إن يذكر في الفصل الأوّل.
و كيف كان فلا ريب في فساد عقد المجنون حال جنونه عند الجميع و هوعند الإمامية من الشرائط العامة المعتبرة في صحة كل عمل من عبادة أو معاملة و أولها العقل، و ثانيها البلوغ، و لكن بعض فقهاء المذاهب يكتفون بالتمييز عن البلوغ فتصح عندهم معاملة الصبي المميز، أما الإمامية فبين قائل بالبطلان مطلقاً و هم الأكثر و بين قائل انها موقوفة علي اجازة الولي فيشبه الفضولي من هذه الجهة و إن كان العاقد مالكا، و هذا القول سديد و لعل القائل به كثير حتي من فقهاء المذاهب كالاحناف و غيرهم و قيل بنفوذه مطلقاً أو في خصوص الوصية و نحوها مما ورد النص به و القائل به منا قليل.
اما توافق الإيجاب و القبول فهو شرط ضروري و ركني فلو وقع القبول علي غير ما وقع الإيجاب عليه لم يقع عقد أصلًا، اما اتحاد مجلس العقد فغير لازم لا هنا و لا في البيع انما اللازم فيهما كما مرت الإشارة إليه في البيع- الموالاة بين الإيجاب و القبول- و تحصل بحفظ الهيئة الاتصالية بينهما بحيث لا يعد القبول مبتوراً عن الإيجاب ككلام مستقل و قد أوضحناه في (الجزء الأوّل) مفصلًا فراجع، فإذا حصل التوالي بين الإيجاب و القبول صح العقد من هذه الجهة سواء اتحد مجلس العقد أم تعدد فلو أوجب المؤجر في غرفة ثم قاما مصطحبين إلي غرفة قريبة و قبل المستأجر حصل التوالي و إن تعدد مجلس العقد و هو واضح.
(مادة: 446) يلزم إن يكون الآجر متصرفا بما يؤجره أو وكيل المتصرف أو وليه أو وصيه،،،
هذه المادة لبيان أهم شرائط الإجارة كما كانت أهم شرائط البيع و هي اعتبار ملكية المؤجر أو وكالته أو ولايته عنالمالك و لكن قولها بناء عليه يلزم إن يكون الأجر إلي الآخر- لا يظهر وجهه فان هذا شرط برأسه لا علاقة له بالمادة السابقة عليه و هي موافقة الإيجاب و القبول و كان حق المعني و التعبير إن تقول: يلزم إن يكون الآجر له حق التصرف في المأجور بملك أو ولاية أو وكالة أو وصية، و أنواع الولاية ستة.
1-: ولاية الأب و الجد علي الصغير.
2-: ولاية القيم المنصوب منهما.
3-: ولاية الوصي علي الثلث.
4-: متولي الوقف.
5-: الحاكم الشرعي و منصوبه علي الصغير ألذي لاولي له من أب أوجد أو منصوبهما و علي الغائب و المجنون و الممتنع.
6-: ولاية الامام علي الأراضي الخراجية و الأنفال و نحوها.
اما الأمانات فإذن لا ولاية فتدبرها.
و هذه الولايات بعضها مع بعض قد تكون طولية و قد تكون عرضية فإذا اجتمع وليان أو أكثر كأب و جد نفذ تصرف السابق منها و بطل اللاحق و إذا اقترنا بطلا حيث لا يمكن الجمع.
و من العي في البيان قولهم يلزم إن يكون الآجر متصرفاً اي مالكا للتصرف فتدبره.
(مادة: 447) انعقاد إيجار الفضولي موقوف علي اجازة المتصرف،
فان كان المتصرف صغيراً أو مجنوناً فالولي أو الوصي بشرط إن يكون
قد أوجر بأجر مثله، لكن يشترط في صحة الإجازة قيام و بقاء أربعة أشياء- العاقدين، و المال المعقود عليه، و بدل الإجارة إن كان من العروض و إذا عدم أحد هؤلاء فلا تصح الإجازة.
يعني انها موقوفة علي اجازة المالك فلو كان المالك صغيراً أو مجنوناً فالولي أو الوصي إذا كانت الإجارة ببدل المثل- و الاولي إن يقال إذا كانت الإجارة موافقة للغبطة و المصلحة إذ قد تكون الغبطة فبما دونه، و علي كل فيعتبر في صحة الإجازة و نفوذها بقاء أمرين فقط- المنفعة و الأجرة- إن كانت عيناً خارجية لا ديناً في الذمّة اما العاقد الفضولي فلا أثر لبقائه و عدمه إذ هو آلة للتلقط فقط، و أما المعقود له الأصيل فالأصح أيضاً اعتبار بقائه علي الأهلية من الحياة و العقل و غيرها و إن أمكن المناقشة في ذلك فليتدبر.