دوشنبه 10 ارديبهشت 1403  
 
 
(الفصل‌ الثالث‌)
(الفصل‌ الثالث‌) ‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بكيفية بيع‌ المبيع‌

  


يظهر ‌إن‌ ‌هذا‌ الفصل‌ يقصد ‌به‌ بيان‌ المقادير و المقاييس‌ ‌الّتي‌ تعرف‌ ‌بها‌ الأعيان‌ ‌الّتي‌ يتداولها الناس‌ بالبيع‌ و الشراء، و ‌قد‌ أعلمناك‌ ‌إن‌ المقصود ‌عند‌ العرف‌ ‌من‌ معرفة الأجسام‌ اما كمها المتصل‌ ‌أو‌ الكم‌ المنفصل‌. و المقصود ‌من‌ ‌الأوّل‌ اما معرفة ثقل‌ الجسم‌ ‌أو‌ مساحته‌.

و ‌الأوّل‌ يعرف‌ بالكيل‌ و الوزن‌ و ‌هو‌ الأصل‌ و الكيل‌ طريق‌ اليه‌، و ‌الثاني‌ يعرف‌ بالذرع‌، و الثالث‌ بالعدد، و الذرع‌ يرجع‌ اليه‌ فأصول‌ المقاييس‌‌-‌ وزن‌ و عدد.

(مادة 217) ‌كما‌ يصح‌ بيع‌ المكيلات‌ و الموزونات‌ و العدديات‌ و المذروعات‌ كيلا و وزناً. و عدداً و ذرعا يصح‌ بيعها جزافاً أيضاً،

مثلا ‌لو‌ باع‌ صبرة حنطة ‌أو‌ كوم‌ تين‌ ‌أو‌ آجر ‌أو‌ حمل‌ قماش‌ جزافا صح‌ البيع‌.

اتفق‌ فقهاء الإمامية و استفاضت‌ اخبارهم‌ بان‌ الأطعمة و خصوص‌ الحنطة و الشعير ‌بل‌ ‌كل‌ مكيل‌ و موزون‌ ‌عند‌ العرف‌ ‌أو‌ ‌في‌ زمان‌ الشارع‌ ‌لا‌ يصح‌ بيعه‌ الا بكيله‌ و وزنه‌ و ‌إن‌ بيعه‌ جزافا باطل‌ ‌حتي‌ ‌مع‌ المشاهدة، و ‌من‌ الغريب‌ ‌بل‌ و ‌من‌ الجازف‌ حكم‌ (المجلة) بصحة بيع‌ المكيلات‌ و أخواتها جزافا، و هل‌ يشك‌ أحد ‌إن‌ بيع‌ صبرة الحنطة ‌الّتي‌ ‌لا‌ يعرف‌ المتبايعان‌ وزنها أ طن‌ ‌أو‌ اثنان‌؟ غرر و بيع‌ الغرر بإجماع‌ المسلمين‌ للحديث‌ المشهور باطل‌.

و «بالجملة» فبيع‌ الجزاف‌ باطل‌ مطلقاً و ‌لا‌ يصح‌ ‌شيء‌ ‌منه‌ ‌لأن‌ المعلومية شرط و الجهالة مفسدة، ‌كما‌ تقدم‌ ‌في‌ مادة (200) و (213)، غايته‌ ‌إن‌ ‌بعض‌ ‌ما يباع‌ ترتفع‌ جهالته‌ بمشاهدته‌ ‌فلا‌ جزاف‌ ثمة و ‌لا‌ غرر فبيع‌ الحطب‌ و كوم‌ التين‌ و الآجر و حمل‌ القماش‌ ‌أو‌ الفاكهة بالمشاهدة ‌لا‌ يعد ‌من‌ الجزاف‌ أصلا و ‌لو‌ ‌كان‌ لكان‌ باطلا قطعا، و طبيعة البيع‌ ‌لا‌ تحتمل‌ الغرر و الجهالة أصلا ‌بل‌ هما متضادان‌ أبداً. ‌نعم‌ يحتمل‌ الصلح‌ و ‌ذلك‌ لانه‌ مشروع‌ لقطع‌ الخصومة و التسالم‌ و الرضا بالواقع‌ كيف‌ ‌كان‌ بخلاف‌ البيع‌ و الإجارة فإنهما ‌من‌ عقود التغابن‌ و الفائدة ‌فلا‌ يصح‌ ‌منها‌ ‌ما ‌يكون‌ مظنة الخطر و الخسارة و تجويز البيع‌ الجزافي‌ ناشئ‌ ‌من‌ ‌عدم‌ النباهة و ضعف‌ الفقاهة و قصور الباع‌ ‌في‌ أحكام‌ الشريعة الإسلامية و لذا ‌لم‌ ينقل‌ القول‌ ‌به‌ ‌عن‌ أحد ‌من‌ فقهاء الإمامية ‌مع‌ كثرة اختلافاتهم‌ ‌في‌ الفروع‌ الفقهية.

و أغرب‌ ‌من‌ ‌ذلك‌‌-‌:

(مادة 218) ‌لو‌ باع‌ حنطة ‌علي‌ ‌إن‌ يكيلها بكيل‌ معلوم‌ ‌أو‌ يزنها بحجر معين‌ صح‌ البيع‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يعلم‌ مقدار الكيل‌ و ثقل‌ الحجر.

و لعمري‌ لقد سقطوا بالبيع‌ ‌من‌ مكان‌ حالق‌ و هووا ‌به‌ ‌إلي‌ بئر سحيق‌ و ‌هذه‌ ‌هي‌ الفوضي‌ بعينها، و سحق‌ المدينة بأجمعها، و دعوي‌ ‌إن‌ المشار اليه‌ ‌قد‌ علم‌ ‌به‌ ‌من‌ طريق‌ الحس‌ و ‌هو‌ أقوي‌ طرق‌ العلم‌ واضحة الوهن‌ و السقوط فان‌ الحس‌ و المشاهدة ‌لم‌ ترفع‌ الجهالة بمقداره‌، و ‌لم‌ تفد معرفته‌ بوزنه‌ و عياره‌، و ‌علي‌ ‌ما ذكروه‌ فيكون‌ ‌من‌ العبث‌ وضع‌ الموازين‌و المكاييل‌ و أمثالها و ضاعت‌ ‌هذه‌ الحكمة القويمة، و الفلسفة العالية، ‌الّتي‌ توخاها عقلاء البشر ‌من‌ تلك‌ المقررات‌ ‌في‌ أوائل‌ التمدن‌ الصحيح‌ ‌في‌ الهيئة الاجتماعية فتدبره‌ جيداً و ‌لا‌ يذهب‌ بك‌ الاسفاف‌ ‌إلي‌ ‌هذه‌ المداحض‌ فان‌ ‌كل‌ ‌هذه‌ الفروض‌ ‌من‌ افراد بيع‌ الغرر ‌ألذي‌ ‌هو‌ ‌من‌ أوضح‌ أنواع‌ البيع‌ الفاسد.

و اعلم‌ ‌إن‌ الغرر المنهي‌ ‌عنه‌ الموجب‌ لفساد البيع‌ ‌هو‌ النوعي‌ ‌لا‌ الشخصي‌ فلو فرضنا ‌إن‌ المشتري‌ ‌أو‌ ‌هو‌ و البائع‌ ‌كان‌ قوي‌ الحدس‌ بحيث‌ ‌لو‌ نظر ‌إلي‌ الصبرة يعرف‌ مقدارها ‌أو‌ يعرف‌ مقدار ‌ما يكفيه‌ نفقة لمدة ‌من‌ الأيام‌ ‌فلا‌ يلحقه‌ اي‌ غرر ‌من‌ شرائها ‌لم‌ ينفع‌ ‌ذلك‌ ‌لأن‌ المبطل‌ ‌هو‌ الغرر المتحقق‌ ‌في‌ نوع‌ ‌هذا‌ البيع‌ فيبطل‌ ‌كل‌ افراده‌ ‌حتي‌ الخالي‌ ‌من‌ الغرر و ‌لا‌ يصح‌ الا المعلوم‌ مقداره‌ ‌من‌ الطرق‌ المتعارفة و ‌هي‌ الكيل‌ و الوزن‌ و العدد و رديفاتها

(مادة 219) كلما جاز بيعه‌ منفرداً جاز استثناؤه‌ ‌من‌ المبيع‌ مثلا ‌لو‌ باع‌ ثمرة شجرة و استثني‌ ‌منها‌ ‌كذا‌ رطلا ‌علي‌ ‌أنّه‌ ‌له‌، صح‌ البيع‌.

‌هذه‌ المسألة ‌من‌ توابع‌ بيع‌ الثمار و ‌هي‌ قضية (الثنيا) و (إيجازها) ‌إن‌ بائع‌ الثمرة ‌يجوز‌ ‌له‌ ‌إن‌ يستثني‌ ‌له‌ ‌منها‌ كسراً مشاعاً ثلثاً ‌أو‌ ربعاً ‌كما‌ ‌يجوز‌ استثناء أرطال‌ معلومة أربعا ‌أو‌ خمساً ‌مع‌ العلم‌ بأن‌ الثمرة تشتمل‌ ‌علي‌ أكثر ‌من‌ ‌ذلك‌ و ‌له‌ ‌إن‌ يستثني‌ نخلات‌ ‌أو‌ شجرات‌ معينة و ‌كل‌ ‌هذا‌ ‌يجوز‌ بيعه‌ منفرداً فيجوز استثناؤه‌ لأنه‌ معلوم‌ ‌من‌ معلوم‌، اما ‌لو‌ استثني‌ نخلات‌ ‌غير‌ معينة ‌أو‌ أرطالا مجهولة العدد ‌أو‌ كسراً مشاعا مردداً ‌بين‌ الكسور فهو باطل‌ لانه‌ ‌لا‌ ‌يجوز‌ بيعه‌ لجهالته‌ ‌فلا‌ ‌يجوز‌ استثناؤه‌، و ‌هذا‌ انما يتم‌‌علي‌ رأي‌ ‌من‌ يعتبر ‌في‌ المبيع‌ ‌عدم‌ الجهالة.

‌أما‌ «المجلة» ‌الّتي‌ جوزت‌ بيع‌ الجزاف‌ ‌فلا‌ مورد عندها لهذه‌ المادة ‌لأن‌ الجميع‌ ‌يجوز‌ بيعه‌ فيصح‌ استثناؤه‌، ‌ثم‌ ‌إن‌ فقهائنا فرعوا ‌علي‌ قضية (الثنيا) ‌أنّه‌ ‌لو‌ خاست‌ الثمرة ‌أو‌ تلفت‌ فان‌ استوعب‌ التلف‌ ‌فلا‌ ريب‌ ‌أنّه‌ ‌علي‌ البائع‌ و المشتري‌ و ‌إن‌ تلف‌ البعض‌ ففي‌ الكسر المشاع‌ يسقط ‌منه‌ بحسابه‌ و ‌في‌ النخلات‌ المعينات‌ ‌إن‌ أصابها التلف‌ فقط فعلي‌ البائع‌ خاصة و الا ‌فلا‌ ينقص‌ ‌منها‌ ‌شيء‌ لتميز المالين‌ و حينئذ فتلف‌ (الثنيا) ‌لا‌ يلحق‌ المبيع‌ و تلف‌ المبيع‌ ‌لا‌ يلحق‌ (الثنيا). و اما الأرطال‌ المعلومة فان‌ نزلناها ‌علي‌ الإشاعة توزع‌ النقص‌ ‌علي‌ الجميع‌ بالنسبة و ‌إن‌ نزلناها ‌علي‌ الكلي‌ ‌في‌ المعين‌ اختص‌ النقص‌ ‌في‌ المبيع‌ و ‌لا‌ يلحق‌ (الثنيا) ‌منه‌ ‌شيء‌ و ‌هذا‌ ‌هو‌ مظهر الفرق‌ ‌بين‌ المشاع‌ و الكلي‌ ‌في‌ المعين‌، فتدبره‌.

(مادة: 220) بيع‌ المقدرات‌ صفقة واحدة ‌مع‌ بيان‌ ثمن‌ ‌كل‌ فرد و قسم‌ ‌منها‌ صحيح‌،

مثلا‌-‌ ‌لو‌ باع‌ صبرة حنطة ‌أو‌ وسق‌ سفينة ‌من‌ حطب‌ ‌أو‌ قطيع‌ غنم‌ ‌أو‌ قطعة ‌من‌ جوخ‌ ‌علي‌ ‌إن‌ ‌كل‌ كيل‌ ‌من‌ الحنطة ‌أو‌ قنطار ‌من‌ الحطب‌ ‌أو‌ رأس‌ ‌من‌ الغنم‌ ‌أو‌ ذراع‌ ‌من‌ الجوخ‌ بكذا صح‌ البيع‌.

‌إذا‌ ‌كانت‌ الجملة ‌من‌ المقدرات‌ معلومة المقدار كيلا ‌أو‌ وزناً ‌أو‌ عدداً و ‌هي‌ متساوية الأجزاء كصبرة معلوم‌ ‌إن‌ وزنها طغار ‌أو‌ قطعة جوخ‌ معلوم‌ ‌إن‌ طولها خمسون‌ ذراعاً فباع‌ الحنطة بأجمعها ‌علي‌ ‌إن‌ ‌كل‌ وزنة بدينار و الجوخ‌ ‌كل‌ ذراع‌ بربع‌ دينار صح‌ إذ ‌لا‌ جهالة أصلا، اما ‌لو‌ ‌كانت‌ الصبرة مجهولة المقدار و القطعة مجهولة الذراع‌ ‌أو‌ ‌كانت‌ معلومة و لكنها‌غير‌ متساوية الأبعاض‌ ‌لم‌ يصح‌ البيع‌ ‌كل‌ ذراع‌ بكذا ‌عند‌ فقهائنا للجهالة اي‌ جهالة مقدار ‌ما اشتري‌، و ‌قد‌ ذكر ‌في‌ كتاب‌ الإجارة ‌أنّه‌ ‌لو‌ آجره‌ سنة ‌كل‌ شهر بدرهم‌ بطل‌، و يظهر ‌من‌ (المجلة) الصحة مطلقاً و ‌ليس‌ ‌هو‌ بأسوإ ‌من‌ صحة بيع‌ الجزاف‌ عندهم‌ و ‌بعد‌ البيع‌ ‌لا‌ يجدي‌ الانكشاف‌، فليتدبر.

و ينسب‌ ‌إلي‌ الحنفية صحة البيع‌ ‌في‌ فرد واحد و ‌هو‌ تحكم‌، و ‌لا‌ يختلف‌ ‌الحكم‌ عندنا ‌بين‌ الجنس‌ الواحد ‌أو‌ الأجناس‌ المختلفة كصبرتين‌ حنطة و شعير، و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ ملاك‌ الصحة ‌في‌ الجميع‌ ‌هو‌ رفع‌ الجهالة و المعلومية حال‌ البيع‌ بان‌ يعلم‌ ‌ما ذا باع‌ و بكم‌ باع‌ و المشتري‌ كذلك‌ و ‌لا‌ يبقي‌ بينهما مجال‌ للنزاع‌ ‌أو‌ الخصومة، فاعرفه‌ جيداً.

و ‌من‌ هنا تعلم‌ مادة (221) ‌كما‌ يصح‌ بيع‌ العقار بالذراع‌ و الجريب‌ يصح‌ بتعيين‌ حدودها أيضاً، ‌كل‌ ‌ذلك‌ ‌لما‌ عرفت‌ ‌من‌ ‌إن‌ ملاك‌ الصحة ارتفاع‌ الجهالة و ‌هو‌ واضح‌ كوضوح‌ مادة (222) انما يعتبر القدر ‌ألذي‌ يقع‌ ‌عليه‌ العقد ‌لا‌ ‌غيره‌، و ‌مما‌ تقدم‌ أيضاً يتضح‌ ‌ما ذكروه‌ ‌في‌ مادة (223) المكيلات‌ و العدديات‌ المتقاربة ‌الّتي‌ ‌ليس‌ ‌في‌ تبعيضها ضرر ‌إذا‌ بيع‌ جملة ‌منها‌ ‌مع‌ بيان‌ قدرها، صح‌ البيع‌ سواء سمي‌ ثمنها فقط ‌أو‌ فصل‌ لكل‌ كيل‌ ‌أو‌ فرد ‌أو‌ رطل‌ ‌منها‌ ثمناً ‌علي‌ حدة فإذا وجد تاما ‌عند‌ التسليم‌ لزم‌ البيع‌ و ‌إذا‌ ظهر ناقصا ‌كان‌ المشتري‌ مخيراً ‌إن‌ شاء فسخ‌ و ‌إن‌ شاء أخذ الموجود بحصته‌ ‌من‌ الثمن‌ و ‌هو‌ خيار تبعيض‌ الصفقة، ‌أما‌ الزيادة فهي‌ للبائع‌ قطعاً و المثال‌ واضح‌ ‌فلا‌ حاجة ‌إلي‌ التطويل‌

 (مادة 224) ‌لو‌ باع‌ مجموعاً ‌من‌ الموزونات‌ ‌الّتي‌ ‌في‌ تبعيضها ضرر و ‌بين‌ قدره‌ و ذكر ثمن‌ مجموعه‌ و حين‌ وزنه‌ و تسليمه‌ ظهر ناقصا ‌عن‌ القدر

فالمشتري‌ مخير ‌إن‌ شاء فسخ‌ و ‌إن‌ شاء أخذ الموجود بجميع‌ الثمن‌ المسمي‌ ‌لأن‌ النقص‌ بمنزلة العيب‌ و ‌لا‌ حصة للوصف‌ ‌من‌ الثمن‌ فليس‌ للمشتري‌ تنقيص‌ الثمن‌ ‌كما‌ ‌هو‌ ‌الحكم‌ بخيار العيب‌.

‌هذا‌ ‌الحكم‌ أيضاً واضح‌ فان‌ النقص‌ ‌إذا‌ ‌كان‌ بمنزلة العيب‌ فهو مخير ‌بين‌ الفسخ‌ و الإمضاء ‌مع‌ المطالبة بالأرش‌ ‌أو‌ الإمضاء بغير أرش‌. ‌فإن‌ الأوصاف‌ و ‌إن‌ ‌كانت‌ ‌لا‌ تقابل‌ بالاعواض‌ ‌كما‌ سبق‌ ‌في‌ صدر الكتاب‌ و ‌لكن‌ النقص‌ ‌ليس‌ فقد وصف‌ ‌بل‌ فقد جزء و ‌لا‌ ريب‌ ‌إن‌ الثمن‌ يقسط ‌علي‌ الاجزاء و الأبعاض‌ و ‌إن‌ ‌لم‌ يقسط ‌علي‌ الأوصاف‌ فالزيادة و النقيصة لها شأن‌ و ملاحظة و ‌لا‌ تذهب‌ ‌علي‌ البائع‌ و ‌لا‌ المشتري‌.

و «تحرير الفرع‌» ‌إن‌ المتبايعين‌ ‌إذا‌ اتفقا ‌علي‌ المعاملة ‌علي‌ جملة مجموعة سواء ‌كان‌ ‌في‌ تبعيضها ضرر أم‌ ‌لا‌ كقطعة لحم‌ ‌أو‌ فص‌ جوهر و عينا وزنه‌ و قيمته‌ ‌علي‌ الجملة ‌فإن‌ لوحظ الوزن‌ ‌ألذي‌ ذكراه‌ ‌من‌ باب‌ التقييد ‌ثم‌ انكشف‌ زيادته‌ ‌أو‌ نقصه‌ فاللازم‌ ‌الحكم‌ حينئذ اما بالبطلان‌ ‌أو‌ الخيار ‌علي‌ اختلاف‌ الاعتبارين‌ ‌من‌ ‌أنّه‌ ‌من‌ قبيل‌ المتباينين‌ ‌أو‌ ‌من‌ قبيل‌ تخلف‌ الشرط و ‌إن‌ لوحظ ‌علي‌ نحو الداعي‌ اي‌ ‌إن‌ المقصود بيع‌ ‌هذه‌ الجملة بالثمن‌ المعين‌ كيف‌ ‌ما ‌كان‌ و انما ذكرا الوزن‌ المخصوص‌ ‌لا‌ ‌علي‌ جهة التقييد ‌بل‌ ‌علي‌ نحو الصفة التوضيحية ‌لا‌ الاحترازية و ‌يكون‌ ‌من‌ باب‌ الخطأ ‌في‌ التطبيق‌ فالبيع‌ صحيح‌ ‌حتي‌ ‌مع‌ انكشاف‌ النقيصة ‌أو‌ الزيادة و ‌لا‌ خيار و ‌ليس‌ للبائع‌ و ‌لا‌ ‌عليه‌‌شيء‌، فليتدبر.

‌هذا‌ و ‌لكن‌ الغالب‌ ‌كما‌ ‌في‌ مثال‌ المصاغ‌ و الجوهر و غيرهما ‌هو‌ اعتبار القيدية فيكون‌ ‌له‌ الخيار ‌بين‌ الفسخ‌ و ‌بين‌ الأخذ بحسابه‌ ‌كما‌ ‌في‌ مادة

(225) ‌إذا‌ بيع‌ مجموع‌ ‌من‌ الموزونات‌ ‌الّتي‌ ‌في‌ تبعيضها ضرر ‌مع‌ بيان‌ مقداره‌ و بيان‌ أثمان‌ اقسامه‌ و اجزائه‌ و تفصيلها ‌ثم‌ ظهر وقت‌ التسليم‌ زائداً ‌أو‌ ناقصاً

إلخ‌ .. و ‌إن‌ ‌كان‌ المثالان‌ مختلفين‌ و احتمال‌ البطلان‌ هنا بعيد ‌بل‌ ‌هو‌ مخير ‌بين‌ الفسخ‌ و ‌بين‌ أخذ المجموع‌ بحسابه‌ و ربما يختلف‌ ‌الحكم‌ باختلاف‌ التعبير و القصد فإذا ‌قال‌: بعتك‌ ‌هذه‌ الصبرة ‌علي‌ انها وزنه‌ و ‌كل‌ حقة ‌منها‌ بدرهم‌ فانكشف‌ أنها أقل‌ ‌كان‌ ‌له‌ الخيار ‌بين‌ الأخذ بحسابها ‌أو‌ الفسخ‌ ‌في‌ الجميع‌، اما ‌لو‌ ‌قال‌: بعتك‌ ‌هذه‌ الجملة بقيد كونها وزنة بكذا ‌ثم‌ انكشف‌ الزيادة ‌أو‌ النقصان‌ توجه‌ البطلان‌.

و «الحاصل‌» ‌إن‌ المقاصد و التعابير تختلف‌ فيختلف‌ ‌الحكم‌ فاللازم‌ دقة الملاحظة ‌في‌ ‌كل‌ مورد بحسبه‌.

(مادة 227) ‌إذا‌ بيع‌ المجموع‌ ‌من‌ العدديات‌ المتفاوتة و ‌بين‌ مقدار ثمن‌ ‌ذلك‌ المجموع‌ فقط فان‌ ظهر ‌عند‌ التسليم‌ تاماً لزم‌ البيع‌

و ‌إذا‌ ظهر ناقصاً ‌أو‌ زائداً ‌كان‌ البيع‌ ‌في‌ الصورتين‌ فاسدا، مثلا‌-‌ ‌إذا‌ بيع‌ قطيع‌ غنم‌ ‌علي‌ ‌أنّه‌ خمسون‌ رأسا بألف‌ و خمسمائة قرش‌ ‌ثم‌ ظهر خمسة و أربعين‌ رأسا ‌عند‌ التسليم‌ ‌أو‌ خمسة و خمسين‌ فالبيع‌ فاسد.

‌لا‌ يظهر وجه‌ صحيح‌ هنا لفساد البيع‌ ‌بل‌ الصحة ‌فيه‌ اولي‌ ‌من‌ الصحة ‌في‌ مادة (225) و ‌هي‌ ‌إذا‌ بيع‌ مجموع‌ ‌من‌ الموزونات‌ ‌الّتي‌ ‌في‌ تبعيضها ضررإلخ‌ .. فقد حكمت‌ (المجلة) ‌فيها‌ بالصحة ‌مع‌ الخيار ‌بين‌ الفسخ‌ و ‌بين‌ أخذ المجموع‌ بحسابه‌ فإذا ‌كان‌ المجموع‌ ‌ألذي‌ ‌في‌ قسمته‌ ضرر كمنقل‌ ‌من‌ نحاس‌ ‌لا‌ يفسد البيع‌ بنقصه‌ ‌أو‌ زيادته‌ فبالأولي‌ ‌أن‌ يصح‌ مالا ضرر ‌في‌ قسمته‌ كقطيع‌ الغنم‌، و مقتضي‌ القاعدة ‌أن‌ يصح‌ بحسابه‌ ‌كما‌ صح‌ هناك‌ ‌بل‌ ‌من‌ المرجح‌ ‌أن‌ يتعين‌ ‌هذا‌ و ‌لا‌ ‌يكون‌ ‌له‌ خيار بينه‌ و ‌بين‌ الفسخ‌ أصلا للفرق‌ الواضح‌ ‌بين‌ الأبعاض‌ الاعتبارية و الوحدة الحقيقة و ‌بين‌ الأبعاض‌ الحقيقة و الوحدة الاعتبارية ‌فإن‌ قطيع‌ الغنم‌ ‌ليس‌ وحدته‌ الا اعتبارية و انما ‌هي‌ وحدات‌ واقعية اعتبر مجموعها شيئاً واحداً بخلاف‌ المنقل‌ فإنه‌ واحد حقيقة و ينحل‌ بالاعتبار ‌إلي‌ أجزاء فالعقد ‌علي‌ تلك‌ الوحدات‌ ينحل‌ ‌إلي‌ عقود متعددة فكل‌ رأس‌ ‌من‌ الغنم‌ مبيع‌ مستقل‌ فإذا وقع‌ العقد الواحد ‌علي‌ خمسين‌ و ‌كانت‌ خمسة و أربعين‌ فنقص‌ الخمسة ‌لا‌ يقدح‌ ‌في‌ وقوع‌ العقد ‌علي‌ ‌كل‌ واحد ‌من‌ الخمسة و أربعين‌ فيكون‌ لازما ‌لا‌ خيار ‌فيه‌ و ‌لكن‌ بمقداره‌ و ‌هذا‌ بخلاف‌ منقل‌ النحاس‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ خمسون‌ رطلا فان‌ العقد واحد و ‌قد‌ وقع‌ ‌علي‌ ‌شيء‌ واحد غايته‌ ‌إن‌ العقل‌ يحلله‌ ‌إلي‌ أبعاض‌ و ‌هي‌ الأرطال‌ و ‌حيث‌ انكشف‌ ‌عدم‌ وجود ‌ما وقع‌ العقد ‌عليه‌ فيقتضي‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ فاسداً و ‌لكن‌ بالنظر ‌إلي‌ التحليل‌ الاعتباري‌ و ‌إن‌ الموجود ‌بعض‌ المبيع‌ فيكون‌ ‌له‌ الخيار نظير تبعيض‌ الصفقة و ‌علي‌ ‌كل‌ حال‌ فقد ظهر ‌إن‌ الصحة هنا اولي‌ ‌من‌ الصحة هناك‌ و ‌إن‌ حكم‌ (المجلة) بان‌ البيع‌ ‌في‌ الصورتين‌ فاسد‌-‌ فاسد.

(و فذلكة الحساب‌ ‌في‌ ‌هذا‌ الباب‌)

انك‌ ‌إذا‌ بعت‌ جملة ‌من‌ ذوات‌ الكم‌ المتصل‌ كقطعة أرض‌ ‌أو‌ طاقة قماش‌ ‌أو‌ منقلة صفر و أمثال‌ ‌ذلك‌ و عينت‌ عدد الأذرع‌ ‌في‌ أمثال‌ الأولين‌ ‌أو‌ الوزن‌ ‌في‌ أمثال‌ الأخير. و جعلت‌ ثمناً واحداً للمجموع‌ فان‌ ‌كان‌ البيع‌ كلياً ‌ثم‌ دفعت‌ المصداق‌ فظهر ‌أنّه‌ أكثر ‌أو‌ أقل‌ فله‌ ‌إن‌ يطالبك‌ بالتكملة ‌في‌ ‌الأوّل‌ و لك‌ ‌إن‌ تطالبه‌ بالزائد ‌في‌ ‌الثاني‌ ليتحقق‌ مصداق‌ الكلي‌ المبيع‌ حسب‌ الفرض‌ و ‌ليس‌ ‌له‌ الفسخ‌، و ‌إن‌ ‌كان‌ البيع‌ شخصياً فقلت‌ بعتك‌ ‌هذه‌ الأرض‌ ‌الّتي‌ ‌هي‌ ألف‌ فدان‌ فظهر أنها أقل‌ ‌أو‌ أكثر فله‌ الخيار ‌إن‌ شاء يأخذ الموجود بحسابه‌ ‌بعد‌ توزيع‌ الثمن‌ المسمي‌ ‌علي‌ الالف‌ و ‌إن‌ شاء الفسخ‌ و ‌كذا‌ ‌في‌ صورة الزيادة و ‌يكون‌ كبيع‌ جديد بالنسبة ‌إلي‌ الزائد و ‌له‌ الفسخ‌ أيضاً سواء عين‌ للجملة ثمناً ‌أو‌ لكل‌ فدان‌ مقداراً و ‌علي‌ ‌هذا‌ المنوال‌‌-‌ بيع‌ ذوات‌ الكم‌ المنفصل‌ ‌من‌ المعدودات‌ و ‌ما يلحق‌ ‌بها‌ ‌من‌ الأطعمة و الحبوب‌ المكيلة و الموزونة ‌فإن‌ الكيل‌ يرجع‌ ‌إلي‌ الوزن‌ و الوزن‌ يضبط أخيراً بالعدد كوزنه‌ وزنتين‌ و هكذا، ففي‌ البيع‌ الكلي‌ و ظهور النقيصة ‌له‌ المطالبة بالمصداق‌ و ‌مع‌ الزيادة يأخذها البائع‌ ليبقي‌ للمشتري‌ حقه‌ و ‌هو‌ المصداق‌ و ‌لا‌ فسخ‌ ‌في‌ الصورتين‌، اما ‌في‌ البيع‌ الشخصي‌ فكل‌ منهما مخير ‌بين‌ الفسخ‌ و ‌بين‌ الإمضاء بالحساب‌ فاغتنم‌ ‌هذا‌ البيان‌ فلعلك‌ ‌لا‌ تجده‌ ‌في‌ ‌غير‌ ‌هذا‌ الكتاب‌، و ‌منه‌ تعرف‌ ‌ما ‌في‌ مادة

(228)، ‌إذا‌ بيع‌ مجموع‌ ‌من‌ العدديات‌‌-‌ إلخ‌ .. ‌فإن‌ ‌الحكم‌ بالخيار ‌في‌ صورة النقيصة كالحكم‌ بالفساد ‌في‌ صورة الزيادة ‌لا‌ وجه‌ ‌له‌ أصلا

و الحق‌ ‌إن‌ البيع‌ صحيح‌ ‌علي‌ جميع‌ التقارير غايته‌ ‌أنّه‌ ‌مع‌ الخيار تارة و بلا خياراخري‌، ‌كما‌ ‌إن‌ مادة (229) ‌في‌ الصور ‌الّتي‌ يخير ‌فيها‌ المشتري‌ ‌من‌ المواد السابقة ‌إذا‌ قبض‌ المشتري‌ المبيع‌ ‌مع‌ علمه‌ بأنه‌ ناقص‌ ‌لا‌ يخير ‌في‌ الفسخ‌ ‌بعد‌ القبض‌ ‌نعم‌ ‌لا‌ خيار ‌له‌ بالفسخ‌ ‌مع‌ علمه‌ ‌لأن‌ قبضه‌ ظاهر ‌في‌ رضاه‌ بالعقد و ‌لكن‌ ‌له‌ حق‌ المطالبة بالنقيصة ‌كما‌ ‌إن‌ دفع‌ البائع‌ ‌مع‌ علمه‌ بالزيادة ‌لا‌ يمنعه‌ ‌من‌ الرجوع‌ ‌به‌ و ‌هو‌ اعلم‌ بقصده‌ ‌إن‌ ‌قال‌ قصدت‌ الأمانة ‌أو‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما