يكشنبه 16 ارديبهشت 1403  
 
 
الباب‌ ‌الأوّل‌ (‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بعقد الهبة

الباب‌ ‌الأوّل‌ (‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بعقد الهبة)

  


و يشتمل‌ ‌علي‌ فصلين‌) الفصل‌ ‌الأوّل‌ ‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بركن‌ الهبة و قبضها الكلام‌ ‌في‌ الهبة يلزم‌ ‌إن‌ يقع‌ ‌في‌ أربع‌ نواح‌‌-‌ الواهب‌‌-‌ الموهوب‌ ‌له‌ العين‌ الموهوبة‌-‌ عقد الهبة و شروطه‌ و حكمها ‌من‌ جواز ‌أو‌ لزوم‌ ‌أو‌ غيرهما و ‌قد‌ تعرضت‌ «المجلة» للعقد أولا و ‌هو‌ ركنها الأعظم‌ ‌في‌

مادة (837) تنعقد الهبة بالإيجاب‌ و القبول‌ و تتم‌ بالقبض‌،،،

اعلم‌ ‌إن‌ جميع‌ العقود المجانية ‌الّتي‌ مر عليك‌ عناوينها ‌لا‌ يترتب‌ عليها أي‌ أثر ‌إلا‌ ‌بعد‌ القبض‌ فهو ركنها الأعظم‌ و شطرها ‌أو‌ شرطها الأهم‌، اي‌ أهم‌ ‌حتي‌ ‌من‌ الإيجاب‌ و القبول‌ الا تري‌‌-‌ ‌إن‌ الهبة مثلا يترتب‌ عليها أثرها المهم‌ و ‌هو‌ التمليك‌ بغير إيجاب‌ و قبول‌ ‌كما‌ ‌لو‌ أنشأ الهبة بالإعطاء ‌مع‌ القبض‌ فإنها تفيد الملكية ‌كما‌ تفيدها المعاطاة ‌في‌ البيع‌ ‌علي‌ المشهور بخلاف‌ ‌ما ‌لو‌ حصل‌ الإيجاب‌ و القبول‌ بدون‌ قبض‌ فإنه‌ ‌لا‌ اثر لهما أصلا فركنية القبض‌ ‌في‌ ‌هذه‌ العقود أهم‌ ‌من‌ ركنية الإيجاب‌ و القبول‌ ‌بل‌ ينسب‌ ‌إلي‌ ‌بعض‌ ‌عدم‌ الحاجة ‌إلي‌ القبول‌ و كفاية الإيجاب‌، وحده‌ فتكون‌ عنده‌ ‌من‌الإيقاعات‌ و ‌هو‌ شاذ. اما اعتبار القبض‌ ‌في‌ مطلق‌ العقود المجانية و خصوص‌ الهبة فالظاهر ‌أنّه‌ موضع‌ اتفاق‌ المسلمين‌ و ‌عند‌ عامة المذاهب‌ و اخبار الفريقين‌ ‌به‌ متظافرة. و ‌في‌ النبوي‌ المشهور (‌لا‌ تجوز الهبة ‌إلا‌ مقبوضة) و لعل‌ حكمة التشريع‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ ‌إن‌ الشارع‌ الحكيم‌ ‌حيث‌ وجد المجانيات‌ محض‌ تفضل‌ و إحسان‌ و بذلا للمال‌ بلا عوض‌ أراد ‌إن‌ يعطي‌ الواهب‌ الباذل‌ فسحة للرؤية. و مجالا للتدبر و ربما بدا ‌له‌ العدول‌ ‌بعد‌ الإيجاب‌ و القبول‌، فلو لزم‌ ‌عليه‌ بالقول‌ وحده‌ لكان‌ ضيقا و حرجا ‌عليه‌ و تضييعا لماله‌ لذلك‌ ‌لم‌ يكتف‌ بالقول‌ ‌حتي‌ يتبعه‌ بالفعل‌ اعني‌ الدفع‌ ‌من‌ الباذل‌ و القبض‌ ‌من‌ المبذول‌ ‌له‌ «و ‌لو‌ قيل‌» يكفي‌ لهذا الغرض‌ جعل‌ العقد جائزا فيرجع‌ متي‌ شاء (قلنا) أ ‌ليس‌ الرجوع‌ ‌بعد‌ حصول‌ الملكية قبيحا شرعا ‌كما‌ ‌هو‌ كذلك‌ عرفا، و الراجع‌ ‌في‌ هبته‌ كالراجع‌ ‌في‌ قيئه‌ فدفعا لهذا القبح‌ و ‌هذه‌ الحزازة ‌لم‌ يجعل‌ العقد بنفسه‌ مؤثرا أصلا كي‌ ‌لا‌ يحتاج‌ ‌إلي‌ الرجوع‌ ‌كما‌ ‌في‌ العقد الجائز ‌فإن‌ أقبض‌ نفذ و الا ‌فلا‌، و ‌هذا‌ كله‌ بخلاف‌ عقود المعاوضات‌ لمكان‌ العوض‌ ‌فيها‌ بخلافه‌ هنا فليتدبر، و ظهر ‌بما‌ ذكرنا ‌إن‌ حق‌ التعبير ‌في‌ (المجلة) ‌إن‌ تقول‌: ‌لا‌ تنعقد الهبة بالإيجاب‌ و القبول‌ ‌قبل‌ القبض‌ ‌أو‌ ‌ما يؤدي‌ ‌ذلك‌

مادة «838» الإيجاب‌ ‌في‌ الهبة ‌هو‌ الألفاظ المستعملة ‌في‌ تمليك‌ المال‌ مجانا كاكرمت‌ و وهبت‌ و أهديت‌.

و ‌قد‌ مر ‌غير‌ مرة ‌إن‌ خاصية العقود الجائزة كفاية ‌كل‌ لفظ يدل‌ عليها حقيقة ‌أو‌ مجازا ‌مع‌ القرينة و قصد إنشاء معني‌ ‌ذلك‌ العقد ‌بل‌ يمكن‌دعوي‌ ‌ذلك‌ ‌حتي‌ ‌في‌ العقود اللازمة و انها ‌لا‌ تختص‌ بصيغ‌ خاصة ‌كما‌ سبق‌ ‌في‌ الجزء ‌الأوّل‌ و كيف‌ ‌كان‌ فالهبة و الصدقة بالمنقول‌ ‌لا‌ تختص‌ بصيغة معينة و يكفي‌ ‌فيها‌ ‌كل‌ ‌ما دل‌ عليها مثل‌ خذه‌ و ‌هو‌ لك‌ مجانا و ‌ما أشبه‌ ‌ذلك‌ و ‌لا‌ فرق‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ ‌بين‌ الزوج‌ و الزوجة ‌أو‌ غيرهما و المدار ‌علي‌ القرائن‌ حالية ‌أو‌ مقالية ‌بل‌ يكفي‌ قصد إنشاء التمليك‌ بالفعل‌ اعني‌ العطاء فيكون‌ هبة معاطاتية ‌كما‌ ‌في‌ مادة «839» تنعقد الهبة بالتعاطي‌ ‌أيضا‌،،، و ‌لو‌ ‌قال‌ بالعطاء ‌أو‌ الإعطاء لكان‌ أحسن‌.

و انما تنعقد بالعطاء ‌حيث‌ تكون‌ هناك‌ قرينة قاطعة و الا ‌فلا‌ فمجرد الإعطاء ‌لا‌ يكفي‌ ‌في‌ ‌الحكم‌ بأنه‌ هبة ‌بل‌ يبقي‌ ‌علي‌ ملك‌ ‌الأوّل‌ بالاستصحاب‌ ‌حتي‌ يحصل‌ اليقين‌ ‌كما‌ ‌إن‌ بالعطاء تتم‌ الهبة و ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ القبول‌؟؟؟

القبض‌ قبول‌ فعلي‌ ‌كما‌ ‌في‌ مادة (840) الإرسال‌ و القبض‌ ‌في‌ الهبة يقوم‌ مقام‌ الإيجاب‌ و القبول‌ لفظا، و مادة «841» القبض‌ ‌في‌ الهبة كالقبول‌ ‌في‌ البيع‌.

و ‌كان‌ الاولي‌ جمع‌ ‌هذه‌ المواد الثلاث‌ ‌في‌ مادة واحدة ‌بل‌ بكلمة واحدة فتقول‌ مثلا: تنعقد الهبة بالعقد و القبض‌ و تتحقق‌ ‌أيضا‌ بالعطاء و القبض‌ و ‌كل‌ ‌ما ذكرته‌ المجلة هنا زيادة مستدركة.

‌ثم‌ ‌إن‌ المشهور ‌عند‌ فقهاء الإمامية ‌إن‌ القبض‌ المعتبر ‌في‌ صحة الهبة يشترط ‌فيه‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ بإذن‌ الواهب‌ فلو قبضه‌ المتهب‌ بدون‌ اذنه‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌له‌ أثر ‌في‌ الصحة و عللوه‌ بعلة معقولة و ‌هي‌ ‌إن‌ العين‌ ‌بعد‌ العقد ‌قبل‌ القبض‌ ‌حيث‌ انها باقية ‌علي‌ ملك‌ الواهب‌ فقبض‌ المتهب‌ لها تصرف‌ بمال‌ الغيربدون‌ اذنه‌ و ‌هو‌ حرام‌ ‌فلا‌ يترتب‌ ‌عليه‌ أثر شرعي‌، و ‌هي‌ و ‌إن‌ أمكن‌ المناقشة ‌فيها‌ و لكنها ببعض‌ الاعتبارات‌ ‌الّتي‌ مرت‌ الإشارة إليها متجهة ‌بل‌ و قوية، فما قواه‌ السيد الأستاذ (ره‌) ‌في‌ ملحقات‌ العروة ‌من‌ ‌عدم‌ لزوم‌ الاذن‌ ‌هو‌ ‌إلي‌ الضعف‌ أقرب‌ ‌منه‌ ‌إلي‌ القوة وفاقا ‌لما‌ نصت‌ ‌عليه‌ (المجلة) ‌في‌ مادة (842) يلزم‌ اذن‌ الواهب‌ صراحة ‌أو‌ دلالة ‌في‌ القبض‌.

و وجهه‌ ‌ما عرفت‌ ‌من‌ بقاء ملكية الواهب‌ ‌فلا‌ ‌يجوز‌ للمتهب‌ قبض‌ العين‌ بدون‌ اذن‌ مالكها و ‌لو‌ تلفت‌ ‌في‌ يده‌ ‌كان‌ ضامنا و ‌لو‌ اعترف‌ الواهب‌ بالاذن‌ و أنكر الإذن‌ بالقبض‌ ‌كان‌ القول‌ ‌قوله‌‌-‌ فما ذكرته‌ (المجلة) ‌من‌ اعتبار الاذن‌ صحيح‌ و ‌لكن‌ ‌ما ‌في‌ مادة (843) إيجاب‌ الواهب‌ اذن‌ بالقبض‌ دلالة.

‌علي‌ إطلاقه‌ ممنوع‌ ‌بل‌ ‌إن‌ اقترن‌ الإيجاب‌ بقرينة تدل‌ ‌علي‌ الاذن‌ كفي‌ و الا ‌فلا‌ اما صرف‌ الإيجاب‌ ‌فلا‌ دلالة ‌فيه‌ ‌علي‌ الاذن‌ بالقبض‌ أصلا بشي‌ء ‌من‌ الدلالات‌ الثلاث‌ إذ الدلالة فرع‌ التلازم‌ و ‌لا‌ تلازم‌ ‌بين‌ الأمرين‌ بجميع‌ الوجوه‌ «و دعوي‌» ‌إن‌ مقصود الواهب‌ ‌لما‌ ‌كان‌ ‌هو‌ إثبات‌ ملكية الموهوب‌ بعقد الهبة فيكون‌ الإيجاب‌ تسليطا ‌علي‌ القبض‌ تحصيلا لمقصوده‌ ففي‌ الإيجاب‌ دلالة ‌علي‌ الاذن‌ بالملازمة (مدفوعة) بان‌ كون‌ قصده‌ إثبات‌ الملكية إنشاء مسلم‌ و ‌لكن‌ كون‌ قصده‌ تحقيقها بالفعل‌ ‌غير‌ مسلم‌ و الملازمة تأتي‌ ‌علي‌ ‌الثاني‌ ‌لا‌ ‌الأوّل‌ فتدبره‌.

و قول‌ (المجلة) و اما إذنه‌ صراحة فهو ‌قوله‌ خذ ‌هذا‌ المال‌ فاني‌ وهبتك‌ ‌إلي‌ آخره‌ ‌هو‌ ‌من‌ الواضحات‌ الغنية ‌عن‌ البيان‌ انما البحث‌ فيما ذكروه‌ ‌في‌ مادة (844) ‌إذا‌ اذن‌ الواهب‌ صراحة بالقبض‌ فيصح‌ قبض‌ الموهوب‌ ‌له‌ المال‌ الموهوب‌ ‌في‌ مجلس‌ الهبة و ‌بعد‌ الافتراق‌ و اما إذنه‌ بالقبض‌ دلالة فمقيد بمجلس‌ الهبة و ‌لا‌ يعتبر ‌بعد‌ الافتراق‌ مثلا ‌لو‌ ‌قال‌ وهبتك‌ ‌هذا‌ و قبضه‌ الموهوب‌ ‌له‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ المجلس‌ يصح‌ و اما ‌لو‌ قبضه‌ ‌بعد‌ الافتراق‌ ‌فلا‌ يصح‌. كذلك‌ ‌لو‌ ‌قال‌ وهبتك‌ المال‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ ‌في‌ المحل‌ الفلاني‌ و ‌لم‌ يقل‌ اذهب‌ و خذه‌ فإذا ذهب‌ الموهوب‌ ‌له‌ و أخذه‌ ‌لا‌ يصح‌ ‌فإن‌ التفرقة ‌بين‌ الاذن‌ صراحة فيصح‌ القبض‌ ‌حتي‌ ‌بعد‌ الافتراق‌ و ‌بين‌ الاذن‌ دلالة فمقيد بمجلس‌ الهبة تحكم‌ صرف‌ و تفرقة ‌من‌ ‌غير‌ وجه‌ فارق‌ إذ المدار ‌علي‌ الاذن‌ و وجود ‌ما يدل‌ ‌عليه‌ و ‌بعد‌ حصول‌ الدلالة فأي‌ فرق‌ ‌بين‌ الكناية و التصريح‌ و لعلها أبلغ‌، و الحق‌ عندنا معشر الإمامية ‌إن‌ المعتبر ‌هو‌ الاذن‌ فإذا حصل‌ العلم‌ ‌به‌ ‌من‌ اي‌ طريق‌ كفي‌ ‌في‌ الصحة سواء قبض‌ ‌في‌ مجلس‌ الهبة ‌أو‌ ‌في‌ مجلس‌ آخر و سواء ‌كان‌ الاذن‌ ‌في‌ مجلس‌ الهبة ‌أو‌ بعده‌ ‌بل‌ ربما يظهر ‌من‌ ‌بعض‌ أخبار أئمتنا (ع‌) امتداد الأجل‌ ‌إلي‌ الأجل‌ فلو اذن‌ و قبض‌ ‌قبل‌ الموت‌ صحت‌ الهبة ‌الّتي‌ سبقت‌ بأمد طويل‌.

مادة (845) للمشتري‌ ‌إن‌ يهب‌ المبيع‌ ‌قبل‌ قبضه‌ ‌من‌ البائع‌

الظرف‌ الأخير ‌إن‌ تعلق‌ بالفعل‌ ‌كان‌ المعني‌ ‌إن‌ المشتري‌ ‌له‌ ‌إن‌يهب‌ ‌ما اشتراه‌ للبائع‌ ‌قبل‌ قبضه‌ ‌منه‌ و ‌هذا‌ صحيح‌ نافذ فان‌ المعتبر قبض‌ الموهوب‌ ‌له‌ و ‌هو‌ حاصل‌ ‌لا‌ الواهب‌ ‌ألذي‌ اشتري‌ و ‌لم‌ يقبض‌، و توهم‌ بعضهم‌ ‌إن‌ ‌هذا‌ يرجع‌ ‌إلي‌ الإقامة واضح‌ الفساد إذ ‌هي‌ حل‌ لعقد البيع‌ و لذا يرجع‌ بالثمن‌ و الهبة هنا تؤكد البيع‌ و ليست‌ حلا ‌له‌ و لذا ‌لا‌ يرجع‌ بالثمن‌ و ‌إن‌ تعلق‌ الظرف‌ بالمصدر ‌كان‌ معناه‌ ‌إن‌ المشتري‌ ‌له‌ ‌إن‌ يهب‌ للغير ‌ما اشتراه‌ ‌قبل‌ قبضه‌ ‌من‌ بايعه‌ فيكون‌ أعم‌ ‌من‌ ‌الأوّل‌ يعني‌ ‌له‌ ‌إن‌ يهبه‌ للبائع‌ ‌أو‌ لغيره‌ و ‌هذا‌ ‌أيضا‌ صحيح‌ ‌لما‌ عرفت‌ ‌من‌ ‌عدم‌ اعتبار قبض‌ الواهب‌ ‌بل‌ تتوقف‌ ‌علي‌ قبض‌ الموهوب‌ ‌له‌. و ‌عليه‌ يتفرع‌ مادة (846) ‌من‌ وهب‌ ماله‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ ‌في‌ يد آخر تتم‌ الهبة و ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ القبض‌ و التسليم‌ مرة أخري‌ و المقصود بهذه‌ المادة بيان‌ ‌إن‌ قبض‌ المتهب‌ لازم‌ لصحة الهبة ‌حيث‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ مقبوضا ‌له‌ و ‌في‌ يده‌ اما ‌لو‌ ‌كان‌ ‌في‌ يده‌ ‌فلا‌ حاجة ‌إلي‌ قبض‌ جديد بأن‌ يأخذه‌ ‌منه‌ و يرده‌ ‌عليه‌، و القبض‌ السابق‌ كاف‌ مهما ‌كان‌ سواء ‌كان‌ بوجه‌ صحيح‌ ‌أو‌ ‌لا‌ كالغصب‌ و نحوه‌ و سواء ‌كان‌ ضمانيا كالمقبوض‌ بالسوم‌ و نحوه‌ ‌أو‌ ‌غير‌ ضماني‌ كالأمانات‌ و سواء ‌كان‌ مضمونا بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة ‌أو‌ المسمي‌ كالمبيع‌ المستأجر فالقبض‌ السابق‌ ‌في‌ جميع‌ ‌هذه‌ الموارد يقوم‌ مقام‌ القبض‌ الجديد ‌في‌ الهبة ‌حتي‌ ‌لو‌ وهب‌ المالك‌ غاصبه‌ المغصوب‌ ‌ألذي‌ ‌في‌ يده‌ صح‌. و ظاهر الأصحاب‌ ‌عدم‌ الحاجة ‌أيضا‌ ‌إلي‌ الاذن‌ باستمرار القبض‌، و استدلوا بوجوه‌ أوجهها انصراف‌ أدلة القبض‌ ‌أو‌ الاذن‌ ‌به‌ ‌عن‌ ‌هذه‌ الصورة و ‌قد‌ ناقش‌ السيد الأستاذ رحمه‌ اللّه‌ ‌في‌ تلك‌ ‌ثم‌ عول‌ ‌علي‌ الانصراف‌ أخيرا.

مادة (847) ‌إذا‌ وهب‌ أحد دينه‌ للمديون‌ ‌أو‌ أبرأ ذمته‌ ‌من‌ الدين‌ و ‌لم‌ يرده‌ المديون‌ تصح‌ الهبة و يسقط ‌عنه‌ الدين‌ ‌في‌ الحال‌

قيد ‌عدم‌ رد المديون‌ ‌لا‌ محل‌ ‌له‌ أصلا، و تحرير ‌هذا‌ البحث‌ ‌إن‌ هبة الدين‌ اما ‌إن‌ تكون‌ للمدين‌ ‌أو‌ لغيره‌ فان‌ ‌كانت‌ لغيره‌ فهي‌ هبة محضة يلزمها القبول‌ ‌كما‌ يلزمها القبض‌ و الا ‌فلا‌ اثر لها بدونه‌ ‌كما‌ تنص‌ ‌عليه‌ المادة الآتية، و ‌إن‌ ‌كانت‌ للمديون‌ فهي‌ ‌علي‌ نحوين‌ لان‌ الواهب‌ يقصد تارة إسقاط الدين‌ و إبراء ذمته‌ ‌منه‌ و ‌لا‌ تكون‌ ‌له‌ حالة منتظرة ‌بل‌ يوقعه‌ ناجزا فهذا إبراء و إسقاط محض‌ و ‌إن‌ وقع‌ بصورة الهبة و ‌لا‌ اثر للرد و القبول‌ ‌في‌ ‌هذه‌ الصورة أصلا ‌لأن‌ حقيقته‌ إيقاع‌ ‌لا‌ عقد و الإيقاعات‌ تتحقق‌ معانيها بمجرد إنشائها ‌إن‌ صدرت‌ ‌من‌ أهلها و ‌في‌ محلها. و تارة ‌يكون‌ صميم‌ قصده‌ الهبة بمعني‌ ‌أنّه‌ يريد ‌إن‌ يملكه‌ الدين‌ ‌ألذي‌ ‌له‌ ‌عليه‌ ‌كما‌ يملكه‌ للغير و ينتظر قبوله‌ و عدمه‌ فهذه‌ هبة محضة بأي‌ عبارة وقعت‌، و ‌هذا‌ موضع‌ ‌ما يقال‌ (‌إن‌ العقود تابعة للقصود) و ‌فيه‌ ‌يكون‌ مجال‌ للرد و القبول‌ فان‌ ‌قبل‌ المديون‌ صح‌ العقد و تمت‌ الهبة ‌لأن‌ ‌ما ‌في‌ الذمة مقبوض‌ حقيقة ‌أو‌ كالمقبوض‌ و ‌إن‌ رد ‌لم‌ يقع‌ ‌شيء‌ و بقي‌ مشغول‌ الذمة بالدين‌ ففي‌ الاولي‌ ‌لا‌ موضع‌ للرد و القبول‌ بخلاف‌ الثانية و ‌لا‌ صورة ثالثة ‌في‌ المقام‌.

و ‌في‌ ‌هذه‌ المادة خلل‌ ‌من‌ وجهين‌ (‌الأوّل‌) ‌إن‌ ظاهرها ‌عدم‌ لزوم‌ القبول‌ ‌في‌ ‌هذه‌ الهبة و لكنها ترد بالرد و ‌هذا‌ تهافت‌ و كجمع‌ ‌بين‌ المتنافيين‌ (‌الثاني‌) انها جعلت‌ الإبراء كالهبة ‌في‌ انها تبطل‌ بالرد ‌مع‌ ‌إن‌ الإبراء إيقاع‌ ‌كما‌ عرفت‌ و ‌لا‌ معني‌ للرد و القبول‌ أصلا و ‌كان‌ أرباب‌ المجلة اعتبرواهبة الدين‌ للمديون‌ ذات‌ وجهين‌ فمن‌ وجه‌ ‌هي‌ ترد بالرد و ‌من‌ أخري‌ إبراء ‌فلا‌ تحتاج‌ ‌إلي‌ قبول‌، و ‌قد‌ ظهر ‌إن‌ المدار ‌علي‌ قصده‌ اما هبة ‌أو‌ إبراء و هما معنيان‌ متغايران‌ و المرجع‌ ‌في‌ تشخيص‌ أحدهما ‌ما يظهر ‌منه‌ ‌من‌ حال‌ ‌أو‌ مقال‌ فتدبره‌ جيدا.

و ‌علي‌ ‌كل‌ حال‌ فبعد القبول‌ يشتركان‌ ‌في‌ سقوط الدين‌ حالا ‌كان‌ ‌أو‌ مؤجلا

مادة «848» ‌من‌ وهب‌ دينه‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ ‌في‌ ذمة أحد لآخر و اذنه‌ صراحة بالقبض‌

بقوله‌ اذهب‌ فخذه‌ فذهب‌ الموهوب‌ ‌له‌ و قبضه‌ تتم‌ الهبة، يعني‌ و تبرأ ذمة المديون‌ ‌من‌ دائنه‌ و ‌هي‌ أشبه‌ ‌ما تكون‌ بالحوالة و ‌إن‌ فارقتها ‌من‌ ‌بعض‌ الوجوه‌.

مادة (849) ‌إذا‌ توفي‌ الواهب‌ ‌أو‌ الموهوب‌ ‌له‌ ‌قبل‌ القبض‌ بطلت‌ الهبة،

يعني‌ ‌لا‌ ينتقل‌ حق‌ القبض‌ ‌إلي‌ ورثة الموهوب‌ ‌له‌ لان‌ المال‌ ‌قد‌ انتقل‌ ‌إلي‌ ورثة الواهب‌ و ليسوا هم‌ الواهبين‌ ‌كما‌ ‌إن‌ ورثة الموهوب‌ ‌له‌ ‌غير‌ موهوب‌ لهم‌ ‌حتي‌ يعتبر قبولهم‌ ‌أو‌ قبضهم‌، ‌نعم‌ ‌لو‌ جعلنا القبض‌ ‌بعد‌ اذن‌ الواهب‌ حقا ‌لا‌ حكما أمكن‌ القول‌ بانتقاله‌ ‌إلي‌ ورثة الموهوب‌ و ‌لا‌ يضر انتقاله‌ ‌إلي‌ ورثة الواهب‌ فإنه‌ ‌قد‌ انتقل‌ ‌علي‌ ‌هذه‌ الصفة و لكنه‌ مشكل‌

مادة (850) ‌إذا‌ وهب‌ أحد لابنه‌ الكبير العاقل‌ البالغ‌ شيئا فيلزم‌ التسليم‌،

حال‌ الولد الكبير حال‌ ‌غيره‌ ‌من‌ رحم‌ و ‌غيره‌ ‌في‌ اعتبار القبض‌ و ‌عدم‌ صحة الهبة بدونه‌ و ‌لكن‌ الهبة ‌إلي‌ الصغير و المجنون‌ ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ تكون‌ ‌من‌ ‌غير‌ الولي‌ ‌فلا‌ تصح‌ الا بقبض‌ الولي‌. و اما ‌إن‌ تكون‌ ‌منه‌ لأحدهما و ‌هي‌ ‌في‌ يده‌ و حينئذ فيكفي‌ قبضه‌ و ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ تجديد قبض‌.

و ‌لكن‌ الأصح‌ اعتبار تجديد القصد بان‌ يقصد بان‌ الموهوب‌ مقبوض‌ ‌عن‌ الصغير الموهوب‌ ‌له‌ و اما ‌إذا‌ و هبة ‌ما ‌ليس‌ ‌في‌ يده‌ ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ اعتبار قبضه‌ ‌فلا‌ يصير ملكا للصغير ‌حتي‌ يقبضه‌ وليه‌ الواهب‌، ‌عنه‌، و ‌إلي‌ ‌بعض‌ ‌ما ذكر أشارت‌ مادة (852) ‌إذا‌ وهب‌ أحد شيئا لطفل‌ تتم‌ الهبة بقبض‌ وليه‌ ‌أو‌ مربية.

و ‌لا‌ فرق‌ عندنا ‌في‌ ‌ذلك‌ ‌بين‌ المميز و ‌غيره‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌من‌ البعيد كفاية قبض‌ المميز و ‌لا‌ سيما بإذن‌ وليه‌.

مادة (854) الهبة المضافة ليست‌ صحيحة، مثلا ‌لو‌ ‌قال‌ وهبتك‌ الشي‌ء الفلاني‌ ‌في‌ رأس‌ الشهر الآتي‌ ‌لم‌ تصح‌.

يظهر ‌إن‌ مرادهم‌ بالهبة المضافة‌-‌ الهبة المعلقة ‌علي‌ وصف‌ محقق‌ الوقوع‌ كرأس‌ الشهر الآتي‌ ‌أو‌ ‌عند‌ طلوع‌ الشمس‌ ‌أو‌ ‌علي‌ شرط ‌غير‌ معلوم‌ الحصول‌ مثل‌ ‌إن‌ جاء ولدي‌ ‌من‌ السفر يوم‌ الجمعة، ‌أو‌ ‌إذا‌ عوفي‌ مريضي‌ و نحو ‌ذلك‌، و ‌قد‌ مر عليك‌ ‌غير‌ مرة ‌إن‌ التنجيز عندنا شرط ‌في‌ جميع‌ العقود لازمها و جائزها و ‌إن‌ التعليق‌ مفسد للعقد مطلقا، و ‌عليه‌ فان‌ ‌كان‌ الشرط ‌في‌ الهبة ينافي‌ تنجيزها بطل‌ الشرط و تبطل‌ الهبة ‌أيضا‌ الا ‌من‌ جهة ‌إن‌ الشرط الفاسد يفسد العقد إذ ‌ليس‌ المقام‌ ‌منه‌ و ‌لكن‌ لفقد شرط العقد و ‌هو‌ التنجيز، اما الشرط بذاته‌ فليس‌ بفاسد و انما فسد ‌من‌ ‌هذه‌ الناحية، و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌غير‌ مناف‌ لتنجيزها و ‌هي‌ لازمة لزوم‌ الشرط ‌أيضا‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ جائزة ‌كان‌ الشرط تابعا لها، و لزوم‌ الهبة المشروطة بالعوض‌ انما ‌هو‌ الدليل‌ الخاص‌ و الا فحقها ‌إن‌ تكون‌ جائزة ‌هي‌ و العوض‌.

و ‌من‌ هنا ‌قد‌ تشتبه‌ الشروط ‌بين‌ ‌ما ينافي‌ التنجيز و ‌ما ‌لا‌ ينافيه‌ مثلا ‌لو‌ ‌قال‌ وهبتك‌ كتابي‌ ‌هذا‌ بشرط ‌إن‌ يعود لي‌ ‌بعد‌ وفاتك‌ ‌أو‌ لورثتي‌ ‌أو‌ ‌قال‌ وهبته‌ لك‌ ‌بعد‌ وفاتي‌ ‌فإن‌ جعلناه‌ وصية صح‌ لان‌ طبع‌ الوصية التعليق‌ ‌علي‌ الموت‌ اما الهبة فيشكل‌ ‌فيها‌ ‌ذلك‌ ‌كما‌ ‌إن‌ الاسقاط و الإبراء ‌لا‌ يحتمل‌ شيئا ‌من‌ التعليق‌ أصلا فلو ‌قال‌ أنت‌ بري‌ء ‌من‌ ديني‌ ‌بعد‌ موتي‌ ‌لم‌ يصح‌ قطعا ‌لأن‌ الإبراء إيقاع‌ كالعتق‌ و الطلاق‌ و ‌لا‌ يصح‌ التعليق‌ فيهما اتفاقا ‌نعم‌ صح‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ خصوص‌ التدبير لدليله‌ الخاص‌ و ‌لا‌ يقاس‌ ‌عليه‌ و ‌علي‌ مناسبة ذكر الشروط ‌في‌ الهبة ذكرت‌ «المجلة» الهبة بشرط العوض‌ أي‌ الهبة المعوضة ‌في‌ مادة (855) تصح‌ الهبة بشرط العوض‌ و يعتبر الشرط و ‌قد‌ انبأناك‌ ‌من‌ قريب‌ ‌إن‌ العوض‌ ‌في‌ الهبة يلزم‌ عندنا ‌إن‌ ‌يكون‌ لنفس‌ الهبة فلو جعله‌ للموهوب‌ ‌كان‌ اما هبة فاسدة ‌لأن‌ حقيقة الهبة التمليك‌ المجاني‌ أي‌ تمليك‌ الموهوب‌ بلا عوض‌ ‌له‌ فلو شرط العوض‌ ‌له‌ ‌كان‌ شرطا منافيا لطبيعة العقد فيبطل‌ ‌هو‌ و العقد، و اما بيعا فاسدا بناء ‌علي‌ ‌عدم‌ جواز استعمال‌ صيغة عقد ‌في‌ عقد آخر أي‌ ‌في‌ إنشاء حقيقة عقد آخر اما أرباب‌ «المجلة» فيظهر منهم‌ انهم‌ يجعلون‌ العوض‌ لنفس‌ الموهوب‌ تبعا لأكثر فقهاءهم‌ فيكون‌ ‌كما‌ صرح‌ ‌به‌ بعضهم‌ هبة ‌في‌ البداية و بيعا ‌في‌ النهاية و يعتبرون‌ ‌فيها‌ التقابض‌ ‌في‌ المجلس‌ و الاذن‌ بعده‌ و يسحبون‌ عليها جملة ‌من‌ خصائص‌ البيع‌ كالشفعة و خيار الرؤية و جملة ‌من‌ الخيارات‌ العامة كخيار العيب‌ و نحوه‌ و ‌كل‌ ‌ذلك‌ ‌لا‌ يستقيم‌ ‌علي‌ مذهب‌ الإمامية ‌من‌ ‌إن‌ المعوضة هبة محضة ‌لا‌ تخرج‌ ‌عن‌ طبيعة الهبةبالتعويض‌ ‌نعم‌ ‌لا‌ ريب‌ ‌في‌ اعتبار التقابض‌ ‌فيها‌ ‌من‌ الجانبين‌ فلو أقبض‌ أحدهما و ‌لم‌ يقبضه‌ الآخر ‌كانت‌ جائزة و ‌لو‌ تقابضا لزمت‌ ‌من‌ الجانبين‌ و ‌هو‌ اي‌ العوض‌ المقبوض‌ أحد أسباب‌ لزوم‌ الهبة و سيأتي‌ بقية الملزومات‌ و ‌عليه‌ يبتني‌ الأمثلة ‌الّتي‌ ذكرت‌ ‌في‌ المتن‌ و ‌هي‌: مثلا ‌لو‌ وهب‌ أحد لآخر شيئا بشرط ‌إن‌ يعطيه‌ ‌كذا‌ عوضا ‌أو‌ يؤدي‌ دينه‌ المعلوم‌ المقدار ‌إذا‌ راعي‌ الموهوب‌ ‌له‌ الشرط و الا فللواهب‌ الرجوع‌ ‌عن‌ الهبة، و كذلك‌ ‌لو‌ وهب‌ أحد عقارا مملوكا لآخر بشرط ‌إن‌ يقوم‌ بنفقات‌ الواهب‌ ‌إلي‌ وفاته‌ ‌ثم‌ ندم‌ و أراد الرجوع‌ ‌عن‌ الهبة و استرداد ‌ذلك‌ العقار فليس‌ ‌له‌ ‌ذلك‌ ‌ما دام‌ الموهوب‌ ‌له‌ راضيا بإنفاقه‌ وفق‌ ‌ذلك‌ الشرط.

و الموهوب‌ ‌له‌ يملك‌ الموهوب‌ بمجرد دفع‌ العوض‌ ‌إن‌ ‌كان‌ عينا ‌أو‌ عملا دفعيا اما ‌لو‌ ‌كان‌ تدريجيا كالإنفاق‌ و ‌عدم‌ الطلاق‌ ‌لو‌ وهبته‌ صداقها و اشترطت‌ ‌عدم‌ طلاقها فإنه‌ يملك‌ الموهوب‌ ‌من‌ حين‌ شروعه‌ بالعمل‌ و تبقي‌ الملكية مراعاة بإتمامه‌ فيكون‌ ملكا متزلزلا كالمبيع‌ بالخيار ‌فإن‌ أتم‌ لزمت‌ و الا ‌كان‌ ‌له‌ حق‌ الرجوع‌ فلو طلقها استردت‌ المهر ‌منه‌، و ‌لو‌ مات‌ الموهوب‌ ‌له‌ المشروط ‌عليه‌ الإنفاق‌ ‌علي‌ الواهب‌ ‌إلي‌ حين‌ موته‌ وجب‌ ‌علي‌ ورثته‌ ‌إن‌ يقوموا مقام‌ أبيهم‌ ‌في‌ الإنفاق‌ ‌عليه‌ لانه‌ حق‌ مالي‌ تعلق‌ بذمة مورثهم‌ كدين‌ ‌من‌ ديونه‌ فيجب‌ عليهم‌ تفريغ‌ ذمته‌ ‌منه‌ فان‌ ‌لم‌ يفعلوا ‌كان‌ للواهب‌ ‌إن‌ يرجع‌ بهبته‌ و يدفع‌ لهم‌ ‌ما استوفاه‌ ‌من‌ النفقة الماضية و يسترد منهم‌ قيمة ‌ما استوفاه‌ مورثهم‌ ‌من‌ المنافع‌ ‌هذا‌ ‌ما تقتضيه‌ القواعد ‌في‌ ‌هذا‌ الفرع‌ و أمثاله‌ و ‌قد‌ غفل‌ ‌بعض‌ الشراح‌ ‌عن‌ ‌ذلك‌ ‌فقال‌: و ‌إذا‌ توفي‌

الواهب‌ يتعذر ‌علي‌ الموهوب‌ ‌له‌ أداء العوض‌ و ‌يكون‌ القيام‌ بذلك‌ خارجا ‌عن‌ إمكانه‌ و درجة اقتداره‌ فيجب‌ ‌علي‌ الواهب‌ ‌إن‌ يرد قيمة ‌ما صرف‌ ‌عليه‌ و يسترد ملكه‌ ‌علي‌ ‌ما اري‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌لا‌ نص‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌ بدليل‌ ‌إن‌ الموهوب‌ ‌له‌ ‌إذا‌ اشترط ‌علي‌ نفسه‌ إعطاء عوض‌ مقداره‌ عشر ليرات‌ فاعطي‌ بعضه‌ و تمنع‌ ‌من‌ دفع‌ الباقي‌ فقد ‌قال‌ الفقهاء بان‌ للواهب‌ استرداد الموهوب‌ و رد العوض‌ المقبوض‌، انتهي‌.

و ‌قد‌ أخطأ الرجل‌ القياس‌ و قاس‌ ‌مع‌ الفارق‌ فان‌ ‌في‌ صورة الموت‌ ينتقل‌ الحق‌ ‌إلي‌ تركته‌ و ‌يجب‌ ‌علي‌ ورثته‌ إخراجه‌ ‌منها‌ و يقوم‌ ‌كل‌ واحد منهم‌ بقسطه‌ فإذا امتنع‌ ‌أو‌ امتنعوا و ‌لم‌ يمكن‌ جبرهم‌ جاءت‌ قضية الرد و الاسترداد ‌كما‌ ‌في‌ صورة الامتناع‌ ‌الّتي‌ ذكرها، اما ‌في‌ صورة الإمكان‌ و ‌عدم‌ الامتناع‌ فيجب‌ الوفاء بالعقد و شروطه‌ و ‌لا‌ ‌يجوز‌ الفسخ‌ و ‌إذا‌ امتنعوا ‌أو‌ امتنع‌ ‌هو‌ فعلوا حراما، و أوجبوا للآخر خيارا فكيف‌ يقاس‌ ‌هذا‌ بذاك‌ و هكذا حكم‌ بقية ‌ما ذكره‌ ‌من‌ الأمثلة مثل‌ ‌ما ‌لو‌ ظهر مستحقا فان‌ اللازم‌ اما دفع‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة و المحافظة ‌علي‌ العقد و شروطه‌ و ‌مع‌ الامتناع‌ فالاسترداد، و ‌من‌ الغريب‌ ‌أنّه‌ عقب‌ ‌ذلك‌ بقوله‌: و ‌ليس‌ لورثة الموهوب‌ ‌له‌ ‌إن‌ يطلبوا بقاء الهبة و الإنفاق‌ ‌علي‌ الواهب‌ ‌من‌ مالهم‌ ‌إلي‌ حين‌ وفاته‌ لأنهم‌ ‌لم‌ يتفقوا معه‌ ‌في‌ الأصل‌، انتهي‌ و ‌قد‌ عرفت‌ ‌أنّه‌ ‌هو‌ المتعين‌ و ‌لا‌ يصح‌ ‌غيره‌ ‌مع‌ إمكانه‌ و الإنفاق‌ ‌يكون‌ ‌من‌ التركة ‌لا‌ ‌من‌ أموالهم‌ و ‌لو‌ امتنعوا يلزمون‌ ‌به‌ و ‌قوله‌ لأنهم‌ ‌لم‌ يتفقوا معه‌ ‌في‌ الأصل‌ واضح‌ الضعف‌ بان‌ الاتفاق‌ ‌مع‌ مورثهم‌ يسري‌ مفعوله‌إليهم‌ ‌بل‌ ‌إلي‌ تركته‌ ‌نعم‌ ‌لو‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌له‌ تركه‌ ‌فلا‌ حق‌ ‌علي‌ الورثة و يتعين‌ التراد و الحقوق‌ المالية ‌علي‌ المورث‌ ‌أو‌ ‌له‌ تنتقل‌ ‌إلي‌ الوارث‌ ‌أو‌ ‌عليه‌، فلو اشتري‌ دارا ‌فيها‌ خيار للبائع‌ و مات‌ انتقلت‌ الدار للورثة و ‌فيها‌ خيار للبائع‌ فلو فسخ‌ يستردها منهم‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ الإنفاق‌ ‌لم‌ يكن‌ معهم‌ و هكذا نظائر ‌ذلك‌ و ‌ما نحن‌ ‌فيه‌ ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما