يكشنبه 16 ارديبهشت 1403  
 
تحریر المجلة جلد4
 
الفصل‌ الثالث‌
الفصل‌ الثالث‌ ‌في‌ (بيان‌ شروط الشهادة الاساسية)

  


جعل‌ ‌هذه‌ المادة اساسية و ‌الّتي‌ قبلها المذكورة ‌في‌ [الفصل‌ ‌الثاني‌] ‌غير‌ اساسية ‌لا‌ يبتني‌ ‌علي‌ وجه‌ معقول‌ ‌بل‌ الجميع‌ سواء ‌في‌ الاعتبار فكما ‌لا‌ عبرة بالشهادة ‌الّتي‌ تقع‌ خارج‌ مجلس‌ المحاكمة المذكورة ‌في‌ أول‌ ‌ذلك‌ الفصل‌ كذلك‌ ‌لا‌ عبرة بالشهادة ‌في‌ حقوق‌ الناس‌ بدون‌ سبق‌ الدعوي‌ المذكورة أول‌ ‌هذا‌ الفصل‌.

مادة (1696) مضافا ‌إلي‌ ‌ما أشرنا ‌إليه‌ قبلا ‌من‌ ‌إن‌ ‌هذه‌ شروط ‌الحكم‌ حقيقة ‌لا‌ شروط الشهادة ‌فإن‌ البينة حجة مطلقا

سواء قامت‌ ‌عند‌ الحاكم‌ ‌أو‌ ‌غيره‌، فمن‌ قامت‌ عنده‌ البينة ‌إن‌ ‌هذه‌ الدار ملك‌ زيد صح‌ ‌له‌ شراؤها ‌منه‌ و ‌لو‌ ‌لم‌ يحكم‌ الحاكم‌ بذلك‌ و ‌كانت‌ ‌في‌ يد ‌غيره‌ و ‌عليه‌ فليست‌ ‌هي‌ شروط اساسية ‌نعم‌ ‌هي‌ شروط اساسية ‌في‌ ‌الحكم‌ و المخاصمة ‌لا‌ مطلقا، ‌كما‌ ‌إن‌ ‌من‌ العبث‌ المستدرك‌ ‌ما ‌في‌ مادة «1697» ‌فإن‌ ‌من‌ الواضح‌ الضروري‌ ‌إن‌ البينة انما ‌هي‌ حجة ‌في‌ ‌ما ‌هو‌ مشكوك‌ و مجهول‌ الحال‌ ‌لا‌ فيما ‌هو‌ معلوم‌ ففي‌ مواضع‌ العلم‌ ‌لا‌ حجية لها أصلا سواء خالفت‌العلم‌ ‌أو‌ وافقته‌ فضلا ‌عن‌ سقوطها فيما خالف‌ المشاهد المحسوس‌ فما ذكرته‌ المجلة ‌في‌ ‌هذه‌ المادة ‌من‌ ‌عدم‌ قبول‌ البينة ‌إذا‌ قامت‌ ‌علي‌ موت‌ ‌من‌ حياته‌ مشاهدة ‌أو‌ خراب‌ دار عمارتها مشاهدة‌-‌ ‌في‌ غاية السخافة و ‌كذا‌ مادة (1698) ‌لا‌ تقبل‌ البينة ‌الّتي‌ قامت‌ ‌علي‌ خلاف‌ التواتر ضرورة ‌أن‌ التواتر يفيد العلم‌ ‌فلا‌ تعارضه‌ البينة بالضرورة و ‌كل‌ ‌هذا‌ غني‌ ‌عن‌ البيان‌ فيلزم‌ حذف‌ ‌هذه‌ المواد ‌من‌ المجلة لأنها ‌من‌ الأصول‌ الموضوعة فتدبرها.

مادة [1699] ‌إنّما‌ جعلت‌ البينة مشروعة لإظهار الحق‌

بناء ‌عليه‌ ‌لا‌ تقبل‌ الشهادة بالنفي‌ الصرف‌ كقولك‌ فلان‌ ‌ما فعل‌ ‌هذا‌ الأمر و الشي‌ء الفلاني‌ ‌ليس‌ لفلان‌ و فلان‌ ‌ليس‌ بمديون‌ لفلان‌ ‌إلي‌ آخرها.

‌هذه‌ المادة متداعية البناء ‌من‌ جميع‌ أطرافها، ساقطة ‌من‌ ‌كل‌ نواحيها، ‌فإن‌ النفي‌ الصرف‌ اي‌ المحض‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ متعلق‌ ‌له‌ أصلا و ‌هذا‌ ‌مما‌ ‌لا‌ يعقل‌ الشهادة ‌عليه‌ كالوجود الصرف‌ اي‌ الوجود المطلق‌ (و ثانيا) ‌فإن‌ الأمثلة المزبورة ‌ليس‌ ‌شيء‌ ‌منها‌ مثالا للنفي‌ الصرف‌ ‌بل‌ كلها نفي‌ مقيد و سلب‌ خاص‌ ضرورة ‌أنّه‌ نفي‌ فعل‌ خاص‌ ‌عن‌ فاعل‌ خاص‌، و معلوم‌ ‌إن‌ العدم‌ و الوجود انما يخرج‌ ‌كل‌ واحد منهما ‌عن‌ كونه‌ محضا ‌أو‌ صرفا بتقيده‌ و إضافته‌ فالوجود انما يخرج‌ ‌عن‌ الإطلاق‌ و المحوضة بإضافته‌ ‌إلي‌ زيد و كذلك‌ العدم‌، فما معني‌ جعل‌ تلك‌ الأمور و ‌هي‌ إعدام‌ خاصة أمثلة للنفي‌ الصرف‌ و العدم‌ المطلق‌؟ (و ثالثا) ‌لا‌ معني‌ لمقابلة النفي‌ الصرف‌ بالتواتر ‌بل‌ المقابل‌ للنفي‌ الصرف‌ ‌هو‌ النفي‌ المضاف‌أي‌ المقيد، و اي‌ ربط للتواتر هنا، و هل‌ ‌هذا‌ الا نظير تقسيم‌ الشي‌ء ‌إلي‌ الأعم‌ ‌منه‌ و الأخص‌ فتدبره‌.

و ‌كان‌ حق‌ التعبير ‌إن‌ يقال‌ ‌إن‌ النفي‌ الخاص‌ مثل‌ ‌إن‌ فلانا ‌غير‌ مديون‌ لفلان‌ و ‌لم‌ يسقترض‌ ‌منه‌ ‌في‌ الوقت‌ الفلاني‌ لأني‌ كنت‌ معه‌ ‌في‌ ‌ذلك‌ الوقت‌ ‌فإن‌ أثبت‌ ‌ذلك‌ بالبينة اي‌ بشاهدين‌ عدلين‌ ‌أنّه‌ ‌في‌ الوقت‌ الفلاني‌ ‌لم‌ يستقرض‌ ‌أو‌ أثبته‌ بالتواتر حكم‌ الحاكم‌ بأنه‌ ‌غير‌ مديون‌ و الا ‌فلا‌ و ‌من‌ هنا تعرف‌ الاشكال‌ «رابعا» و ‌هو‌ ‌أنّه‌ ‌لا‌ ينحصر إثبات‌ ‌ذلك‌ بالتواتر ‌بل‌ تكفي‌ البينة ‌أيضا‌ فتقبل‌ بينة العدلين‌ ‌كما‌ تقبل‌ بينة التواتر.

مادة (1700) يشترط ‌إن‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌في‌ الشهادة دفع‌ مغرم‌ ‌أو‌ جر مغنم‌ ‌إلي‌ آخرها.

‌هذه‌ المادة ‌أيضا‌ مختلة جدا، ‌بل‌ ‌إن‌ ‌هذا‌ الباب‌ اعني‌ باب‌ قدح‌ التهمة بالشهادة لجر مغنم‌ ‌أو‌ دفع‌ مغرم‌ يلزم‌ سده‌ تماما إذ ‌لا‌ موقع‌ ‌له‌ أصلا ‌بعد‌ اعتبار العدالة ‌في‌ الشاهد و كون‌ العدالة ‌هي‌ تقوي‌ اللّه‌ عز شأنه‌ ‌الّتي‌ تمنع‌ صاحبها ‌من‌ ارتكاب‌ الكبيرة و أي‌ كبيرة أعظم‌ ‌من‌ شهادة الزور فان‌ ‌كان‌ الشاهد عادلا ‌لم‌ يشهد بالباطل‌ و ‌لو‌ ‌كان‌ ‌له‌ الف‌ مغنم‌ ‌أو‌ دفع‌ الف‌ مغرم‌ و الا ‌فلا‌ تقبل‌ شهادته‌ لعدم‌ عدالته‌ ‌لا‌ لقضية التهمة ‌نعم‌ ذكر أصحابنا اشتراط ‌عدم‌ التهمة ‌في‌ الشاهد و لكنهم‌ ‌لم‌ يتسعوا ‌فيه‌ بهذه‌ التوسعة ‌الّتي‌ ذكرتها «المجلة».

و ‌هذه‌ ‌أيضا‌ ‌من‌ المسائل‌ ‌الّتي‌ ‌لم‌ يحسن‌ تحريرها ‌لا‌ فقهاؤنا و ‌لا‌ فقهاءالجمهور فبقيت‌ مقنعة بقناع‌ الإبهام‌ و التخليط و منشأ الوهم‌ عندنا ‌أنّه‌ ورد عدة اخبار ‌عن‌ أهل‌ البيت‌ سلام‌ اللّه‌ عليهم‌ ‌إن‌ المتهم‌ و الظنين‌ ‌لا‌ تقبل‌ شهادته‌ مثل‌ خبر ‌إبن‌ سنان‌ قلت‌ لأبي‌ ‌عبد‌ اللّه‌ اي‌ الصادق‌ ‌عليه‌ السّلام‌ ‌ما يرد ‌من‌ الشهود ‌قال‌ الظنين‌ و المتهم‌ قلت‌ فالفاسق‌ و الخائن‌ ‌قال‌ ‌كل‌ ‌هذا‌ يدخل‌ ‌في‌ الظنين‌، و بهذا البيان‌ عدة اخبار فجعلوا ارتفاع‌ التهمة شرطا مستقلا ‌غير‌ العدالة ‌مع‌ ‌إن‌ المتدبر ‌في‌ تلك‌ الاخبار يجدها صريحة ‌في‌ ‌إن‌ المتهم‌ ‌هو‌ الفاسق‌ ‌أو‌ أعم‌ ‌منه‌ و خلاصة ‌ما تستفاد ‌منها‌ ‌إن‌ الظنين‌ ترد شهادته‌ و المراد بالظنين‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ يظن‌ ‌به‌ السوء اما لظهور فسقه‌ و خيانته‌ ‌أو‌ لأنه‌ ‌غير‌ محرز العدالة و ‌هو‌ مجهول‌ الحال‌ و ‌لا‌ يظن‌ الخير ‌فيه‌ فليس‌ المقصود ‌منه‌ الا بيان‌ شرطية العدالة ‌لا‌ شرط آخر ‌في‌ قبالها فكان‌ اللازم‌ حسب‌ متانة التحرير و حسن‌ البيان‌ ‌إن‌ يقال‌: ‌إن‌ العدالة شرط قبول‌ الشاهد ‌فلا‌ تقبل‌ شهادة الفاسق‌ و ‌هو‌ مرتكب‌ الكبائر المعروفة و ‌لا‌ الخائن‌ و ‌لا‌ مجهول‌ الحال‌ المتهم‌ بجر مغنم‌ ‌أو‌ دفع‌ مغرم‌ بشهادته‌، و ‌هذا‌ ‌هو‌ مفاد تلك‌ الطائفة ‌من‌ الاخبار، اما ‌عدم‌ قبول‌ شهادة الشريك‌ لشريكه‌ فإنها ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌في‌ المال‌ المشترك‌ العائد ‌له‌ و لشريكه‌ فعدم‌ قبولها لأنها ‌من‌ قبيل‌ شهادة الإنسان‌ لنفسه‌ و ‌هي‌ باطلة قطعا و التبعيض‌ ‌غير‌ صحيح‌ ‌أو‌ ‌غير‌ ممكن‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌في‌ مال‌ آخر يختص‌ بالشريك‌ فهي‌ مقبولة ‌مع‌ استجماع‌ الشرائط ‌من‌ عدالة و غيرها و يلحق‌ ‌به‌ شهادة الوكيل‌ لموكله‌ لان‌ الوكيل‌ كالاصيل‌، و مثله‌ الوصي‌ ‌علي‌ مال‌ لموصيه‌ ‌أو‌ القيم‌ ‌علي‌ مال‌ لليتيم‌ و انما ترد شهادة هؤلاء بناء ‌علي‌ انهم‌فرع‌ بمنزلة الأصل‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌فيه‌ للمناقشة مجال‌ خصوصا ‌في‌ الوصي‌ و القيم‌ و ‌منه‌ ‌أيضا‌ شهادة أحد العاقلة بجرح‌ شهود الجناية فإنه‌ يدفع‌ ‌عن‌ نفسه‌ ضررا فهو ‌من‌ قبيل‌ شهادة المرء لنفسه‌ و شهود ‌بعض‌ القافلة ‌علي‌ قاطع‌ الطريق‌ عليهم‌ ‌أو‌ اللصوص‌ الناهبين‌ لأموالهم‌ ‌إلا‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ ممن‌ ‌لم‌ يؤخذ ‌منه‌ ‌شيء‌ فهؤلاء ‌لا‌ تقبل‌ شهادتهم‌ و ‌إن‌ كانوا عدولا لاتحاد الشاهد و المشهود ‌له‌ و ‌لو‌ بالضميمة،،، ‌أما‌ النسب‌ فغير قادح‌ أصلا ‌في‌ الشهادة ‌بعد‌ إحراز العدالة و كذلك‌ السبب‌ فتقبل‌ شهادة الزوج‌ لزوجته‌ و عليها كالعكس‌ ‌كما‌ تقبل‌ شهادة الأرحام‌ بعضهم‌ لبعض‌ مطلقا ‌حتي‌ الأب‌ ‌علي‌ ولده‌ و ‌له‌ اما شهادة الولد ‌علي‌ أبيه‌ فقد اختلف‌ ‌فيها‌ أصحابنا فطائفة ذهبت‌ ‌إلي‌ القبول‌ ‌علي‌ العموم‌ و اخري‌ ‌إلي‌ عدمه‌ لأخبار خاصة تدل‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌، ففي‌ ‌بعض‌ الاخبار ‌لا‌ تقبل‌ شهادة الولد ‌علي‌ والده‌ و لعل‌ أكثر أصحابنا ‌علي‌ ‌هذا‌، و ‌لكن‌ ‌ذلك‌ الخبر معارض‌ مضافا ‌إلي‌ العمومات‌ بأخبار أقوي‌ ‌منه‌ سندا و أكثر عددا، ففي‌ خبر داود ‌بن‌ الحصين‌ ‌أنّه‌ سمع‌ الصادق‌ سلام‌ اللّه‌ ‌عليه‌ يقول‌: أقيموا الشهادة ‌علي‌ الوالدين‌ و الولد و ‌لا‌ تقيموها ‌علي‌ الأخ‌ ‌في‌ الدين‌ بالضر قلت‌ و ‌ما الضر ‌قال‌ ‌إذا‌ تعدي‌ صاحب‌ الحق‌ خلاف‌ ‌ما أمر اللّه‌ و رسوله‌ و مثل‌ ‌ذلك‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ لرجل‌ ‌علي‌ آخر دين‌ و ‌هو‌ معسر و ‌قد‌ أمر اللّه‌ بإنظاره‌ ‌حتي‌ يتيسر ‌قال‌ فنظرة ‌إلي‌ ميسرة و يسألك‌ ‌أن‌ تقيم‌ الشهادة و أنت‌ تعرفه‌ بالعسر ‌فلا‌ يحل‌ لك‌ ‌إن‌ تقيم‌ الشهادة، و مثله‌ خبر ‌إبن‌ سويد أقم‌ الشهادة و ‌لو‌ ‌علي‌ نفسك‌ ‌أو‌ الوالدين‌ و الأقربين‌ ‌فإن‌ خفت‌ ‌علي‌ أخيك‌ ضيما ‌فلا‌، و فوق‌‌هذا‌ كله‌ ‌قوله‌ ‌تعالي‌ كُونُوا قَوّامِين‌َ بِالقِسطِ شُهَداءَ لِلّه‌ِ وَ لَو عَلي‌ أَنفُسِكُم‌ أَوِ الوالِدَين‌ِ وَ الأَقرَبِين‌َ، و مناقشات‌ صاحب‌ الجواهر «ره‌» ‌في‌ ‌هذه‌ الوجوه‌ ضعيفة ليست‌ بشي‌ء، ‌نعم‌ ‌إن‌ ‌كان‌ ‌شيء‌ يتأبد ‌به‌ خبر ‌عدم‌ القبول‌‌-‌ فهو الوجه‌ الاعتباري‌ و ‌هو‌ ‌إن‌ شهادة الولد ‌علي‌ أبيه‌ توجب‌ حزازة ‌في‌ نفس‌ الأب‌ و ‌قد‌ تنجر ‌إلي‌ النفرة الموجبة لانحلال‌ النظام‌ العائلي‌ و حدوث‌ الفتن‌ و المفاسد و ‌كل‌ ‌ذلك‌ ‌مما‌ يعلم‌ حرص‌ الشارع‌ الحكيم‌ ‌علي‌ ‌عدم‌ وقوعه‌، و ‌من‌ المعلوم‌ ‌إن‌ الشهادة انما ‌يجب‌ أداؤها ‌حيث‌ ‌لا‌ يستلزم‌ ضررا ‌علي‌ الشاهد و ‌حيث‌ ‌إن‌ الغالب‌ ‌في‌ شهادة الولد ‌علي‌ أبيه‌ ‌هو‌ ترتب‌ ‌شيء‌ ‌من‌ الإضرار و المفاسد و ‌لا‌ سيما ‌مع‌ حاجة الولد لأبيه‌ ‌في‌ الغالب‌ فلعل‌ الشارع‌ منع‌ تلك‌ الشهادة درء لتلك‌ المفاسد و ‌يكون‌ كتخصيص‌ عقلي‌ و شرعي‌ لعموم‌ الآية و الروايات‌ فتدبره‌ جيدا و ‌لا‌ تتسرع‌ ‌إلي‌ المناقشة ‌فيه‌ ‌قبل‌ تدبره‌، و ‌مما‌ ذكرنا ظهر لك‌ ‌إن‌ جميع‌ الأنواع‌ ‌الّتي‌ ذكرتها المجلة ‌في‌ ‌هذه‌ المادة و حكمت‌ بعدم‌ قبول‌ شهادتهم‌‌-‌ هم‌ مقبولو الشهادة عندنا ‌مع‌ عدالتهم‌ ‌حتي‌ شهادة الصديق‌ لصديقه‌ مهما بلغت‌ الصداقة بينهما ‌لا‌ ‌كما‌ ‌في‌ مادة (1701) ‌من‌ ‌عدم‌ قبولها ‌إذا‌ وصلت‌ صداقتهما ‌إلي‌ مرتبة تصرف‌ أحدهما ‌في‌ مال‌ الآخر،،، ‌نعم‌ ‌لا‌ تقبل‌ الشهادة ‌كما‌ عرفت‌ ‌حيث‌ تكون‌ ‌من‌ قبيل‌ شهادة الإنسان‌ لنفسه‌ ‌أو‌ الفرع‌ لأصله‌ الموجب‌ لاتحاد الشاهد و المشهود ‌له‌ حقيقة ‌أو‌ حكما و ‌يكون‌ شاهدا و مدعيا ‌كما‌ ‌في‌ مادة «1703» و مادة «1704»،،، اما‌-‌ ‌ما ذكره‌ ‌في‌ ‌هذه‌ المادة ‌من‌ ‌عدم‌ صحة شهادة الحاكم‌ المنفصل‌ ‌عن‌ بلدة ‌علي‌ ‌الحكم‌ الصادر ‌منه‌ ‌قبل‌ العزل‌ و اما ‌إذا‌ شهد ‌بعد‌ العزل‌ ‌علي‌ إقرار ‌من‌ أقر ‌في‌ حضوره‌ ‌قبل‌ العزل‌ فتعتبر شهادته‌‌-‌ فلعل‌ وجهه‌ ‌إن‌ الشهادة ‌في‌ الصورة الأولي‌ شهادة لنفسه‌ ‌أو‌ إقرار ‌منه‌ و ‌في‌ الصورة الثانية شهادة ‌علي‌ فعل‌ الغير و إقراره‌ فيقبل‌ و أنت‌ خبير بان‌ اعتراف‌ الحاكم‌ بحكمه‌ ‌لا‌ تنطبق‌ ‌عليه‌ أوصاف‌ الشهادة و شروطها و ‌لا‌ صفات‌ الإقرار و انما ‌هو‌ اخبار صرف‌ ‌عن‌ أمر وقع‌ ‌منه‌ ‌فلا‌ خصومة ‌حتي‌ ‌يكون‌ شهادة و ‌لا‌ يلزمه‌ بذلك‌ حق‌ ‌حتي‌ ‌يكون‌ إقرارا فتدبره‌.

بقي‌ ‌في‌ المقام‌ ‌شيء‌ و ‌هو‌ قضية العداوة المذكورة ‌في‌ مادة (1702) يشترط ‌إن‌ ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌بين‌ الشاهد و المشهود ‌عليه‌ عداوة دنيوية

و تعرف‌ العداوة الدنيوية بالعرف‌،،، و ذكرها ‌أيضا‌ جماعة ‌من‌ أصحابنا ‌في‌ جملة شروط الشاهد و ذكروا ‌أن‌ العداوة الدينية ‌لا‌ تقدح‌ فالمسلم‌ تقبل‌ شهادته‌ ‌علي‌ ‌غيره‌ و ‌غيره‌ ‌لا‌ تقبل‌ شهادته‌ ‌لأن‌ الإسلام‌ شرط عام‌ ‌في‌ الشاهد. اما العداوة الدنيوية فذكروا ‌في‌ ضابطتها‌-‌ ‌إن‌ يعلم‌ ‌من‌ حال‌ أحدهما سروره‌ بمساءة الآخر و مساءته‌ بسروره‌ ‌أو‌ ‌يكون‌ ‌قد‌ وقع‌ بينهما تقاذف‌، و ‌غير‌ خفي‌ ‌أن‌ سرور الرجل‌ بمساءة الآخر و بالعكس‌ دليل‌ ‌علي‌ البغضاء و الشحناء الكاشف‌ ‌عن‌ الحقد و الحسد بينهما و ‌هو‌ ‌من‌ أكبر الكبائر و أعظم‌ المحرمات‌ ‌الّتي‌ تطاردها الشريعة الإسلامية بكل‌ حول‌ و قوة فأين‌ تكون‌ العدالة حينئذ؟ اما .. تقييد بعضهم‌ بأنها ‌حيث‌‌لا‌ تنافي‌ العدالة فهو افتراض‌ محض‌ ‌لا‌ حقيقة ‌له‌ ‌في‌ التحصل‌ و الخارج‌ و ‌علي‌ ‌كل‌ فالركن‌ الأعظم‌ و الشرط الأهم‌ ‌في‌ الشاهد ‌هو‌ العدالة المذكورة ‌في‌ مادة «1705» يشترط ‌في‌ الشاهد ‌إن‌ ‌يكون‌ عادلا ‌إلي‌ آخرها و ‌كان‌ حق‌ ‌هذا‌ الشرط تقديمه‌ ‌علي‌ سائر الشروط و ‌لكن‌ المهم‌ ‌في‌ المقام‌ تعريف‌ العدالة فقد اختلف‌ ‌في‌ حقيقتها و التعريف‌ عنها فقهاؤنا أشد الاختلاف‌ و ألقوا ‌فيها‌ بالخصوص‌ رسائل‌ مستقلة فبين‌ قائل‌ انها ملكة نفسانية تمنع‌ ‌من‌ ارتكاب‌ الكبائر و الإصرار ‌علي‌ الصغائر، و ‌هذا‌ ‌هو‌ تعريفها المعروف‌ و ينكشف‌ ‌ذلك‌ بطول‌ المعاشرة و المزاولة معه‌ فيستدل‌ عليها بآثارها ‌كما‌ يستدل‌ ‌علي‌ سائر الملكيات‌ النفسانية ‌من‌ الشجاعة و الكرم‌ و أضدادها بآثارها، و ‌لما‌ ‌كان‌ الوقوف‌ ‌علي‌ ‌ذلك‌ ‌من‌ أشق‌ الأمور و أصعبها عدل‌ ‌عنه‌ آخرون‌ و عرفوها بحسن‌ الظاهر يعني‌ ‌إن‌ ‌لا‌ تجده‌ ‌قد‌ ارتكب‌ المعصية ‌في‌ وقت‌ اي‌ ‌يكون‌ متسترا ظاهر الصلاح‌ سواء ‌كانت‌ عنده‌ تلك‌ الملكة النفسانية أم‌ ‌لا‌، اما (المجلة) فقد جاءتنا بتعريف‌ غريب‌ ‌لا‌ يتحصل‌ الا للباري‌ جل‌ شأنه‌ و ملائكته‌ المقربين‌ و ‌هو‌ ‌إن‌ تكون‌ حسناته‌ غالبة ‌علي‌ سيئاته‌ و ‌لا‌ يخفي‌ ‌إن‌ ‌هذا‌ ‌لا‌ ينكشف‌ تماما الا يوم‌ القيامة يوم‌ تنصب‌ الموازين‌ و تنشر الدواوين‌ و يقوم‌ الناس‌ للحساب‌ ‌بين‌ يدي‌ رب‌ العالمين‌،،، و الا فأي‌ شخص‌ يستطيع‌ ‌أن‌ يحصي‌ إعمال‌ الآخر و يميز ‌بين‌ حسناته‌ و سيئاته‌ و يزنها وزنا صحيحا فيعرف‌ أنها متساوية ‌أو‌ إحداهما تزيد ‌علي‌ الأخري‌، «‌هذا‌ أولا» و «ثانيا» ‌إن‌ التفريع‌ المذكور‌في‌ المجلة ‌لا‌ ينطبق‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ التعريف‌ ‌حيث‌ قالت‌: بناء ‌عليه‌ ‌لا‌ تقبل‌ شهادة ‌من‌ اعتاد حالا و حركة تخل‌ بالناموس‌ و المروة كالرقاص‌ و المسخرة و ‌لا‌ تقبل‌ شهادة المعروفين‌ بالكذب‌،،، و بهذه‌ الأمثلة ‌قد‌ خرجت‌ القضية ‌عن‌ ‌مسأله‌ الحسنات‌ و السيئات‌ و صار الناس‌ كلهم‌ عدولا الا افرادا معدودة و هم‌ الرقاصون‌ و المضحكون‌ و المعروفون‌ بالكذب‌ فأين‌ الحسنات‌ و السيئات‌ ‌إذا‌ و ربما أرادوا بهذا جعل‌ الضابطة حسن‌ الظاهر فقصرت‌ عبارتهم‌ ‌أو‌ عربيتهم‌ ‌عن‌ ‌ذلك‌، و يظهر الفرق‌ ‌في‌ مجهول‌ الحال‌، فإنه‌ عادل‌ بمقتضي‌ التفريع‌ و ‌ليس‌ بعادل‌ ‌علي‌ حسن‌، الظاهر و هنا يجي‌ء حديث‌ الواسطة و هل‌ هما ضدان‌ وجوديان‌ ‌أو‌ نقيضان‌ يتقابلان‌ بالسلب‌ و الإيجاب‌ و ‌الأوّل‌ أرجح‌ ‌أو‌ أصح‌، و خلاصة التحقيق‌ عندنا ‌إن‌ فقهاء الفريقين‌ رضوان‌ اللّه‌ عليهم‌ ‌لو‌ تركوا الخوض‌ ‌في‌ ‌هذه‌ المواضيع‌ ‌إلي‌ العرف‌ فهو اعرف‌ ‌بها‌ و أوصل‌ إليها ‌من‌ تعاريفهم‌ الفنية و صناعاتهم‌ العلمية ‌الّتي‌ تبعد الطريق‌ ‌إلي‌ معرفة ‌هذه‌ الموضوعات‌ الا تري‌ ‌إن‌ العرف‌ ‌في‌ ‌كل‌ بلد اعني‌ أهالي‌ ‌كل‌ بلدة يعرفون‌ أهل‌ الصلاح‌ فيهم‌ و التقوي‌ ‌كما‌ يعرفون‌ الفسقة الفجرة المتجاهرين‌ بالمعاصي‌ ‌نعم‌ يبقي‌ ‌في‌ البين‌ مجهولو الحال‌ فيلزم‌ الحاكم‌ البحث‌ ‌عن‌ حالهم‌ بشهود التزكية و التعريف‌ ‌حتي‌ يحصل‌ ‌له‌ الاطمئنان‌ بأنه‌ رجل‌ صادق‌ اللهجة ‌لا‌ يتعمد ارتكاب‌ المعصية و ‌لا‌ يتهاون‌ بحرمات‌ اللّه‌ عز شأنه‌ و ‌علي‌ ‌كل‌ فان‌ ‌بعض‌ الفقهاء ‌في‌ باب‌ العدالة ‌قد‌ ضيقوا واسعا ففي‌ كثير ‌من‌ الأحاديث‌ النبوية و اخبارأئمتنا صلوات‌ اللّه‌ عليهم‌ جميعا ‌ما معناه‌ ‌أو‌ لفظه‌ تقريبا: ‌من‌ حدثكم‌ فلم‌ يكذبكم‌ و وعدكم‌ فلم‌ يخلفكم‌ و عاملكم‌ فلم‌ يظلمكم‌ و ائتمنتموه‌ فلم‌ يخنكم‌ فقد ظهرت‌ مروته‌ و حرمت‌ غيبته‌ و وجبت‌ عدالته‌، و ‌في‌ ‌هذا‌ القدر ‌من‌ البحث‌ ‌في‌ العدالة كفاية نسأله‌ ‌تعالي‌ ‌إن‌ يجعلنا و حكامنا ‌من‌ أهل‌ العدل‌ و العدالة ‌فإن‌ عدالة الحكام‌ و الوكلاء أهم‌ ‌من‌ عدالة الشهود، و ‌هي‌ اليوم‌ فيهم‌ ‌أو‌ ‌في‌ العموم‌ ‌علي‌ أوسع‌ معانيها أعز ‌من‌ الإكسير، و ‌لا‌ يحصل‌ القليل‌ ‌منها‌ ‌في‌ الكثير، و ‌لا‌ حول‌ و ‌لا‌ قوة ‌إلا‌ باللّه‌


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما