يكشنبه 16 ارديبهشت 1403  
 
 
«الفصل‌ ‌الثاني‌» (‌في‌ أحكام‌ الوديعة و ضمانها)
«الفصل‌ ‌الثاني‌» (‌في‌ أحكام‌ الوديعة و ضمانها)

  


(مادة: 777) الوديعة امانة ‌في‌ يد الوديع‌

بناء ‌عليه‌ ‌إذا‌ هلكت‌ بلا تعد ‌من‌ المستودع‌ و بدون‌ صنعه‌ و تقصيره‌ ‌في‌ الحفظ ‌فلا‌ يلزم‌ الضمان‌ الا ‌أنّه‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ الإيداع‌ بأجرة ‌علي‌ حفظ الوديعة ‌أو‌ ضاعت‌ بسبب‌ يمكن‌ التحرز ‌منه‌ لزم‌ المستودع‌ ضمانها مثلا‌-‌ ‌لو‌ وقعت‌ الساعة المودعة ‌من‌ يد الوديع‌ بلا صنعه‌ فانكسرت‌ ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌، اما ‌لو‌ وطئت‌ الساعة بالرجل‌ ‌أو‌ وقع‌ ‌من‌ اليد عليها ‌شيء‌ فانكسرت‌ لزم‌ الضمان‌.

‌لا‌ نعرف‌ وجها لهذا الاستثناء فان‌ الامانة مطلقا ‌يجب‌ حفظها حسب‌ الإمكان‌ فإذا هلكت‌ و ‌كان‌ يمكنه‌ التحرز ‌من‌ هلاكها فهو مقصر ‌في‌ حفظها و ‌يكون‌ ضامنا سواء ‌كان‌ بأجرة ‌أو‌ بغير اجرة، و ‌إذا‌ هلكت‌ و ‌كان‌ ‌لا‌ يمكنه‌ التحرز فهو معذور و ‌لا‌ ضمان‌ ‌عليه‌، فأين‌ موضع‌ الاستثناء؟ ‌ثم‌ ‌لا‌ يخفي‌ ‌إن‌ الوديعة و الأجرة ‌لا‌ يجتمعان‌ و ‌هو‌ أشبه‌ بجمع‌ الضدين‌ ‌أو‌ النقيضين‌ كقضية الهبة و العوض‌ ‌فإن‌ الوديعة مأخوذ ‌في‌ حقيقتها اعتبار المجانية كالهبة، اما ‌إذا‌ أخذت‌ الأجرة ‌علي‌ الوديعة‌-‌ اي‌ ‌علي‌ حفظها‌-‌ فقد خرجت‌ ‌عن‌ كونها وديعة و دخلت‌ ‌في‌ باب‌ الإجارة و جري‌ ‌عليه‌ أحكامها فتدبر و ‌لا‌ يشبه‌ عليك‌ الأمر، و العين‌ المستأجرة ‌أيضا‌ ‌هي‌ أمانة ‌يجب‌ التحرز ‌عن‌ هلاكها بكل‌ ‌ما يمكن‌ فلو قصر ‌في‌ ‌ذلك‌ فهو ضامن‌ لها كضمانة للوديعة.

اما الأمثلة ‌الّتي‌ ذكرتها (المجلة) فهي‌ تختلف‌ حسب‌ الظروف‌ و الأحوال‌ و الخصوصيات‌ المقامية، و ‌ليس‌ لها ضابطة كلية، فقد ‌يكون‌ وقوع‌ الساعة ‌من‌ يد المستودع‌ ‌في‌ ‌بعض‌ الأحوال‌ تقصيرا ‌أو‌ تفريطا يوجب‌ الضمان‌ و ‌قد‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌كما‌ ‌إن‌ وطئها بالرجل‌ ‌أو‌ وقوع‌ ‌شيء‌ ‌من‌ اليد فينكسر ‌قد‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ تقصيرا و ‌قد‌ ‌يكون‌.

كذلك‌ ‌إذا‌ أودع‌ رجل‌ ماله‌ ‌عند‌ آخر و أعطاه‌ اجرة ‌علي‌ حفظه‌ فضاع‌ بسبب‌ يمكن‌ التحرز ‌منه‌ كالسرقة فيلزم‌ المستودع‌ الضمان‌ و ‌في‌ ‌هذا‌ المثال‌ خلل‌ ‌من‌ جهات‌ أوضحها ‌أن‌ السرقة تختلف‌ فقد تكون‌ ‌من‌ تساهل‌ المسروق‌ و ‌عدم‌ أخذه‌ بالاحتياط ‌في‌ التحفظ فيكون‌ تقصيرا موجبا للضمان‌، و ‌قد‌ تقع‌ ‌مع‌ غاية التحفظ، فالإطلاق‌ ‌غير‌ متجه‌ ‌كما‌ انها ‌في‌ المورد ‌ألذي‌ تكون‌ ‌فيه‌ موجبة للضمان‌ ‌لا‌ فرق‌ ‌بين‌ إعطاء الأجرة و عدمه‌.

و هكذا الكلام‌ ‌في‌ مادة (778) ‌إذا‌ وقع‌ ‌من‌ يد خادم‌ المستودع‌ ‌شيء‌ ‌علي‌ الوديعة فتلفت‌ لزم‌ الخادم‌ الضمان‌.

فان‌ ‌هذا‌ الإطلاق‌ ‌ليس‌ ‌في‌ محله‌ ‌بل‌ ‌قد‌ ‌يكون‌ تفريطا فيضمن‌ و ‌قد‌ ‌لا‌ ‌يكون‌.

(مادة: 779) فعل‌ ‌ما ‌لا‌ يرضي‌ ‌به‌ المودع‌ ‌في‌ حق‌ الوديعة تعد ‌من‌ الفاعل‌.

شاع‌ ‌عند‌ الفقهاء ‌في‌ باب‌ الأمانات‌ استعمال‌ لفظي‌ التعدي‌ و التفريط ‌أو‌ التقصير، و (المجلة) كأنها تريد إعطاء الضابطة للتعدي‌ و ‌لكن‌ الضابطة ‌الّتي‌ ذكرتها ‌مع‌ إجمالها ناقصة بتراء فان‌ ‌ما ‌لا‌ يرضي‌ ‌به‌ المودع‌ ‌إن‌ صرح‌ ‌به‌ ‌في‌ العقد لزم‌ ‌علي‌ الودعي‌ ‌إن‌ ‌لا‌ يتجاوزه‌ فلو خالفه‌ ‌كان‌ تعديا و الا ‌لا‌ ‌يكون‌ تعديا فيما ‌لو‌ ‌كان‌ الودعي‌ ‌لا‌ يعلم‌ ‌ما يوافق‌ رضا المالك‌ و ‌ما ‌لا‌ يوافقه‌.

و (بالجملة) فهذه‌ الضابطة قليلة الفائدة ‌مع‌ انها ‌غير‌ جامعة.

و (و تحرير البحث‌) ‌إن‌ التعدي‌ أفعال‌، و التفريط تروك‌ فلبس‌ الثوب‌ و ركوب‌ الدابة بغير الاذن‌ ‌أو‌ بغير المتعارف‌ تعدي‌، فلو تلفت‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ الحال‌ و ‌لو‌ تلفا سماويا ‌كان‌ ضامنا لخروجه‌ ‌عن‌ الأمانة بالتعدي‌، و ‌لكن‌ إهمال‌ حفظها و ‌عدم‌ وضعها ‌في‌ مكان‌ حريز تروك‌ و ‌هي‌  وجب‌ الضمان‌، و اليه‌ ترجع‌ أكثر الأفعال‌ ‌فإن‌ أخذ الوديعة معه‌ ‌في‌ السفر ‌أو‌ لبس‌ الثوب‌ و أضرابه‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ أفعالا و ‌لكن‌ ترجع‌ ‌إلي‌ التقصير ‌في‌ الحفظ و ترك‌ التحرز.

‌إذا‌ فالضابطة الكلية، و القول‌ الجامع‌، ‌هو‌ ‌إن‌ يقال‌: ‌إن‌ كلما يعد عرفا إهمالا، و تركا للتحفظ و التحرز، فهو تعد و تفريط، و ‌هو‌ يختلف‌ باختلاف‌ الزمان‌ و المكان‌ و الأشخاص‌، و أنواع‌ الأمانات‌ ‌في‌ الحفظ و الفيصل‌ ‌فيه‌ العرف‌:

‌نعم‌ ‌لا‌ اشكال‌ ‌إن‌ شرط المودع‌ لازم‌ فلو تعداه‌ ‌كان‌ تعديا سواء ‌كان‌ إهمالا بنظر العرف‌ أم‌ ‌لا‌، و ‌بعد‌ ‌هذا‌ ‌فلا‌ حاجة ‌بل‌ ‌لا‌ فائدة ‌في‌ تكثير الأمثلة، و ‌إن‌ أخذ الامانة معه‌ ‌في‌ السفر تعد ‌أو‌ تفريط، ‌أو‌ ‌ليس‌ كذلك‌؟ و ‌كذا‌ ‌إذا‌ وضع‌ الدابة ‌في‌ الإصطبل‌ و ترك‌ الباب‌ مفتوحا و ‌كذا‌ ‌إذا‌ وضع‌ الثوب‌ ‌أو‌ الجوهر ‌في‌ الغرفة و ‌لم‌ يضعه‌ ‌في‌ الصندوق‌ ‌أو‌ الخزانة و هلم‌ جرا.

‌نعم‌ ‌لا‌ ريب‌ ‌في‌ ‌أنّه‌ ‌لو‌ أنكر الوديعة خرج‌ ‌عن‌ الامانة و ضمر مطلقا، و ‌لو‌ رجع‌ ‌إلي‌ الاعتراف‌ فهل‌ ترجع‌ صفة الامانة ‌فلا‌ يضمن‌ ‌لو‌ تلفت‌ بتلك‌ الحال‌ تلفا سماويا ‌أو‌ ‌لا‌ ترجع‌ فيبقي‌ الضمان‌ ‌علي‌ إطلاقه‌؟ المسألة ‌في‌ غاية الاشكال‌ و ‌الأوّل‌ أقرب‌ ‌من‌ ‌حيث‌ القواعد، و ‌الثاني‌ أحوط و اللّه‌ اعلم‌.

اما ‌لو‌ ‌كان‌ الإنكار لمصلحة كدفع‌ ظالم‌، ‌أو‌ رد تهمة، ‌أو‌ خوف‌ سارق‌ و ‌ما أشبه‌ ‌ذلك‌، فهو عين‌ الامانة.

«مادة: 780» الوديعة يحفظها المستودع‌ بنفسه‌ ‌أو‌ يستحفظها أمينه‌ كمال‌ نفسه‌ فإذا هلكت‌ ‌في‌ يده‌ ‌أو‌ ‌عند‌ أمينه‌ ‌فلا‌ ضمان‌ ‌عليه‌ و ‌لا‌ ‌علي‌ أمينه‌.

اعلم‌ ‌إن‌ الأصل‌ الاولي‌، و القاعدة الكلية، ‌هي‌ حرمة ‌كل‌ تصرف‌ يتصرفه‌ المستودع‌ ‌في‌ الوديعة ‌إلا‌ مقدار ‌ما نص‌ ‌عليه‌ المودع‌ و اذن‌ ‌فيه‌ ‌أو‌ ‌كان‌ الإطلاق‌ ‌أو‌ الانصراف‌ يقتضيه‌، و معني‌ ‌هذا‌ ‌إن‌ ‌كل‌ تصرف‌ يشك‌ المستودع‌ ‌في‌ حليته‌ فهو حرام‌، و ‌لو‌ فعله‌ ‌مع‌ الشك‌ خرج‌ ‌عن‌ الامانة، و صار ضامنا ‌حتي‌ ‌مع‌ ‌عدم‌ التعدي‌ و التفريط، و ‌عليه‌ فالقدر المتيقن‌ لحفظ بنفسه‌ اما الحفظ بامينه‌ ‌من‌ عيال‌ ‌أو‌ غيرهم‌ فان‌ ‌كان‌ ‌من‌ ‌غير‌ دفعها لهم‌ ‌بل‌ ‌كانت‌ ‌في‌ حوزته‌‌-‌ ‌كما‌ ‌لو‌ وضعها ‌في‌ صندوقه‌ ‌أو‌ خزانته‌‌-‌ و أمرهم‌ بالمحافظة عليها ‌من‌ ‌غير‌ دفع‌ لهم‌ و تسليم‌ ‌فلا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌في‌ جوازه‌ و ‌لا‌ ضمان‌ ‌عليه‌ و ‌لا‌ عليهم‌ ‌لو‌ تلفت‌ ‌من‌ ‌غير‌ تفريط، اما تسليمها لهم‌ بغير اذن‌ صريح‌ ‌أو‌ ‌مع‌ الشك‌ ‌في‌ رضاه‌ فغير جائز و ‌لو‌ كانوا أمناء و حينئذ فلو تلفت‌ ‌كانت‌ مضمونة، و للمودع‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الودعي‌ و ‌علي‌ أمينه‌ ‌ألذي‌ تلفت‌ عنده‌ و ‌هو‌ يرجع‌ ‌علي‌ الودعي‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌قد‌ غره‌ ‌كما‌ ‌لو‌ ‌كان‌ جاهلا، اما ‌مع‌ علمه‌ ‌فلا‌ رجوع‌ و ‌يكون‌ قرار الضمان‌ ‌عليه‌، اما ‌لو‌ رجع‌ ‌علي‌ الودعي‌ ‌فلا‌ رجوع‌ ‌له‌ ‌علي‌ أمينه‌ ‌مع‌ جهله‌ و الا رجع‌ ‌عليه‌، و ‌من‌ ‌كل‌ ‌هذا‌ يظهر لك‌ الخلل‌ ‌في‌ عبارة (المجلة) بإطلاق‌ قولها فإذا هلكت‌ ‌في‌ يده‌ ‌أو‌ ‌عند‌ أمينه‌ ‌فلا‌ ضمان‌ ‌عليه‌ و ‌لا‌ ‌علي‌ أمينه‌.

(مادة: 781) للمستودع‌ ‌إن‌ يحفظ الوديعة ‌في‌ المحل‌ ‌ألذي‌ يحفظ ‌فيه‌ ماله‌.

تختلف‌ مواضع‌ حفظ الأموال‌، باختلاف‌ أنواع‌ الأموال‌، فموضع‌ حفظ الدابة و ‌هو‌ الإصطبل‌‌-‌ مثلا‌-‌ ‌غير‌ محل‌ حفظ الثياب‌ و ‌هو‌ الصندوق‌ ‌أو‌ الدولاب‌، و محل‌ حفظ الدراهم‌ و الجواهر و ‌هو‌ الحقيقة و صندوق‌ الحديد ‌غير‌ محل‌ حفظ الكتب‌ و ‌هو‌ الخزانة، و هكذا فالواجب‌ ‌علي‌ الودعي‌ ‌أن‌ يحفظ الوديعة ‌في‌ المحل‌ المتعارف‌ لحفظها فلو تعداه‌ ضمن‌، و المراد ‌من‌ المحل‌ ‌ألذي‌ يحفظ ماله‌ ‌هو‌ ‌هذا‌ المعني‌ ‌لا‌ ‌أنّه‌ المحل‌ ‌ألذي‌ يحفظ ماله‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌من‌ المتعارف‌ حفظها ‌فيه‌ فلو تسامح‌ ‌في‌ ثيابه‌ فوضعها ‌في‌ الغرفة و حقها ‌إن‌ تحفظ ‌في‌ الخزانة ‌كان‌ ضامنا ‌كما‌ ‌لا‌ ‌يجوز‌ ‌له‌ ‌إن‌ يضع‌ الوديعة ‌أيضا‌ ‌في‌ الغرفة ‌كما‌ ‌هو‌ واضح‌، و ‌لو‌ ‌كانت‌ داره‌ خربة ‌أو‌ قصيرة الجدران‌ فاللازم‌ وضعها ‌في‌ دار اخري‌ و هكذا سائر الجهات‌ و ‌إلي‌ ‌ما ذكر تنظر مادة (782) يلزم‌ حفظ الوديعة ‌في‌ حرز مثلها، بناء ‌عليه‌ وضع‌ مثل‌ النقود و الجوهرات‌ ‌في‌ إصطبل‌ الدواب‌ ‌أو‌ التبن‌ تقصير ‌في‌ الحفظ و بهذه‌ الحال‌ ‌إذا‌ ضاعت‌ الوديعة ‌أو‌ هلكت‌ لزم‌ الضمان‌.

(مادة: 783) ‌إذا‌ ‌كان‌ المستودع‌ جماعة متعددين‌

فان‌ ‌لم‌ تكن‌ الوديعة قابلة للقسمة يحفظها أحدهم‌ بإذن‌ الباقين‌ ‌أو‌ يجعلونها مناوبة و بهاتين‌ الصورتين‌ ‌إذا‌ هلكت‌ الوديعة بلا تقصير ‌فلا‌ ضمان‌ ‌علي‌ أحدهم‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ قابلة للقسمة يقسمها المستودعون‌ بينهم‌ بالسوية و ‌كل‌ منهم‌ يحفظ حصته‌ ‌منها‌، و بهذه‌ الصورة ‌ليس‌ لأحدهم‌ ‌أن‌ يسلم‌حصته‌ لمستودع‌ آخر بدون‌ اذن‌ المودع‌.، الميزان‌ الصحيح‌ هنا‌-‌ ‌هو‌ ‌ما أشرنا ‌إليه‌ ‌من‌ ‌إن‌ المدار ‌علي‌ مقدار ‌ما يستفاد ‌من‌ اذن‌ المودع‌ و رخصته‌ ‌لا‌ ‌علي‌ قضية قابلية الوديعة للقسمة و ‌عدم‌ قابليتها فإنه‌ ‌مما‌ ‌لا‌ اثر ‌له‌ ‌في‌ المقام‌ أصلا، ‌فإن‌ ظهر ‌من‌ مقال‌ ‌أو‌ حال‌ ‌أنّه‌ يريد التوزيع‌ ‌أو‌ الشركة ‌علي‌ نحو المجموع‌ ‌أو‌ الجميع‌ البدلي‌ ‌أو‌ الشمولي‌ لزم‌ ‌ذلك‌ و ‌لا‌ ‌يجوز‌ التعدي‌، اما ‌لو‌ ‌لم‌ يظهر خصوص‌ ‌بعض‌ الوجوه‌ فالإطلاق‌ يقتضي‌ وجوب‌ تحري‌ الأصلح‌ ‌في‌ حفظها عليهم‌ جميعا، فان‌ وجدوا القسمة أصلح‌ قسموها ‌مع‌ الإمكان‌ و الا فالمناوبة ‌أو‌ غيرها ‌من‌ الأساليب‌ و ‌لا‌ ضمان‌ عليهم‌ ‌لو‌ تلفت‌ بغير تفريط و أقصي‌ ‌ما عليهم‌ اليمين‌ انهم‌ ‌قد‌ تحروا الأصلح‌ بقسمة ‌أو‌ غيرها، و ‌مع‌ تعين‌ القسمة ‌من‌ إطلاق‌ ‌أو‌ تقييد فلو دفع‌ أحدهم‌ حصته‌ للآخر و هلكت‌ ‌من‌ ‌غير‌ تعد فهل‌ يضمن‌ أولا؟ و ‌علي‌ ‌الأوّل‌ فعلي‌ ‌من‌ ‌يكون‌ الضمان‌ ‌علي‌ المسلم‌ ‌أو‌ المستلم‌؟ ‌أما‌ أصل‌ الضمان‌ ‌فلا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌في‌ لزومه‌ و ‌إن‌ نسب‌ ‌إلي‌ ‌بعض‌ فقهاء المذاهب‌ عدمه‌، و لعله‌ ‌في‌ ‌غير‌ صورة التقييد، و اما الضامن‌ فقد جعلته‌ (المجلة) المسلم‌ ‌حيث‌ قالت‌:

و ‌إذا‌ سلمها فهلكت‌ ‌في‌ يد المستودع‌ الآخر بلا تقصير ‌منه‌ ‌فلا‌ يلزمه‌ الضمان‌، ‌بل‌ يلزم‌ ‌ألذي‌ سلمه‌ إياها ضمان‌ حصته‌ ‌منها‌.

و يعلل‌ ‌ذلك‌ بان‌ المستلم‌ أمين‌ المسلم‌ ‌عند‌ ‌أبي‌ حنيفة‌-‌ و الأمين‌ ‌لا‌ يضمن‌.

و ‌لو‌ صح‌ ‌هذا‌ لاقتضي‌ سقوط الضمان‌ عنهما معا، فان‌ المسلم‌ ‌أيضا‌أمين‌ للمالك‌ المودع‌، و لكنه‌ ‌لما‌ خرج‌ ‌عن‌ الأمانة بالمخالفة صارت‌ يده‌ و ‌ما يتفرع‌ عنها ‌من‌ الأيدي‌ ضمانية و المالك‌ حينئذ‌-‌ ‌كما‌ عرفت‌‌-‌ مخير ‌بين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ أي‌ شاء منهما ‌علي‌ قاعدة توارد الأيادي‌ ‌أو‌ الأيدي‌، ‌أما‌ رجوع‌ أحدهما ‌علي‌ الآخر فقد عرفت‌ قريبا بيانه‌.

(مادة: 784) الشرط الواقع‌ ‌في‌ عقد الإيداع‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ممكن‌ الاجراء و مفيدا ‌يكون‌ معتبرا و الا فهو لغو

‌ألذي‌ تقتضيه‌ القواعد ‌كما‌ سبق‌ قريبا ‌إن‌ ‌كل‌ شرط يشترطه‌ المالك‌ المودع‌ و يقبله‌ الودعي‌ و ‌هو‌ مقدور فهو لازم‌ سواء ‌كان‌ مفيدا ‌أو‌ ‌غير‌ مفيد لان‌ العقد وقع‌ ‌علي‌ ‌هذه‌ الصفة فيلزم‌ العمل‌ ‌به‌ و ‌ما عداه‌ ‌لا‌ رخصة ‌فيه‌ و ‌لا‌ اذن‌ ‌من‌ المالك‌ فيكون‌ حراما و ضامنا، و ‌لكن‌ القوم‌ ‌لما‌ ‌كان‌ باب‌ الاستحسان‌ مفتوحا عندهم‌ ‌علي‌ مصراعيه‌ و كثيرا آخذون‌ بالاستحسان‌ و يطرحون‌ النص‌ فما نحن‌ ‌فيه‌ يوشك‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌، و ‌هو‌ اجتهاد ‌في‌ مقابلة النص‌، و ‌علي‌ ‌كل‌ فالحق‌ ‌هو‌ الضمان‌ ‌إذا‌ تخطي‌ مورد الشرط، الا ‌مع‌ العجز ‌عن‌ العمل‌ ‌علي‌ حد ‌إن‌ (الضروريات‌ تبيح‌ المحظورات‌) ‌نعم‌ ‌لو‌ اشترط شرطا و تبين‌ ‌أنّه‌ ‌لو‌ عمل‌ الودعي‌ ‌به‌ ‌لا‌ وجب‌ تلف‌ العين‌ يمكن‌ القول‌ بلغويته‌ و ‌عدم‌ وجوب‌ اتباعه‌ ‌علي‌ تأمل‌ ‌أيضا‌، و لعل‌ ‌من‌ ‌هذا‌ القبيل‌ ‌ما ذكرته‌ (المجلة) بقولها:

مثلا ‌إذا‌ ‌كان‌ ‌قد‌ شرط وقت‌ العقد ‌إن‌ يحفظ المستودع‌ الوديعة ‌في‌ داره‌ فنقلها المستودع‌ ‌إلي‌ محل‌ آخر بسبب‌ وقوع‌ حريق‌ ‌في‌ داره‌ ‌لا‌ يعتبر ‌ذلك‌ الشرط، و بهذه‌ الصورة‌إذا‌ نقلها فهلكت‌ بلا تعد و ‌لا‌ تقصير ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌، و ‌كذا‌ ‌إذا‌ أمر المودع‌ المستودع‌ بحفظ الوديعة و نهاه‌ ‌عن‌ ‌إن‌ يسلمها لزوجته‌ ‌أو‌ ابنه‌ ‌أو‌ خادمه‌ ‌أو‌ لمن‌ يأمنه‌ ‌علي‌ حفظ مال‌ نفسه‌ فإذا ‌كان‌ ثمة أمر مجبر ‌علي‌ تسليم‌ الوديعة لأحد هؤلاء ‌كان‌ ‌ذلك‌ النهي‌ ‌غير‌ معتبر، و بهذه‌ الصورة ‌أيضا‌ ‌إذا‌ هلكت‌ الوديعة بلا تعد و ‌لا‌ تقصير ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌، و ‌إذا‌ سلمها بلا مجبورية فهلكت‌ لزمه‌ الضمان‌، كذلك‌ ‌إذا‌ شرط ‌إن‌ تحفظ ‌في‌ حجرة معينة فحفظها المستودع‌ ‌في‌ حجرة غيرها فان‌ ‌كان‌ حجر تلك‌ الدار متساوية ‌في‌ الحفظ ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌ذلك‌ الشرط معتبرا، و حينئذ ‌إذا‌ هلكت‌ الوديعة ‌فلا‌ ضمان‌ و ‌أما‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ‌بين‌ الحجر تفاوت‌ ‌كان‌ ‌كانت‌ احدي‌ الحجر بنيت‌ بالأحجار و الأخري‌ بالأخشاب‌ فيعتبر الشرط و ‌يكون‌ المستودع‌ مجبورا ‌علي‌ حفظها ‌في‌ الحجرة ‌الّتي‌ تعينت‌ وقت‌ العقد و ‌إذا‌ وضعها ‌في‌ حجرة دون‌ تلك‌ الحجرة ‌في‌ الحفظ فهلكت‌ ‌يكون‌ ضامنا.

فان‌ الحريق‌ ‌في‌ المثال‌ ‌الأوّل‌، و المجبورية المفروضة ‌في‌ ‌الثاني‌ يصلح‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ وجها لمخالفة الشرط، نظرا ‌إلي‌ ‌إن‌ مثل‌ ‌هذه‌ الشروط مقيدة بقيد عقلي‌ ارتكازي‌، ‌فإن‌ اشتراط وضعها بالدار مقيد ‌بما‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ الدار احفظ لها، و ‌كذا‌ حفظه‌ بنفسه‌، ‌أما‌ ‌مع‌ اليقين‌ بتلفها ‌لو‌ بقيت‌ ‌في‌ الدار ‌فلا‌ محل‌ للشرط، و ‌لكن‌ ‌لا‌ يتم‌ ‌هذا‌ ‌في‌ المثال‌ الثالث‌ فإنه‌ ‌إذا‌ عين‌ حجرة تعينت‌ سواء تساوت‌ الحجر ‌أو‌ اختلفت‌.

‌نعم‌ ‌لو‌ حصل‌ اليقين‌ بان‌ بقاءها ‌في‌ تلك‌ الحجرة يوجب‌ تلفها جاز ‌أو‌ وجب‌ مخالفة الشرط، اما ‌لو‌ تساوي‌ بقاؤها و نقلها تعين‌ بقاؤها بالشرط فتدبره‌ جيدا.

(مادة: 785) ‌إذا‌ ‌كان‌ صاحب‌ الوديعة غائبا غيبة منقطعة

بحيث‌ ‌لا‌ يعلم‌ موته‌ و ‌لا‌ حياته‌ يحفظها المستودع‌ ‌إلي‌ ‌إن‌ يعلم‌ موت‌ صاحبها ‌أو‌ حياته‌.

و ‌لا‌ ‌يجوز‌ ‌إن‌ يسلمها للوارث‌ و ‌لا‌ لغيره‌، ‌نعم‌ ‌يجوز‌ ‌إن‌ يسلمها لحاكم‌ الشرع‌ لولايته‌ العامة و ‌قد‌ يتعين‌ ‌ذلك‌ ‌كما‌ ‌لو‌ ‌كانت‌ ‌مما‌ يفسد بالمكث‌ و دار الأمر ‌بين‌ ‌إن‌ تملك‌ ‌أو‌ تباع‌ و يحفظ ثمنها، فان‌ اللازم‌ دفعها اليه‌ ليتولي‌ ‌ذلك‌، ‌كل‌ ‌هذا‌ ‌حيث‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ للمودع‌ وكيل‌ خاص‌ و الا وجب‌ دفعها اليه‌ ‌لا‌ لحاكم‌ الشرع‌، و ‌لو‌ ‌كان‌ بقاؤها يفضي‌ ‌إلي‌ هلاكها فلم‌ يبعها و ‌لم‌ يدفعها لحاكم‌ الشرع‌ ‌أو‌ لوكيله‌ الخاص‌ ضمن‌ بلا اشكال‌ لتقصيره‌ ‌فلا‌ وجه‌ ‌لما‌ ذكرته‌ (المجلة) بقولها ‌في‌ ذيل‌ ‌هذه‌ المادة:

‌إلا‌ ‌أنه‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ الوديعة ‌مما‌ يفسد بالمكث‌ فيبيعها المستودع‌ بإذن‌ الحاكم‌ و يحفظ ثمنها امانة عنده‌، ‌لكن‌ ‌إذا‌ ‌لم‌ يبعها ففسدت‌ بالمكث‌ ‌لا‌ يضمن‌.

(مادة: 786) الوديعة ‌الّتي‌ تحتاج‌ ‌إلي‌ النفقة كالخيل‌ و البقر نفقتها ‌علي‌ صاحبها،

و ‌إذا‌ ‌كان‌ صاحبها غائبا فيرفع‌ المستودع‌ الأمر ‌إلي‌ الحاكم‌، و الحاكم‌ حينئذ يأمر بإجراء الأنفع‌ و الأصلح‌ ‌في‌ حق‌ صاحب‌ الوديعة ‌فإن‌ ‌كان‌ يمكن‌ إيجار الوديعة يؤجرها المستودع‌ برأي‌ الحاكم‌ و ينفق‌ عليها ‌من‌ أجرتها ‌أو‌ يبيعها بثمن‌ مثلها، و ‌إذا‌ ‌لم‌ يمكن‌

إيجارها فيبيعها فورا بثمن‌ المثل‌، ‌أو‌ ينفق‌ عليها المستودع‌ ‌من‌ ماله‌ ثلاثة أيام‌ ‌ثم‌ يبيعها بثمن‌ مثلها، ‌ثم‌ يطلب‌ نفقة تلك‌ الأيام‌ الثلاثة ‌من‌ صاحبها و ‌إذا‌ أنفق‌ عليها بدون‌ اذن‌ الحاكم‌ فليس‌ ‌له‌ مطالبة صاحبها ‌بما‌ أنفقه‌ عليها.

فلو تعسر ‌أو‌ تعذر مراجعة الحاكم‌ و ‌لم‌ يتبرع‌ ‌هو‌ و ‌لا‌ ‌غيره‌ مجانا ‌أو‌ بالعوض‌ باعها بنفسه‌ و أشهد عدلين‌ ‌علي‌ البيع‌ و الثمن‌، و التقييد بثلاثة أيام‌ ‌لا‌ وجه‌ ‌له‌، ‌كل‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ الغيبة المنقطعة، ‌أما‌ ‌مع‌ إمكان‌ مراجعة المودع‌ و إنذاره‌ فان‌ ‌لم‌ يرسل‌ النفقة‌-‌ ‌إلي‌ ثلاثة أيام‌ ‌أو‌ أكثر حسب‌ اختلاف‌ الموارد‌-‌ راجع‌ المستودع‌ الحاكم‌‌-‌ ‌إلي‌ آخر ‌ما سبق‌.

(مادة: 787) ‌إذا‌ هلكت‌ الوديعة ‌أو‌ نقصت‌ قيمتها بسبب‌ تعدي‌ المستودع‌ ‌أو‌ تقصيره‌ لزمه‌ الضمان‌،

مثلا‌-‌ ‌إذا‌ صرف‌ المستودع‌ نقود الوديعة ‌في‌ أمور نفسه‌ ‌أو‌ استهلكها ضمنها، و بهذه‌ الصورة ‌إذا‌ صرف‌ النقود ‌الّتي‌ ‌هي‌ أمانة عنده‌ ‌علي‌ الوجه‌ المذكور ‌ثم‌ وضع‌ بدل‌ تلك‌ النقود ‌في‌ الكيس‌ المعد لها فهلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ و ‌هو‌ ذاهب‌ ‌بها‌ ضمن‌ قيمتها سواء ‌كان‌ هلاكها بسبب‌ سرعة السير فوق‌ الوجه‌ المعتاد ‌أو‌ بسبب‌ آخر ‌أو‌ بلا سبب‌، و ‌كذا‌ يضمنها ‌إذا‌ سرقت‌، و ‌كذا‌ ‌إذا‌ وقع‌ حريق‌ و ‌لم‌ ينقل‌ الوديعة ‌إلي‌ محل‌ آخر ‌مع‌ قدرته‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌ فاحترقت‌ ضمنها.

‌هذا‌ كله‌ ‌مما‌ ‌لا‌ اشكال‌ ‌فيه‌، انما فيما ‌لو‌ خرج‌ ‌عن‌ الامانة و تاب‌ و أعاد بدلها مثلا ‌أو‌ قيمة ‌كما‌ ‌في‌ (المجلة): ‌ثم‌ وضع‌ بدل‌ تلك‌ النقود ‌في‌ الكيس‌ المعد لها إلخ‌ .. فلو تلفت‌ ‌بعد‌ ‌ذلك‌ بدون‌ تعد فهل‌ يضمنها لارتفاع‌ الائتمان‌ بذلك‌ ‌أو‌ ‌لا‌ يضمن‌ لأنها عادت‌ بالقصد ‌الثاني‌‌-‌ قضية مشكلة‌-‌ و التحقيق‌ ‌فيها‌ انك‌ عرفت‌ قريبا ‌إن‌ الأمانات‌ ‌علي‌ ثلاثة أنواع‌.

‌الأوّل‌ ‌ما ‌يكون‌ القبض‌ لمصلحة المالك‌ فقط كالوديعة، و الوكيل‌ بلا أجرة، و عارية الرهن‌، و ‌ما ‌في‌ ‌هذا‌ السبيل‌.

و ‌هذا‌ النوع‌ ‌مما‌ تكون‌ ‌به‌ يد القابض‌ كيد المالك‌ ‌لا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌في‌ ‌عدم‌ ضمانه‌ ‌لو‌ صدقه‌ المالك‌ بالتلف‌ و ادعي‌ ‌عليه‌ التقصير فليس‌ ‌عليه‌ الا اليمين‌، و مثل‌ ‌هذا‌ فيما ‌لو‌ ادعي‌ السرقة ‌أو‌ الرد ‌أو‌ نحوهما فان‌ القول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ ‌في‌ جميع‌ ‌ذلك‌ لانه‌ محسن‌ و أمين‌ و (ما عَلَي‌ المُحسِنِين‌َ مِن‌ سَبِيل‌ٍ) الا ‌إن‌ يثبت‌ خلاف‌ ‌ما يقول‌ بالبينة.

‌الثاني‌‌-‌: ‌ما ‌يكون‌ لمصلحة القابض‌ فقط، و القول‌ هنا ‌أيضا‌ قول‌ المالك‌ ‌لا‌ القابض‌ عكس‌ الاولي‌، فلو خان‌ المستعير ‌ثم‌ عاد ‌لا‌ يرتفع‌ الضمان‌ ‌عنه‌، لانه‌ صار كالغاصب‌، و صارت‌ يده‌ ضمانية و ‌لا‌ سبب‌ لعود تلك‌ اليد الزائلة و (الزائل‌ ‌لا‌ يعود) و ‌هذا‌ ‌أيضا‌ ‌مما‌ ‌لا‌ ينبغي‌ الإشكال‌ ‌فيه‌، انما الإشكال‌ ‌في‌:

الثالث‌‌-‌: و ‌هو‌ ‌ما ‌كان‌ القبض‌ ‌فيه‌ لمصلحة الطرفين‌ و ‌ذلك‌ كالإجارة و المضاربة و الوكالة بالأجرة و ‌ما جري‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ النهج‌، فلو تعدي‌ المستأجر ‌في‌ العين‌ المستأجرة ‌ثم‌ عاد ‌إلي‌ ‌ما استحقه‌ بالعقد ‌أو‌ شرط ‌عليه‌ شرطا فخالفه‌ ‌ثم‌ عاد ‌إلي‌ العمل‌ ‌به‌، ‌ثم‌ تلفت‌ بغير تفريط فهل‌ يضمنها لانه‌ صار كالغاصب‌ ‌أو‌ ‌لا‌ لانه‌ عاد ‌إلي‌ الأمانة؟ المسألة جد مشكلة، و ‌ألذي‌ ظهر لي‌ ‌من‌ التتبع‌ ‌في‌ كلمات‌ فقهائنا انهم‌ ‌لا‌ يرتبون‌ احكام‌ الامانة أصلا ‌علي‌ هذين‌ القسمين‌، ‌حتي‌ ‌قبل‌ المخالفة، فلو ادعي‌ السرقة ‌أو‌ الرد ‌أو‌ النقص‌ يلزمه‌ الإثبات‌ و ‌لا‌ يقبل‌ ‌قوله‌ بيمينه‌، ‌بل‌ القول‌ قول‌ المالك‌، و ‌لا‌ يقبل‌ قول‌ الأمين‌ ‌إلا‌ ‌في‌ القسم‌ ‌الأوّل‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ محسن‌ و أمين‌ ‌نعم‌ ‌لو‌ ادعي‌ المالك‌ ‌عليه‌ التفريط ‌بعد‌ تصديقه‌ ‌في‌ التلف‌ أمكن‌ ‌الحكم‌ بقبول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌ ‌في‌ جميع‌ الأقسام‌ الثلاثة، و وجه‌ الفرق‌ ‌بين‌ ‌هذا‌ و ‌بين‌ تلك‌ واضح‌ يظهر بالتأمل‌.

(مادة: 788) خلط الوديعة بمال‌ آخر بحيث‌ ‌لا‌ يمكن‌ تمييزها و تفريقها ‌عنه‌، بدون‌ اذن‌ المودع‌ يعد تعديا،

بناء ‌عليه‌ ‌لو‌ خلط المستودع‌ دنانير الوديعة بدنانير ‌له‌ ‌أو‌ دنانير وديعة عنده‌ لآخر متماثلة بلا اذن‌ فضاعت‌ ‌أو‌ سرقت‌ لزمه‌ الضمان‌، و ‌كذا‌ ‌لو‌ خلطها ‌غير‌ المستودع‌ ‌علي‌ الوجه‌ المشروح‌ ضمن‌ الخالط.

«تحرير ‌هذا‌» ‌إن‌ فاعل‌ الخلط اما المالك‌ المودع‌ ‌أو‌ المستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ ‌فإن‌ ‌كان‌ ‌هو‌ المالك‌ فقد أبطل‌ الإيداع‌ و برئت‌ ذمة المستودع‌ ‌من‌ العهدة، و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌هو‌ المستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ ‌فلا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ بالمماثل‌ جنسا المساوي‌ قيمة ‌أو‌ الأعلي‌ ‌أو‌ الأدني‌ و اما ‌إن‌ ‌يكون‌ بالمغاير جنسا و ‌علي‌ ‌كل‌ التقادير اما ‌إن‌ يمكن‌ التمييز و الإفراز، ‌أو‌ يتعذر ‌أو‌ يتعسر، فان‌ ‌كان‌ الخلط بالجنس‌ المساوي‌ قيمة كخلط الحنطة بالحنطة المساوية، ‌أو‌ الدراهم‌ بالدراهم‌، فالامانة بحالها إذ

لم‌ يحدث‌ بنظر العرف‌ ‌ما ينافي‌ الحفظ فيقسمها و تبقي‌ وديعة ‌كما‌ ‌كانت‌ و ‌لو‌ تلفت‌ بلا تفريط ‌لم‌ يضمن‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ بالجنس‌ المتفاوت‌ كحنطة جيده‌ برديئه‌ ‌أو‌ العكس‌ ‌فإن‌ أمكن‌ القسمة بالنسبة كثلث‌ و ثلثين‌ فكالأول‌ و الا فكالخلط بالمغاير ‌إن‌ أمكن‌ التمييز تعين‌ كخلط الحنطة بالشعير ‌ألذي‌ يمكن‌ إفراز أحدهما بالماء فالشعير يطفو و الحنطة ترسب‌ ‌حيث‌ ‌لا‌ يضر الماء و ‌إن‌ ‌لم‌ يمكن‌ ‌كان‌ بحكم‌ التلف‌ و يتخير المودع‌ حينئذ ‌بين‌ تغريم‌ المستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة ‌أو‌ البقاء ‌علي‌ الشركة ‌مع‌ تغريمه‌ أرش‌ النقيصة ‌أو‌ عيب‌ الشركة، و ‌إذا‌ غرم‌ المثل‌ ‌أو‌ القيمة صار المستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ شريكا ‌مع‌ صاحب‌ المال‌ المختلط انتقالا قهريا ‌أو‌ شركة قهرية ‌هذا‌ ‌إذا‌ بقي‌ المال‌ المختلط اما ‌لو‌ تلف‌ ‌بعد‌ الخلط فالخالط ضامن‌ للمودع‌ مطلقا، سواء ‌كان‌ ‌هو‌ المستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌، ‌لأن‌ المستودع‌ بتصرفه‌ الغير المأذون‌ ‌به‌ خرج‌ ‌عن‌ الامانة و صار ضامنا، و ‌لا‌ ينافيه‌ ‌عدم‌ الضمان‌ ‌لو‌ تلفت‌ ‌بعد‌ القسمة ‌لأن‌ الأمانة تعود ‌بعد‌ القسمة و إفراز المالين‌ فليتدبر.

‌ثم‌ ‌إن‌ الخلط و الامتزاج‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ اختياريا ‌أو‌ قهريا و الاختياري‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ بإذن‌ المودع‌ ‌أو‌ بغير إذنه‌، اما بغير اذنه‌ فقد تقدم‌ و اما الواقع‌ بإذنه‌ ‌أو‌ قهرا فهو ‌ما أنبأت‌ ‌عنه‌.

(مادة: 789) ‌إذا‌ خلط المستودع‌ الوديعة بإذن‌ صاحبها ‌علي‌ الوجه‌ ‌ألذي‌ ذكر ‌في‌ المادة السابقة

‌أو‌ اختلطت‌ ‌مع‌ مال‌ آخر بدون‌ صنعه‌ بحيث‌ ‌لا‌ يمكن‌ تفريق‌ أحد المالين‌ ‌عن‌ الآخر، مثلا‌-‌إذا‌ تهري‌ الكيس‌ ‌ألذي‌ ‌فيه‌ دنانير الوديعة داخل‌ صندوق‌ ‌فيه‌ دنانير أخر للمستودع‌ مماثلة لها فاختلط المالان‌ اشترك‌ صاحب‌ الوديعة و المستودع‌ بمجموع‌ الدنانير ‌كل‌ منهما ‌علي‌ قدر حصته‌، و بهذه‌ الصورة ‌إذا‌ هلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ بلا تعد و ‌لا‌ تقصير ‌فلا‌ يلزم‌ الضمان‌.

و حاصلها ‌إن‌ الوديعة ‌إذا‌ اختلطت‌ بمال‌ المستودع‌ ‌أو‌ ‌غيره‌ بإذن‌ المودع‌ ‌أو‌ قهرا صارت‌ شركة اختيارية ‌أو‌ قهرية و حكم‌ الشركة ‌إن‌ تلفت‌‌-‌ كلا ‌أو‌ بعضا‌-‌ ‌يكون‌ ‌علي‌ الشريكين‌ و ‌لا‌ يضمن‌ أحدهما للآخر ‌إلا‌ ‌مع‌ العدوان‌ و ‌حيث‌ ‌لا‌ عدوان‌ ‌فلا‌ ضمان‌.

و ‌قد‌ اختلفت‌ مذاهب‌ القوم‌، فالمنسوب‌ ‌إلي‌ ‌أبي‌ حنيفة: ‌إن‌ المال‌ كله‌ ‌يكون‌ للمستودع‌ ‌أو‌ الأجنبي‌ و يضمن‌ حصة المودع‌ و صاحبه‌ أبو يوسف‌ يقول‌: ‌إن‌ الكل‌ ‌يكون‌ تابعا للأكثر و صاحبه‌ يملك‌ الجموع‌ و يغرم‌ للآخر.

و كلها أقاويل‌ عارية ‌عن‌ الدليل‌، و الحق‌ ‌ما ذكرناه‌ ‌في‌ الشركة و تجري‌ ‌في‌ الفرض‌ المزبور أحكامها.

(مادة: 790) ‌ليس‌ للمستودع‌ إيداع‌ الوديعة ‌عند‌ آخر بدون‌ اذن‌ و ‌إذا‌ أودعها فهلكت‌ صار ضامنا،

‌ثم‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ هلاكها ‌عند‌ المستودع‌ ‌الثاني‌ بتقصير ‌أو‌ تعد ‌منه‌ فالمودع‌ مخير ‌إن‌ شاء ضمنها للمستودع‌ ‌الأوّل‌ و ‌إن‌ شاء ضمنها للثاني‌ فإذا ضمنها للمستودع‌ ‌الأوّل‌ فيرجع‌ ‌علي‌ ‌الثاني‌ ‌بما‌ ضمنها.

ظاهر العبارة ‌إن‌ الضمان‌ ‌علي‌ المستودع‌ ‌الأوّل‌ فقط و ‌هو‌ قول‌الحنفية، ‌لأن‌ ‌الثاني‌ أمين‌ ‌الأوّل‌ ‌فلا‌ رجوع‌ ‌عليه‌ ‌لا‌ ‌من‌ المودع‌ و ‌لا‌ ‌من‌ المستودع‌، ‌أما‌ بقية فقهاء المذاهب‌ فقد ذهبوا ‌إلي‌ ‌أن‌ المودع‌ مخير ‌بين‌ الرجوع‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌ ‌أو‌ ‌الثاني‌، ‌فإن‌ رجع‌ ‌علي‌ ‌الثاني‌ رجع‌ ‌الثاني‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌ و ‌لا‌ عكس‌، و ‌هو‌ قول‌ الإمامية قاطبة، ‌علي‌ قاعدة توارد الأيدي‌ ‌علي‌ العين‌ الواحدة، ‌هذا‌ ‌إذا‌ هلكت‌ ‌عند‌ ‌الثاني‌ بغير تفريط، اما ‌لو‌ هلكت‌ بتفريطه‌ ‌أو‌ تعديه‌ فللمودع‌ الرجوع‌ ‌علي‌ ‌كل‌ منهما اتفاقا و قرار الضمان‌ ‌علي‌ ‌الثاني‌ ‌كما‌ صرحت‌ ‌هذه‌ المادة

(مادة: 791) ‌إذا‌ أودع‌ المستودع‌ الوديعة ‌عند‌ آخر

بإذن‌ المودع‌ خرج‌ المستودع‌ ‌الأوّل‌ ‌من‌ العهدة و صار ‌الثاني‌ مستودعا.

‌فلا‌ رجوع‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌ ‌لو‌ تلفت‌ ‌عند‌ ‌الثاني‌ مطلقا.

(مادة: 792) ‌كما‌ ‌أنّه‌ يسوغ‌ للمستودع‌ استعمال‌ الوديعة بإذن‌ صاحبها فله‌ ‌إن‌ يؤجرها ‌أو‌ يعيرها و ‌إن‌ يرهنها ‌أيضا‌،

و اما ‌لو‌ آجرها ‌أو‌ أعارها لآخر ‌أو‌ رهنها بدون‌ اذن‌ صاحبها فهلكت‌ ‌أو‌ نقصت‌ قيمتها ‌في‌ يد المستأجر ‌أو‌ المستعير ‌أو‌ المرتهن‌ ضمن‌ ‌لو‌ اختصر ‌كل‌ ‌ذلك‌ بكلمتين‌ لكان‌ أصح‌ و أفصح‌ ‌فقال‌: ‌كل‌ تصرف‌ ‌من‌ استعمال‌ ‌أو‌ عقد ‌علي‌ الوديعة بإذن‌ صاحبها نافذ و بدونه‌ باطل‌ ‌بل‌ و ضامن‌ ‌إن‌ دفعها ‌إلي‌ المستأجر ‌أو‌ المستعير، و ‌لا‌ حاجة ‌إلي‌ ‌هذه‌ التطويلات‌ المملة ‌أو‌ المخلة مثل‌:

(مادة: 793) ‌إذا‌ أقرض‌ المستودع‌ دراهم‌ الوديعة لآخر بلا اذن‌ و ‌لم‌ يجز صاحبها ضمنها المستودع‌،

و ‌كذا‌

‌لو‌ أدي‌ المستودع‌ دين‌ المودع‌ ‌ألذي‌ بذمته‌ ‌من‌ الدراهم‌ المودعة ‌الّتي‌ بيده‌ فلم‌ يرض‌ المودع‌ ضمن‌ ‌أيضا‌.

(مادة: 794) يلزم‌ رد الوديعة ‌إلي‌ صاحبها ‌إذا‌ طلبها

و مئونة الرد و التسليم‌ اي‌ مصارفهما و كلفتهما عائدة ‌إلي‌ المودع‌ و ‌إذا‌ طلبها المودع‌ فلم‌ يسلمها ‌له‌ المستودع‌ و هلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ ضمنها المستودع‌ ‌لكن‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ‌عدم‌ تسليمها وقت‌ الطلب‌ ناشئا ‌عن‌ عذر ‌كان‌ تكون‌ حينئذ ‌في‌ محل‌ بعيد ‌ثم‌ هلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ ‌فلا‌ يلزم‌ الضمان‌.

عرفت‌ قبلا ‌إن‌ الوديعة أمانة مالكية ‌فلا‌ ‌يجب‌ ردها الا ‌مع‌ الطلب‌ بنفسه‌ ‌أو‌ وكيله‌ فيردها ‌له‌ ‌أو‌ لوكيله‌ ‌في‌ خصوص‌ الرد و ‌كان‌ ينبغي‌ ‌إن‌ يضم‌ إليها.

[مادة: 795] يرد المستودع‌ الوديعة بذاته‌ ‌أو‌ ‌علي‌ يد أمينه‌

و ‌إذا‌ أرسلها و ردها بواسطة أمينه‌ فهلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ ‌قبل‌ وصولها للمودع‌ بلا تقصير ‌فلا‌ ضمان‌

(مادة: 796) ‌إذا‌ أودع‌ رجلان‌ مالا مشتركا لهما ‌عند‌ شخص‌

‌ثم‌ جاء أحد الشريكين‌ ‌في‌ غيبة الآخر و طلب‌ حصته‌ ‌من‌ المستودع‌ فان‌ ‌كانت‌ الوديعة ‌من‌ المثليات‌ إعطاء المستودع‌ حصته‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌من‌ القيميات‌ ‌لا‌ يعطيه‌ إياها.

منع‌ أبو حنيفة ‌من‌ إعطاء أحدهما بدون‌ حضور الآخر مطلقا و فصل‌ صاحباه‌ ‌هذا‌ التفصيل‌، و لعل‌ نظرهما ‌إلي‌ ‌إن‌ إعطاء حصته‌ ‌من‌ المثلي‌ كالطعام‌ و نحوه‌ ‌لا‌ ضرر ‌فيه‌ و قسمته‌ ممكنة بسهولة بخلاف‌ القيمي‌كالعبد و الجوهر، و يؤخذ عليهما ‌إن‌ اللازم‌ حينئذ جعل‌ المدار ‌علي‌ إمكان‌ القسمة و عدمها ‌لا‌ ‌علي‌ المثلي‌ و القيمي‌ إذ رب‌ مثلي‌ ‌لا‌ يمكنه‌ كالثوب‌ و نحوه‌.

و ‌علي‌ ‌كل‌ فالحق‌ ‌هو‌ المنع‌ مطلقا ‌لأن‌ إعطاء حصة أحدهما قسمة و المستودع‌ حسب‌ الفرض‌ ‌غير‌ مفوض‌ عليها و ‌لا‌ مأذون‌ ‌بها‌ فيضمن‌ ‌نعم‌ ‌لو‌ اذنا ‌له‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ صح‌ بلا اشكال‌، و ‌لو‌ دفع‌ لأحدهما حصته‌ ‌في‌ صورة ‌عدم‌ الجواز فتلفت‌ اشترك‌ الاثنان‌ ‌في‌ الباقي‌ و استقر الضمان‌ ‌علي‌ ‌من‌ تلفت‌ الحصة ‌في‌ يده‌ و يشتركان‌ ‌أيضا‌ ‌في‌ بدلها.

(مادة: 797) يعتبر مكان‌ الإيداع‌ ‌في‌ تسليم‌ الوديعة

مثلا‌-‌ ‌لو‌ أودع‌ مال‌ ‌في‌ (استانبول‌) يسلم‌ ‌في‌ (استانبول‌) ‌أيضا‌ و ‌لا‌ يجبر المستودع‌ ‌علي‌ تسليمه‌ ‌في‌ «ادرنه‌». و ‌هذا‌ واضح‌.

(مادة: 798) منافع‌ الوديعة لصاحبها

مثلا‌-‌ نتاج‌ حيوان‌ الوديعة‌-‌ أي‌ فلوه‌ و لبنه‌ و شعره‌‌-‌ لصاحب‌ الحيوان‌.

‌هذا‌ واضح‌ لان‌ منافع‌ العين‌ لمالكها و ‌لا‌ فرق‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ ‌بين‌ المنافع‌ العينية كاللبن‌ و الصوف‌ و النتاج‌ و ‌بين‌ الاعتبارية كسكني‌ الدار و ركوب‌ الدابة.

و ‌من‌ الغريب‌ هنا قول‌ ‌بعض‌ الشراح‌.

‌أما‌ ‌غير‌ المتولدة كبدل‌ الإيجار فهي‌ ‌إلي‌ المستودع‌ فإذا آجر المستودع‌ الوديعة و أخذ أجرتها تكون‌ ‌له‌ دون‌ المودع‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌غير‌ طيبة و ‌كذا‌ ‌إذا‌ اتجر المستودع‌ بالنقود المودعة و ربح‌ ‌بها‌ فالربح‌ ‌له‌ دون‌المودع‌ ا ه.

(مادة: 799) ‌إذا‌ ‌كان‌ صاحب‌ الوديعة غائبا ففرض‌ الحاكم‌ ‌من‌ الدراهم‌ نفقة

لمن‌ يلزم‌ صاحب‌ الوديعة الإنفاق‌ ‌عليه‌ بطلبه‌ فصرف‌ المستودع‌ تلك‌ النفقة المفروضة ‌من‌ الدراهم‌ المودعة ‌لا‌ يلزم‌ الضمان‌، و ‌أما‌ ‌إذا‌ صرف‌ بدون‌ أمر الحاكم‌ فيضمن‌.

و ‌من‌ المعلوم‌ ‌إن‌ الحاكم‌ ‌لا‌ يحكم‌ بهذا ‌الحكم‌ الا ‌بعد‌ تحقق‌ مقدمات‌.

(‌منها‌) استحقاق‌ النفقة.

و (‌منها‌) ‌عدم‌ إمكان‌ مراجعة المودع‌.

و (‌منها‌) ‌عدم‌ وجود مال‌ آخر ‌له‌ و هكذا.

‌كما‌ ‌أنّه‌ ‌لو‌ تعذر ‌أو‌ تعسر مراجعة الحاكم‌ ‌كان‌ لنفس‌ المستودع‌ ‌إن‌ ينفق‌ ‌منها‌ ‌علي‌ واجب‌ النفقة و ‌لكن‌ ‌مع‌ أخذ الوكيل‌ ‌علي‌ دفع‌ بدلها ‌لو‌ تبين‌ ‌إن‌ المودع‌ ‌كان‌ ‌قد‌ دفع‌ النفقة ‌أو‌ ‌كان‌ المنفق‌ ‌عليه‌ ‌غير‌ مستحق‌.

(مادة: 800) ‌إذا‌ عرض‌ للمستودع‌ جنون‌ بحيث‌ ‌لا‌ نرجي‌ إفاقته‌

و ‌لو‌ صحوه‌ ‌منه‌ و ‌كان‌ ‌قد‌ استودع‌ مالا ‌قبل‌ جنونه‌ ‌ثم‌ ‌لم‌ يوجد عنده‌ المال‌ المذكور بعينه‌ ‌كان‌ للمودع‌ ‌إن‌ يعطي‌ كفيلا ماليا و يضمنها ‌من‌ مال‌ المجنون‌، ‌ثم‌ ‌إذا‌ أفاق‌ المجنون‌ فادعي‌ رد الوديعة لصاحبها ‌أو‌ هلاكها بلا تعد و ‌لا‌ تقصير يصدق‌ بيمينه‌ و يسترد ‌ما أخذ ‌من‌ ماله‌ بدل‌ الوديعة.

‌هذه‌ القضية الفرضية مرجعها ‌إلي‌ الحاكم‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ ولي‌ المجنون‌ و ‌هي‌ منوطة ‌إلي‌ نظره‌، و ‌كل‌ تصرف‌ ‌يكون‌ ‌في‌ ماله‌ ‌من‌ ‌غير‌ اجازة الحاكم‌فهو حرام‌ باطل‌ ‌حتي‌ ‌لو‌ وجد المودع‌ عين‌ ماله‌‌-‌ أي‌ الوديعة‌-‌ ‌لا‌ ‌يجوز‌ ‌له‌ أخذها ‌إلا‌ بمراجعة الحاكم‌ ‌علي‌ الأحوط الا ‌في‌ ‌بعض‌ الصور.

(مادة: 801) ‌إذا‌ مات‌ المستودع‌ و وجدت‌ الوديعة عينا ‌في‌ تركته‌ تكون‌ امانة ‌في‌ يد وارثه‌ فيردها لصاحبها

و اما ‌إذا‌ ‌لم‌ توجد عينا ‌في‌ تركته‌ ‌فإن‌ أثبت‌ الوارث‌ ‌إن‌ المستودع‌ ‌قد‌ ‌بين‌ حال‌ الوديعة ‌في‌ حياته‌ ‌كان‌ ‌قال‌: رددت‌ الوديعة لصاحبها، ‌أو‌ ‌قال‌: ضاعت‌ بلا تعد، ‌فلا‌ يلزم‌ الضمان‌، و ‌كذا‌ ‌لو‌ ‌قال‌ الوارث‌: نحن‌ نعرف‌ الوديعة، و فسرها ببيان‌ أوصافها ‌ثم‌ ‌قال‌: انها هلكت‌، ‌أو‌ ضاعت‌ ‌بعد‌ وفاة المستودع‌، صدق‌ بيمينه‌ و ‌لا‌ ضمان‌ حينئذ، و ‌إذا‌ مات‌ المستودع‌ بدون‌ ‌إن‌ يبين‌ حال‌ الوديعة ‌يكون‌ مجهلا فتؤخذ الوديعة ‌من‌ تركته‌ كسائر ديونه‌، و ‌كذا‌ ‌لو‌ ‌قال‌ الوارث‌، نحن‌ نعرف‌ الوديعة بدون‌ ‌إن‌ يفسرها و يصفها ‌لا‌ يعتبر ‌قوله‌: انها ضاعت‌، و بهذه‌ الصورة ‌إذا‌ ‌لم‌ يثبت‌ انها ضاعت‌ يلزم‌ الضمان‌ ‌من‌ التركة.

‌لا‌ ريب‌ ‌إن‌ الوديعة كالوكالة تبطل‌ بموت‌ ‌كل‌ ‌من‌ المودع‌ و المستودع‌ و حينئذ ‌يجب‌ ‌علي‌ وارث‌ المستودع‌ بمجرد موته‌ ‌إن‌ يرد العين‌ ‌إلي‌ المودع‌ ‌كما‌ ‌يجب‌ ‌علي‌ نفس‌ المستودع‌ ‌إن‌ يردها ‌علي‌ وارث‌ المودع‌ ‌لو‌ مات‌ لأنها خرجت‌ ‌عن‌ الأمانة المالكية و صارت‌ شرعية فلو ‌لم‌ يبادر ‌إلي‌ ردها و تلفت‌ ضمنها مطلقا ‌حتي‌ ‌مع‌ ‌عدم‌ التعدي‌ و ‌لا‌ يصدق‌ بدعوي‌ التلف‌ ‌من‌ ‌غير‌ تفريط ‌حتي‌ ‌مع‌ يمينه‌ ‌بل‌ يلزمه‌ الإثبات‌ ‌لو‌ ادعي‌ ‌عدم‌ التقصير ‌في‌ المبادرة ‌علي‌ تأمل‌و ‌علي‌ ‌كل‌ فإطلاق‌ (المجلة) انها تكون‌ امانة ‌في‌ يد وارثه‌ ‌علي‌ إطلاقه‌ ‌غير‌ سديد.

و ‌كذا‌ قولها: ‌لو‌ ‌قال‌ الوارث‌ نحن‌ نعرف‌ الوديعة و فسرها إلخ‌.

فلو مات‌ المستودع‌ و ‌لم‌ يعلم‌ حال‌ الوديعة ‌لا‌ تؤخذ ‌من‌ تركته‌ الا ‌بعد‌ إقرار الورثة ‌أو‌ إثباتها ‌عند‌ حاكم‌ الشرع‌ و يمين‌ المودع‌ ‌أنّه‌ ‌لم‌ يسترجعها

(مادة: 802) ‌إذا‌ مات‌ المودع‌ تسلم‌ الوديعة لوارثه‌

‌لكن‌ ‌لو‌ ‌كانت‌ التركة مستغرقة بالدين‌ فيرفع‌ الأمر ‌إلي‌ الحاكم‌ فان‌ سلمها المستودع‌ ‌إلي‌ الوارث‌ بدون‌ اذن‌ الحاكم‌ فاستهلكها ‌هو‌ ضمن‌ المستودع‌.

(مادة: 803) الوديعة ‌إذا‌ لزم‌ ضمانها

فان‌ ‌كانت‌ ‌من‌ المثليات‌ تضمن‌ بمثلها و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌من‌ القيميات‌ تضمن‌ بقيمة يوم‌ لزوم‌ الضمان‌.

عرفت‌ مكررا انهم‌ قسموا الأموال‌ ‌إلي‌ مثلية و قيمية، و حكموا بأن‌ المثلي‌ يضمن‌ بالمثل‌ و القيمي‌ بالقيمية، و عرفوا كلا منهما بتعاريف‌ ‌لا‌ تخلو ‌من‌ نقاش‌، و ذكرنا ‌ما عندنا ‌في‌ ‌هذا‌ الموضوع‌، و ‌إن‌ الأصل‌ ‌في‌ ضمان‌ ‌كل‌ مال‌ ‌هو‌ المثل‌، فحيث‌ يوجد مثله‌ وجب‌ مثليا ‌كان‌ ‌أو‌ قيميا و الا وجبت‌ القيمة ‌أيضا‌ كذلك‌ راجع‌ (الجزء ‌الأوّل‌) و ‌لو‌ أودع‌ عنده‌ سند الدين‌ ‌أو‌ قبالة المهر ‌أو‌ صك‌ ملكية الدار أشكل‌ قضية الضمان‌، و ‌لكن‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ضياع‌ السند يوجب‌ فوات‌ الدين‌ و جحود الدائن‌ فيمكن‌ دعوي‌ لزوم‌ ضمان‌ الدين‌ ‌عليه‌ لانه‌ ‌قد‌ فات‌‌عليه‌ بسببه‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌لا‌ يخلو ‌من‌ اشكال‌.

و ‌قد‌ أهملت‌ (المجلة) ‌علي‌ عادتها مسائل‌ الخلاف‌ و التخاصم‌ ‌بين‌ المودع‌ و المستودع‌ و غيرها و ها نحن‌ نذكر المهم‌ ‌في‌ مواد.

(1) ‌لو‌ ادعي‌ ‌في‌ المال‌ ‌ألذي‌ بيد شخص‌ ‌أنه‌ وديعة فأنكر فالقول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌.

(2) ‌لو‌ اعترف‌ بالوديعة و ادعي‌ الرد ‌أو‌ التلف‌ ‌أو‌ ‌عدم‌ التفريط ‌أو‌ الإنفاق‌ عليها لحفظها ‌أو‌ اجرة نقلها ‌إلي‌ مكان‌ حريز، ‌أو‌ ‌ما يجري‌ ‌هذا‌ المجري‌، ففي‌ ‌كل‌ ‌ذلك‌ القول‌ قول‌ المستودع‌ ‌لما‌ عرفت‌ ‌من‌ ‌أنّه‌ محسن‌ و أمين‌ فيصدق‌ بيمينه‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ مدعيا و ‌لكن‌ خرج‌ ‌عن‌ قاعدة المدعي‌ بالإحسان‌.

(3) ‌لو‌ أنكر الوديعة ‌ثم‌ اعترف‌ ‌بها‌ و ادعي‌ التلف‌ ‌لم‌ يقبل‌ ‌قوله‌ و ‌عليه‌ الإثبات‌ لأنه‌ خرج‌ بالجحود ‌عن‌ الائتمان‌، و ‌لكن‌ ‌لو‌ ادعي‌ ‌إن‌ الجحود ‌كان‌ لنسيان‌ ‌أو‌ غرض‌ آخر معقول‌ يحلف‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌ و ‌علي‌ التلف‌ ‌أو‌ الرد و يبرأ ‌من‌ الضمان‌، و هكذا ‌لو‌ ادعي‌ الرد ‌ثم‌ ادعي‌ التلف‌ ‌أو‌ العكس‌ (4) ‌لو‌ اعترف‌ ‌إن‌ المال‌ لزيد و لكنه‌ ادعي‌ الوديعة و تلف‌ بلا تفريط ‌فلا‌ ضمان‌، و ‌لو‌ ادعي‌ زيد ‌أنّه‌ ‌قد‌ غصبه‌ ‌منه‌ فالقول‌ قول‌ المقر بيمينه‌، و ‌علي‌ مدعي‌ الغصب‌ الإثبات‌.

(5) ‌لو‌ اعترف‌ ‌أنّه‌ ‌له‌ و لكنه‌ عارية يملك‌ منافعها و ادعي‌ المالك‌ ‌أنّه‌ وديعة فمنافعها ‌له‌ فالقول‌ قول‌ مدعي‌ العارية بيمينه‌ ‌علي‌ تأمل‌ (6) ‌لو‌ اعترف‌ ‌أنّه‌ ‌له‌ و ادعي‌ المالك‌ ‌أنّه‌ إجارة و ادعي‌المعترف‌ ‌أنه‌ وديعة فالقول‌ ‌قوله‌ بيمينه‌.

(7) ‌لو‌ ‌كان‌ ‌له‌ ‌عليه‌ دين‌ و ‌له‌ عنده‌ وديعة بقدره‌ فدفع‌ ‌ذلك‌ المبلغ‌ و ‌قال‌: ‌هو‌ دينك‌ و الوديعة تلفت‌ يقبل‌ ‌قوله‌ بيمينه‌.

(8) ‌لو‌ ادعي‌ اثنان‌ ‌إن‌ العين‌ ‌الّتي‌ ‌هي‌ بيد زيد وديعة لهما فاما ‌إن‌ يصدقهما فيدفعها لهما ‌أو‌ يعترف‌ ‌بها‌ لأحدهما المعين‌ ‌أو‌ المردد ‌أو‌ ينكرهما معا، فان‌ اعترف‌ ‌بها‌ لمعين‌ دفعها ‌له‌ و انحصرت‌ بينه‌ و ‌بين‌ الآخر الدعوي‌ ‌إن‌ ادعي‌ ‌كل‌ منهما الاختصاص‌ و الا اشتركا.

و ‌إن‌ اعترف‌ لأحدهما المردد بقيت‌ بيده‌ ‌إلي‌ ‌إن‌ تنتهي‌ الدعوي‌ بينهما فيدفعها لمن‌ حكم‌ ‌له‌ الحاكم‌، و ‌إن‌ أنكرهما معا توجه‌ اليمين‌ ‌عليه‌ لكل‌ واحد منهما، فان‌ لكل‌ حلفا و ‌كان‌ المال‌ بينهما ‌إن‌ ادعيا الاشتراك‌، و الا بقي‌ بيده‌ ‌أو‌ يدفعه‌ للحاكم‌ ‌إلي‌ ‌إن‌ تنتهي‌ الخصومة بينهما، و ‌إن‌ حلف‌ لواحد و نكل‌ ‌عن‌ الآخر حلف‌ و أخذ المال‌، و ‌لو‌ نكل‌ حلف‌ الآخر و أخذه‌ (9) ‌لو‌ تنازعا ‌فقال‌ أحدهما للآخر: ‌إن‌ ‌ألذي‌ دفعته‌ لي‌ ‌هو‌ ديني‌ عليك‌، و ‌قال‌ الآخر: ‌بل‌ ‌هو‌ وديعة يلزمك‌ ‌إن‌ تردها لي‌ و المسألة ‌لا‌ تخلو ‌من‌ غموض‌ و ‌لا‌ يبعد ترجيح‌ قول‌ مدعي‌ الوديعة لأصالة ‌عدم‌ الدين‌ و لاعترافه‌ بان‌ يده‌ متفرعة و مسبوقة بيد الآخر، و ‌مع‌ ‌ذلك‌ فهي‌ محتاجة ‌إلي‌ التأمل‌.

و لعل‌ هناك‌ صورا اخري‌ للخلاف‌ و ‌في‌ ‌ما ذكرنا كفاية.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما