الجزء الثاني
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و له الحمد ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)
المقدمة (في الاصطلاحات الفقهية المتعلقة بالإجارة)
(مادة: 404)
الأجرة و الكراء:
بدل المنفعة، و الإيجاز هو الإعطاء بالكراء، و الاستيجار الأخذ بالكراء.
أصل هذه المادة الأجر ألذي يفسر في اللغة- بجزاء العمل- و هو ظاهر في العمل ألذي يكون جزاء للعمل، ثم اتسع فشمل المال ألذي يقع عوض العمل، ثم اتسع فتناول عوض المنفعة- أي منافع الأعيان- و غلب استعماله و استعمال مشتقاته من المزيد كآجر و المجرد كأجر و إيجار و اجارة في المعني العرفي المقتنص من ذلك المعني اللغوي فصار يستعمل حتي تعين في لسان الشرع و المتشرعة في العقد ألذي هو تمليك المنفعة بالعوض المعلوم كما هو المعروف من تعريفها عند الإمامية و سائر فقهاء المذاهب و تستعمل الإجارة تارة اسما بمعني الأجرة و اخري مصدر بمعني الإيجار أو مصدر (أجر) المجرد سماعاً أو (آجر) المزيد و علي كل فالأقرب إن المراد من قولهم (كتاب الإجارة) و الإجارات و نحوها هو الإيجار و ما يتحقق به هذه المعاملة شرعاً و بيان أحكامها و الأجرة و الكراء و إن اتحدا في كونهما بدل المنفعة و لكن شاع و غلباستعمال الكراء في بدل منفعة الدواب و الأجرة في غيرها فيقال: كريت الدابة و اكثريتها، كما يقال آجرتها و استأجرتها، و استأجرت الدار و العبد، و لا يقال: كريت الدار، الا نادراً.
و لا أهمية في كل هذا انما المهم تعريف الإجارة شرعاً تعريفاً يطابق الحقيقة أو يقاربها، و قد عرفتها (المجلة) مادة (405) الإجارة في اللغة بمعني الأجرة و قد استعملت في معني الإيجار أيضاً و في اصطلاح الفقهاء بمعني بيع المنفعة المعلومة في مقابلة عوض معلوم.
استعمال البيع في تعريف الإجارة يشبه إن يكون من قبيل تعريف الشيء بضده فان البيع مختص بنقل الأعيان و الإجارة بنقل المنافع و هما متباينان مفهوماً و مصداقاً و كان اللازم أن يقال: هي تمليك المنفعة المعلومة بعوض معلوم كما هو التعريف الشائع عند الأكثر فإن التمليك جنس و بإضافته إلي المنفعة خرج البيع و غيره من العقود الناقلة كالصلح و الهبة مما يحصل به تمليك الأعيان، نعم ينتقض في طرده بشموله للصلح علي المنفعة و هبة المنافع هبة معوضة، و العارية المعوضة كما قيل و الجميع مدفوع بأن حقيقة الصلح التسالم و هو يقع علي المعاوضة و علي غيرها و حقيقة الهبة تتقوم بالمجانية و العوض ليس للعين الموهوبة بل لذات الهبة و العارية إذا دخلها العوض كانت اجارة في الجوهر سواء سميتهما عارية أو إجارة أو غيرهما، فإن الإجارة و العارية يشتر كان في أنهما تسليط علي المنفعة فإن كان بعوض كان اجارة و إن كان مجانا كان عارية فالإجارة و العارية في المنافع كالبيع و الهبة في الأعيان بلالتحقيق إن العارية لا تمليك فيها و لا تسليط أصلا لا علي العين و لا علي المنفعة بل هي إباحة الانتفاع لا تمليك المنفعة و لذا لا يستطيع المستعير نقلها إلي الغير بعقد أو غيره، و من هنا ينقدح الإشكال في عدها من العقود و لا تحتاج إلي إيجاب و قبول بل هي بالإيقاع أشبه و إن شاع عندهم درجها في العقود.
أما الإجارة فهي و إن كانت حسب الشائع عند الفقهاء عبارة عن تمليك المنفعة بعوض و لكنها بالنظر الا دق سلطنة علي العين من حيث ملكية منافعها فهي أيضاً من مقولة الملك و الجدة إن أريد من الإجارة الأثر الحاصل و النتيجة و الغاية و إن أريد بها السبب و الوسيلة فهي العقد ألذي ينشأ به التسليط علي العين باعتبار ملكية منافعها و هذا هو المراد من قول الفقهاء (كتاب الإجارة) و (كتاب البيع) و نحوها. و عليه فاركان الإجارة ثلاثة- العوضان. العاقدان العقد- فيلزم البحث عن كل واحد منها و شرائطه و أحكامه و أحكام الإجارة.
اماما ذكر في (المجلة) في مقدمة الإجارة المشتملة علي الاصطلاحات الفقهية فيها فهي مستدركة لا حاجة إلي شيء منها ضرورة أنه ما من عربي عريق أو لصيق الا و هو يعرف المستأجر (بالكسر) و المستأجر (بالفتح) و المأجور و الأجير و الأجرة و محل الاستغلال أي الموضع المعد للإيجار من غيره و المسترضع هو من استأجر ظئراً للرضاعة. فكل هذه المواد واضحات و توضيح الواضح من العبث فيلزم لو حررت (المجلة) و نقحت حذف كل ما هو من هذا القبيل لذا لم نذكرها.