الفصل الثاني في المواد المتعلقة بحبس المبيع
خلاصة هذا الفصل قد تقدمت في الأبواب السابقة حيث أوضحنا إن المشتري له إن يحبس الثمن حتي يقبض المبيع و للبائع إن يحبس المبيع حتي يقبض الثمن فان تبرع أحدهما فبادر إلي التسليم وجب علي الآخر الدفع و سقط حق الحبس و إن تشاحا أجبرهما الحاكم علي التقابض، و حق الحبس طبعاً انما هو في غير بيع النسيئة بالنسبة إلي الثمن و في غير بيع السلف بالنسبة إلي المثمن و في غير الموارد الّتي يكون الثمن مقبوضاً للبائع أو المبيع مقبوضاً للمشتري و إذا بادر أحدهما بالتسليم فان دفع الثاني فذاك و إلا فله استرجاع ما دفع لان حق حبسه لم يسقط بالكلية بل سقوطه مراعي بدفع الآخر فإذا لم يدفع كان له الاسترداد إلا إذا صرح بإسقاطه مطلقا
و بهذا تظهر الخدشة في مادة (281) إذا سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن فقد أسقط حق حبسه و ليس للبائع إن يسترد المبيع من المشتري، و باقي المواد واضحة.
الفصل الثالث في حق مكان التسليم
تحرير هذا الفصل إن المتبايعين إن علم كل منهما إن المبيع الشخصي في محل غير بلد العقد و أطلقا البيع فالإطلاق يقتضي تسليمه في محل المبيع الا إن تكون هناك قرينة أو عرف خاص يقتضي خلاف ذلك، و إن جهل كل منهما ذلك أو جهل المشتري فإطلاق العقد يقتضي تسليمه في بلد العقد كما لو كان كلياً و الا كان للمشتري الخيار فيهما، هذا كله مع الإطلاق و الا فالشرط هو المتبع و ما ذكرناه هو حاصل المواد الثلاث (285، 286، 287) و من الغريب هنا ألذي لا يعرف وجهه ما نقله بعض الشراح عن بعضهم من أنه- إذا باع البائع الحنطة و هي في أرضه و اشترط تسليمها في مكان معين صح البيع و لزمه تسليمها حيث شرط الا إذا اشترط حملها و نقلها إلي دار المشتري فان ذلك يفسد البيع انتهي.
اما الثمن فان كان كلياً و أطلق فحقه التسليم في بلد العقد و إن كان شخصياً فمثل ما تقدم في المبيع الشخصي و يكون الخيار للبائع مع جهله، فتدبره.
الفصل الرابع في مئونة التسليم و لوازم إتمامه
ليس في هذه الناحية من البيوع قاعدة مطردة يمكن الاعتماد عليها بقول مطلق و إيكال ذلك إلي عرف البلد في غير موارد الشرط أتقن و أحسن كما في مادة (291) و حيث يكون هنالك عرف خاص أو عام أو شرط فلا إشكال إنّما الإشكال حيث لا يكون هناك شيء من تلك الأمور الّتي يصلح الاعتماد عليها و تشاحا فيمكن إن يجعل المناط إن كلما يتعلق بالمبيع فهو علي البائع و كلما يتعلق بالثمن فهو علي المشتري و أحسن من ذلك إن يجعل المدار علي المصلحة و المنفعة فإن كانت للبائع فمصارفه عليه و إن كانت للمشتري فعليه و يعرف صاحب المصلحة بطلبها و إن كانت لهما فعليهما و لعل منه ما شاع في هذه العصور من إن اجرة كتابة الأوراق و السجلات و الطوابع بل و تسجيل البيع في (الطابو) كله علي المشتري لأنه لمصلحته و إتقان ملكيته و هذه الضابطة و إن لم تكن مطردة كلية فلا إشكال في أنها توافق الغالب و لا يشذ منها الا النادر.