دوشنبه 17 ارديبهشت 1403  
 
 
الفصل‌ السابع‌) خيار الغبن‌ و التغرير
الفصل‌ السابع‌) خيار الغبن‌ و التغرير

  


و البحث‌ ‌فيه‌ يقع‌ ‌من‌ ثلاث‌ نواحي‌‌-‌ الموضوع‌، و ‌الحكم‌، و الدليل‌ معني‌ الغبن‌ و مقداره‌، و تأثيره‌، و مدركه‌.

‌أما‌ الأولي‌‌-‌: فأصله‌ لغة الخدع‌

و وسطه‌ يحرك‌ فيكون‌ ‌في‌ الرأي‌ و يسكن‌ فيكون‌ ‌في‌ المال‌ و المعاملة، و بهذا المعني‌ استعمله‌ الشارع‌ و المتشرعة و قيدوه‌ ببعض‌ الاعتبارات‌ فقالوا: ‌هو‌ تمليك‌ ماله‌ ‌بما‌ يزيد ‌علي‌ قيمته‌ ‌مع‌ جهل‌ الآخر، و ‌هذا‌ تعريف‌ ‌له‌ ‌من‌ جهة الغابن‌، ‌أما‌ ‌من‌ جهة المغبون‌ فيكون‌ تملك‌ مال‌ بأزيد ‌من‌ قيمته‌ و تخصيصه‌ بجهل‌ الآخر ‌غير‌ متجه‌ ‌مع‌ انا تجد الاستعمال‌ أوسع‌ ‌من‌ ‌ذلك‌ عرفاً ‌بل‌ و لغة، الا تري‌ ‌إن‌ العارف‌ بالشي‌ء ‌قد‌ يخدعه‌ ‌غيره‌ بلباقته‌ فيضله‌ ‌علي‌ علمه‌ و يخدعه‌ ‌علي‌ معرفته‌ فيكون‌ علمه‌ معه‌ ‌فلا‌ ينفعه‌،

و ‌لكن‌ فقهاء الفريقين‌ اعتبروا ‌في‌ تحقق‌ موضوع‌ الغبن‌ المبحوث‌ ‌عنه‌ اتصافه‌ بشرطين‌.

‌الأوّل‌‌-‌: ‌عدم‌ علم‌ المغبون‌ بالقيمة

فلو ‌كان‌ عالماً و اشتراه‌ بأكثر ‌فلا‌ غبن‌ و ‌لا‌ خيار فيختص‌ بالجاهل‌ بسيطاً ‌أو‌ مركبا ‌أو‌ شاكاً ‌أو‌ ناسياً و يلحق‌ ‌به‌ الظان‌ ‌علي‌ تأمل‌ ‌بل‌ قيل‌ ‌إن‌ الشاك‌ الملتفت‌ ‌إلي‌ الضرر و ‌لو‌ احتمالا ‌إذا‌ ارتكب‌ فهو مقدم‌ ‌علي‌ الضرر و ‌هو‌ ممنوع‌ ‌بل‌ ربما يرتكب‌ برجاء النفع‌ و أمل‌ السلامة ‌كما‌ ‌هو‌ الغالب‌ ‌في‌ أعمال‌ البشر فان‌ اليقين‌ بالنجاح‌ متعذر ‌أو‌ عزيزنادر، و المدار ‌علي‌ القيمة حال‌ العقد ‌فلا‌ اثر لزيادتها بعده‌ و ‌لو‌ ‌قبل‌ علمه‌ لأنها حصلت‌ ‌في‌ ملكه‌ و العقد وقع‌ ‌علي‌ غبن‌ و ‌لا‌ عبرة بالزيادة و النقيصة ‌بعد‌ العقد اتفاقاً و الأثر لعلم‌ الموكل‌ ‌لا‌ الوكيل‌ الا ‌إن‌ ‌يكون‌ وكيلا مطلقاً ‌لا‌ ‌في‌ العقد فقط، ‌ثم‌ ‌إن‌ اعترف‌ الغابن‌ بجهل‌ المغبون‌ ‌فلا‌ اشكال‌ و ‌إن‌ أنكر ‌فإن‌ ‌كانت‌ بينة فكذلك‌ و الا فالقول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ لانه‌ منكر و لأصالة ‌عدم‌ العلم‌ الا ‌إن‌ يقيم‌ الغابن‌ بينة ‌علي‌ علمه‌ ‌أو‌ يمينه‌ ‌إن‌ ردها المغبون‌ ‌عليه‌ ‌أو‌ ‌يكون‌ المغبون‌ ‌من‌ أهل‌ الخبرة بتلك‌ السلعة بحيث‌ يستبعد جهله‌ ‌بها‌ فيتقدم‌ الظاهر ‌علي‌ الأصل‌ ‌علي‌ تأمل‌.

الشرط ‌الثاني‌‌-‌: ‌إن‌ ‌يكون‌ التفاوت‌ فاحشا

اي‌ ‌بما‌ ‌لا‌ يتغابن‌ الناس‌ بمثله‌ و اضطربت‌ كلمات‌ فقهاء الإمامية و فقهاء المذاهب‌ أيضاً ‌في‌ ضابطة التفاوت‌ الفاحش‌ ‌حتي‌ حكي‌ ‌عن‌ مالك‌ ‌إن‌ التفاوت‌ بالثلث‌ ‌لا‌ يوجب‌ خياراً فان‌ زاد ثبت‌ الخيار، و ‌هذا‌ إفراط، و يقابله‌ تفريط (المجلة) فيما تقدم‌ مادة (165) الغبن‌ الفاحش‌ غبن‌ ‌علي‌ قدر‌-‌ ربع‌ العشر ‌في‌ الدراهم‌ و نصف‌ العشر ‌في‌ العروض‌ و العشر ‌في‌ الحيوانات‌ و الخمس‌ ‌في‌ العقار ‌أو‌ زيادة، و ‌كل‌ ‌هذه‌ التقادير تحكمات‌ و افتراض‌ بغير دليل‌، و ‌لو‌ ‌إن‌ زيادة العشر و نصف‌ العشر توجب‌ الغبن‌ لبطلت‌ التجارات‌ و تعطلت‌ المكاسب‌ و ‌لم‌ يرتزق‌ الناس‌ بعضهم‌ ببعض‌ و ‌لكن‌ (كلا طرفي‌ قصد الأمور ذميم‌) و الأحسن‌ رد ‌هذه‌ الدعوي‌ ‌إلي‌ محكمه‌ العرف‌ و أهل‌ الاختصاص‌ بتلك‌ السلعة فهم‌ يعرفون‌ المقدار المعتدل‌ ‌في‌ الربح‌ و ‌ما زاد ‌عليه‌ ‌أو‌ نقص‌ ‌يكون‌ غبناً ‌علي‌ البائع‌ ‌أو‌ ‌علي‌ المشتري‌ و ‌لا‌ يتحقق‌ غبن‌عليهما ‌في‌ معاملة واحدة ‌علي‌ ‌شيء‌ واحد ‌نعم‌ ‌يجوز‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ شيئين‌ يباعان‌ ‌في‌ صفقة واحدة و لكل‌ واحد منهما ثمن‌ ‌كما‌ أنبأناك‌ فيما سبق‌، و لعل‌ لعلماء الاقتصاد ‌في‌ ‌هذا‌ المقام‌ شأن‌ ‌لا‌ ينبغي‌ ‌إن‌ يغفل‌ ‌عنه‌.

و «الخلاصة» ‌أنّه‌ ‌لو‌ تحقق‌ ‌في‌ المعاملة زيادة ‌فإن‌ علم‌ حالها ‌من‌ غبن‌ ‌أو‌ عدمه‌ و ‌لو‌ بالرجوع‌ ‌إلي‌ العرف‌ و أهل‌ الخبرة فذاك‌، و ‌مع‌ الشك‌ فالمرجع‌ ‌إلي‌ أصالة لزوم‌ العقد و ‌عدم‌ الخيار الا ‌إن‌ ‌يكون‌ هناك‌ ضرر و ‌لو‌ شخصي‌ ‌لا‌ نوعي‌ فتكون‌ قاعدة الضرر حاكمة ‌علي‌ أصالة اللزوم‌ و ‌يكون‌ ‌له‌ الخيار، ‌هذا‌ عصارة ‌ما ينبغي‌ ‌إن‌ يقال‌ ‌في‌ موضوع‌ الغبن‌ لغة و عرفاً و شرعا اما «‌الحكم‌ و الدليل‌» فإنهم‌ جعلوا الغبن‌ بواقعة ‌أو‌ ‌عند‌ ظهوره‌ موجباً لخيار المغبون‌ ‌علي‌ حد سائر الخيارات‌ فيتخير ‌بين‌ الفسخ‌ و استرجاع‌ تمام‌ الثمن‌ ‌أو‌ الإمضاء بكل‌ الثمن‌ و استدلوا ‌له‌ (أولا) بقوله‌ ‌تعالي‌ (إِلّا أَن‌ تَكُون‌َ تِجارَةً عَن‌ تَراض‌ٍ) بتقريب‌ ‌إن‌ البيع‌ تجارة دلت‌ الآية ‌علي‌ مشروعيتها و جوازها و تكون‌ لازمة بالتراضي‌ و ‌حيث‌ ‌إن‌ المغبون‌ ‌غير‌ راض‌ واقعا بشرائه‌ بأكثر ‌من‌ قيمته‌ فيقع‌ البيع‌ جائزا ‌غير‌ لازم‌ لفقد شرط اللزوم‌ و ‌هو‌ الرضا فله‌ إمضاؤه‌ و ‌له‌ فسخه‌،،، و بقاعدة الضرر (ثانياً) فان‌ لزوم‌ العقد ‌علي‌ المغبون‌ يستلزم‌ الضرر و الخسران‌ ‌عليه‌ و ‌كل‌ حكم‌ يستوجب‌ الضرر مرفوع‌ بحكم‌ القاعدة فاللزوم‌ مرفوع‌ و ‌هو‌ معني‌ الخيار ‌ثم‌ أيدوا ‌ذلك‌ بالأخبار الكثيرة الواردة بان‌ غبن‌ المسترسل‌ سحت‌ و غبن‌ المؤمن‌ حرام‌ و ‌في‌ رواية (‌لا‌ يغبن‌ المسترسل‌ فان‌ غبنه‌ ‌لا‌ يحل‌) و هكذا و الانصاف‌ ‌إن‌ ‌هذه‌ الأدلة ‌لا‌ تنهض‌ لإثبات‌ تلك‌ الدعوي‌ لدي‌ الفحص‌و التمحيص‌، ‌أما‌ الآية الشريفة ‌فلا‌ تدل‌ ‌علي‌ أكثر ‌من‌ ‌إن‌ التجارة أي‌ البيع‌ و نحوه‌ ‌عن‌ تراض‌ نافذ مشروع‌ و ‌ليس‌ أكلا للمال‌ بالباطل‌ اما ‌أنّه‌ يغير تراض‌ ‌يكون‌ مشروعاً و جائزا فأجنبي‌ عنها مضافاً ‌إلي‌ ‌إن‌ المغبون‌ ‌قد‌ رضي‌ بالمعاملة ‌في‌ أولها و ‌هو‌ كاف‌ و ‌لا‌ عبرة بالرضا التقديري‌ ‌علي‌ ‌ما حقق‌ ‌في‌ محله‌، و اما القاعدة فهي‌ و ‌إن‌ دلت‌ ‌علي‌ ارتفاع‌ اللزوم‌ المستلزم‌ للضرر و ‌لكن‌ ‌لا‌ تعين‌ ‌إن‌ الوظيفة ‌بعد‌ اللزوم‌ ‌هو‌ الخيار ‌بين‌ الفسخ‌ ‌أو‌ الإمضاء ‌بل‌ لعل‌ الأقرب‌ ‌في‌ مفادها ‌إن‌ الضرر مرفوع‌ و الضرر انما جاء ‌من‌ جهة الزيادة ‌أو‌ النقيصة فلزوم‌ العقد بالنسبة ‌إلي‌ الزيادة ‌أو‌ النقيصة مرفوع‌ و لازمة ‌إن‌ ‌له‌ حق‌ استرداد الزيادة ‌من‌ البائع‌ ‌أو‌ مطالبة المشتري‌ بالنقيصة فيما ‌لو‌ باع‌ بأقل‌ ‌من‌ الثمن‌ و يبقي‌ العقد ‌علي‌ لزومه‌ بالنسبة ‌إلي‌ القيمة المطابقة فان‌ ‌لم‌ يدفع‌ الزيادة ‌أو‌ التكملة تسلط المغبون‌ بعدها ‌علي‌ الفسخ‌ و ‌هذا‌ المقدار المسترد تدارك‌ ‌له‌ و جبر و بعبارة أجلي‌ إرجاع‌ ماله‌ المأخوذ ‌منه‌ بغير حق‌ اليه‌ ‌أو‌ التكملة لعوض‌ ماله‌ ‌لا‌ غرامة خارجية ‌كما‌ تخيله‌ ‌بعض‌ الاعلام‌ و ‌لا‌ هبة مستقلة ‌كما‌ تخيله‌ آخرون‌، و اثر ‌هذا‌ ‌إن‌ الغابن‌ ‌لو‌ بذل‌ التفاوت‌ ‌لم‌ يكن‌ للمغبون‌ الفسخ‌ و حل‌ العقد و استرداد ‌كل‌ الثمن‌ ‌كما‌ حكم‌ ‌به‌ المشهور ‌حيث‌ جعلوا للمغبون‌ سلطنة الفسخ‌ مهما ‌كان‌ الأمر و ‌هو‌ رأي‌ ‌لا‌ يعتمد ‌علي‌ حجة ظاهرة إذ ‌ليس‌ عندنا دليل‌ يقول‌ ‌إن‌ الغبن‌ يوجب‌ الخيار للمغبون‌ ‌حتي‌ نأخذ بإطلاقه‌ و ‌ليس‌ ‌إلا‌ قاعدة الضرر و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ الضرر يتدارك‌ ببذل‌ التفاوت‌ و تبقي‌ أصالة اللزوم‌ ‌في‌ العقود بحالها ‌فلا‌ خيار الا ‌بعد‌ الامتناع‌ ‌عن‌ بذل‌ التفاوت‌ و ‌مع‌ البذل‌ ‌فلا‌ حق‌ ‌له‌ ‌في‌ الفسخ‌، اما الاخبار الواردة

‌في‌ غبن‌ المسترسل‌ فهي‌ أيضاً أجنبية ‌عن‌ قضيتنا و ‌هي‌ ‌إلي‌ الأحاديث‌ الأخلاقية ‌أو‌ المتكفلة لبيان‌ الأحكام‌ التكليفية أقرب‌ ‌منها‌ ‌إلي‌ بيان‌ الأحكام‌ الوضعية فالمراد ‌منها‌ ‌بعد‌ التدبر ‌فيها‌ حرمة غش‌ المستنصح‌ ‌في‌ الرأي‌ و خيانة المستأمن‌ لك‌. الواثق‌ بك‌، و ‌هو‌ المعبر ‌عنه‌ بالمسترسل‌ ‌في‌ تلك‌ الاخبار اي‌ المطمئن‌ بك‌ الغير متحذر منك‌. المرسل‌ نفسه‌ ‌علي‌ سجيتها لديك‌، اما السحت‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌في‌ الأموال‌ و ‌لكن‌ الظاهر ‌أن‌ المراد ‌منه‌ ‌في‌ الخبر ‌إن‌ غبن‌ المسترسل‌ حرام‌ كحرمة مال‌ السحت‌ و الحاصل‌ ‌إن‌ ‌هذه‌ الطائفة ‌من‌ الاخبار بمعزل‌ عما نحن‌ ‌فيه‌، ‌ثم‌ ‌إن‌ الغبن‌ و التغرير مفهومان‌ متغايران‌ ‌نعم‌ هما متلازمان‌ بحسب‌ المعني‌ اللغوي‌ العام‌ فكل‌ ‌من‌ غررته‌ فقد خدعته‌ و ‌كل‌ ‌من‌ خدعته‌ غررته‌ و ‌لكن‌ بحسب‌ المعني‌ الخاص‌ ‌قد‌ ينفك‌ أحدهما ‌عن‌ الآخر فقد يتحقق‌ الغبن‌ و ‌لا‌ تغرير ‌كما‌ ‌لو‌ ‌كان‌ جاهلا فاشتري‌ الشي‌ء بأضعافه‌ ‌من‌ دون‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ أحد دعاه‌ ‌أو‌ حبذه‌ ‌له‌ و ‌قد‌ يتحقق‌ التغرير دون‌ الغبن‌ ‌كما‌ ‌لو‌ غرره‌ ‌في‌ ارتكاب‌ عمل‌ ساقط فارتكبه‌ فهنا تغرير ‌من‌ ‌غير‌ غبن‌ فعطف‌ (المجلة) أحدهما ‌علي‌ الآخر و تقييد الغبن‌ بالتغرير واهن‌ ‌غير‌ سديد و أوهن‌ ‌من‌ ‌ذلك‌ اعتبار التغرير ‌في‌ الغبن‌ ‌ثم‌ استثناء المعاملة ‌علي‌ مال‌ اليتيم‌ و الوقف‌ و بيت‌ المال‌ فان‌ الغبن‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌لا‌ يؤثر ‌إلا‌ بالتغرير فهو عام‌ و الا فالغبن‌ موجب‌ للخيار ‌في‌ الجميع‌ و إخراج‌ تلك‌ المواضيع‌ تخصيص‌ بلا مخصص‌ سوي‌ الاستحسان‌، و باب‌ العقود و المعاملات‌ منوطة بقواعد عامة و أدلة كلية يتساوي‌ ‌فيها‌ اليتيم‌ و ‌غيره‌ و التقي‌ و الشقي‌ و الوقف‌ و الملك‌.

«و بالجملة» فالمتبع‌ ‌هو‌ الدليل‌ ‌لا‌ الرأي‌ و الاستحسان‌ فافهم‌ ‌ذلك‌ و التزمه‌. ‌هذا‌ ‌إذا‌ غبن‌ أحدهما الآخر ‌أو‌ وقع‌ أحدهما ‌في‌ الغبن‌ ‌من‌ نفسه‌ ‌من‌ دون‌ ‌أن‌ يغبنه‌ أحد‌-‌ اما ‌لو‌ ‌كان‌ الغابن‌ أجنبيا كالدلال‌ و نحوه‌ فالظاهر ‌أنه‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌له‌ خيار ‌بل‌ يرجع‌ بالتفاوت‌ ‌علي‌ ‌من‌ غره‌ بقاعدة (المغرور يرجع‌ ‌علي‌ ‌من‌ غره‌) ‌علي‌ تأمل‌ أيضاً،، فما ‌في‌ مادة (357) ‌إذا‌ غر أحد المتبايعين‌ ‌أو‌ الدلال‌ الآخر و تحقق‌ ‌إن‌ ‌في‌ البيع‌ غبناً فاحشاً فللمغبون‌ ‌إن‌ يفسخ‌ البيع‌ حينئذ محل‌ نظر‌-‌ فان‌ عمل‌ الدلال‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ ‌لا‌ يصحح‌ دخول‌ الضرر ‌علي‌ البائع‌ مثلا يفسخ‌ بيعه‌ رغماً ‌عليه‌ فالمسئلة محل‌ اشكال‌ تحتاج‌ ‌إلي‌ إمعان‌ نظر أزيد ‌من‌ ‌هذا‌.

(مادة: 358) ‌إذا‌ مات‌ ‌من‌ أغر بغبن‌ فاحش‌ ‌فلا‌ تنقل‌ دعوي‌ التغرير ‌إلي‌ وارثه‌.

‌بل‌ تنقل‌ ‌علي‌ الأصح‌ ‌كما‌ عرفت‌ مكرراً.

(مادة: 359) المشتري‌ ‌ألذي‌ حصل‌ ‌له‌ تغرير ‌إذا‌ اطلع‌ ‌علي‌ الغبن‌ الفاحش‌ ‌ثم‌ تصرف‌ ‌في‌ المبيع‌ تصرف‌ الملاك‌ سقط حقه‌.

‌هذه‌ المادة و ‌الّتي‌ بعدها تشير (المجلة) ‌فيها‌ ‌إلي‌ مسقطات‌ خيار الغبن‌ و تحرير ‌ذلك‌ و تصويره‌ باوفي‌ بيان‌

‌إن‌ خيار الغبن‌ يسقط بتلك‌ المسقطات‌ كسائر الخيارات‌(فالأول‌) إسقاطه‌ ‌بعد‌ العقد ‌بعد‌ العلم‌ بالغبن‌

بلا اشكال‌ ‌بل‌ و ‌قبل‌ العلم‌ ‌به‌ و ‌لا‌ يرد ‌عليه‌ بأنه‌ إسقاط ‌ما ‌لم‌ يتحقق‌ إذ يكفي‌ تحققه‌ الواقعي‌ و اقتضاء العقد ‌له‌ ‌كما‌ ‌في‌ إسقاط خيار العيب‌ ‌قبل‌ ظهوره‌ ‌ألذي‌ تقدم‌ ‌أنه‌ ‌لا‌ مانع‌ ‌منه‌ كطلاق‌ مشكوك‌ الزوجية و عتق‌ مشكوك‌ الحرية‌ألذي‌ يدور مدار واقعه‌ و كالبراءة ‌من‌ العيوب‌ و بهذا الملاك‌ يصح‌ المصالحة ‌عليه‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يتحقق‌؟؟؟ و ‌إن‌ ‌كان‌ ضم‌ ‌شيء‌ ‌إلي‌ الغبن‌ المحتمل‌ أولي‌.

(‌الثاني‌)‌-‌ اشتراط سقوطه‌ ‌في‌ متن‌ العقد

و ‌لكن‌ ‌لا‌ يذهبن‌ عنك‌ ‌إن‌ اشتراط السقوط ‌في‌ العقد و ‌إن‌ صح‌ بالنسبة ‌إلي‌ سائر الخيارات‌ و ‌لكن‌ بالنسبة ‌إلي‌ ‌هذا‌ الخيار كخيار الرؤية حسب‌ ‌ما عرفت‌ ‌لا‌ يصح‌ لأنه‌ يستلزم‌ الغرر ‌من‌ جهة الجهل‌ بالقيمة و يمكن‌ تصحيحه‌ بان‌ المدار ‌في‌ الغرر المبطل‌ ‌إن‌ يشتري‌ الشي‌ء بقيمة مجهولة القدر ‌أو‌ بشي‌ء مجهول‌ القيمة، اما ‌إذا‌ اشتري‌ بقيمة معلومة و ‌إن‌ ‌كانت‌ زائدة ‌علي‌ القيمة الواقعية المجهولة ‌فلا‌ غرر أصلا.

‌نعم‌ يشكل‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ خيار الرؤية ‌لأن‌ العين‌ الغائبة ‌إنّما‌ صح‌ بيعها بغير رؤية لمكان‌ الوصف‌ القائم‌ مقامها و ‌مع‌ تخلف‌ الوصف‌ ‌يكون‌ ‌له‌ الخيار فاشتراط سقوطه‌ معناه‌ إلغاء اعتبار الوصف‌ ‌ألذي‌ ‌به‌ صح‌ العقد و بدونه‌ تبطل‌ المعاملة لأنها تكون‌ ‌علي‌ عين‌ غائبة بغير وصف‌ و ‌لا‌ رؤية و كيف‌ ‌كان‌ فالظاهر ‌إن‌ اشتراط سقوط خيار الغبن‌ ‌في‌ العقد ‌لا‌ مانع‌ ‌منه‌ فتدبر.

(الثالث‌) تصرف‌ المغبون‌ بأحد التصرفات‌ المسقطة للخيار ‌بعد‌ علمه‌ بالغبن‌

الدال‌ ‌علي‌ الرضا بالعقد و إمضائه‌ جديداً و الالتزام‌ ‌به‌ ‌مع‌ غبنه‌، اما التصرف‌ ‌قبل‌ العلم‌ بالغبن‌ ‌فلا‌ اثر ‌له‌ لعدم‌ دلالته‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌ و ‌مع‌ الشك‌ ‌في‌ ‌إن‌ تصرفه‌ ‌عن‌ رضا و التزام‌ أم‌ ‌لا‌ فالمرجع‌ ‌إلي‌ استصحاب‌ بقاء الخيار.

 (الرابع‌) تصرف‌ المغبون‌ ‌قبل‌ العلم‌ بالغبن‌ تصرفاً متلفاً للعين‌ ‌أو‌ بحكم‌ التلف‌

كبيع‌ ‌أو‌ عتق‌ ‌أو‌ وقف‌ و ‌هو‌ محل‌ نظر بناء ‌علي‌ ‌إن‌ التلف‌ ‌في‌ سائر الخيارات‌ ‌لا‌ يقتضي‌ سقوط الخيار فما وجه‌ سقوطه‌ هنا بهذه‌ التصرفات‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ تدل‌ ‌علي‌ الرضا بالعقد المغبون‌ ‌به‌ لعدم‌ علمه‌ بالغبن‌ حسب‌ الفرض‌ فإلحاقه‌ بسائر الخيارات‌ يقتضي‌ ‌أنّه‌ ‌مع‌ قيام‌ العين‌ و بقائها عنده‌ ‌علي‌ حالها يتخير ‌بين‌ الرد و الفسخ‌ ‌علي‌ اسلوبهم‌، و ‌مع‌ التلف‌ حقيقة ‌أو‌ حكما يسقط الرد لزوال‌ الموضوع‌ و يتعين‌ اما أخذ التفاوت‌ كأخذ الأرش‌ ‌في‌ خيار العيب‌ ‌مع‌ امتناع‌ الرد ‌أو‌ الفسخ‌ و دفع‌ قيمة العين‌ و استرجاع‌ الثمن‌ ‌كما‌ ‌في‌ خيار الحيوان‌ و الشرط و غيرهما و كلمات‌ الأصحاب‌ هنا ‌غير‌ منقحة و دليلهم‌ ‌غير‌ واضح‌، و لهم‌ مباحث‌ ذات‌ عرض‌ عريض‌ يكفيك‌ ‌منها‌، نخلنا لك‌ لبابة، و فتحنا عليك‌ بابه‌، و ‌علي‌ ‌كل‌ فإلي‌ هذين‌ المسقطين‌ أشارت‌ (المجلة) ‌في‌ المادتين‌ (359، 360) و لكنها خلطت‌ ‌في‌ الأخيرة ‌بين‌ التلف‌ السماوي‌ بقولها: ‌إذا‌ هلك‌ و ‌بين‌ حدوث‌ العيب‌ و ‌بين‌ التصرفات‌ الغير متلفة كالبناء ‌في‌ العرصة، و ‌هذه‌ الثلاثة ليست‌ ‌من‌ نمط و أحد بداهة ‌إن‌ التلف‌ و حدوث‌ العيب‌ مسقطات‌ مطلقاً سواء حدثت‌ ‌بعد‌ العلم‌ بالغبن‌ ‌أو‌ قبله‌. اما بناء العرصة فإنما يسقط ‌إذا‌ وقع‌ ‌بعد‌ العلم‌ فكان‌ حقه‌ ‌إن‌ يذكر ‌مع‌ أخواته‌ ‌في‌ المادة ‌الّتي‌ قبلها. و الحاصل‌ ‌إن‌ تصرف‌ المغبون‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌قبل‌ العلم‌ بالغبن‌ فالقاعدة تقتضي‌ ‌عدم‌ تأثيره‌ ‌في‌ إسقاط خياره‌ ‌لو‌ علم‌ غايته‌ ‌إن‌ العين‌ ‌إن‌ ‌كانت‌ موجودة و فسخ‌ ردها و ‌إن‌ ‌كانت‌ مفقودة رد المثل‌ ‌أو‌ القيمة ‌أو‌ أخذ التفاوت‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌بعد‌ العلم‌ فان‌ ‌كان‌ دالا ‌علي‌الرضا سقط الخيار مطلقاً سواء ‌كان‌ تلفاً ‌أو‌ بحكمه‌ أم‌ ‌لا‌ و سواء ‌كان‌ ‌من‌ قبيل‌ تصرف‌ الملاك‌ أم‌ ‌لا‌ ‌هذا‌ كله‌ ‌في‌ تصرف‌ المغبون‌ اما تصرف‌ الغابن‌ ‌فلا‌ ريب‌ ‌في‌ ‌أنّه‌ ‌لا‌ يسقط خيار المغبون‌ فان‌ فسخ‌ و وجد عين‌ ‌ما ‌له‌ أخذها و ‌إن‌ ‌لم‌ يجدها و ‌كان‌ الغابن‌ تصرف‌ ‌بها‌ ببيع‌ ‌أو‌ شراء ‌أو‌ وقف‌ ‌أو‌ نحو ‌ذلك‌، فهل‌ تبطل‌ تلك‌ التصرفات‌ و يسترد العين‌ ‌أو‌ ينتقل‌ حقه‌ ‌إلي‌ المثل‌ و القيمة ‌أو‌ يفرق‌ ‌بين‌ العقد الجائز فيبطل‌ و ‌بين‌ اللازم‌ فيبقي‌ و ينتقل‌ ‌إلي‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة و مثله‌ الكلام‌ ‌لو‌ وجدها مستأجرة فهل‌ تنفسخ‌ الإجارة ‌أو‌ يأخذها مسلوبة المنفعة ‌أو‌ يأخذ عوض‌ المنفعة و ‌كذا‌ ‌لو‌ زاد ‌في‌ الغبن‌ غرساً ‌أو‌ صبغاً ‌أو‌ مزجها بغيرها و الفروع‌ هنا كثيرة و المسألة مشكلة و الأقرب‌ الرجوع‌ ‌إلي‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة و إبقاء تلك‌ العقود ‌علي‌ حالها

(الخامس‌ ‌من‌ المسقطات‌) ‌عند‌ البعض‌ التلف‌،

و التلف‌ اما ‌إن‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ اتفاقياً ‌أو‌ بمتلف‌ فان‌ تلف‌ ‌ما ‌في‌ يد المغبون‌ و ‌كان‌ اتفاقياً فقد عرفت‌ ‌إن‌ البعض‌ (و لعله‌ الأشهر) يسقطون‌ الخيار معتلين‌ بعدم‌ إمكان‌ الاستدراك‌ اي‌ زوال‌ الموضوع‌ و عرفت‌ ‌إن‌ ‌هذه‌ العلة عليلة و ‌إن‌ التدارك‌ يمكن‌ بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة ‌كما‌ ‌في‌ ‌غيره‌ ‌من‌ أنواع‌ الخيارات‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ يسقط ‌شيء‌ ‌منها‌ بالتلف‌، ‌نعم‌ ‌قد‌ تعترض‌ هنا قاعدة (‌إن‌ التلف‌ ‌في‌ زمن‌ الخيار ممن‌ ‌لا‌ خيار ‌له‌) فتزيل‌ موضوع‌ الخيار بانفساخ‌ العقد قهرا، ‌كما‌ عرفته‌ مفصلا، و لكنها ‌علي‌ الظاهر مختصة بخيار المجلس‌ و الحيوان‌ و الشرط، و ‌لو‌ تلف‌ ‌ما يد المغبون‌ بمتلف‌ فاما ‌إن‌ ‌يكون‌ المتلف‌ ‌هو‌ المغبون‌ ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ سقوط خياره‌ حينئذ ضرورة ‌إن‌ تصرفه‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ أهون‌ ‌من‌ التلف‌ مسقط فكيف‌بالتلف‌، ‌نعم‌ يمكن‌ الخدشة ‌فيه‌ بان‌ التصرف‌ المسقط ‌هو‌ الدال‌ ‌علي‌ الرضا فالاتلاف‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌عن‌ رضا و التزام‌ بالعقد فهو و الا ‌فلا‌. و اما ‌إن‌ ‌يكون‌ الغابن‌ فخيار المغبون‌ بحاله‌ ‌فإن‌ فسخ‌ استرد ‌من‌ الغابن‌ ‌ما دفعه‌ ‌من‌ المسمي‌ و ‌إن‌ امضي‌ أخذ ‌منه‌ غرامة العين‌‌-‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة‌-‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ المتلف‌ أجنبيا و فسخ‌ المغبون‌ استرد ‌من‌ الغابن‌ ثمنه‌ المسمي‌ و يرجع‌ الغابن‌ ‌علي‌ الأجنبي‌ بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة و ‌إن‌ امضي‌ رجع‌ ‌علي‌ الأجنبي‌ بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة و ‌لو‌ تلف‌ ‌ما ‌في‌ يد الغابن‌ فان‌ ‌كان‌ اتفاقياً سماوياً و فسخ‌ المغبون‌ غرم‌ ‌له‌ بدل‌ الثمن‌ المسمي‌ و ‌إن‌ امضي‌ غرم‌ ‌له‌ القيمة ‌أو‌ المثل‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ بمتلف‌ فان‌ ‌كان‌ ‌هو‌ الغابن‌ بنفسه‌ فكذلك‌ ‌في‌ حالتي‌ الفسخ‌ و الإمضاء و ‌إن‌ ‌كان‌ المتلف‌ ‌هو‌ نفس‌ المغبون‌ و فسخ‌ رد العين‌ و ‌لا‌ ‌شيء‌ ‌له‌ لأنه‌ ‌قد‌ أتلف‌ ماله‌ و ‌إن‌ امضي‌ غرم‌ للغابن‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة و ‌إن‌ ‌كان‌ المتلف‌ أجنبياً و امضي‌ المغبون‌ رجع‌ ‌علي‌ المتلف‌ بالغرامة و ‌إن‌ فسخ‌ تخير ‌بين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الغابن‌ ‌لأن‌ يده‌ ‌كانت‌ ‌قد‌ استقرت‌ ‌علي‌ ماله‌ فان‌ غرم‌ الغابن‌ ‌له‌ رجع‌ ‌علي‌ الأجنبي‌ و ‌بين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الأجنبي‌ لأنه‌ ‌هو‌ المتلف‌ و قرار الضمان‌ ‌عليه‌ فإذا غرم‌ ‌له‌ برئت‌ ذمة الغابن‌ ‌لأن‌ المال‌ ‌لا‌ يضمن‌ مرتين‌.

‌هذه‌ صورة مصغرة و جرعة يسيرة ‌من‌ عين‌ غزبرة ‌من‌ فروع‌ ‌هذا‌ الأصل‌ و مصاريع‌ ‌هذا‌ الباب‌ و بقي‌ ‌من‌ مسائل‌ خيار الغبن‌ مسألتان‌ مهمتان‌ تعرض‌ لها ‌بعض‌ اعلامنا المتأخرين‌ باوفي‌ بسط ‌من‌ التحقيق‌ و علقنا ‌عليه‌ جملة ‌من‌ الملاحظات‌ و النقوش‌ و هما قضية جريان‌ خيار الغبن‌ ‌في‌ ‌غير‌ البيع‌ ‌من‌ عقود المعاوضات‌ المالية اللازمة كالإجارة و الصلح‌ و الهبةالمعوضة و غيرها، و أدلة ‌هذا‌ الخيار ‌من‌ الآية و قاعدة الضرر تقتضي‌ الاطراد ‌في‌ الجميع‌ و ‌لكن‌ الأصحاب‌ ‌لم‌ يذكروه‌ ‌إلا‌ ‌في‌ البيع‌ و ‌لكن‌ ‌هذا‌ ‌لا‌ يقتضي‌ الاختصاص‌ ‌مع‌ عموم‌ الدليل‌.

(الثانية) اختلف‌ الفقهاء ‌في‌ ‌إن‌ ‌هذا‌ الخيار ‌بعد‌ العلم‌ بالغبن‌ هل‌ ‌هو‌ ‌علي‌ الفور ‌أو‌ ‌علي‌ التراخي‌

و استدل‌ ‌الأوّل‌ ‌بما‌ عرفت‌ ‌غير‌ مرة ‌من‌ أصالة اللزوم‌ ‌في‌ العقود و خرج‌ ‌منه‌ لدفع‌ الضرر ساعة علمه‌ بالغبن‌ ‌علي‌ اليقين‌ و يبقي‌ ‌ما عداه‌ ‌من‌ المشكوك‌ ‌في‌ عموم‌ أصل‌ اللزوم‌ و ‌قد‌ مر عليك‌ ‌في‌ نظائره‌ ‌أنّه‌ ‌هو‌ الأقرب‌، و استدل‌ ‌الثاني‌ باستصحاب‌ الخيار الثابت‌ حين‌ العلم‌ بالغبن‌ ‌علي‌ اليقين‌ فيستصحب‌ ‌إلي‌ ‌ما بعده‌ ‌من‌ الأزمنة المشكوكة ‌أو‌ الافراد المشكوكة و ‌هذه‌ المسألة أيضاً ‌من‌ المسائل‌ المعقدة و ‌فيها‌ تحقيقات‌ عميقة وثيقة الارتباط بالقواعد الأصولية و عنوانها ‌إن‌ العام‌ الأفرادي‌‌-‌ الزماني‌ ‌أو‌ الاحوالي‌‌-‌ ‌إذا‌ تخصص‌ بفرد ‌أو‌ زمان‌ ‌أو‌ بحال‌ قطعاً ‌ثم‌ شك‌ ‌في‌ الزمان‌ ‌الثاني‌ ‌أو‌ الحال‌ ‌الثاني‌ ‌أنّه‌ محكوم‌ بحكم‌ الخاص‌ ‌أو‌ بحكم‌ العام‌‌-‌ أصالة العموم‌ تقتضي‌ ‌الثاني‌ و استصحاب‌ حكم‌ المخصص‌ يقتضي‌ ‌الأوّل‌، مثلا أصالة اللزوم‌ تقتضي‌ وجوب‌ الوفاء بالعقد و الالتزام‌ ‌به‌ ‌في‌ ‌كل‌ زمان‌ و ‌كل‌ حال‌ خرج‌ حال‌ العلم‌ بالغبن‌ قطعاً و أدلة خيار الغبن‌ و نشك‌ ‌عند‌ الحال‌ ‌الثاني‌ ‌في‌ بقاء الخيار كالحال‌ ‌ألذي‌ قبله‌ ‌أو‌ ‌أنّه‌ فرد ‌من‌ العام‌ يجري‌ ‌عليه‌ حكم‌ العموم‌ ‌من‌ وجوب‌ الوفاء و اللزوم‌ ‌هذا‌ عنوان‌ المسألة و تحقيقها يحال‌ ‌إلي‌ ‌إلي‌ محله‌ ‌من‌ الموسوعات‌ و ‌لا‌ يصلح‌ هنا أكثر ‌من‌ ‌هذا‌، و بخيار الغبن‌ انهت‌ (المجلة) أبواب‌ الخيار السبعة، و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ كلا ‌من‌ خيار النقدو الوصف‌ يرجع‌ ‌إلي‌ خيار الشرط، و خيار التعيين‌ ‌لا‌ ربط ‌له‌ بباب‌ الخيارات‌ أصلًا، و ‌هو‌ تخيير ‌لا‌ خيار، و ‌قد‌ وقع‌ ‌في‌ مثل‌ ‌هذا‌ الوهم‌ ‌بعض‌ شراح‌ (المجلة) فاستدرك‌ عليها خياراً سماه‌ (خيار الاستحقاق‌) و ‌قال‌ ‌أنّه‌ ‌من‌ جملة الخيارات‌ الا ‌إن‌ (المجلة) ‌لم‌ تبحث‌ ‌عنه‌ و ‌إن‌ كثيراً ‌من‌ (الحكام‌) يقع‌ ‌في‌ المشكلات‌ العظيمة ‌في‌ دعاوي‌ الاستحقاق‌ و القانون‌ المدني‌ الفرنسي‌ بحث‌ ‌عن‌ الاستحقاق‌ بمواد كثيرة، و فسره‌ ‌بما‌ ملخصه‌‌-‌:

«‌إن‌ المشتري‌ ‌إذا‌ اشتري‌ مبيعاً و ‌قبل‌ قبضه‌ ادعاه‌ آخر بالاستحقاق‌ كلا ‌أو‌ قسما و ضبطه‌ كدابة ضبط نصفها ‌أو‌ دابتين‌ و ضبط إحديهما و ‌لم‌ يجز البيع‌ انفسخ‌ البيع‌ ‌في‌ القدر المستحق‌ و تخير المشتري‌ ‌مع‌ ‌عدم‌ علمه‌ ‌بين‌ الفسخ‌ ‌في‌ الباقي‌ ‌أو‌ قبوله‌ بنسبته‌ ‌من‌ الثمن‌» انتهي‌.

و ‌قد‌ ذكر فقهاؤنا ‌هذه‌ الصورة ‌في‌ باب‌ (‌من‌ باع‌ ‌ما يملك‌ و ‌ما ‌لا‌ يملك‌) و ‌إن‌ المالك‌ ‌إذا‌ أجاز و قلنا بتعميم‌ الفضولي‌ لمثل‌ ‌هذا‌ البيع‌ ‌ثم‌ العقد و ‌لا‌ خيار للمشتري‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يجز ‌أو‌ قلنا بأن‌ إجازته‌ ‌لا‌ تجدي‌ صح‌ البيع‌ فيما يملك‌ فقط و بطل‌ ‌من‌ أصله‌ ‌في‌ ‌غيره‌ الا ‌أنّه‌ ينفسخ‌ و ‌يكون‌ للمشتري‌ خيار ‌بين‌ الإمضاء ‌في‌ الباقي‌ و ‌بين‌ الفسخ‌ ‌فيه‌، و ‌هذا‌ ‌هو‌ خيار تبعض‌ الصفقة بعينه‌ و القضية فرع‌ ‌من‌ فروعه‌، و ‌ليس‌ ‌هو‌ خيار مستقل‌ برأسه‌، ‌أما‌ ‌ما غرمه‌ المشتري‌ ‌علي‌ تقدير قبض‌ العين‌ الغير مملوكة للبائع‌ و تصرفاته‌ ‌فيها‌ ‌من‌ غرس‌ و بناء و نحو ‌ذلك‌ فقد ذكروا أحكامها تفصيلا ‌في‌ باب‌ (المقبوض‌ بالعقد الفاسد) و جعلوا ضمانها ‌علي‌ البائع‌ ‌إن‌ ‌كان‌ المشتري‌ جاهلا و البائع‌عالماً، و ‌إن‌ كانا جاهلين‌ ‌أو‌ المشتري‌ عالماً و البائع‌ جاهلا فالضمان‌ ‌علي‌ المشتري‌ و ‌إذا‌ ‌كان‌ مغروراً ‌من‌ أجنبي‌ رجع‌ ‌علي‌ ‌من‌ غره‌، ‌إلي‌ تحقيقات‌ كثيرة. و مباحث‌ واسعة، طولا و عرضا.

‌ثم‌ استدرك‌ ‌علي‌ (المجلة) بخيار آخر سماه‌ (خيار الخيانة) و ‌هو‌ ‌ما ‌إذا‌ ظهرت‌ خيانة البائع‌ ‌في‌ البيع‌ بالمرابحة فللمشتري‌ الخيار ‌إن‌ شاء ترك‌ المبيع‌ و ‌إن‌ شاء قبله‌ بجميع‌ الثمن‌ المسمي‌، ا ه و ‌لا‌ ريب‌ انك‌ تطالب‌ بدليل‌ ‌هذا‌ الخيار ‌فلا‌ تجده‌ و تلجأ ‌إلي‌ القاعدة ‌من‌ صحة العقد و لزومه‌ بمقدار الثمن‌ الواقعي‌ و تسقط الزيادة ‌الّتي‌ أنت‌ ‌من‌ الخيانة اللهم‌ الا ‌إن‌ تتشبث‌ بأذيال‌ خيار الشرط و تقول‌ ‌إن‌ الشرط ‌كان‌ بينهما ‌ذلك‌ و ‌قد‌ خالفه‌ البائع‌ فيتخير المشتري‌.

إذاً فهو ‌من‌ فروع‌ خيار الشرط ‌لا‌ خيار مستقل‌، و مثل‌ ‌ذلك‌ الكلام‌ ‌في‌ بيع‌ التولية ‌لو‌ خان‌ ‌في‌ بيان‌ مقدار الثمن‌ فاعرف‌ ‌هذا‌ و تدبره‌ جيداً.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما