(الخطب)
لو جمعت جميع خطبه الّتي ارتجلها في المجتمعات العامة و النوادي الحافلة و الجموع المحتشدة، لجاءت بأكبر كتاب يشتمل علي أكثر من مائة خطبة و كان سماحته إذا رقي المنبر ينصب مثل السيل المنحدر بأفصح بيان يخترق الاسماع إلي القلوب و يخلب الألباب و لا ينقطع بأقل من الساعتين أو ثلاث ففي سفره إلي المؤتمر الإسلامي في القدس لم يدخل عاصمة من عواصم الإسلام إلا و اجتمع الناس عليه و خطب عليهم الخطب البليغة من بغداد و الشام و بيروت و صيدا و صور و حيفا و جنين و القدس ذهابا و إيابا و خطب عند رجوعه من المؤتمر في الحسينية الكبري في الكرخ الليلة الرابعة من شهر رمضان زهاء أربعة ساعات و كان ذلك النادي الحسيني قد غص بالمستمعينمن أكابر الرجال ثم خطب في كربلاء كذلك و في النجف في المسجد الهندي ثم في شوال في مسجد الكوفة و علي هذا المنوال سفره إلي إيران لزيارة الامام الرضا عليه السلام فقد خطب في همدان و شيراز و المحمرة و عبادان و البصرة و الناصرية و الديوانية و الحلة و لكن من الأسف أنّه لم يطبع من تلك الخطب النفيسة إلا النزر القليل نذكرها فيما يلي:
(خطبة فلسطين التاريخية) طبعت في بيت المقدس رجب سنة 1350 (خطبة الاتحاد و الاقتصاد) في جامع الكوفة طبعت منفردة في النجف شوال سنة 1350 ثم طبعت هي و خطبة فلسطين في البصرة ثانيا.
(الخطب الأربع) طبعت في النجف في مطبعة الراعي سنة 1353 (نبذة من السياسة الحسينية) ألقاها كخطبة في بيان الحكم و الاسرار الّتي توخاها سيد الشهداء سلام اللّه عليه بحمل عيالاته المخدرات و تعريضهن للسبي و هي فريدة في بابها و قد طبعت في النجف مرتين و نفذت.
ثم في هذه السنوات الأخيرة تدافع تيار علمه بهذه الاصداف المشحونة بالليالي المكنونة و هو كتاب (تحرير المجلة) ألذيهو «حقه» مفخرة من مفاخر هذا العصر شرع في الجزء الأوّل سنة 1359 ثم تلاه الثاني سنة 1360 و الثالث 1361 و أتم الرابع و الخامس سنة 1362 و كان الطبع و النشر مساوقا للتأليف فكان تمام تأليفه مع تمام طبعه.
و من يتدبر في الأوضاع العالمية هذه السنوات و ارتباك الأفكار فيها و قلق النفوس و ذهول الألباب و تعسر عموم الحاجات خاصة أدوات الطبع و لوازمه من الورق و غيره لا يشك بأن تأليف مثل هذه الموسوعة و سرعة نشرها في هذه الظروف القاسية ممتدين من عناية ازلية و مدفوع بيد غيبية و إن همم الرجال تقلع الجبال، نعم و من يتدبر كثرة مؤلفاته الّتي تربو علي الثمانين مما ذكرناه و ما لم نذكره لعدم عثورنا عليه فان له مؤلفات هو حريص علي كتمانها حسب الظروف، نعم من يستقصي تلك النفائس الجليلة مع كثرة إشغاله اليومية من تدريس و فتوي و حل الخصومات و المرافعات من النجف و خارجه و اقامة الجماعة و أمثال ذلك من الأعمال الّتي لا محيص له عنها، و لا معول علي سواء فيها.
و الشهرة بلاء. و قديما قيل: لا يزال الرجل لنفسه فإذا عرف كان لغيره، من نظر إلي هذه النواحي من المواهب و أنصف يتجلي له إن هذه الشخصية المباركة من الطراز الأوّل من الأساطين كالشيخ المفيد و السيد المرتضي و الشيخ الطوسي الذين لم تزل آثارهم منشورة، و خدماتهم للدين مشكورة، و في بعض الكتبالسماوية: (من ثمارهم تعرفونهم) و هذه آثاره النافعة، و ثماره اليانعة. سارت مسير الشمس في أقطار الأرض. فهو أدام اللّه بركات وجوده من افذاذ الدهر و نوابغ العالم و اليه المفزع في المشكلات. و يحق إن تكون له الزعامة الدينية. و تقصر عليه المرجعية العامة في عموم المسلمين فضلا عن هذه الطائفة. و ما ذكرنا ذلك الا مصارحة بالحق و خدمة للحقيقة. و اللّه الموفق للصواب و منه المبدء و اليه المآب.
صفحة سطر خطأ صواب 31 11 العدة أو العدة الرجعية أو