الكتاب الرابع (في الوصية)
(257) الوصية نوعان
- تمليكية و عهدية و ترجع الاولي إلي الثانية و هي اسم مصدر من أوصاه المزيد أو وصاه المضاعف اي عهد إليه يعني جعل الأمر في عهدته أو عهد علي نفسه بأمر و إلي هذا تعود التمليكية فاصل الوصية العهد و التعهد.
«158» الوصية العهدية إعطاء شخص سلطة بعد الموت علي حقوقه الخاصة به لآخر،
و هي الّتي ندب إليها الشارع و قال هي حق علي كل مسلم و من لم يحسنها عند موته كان نقصا في مروته و الأصل فيها قوله تعالي كُتِبَ عَلَيكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِن تَرَكَ خَيراً الوَصِيَّةُ- إلي قوله عز شأنه فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
و يعبر عن هذه السلطة تارة بالولاية و اخري بالاستنابة أو الوكالة بعد الموت و قد تجب إذا كان عليه واجبات من ديون للمخلوق أو الخالق لا يأمن أن تؤديها الورثة أو برد ودائع أو محافظة علي مال قصير و نحو ذلك مما يعود إلي كل ما له السلطة عليه في حياته و ما يعود إلي حقوقه الشخصية حياً و ميتاً و منه تمليكه بعض أمواله لشخص آخر بعد الموت و هي الوصية التمليكية المعبر عنها بأنها تمليك مجاني بعد الموت
فالتمليك منجز و لكن التملك معلق علي الموت اما لو قال ادفعوا له أو ملكوه بعد موتي فهي من العهدية و استيفاء البحث في الوصية يستدعي قطع مرحلتين.
(الاولي) (في الوصية التمليكية)
و اللازم النظر في أركانها الأربعة. و الموصي. و الموصي له. و الموصي به. و الوصية
(159) الوصية عند المشهور عقد يحتاج إلي إيجاب و قبول
و الحق أنّه برزخ بين العقد و الإيقاع كالوكالة و نظائرها فإذا أوجب الموصي و قبل الموصي له صارت عقداً و إذا لم يقبل و لم يرد حتي مات الموصي لزمته و صارت إيقاعا، و الثمرة ضئيلة.
(160) يكفي في الإيجاب من الموصي كلما دل علي التمليك بعد الموت
حتي الكتابة و الإشارة من القادر فضلا عن العاجز فلو وجد كتاب بخطه أو خاتمه إن فلانا وصي أو إن داري مثلا لفلان بعد موتي و علم أنّه أراد ذلك كفي، و اللفظ الصريح لفلان بعد وفاتي كذا أو أعطوه بعد وفاتي كذا أو أوصيت له بكذا.
(161) كذلك يكفي في القبول كلما دل عليه من لفظ أو فعل أو إشارة
بل يكفي عدم الرد إلي موت الموصي فتملك الموصي له المال قهراً و لو رد في الحياة ثم قبل ملك بالموت اما لو قيل بعد الردو الموت فالمشهور أنّه لا يملك و كذا لو رد بعد الموت لم ينفع القبول بعده و في الفرق تأمل.
«162» يعتبر في الموصي الكمال بالعقل و البلوغ
فلا تصح من المجنون و لا من الصبي إلا إذا بلغ عشراً و كان رشيدا و لا من المغمي عليه و لا من السكران، و الاختيار و الحرية، إن كانت الوصية بمال و عدم السفه و الفلس الا مع اجازة المولي أو الولي أو الغرماء و من أحدث بنفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم و نحوها ثم اوصي لم تنفذ وصيته و لعله لدلالته علي السفه و لو عوفي و استمر عليها نفذت:
[163] يعتبر في الوصي اي الموصي له- الوجود حال الوصية،
فلو اوصي لميت أو معدوم أو لما تحمله هذه المرأة أو لمن يولد لفلان بطل إن كانت تمليكية و ابتدائية اما لو كانت تبعية كما لو اوصي بها لولده الموجود و لمن يولد له صحت كما يصح في الوقف أو عهدية كما لو اوصي بصوم أو صلاة عن ذمة ميت صحت أيضا كما تصح للحمل الموجود تمليكا و لا تستقر الا بانفصاله حيا كالإرث فلو ولدته ميتا انكشف بطلانها و المدار علي حين الولادة لا حين الوصية و لو تعدد قسمت بالسوية و لو اختلفوا بالذكورية و الأنوثية و لو مات بعد الولادة انتقلت إلي ورثته إرثا لا وصية.
(164) يعتبر فيه التعيين أيضا فلو أوصي لأحد الرجلين بطل
إن كان علي التمليك اما علي العهدية فلا مانع و يكون المعهود اليهمخيرا في تعيين المعهود له، و لو اوصي لنكره أو كلي كفقير أو الفقير صح و تكون عهدية و التخيير للوصي في المصداق.
(165) يعتبر فيه الحرية أيضا
فلا تصح الوصية لعبد غيره بناء علي عدم ملكية العبد و لا تجدي هنا اجازة المولي، و تصح إلي مملوكه فتنصرف إلي عنقه فان ساوت قيمته فلا شيء له و إن نقصت سعي بالباقي للورثة و إن زادت كان له الزائد كل ذلك حيث لا تزيد الوصية علي الثلث و الا وقفت علي اجازة الورثة في الزائد.
(166) لا تصح الوصية في المعصية أو ما يؤدي إلي الإعانة علي الإثم
كالوصية للفاسق ألذي يستعين علي الغش أو الظالم ألذي يستعين بها علي الظلم أو عمارة البيع و الكنائس و نحوها و تصح الوصية للذمي و إن كان غير رحم لا للحربي و إن كان رحما.
(167) إذا اوصي لذكور و إناث و أطلق فالتسوية
و إن قال علي كتاب اللّه فبالتفاوت و إن فضل اتبع حتي لو فضل الأنثي و لو اوصي للأخوال و الأعمام و فضل اتبع و إن أطلق فالتسوية و إن قال علي كتاب اللّه فللأعمام الثلثان و للأخوال الثلث، و لو اوصي في سبيل اللّه فليجمع اعمال الخير و التعيين الموصي و الوصية لقرابته و عشيرته و قومه و أرحامه و هكذا مرجعها إلي العرف، و إلي الفقراء ينصرف إلي فقراء ملته، و الجار ساكن الدار مالكا أو غيره و يرجع في تعيينه إلي العرف.
(168) يعتبر في الموصي به كونه مملوكا له و لو بنحو الاستحقاق
أو الاختصاص و قابلا للانتقال فلو اوصي بمال الغير عن نفسه بطل و عن الغير وقف علي الإجازة و لا تصح بالوقف و لا بأم الولد و لا بحق القصاص و نحوه من الحقوق كما لا تصح بما ليس فيه منفعة محللة مقصودة للعقلاء اما لخسته كحبة حنطة أو لحرمة الانتفاع به كآلات اللهو و القمار
«178» لا يشترط وجود الموصي به حال الوصية
فتصح بما ستحمله الدابة أو الشجرة و بمنافع الدار في المستقبل مؤبدة أو موقتة و تخرج المنافع من الثلث بتقويم العين مساوية المنفعة ثم تقوم بمنافعها و يكون التفاوت هو الموصي به، و لا يعتبر فيه القدرة علي التسليم فتصح بالعبد الآبق و المال الضائع بلا ضميمة، و لا التعيين فتصح بالجزء المشاع و بالكلي و لو في المعين كصاع من صبرة أو صاع من حنطة، و لا المعلومية- فتصح بأحد العبدين أو بما في الصندوق و بالقسط و النصيب و القليل و الكثير و التعيين للوصي أو الوارث بما شاء إن لم يعلم إرادته لمقدار معين و كذا لو اوصي بالعشر من ماله أو الجزء أو السهم.
