شنبه 15 ارديبهشت 1403  
 
 
العارية

الوديعة:

  


هي‌ المال‌ ‌ألذي‌ يوضع‌ ‌عند‌ شخص‌ لأجل‌ الحفظ، و ‌لا‌ حاجة بعدها الي‌ توضيح‌ الواضح‌ ‌في‌ مادة (764) الإيداع‌ ‌هو‌ احالة المالك‌
 
محافظة ماله‌ لآخر و يسمي‌ المستحفظ مودعا‌-‌ بكسر الدال‌‌-‌ و ‌ألذي‌ يقبل‌ الوديعة وديعا و مستودعا‌-‌ بفتح‌ الدال‌‌-‌ و باصطلاح‌ فقهائنا
 
وديعا.

(مادة 765)

العارية:

‌هي‌ المال‌ ‌ألذي‌ تملكت‌ منفعته‌ لآخر مجاناً اي‌ بلا بدل‌‌-‌ و يسمي‌ معاراً و مستعاراً.

تباعدت‌ حقيقة العارية ‌علي‌ أكثر الفقهاء ‌كما‌ ضاع‌ عليهم‌ حقائق‌ أكثر العقود ‌فقال‌ بعضهم‌: انها تمليك‌ المنفعة مجاناً، و ‌قال‌ آخرون‌: انها إباحة المنفعة و إباحة الانتفاع‌ (و الفرق‌ بينهما نادر) و الحقيقة انها ‌لا‌ ‌هذا‌ و ‌لا‌ ذاك‌ و انما ‌هي‌: سلطنة خاصة ‌علي‌ العين‌ للانتفاع‌ ‌بها‌، ‌كما‌ ‌إن‌ الإجارة كذلك‌، و الفرق‌ بينهما: ‌إن‌ العارية تسليط ‌علي‌ العين‌ بلا عوض‌، و الإجارة تسليط بعوض‌، و كلاهما تسليط ‌علي‌ العين‌ للانتفاع‌ و لازم‌ ‌هذا‌ إباحة المنفعة ‌أو‌ إباحة الانتفاع‌، و كأن‌ القوم‌ عبروا ‌عن‌ ‌هذا‌ العقد يلازمه‌ ‌كما‌ ‌هو‌ عادتهم‌ ‌في‌ أغلب‌ العقود ‌بل‌ و غيرها، اما احتمال‌ كونها تمليك‌ المنفعة ذاتا ‌أو‌ لازما فهو بعيد ‌عن‌ التحقيق‌ جداً و الاستدلال‌ ‌عليه‌ بان‌ المستعير ‌له‌ ‌إن‌ يعير و ‌لو‌ ‌كان‌ ‌لا‌ الملكية ‌لما‌ ‌كان‌ ‌له‌ ‌ذلك‌‌-‌ مدفوع‌ بالإعارة الثانية ‌إن‌ ‌كانت‌ بإذن‌ المعير ‌الأوّل‌‌-‌ أي‌ المالك‌صحت‌ و ‌لا‌ تدل‌ ‌علي‌ الملكية، و ‌إن‌ ‌كانت‌ بغير اذنه‌ منعنا جوازها ‌أو‌ تقع‌ باطلة، ‌بل‌ و دفعها بغير اذن‌ المالك‌ ‌إلي‌ المستعير ‌الثاني‌ حرام‌، فالحق‌ ‌ما ذكرنا ‌من‌ ‌أنّه‌ عقد ‌أو‌ إيقاع‌ يفيد تسليط المالك‌ ‌غيره‌ ‌علي‌ العين‌ للانتفاع‌ ‌بها‌ مجاناً، و ‌ليس‌ للمستعير ‌أن‌ يتجاوز مقدار الاذن‌ ‌من‌ المعير فلو تجاوز ضمن‌ و فعل‌ حراماً، و ‌مع‌ ‌عدم‌ التجاوز ‌هي‌ أمانة بيد المستعير ‌لا‌ يضمنها ‌لو‌ تلفت‌ ‌إلا‌ بالتعدي‌ و التقصير ‌كما‌ ‌في‌ مادة (768) الأمانة ‌لا‌ تكن‌ مضمونة يعني‌ ‌إذا‌ هلكت‌ ‌أو‌ ضاعت‌ بلا صنع‌ الأمين‌ و ‌لا‌ تقصير ‌منه‌ ‌لا‌ يلزمه‌ الضمان‌!! و ‌بعد‌ ‌إن‌ ذكرت‌ (المجلة) أشهر احكام‌ الامانة و ‌هو‌ ‌عدم‌ الضمان‌ أخذت‌ ‌في‌ ذكر ‌بعض‌ مصاديقها و مواردها ‌في‌ مادة (769) ‌إذا‌ وجد رجل‌ ‌في‌ الطريق‌ ‌أو‌ ‌في‌ محل‌ آخر شيئاً فأخذه‌ ‌علي‌ سبيل‌ التملك‌ ‌يكون‌ حكمه‌ حكم‌ الغاصب‌، و ‌علي‌ ‌هذا‌ ‌إذا‌ هلك‌ المال‌ ‌أو‌ ضاع‌ و ‌لو‌ بلا صنع‌ ‌أو‌ تقصير ‌منه‌ يصير ضامناً!! كأنها تشير ‌إلي‌ ‌إن‌ ‌من‌ استولي‌ ‌علي‌ مال‌ الغير بغير اذنه‌ ‌إن‌ أزال‌ يده‌ الحقة فهو غصب‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يزل‌ يده‌ ‌بل‌ وصل‌ اليه‌ بغير القهر ‌من‌ الأسباب‌ فهو بحكم‌ الغصب‌ و ‌من‌ ‌هذا‌ النوع‌ ‌من‌ وجد مالا ‌في‌ الطريق‌‌-‌ أي‌ اللقطة‌-‌ فأخذه‌ بنية التملك‌ فإنه‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ غصباً أي‌ الأخذ قهراً و ‌لكن‌ تترتب‌ ‌عليه‌ احكام‌ الغصب‌ ‌من‌ الحرمة و الضمان‌ ‌مع‌ التلف‌ و ‌لو‌ بغير تعد و ‌لا‌ تقصير، و وجوب‌ الرد ‌مع‌ عدمه‌، و ‌أما‌ ‌لو‌ أخذه‌ ‌علي‌ ‌أن‌ يرده‌ لمالكه‌ فان‌ ‌كان‌ معلوما ‌كان‌ ‌في‌ يده‌ امانة و يلزم‌ تسليمه‌ ‌إلي‌ مالكه‌، و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ معلوما فهو لقطة و ‌هو‌ ‌في‌ يد ملقطة أمانة.

و ‌هذا‌ البيان‌ ‌غير‌ مستوعب‌ لأقسام‌ العنوان‌.

و «تحرير البحث‌» ‌إن‌ ‌ما يقع‌ بيد الإنسان‌ ‌من‌ مال‌ الغير بغير اذنه‌ ‌إن‌ أخذه‌ قهراً ‌أو‌ اختلاساً فهو الغصب‌، و ‌إن‌ أخذه‌ بغير ‌ذلك‌ و بغير قصد ردّه‌ ‌إلي‌ مالكه‌ فهو بحكم‌ الغصب‌ تترتب‌ ‌عليه‌ جميع‌ أحكامه‌ وضعية و تكليفية، و ‌إن‌ أخذه‌ بقصد رده‌ ‌إليه‌ ‌فإن‌ ‌كان‌ مالكه‌ معلوماً وجب‌ المبادرة ‌إلي‌ رده‌ اليه‌ و ‌هو‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ الحال‌ امانة ‌لا‌ ضمان‌ ‌فيه‌ الا بالتعدي‌ و ‌لو‌ تواني‌ خرج‌ ‌عن‌ الامانة و صار ضامناً مطلقاً، و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ معلوماً فان‌ ‌كان‌ ‌قد‌ وجده‌ ‌في‌ الطريق‌ ‌أو‌ ‌في‌ الصحراء ‌أو‌ غيرهما ‌من‌ المواضع‌ العامة فهو اللقطة و تجري‌ ‌عليه‌ أحكامها، و ‌إن‌ وجده‌ ‌في‌ داره‌ ‌أو‌ خزانته‌ ‌أو‌ دكانه‌ و نحو ‌ذلك‌ ‌من‌ المواضع‌ الخاصة ‌به‌ و ‌لا‌ يعرف‌ صاحبه‌ ‌كان‌ ‌من‌ مجهول‌ المالك‌ و تجري‌ ‌عليه‌ احكامه‌، و قصاري‌ اللقطة و المجهول‌ المالك‌ ‌إن‌ مرجعهما أخيراً لحاكم‌ الشرع‌.

و ‌حيث‌ ‌إن‌ اللقطة ‌من‌ مهمات‌ مباحث‌ الفقه‌، و ‌هي‌ عامة البلوي‌، و ‌لم‌ تستوف‌ (المجلة) أحكامها ‌مع‌ انها ‌من‌ صلب‌ الأمانات‌، فاللازم‌ ‌إن‌ نوفيها حقها و ‌قد‌ تبين‌ لك‌ موضوعها ‌في‌ المجلة و تفصيله‌: ‌أنّه‌ عبارة عما يؤخذ ‌من‌ المواضع‌ العامة ‌من‌ مال‌ ‌أو‌ ‌غيره‌ ‌من‌ ‌غير‌ علم‌ صاحبه‌ ‌به‌ و ‌لا‌ اذنه‌ و ‌هو‌ إما حيوان‌ ‌أو‌ جماد و الحيوان‌ اما إنسان‌ ‌أو‌ ‌غير‌ إنسان‌، فالإنسان‌ ‌هو‌ اللقيط و ‌قد‌ عرفوه‌ بأنه‌ إنسان‌ ضائع‌ ‌لا‌ كافل‌ ‌له‌ و ‌لا‌ يستقل‌ بنفسه‌ و يشتمل‌ المنبوذ و الضائع‌، و الحر و العبد، فالحر يرد ‌إلي‌ اهله‌، و العبد ‌إلي‌ مالكه‌، و أخذه‌ مستحب‌ فان‌ خيف‌ ‌عليه‌ التلف‌ وجب‌ و ‌إذا‌ أخذه‌الملتقط وجب‌ ‌عليه‌ حضانته‌ بالمعروف‌ و ينفق‌ ‌عليه‌ ‌من‌ بيت‌ المال‌، و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ فمن‌ الزكاة، و الا استعان‌ بالمسلمين‌، و ‌إلا‌ أنفق‌ ‌عليه‌ و رجع‌ ‌به‌ ‌عليه‌ ‌بعد‌ بلوغه‌، ‌أو‌ ‌علي‌ اهله‌ ‌إن‌ وجدهم‌، و ‌هو‌ مسلم‌ ‌إذا‌ التقط ‌في‌ بلاد المسلمين‌ ‌أو‌ ‌في‌ بلاد الكفر و ‌فيها‌ مسلم‌ يحتمل‌ كونه‌ ‌منه‌، و ولاؤه‌ للإمام‌ ‌لا‌ للملتقط، و ‌لو‌ اختلف‌ ‌هو‌ و اللقيط ‌بعد‌ بلوغه‌ ‌أو‌ أهله‌ ‌في‌ أصل‌ الإنفاق‌ ‌أو‌ قدره‌ يقدم‌ قول‌ الملتقط فيما يوافق‌ المعروف‌ و ‌هذا‌ ‌من‌ موارد تقديم‌ الظاهر ‌علي‌ الأصل‌ و ‌هو‌ ظاهر، و ‌لو‌ التقطه‌ اثنان‌ و تشاحا أقرع‌ بينهما و يشترط ‌في‌ الملتقط البلوغ‌ و العقل‌ ‌بل‌ و الرشد ‌علي‌ الأحوط، و كونه‌ حراً و إسلامه‌ ‌إن‌ ‌كان‌ اللقيط مسلماً، ‌بل‌ و عدالته‌ ‌علي‌ الأحوط. فلو فقد أحد ‌هذه‌ ‌لم‌ يكن‌ لالتقاطه‌ اثر. و جاز للغير ‌إن‌ يأخذه‌ ‌منه‌. ‌هذا‌ كله‌ ‌في‌ اللقيط‌-‌ أي‌ الإنسان‌ الملقوط‌-‌. اما لقطة الحيوان‌ و تعرف‌ بالضالة و ‌هي‌ الدابة ‌الّتي‌ ‌لا‌ يعرف‌ مالكها. فقد وردت‌ أخبار تشعر بحرمة التقاطها و ‌هي‌ محمولة ‌علي‌ الكراهة جمعاً بينهما و ‌بين‌ ‌ما دل‌ ‌علي‌ الجواز و ترتفع‌ الكراهة بخوف‌ التلف‌ عليها و ‌إن‌ ‌كان‌ صحيحاً ‌في‌ ماء و كلاء ‌في‌ ‌غير‌ مسبعة فالأولي‌ تركه‌ لامتناعه‌ و ‌لو‌ أخذها فتلفت‌ قيل‌ يضمن‌ و ‌هو‌ مسلم‌ ‌إن‌ أخذها بنية التملك‌ ‌أو‌ ‌مع‌ التفريط و الا ‌فلا‌. و ‌لو‌ ترك‌ ‌من‌ جهد ‌في‌ ‌غير‌ ماء ‌أو‌ كلاء ‌كان‌ أخذه‌ مباحاً. ‌فإن‌ أنفق‌ عليها الملتقط ‌حتي‌ أصلحها ‌كانت‌ ‌له‌ و ‌ليس‌ لمالكها لقول‌ أمير المؤمنين‌ سلام‌ اللّه‌ ‌عليه‌ ‌إن‌ تركها ‌في‌ ‌غير‌ ماء و ‌لا‌ كلاء فهي‌ للذي‌ أحياها و أوضح‌ ‌منها‌ صحيحة ‌إبن‌ سنان‌ و غيرها و العمل‌ ‌بها‌ وفاقا لجمهور الأصحاب‌ متعين‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌علي‌ خلاف‌القاعدة، و لعل‌ الشارع‌ جعل‌ الاعراض‌ هنا بالخصوص‌ مزيلا للملكية السابقة رفقاً بالحيوان‌ و ‌يكون‌ ‌من‌ المباحات‌ فيملكه‌ الملتقط بالحيازة، ‌أما‌ الشاة ‌في‌ الفلاة ‌الّتي‌ ‌لا‌ تمتنع‌ ‌من‌ الوحش‌ المفترس‌ فيجوز أخذها بنية التملك‌ ‌كما‌ ‌في‌ الخبر المشهور «‌هي‌ لك‌ ‌أو‌ لأخيك‌ ‌أو‌ للذئب‌» ‌إنّما‌ الكلام‌ ‌في‌ الضمان‌ ‌لو‌ ظهر صاحبها ‌كما‌ يدل‌ ‌عليه‌ ‌بعض‌ الاخبار ‌أو‌ عدمه‌ ‌كما‌ ‌هو‌ ظاهر إطلاق‌ «‌هي‌ لك‌ ..» ‌في‌ الخبر المشهور مضافا ‌إلي‌ الأصل‌ و ‌الأوّل‌ أحوط ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ أقوي‌، و ‌لو‌ دفعها لحاكم‌ الشرع‌ برئ‌ ‌من‌ الضمان‌ قطعاً، و هل‌ يتوقف‌ تملكها ‌علي‌ تعريفها سنة ‌أو‌ أقل‌ أولا لإطلاق‌ الخبر المتقدم‌ و لعله‌ الأقوي‌؟ و ‌كذا‌ حكم‌ ‌كل‌ ‌ما ‌لا‌ يمتنع‌ ‌من‌ السباع‌ ‌بعد‌ و ‌أو‌ طيران‌ ‌حتي‌ مثل‌ الدواجن‌ كالدجاج‌ و نحوه‌، و ‌لو‌ وجدت‌ الشاة ‌في‌ العمران‌ حبسها ثلاثة أيام‌ فان‌ ‌لم‌ يجد صاحبها باعها و تصدق‌ بثمنها، فان‌ ظهر مالكها و ‌لم‌ يمض‌ غرم‌ ‌له‌ القيمة و ‌ليس‌ ‌له‌ تملكها ‌بل‌ اما ‌إن‌ يبقيها امانة لمالكها و ينفق‌ عليها و يقاص‌ ‌من‌ لبنها و صوفها ‌أو‌ يبقيها و يبقي‌ الثمن‌ أمانة ‌أو‌ يتصدق‌ ‌به‌ و ‌لو‌ دفعها ‌أو‌ قيمتها ‌إلي‌ الحاكم‌ سلم‌ ‌من‌ ‌ذلك‌ كله‌.

‌هذا‌ موجز الكلام‌ ‌في‌ لفظة الحيوان‌ إنسان‌ و ‌غير‌ إنسان‌، ‌أما‌ لقطة المال‌ الصامت‌ فقد وردت‌ جملة أخبار ظاهرة ‌في‌ حرمة التقاط المال‌ ‌في‌ الحرم‌ مطلقا ففي‌ رواية ‌عن‌ الكاظم‌ سلام‌ اللّه‌ ‌عليه‌ «لقطة الحرم‌ ‌لا‌ تمس‌ بيد و ‌لا‌ رجل‌، و ‌لو‌ ‌إن‌ الناس‌ تركوها لجاء صاحبها و أخذها» و ‌لكن‌ المشهور الكراهة، و موضع‌ البحث‌ قصد التملك‌، إما أخذها لحفظها ‌أو‌ ردها ‌إلي‌ صاحبها فالظاهر الاتفاق‌ ‌علي‌ جوازه‌ و ‌هو‌ امانة ‌لا‌ تضمن‌ حينئذ ‌إلا‌بالتفريط، ‌ثم‌ ‌إذا‌ أخذه‌ بهذا القصد عرف‌ ‌به‌ سنة فان‌ ‌لم‌ يظهر تصدق‌ ‌به‌ ‌عن‌ صاحبه‌ و يضمن‌ ‌له‌ ‌لو‌ ظهر ‌بعد‌ ‌ذلك‌، و القاعدة تقتضي‌ ‌عدم‌ الضمان‌ لأنه‌ أمانة شرعية و ‌قد‌ أنفقها بإذن‌ الشارع‌، و ‌لو‌ دفعها للحاكم‌ ‌فلا‌ ‌شيء‌ ‌عليه‌ و ‌ما ذكرناه‌ يطرد ‌في‌ القليل‌ و الكثير، ‌أما‌ لقطة ‌غير‌ الحرم‌ فيحل‌ ‌منه‌ ‌ما ‌كان‌ دون‌ الدرهم‌ ‌من‌ ‌غير‌ تعريف‌، و ‌لو‌ ظهر مالكه‌ و عينه‌ باقية أخذها قطعاً فهي‌ ملكية مراعاة، اما ‌لو‌ ‌كانت‌ تالفة ففي‌ الضمان‌ وجهان‌ ‌بل‌ قولان‌ أقواهما العدم‌ لإذن‌ الشارع‌ بذلك‌ التصرف‌ و ‌هو‌ كإذن‌ المالك‌ ‌أو‌ أقوي‌ ‌أما‌ الدرهم‌ فما زاد فالواجب‌ تعريفه‌ حولا فلان‌ ‌لم‌ يظهر صاحبه‌ تخير ‌بين‌ ‌إن‌ يتملكه‌ مَع‌َ الضمان‌ ‌لو‌ ظهر و ‌بين‌ الصدقة ‌به‌ ‌علي‌ مستحق‌ الزكاة ‌عن‌ صاحبه‌ و ‌في‌ الضمان‌ الوجهان‌ السابقان‌ و ‌عدم‌ الضمان‌ هنا أقوي‌، و ‌بين‌ إبقائه‌ أمانة لمالكه‌ ‌فلا‌ يضمن‌ الا ‌مع‌ التفريط، و الدفع‌ ‌إلي‌ الحاكم‌ الشرعي‌ أصح‌ و أسلم‌، و ‌الحكم‌ العام‌ ‌في‌ لقطة المال‌ ‌من‌ الدرهم‌ فما زاد ‌هو‌ التعريف‌ حولا فيما يمكن‌ ‌فيه‌ التعريف‌، اما ‌ما ‌لا‌ يمكن‌ كالدراهم‌ و الدنانير الغير المصرورة و ‌لا‌ ‌في‌ محفظة فقد يقال‌ بسقوط تعريفها، و جواز تملكها بمجرد التقاطها و ‌هو‌ مشكل‌، و ‌لو‌ تحقق‌ ‌هذا‌ الفرض‌ ‌في‌ ‌بعض‌ الأموال‌ ‌كان‌ ‌من‌ مجهول‌ المالك‌ و يجري‌ ‌عليه‌ حكمه‌ و ‌لا‌ ‌يجوز‌ تملكه‌ بوجه‌ مطلق‌ ‌كما‌ ‌أنّه‌ ‌لو‌ وجد ‌في‌ المواقع‌ العامة كالحمام‌ ‌أو‌ المساجد و المعابد بدل‌ ثيابه‌ ‌أو‌ حذائه‌ ‌أو‌ كتابه‌ ‌فإن‌ علم‌ انها لآخذ كتابه‌ ‌كانت‌ ‌من‌ مجهول‌ المالك‌ ‌لا‌ اللقطة، و ‌إن‌ ‌لم‌ يعلم‌ ‌أو‌ علم‌ العدم‌ فهي‌ لقطة، و ‌ما ‌لا‌ يبقي‌ ‌أو‌ يحتاج‌ بقاؤه‌ ‌إلي‌ علاج‌ باعه‌ ‌أو‌ قومه‌ ‌علي‌ نفسه‌ و حفظ قيمته‌ و الأحوط مراجعة الحاكم‌ ‌في‌ ‌ذلك‌لأنه‌ الولي‌ العام‌.

و أخذ اللقطة بوجه‌ عام‌ مكروه‌، و ‌في‌ ‌بعض‌ الأخبار

«‌لا‌ يأخذ الضالة ‌إلا‌ الضالون‌»

و ‌قد‌ توجد خصوصيات‌ مقامية تخرج‌ ‌عن‌ الكراهة ‌بل‌ ‌قد‌ تصير مستحبة ‌أو‌ واجبة، و ذكروا: ‌إن‌ الكراهة تتأكد فيما تكثر منفعته‌ و تقل‌ قيمته‌ كالعصا و النعل‌ و الإداوة و أمثالها: ‌كما‌ تتأكد الكراهة ‌في‌ الفاسق‌ و المعسر و يصح‌ التقط المال‌ ‌من‌ ‌كل‌ ‌من‌ يصح‌ ‌منه‌ التكسب‌ ‌حتي‌ الصبي‌ و المجنون‌ و يتولي‌ حفظهما و التعريف‌ ‌بها‌ الولي‌. و يستحب‌ الاشهاد ‌بل‌ ‌قد‌ يحب‌ ‌في‌ أخذها و ردها. مضافا ‌إلي‌ الإعلان‌ و الإنشاد ‌في‌ الحول‌ حسب‌ المتعارف‌.

و ‌حيث‌ ‌إن‌ اللقطة‌-‌ ‌كما‌ عرفت‌‌-‌ امانة ‌يجب‌ ردها الي‌ مالكها الواقعي‌ ‌فلا‌ ‌يجوز‌ دفعها الي‌ مدعيها ‌ما ‌لم‌ يثبت‌ ملكه‌ لها بالعلم‌ ‌أو‌ ‌ما يقوم‌ مقامه‌ شرعاً ‌من‌ الشاهدين‌ العدلين‌. ‌أو‌ الشاهد و اليمين‌ و ‌لا‌ يكفي‌ إعطاء أوصافها و ‌إن‌ ‌كان‌ خفية الا ‌مع‌ حصول‌ الاطمئنان‌ بصدقه‌ المتاخم‌ للعلم‌. و ‌إذا‌ دفعها بالأوصاف‌ و قدم‌ ‌غيره‌ البينة انها ‌له‌ انتزعت‌ ‌من‌ الاولي‌ و دفعت‌ لذي‌ البينة و ‌إن‌ ‌كانت‌ تالفة تخير ‌في‌ الرجوع‌ ‌علي‌ الدافع‌ ‌أو‌ المتلف‌ ‌فإن‌ رجع‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌ رجع‌ ‌الأوّل‌ ‌علي‌ ‌الثاني‌ ‌لأن‌ قرار الضمان‌ ‌عليه‌. و لذا ‌لو‌ رجع‌ ‌عليه‌ رأسا ‌لم‌ يرجع‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌.

و ‌من‌ وجد مالا ‌في‌ فلاة ‌من‌ الأرض‌ ‌أو‌ مدفونا ‌في‌ أرض‌ ‌ليس‌ لها مالك‌ و ‌لم‌ يكن‌ ‌عليه‌ أثر الإسلام‌ ملكه‌ الواجد و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌في‌أراضي‌ الإسلام‌، و ‌إن‌ وجد ‌عليه‌ أثر الإسلام‌ ‌كان‌ لقطة ‌يجب‌ تعريفها و ‌لو‌ ‌كان‌ للأرض‌ مالك‌ عرفه‌ فان‌ ادعاه‌ دفع‌ ‌له‌ و الا فلو أجده‌ ‌مع‌ انتفاء أثر الإسلام‌ و الا فهو لقطة و مثله‌ ‌ما يوجد ‌في‌ جوف‌ الدابة ‌أو‌ السمكة ‌إن‌ ‌كانت‌ أهلية ‌أما‌ الوحشية و ‌الّتي‌ أخذت‌ ‌من‌ المياه‌ العامة جديداً ‌لا‌ يراجع‌ ‌بها‌ المالك‌ فان‌ ‌كان‌ ‌عليه‌ أثر الإسلام‌ فلقطة و الا فلو أجده‌، و ‌من‌ وجد مالًا ‌في‌ صندوقه‌ ‌أو‌ دكانه‌ ‌أو‌ داره‌ فان‌ ‌كان‌ ‌له‌ شريك‌ ‌فيه‌ عرفه‌ فان‌ ادعاه‌ أخذه‌ بلا بينة و ‌لا‌ يمين‌، لانه‌ مدع‌ بلا معارض‌، و ‌إن‌ نفاه‌ فهو لقطة لواجده‌، و ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌له‌ شريك‌ فقد ذكروا. ‌أنّه‌ ‌يكون‌ لمالك‌ الدكان‌ و الدار و نحوهما لانه‌ ‌من‌ توابع‌ ملكه‌ و ‌لم‌ يجعلوه‌ لقطة و ‌هو‌ محل‌ نظر فليتأمل‌.

‌هذا‌ موجز البحث‌ ‌في‌ اللقطة موضوعاً و حكماً، و ‌فيه‌ ‌علي‌ اختصاره‌ غني‌ و كفاية و سيأتي‌ لهذا البحث‌ تتمة ‌إن‌ شاء اللّه‌ ‌تعالي‌.

و (المجلة) بمناسبة بحث‌ الامانة استطردت‌ ‌إلي‌ ذكر اللقطة استطراداً خفيفاً، فلم‌ توف‌ حق‌ الامانة، و ‌لم‌ تميز ‌بين‌ الأمانة الشرعية و الأمانة المالكية، ‌كما‌ انها ‌لم‌ تستوف‌ رءوس‌ مباحث‌ اللقطة فضلًا ‌عن‌ دير لها و توابعها، و ‌لم‌ تخصص‌ لها سوي‌ مادة واحدة، و ‌هي‌:

(مادة: 770) يلزم‌ الملتقط ‌إن‌ يعلن‌ ‌أنه‌ وجد لقطة و يحفظ المال‌ ‌في‌ يده‌ أمانة

‌إلي‌ ‌أن‌ يوجد صاحبه‌ و ‌إذا‌ ظهر أحد و أثبت‌ ‌إن‌ تلك‌ اللقطة ماله‌ لزمه‌ تسليمها.

و ‌في‌ ‌هذا‌ أيضاً ‌من‌ التسامح‌ ‌أو‌ الخلل‌ ‌ما ‌لا‌ يخفي‌، إذ ‌ليس‌ اللازم‌إعلان‌ ‌أنّه‌ وجد لقطة، ‌بل‌ اللازم‌ طلب‌ ‌من‌ ضاع‌ ‌له‌ مال‌، و ‌هو‌ المعبر ‌عنه‌ بالإنشاد أي‌ طلب‌ صاحب‌ المال‌ و نشدانه‌ ‌في‌ الجوامع‌ و المحافل‌ و الأندية العامة و نحوها، و يقول‌ مثلا‌-‌ نداء ‌أو‌ كتابة‌-‌: ‌أنّه‌ ‌من‌ ضاعت‌ ‌له‌ دراهم‌ فليراجع‌ المحل‌ الفلاني‌. و نحو ‌ذلك‌، و ‌لا‌ يبعد ‌إن‌ اجرة المنادي‌ و الناشد و ‌ما يتصل‌ بذلك‌ ‌علي‌ صاحب‌ المال‌ ‌لا‌ ‌علي‌ الملتقط لانه‌ محسن‌ و (‌ما ‌علي‌ المحسنين‌ ‌من‌ سبيل‌) ‌ثم‌ يبقي‌ المال‌ بيده‌ أمانة ‌إلي‌ نهاية الحول‌ ‌أو‌ ‌حتي‌ يحصل‌ اليأس‌ و ‌لو‌ ‌قبل‌ الحول‌، و النهاية ‌هو‌ الحول‌‌-‌ و بعده‌ التفاصيل‌ السابقة، و اليه‌ أشارت‌ بقولها: و يحفظ المال‌ بيده‌ أمانة ‌إلي‌ ‌إن‌ يوجد صاحبه‌، و ‌إذا‌ حضر و أثبت‌ ‌إن‌ تلك‌ اللقطة ماله‌ لزمه‌ تسليمها!!.

و «تحرير البحث‌» ‌في‌ موجبات‌ تسليم‌ اللقطة ‌أنّه‌ ‌يجب‌ بأمور.

أحدها‌-‌: و أقواها حكم‌ الحاكم‌ و ثبوت‌ ‌ذلك‌ عنده‌، فإذا سلمها بحكم‌ الحاكم‌ خرج‌ ‌من‌ العهدة و ‌لم‌ يبق‌ ‌عليه‌ ‌شيء‌ ‌حتي‌ ‌لو‌ ظهر خطأ الحاكم‌ ‌أو‌ فساد حكمه‌.

ثانيها‌-‌: قيام‌ البينة ‌عند‌ الملتقط نفسه‌ فإنه‌ ‌يجب‌ ‌عليه‌ تسليمها بشهادة العدلين‌ ‌أو‌ العدل‌ الواحد ‌مع‌ اليمين‌، و يخرج‌ بذلك‌ ‌من‌ ‌كل‌ تبعة.

ثالثها‌-‌: إقرار الملتقط بأنها للمدعي‌ فإذا أقر وجب‌ تسليمها للمقر ‌له‌ و ‌لكن‌ ‌لا‌ يخرج‌ ‌من‌ العهدة و ‌لو‌ اقام‌ آخر البينة انها ‌له‌ انتزعت‌ ‌من‌ المقر ‌له‌ و دفعت‌ لصاحب‌ البينة و ‌إن‌ ‌كانت‌ تالفة رجع‌ ‌علي‌ أي‌ منهما يشاء و ‌لا‌ يرجع‌ المقر ‌علي‌ المقر ‌له‌ ‌لو‌ أخذت‌ قيمتها ‌منه‌ حسب‌ إقراره‌ ‌كما‌ ‌لا‌ يرجع‌ أيضاً ‌الثاني‌ ‌علي‌ ‌الأوّل‌ ‌لو‌ أخذت‌ ‌منه‌.

رابعها‌-‌: بيان‌ الأوصاف‌ الخفية الموجبة للاطمئنان‌ ‌كما‌ تقدم‌ قريباً و ‌لكن‌ ‌لا‌ يخرج‌ ‌بها‌ ‌عن‌ العهدة و حالها حال‌ الإقرار.

و ذكر شيخنا الشهيد‌-‌ أعلي‌ اللّه‌ مقامه‌‌-‌ ‌في‌ «اللمعة» ‌ما نصه‌‌-‌:

و ‌لا‌ تدفع‌ ‌إلا‌ بالبينة ‌لا‌ بالأوصاف‌ و ‌إن‌ خفيت‌، ‌نعم‌ ‌يجوز‌ الدفع‌ ‌بها‌ ا ه.

و ‌قد‌ يشكل‌ بان‌ الدفع‌ ‌إذا‌ جاز وجب‌ ‌فإن‌ الأوصاف‌ اما ‌إن‌ تكون‌ امارة و حجة كالبينة فيجب‌ الدفع‌ و الا ‌فلا‌ ‌يجوز‌، و يمكن‌ دفع‌ ‌هذا‌ بأن‌ البينة حجة شرعية قاطعة ‌يجب‌ العمل‌ ‌بها‌ بخلاف‌ الاعتماد ‌علي‌ الأوصاف‌ فإنها ‌لا‌ تفيد سوي‌ الظن‌، و أقصاه‌ جواز العمل‌ ‌به‌ ‌ما ‌لم‌ ينكشف‌ الواقع‌ و يظهر الخلاف‌، فليتأمل‌.

(مادة: 771) ‌إذا‌ هلك‌ مال‌ شخص‌ ‌في‌ يد آخر

فان‌ ‌كان‌ أخذه‌ إياه‌ بدون‌ اذن‌ المالك‌ ضمن‌ بكل‌ حال‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ أخذ ‌ذلك‌ المال‌ بإذن‌ صاحبه‌ ‌لا‌ يضمن‌ لأنه‌ امانة ‌في‌ يده‌ ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ أخذه‌ ‌علي‌ سوم‌ الشراء و سمي‌ الثمن‌ فهلك‌ المال‌ لزمه‌ الضمان‌، مثلا ‌إذا‌ أخذ شخص‌ إناء «بلور» ‌من‌ دكان‌ البائع‌ بدون‌ اذنه‌ فوقع‌ ‌من‌ يده‌ فانكسر ضمن‌ قيمته‌، و ‌أما‌ ‌إذا‌ أخذه‌ بإذن‌ صاحبه‌ فوقع‌ ‌من‌ يده‌ بلا قصد أثناء النظر و انكسر ‌فلا‌ يلزمه‌ الضمان‌، و ‌لو‌ وقع‌ ‌ذلك‌ الإناء ‌علي‌ آنية أخري‌ فانكسرت‌ تلك‌ الآنية أيضاً لزمه‌ ضمانها فقط، و ‌أما‌ الإناء ‌الأوّل‌ ‌فلا‌يلزمه‌ ضمانه‌ لأنه‌ امانة ‌في‌ يده‌، و ‌أما‌ ‌لو‌ ‌قال‌ لصاحب‌ الدكان‌ بكم‌ ‌هذا‌ الأناة؟ ‌فقال‌ ‌له‌: بكذا قرشا خذه‌، فأخذه‌ بيده‌ فوقع‌ ‌علي‌ الأرض‌ فانكسر ضمن‌ ثمنه‌، و ‌كذا‌ ‌لو‌ وقع‌ كأس‌ (الفقاعي‌) ‌من‌ يد أحد فانكسر و ‌هو‌ يشرب‌ ‌لا‌ يلزمه‌ الضمان‌ لأنه‌ أمانة ‌من‌ قبيل‌ العارية، و ‌أما‌ ‌لو‌ وقع‌ بسبب‌ سوء استعماله‌ فانكسر لزمه‌ الضمان‌.

خرج‌ ‌من‌ قضايا اللقطة ‌إلي‌ أصل‌ باب‌ الأمانات‌، و بهذا تريد (المجلة) إعطاء الضابطة الكلية، و القاعدة الأصلية لضمان‌ اليد، و تحرير ‌ذلك‌ ‌إن‌ يقال‌: ‌إن‌ تلف‌ مال‌ إنسان‌ بيد ‌غيره‌ ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ حصوله‌ بيده‌ ‌كان‌ بإذن‌ المالك‌ ‌أو‌ بإذن‌ الشارع‌ ‌أو‌ بدون‌ اذن‌ واحد منهما، و ‌علي‌ ‌الثاني‌ فهو ضامن‌ مطلقا سواء ‌كان‌ بالتعدي‌ ‌أو‌ بدونه‌، و ‌الأوّل‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ الإذن‌ اذن‌ معاوضة ‌أو‌ إذنا مجردا، و ‌الثاني‌ ‌لا‌ يوجب‌ الضمان‌ الا ‌مع‌ التعدي‌، و ‌الأوّل‌ يقتضي‌ الضمان‌ مطلقا بالمثل‌ ‌أو‌ القيمة بقاعدة (‌ما يضمن‌ بصحيحه‌ يضمن‌ بفاسده‌) فتحصل‌ ‌إن‌ الاستيلاء ‌علي‌ مال‌ الغير ‌لا‌ يخلو ‌من‌ ثلاثة أنواع‌.

(‌الأوّل‌) ‌ما خلي‌ ‌عن‌ الاذن‌ مطلقا، و يدخل‌ ‌فيه‌ الغصب‌ و السرقة و الجحود و التعدي‌ ‌عن‌ الامانة و الغش‌ و التدليس‌ و أشباه‌ ‌ذلك‌، و ‌هو‌ كثير و حكمه‌ الضمان‌ مطلقا، و ‌منه‌ المال‌ المقبوض‌ اشتباها ‌كما‌ ‌لو‌ دفع‌ القصار ثوب‌ زيد لغيره‌ فتلف‌ ‌في‌ يده‌، و لزيد حق‌ الرجوع‌ ‌به‌ ‌علي‌ القصار حينئذ ‌إلا‌ ‌مع‌ الغرور، و ‌كذا‌ ‌لو‌ تخيل‌ ‌إن‌ مال‌ زيد ماله‌ فأخذه‌ فتلف‌ ‌في‌ يده‌ فإنه‌ ضامن‌ ‌له‌ بقاعدة اليد.

 (‌الثاني‌) ‌ما ‌كان‌ ‌عن‌ اذن‌ و ‌لكن‌ أذن‌ معاوضة و ‌هي‌ ‌أما‌ ‌علي‌ العين‌ باعتبار ذاتها ‌أو‌ عليها باعتبار ‌بعض‌ شئونها، و ‌من‌ ‌هذا‌ النوع‌ الإجارة و المزرعة و المساقاة و أضرابها، و ‌هذه‌ تلحق‌ بالأمانات‌ و ‌لا‌ ضمان‌ ‌فيها‌ الا ‌مع‌ التعدي‌ و التفريط، و ‌من‌ ‌الأوّل‌ المقبوض‌ بالعقد الفاسد، و المقبوض‌ بالسوم‌، و ‌هو‌ ضماني‌ مطلقا للقاعدة المتقدمة (‌ما يضمن‌ بصحيحة ..) (الثالث‌) ‌ما ‌كان‌ ‌عن‌ اذن‌ مجرد ‌عن‌ ‌كل‌ معاوضة و ‌هو‌ باب‌ الأمانات‌ بجميع‌ أنواعها شرعية ‌أو‌ مالكية، و ‌من‌ أظهر أنواع‌ ‌الثاني‌ الوديعة و العارية، و ‌من‌ أظهر أنواع‌ ‌الأوّل‌ اللقطة و مجهول‌ المالك‌ و باب‌ الحسبة كقبض‌ عدول‌ المؤمنين‌ للوقف‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ متولي‌ ‌له‌ و مال‌ اليتيم‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ قيم‌ ‌له‌، و الغائب‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ وكيل‌ ‌له‌، ‌حيث‌ ‌لا‌ يوجد الولي‌ العام‌ و ‌هو‌ الحاكم‌ ‌أو‌ ‌إلي‌ زمن‌ إمكان‌ مراجعته‌ و ‌لا‌ ضمان‌ ‌في‌ الجميع‌ الا ‌مع‌ التعدي‌ و التفريط.

‌هذا‌ تمام‌ أنواع‌ الاستيلاء ‌علي‌ مال‌ الغير و أحكامها و ‌منه‌ تعرف‌ ‌عدم‌ استيفاء (المجلة) لأنواع‌ ‌هذا‌ البحث‌ ‌كما‌ يتضح‌ ‌بما‌ ذكرناه‌ ‌من‌ الأمثلة المدرجة ‌في‌ ‌هذه‌ المادة بقولها مثلا‌-‌ ‌إذا‌ أخذ شخص‌ إناء بلور إلخ‌ ..

(مادة: 772) الاذن‌ دلالة كالاذن‌ صراحة،

و اما ‌إذا‌ وجد النهي‌ صراحة ‌فلا‌ عبرة بالإذن‌ دلالة مثلا‌-‌ ‌إذا‌ دخل‌ شخص‌ دار آخر باذنه‌ فوجد إناء معدا للشراب‌ فهو مأذون‌ دلالة بالشرب‌ ‌به‌ فإذا أخذ ‌ذلك‌ الإناء ليشرب‌ ‌به‌ فوقع‌ ‌من‌ يده‌ و ‌هو‌ يشرب‌ ‌فلا‌ ضمان‌ ‌عليه‌ و اما ‌إذا‌ نهاه‌ صاحب‌ الدار ‌عن‌ الشرب‌ ‌به‌ ‌ثم‌ أخذه‌ ليشرب‌ ‌به‌ فوقع‌ ‌من‌

يده‌ و انكسر فيضمن‌ قيمته‌.

و ملاك‌ ‌كل‌ ‌ذلك‌ القواعد المقررة ‌في‌ الاستعمال‌، و أصول‌ الفهم‌ و التفاهم‌ ‌منها‌ قاعدة تقديم‌ النص‌ ‌علي‌ الظاهر و الأظهر ‌علي‌ الظاهر.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما