دوشنبه 10 ارديبهشت 1403  
 
 
الملك‌:
الملك‌:

  


‌ما ملكه‌ الإنسان‌ سواء ‌كان‌ أعيانا ‌أو‌ منافع‌ ‌هذا‌ ‌أيضا‌ تفسير الشي‌ء بنفسه‌ كتفسير الماء بالماء و الأحسن‌ ‌إن‌ يقال‌: ‌إن‌ الملك‌ اضافة ‌بين‌ الإنسان‌ و ‌بين‌ الأموال‌ تقتضي‌ سلطنته‌ عليها ‌ثم‌ الأموال‌ أعيان‌ و منافع‌ و حقوق‌ و مثله‌ ‌ما ‌في‌‌-‌:

(مادة 126)

المال‌:

‌هو‌ ‌ما يميل‌ اليه‌ طبع‌ الإنسان‌ و يمكن‌ ادخاره‌ ‌إلي‌ وقت‌ الحاجة منقولا ‌أو‌ ‌غير‌ منقول‌.

‌لا‌ تليق‌ بالكتب‌ العلمية مثل‌ ‌هذه‌ التعاريف‌ ‌الّتي‌ يشبه‌ ‌إن‌ تكون‌ عامية و ‌قد‌ عرفت‌ ‌في‌ صدر الكتاب‌ ‌أنّه‌ ‌ليس‌ للمال‌ حقيقة سوي‌ اعتبار العقلاء و ‌ليس‌ اعتبارهم‌ جزافاً ‌بل‌ ‌له‌ مدرك‌ صحيح‌ فإنهم‌ يجعلون‌ للموجودات‌ الخارجية قيمة و مالية باعتبار المنافع‌ ‌الّتي‌ تستغل‌ ‌منها‌، و بمقدار الحاجة إليها و الانتفاع‌ ‌بها‌ و الثمرات‌ المرتبة عليها فالاطعمة انما اعتبر العقلاء لها مالية بالنظر ‌إلي‌ ‌ما وجدوا ‌من‌ مسيس‌ الحاجة إليها و توقف‌ حياة البشرعليها و هكذا الأراضي‌ و الحيوان‌ و المعادن‌ كلها ‌كانت‌ مالا بملاك‌ الحاجة و المنفعة، و ‌لما‌ ‌كانت‌ مالية الشي‌ء ‌عند‌ العقلاء باعتبار المنفعة ‌به‌ اذن‌ فنفس‌ المنفعة أحق‌ بأن‌ تكون‌ مالا و ‌إن‌ تقدر لها قيمة، و كذلك‌ الحقوق‌ مثل‌ حق‌ الشرب‌ و الاستقاء و حق‌ المرور ‌بل‌ و حق‌ الخيار و حق‌ الشفعة ‌كل‌ ‌هذه‌ الأمور أموال‌ لأنها بنظر العرف‌ ذات‌ منفعة يبذل‌ بإزائها المال‌ ‌فإن‌ شئت‌ فقل‌: ‌إن‌ الأموال‌ ‌هي‌ الأعيان‌ و المنافع‌ و الحقوق‌، و اما المالية فهو اعتبار عقلائي‌ ‌في‌ الأعيان‌ الخارجية و منافعها و ناشئ‌ ‌من‌ الحاجة إليها و اختلاف‌ الرغبات‌ ‌فيها‌ ‌ثم‌ جعلوا لتلك‌ الأشياء المقومة للمعايش‌ و ‌الّتي‌ تختلف‌ الرغبات‌ ‌فيها‌ معيارا ‌يكون‌ ميزاناً فاختاروا للتبادل‌ النقدين‌ و صيروهما المقياس‌ العام‌ ‌ثم‌ توسعوا ‌في‌ ‌ذلك‌ فجعلوا الورق‌ و ‌ما أشبهها ‌من‌ نحاس‌ و ‌غيره‌ بدلا عنها و مرتكزاً عليها فالمال‌ ‌كما‌ ذكرنا اعتبار محض‌ و ‌لكن‌ تارة ‌يكون‌ بالجعل‌ المحض‌ و اخري‌ يتكون‌ ‌من‌ جهة المنفعة و الحاجة و غزارة الآثار و الخواص‌ و ‌علي‌ ‌كل‌ ‌فلا‌ دخل‌ للميل‌ و عدمه‌ ‌في‌ مالية الشي‌ء و عدمها، ‌كما‌ ‌لا‌ دخل‌ أيضاً للادخار و عدمه‌ ‌فيها‌. فالفرس‌ مال‌ و ‌إن‌ كنت‌ ‌لا‌ تميل‌ إليها، و الوردة ليست‌ مالا و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌كل‌ أحد يميل‌ إليها، و هكذا. ‌نعم‌ الغالب‌ ‌إن‌ المال‌ تميل‌ اليه‌ النفوس‌ و ‌لكن‌ ‌ليس‌ ‌هو‌ ملاك‌ المالية و ‌لا‌ دخل‌ ‌له‌ ‌في‌ حقيقتها أصلا و ‌إن‌ ‌كان‌ يلازمها ‌في‌ الغالب‌ و انما تدور المالية مدار اعتبار العقلاء الناشئ‌ ‌من‌ الحاجة و المنفعة المعتد ‌بها‌ ‌لا‌ المنافع‌ التافهة كالحشرات‌ و القاذورات‌ و نحوها و ‌إن‌ ‌كان‌ ينتفع‌ ‌بها‌ ‌في‌ التسميد و نحوه‌ فتدبر و اغتنمه‌.

 (مادة 127)

المال‌ المتقوم‌:

يستعمل‌ ‌في‌ معنيين‌ ‌الأوّل‌ ‌ما يباح‌ الانتفاع‌ ‌به‌، و ‌الثاني‌: المال‌ المحرز، فالسمك‌ ‌في‌ البحر ‌غير‌ متقوم‌ و ‌إذا‌ اصطيد صار متقوماً بالاحراز.

هذان‌ المعنيان‌ ‌غير‌ متقابلين‌ و ‌لا‌ متعادلين‌. و ‌هذا‌ نظير ‌إن‌ تقول‌ الإنسان‌ اما كاتب‌ ‌أو‌ أبيض‌ ‌مع‌ ‌إن‌ الأبيض‌ ‌يكون‌ كاتبا و الكاتب‌ ‌يكون‌ ابيضا. و ‌ما يباح‌ الانتفاع‌ ‌به‌ ‌قد‌ ‌يكون‌ محرزاً. و المحرز ‌قد‌ ينتفع‌ ‌به‌ و تحرير ‌هذه‌ المادة ‌علي‌ الصناعة العلمية. ‌إن‌ المال‌ ‌ألذي‌ عرفت‌ حقيقته‌ و ‌هو‌ المال‌ المتقوم‌ أي‌ ‌ألذي‌ ‌يكون‌ ‌له‌ ‌في‌ حد ذاته‌ قيمة، تارة تكون‌ ماليته‌ فعلية و اخري‌ تقديرية، (فالأول‌) كالأعيان‌ ‌ألذي‌ ‌في‌ قبضة الإنسان‌ المحرزة عنده‌ و (‌الثاني‌) كالأموال‌ ‌الّتي‌ ‌لم‌ يحصل‌ الاستيلاء عليها و ‌لم‌ تحرز ‌في‌ سلطة أحد مثل‌ السمك‌ ‌في‌ البحر و المعادن‌ ‌في‌ الأرض‌ و الطيور ‌في‌ الهواء فإذا صيدت‌ الطيور ‌أو‌ استخرج‌ المعدن‌ صارت‌ ماليتها فعلية و الا فهي‌ أموال‌ حقيقية و لكنها تقديرية و معني‌ كونها مالا حقيقة ‌له‌ ‌إن‌ ملاك‌ المالية قائم‌ ‌فيها‌ و ‌هو‌ الحاجة و عظيم‌ المنفعة و ‌حيث‌ انها ‌لم‌ تقع‌ ‌بعد‌ ‌في‌ اليد فليست‌ بمال‌ فعلا، ‌ثم‌ الأموال‌ الفعلية ‌إن‌ ‌كانت‌ بحيث‌ يباح‌ الانتفاع‌ ‌بها‌ المنفعة المهمة ‌منها‌ كالأكل‌ ‌في‌ اللحوم‌ و الشرب‌ ‌في‌ المايعات‌ و اللبس‌ ‌في‌ الجلود فهي‌ ذات‌ مالية فعلية شرعية و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌لا‌ يباح‌ ‌منها‌ ‌عند‌ الشارع‌ المنفعة المهمة المقصودة ‌منها‌، و ‌لكن‌ يستبيحها ‌من‌ ‌لا‌ يلتزم‌ بالشرع‌ ‌أو‌ ‌من‌ يتدين‌ بشرع‌ يبيحها كالخمرة و لحم‌ الخنزير و ربما يبذل‌ الكثير ‌من‌ البشر المال‌ الغزير بإزائها فهي‌ ذات‌ ماليةفعلية و لكنها ‌غير‌ شرعية فهي‌ أموال‌ ‌غير‌ مشروعة ‌لا‌ يصح‌ بيعها و شراؤها و أي‌ معاملة عليها لان‌ المالك‌ الحقيقي‌ أسقط ماليتها و ‌لا‌ تصح‌ المعاوضات‌ عنده‌ الا ‌علي‌ الأموال‌، فالشاة المذكاة مال‌ فعلي‌ حقيقة شرعاً و عرفاً بخلاف‌ الميتة ‌فإن‌ الشارع‌ ‌لما‌ حرم‌ أكلها و ‌هي‌ المنفعة المقصودة ‌من‌ مثلها سقطت‌ ‌عن‌ المالية و ‌إن‌ ‌كان‌ ‌فيها‌ ‌كما‌ ‌في‌ الخمرة منافع‌ كثيرة و ‌لكن‌ حرمة شرب‌ ‌هذا‌ و حرمة أكل‌ تلك‌ ‌في‌ الشريعة الإسلامية المقدسة أسقطها و ‌إن‌ ‌كانت‌ ماليتها محفوظة ‌عند‌ ‌من‌ ‌لا‌ يتدين‌ بهذه‌ الشريعة ‌أو‌ النازغين‌ ‌فيها‌ و الكاذبين‌ ‌في‌ الانتساب‌ إليها، هكذا ‌يجب‌ ‌إن‌ تحرر المسائل‌ و للّه‌ المنة

(مادة 128) و مادة (129) هاتان‌ المادتان‌ غنيتان‌ ‌عن‌ البيان‌ و ‌كل‌ أحد يعرف‌ المال‌ المنقول‌ و ‌غير‌ المنقول‌

‌فلا‌ حاجة ‌إلي‌ تعريفهما.

‌أما‌ الأشجار و الغروس‌ فهي‌ ‌من‌ ‌غير‌ المنقول‌ بخلاف‌ الثمار و الزروع‌ ‌علي‌ ‌إن‌ الثمرة ‌بين‌ المنقول‌ و ‌غيره‌ ‌في‌ الفقه‌ نادرة.

(مادة 130)

النقود:

جمع‌ نقد و ‌هو‌ عبارة ‌عن‌ الذهب‌ و الفضة ‌لا‌ يخفي‌ ‌ما ‌فيه‌ ‌من‌ التسامح‌ فان‌ النقود ‌هي‌ المسكوكات‌ ‌من‌ الذهب‌ و الفضة ‌لا‌ مطلق‌ الذهب‌ و الفضة، اما ‌غير‌ المسكوك‌ منهما ‌أو‌ المسكوك‌ ‌من‌ غيرهما فهو ‌من‌ العروض‌، و النقود يعتبر ‌في‌ صحة التعامل‌ ‌بها‌ أمران‌:

سكة السلطان‌ و الوزن‌ المخصوص‌ و يجري‌ عليها حكم‌ المعدود ‌من‌ جهة‌-‌ و حكم‌ الموزون‌ ‌من‌ جهة أخري‌ ‌فلا‌ يصح‌ ‌فيها‌ الربا ‌كما‌ يصح‌ ‌في‌ المعدودات‌

و ‌إن‌ ‌كانت‌ تعد ‌من‌ المعدود و ‌لكن‌ الوزن‌ الخاص‌ ملحوظ ‌فيه‌ و سكتة ‌في‌ الغالب‌ دليل‌ ‌علي‌ مقدار وزنه‌ فتغني‌ ‌عن‌ اعتباره‌، اما المسكوكات‌ النحاسية و أمثالها ‌من‌ ‌غير‌ الذهب‌ و الفضة فالأقوي‌ انها ‌من‌ المعدودات‌ فقط و الوزن‌ ‌غير‌ ملحوظ ‌فيها‌ أصلا و ‌إن‌ ‌كان‌ الأحوط اجتناب‌ الربا ‌فيها‌ ‌فلا‌ ‌يجوز‌ بيعها بالتفاضل‌، اما الورق‌ و الأنواط القائمة مقام‌ النقدين‌ فالأقوي‌ عندنا انها تعتبر نفوذاً فيحرم‌ ‌فيها‌ التفاضل‌ و تجب‌ ‌فيها‌ الزكاة و يعتبر ‌في‌ بيعها التقابض‌ ‌في‌ المجلس‌ و كلما يجري‌ ‌علي‌ النقدين‌ يجري‌ عليها،

(مادة 131)

العروض‌:

جمع‌ عرض‌ (بالتحريك‌) و ‌هي‌ ‌ما عدا النقود و الحيوانات‌ و المكيلات‌ و الموزونات‌ كالمتاع‌ و القماش‌.

الظاهر ‌إن‌ ‌ما عدا النقدين‌ و الأراضي‌ داخل‌ ‌في‌ العروض‌ سيما الأطعمة و الفواكه‌ و الافرشة و سائر الأدوات‌ ‌الّتي‌ يحتاج‌ إليها ‌في‌ مرافق‌ الحياة

[مادة 132]

المقدرات‌:

‌ما تتعين‌ مقاديرها بالكيل‌ ‌أو‌ الوزن‌ ‌أو‌ العدد ‌أو‌ الذراع‌ إلخ‌ ..

المقدرات‌ ‌هي‌ ذوات‌ الكم‌ ‌من‌ الجسم‌ التعليمي‌ المشتمل‌ ‌علي‌ الأبعاد الثلاثة و ذوات‌ الكم‌ ‌إن‌ ‌كان‌ متصلا فاما ‌إن‌ ‌يكون‌ المطلوب‌ ‌منه‌ معرفة ثقله‌ فيعتبر بالوزن‌ [و الكيل‌ طريق‌ اليه‌] ‌أو‌ المطلوب‌ معرفة امتداده‌ و طوله‌ و عرضه‌ فيعتبر مساحته‌ بالذراع‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ الكم‌ منفصلا فبالعدد فمقادير الأجسام‌ تعرف‌ بالكيل‌ ‌أو‌ الوزن‌ ‌أو‌ العدد ‌أو‌ الذراع‌ و ‌لكن‌ الكيل‌ يرجع‌ ‌إلي‌ الوزن‌ و الذراع‌ يرجع‌ ‌إلي‌ العدد فأصول‌ المقاييس‌. اثنان‌

وزن‌: و عدد.

‌نعم‌ هنا قسم‌ آخر ‌لم‌ تذكره‌ (المجلة) يغني‌ ‌عن‌ الوزن‌ و العدد و غيرهما ‌في‌ ‌غير‌ المعدود و المكيل‌ و الموزون‌ و ‌هي‌ المشاهدة ‌كما‌ ‌في‌ الأحطاب‌ و الزروع‌ جزة و جزتين‌ و قطفة و قطفتين‌، ‌بل‌ و كثير ‌من‌ الافرشة و الألبسة كالعباء و القباء و الثياب‌ المخيطة و الكتب‌ و الأواني‌ الزجاجية و غيرها و كثير ‌من‌ الآلات‌ و الأدوات‌ فكان‌ يلزم‌ ذكرها و لعلها أكثر ‌من‌ المكيل‌ و الموزون‌ و المعدود.

(تحرير و تحوير)

يظهر ‌إن‌ أصحاب‌ (المجلة) ألفوها متأثرين‌ بظروفهم‌ الخاصة و المحيط ‌ألذي‌ كانوا ‌فيه‌ ‌ألذي‌ ‌كان‌ أكثر أهاليه‌ ممن‌ ‌لا‌ يعرفون‌ ‌إلا‌ ذروا ‌من‌ العربية و ‌لا‌ يعرفون‌ ‌ذلك‌ أيضاً ‌إلا‌ تلقيناً و تحقيناً، و ‌قد‌ اضطرتهم‌ تلك‌ الظروف‌ ‌إن‌ يذكروا ‌في‌ (المجلة) كثيراً ‌من‌ المواد ‌الّتي‌ يجدها العربي‌ الأصيل‌ (‌بل‌ و الدخيل‌) ‌من‌ الفضول‌ و التوافه‌ و ‌من‌ قبيل‌ توضيح‌ الواضحات‌ مثل‌ مادة (133) المكيل‌ ‌ما يكال‌ .. (134) الموزون‌ ‌ما يوزن‌ (135) المعدود ‌ما يعد (136) المذروع‌ ‌ما يقاس‌ بالذراع‌، و هكذا ‌إلي‌ ‌إن‌ تصل‌ المهزلة ‌إلي‌ مادة (160) البائع‌ ‌هو‌ ‌من‌ يبيع‌ (161) المشتري‌ ‌هو‌ ‌من‌ يشتري‌ (162) المتبايعان‌ هما البائع‌ و المشتري‌،،،

فهل‌ يليق‌ بالكتب‌ العلمية سيما ‌الّتي‌ تدرس‌ ‌في‌ المدارس‌ العالية ‌إن‌ تشتمل‌ ‌علي‌ مثل‌ ‌هذه‌ السفاسف‌ ‌الّتي‌ ‌هي‌ اليوم‌ ‌من‌ قبيل‌ ‌ما يقال‌ (السماء فوقنا) و ‌الّتي‌ ‌لا‌ يترتب‌ ‌علي‌ نشرها أي‌ فائدة.

( (و فسر الماء ‌بعد‌ الجهد بالماء)) و ‌إذا‌ ‌كان‌ لأصحاب‌ (المجلة) عذر ‌من‌ جهة ظروفهم‌ فأي‌ عذر لمن‌ يعنيهم‌ الأمر اليوم‌ ‌في‌ إبقاء ‌هذه‌ المواد ‌علي‌ ‌ما ‌هي‌ ‌عليه‌ ‌مما‌ ‌لا‌ يتناسب‌ ‌مع‌ عصرنا و محيطنا، و ‌ما العذر ‌في‌ ترك‌ ‌هذا‌ الكتاب‌ ‌علي‌ علامته‌ ‌من‌ دون‌ تحرير ‌أو‌ تحوير، و ‌ما دفعنا ‌إلي‌ النهوض‌ بهذه‌ الاعباء ‌إلا‌ خدمة العلم‌ و تسهيل‌ السبيل‌ ‌إلي‌ الأسس‌ الرصينة لنشأتنا الحديثة و نشئتنا الناهض‌ و تمرينهم‌ ‌علي‌ طلب‌ الحقائق‌ الجوهرية و ‌عدم‌ الجمود ‌علي‌ تسطير المواد و الصناعة اللفظية، و الرصانة و المتانة ‌هي‌ الهدف‌ الاسمي‌ ‌في‌ ‌كل‌ ‌شيء‌ سيما ‌في‌ العلوم‌ و القضايا الحقوقية، و باللّه‌ المستعان‌ و ‌هو‌ حسبنا و ‌نعم‌ الوكيل‌ و أكثر المواد المسطورة هنا أعني‌ ‌في‌ ذيل‌ ‌هذه‌ المقدمة ‌من‌ ‌ذلك‌ الأسلوب‌ الواهي‌، و اللازم‌ ‌إن‌ نقتصر ‌علي‌ المهم‌ النافع‌ ‌منه‌: مثل‌.

(مادة: 145)

المثلي‌:

‌ما يوجد مثله‌ ‌في‌ السوق‌ بدون‌ تفاوت‌ يعتد ‌به‌، اختلف‌ فقهاؤنا ‌في‌ تعريف‌ (المثلي‌) و ‌ما يقابله‌ و ‌هو‌ (القيمي‌) و ‌ليس‌ المراد التعريف‌ و الحد الحقيقي‌ طبعاً ‌بل‌ القصد إعطاء الظابطة للتمييز بينه‌ و ‌بين‌ القيمي‌ ‌حتي‌ يستراح‌ اليه‌ عندالشك‌ ‌في‌ موارد الضمانات‌ ‌حيث‌ ‌إن‌ المثلي‌ يضمن‌ بالمثل‌ و القيمي‌ يضمن‌ بالقيمة ‌فلا‌ بد ‌من‌ ضابطةيتميز ‌بها‌ المثلي‌ ‌من‌ القيمي‌. و ‌قد‌ اختلفت‌ كلمات‌ فقهائنا ‌في‌ تعريف‌ المثلي‌ و عرفه‌ المشهور بأنه‌ ‌ما يتساوي‌ اجزاؤه‌ ‌من‌ ‌حيث‌ القيمة. يعني‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ (حقة الحنطة) قيمتها درهم‌ فربعها ربع‌ درهم‌ و هكذا بخلاف‌ القيمي‌ ‌فإن‌ الحيوان‌ ‌ألذي‌ تكون‌ قيمة مجموعه‌ ألفاً ‌قد‌ ‌لا‌ تكون‌ قيمة نصفه‌ مائتين‌ و الجوهر ‌ألذي‌ وزنه‌ مثقال‌ ‌قد‌ ‌يكون‌ قيمته‌ ألفين‌ و ‌لكن‌ ربعه‌ ‌قد‌ ‌لا‌ تبلغ‌ قيمته‌ مائة، و بالجملة، كلما ‌يكون‌ لهيئته‌ الاجتماعية مدخلية ‌في‌ ثمنه‌ فهو مثلي‌ و الا‌-‌ فهو قيمي‌. ‌ثم‌ أطالوا النقوض‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ التعريف‌ و طال‌ النقض‌ و الإبرام‌ و عرفوه‌ بتعاريف‌ اخري‌ تحريا للأقرب‌ ‌إلي‌ الحقيقة مثل‌ قولهم‌: «المثلي‌ ‌ما تماثلت‌ اجزاؤه‌ و تقاربت‌ صفاته‌» و عرفه‌ آخر ‌بما‌ تساوت‌ أجزاؤه‌ ‌في‌ الحقيقة النوعية يعني‌ ‌إن‌ اسم‌ الحقيقة النوعية ‌كما‌ يصدق‌ ‌علي‌ مقدار مجموع‌ ‌منه‌ كذلك‌ يصدق‌ ‌علي‌ ‌كل‌ واحد ‌من‌ أبعاضه‌ ‌حتي‌ القبضة ‌بل‌ الحبة و الحبتان‌ ‌منها‌ و ‌لا‌ بأس‌ بهذا التعريف‌ و ‌إن‌ ‌كان‌ ينتقض‌ بكثير ‌من‌ القيميات‌ كالجوهر. فان‌ اسم‌ النوع‌ الصادق‌ ‌علي‌ مجموعه‌ يصدق‌ ‌علي‌ أبعاضه‌. و ‌قد‌ اتفقوا ‌علي‌ ‌إن‌ الجواهر بجميع‌ أنواعها قيمية ‌كما‌ اتفقوا ‌علي‌ ‌إن‌ المسكوكات‌ ‌بل‌ مطلق‌ الذهب‌ و الفضة مثلية، و التحقيق‌ عندنا ‌في‌ المقام‌: ‌إن‌ ‌هذا‌ البحث‌ (اعني‌ تعريف‌ المثلي‌ و القيمي‌) ينبغي‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ ساقطاً ‌من‌ أصله‌ إذ ‌لم‌ يرد ‌في‌ دليل‌ ‌من‌ كتاب‌ ‌أو‌ سنة، هذان‌ اللفظان‌ ‌حتي‌ يلزمنا البحث‌ ‌عن‌ معناهما و طلب‌ المائز بينهما و أدلة الضمان‌ كقاعدة اليد و غيرها ‌لم‌ تتعرض‌ لبيان‌ ‌ما ‌به‌ الضمان‌ و انما مفادها ‌إن‌ المال‌ ‌في‌ عهدة واضع‌ اليد ‌أو‌ المتلف‌ ‌أو‌ الغار ‌أو‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌ و ‌قد‌ أوضحنا ‌إن‌ معني‌الضمان‌ ‌هو‌ العهدة عقلا و عرفاً ‌بل‌ و لغة و شرعاً و مقتضاه‌ وجوب‌ رد العين‌ ‌إذا‌ ‌كانت‌ موجودة ورد الأقرب‌ فالأقرب‌ إليها ‌إذا‌ ‌كانت‌ تالفة و ‌حيث‌ ‌إن‌ الأقرب‌ ‌إلي‌ العين‌ ‌بعد‌ تلفها ‌هو‌ المثل‌ مطلقاً سواء ‌كان‌ مثلياً ‌علي‌ مصطلحهم‌ ‌أو‌ قيمياً ‌بل‌ تدور مدار صدق‌ كونه‌ مثله‌ ‌عند‌ العرف‌ فان‌ تمكن‌ ‌من‌ ‌غير‌ عسر و حرج‌ ‌من‌ تحصيل‌ مثله‌ و حب‌ ليدفعه‌ ‌إلي‌ المضمون‌ ‌له‌ سواء ‌كان‌ تحصيله‌ ‌من‌ الأسواق‌ ‌أو‌ ‌من‌ البيوت‌ ‌أو‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌ و سواء أمكن‌ بثمن‌ المثل‌ ‌أو‌ أقل‌ ‌أو‌ أكثر ‌إذا‌ ‌لم‌ يبلغ‌ الاحجاف‌ فيلحق‌ بالمتعذر و ‌إذا‌ تعذر المثل‌ ‌أو‌ تعسر رجع‌ ‌إلي‌ القيمة، اما قيمة يوم‌ القبض‌ ‌أو‌ يوم‌ التلف‌ ‌أو‌ يوم‌ الدفع‌ ‌أو‌ أعلي‌ القيم‌ فيما بينها ‌علي‌ الخلاف‌ ‌ألذي‌ مرت‌ الإشارة اليه‌: و الفرق‌ كالصبح‌ واضح‌ ‌بين‌ ‌هذه‌ الطريقة و طريقة المشهور فإنهم‌ ‌بعد‌ ‌إن‌ قسموا الأشياء ‌إلي‌ مثلية و قيمية أوجبوا ضمان‌ المثل‌ بمثله‌ و القيمي‌ بقيمته‌ ‌فلا‌ حق‌ للضامن‌ بدفع‌ المثلي‌ ‌عن‌ القيمي‌ ‌مع‌ التمكن‌. ‌كما‌ ‌لا‌ حق‌ ‌له‌ بدفع‌ القيمة ‌عن‌ المثل‌ ‌في‌ المثلي‌ ‌مع‌ تيسيره‌ الا ‌مع‌ التراضي‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ كمعاملة جديدة.

اما ‌علي‌ اختيارنا قالوا أجب‌ ‌عليه‌ تحصيل‌ المثل‌ و دفعه‌ مهما ‌كان‌ الشي‌ء و ‌لا‌ يهمنا كونه‌ مثلياً ‌أو‌ قيمياً، فان‌ تعذر ‌أو‌ تعسر لزمه‌ دفع‌ القيمة اما تعريف‌ (المجلة) فيمكن‌ تطبيقه‌ ‌علي‌ ‌ما ارتأيناه‌، سوي‌ ‌إن‌ التقييد بوجوده‌ ‌في‌ السوق‌ مستدرك‌، و ‌لو‌ عبروا ‌عنه‌ ‌بما‌ يمكن‌ تحصيل‌ مماثله‌ بدون‌ تفاوت‌ يعتد ‌به‌ و بدون‌ مشقة و إجحاف‌، و القيمي‌ ‌ما يتعذر تحصيل‌ مثله‌ ‌أو‌ يتعسر الا باجحاف‌ لكان‌ أقرب‌ ‌إلي‌ الصواب‌، و يؤيد ‌ما اخترناه‌ ‌من‌ ‌إن‌ الأصل‌ ‌في‌ الضمان‌ ‌هو‌ المثل‌، ‌قوله‌ ‌تعالي‌ (فَمَن‌ِ اعتَدي‌ عَلَيكُم‌ فَاعتَدُوا عَلَيه‌ِ بِمِثل‌ِ مَا اعتَدي‌)، (وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثلُها) ‌أما‌ القيمة فهي‌ بدل‌ قهري‌ تقضي‌ ‌به‌ الضرورة و الأحوال‌ الاستثنائية فتدبره‌.

(مادة 152)


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما