الباب الأوّل في (شروط الدعوي و أحكامها
)
الفصل الأوّل في (بيان شروط الدعوي)
مادة (1616) يشترط إن يكون المدعي و المدعي عليه عاقلين.
هذا خروج عن العنوان فان العنوان لبيان شرائط الدعوي لا شرائط المتداعيين، و إنّما شرائط الدعوي كونها معلومة لا مجهولة و جزمية لا احتمالية و أمثال ذلك نعم لا اشكال إن شرائط المتداعيين أصالةً تكون شروطاً للدعوي تبعاً و يظهر من هذه المادة عدم اعتبار البلوغ في قبول الدعوي و يكفي كون المدعي مميزاً و هو محل نظر و ظاهر أصحابنا الاتفاق علي اعتبار البلوغ فلا تسمع دعوي غير البالغ مطلقاً و لكن بعد أن استدل السيد الأستاذ (قده) لذلك بما دل من الاخبار علي إنأمر الصبي لا يجوز حتي يبلغ و بالإجماع قال: و لكن القدر المتيقن من الإجماع و غيره عدم سماع دعوي الصبي فيما يوجب تصرفاً في مال أو غيره مما هو ممنوع منه و الا فمقتضي عمومات وجوب الحكم بالعدل و القسط و نحوهما سماعها في غير التصرفات كما إذا ادعي علي شخص أنّه جني عليه أو سلبه ثوبه أو أخذ منه ما في يده و أتي بشهود فلا دليل علي عدم سماع دعواه انتهي، و هو كما تري قوي متين و يتفق مع ما ذكرته (المجلة) و لكنها أخلت ذكر باقي شرائط المدعي أو الدعوي مثل اشتراط كونه رشيداً فلا تسمع دعوي للسفيه و إن كان بالغاً و لكن قيدها بعضهم بالمال اما لو تعلقت دعواه بغير المال كحق القذف و الجناية و الزواج بل ترقي السيد رضوان اللّه عليه إلي سماع دعواه بالمال أيضاً لأن المسلم منعه من التصرف بالمال لا دعوي المال فإن أثبته دفعه الحاكم لوليه لا له و هو وجيه أيضاً (الشرط الثالث) و كون ما يدعيه لنفسه أو لموكله أو لمن له عليه ولاية أو كونه متعلق حصة من رهانة أو أمانة أو اعارة أو التقاط فلا تسمع الدعوي عن؟؟؟؟ بدون شيء من تلك العلاقات نعم يجوز للأجنبي من باب الحسبة اقامة الدعوي كما لو ادعي شخص علي صغار بدين علي أبيهم بعد موته و الأجنبي يعلم بأن الأب قد دفع له دينه و له شهود علي ذلك فله المدافعة كما له اقامة الدعوي في صورة العكس و علمه أن لأب الأيتام ديناً علي شخص إذ لا قصور في العمومات عن شمولها لمثل ذلك (الشرط الرابع) إن يكون ما يدعيه امراً ممكناً فلا تسمع دعوي المحال عقلًاأو عرفاً أو عادةً أو شرعاً (الخامس) إن يكون ملزماً بشيء فلو ادعي عليه وقفاً أو هبة بلا قبض لم تسمع ضرورة إن الوقف بلا قبض ليس له اثر يلزم به لو ثبت (السادس) إن يكون ما يدعيه مما يصح ملكه فلا تصح دعوي المسلم خمراً أو خنزيراً إلا في مقام دعوي الاختصاص (السابع) أن يكون متعلق الدعوي معلوماً جنساً و نوعاً و وصفاً و قدراً في المشهور فلو ادعي عليه ثوباً أو فرسا أو كتاباً لم تسمع و عللوه بعدم الفائدة لو اعترف به و خالفهم جماعة فألزموا المدعي عليه بعد الثبوت بالتعين و الحلف علي عدم الأعلي منه أو عدم العلم بما زاد و إلا يؤخذ منه القدر المتيقن مقداراً أو فرداً من حيث الوصف أو القيمة و لو كان مردداً بين ما له قيمة و ما ليس له قيمة و فسره بالثاني قبل منه مع اليمين (الثامن) صراحة الدعوي في استحقاق المدعي فلو قال هذه الدار كانت لي و هذا التمر من نخلي لم تسمع حتي يضم إليها و هو الآن لي و مثله لو قال هذه الأمة الّتي بيدك بنت أمتي، قالوا و لذا لو أقر شخص بيده جارية بأنها بنت أمتك لم يكن إقراراً له بالجارية بخلاف ما لو أقر له بان هذا الدقيق من حنطته و هذا الغزل من صوفه و عليه فلو أقر له بذلك لزمه الإقرار و وجه الفرق بين النوع الأوّل من الدعوي فلا يسمع و بين الثاني فيسمع و كذا الإقرار يظهر بالتأمل و بعد معرفة وجه الفرق بين المقامين علي حقيقته يندفع إيراد السيد الأستاذ علي ما ذكروه فليتدبر (التاسع) إن يكون للمدعي طرف توجه إليه المخاصمة فلو لميكن طرف موجود فعلًا و أراد إثبات موضوع بإصدار الحكم له من الحاكم ليكون دافعاً لدعوي محتملة لم يجب علي الحاكم سماعها فلو سمعها لم ترتب علي حكمه فلو ادعي المدعي تعاد الدعوي من رأس و استقرب السيد (قده) سماعها و ترتب الأثر علي حكمه لو حكم و أنّه لا يجوز و هو محل نظر و لا يقاس هذا علي الحكم بالهلال و الحدود الّتي لا خصومة فيها فليتدبر (العاشر) الجزم في الدعوي فلا تسمع الدعوي الظنية و الوهمية علي المشهور و خالفهم جماعة فأجازوا سماع الاحتمالية فضلًا عن الظنية و فصل آخرون بين ما يعسر الاطلاع عليه كالقتل و السرقة و نحوهما و عن بعض تخصيص السماع بصورة احتمال الإقرار أو وجود البينة إذا ادعي المدعي أحدهما فإن حصل أحدهما نظرها الحاكم و إلا سقطت طبعاً و قد تمادي الجدال و تدافع بينهم الاستدلال في هذا المجال، و الأوجه عندي في أمثال هذه القضايا أن ترد إلي نظر الحاكم فإن ظهر له من الخصوصيات المقامية و القرائن الحالية إن في ردها تضييع حق أو مشايعة باطل لزمه سماعها و إن وجدها واهية بحد ذاتها و إنها لا تنتهي إلي غاية تركها، و قد ورد في جملة من أحاديث أهل البيت سلام اللّه عليهم ما يدل علي جواز الاستحلاف علي التهمة كخبر بكر بن حبيب قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أعطيت جبة إلي القصار فذهبت بزعمه فقال عليه السلام إن اتهمته فاستحلفه و في خبر آخر لا يضمن القصار الا ما جنت يداه و إن اتهمته أحلفته، نعم لا يمكن هنا رد اليمين علي المدعي لعدم جزمه فيقضيبمجرد النكول أو توقف الدعوي و لا يقدح في تعميم حكمها ورودها في مورد اليد المقتضية لوحدة الملاك و للأصحاب، هنا بحوث عريضة طويلة فليراجعها من أرادها.
(الحادي عشر) تعيين المدعي عليه فلو ادعي علي أحد الشخصين أو الأشخاص مرددا و لم تسمع كما لو قال لي كذا علي زيد أو علي عمرو علي الترديد لم تسمع لعدم الفائدة بذلك لو ثبت اعترافهما بان قالا نعم أخذ عليه ذلك الدين و لا يعلم التعيين فإنه لا يثبت الحق علي أحدهما لجريان الأصل في جعل كل واحد منهما و يمكن إن يقال بالسماع و الرجوع إلي القرعة أو التوزيع بينهما لدفع الضرر أو المصالحة جمعا بين الحقوق نعم لو كانت الدعوي علي غير محصورين سقطت قطعا و مثله الكلام مع الترديد في المدعي بان قال شخصان إن لأحدنا حقا عليك.
(الثاني عشر) يشترط في سماع الدعوي حضور المدعي عليه فلا تحسم الدعوي بالحكم القطعي نعم يجوز سماع الدعوي علي الغائب في سفر أو غيره قريبا أو بعيدا و لكن لو قامت الحجة لا يحكم حكما قطعيا بل الغائب علي حجته كما سيأتي في محله إن شاء اللّه.
و في خبر جميل الغائب يقتضي عليه إذا قامت عليه البينة و يباع ماله و يقتضي عنه دينه و هو غائب و يكون الغائب علي حجته إذا قدم و لا يدفع المال إلي ألذي أقام البينة إلا بكفلاء إذا لم يكن مليا نعم في خبر آخر لا يقضي علي غائب و المراد به لا يقضي عليه قضاء قطعياحاسما لان الدعوي عليه لا تسمع و البينة لا تقبل.
هذا ذرو من القول أو ذروة من ذروة مما ذكره فقهاؤنا في شرائط صحة سماع الدعوي ذكرناها موجزة كرءوس أقلام و قد أخلت (المجلة) بأكثرها و منه تجد الفرق بين الفقاهتين أو الثقافتين و اللّه ولي توفيق الجميع،،، و إلي الشرط الحادي عشر أشارت المجلة في مادة (1617) يشترط إن يكون المدعي عليه معلوما إلي آخرها.
و إلي الثاني عشر أشارت بمادة (1618) يشترط حضور الخصم حين الدعوي إلي آخرها و إلي السابع بمادة (1619) يشترط إن يكون المدعي به معلوما و لا تصح الدعوي إذا كان مجهولا،،، و إلي الرابع بمادة (1629) يشترط إن يكون المدعي به محتمل الثبوت إلي آخرها،،، و إلي الخامس بمادة (1630) اما مادة (1621) إذا كان المدعي به عينا منقولا و حاضرا بالمجلس يدعيه المدعي بقوله هذا لي مشيرا اليه،،، و ما بعدها من المواد إلي مادة (1627) فجميعها لبيان مقدار المعلومية اللازمة في الدعوي و حدودها حسب اختلاف المواضع و الأعيان الّتي يدعي بها فإن جملة من الأشياء يكفي فيها المشاهدة و إن لم يعلم المدعي قيمتها أو كيلها و وزنها كخاتم الزمرد و نحوه فلو كانتحاضرة كفت الإشارة إليها و إن كانت غايبه كفي الوصف و بالجملة فالظاهر المستفاد من النصوص و الفتاوي أن المعلومية المعتبرة في الدعوي أوسع دائرة من المعلومية المعتبرة في البيع فتكفي المشاهدة أو الوصف حتي في المكيل و الموزون ألذي لا يكفي في البيع و في الأراضي و البساتين يكفي ذكر الحدود و الجهات بل لا بد من ذكر الحدود سواء في الدعوي أو البيع إلا إذا كانت حدوده مشهورة معلومة بحيث تغني شهرتها عن ذكرها و لا يلزم ذكر مساحته أو عدد نخيله و أشجاره و لا عدد غرف الدار و مرافقها كل ذلك لكفالة المعلومية في الجملة في أمثال هذه الموارد حتي في البيع ألذي هو أضيق العقود فضلا عن غيره و قد أشار إلي بعض هذا في مادة «1623» إذا كان المدعي به عقارا إلي آخرها.
(اما المديون) فهي مبنية علي المعلومية التامة لأنها حق في الذمة لا في الخارج فلا بد من بيانه بما يرفع الإبهام كما أشارت إليه مادة «1626» إذا كان المدعي به دينا يلزم المدعي بيان جنسه و نوعه و وصفه و مقداره مثلا يلزم إن يبين جنسه بقوله ذهبا أو فضة و نوعه بقوله سكة آل عثمان أو الانگليز و وصفه بقوله سكة خالصة أو مغشوشة و مقداره بقوله ألفا،،، إلي آخرها.
مادة «1627» إذا كان المدعي به عينا فلا يلزم بيان سبب الملكية
بل تصح دعوي الملك المطلق بقوله هذا المال لي و اما إذا كان دينا فيسئل عن سببه إلي آخرها.
فالفرق بين المقامين غير واضح و الأصح أنّه لا يلزم بيان السبب لا في الدين و لا في العين فتدبره.
مادة «1628» حكم الإقرار هو ظهور المقر به و ليس حدوثه بداءة
و لهذا لا يكون الإقرار سببا للملك بناء عليه لو ادعي شيئا و جعل سببه إقراره فقط لا يسمع دعواه مثلا لو ادعي إن هذا المال لي و إن هذا الرجل ألذي هو ذو اليد كان قد أقر بأنه مالي تسمع دعواه و اما إذا ادعي بقوله إن هذا المال لي لأن هذا الرجل ألذي هو ذو اليد كان قد أقر بأنه مالي فلا تسمع دعواه،،، الفرق بين المثالين دخول اللام في الثاني فلم يصح لانه ظاهر في التعليل و عدم دخوله في الأوّل فتكون الدعوي مركبة أو متعلقة بأمرين الحق و أنّه قد أقر به، و لكن لا تذهبن عنك الخدشة في هذه التفرقة و انما تبطل الدعوي لو صرح إن سبب ثبوت الحق هو إقراره فإن الإقرار لا يكون سببا اما لو كان مراده من اللام إن الإقرار سبب الإثبات لا الثبوت كان متجها و وجب إن تسمع الدعوي في المقامين (توضيح) هذا انك ربما لا تكون عالما بان لك حقا علي فلان و لكن هو قد اعترف به فتقول إن لي عليه هذا الحق لأنه هو أقر به و هذه دعوي صحيحة وجيهة فتدبره جيدا فإنه جيد ثمين و متين.
