الكتاب الثاني عشر (في الصلح و الإبراء)
و يشتمل علي مقدمة و أربعة أبواب:
المقدمة في بيان بعض الاصطلاحات الفقهية المتعلقة بالصلح و الإبراء
(المقدمة) مادة «1531»
الصلح:
هو العقد ألذي يرفع النزاع بالتراضي هذا التعريف كسائر تعاريفهم قاصر بعيد عن حقيقة هذا العقد، و حقه إن يقال: أنّه عقد شرع لحسم الخصومة محققة فعلا أو مقدرة فرضا، و هو من اسمي التشريعات الإسلامية و أشرف مؤسساتها و قد وردت في القرآن المجيد آيات كريمة في التنويه عنه و الحث عليه (إِنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحُوا بَينَ أَخَوَيكُم) و هذه الجملة؟؟؟؟ (نجمة الصباح) في أفق التشريع و مثلها، فلا جناح إن يصلحا بينهما صلحا، و الصلح خير، ثم تعقبتها السنة النبوية و زادته وضوحا بالحديث النبوي المشهور (الصلح جائز بين المسلمين الا ما حرم حلالا أو حلل حراما) و قد سبق بعض الكلام فيه في مباحث الشروط و يأتي نبذة منهالكتابة و لا الإشارة من القادر علي الكلام و تلزم فيه سائر ما يلزم في العقود من الرضا و الاختيار و القصد و التوالي و التطابق و هو عقد لازم لا ينفسخ الا بالقابل أو شرط الفسخ أو أحد الخيارات العامة كالغبن و العيب و نحوهما، و يصح مع الإنكار و الإقرار و السكوت كما في مادة (1535) الصلح ثلاثة أقسام إلي آخرها نعم يختلف عن سائر العقود اللازمة بتحمل مقدار من الجهالة لا تتحمل في سائرها كما سيأتي، و أركان الصلح خمسه- العقد، المصالح المصالح له، المصالح عنه، المصالح به، و لكل واحد شروط، اما شروط العقد فما عرفت، و لفظه الصريح صالحت أو صالحتك و مشتقاتها، و صحته بمثل تراضينا و اتفقنا و القرار بيننا و أمثال ذلك مع قصد تلك الحقيقة غير بعيدة (و حقيقته) ليست هي صرف التسالم كما يقال بل هي الالتزام بالتسالم و التعهد برفع الخصومة الموجودة أو المفروضة كما عرفت و لا يلزم تصور المتصالحين كل هذه الخصوصيات بل هي معان ارتكازية يكفي قصدها الإجمالي بقصد حقيقة الصلح و يصح الإيجاب و القبول من كل منهما فلا يختص الإيجاب من واحد و القبول من أخر كما في بعض العقود. و قد أهملت المجلة هذا البحث اعني البحث في صيغة هذا العقد و ألفاظه كما أهمله كثير من أصحابنا اما المصالح و المصالح له فلا يعتبر فيهما أكثر من الشرائط العامة في المتعاقدين سوي إن البلوغ يمكن إن يكتفي عنه هنا بالتمييز و لكن مع اذن الولي و كفاية صدور الصيغة منه مع الرشد و عدم الحجرو أمثالها كما في مادة (1539) يشترط إن يكون المصالح عاقلا إلي آخرها و اما المصالح عنه فهو أعم من العين و الدين و الحق و المنفعة و الدعوي أو تقرير أمر بينهما، و هو اعني المصالح عنه ركن في عقد الصلح إذ لا بد إن يصالحه عن شيء أو علي شيء، اما المصالح به فغير لازم و يمكن تحقق الصلح بدونه كما في الصلح المفيد فائدة العارية أو الهبة، و هو اي الصلح عقد مستقل و إن أفاد فائدة البيع أو الإجارة أو الهبة أو الإبراء و انفرد الشيخ الطوسي أعلي اللّه مقامه بكونه تابعا لمفاده فإن أفاد فائدة البيع فهو بيع و إن أفاد فائدة الهبة فهو هبة و هكذا و تظهر الثمرة في ترتيب احكام البيع عليه و عدمها و من خيار مجلس و غيره و فساده بالجهالة و نحوها بخلافه علي المشهور و في الهبة بلزوم القبض أو عدمه و لكن من المعلوم إن افادة عقد فائدة الآخر لا يقتضي وحدتهما يعني إن وحدة المسبب لا تستلزم وحدة السبب، و علي كل فيلزم في المصالح به المعلومية و عدم الجهالة و لو في الجملة فالجهالة المفسدة في البيع لا تفسد الصلح و انما تفسده الجهالة المطلقة كما يلزم كونه صالحا للملكية و مملوكا للمصالح أو مما له الولاية عليه بنحو و تجري فيه الفضولية و يقف علي الإجارة اما المصالح عنه فلا تقدح فيه أيضا الجهالة و يصح حتي عن اليمين و عن الدعوي و إن كانت مجهولة نعم يعتبر في صلح الولي عن الصغير حصول الغبطة له بذلك فلو خلا عن مصلحة الصغير بطل كما في مادة «1540» إذاصالح ولي الصبي عن دعواه إلي آخرها، و اما- مادة (1543) فقد سبق في مباحث الوكالة ما يغني عنها فان الصلح كالبيع من بعض الجهات فان صالح للموكل كان العوض عليه إن صرح بذلك إلا إذا كان كفيلا عنه و إن قصده و لم يصرح كان للمشتري أو المصالح إلزامه بالعوض و يرجع به علي الموكل و إن لم يقصده كان متبرعا، هذا كله مع ثبوت الوكالة و تحققها اما مع عدمها فهو فضولي أو متبرع كما في مادة «1544» و تحرير هذه المادة إن من صالح عن دعوي بين اثنين بغير اذن و لا طلب من المدعي عليه فان صرح إن عوض الصلح في ذمته أو في عين خارجية من أمواله فهو متبرع و يلزمه دفع العوض لان الصلح صحيح و لازم و إن عينه في مال المدعي عليه فهو فضولي موقوف علي اجازته و إن أطلق و لم يعين حتي في القصد كان أيضا بحكم الفضولي و إن كان الإطلاق يقتضي إن العوض عليه فليتأمل.