الباب الثاني في (حق مرور الزمان)
اعلم أصلحك اللّه إن فقهاء الإمامية رضوان اللّه عليهم لا يبحثون عن حكم واقعة الا من حيث دليلها الشرعي و ما يستفاد من نصوص الكتاب و السنة و احكام العقل الضروري يعني أنهم يبحثون عن أحكام الوقائع من حيث جعل الشارع الحكيم لا من حيث الجعل البشري و الاستحسانات الاعتبارية، و جعل القوانين الدولية، فان فقهالإمامية بمعزل عن هذا بل هو شرعي محض لا يتعدي عن حدود الفرقان المجيد و السنة النبوية و الاحكام العقلية القطعية لا الظنية أو الاستحسانية، و حيث إن قضية مرور الزمان لا ترجع إلي كتاب و لا سنة بل و لا إلي عقل و لا استحسان و لا قياس، و انما هو جعل جزافي محض، و احكام اقتراحية صرفة، لذلك لا تجد لهذا البحث اعني بحث (مرور الزمان) في كتب أصحابنا عينا و لا أثرا لا في المختصرات و لا المطولات، و لعمر الحق إن عدم سماع الدعوي لقضية [مرور الزمان] لحكم جزافي جائز إذ ما المانع من سماع الحاكم دعوي قد مضي عليها مائة سنة لا ثلاثون فينظر فيها فان كانت حقا حكم بالحق و إن كانت باطلا ردها، اما التعليل بان تركه المطالبة بحقه طيلة المدة من غير عذر دليل علي سقوطه و الا لطالب به فهو مدفوع بان هذا لا يقضي بعدم السماع بل اللازم إن يسمعها الحاكم ثم يسأله عن سبب تركه المطالبة في تلك البرهة فان أبدي عذرا معقولا فذاك و الا جعله بعض القرائن علي بطلان حقه فإن عارضه بما هو أقوي حكم له و الا حكم عليه، (و الخلاصة) إن عدم سماع الدعوي لمرور الزمان يجحف بالحقوق و يروج دولة الباطل، و ما أكثر ما تكون للناس اعذار خفية، و موانع سرية، توجب عليهم تأخير المطالبة غير الموانع العامة كالصغر و الجنون و المرض و السفر فلو اوصدنا باب سماع الدعوي عليهم كنا قد ذهبنا بحقوقهم ظلما و عدوانا أ فليس من الظلم الفاحش إن لا تسمع دعواه و لعله محق فيها و من هذا البيان و ماطويناه من أمثاله يظهر لك إن قضية مرور الزمان و سد باب الدعوي من اجله حكم جزافي لا يطابقه كتاب و لا سنة، و لا يوافقه عقل و لا قياس، و من هنا تعرف رصانة فقه الإمامية و بعد نظرهم و قوة مداركهم، إذا فلنطو هذا البحث علي علامته و لنوصد بابه لأننا لا نبحث في مسأله الا من حيث دليلها الشرعي اما إذا خلت عن الدليل و كانت جعلا جزافيا، فلا ناقة لنا فيها و لا جمل و لسنا منها في خل و لا خمر. و كان الواجب علي أرباب (المجلة) بما انها فقه إسلامي مأخوذ من أئمة المذاهب الأربعة إن لا يذكروا شيئا من هذا الباب في مجلتهم و اللازم علي من يرغب في تحرير المجلة حذفه و اللّه الموفق و به المستعان.