(الفصل الرابع) خيار التعيين
هاهنا (كما يقول العوام) تسكب العبرات، و هذا هو المحزن المؤسف إن يسف العلم هذا الاسفاف، و ما ادري كيف اشتبه الأمر علي أرباب (المجلة) الأفاضل فخلطوا هذا الخلط الشاين، و خبطوا هذا الخبط المزري فان الخيار ألذي يبحث عنه الفقهاء في باب المعاملات هو كما عرفت السلطنة علي فسخ العقد و إبقائه لأحد المتعاقدين أو لكل منهما أو لا جنبي، و هذا الخيار ألذي ذكروه هنا و سموه خيار التعيين لا علاقة له بهذا المعني أصلااللهم الا تشابه الاسم فقط علي أنّه فرق في الاصطلاح بين الخيار و التخيير فان الخيار المزبور عبارة عن تخيير البائع إن يدفع أحد الأشياء المعينة أو يتخير المشتري إن يأخذ ما شاء منها فأي ربط لهذا بقضية فسخ العقد أو إمضائه و لو صح لنا إن نعد هذا في الخيارات لصح لنا إن نعد من جملة الخيارات خيار الكفارة فإن المكلف بالكفارة مخير بين العتق و الإطعام و الصيام، و خيار المديون في أداء دينه و بائع الكلي مخير في دفع اي مصداق من مصاديقه. و هلم جرا إلي ما لا يحصي و لا يعد، و هذه لعمر الحق مهزلة من المهازل عند أهل العلم المعقم و أرباب الفن الصحيح، و علي كل، فان هذا تخيير لا خيار و لزوم في العقد لا جواز كما هو واضح لأول نظرة، هاك فانظر.
(مادة: 316) لو بين البائع أثمان شيئين أو أشياء من القيميات كلا علي حده
علي إن المشتري يأخذ أيا شاء بالثمن ألذي بينه له و البائع يعطي أيا أراد كذلك صح البيع استحسانا و هذا يقال له خيار التعيين.
الكلام هنا يتجه إلي جهتين.
الاولي-: هل إن هذا خيار علي غرار سائر الخيارات المذكورة في أبواب العقود و المعاملات و قد عرفت أنّه أجنبي عن ذلك بالمرة فلا فسخ و لا إمضاء و لا سلطنة علي عقد و لا علي عين، و اقحامه هنا كاقحام المسمار في الجدار.
الثانية-: علي علاته هل هو صحيح أو فاسد، و لعله مر عليك منا غير مرة إن مثل هذا البيع باطل عند جمهور الإمامية و قد اتفقوا علي إن بيع عبدمن عبدين باطل و إن تساويا في جميع الصفات و الحيثيات و لا يقول بصحته منا الا الشاذ النادر (إن كان) كل ذلك لانه غرر و بيع الغرر باطل و قد عرفت قريباً إن دائرة الغرر شرعاً أوسع منها عرفاً، بل الحق انهما متساويان و ليس للشارع في الغرر اصطلاح خاص و وضع جديد و لكن العرف يتسامحون فيرتكبون و الشرع لا يسامح و لا يتسامح، و سبق أيضاً إن المعلومية بالعين و المقدار و الوصف و الوجود و الحصول شرط في البيع مطلقاً، إذاً فهو مضافا إلي أنه أجنبي عن أنواع الخيار بالمرة بيع فاسد عندنا ليس له أي أثر و اللازم إن يكون فاسدا عند أرباب (المجلة) أيضاً بمقتضي مادة (213) المتقدمة بيع المجهول فاسد إلي آخرها و هو ينطبق علي ما نحن فيه تماماً بملاك مطلق الجهالة و إن كانت هناك أشد، و لكنهم هنا حكموا بالصحة و رتب بعض الشراح علي المشتري أحكاماً تسعة و علي البائع سبعة مثل ما في مادة (317) يلزم في خيار التعيين تعيين المدة أيضاً، و مادة (318) من له خيار التعيين يلزم عليه إن يعين الشيء ألذي يأخذه في انقضاء المدة الّتي عينت و لا نجد فائدة في التعرض لباقيها بعد إن كان أصل خيار التعيين لا أصل له و هو عندنا كما عرفت بيع فاسد للجهالة و لا علاقة له بمسائل الخيار بتاً.
انظر- مادة (319) خيار التعيين ينتقل إلي الوارث
مثلا لو أحضر البائع ثلاثة أثواب أعلي و أوسط و ادني من جنس واحد و بين لكل منها ثمناً علي حده و باع أحدها لا علي التعيين علي إن المشتري في مدة ثلاثة أيام أو أربعة أيام يأخذ أيها شاء بالثمن ألذي تعين له و قبل المشتري علي هذاالمنوال انعقد البيع و في انقضاء المدة المعينة يجبر المشتري علي تعيين أحدهما و دفع ثمنه فلو مات قبل التعيين يكون الوارث أيضاً مجبوراً علي تعيين أحدها و دفع ثمنه،،، و ليت شعري إذا كانت القضية بهذه الصورة و تنتهي إلي الجبر فأين الخيار؟
ثم إذا كانت مثل هذه الجهالة غير ضائرة في صحة العقد فتخصيص الجواز في القيميات تحكم لا وجه له و تخصيص بعضهم له بثلاثة أشياء فقط كما نقل بعض الشراح أيضاً لا وجه له.