دوشنبه 17 ارديبهشت 1403  
 
 
الباب‌ ‌الثاني‌ فصل الاول

الباب‌ ‌الثاني‌ ‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بعقد الإجارة

  


و يشتمل‌ ‌علي‌ أربعة فصول‌

الفصل‌ ‌الأوّل‌ ‌في‌ بيان‌ مسائل‌ ركن‌ الإجارة
(مادة: 433) تنعقد الإجارة بالإيجاب‌ و القبول‌ كالبيع‌.

عرفت‌ قريبا ‌إن‌ تحقق‌ معني‌ الإجارة و أثرها و ‌هو‌ تملك‌ المنفعة بالمال‌ يقوم‌ ‌علي‌ ثلاثة أركان‌ 1‌-‌: العقد 2‌-‌: العاقدين‌‌-‌ المؤجر و المستأجر‌-‌ 3‌-‌: العوضين‌‌-‌ المنفعة و الأجرة.

اما العقد‌-‌ فهو الإيجاب‌ و القبول‌ ‌كما‌ ‌في‌ البيع‌ و ‌لكن‌ الصيغة الصريحة ‌هي‌: آجرت‌ و كريت‌، و القبول‌ ‌هو‌: استأجرت‌ و قبلت‌ و ‌ما أشبه‌ ‌ذلك‌ ‌من‌ الألفاظ الصريحة، اما مثل‌: بعتك‌ المنفعة، ‌أو‌: صالحتك‌ ‌أو‌ ملكتك‌ فهو و ‌إن‌ صح‌ و ‌كان‌ نتيجته‌ نتيجة الإجارة و ‌لكن‌ ‌ليس‌ ‌هو‌ ‌منها‌ بشي‌ء فضلا ‌عن‌ مثل‌: أعرتك‌ و وهبتك‌ و أضرابها و ‌إن‌ سبق‌ ‌إلي‌ و هم‌ كثير‌من‌ شراح‌ (المجلة) دخولها ‌في‌ الإجارة، و ‌قد‌ سبق‌ ‌ما يوضح‌ لك‌ ‌ذلك‌ فتدبره‌.

‌كما‌ أنك‌ عرفت‌ ‌في‌ [الجزء ‌الأوّل‌] ‌إن‌ الصيغة الصريحة ‌في‌ عامة العقود ‌هي‌ صيغة الماضي‌ دون‌ الأمر و الاستقبال‌ ‌كما‌ أوضحت‌ ‌ذلك‌

مادة [435] الإجارة كالبيع‌ ‌أيضا‌ تنعقد بصيغة الماضي‌

و ‌لا‌ تنعقد بصيغة المستقبل‌.

[مادة: 436] ‌كما‌ ‌إن‌ الإجارة تنعقد بالمشافهة كذلك‌ تنعقد بالمكاتبة و بإشارة الأخرس‌.

‌قد‌ تقدم‌ ‌في‌ مباحث‌ البيع‌ ‌أن‌ العقود ‌لا‌ تصح‌ بالكتابة، و الكتابة حاكية ‌لا‌ منشئه‌، فهي‌ تحكي‌ ‌عن‌ الألفاظ و الألفاظ تحكي‌ ‌عن‌ المعاني‌، إما إشارة الآخرس‌ فمع‌ ‌عدم‌ إمكان‌ التوكيل‌ تكفي‌ ‌إذا‌ أفهمت‌ و ‌لا‌ يقع‌ ‌شيء‌ ‌من‌ العقود بالرسول‌ و ‌لا‌ بالرسالة ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ الرسول‌ وكيلا.

(مادة: 437) تنعقد الإجارة بالتعاطي‌ ‌أيضا‌

كالركوب‌ ‌في‌ بأخرة المسافرين‌ و زوارق‌ الشوارع‌ و دواب‌ الكراء ‌من‌ دون‌ مقاولة ‌فإن‌ ‌كانت‌ الأجرة معلومة أعطيت‌ و الا اجرة المثل‌.

‌إذا‌ ‌كانت‌ الأجرة معلومة ‌أو‌ اتفقا ‌علي‌ أجرة معينة ‌كانت‌ إجارة معاطاتية و الا ‌لم‌ تكن‌ ‌لا‌ ‌من‌ الإجارة العقدية و ‌لا‌ المعاطاتية ‌لما‌ عرفت‌ ‌في‌ البيع‌ ‌من‌ ‌إن‌ المعاطاة يلزم‌ ‌إن‌ تكون‌ واجدة لكل‌ ‌ما يعتبر ‌في‌ البيع‌ سوي‌ العقد، ‌نعم‌ ‌إذا‌ استوفي‌ المنفعة بغير تواطؤ ‌علي‌ الأجرة و ‌لا‌ معلومية لزمت‌ اجرة المثل‌ ‌من‌ باب‌ الضمان‌ و الغرامة فتدبر.

 (مادة: 438) السكوت‌ ‌في‌ الإجارة يعد قبولا و رضاء،

مثلا‌-‌ ‌لو‌ استأجر رجل‌ حانوتا ‌في‌ الشهر بخمسين‌ قرشا و ‌بعد‌ ‌إن‌ سكن‌ ‌فيه‌ مدة شهر اتي‌ الآجر و ‌قال‌ ‌إن‌ رضيت‌ بستين‌ فأسكن‌ و الا فاخرج‌ و رده‌ المستأجر و ‌قال‌ ‌لم‌ ارض‌ و استمر ساكنا يلزمه‌ خمسون‌ قرشا ‌كما‌ ‌في‌ السابق‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يقل‌ شيئا و ‌لم‌ يخرج‌ ‌من‌ الحانوت‌ و استمر ساكنا يلزمه‌ إعطاء ستين‌ قرشا كذلك‌ ‌لو‌ ‌قال‌ صاحب‌ الحانوت‌ مائة قرش‌ و ‌قال‌ المستأجر ثمانين‌ و أبقي‌ المالك‌ المستأجر و بقي‌ ‌هو‌ ساكنا ‌أيضا‌ يلزمه‌ ثمانون‌ و ‌لو‌ أصر الطرفان‌ ‌في‌ كلامهما و استمر المستأجر ساكتا تلزمه‌ اجرة المثل‌.

لعمرك‌ ‌أنّه‌ حكم‌ غريب‌ ‌لا‌ يساعده‌ الوجدان‌ و ‌لا‌ البرهان‌ فان‌ المالك‌ ‌إذا‌ ‌قال‌ أنا ‌لا‌ أرضي‌ بان‌ تسكن‌ داري‌ بستين‌ ‌في‌ الشهر فان‌ رضيت‌ و الا فاخرج‌ ‌فقال‌ الساكن‌ ‌لا‌ ارضي‌ و استمر ساكتا كيف‌ يلزم‌ المالك‌ قبول‌ الخمسين‌ و ‌قد‌ صرح‌ بعدم‌ رضاه‌ الا بستين‌.

و «بالجملة» فالمدار ‌علي‌ قول‌ المالك‌ ‌لا‌ ‌علي‌ رد المستأجر، ‌فإن‌ السكوت‌ انما ‌يكون‌ رضا ‌حيث‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ مسبوقا بالرد الصريح‌ و المفروض‌ ‌إن‌ المالك‌ صرح‌ بعدم‌ رضاه‌ الا بالستين‌ و ‌قد‌ أمره‌ بالخروج‌ ‌إن‌ ‌لم‌ يرض‌ و أي‌ دلالة أصرح‌ ‌من‌ ‌هذا‌ فهل‌ يعقل‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ السكوت‌ مزيلا لهذا البيان‌ المعتمد ‌علي‌ قاعدتي‌ (‌لا‌ يحل‌ مال‌ امرئ‌ ‌إلا‌ بطيب‌ نفسه‌) و (الناس‌ مسلطون‌ ‌علي‌ أموالهم‌).

و «بالجملة» فهذا ‌ليس‌ ‌من‌ موارد السكوت‌ ‌ألذي‌ يعتمد ‌عليه‌ و يستند اليه‌ ‌بل‌ ‌يجب‌ ‌عليه‌ ‌في‌ الفرض‌ ‌إن‌ يدفع‌ الستين‌ و هكذا ‌في‌ نظائره‌.

‌نعم‌، الرجوع‌ ‌إلي‌ أجرة المثل‌ ‌في‌ الصورة الأخيرة متجه‌ ‌كما‌ ‌لا‌ يخفي‌ و ‌في‌ الصورة السابقة ‌له‌ وجه‌، اما ‌ما يقوله‌ المستأجر ‌فلا‌ يلزم‌ ‌به‌ المؤجر قطعا فليتدبر.

(مادة: 439) ‌لو‌ تقاولا ‌بعد‌ العقد ‌علي‌ تبديل‌ البدل‌ ‌أو‌ تزييده‌ ‌أو‌ تنزله‌ يعتبر العقد ‌الثاني‌.

المقاولة ‌بعد‌ تمامية العقد ‌الأوّل‌ ‌لا‌ تجدي‌ و ‌لا‌ ترفع‌ ‌ما وقع‌ ‌عليه‌ ‌ذلك‌ العقد، ‌نعم‌ ‌لو‌ فسخا العقد ‌الأوّل‌ و عقدا ثانيا يعتبر العقد ‌الثاني‌ و لغا ‌الأوّل‌

(مادة: 440) الإجارة المضافة صحيحة و تلزم‌ ‌قبل‌ حلول‌ وقتها

بناء ‌عليه‌ ‌ليس‌ لأحد العاقدين‌ فسخ‌ الإجارة بمجرد ‌قوله‌ ‌ما ‌آن‌ وقتها تقدم‌ اصطلاحهم‌ ‌علي‌ ‌إن‌ الإجارة المنجزة ‌هي‌ الإجارة ‌الّتي‌ يتصل‌ استحقاق‌ المنفعة ‌بها‌ بزمان‌ العقد، و المضافة ‌هي‌ ‌الّتي‌ يتأخر الاستحقاق‌ ‌فيها‌ ‌عن‌ زمان‌ العقد ‌كما‌ ‌لو‌ آجره‌ الدار السنة ‌الّتي‌ ‌بعد‌ ‌هذه‌ السنة ‌أو‌ ‌بعد‌ ‌هذا‌ الشهر و هكذا، و ‌لا‌ ريب‌ عندنا ‌في‌ صحتها و لزومها كالمنجزة، و ‌كل‌ إجارة ‌إذا‌ وقعت‌ صحيحة ‌لا‌ يسوغ‌ لأحدهما فسخها ‌كما‌ ‌في‌ مادة (441) الإجارة ‌بعد‌ ‌ما انعقدت‌ صحيحة ‌لا‌ يسوغ‌ للآخر فسخها بمجرد ضم‌ الحارج‌ ‌علي‌ الأجرة ‌لكن‌ ‌لو‌ آجر الوصي‌ ‌أو‌ المتولي‌ عقار اليتيم‌ ‌أو‌ الوقف‌ بأنقص‌ ‌من‌ اجرة المثل‌ تكون‌ الإجارة فاسدة و تلزم‌ اجرة المثل‌.

اما انفساخ‌ اجارة عقار اليتيم‌ و الوقف‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ أقل‌ ‌من‌ ثمن‌ المثل‌ فيمكن‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ وجهه‌ ‌هو‌ ‌إن‌ اجرة المتولي‌ ‌أو‌ الولي‌ و الوصي‌ منوطة بالمصلحة فإذا ‌لم‌ توافق‌ المصلحة تكون‌ باطلة و ‌لكن‌ ‌مع‌ البطلان‌ فان‌استوفي‌ المستأجر المنفعة يستوفي‌ ‌منه‌ اجرة المثل‌ و الا فتؤجر ‌بما‌ ‌فيه‌ الغبطة لليتيم‌ ‌أو‌ الوقف‌ فلعلما يحصل‌ راغب‌ بأكثر ‌من‌ اجرة المثل‌ ‌فلا‌ وجه‌ للقول‌ ‌بها‌ ‌علي‌ الإطلاق‌.

(مادة: 442) ‌لو‌ ملك‌ المستأجر عين‌ المأجور بإرث‌ ‌أو‌ هبة يزول‌ حكم‌ الإجارة.

أوضح‌ مثال‌ لهذا الفرع‌ ‌ما ‌لو‌ استأجر دارا ‌ثم‌ اشتراها. ‌ثم‌ ‌إن‌ شراءه‌ لها ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌بعد‌ استيفاء تمام‌ المنفعة ‌أو‌ بعضها ‌أو‌ ‌قبل‌ استيفاء ‌شيء‌ ‌منها‌، اما الاولي‌ ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ صحة البيع‌ و الإجارة و يستحق‌ المالك‌ ثمن‌ العين‌ و اجرة المنفعة و ‌هو‌ واضح‌، و ‌أما‌ الثانية و الثالثة فقد يقال‌ ببطلان‌ الإجارة فيهما بالنسبة ‌إلي‌ الجميع‌ ‌في‌ الأخيرة و ‌الثاني‌ ‌في‌ الثانية بزعم‌ ‌إن‌ الإنسان‌ ‌لا‌ يدفع‌ اجرة ‌علي‌ الانتفاع‌ بملكه‌ و ‌هو‌ واضح‌ الضعف‌ فإنه‌ ‌لم‌ يدفع‌ اجرة ‌علي‌ الانتفاع‌ بملكه‌ ‌بل‌ ‌علي‌ منفعة ملك‌ ‌غيره‌ فإنه‌ ‌قد‌ تملك‌ المنفعة ‌ما ‌كان‌ يملك‌ العين‌ و حين‌ ملك‌ العين‌ ‌لم‌ يبق‌ ‌فيها‌ منفعة ‌بل‌ ملكها مسلوبة المنفعة ‌كما‌ ‌لو‌ اشتري‌ دارا مأجورة لغيره‌.

و (الخلاصة) ‌إن‌ البيع‌ اللاحق‌ ‌لا‌ يزاحم‌ الإجارة الصحيحة السابقة و ‌لا‌ يبطلها ‌بل‌ كلاهما صحيحان‌ مؤثران‌، ‌هذا‌ بالنسبة العين‌ و ذاك‌ بالنسبة ‌إلي‌ المنفعة فحكم‌ (المجلة) ببطلان‌ الإجارة ‌لا‌ وجه‌ ‌له‌.

(مادة: 443) ‌لو‌ حدث‌ عذر مانع‌ لإجراء موجب‌ العقد تنفسخ‌ الإجارة.

المقصود بهذه‌ المادة بيان‌ أسباب‌ انفساخ‌ الإجارة و بطلانها ‌بعد‌ وقوعهاصحيحة، و ‌قد‌ أحسنت‌ «المجلة» ‌في‌ ضابطة الانفساخ‌ إجمالا و ‌هي‌ العذر المانع‌ ‌من‌ اجراء موجب‌ العقد و تفصيل‌ ‌ذلك‌ ‌إن‌ الانفساخ‌ ‌أما‌ زوال‌ العين‌ ‌الّتي‌ ‌هي‌ محل‌ الإجارة ‌أو‌ زوال‌ المستأجر الخاص‌ ‌علي‌ العمل‌، مثلا‌-‌ ‌لو‌ استأجر ‌هذه‌ الدابة المعينة فماتت‌ ‌أو‌ استأجره‌ لقلع‌ ضرسه‌ فبرأ ‌أو‌ سقط ‌أو‌ استأجر الشخص‌ المعين‌ للعمل‌ فمرض‌ ‌أو‌ مات‌ ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ ‌إن‌ الإجارة تبطل‌ ‌في‌ جميع‌ ‌هذه‌ الفروض‌، و ‌كذا‌ ‌لو‌ استأجر الدكان‌ فانهدم‌. ‌ثم‌ ‌إن‌ ‌كان‌ زوال‌ الموضوع‌ ‌قبل‌ استيفاء ‌شيء‌ ‌من‌ المنفعة ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ انها تنفسخ‌ و يسقط تمام‌ الأجرة و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌بعد‌ استيفاء مقدار ‌منها‌ فبالنسبة ‌كما‌ ‌لو‌ ركب‌ الدابة فماتت‌ ‌في‌ منتصف‌ الطريق‌ فيمكن‌ القول‌ باستحقاق‌ نصف‌ الأجرة ‌علي‌ تأمل‌، و لعل‌ المقامات‌ تختلف‌ فيلزم‌ التأمل‌ ‌في‌ ‌كل‌ مورد بخصوصه‌ و ‌مع‌ التخاصم‌ فالرجوع‌ ‌إلي‌ الحاكم‌ اجري‌ و احكم‌ و اللّه‌ اعلم‌.

و (‌من‌ موارد الانفساخ‌) ‌ما ذكر ‌في‌ (المجلة) ‌من‌ الأمثلة ‌لو‌ استأجر طباخا للعرس‌ و مات‌ أحد الزوجين‌، و يمكن‌ المناقشة ‌في‌ المثال‌ فان‌ موت‌ أحد الزوجين‌ ‌لا‌ يستلزم‌ سقوط الطبخ‌ فليكن‌ الطبخ‌ للعزاء ‌لا‌ للهناء، ‌نعم‌ المثال‌ ‌الثاني‌ صحيح‌ و ‌هو‌‌-‌ ‌من‌ ‌كان‌ ‌في‌ سنه‌ الم‌ فاستأجر ‌علي‌ إخراجه‌ فزال‌ الا ‌لم‌ تنفسخ‌ الإجارة و كذلك‌ وفاة الصبي‌ ‌أو‌ الظئر ‌لا‌ بوفاة المسترضع‌ و ‌هذا‌ البحث‌ واسع‌ و ستأتي‌ ‌له‌ أمثلة و فروع‌ كثيرة.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما