دوشنبه 10 ارديبهشت 1403  
 
 
(الباب‌ ‌الأوّل‌) فصل اول

 (الباب‌ ‌الأوّل‌) ‌في‌ بيان‌ المسائل‌ المتعلقة بعقد البيع‌

  


و ‌فيه‌ خمسة فصول‌

(الفصل‌ ‌الأوّل‌) فيما يتعلق‌ بركن‌ البيع‌
(مادة 157) البيع‌ ينعقد بإيجاب‌ و قبول‌.

العناصر ‌الّتي‌ يتركب‌ البيع‌ ‌منها‌ ستة، (البائع‌، المشتري‌، المبيع‌، الثمن‌، الإيجاب‌، القبول‌).

و الأركان‌ ‌منها‌ أربعة.

(الثمن‌ و المثمن‌ و الإيجاب‌ و القبول‌) و لكل‌ واحد ‌من‌ تلك‌ العناصر شروط، أهمها ‌بعد‌ الشروط العامة (القصد) و معلومية العوضين‌ بوجه‌ يرفع‌ الجهالة الموجبة للغرر، و هذان‌ الأمران‌ شروط و كنية و سيأتي‌ ذكر باقي‌ الشروط ‌في‌ الأمور المتعاقبة و ‌قد‌ ظهر ‌من‌ طي‌ المباحث‌ المغايرة ‌إن‌ حقيقة البيع‌ سواء جعلناه‌ تبديلا ‌أو‌ مبادلة ‌أو‌ تمليكا ‌أو‌ تملكا و نقلا ‌أو‌ انتقالا‌-‌ ‌هي‌ ‌من‌ مقولة المعاني‌ الإنشائية ‌لا‌ يكفي‌ ‌في‌ تحققها قرارها الذهني‌ و وجودها التصوري‌ ‌بل‌ ‌لا‌ بدّ لها ‌من‌ مظهر خارجي‌ تظهر ‌فيه‌ و تتحقق‌ ‌به‌ و ‌ألذي‌ يتحقق‌ ‌به‌ إنشاء البيع‌ اما قول‌ ‌أو‌ فعل‌ فالإنشاء

القولي‌ ‌هو‌ العقد ‌ألذي‌ يتحقق‌ بالإيجاب‌ و القبول‌، و الإنشاء الفعلي‌ ‌هو‌ المعاطاة ‌ألذي‌ سيأتي‌ بحثها، فكان‌ الجدير (بالمجلة) ‌إن‌ تقول‌ ‌إن‌ البيع‌ العقدي‌ ‌هو‌ ‌ألذي‌ ينعقد بالإيجاب‌ و القبول‌ ‌لا‌ مطلق‌ البيع‌.

(مادة: 158) الإيجاب‌ و القبول‌ ‌في‌ البيع‌ عبارة ‌عن‌ ‌كل‌ لفظين‌ مستعملين‌ لإنشاء البيع‌ ‌في‌ عرف‌ البلد:

المراد بهذه‌ المادة بيان‌ ‌إن‌ البيع‌ ‌لا‌ يشترط ‌فيه‌ صيغة خاصة ‌بل‌ يتحقق‌ بكل‌ لفظين‌ يستعملان‌ ‌فيه‌ حسب‌ العرف‌ الخاص‌ أعم‌ ‌من‌ كون‌ الاستعمال‌ ‌علي‌ نحو الحقيقة ‌أو‌ المجاز ‌بل‌ يعم‌ إطلاق‌ الاستعمال‌ ‌حتي‌ الغلط ‌في‌ العربية ‌إذا‌ جري‌ ‌عليه‌ عرف‌ البلد و اخرج‌ بقوله‌ (لفظين‌) الإشارة و نحوها، و ‌هذا‌ ‌من‌ البحوث‌ المهمة ‌في‌ باب‌ البيع‌ ‌بل‌ مطلق‌ العقود، و تحريره‌ يستدعي‌ النظر ‌في‌ جهات‌،

الاولي‌‌-‌: ‌إن‌ البيع‌ ‌بل‌ عامة العقود هل‌ يتوقف‌ صدق‌ العقد عليها ‌علي‌ إنشائها بألفاظ ‌أو‌ يتحقق‌ عقديتها بإنشائها و ‌لو‌ بالفعل‌

كالتعاطي‌ ‌أو‌ الإشارة ‌أو‌ الكتابة ‌أو‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌ و ‌قد‌ اختلف‌ الفقهاء ‌في‌ ‌ذلك‌ و الذين‌ ذهبوا ‌إلي‌ ‌إن‌ المعاطاة ‌لا‌ تفيد التمليك‌ بنوا ‌ذلك‌ ‌علي‌ اعتبار اللفظ ‌في‌ العقود و لخلو التعاطي‌ ‌عنه‌ ‌لا‌ تكون‌ المعاطاة عقداً ‌فلا‌ ‌يكون‌ مفادها التمليك‌ ‌بل‌ الإباحة و الاذن‌ و الظاهر اتفاقهم‌ ‌علي‌ ‌إن‌ إشارة القادر ‌علي‌ اللفظ ‌لا‌ تكون‌ عقداً ‌كما‌ ‌إن‌ كتابته‌ كذلك‌ ‌كما‌ اتفقوا ‌علي‌ ‌إن‌ إشارة العاجز كالأخرس‌ و كتابته‌ تكون‌ عقداً بنظر العرف‌ ‌مع‌ العجز ‌عن‌ التوكيل‌ ‌أو‌ مطلقاً ‌كما‌ ‌هو‌ الأقوي‌ ‌لأن‌ إشارته‌ عندهم‌ تقوم‌ مقام‌ لفظه‌ و لذا قدمهاالأكثر ‌علي‌ الكتابة لأنها ليست‌ ألفاطاً و ‌لا‌ تقوم‌ مقام‌ اللفظ، ‌نعم‌ ‌هي‌ تحكي‌ ‌عن‌ الألفاظ و الألفاظ تحكي‌ ‌عن‌ المعاني‌، و اما كفاية الفعل‌ كالتعاطي‌ ‌عن‌ القول‌، فسيأتي‌ تحقيقه‌ ‌إن‌ شاء اللّه‌، فلو قلنا بعدم‌ صدق‌ العقد ‌علي‌ الفعل‌ و نحوه‌ ‌من‌ ‌غير‌ الألفاظ و ‌عدم‌ تأثير ‌غير‌ ‌ما دلت‌ السيرة ‌علي‌ تأثيره‌ و شككنا ‌في‌ اعتبار ‌شيء‌ ‌في‌ التأثير فالمرجع‌ طبعاً ‌إلي‌ أصالة ‌عدم‌ التأثير و ‌لا‌ إطلاق‌ يرجع‌ اليه‌ بخلاف‌ ‌ما ‌لو‌ قلنا يعدم‌ اختصاص‌ صدق‌ العقد بالألفاظ ‌فإن‌ المرجع‌ بحكم‌ الإطلاق‌ ‌إلي‌ أصالة الصحة الناشئة ‌من‌ أصالة ‌عدم‌ الاعتبار.

الثانية‌-‌: بناء ‌علي‌ اعتبار الألفاظ ‌في‌ صدق‌ طبيعة العقد فهل‌ يعتبر ‌فيها‌ ألفاظ مخصوصة

‌أو‌ يكفي‌ ‌كل‌ ‌ما دل‌ ‌علي‌ طبيعة العقد ‌أو‌ ‌مما‌ استعمل‌ ‌فيه‌ مجازاً ‌أو‌ غلطاً و ‌لو‌ بالقرينة فكما يتحقق‌ طبيعة البيع‌ بإنشائه‌ بالألفاظ الخاصة بالإيجاب‌ مثل‌ بعت‌ و شريت‌ ‌أو‌ الخاصة بالقبول‌ مثل‌ اشتريت‌ و ابتعت‌ و قبلت‌. كذلك‌ يتحقق‌ بالألفاظ الدالة ‌عليه‌ باللازم‌ مثل‌ ملكت‌ و نقلت‌ و عاوضت‌ و أمثالها ‌فإن‌ حقيقة البيع‌ ‌هي‌ المبادلة و ‌هي‌ ‌من‌ لوازم‌ تلك‌ العناوين‌ ‌بل‌ ‌بما‌ ‌هو‌ أوسع‌ و أبعد كاستعمال‌ اللوازم‌ العامة مثل‌ خذ ‌هذا‌ بكذا ‌أو‌ ‌هو‌ لك‌ بكذا و ‌ما أشبه‌ ‌ذلك‌، و يتمطي‌ الجواز ‌حتي‌ يتناول‌ استعمال‌ صيغة عنوان‌ عقد خاص‌ ‌في‌ عقد آخر فيستعمل‌ البيع‌ ‌في‌ الإجارة: فتقول‌ بعتك‌ منفعة الدار بكذا. و الإجارة بالبيع‌ فتقول‌:

آجرتك‌ الدابة ملكا بكذا. و البيع‌ ‌في‌ الهبة مثل‌‌-‌ بعتك‌ الكتاب‌ بلا عوض‌ و بالعكس‌ مثل‌‌-‌ وهبتك‌ الثوب‌ بعوض‌ ‌كذا‌ و يطرد ‌هذا‌

‌في‌ سائر العقود فما ‌كانت‌ هناك‌ مناسبة و علاقة ‌كان‌ مجازا و الا ‌كان‌ غلطا و ‌لا‌ منافات‌ ‌عند‌ المجوز ‌بين‌ غلطية اللفظ و صحة العقد لان‌ المدار ‌في‌ العقد عنده‌ ‌علي‌ تحقق‌ الإنشاء باللفظ مهما ‌كان‌، ‌هذا‌ تصفية تصوير الوجوه‌ و الأقوال‌ ‌علي‌ الإجمال‌، اما التحقيق‌ عندنا فهو ‌إن‌ عناوين‌ العقود الخاصة، كالبيع‌ و الإجارة و الصلح‌ و الهبة و نظائرها ‌لا‌ تتحقق‌ ‌إلا‌ بإنشائها بالألفاظ و ‌لا‌ يلزم‌ ‌إن‌ تكون‌ تلك‌ الألفاظ مشتقة ‌من‌ نفس‌ ألفاظ عناوينها ‌بل‌ يكفي‌ ‌كل‌ لفظ دل‌ عليها ‌في‌ نفس‌ ‌ذلك‌ الاستعمال‌ و ‌لو‌ بمعونة القرينة حالية ‌أو‌ مقالية فالمدار ‌علي‌ التفاهم‌ ‌بين‌ المتعاملين‌ و ‌إن‌ يفهم‌ ‌كل‌ منهما مراد الآخر ‌حتي‌ يقع‌ القبول‌ مطابقاً للإيجاب‌ سواء ‌كان‌ استعمال‌ تلك‌ الألفاظ فيما قصداه‌، صحيحاً ‌أو‌ غلطاً، حقيقة ‌أو‌ مجازا، و أفق‌ عرف‌ البلد ‌أو‌ خالفه‌، لان‌ العقد ‌ليس‌ الا إنشاء المعني‌ بلفظ مفهم‌ للمقصود بنفسه‌ ‌أو‌ بالقرينة. و ‌لا‌ نقول‌: ‌إن‌ العقد منحصر بالإنشاء اللفظي‌ ‌بل‌ نقول‌ ‌إن‌ الإنشاء اللفظي‌ عقد قطعاً ‌بل‌ أظهر أنواع‌ العقد اما ‌أنّه‌ يتحقق‌ بالإنشاء الفعلي‌ أم‌ ‌لا‌ فسيأتي‌ تحقيقه‌ قريبا ‌إن‌ شاء اللّه‌ و (بالجملة) ‌فلا‌ نجد العرف‌ يعتبر ‌في‌ حقيقة العقد أكثر ‌من‌ القصد ‌إلي‌ إيجاد المعني‌ باللفظ و لازم‌ قصد إيجاده‌ و تحقيقه‌ التزامه‌ ‌به‌ ‌حتي‌ ‌في‌ العقود الجائزة ‌فإن‌ العقد الجائز ‌أيضا‌ ‌قد‌ التزم‌ الطرفان‌ بمضمونه‌ و ‌لكن‌ ‌ما دام‌ العقد و غاية الفرق‌ بينه‌ و ‌بين‌ اللازم‌ ‌إن‌ ذاك‌ ‌له‌ ‌إن‌ يحله‌ متي‌ شاء بخلاف‌ ‌الثاني‌. اما ‌في‌ ظرف‌ ‌عدم‌ حله‌ فيجب‌ الوفاء ‌به‌ و تترتب‌ آثاره‌ ‌عليه‌ و ‌قد‌ أشرنا فيما سبق‌ ‌إلي‌ ‌إن‌ وجوب‌ الوفاء ‌في‌ الآية يمكن‌ ‌إن‌ يعم‌ ‌كل‌ عقد خرج‌ بالدليل‌العقود الجائزة ‌من‌ ‌حيث‌ جواز حلها و ‌ما عدا ‌ذلك‌ فيجب‌ العمل‌ ‌علي‌ طبقها ‌فيها‌ و ‌في‌ سائر العقود و ‌هذا‌ ‌هو‌ مدرك‌ أصالة العقود ‌كما‌ تقدم‌.

و القصاري‌ ‌إن‌ العقد يتحقق‌ عرفا بإنشاء معناه‌ لفظا مطلقا بشرط إفهام‌ القصد و المراد و ‌لو‌ بالقرينة و ‌لكن‌ اللزوم‌ الشرعي‌ و وجوب‌ الوفاء يمكن‌ منع‌ شموله‌ لكل‌ عقد عرفي‌ ‌حتي‌ ‌ما أنشأ باللفظ الغير الموضوع‌ لذلك‌ العنوان‌ و سره‌ ‌إن‌ اللام‌ ‌في‌ العقود ‌الّتي‌ ‌في‌ الآية ظاهرة ‌في‌ العهد ‌لا‌ الجنس‌ فيكون‌ ‌الحكم‌ ثابتا للعقود المعهودة ‌في‌ العرف‌ الشائعة فيما بينهم‌ ‌لا‌ مطلق‌ ‌ما يستعملونه‌ و ‌من‌ المعلوم‌ ‌إن‌ الشائع‌ المتداول‌ ‌من‌ العقود عندهم‌ ‌هو‌ ‌ما ‌كان‌ إنشاؤه‌ بالألفاظ المنتزعة ‌من‌ عنوان‌ ‌ذلك‌ العقد فالمتداول‌ ‌من‌ عقد البيع‌ ‌هو‌ ‌ما يشتق‌ ‌من‌ ‌هذا‌ العنوان‌ و أخواته‌ مثل‌: بعت‌ و اشتريت‌، و شريت‌ و ابتعت‌ و قبلت‌ ‌لا‌ مثل‌ ملكت‌ (بالتشديد) و تملكت‌ و نقلت‌ و عاوضت‌ و أشباه‌ ‌ذلك‌، و هكذا عقد الإجارة ‌فإن‌ المتعارف‌ المتداول‌ ‌ما يشتق‌ ‌من‌ عنوانه‌ كاجرت‌ ‌لا‌ ‌من‌ لوازمها و توابعها مثل‌ تمليك‌ المنفعة و نحوها و هكذا الكلام‌ ‌في‌ سائر العقود ذوات‌ العناوين‌ الخاصة كالهبة و الصلح‌ و المزارعة و المساقات‌ فكل‌ عقد ‌كان‌ إنشاؤه‌ بألفاظ منتزعة ‌من‌ عنوانه‌ فهو لازم‌ ‌يجب‌ الوفاء ‌به‌ و الا فشمول‌ الدليل‌ ‌له‌ ‌غير‌ معلوم‌ و الأصل‌ هنا ‌عدم‌ اللزوم‌ ‌عند‌ الشك‌ ‌في‌ شمول‌ الدليل‌ لعدم‌ إحراز العموم‌ ‌أو‌ الإطلاق‌ ‌فإن‌ مصب‌ العموم‌ ضيق‌ ‌كما‌ عرفت‌، إذاً فليس‌ ‌كل‌ عقد عرفاً ‌يجب‌ الوفاء ‌به‌ شرعا ‌بل‌ ‌هي‌ تلك‌ العقود الخاصة بعناوينها المخصوصة و ‌منه‌ يستبين‌ حال‌ استعمال‌ الكنايات‌ القريبة ‌أو‌ البعيدة مثل‌«بارك‌ اللّه‌ لك‌ ‌في‌ صفقتك‌» ‌أو‌ «شايف‌ الخير»، و نحو ‌ذلك‌ ‌مما‌ يستعمله‌ العرف‌ ‌بعد‌ المساومة لإطلاق‌ البيع‌ و إظهار الموافقة، ‌فإن‌ قصد ‌به‌ القائل‌ إنشاء البيع‌ ‌كما‌ ‌هو‌ الغالب‌ ‌حيث‌ يريدون‌ ‌به‌ معني‌ بعتك‌ فهو عقد و ‌لكن‌ لزومه‌ ‌غير‌. معلوم‌ ‌علي‌ ‌إن‌ تحقق‌ الإنشاء ‌به‌ محل‌ نظر ‌فإن‌ إنشاء اللازم‌ ‌ليس‌ إنشاء للملزوم‌ فان‌ الدعاء بالبركة و ‌إن‌ ‌كان‌ لازمة ‌إن‌ ‌يكون‌ ‌له‌ و لكنه‌ ‌ليس‌ إنشاء لجعله‌ ‌له‌ فهو محتاج‌ ‌إلي‌ عناية أخري‌ بأن‌ ينسلخ‌ ‌عن‌ معني‌ الدعاء و يتمحض‌ لنوع‌ آخر ‌من‌ الإنشاء و ‌إن‌ ‌لم‌ يقصد النقل‌ و التمليك‌ ‌فلا‌ إشكال‌ ‌في‌ ‌عدم‌ كفايته‌، ‌هذا‌ كله‌ ‌من‌ ‌حيث‌ مواد الألفاظ ‌الّتي‌ تستعمل‌ لإنشاء البيع‌ و سائر العقود، اما ‌من‌ ‌حيث‌ الهيئات‌ فيتضح‌ بالنظر ‌في‌‌-‌:

(الجهة الثالثة) و ‌هي‌ ‌إن‌ البيع‌ و نحوه‌ ‌من‌ العقود، ‌لما‌ ‌كان‌ ‌من‌ المعاني‌ الإيجادية ‌الّتي‌ ‌لا‌ حقيقة لها ‌في‌ الخارج‌ الا بنفس‌ إنشائها و إيجادها

فإذا أنشئت‌ تحققت‌ و وجدت‌، و ‌حيث‌ ‌إن‌ هيئة الماضي‌ ‌هي‌ الصريحة ‌في‌ الدلالة ‌علي‌ الثبوت‌ و تحقق‌ الوقوع‌ و مفادها الصريح‌ تحقق‌ نسبة وقوع‌ الفعل‌ ‌من‌ الفاعل‌ و لذا ‌كان‌ بذاته‌ مجرداً ‌عن‌ الزمان‌ و انما يدل‌ ‌علي‌ الزمن‌ باللازم‌ ‌عند‌ الإطلاق‌ و كثيراً ‌ما يطلق‌ ‌علي‌ نسبة وقوع‌ الفعل‌ ‌في‌ المستقبل‌ بغير عناية و تجوز مثل‌ (إِذا جاءَ نَصرُ اللّه‌ِ) و (أَتي‌ أَمرُ اللّه‌ِ)، و نظائرها فمدلول‌ ‌هذه‌ الصيغة الخاصة مطابقة ‌هو‌ الثبوت‌ و التحقق‌ فإذا استعملت‌ ‌في‌ العقود ‌من‌ بيع‌ و نحوه‌ دلت‌ صراحة ‌علي‌ تحقق‌ وقوع‌ معانيها و ثبوتها فكانت‌ ‌هي‌ الهيئةالصريحة ‌في‌ إنشاء تلك‌ المعاني‌ المحتاجة ‌إلي‌ ‌ما يدل‌ ‌علي‌ تحقق‌ وقوعها إذ ‌لا‌ حقيقة لها ‌إلا‌ بإنشاء ثبوتها و تحقيقها، اما هيئة المضارع‌ فمدلولها الصميم‌ ‌ليس‌ الا نسبة المبدء ‌إلي‌ الذات‌ اي‌ الفعل‌ ‌إلي‌ الفاعل‌ فهو كاسم‌ الفاعل‌ حقيقة و لذا سمي‌ بالمضارع‌ سوي‌ ‌إن‌ الفعل‌ يدل‌ ‌علي‌ نسبة المبدإ ‌إلي‌ الذات‌ و تلبسها ‌به‌ و اسم‌ الفاعل‌ يدل‌ ‌علي‌ تلبس‌ الذات‌ بالمبدإ و نسبتها ‌له‌ فهو مترتب‌ ‌عليه‌ و متأخر رتبة ‌عنه‌ فتقول‌: يضرب‌ فهو ضارب‌، و ‌هو‌ أيضاً مجرد ‌عن‌ الزمان‌ و يصلح‌ للماضي‌ ‌كما‌ ‌في‌ قولك‌: ‌لم‌ يضرب‌، و يتمحض‌ للاستقبال‌ ‌كما‌ ‌في‌ سوف‌ يضرب‌، و يتردد ‌بين‌ الحال‌ و الاستقبال‌ ‌كما‌ ‌لو‌ تجرد. و ‌علي‌ اي‌ فحيث‌ ‌إن‌ مدلولهما الصريح‌ تلبس‌ المبدأ بالذات‌ ‌أو‌ تلبس‌ الذات‌ بالمبدإ ‌من‌ دون‌ نظر ‌إلي‌ زمان‌ و ‌لا‌ ‌إلي‌ تحقق‌ ‌ذلك‌ ‌لم‌ يكن‌ صريحاً ‌في‌ الثبوت‌ و الوقوع‌ و ربما ‌يكون‌ ‌كل‌ منهما دالا ‌عليه‌ ‌عند‌ الإطلاق‌ و ‌لكن‌ باللازم‌ و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ المعتبر ‌في‌ العقود الصراحة و ‌إن‌ إنشاء أحد المتلازمين‌ ‌لا‌ يستلزم‌ إنشاء الآخر و ‌إن‌ ‌عدم‌ الانفكاك‌ ‌في‌ المتلازمين‌ انما ‌هو‌ ‌في‌ الخارجيات‌ ‌لا‌ الإنشائيات‌، (و القصاري‌) ‌أن‌ هيئة الماضي‌ ‌هي‌ الصريحة ‌في‌ العقود و سيما البيع‌، و لذا اتفقوا قولا واحدا ‌علي‌ تحقق‌ العقد ‌بها‌ و اختلفوا ‌في‌ المضارع‌ و اسم‌ الفاعل‌ و الحق‌ انهما ‌لا‌ يصلحان‌ لإنشاء المعاني‌ العقدية بهما الا ‌مع‌ القرينة فتقول‌: أنا بائع‌ تريد إنشاء البيع‌ و تحقيقه‌ بذلك‌ ‌مع‌ القرينة الواضحة ‌من‌ حال‌ ‌أو‌ مقال‌ فليس‌ ‌هو‌ و ‌لا‌ مضارعه‌ ‌من‌ صيغ‌ العقود الصريحة كالماضي‌ و اما صيغة الأمر و الطلب‌ مثل‌ بعني‌ ‌أو‌ زوجني‌ و نحوهما فهي‌ أبعد ‌من‌ المضارع‌و أخيه‌ بكثير إذ ‌ليس‌ ‌هو‌ إنشاء للبيع‌ ‌بل‌ طلب‌ إنشائه‌ ‌من‌ الغير فهو استدعاء محض‌ اما لزوماً ‌إن‌ ‌كان‌ ‌من‌ العالي‌ ‌أو‌ التماساً و رجاء ‌إن‌ ‌كان‌ ‌من‌ ‌غيره‌ فإذا ‌قال‌ بعني‌ و قلت‌ ‌له‌ بعتك‌ ‌لا‌ بد ‌من‌ ‌إن‌ يتبعه‌ بقوله‌ قبلت‌ و الا ‌فلا‌ عقد، إذاً فالماضي‌ ‌هو‌ المتعين‌ ‌في‌ العقود و ‌ما عداه‌ ‌لا‌ يكفي‌ ‌إلا‌ بتكلف‌ و عناية ‌لا‌ يصح‌ الاعتماد عليها ‌في‌ العقود، و ‌ما ورد ‌في‌ ‌بعض‌ الاخبار ‌من‌ كفاية الطلب‌ ‌حيث‌ ‌قال‌: زوجنيها ‌ يا ‌ رسول‌ اللّه‌، ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ لك‌ ‌بها‌ حاجة، و ‌ما ‌في‌ شراء العبد الآبق‌ و بيع‌ المصحف‌ و غيرها ‌مما‌ ‌هو‌ ظاهر ‌في‌ كفاية المضارع‌ و الأمر محمول‌ ‌علي‌ المقاولة ‌قبل‌ البيع‌ تمهيداً لإجراء الصيغة ‌لا‌ الاكتفاء بنفس‌ ‌ذلك‌ القول‌: ‌نعم‌ ‌في‌ خصوص‌ الطلاق‌ و العتق‌ ‌بل‌ و الوقوف‌ و الصدقات‌ جعل‌ الشارع‌ الصيغة المخصوصة لها أسماء الصفات‌ و اسم‌ الفاعل‌ مثل‌: أنت‌ طالق‌ و أنت‌ حر و داري‌ صدقة ‌أو‌ وقف‌ ‌كل‌ ‌ذلك‌ للدليل‌ الخاص‌ و ‌لا‌ ‌يجوز‌ التعدي‌ عنها ‌إلي‌ غيرها ‌فلا‌ يصح‌ داري‌ إجارة ‌أو‌ مأجورة و نحو ‌ذلك‌ قطعاً، اما اعتبار العربية ‌في‌ صيغ‌ العقود فان‌ ‌كان‌ المراد ‌به‌ ‌عدم‌ كفاية الألفاظ المرادفة للبيع‌ ‌في‌ اللغات‌ الأخري‌ فهذا ‌مما‌ ‌لا‌ دليل‌ ‌عليه‌ ‌بل‌ الأصح‌ ‌إن‌ الأدلة العامة (ك أَوفُوا بِالعُقُودِ) و (ك أَحَل‌َّ اللّه‌ُ البَيع‌َ) شاملة لكل‌ عقد ‌في‌ ‌كل‌ لغة غايته‌ انها ‌علي‌ نحو ‌ما حققناه‌ ‌من‌ كون‌ الملحوظ ‌فيها‌ العقود المنشأة بألفاظها المأخوذة ‌من‌ عناوينها الخاصة سواء ‌في‌ لغة العرب‌ ‌أو‌ غيرها، و ‌إن‌ ‌كان‌ المراد باعتبار العربية إخراج‌ الملحون‌، مادة ‌أو‌ هيئة الخارج‌ ‌عن‌ قواعد العربية فالتحقيق‌ ‌إن‌ اللحن‌ ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ مغيراً للمعني‌ ‌كما‌ ‌لو‌ ‌قال‌: بعتك‌ (بفتح‌ الباء ‌أو‌ التاء) ‌لم‌ يقدح‌، اما ‌لو‌ ‌كان‌ مغيرا ‌كما‌ ‌لو‌ أدخل‌ الهمزة ‌فقال‌. أبعتك‌ ‌أو‌ شوش‌ نظم‌ المادة ‌فقال‌ جوزتك‌ مكان‌ زوجتك‌ ‌أو‌ استعمل‌ المشترك‌ اللفظي‌ ‌أو‌ المعنوي‌ ‌أو‌ المجاز و ‌لم‌ ينصب‌ قرينة فتحقق‌ حقيقة العقد ‌بها‌ مشكل‌ و ‌علي‌ تقديره‌ فلزومه‌ ‌غير‌ معلوم‌ ‌إن‌ ‌لم‌ يكن‌ معلوم‌ العدم‌، ‌هذا‌ تمام‌ القول‌ فيما يتعلق‌ بهذه‌ المادة و ‌منه‌ يعلم‌ ‌إن‌ عرف‌ البلدة ‌لا‌ خصوصية ‌له‌ فلو قالوا الإيجاب‌ و القبول‌ لفظين‌ مستعملين‌ لإنشاء البيع‌ ‌عن‌ وضع‌ ‌أو‌ قرينة لكان‌ أصح‌ و أوسع‌ فتدبر و باللّه‌ التوفيق‌.

(مادة 169) الإيجاب‌ و القبول‌ يكونان‌ بصيغة الماضي‌ بدون‌ النية

كبعت‌ و اشتريت‌ و اي‌ لفظ ‌من‌ هذين‌ ذكر ‌أو‌ ‌لا‌ فهو إيجاب‌ و ‌الثاني‌ قبول‌، فلو ‌قال‌ البائع‌ بعت‌ و ‌قال‌ المشتري‌ اشتريت‌ ‌أو‌ ‌قال‌ المشتري‌ ‌أو‌ ‌لا‌ اشتريت‌ ‌ثم‌ ‌قال‌ البائع‌ بعت‌ انعقد البيع‌ و ‌يكون‌ لفظ بعت‌ ‌في‌ الأولي‌ إيجاباً و اشتريت‌ ‌في‌ الثانية بالعكس‌، و ينعقد البيع‌ أيضاً بكل‌ لفظ ينبئ‌ ‌عن‌ إنشاء التمليك‌ و التملك‌ كقول‌ البائع‌ أعطيت‌ ‌أو‌ ملكت‌ و قول‌ المشتري‌ أخذت‌ ‌أو‌ تملكت‌ ‌أو‌ رضيت‌ و أمثال‌ ‌ذلك‌.

تضمنت‌ ‌هذه‌ المادة ثلاثة أمور.

‌الأوّل‌:‌-‌ انعقاد البيع‌ بالماضي‌ و ‌قد‌ عرفت‌ الوجوه‌ ‌في‌ انها ‌هي‌ الصيغة الصريحة و ‌ما عداها ‌بين‌ مقطوع‌ بعدم‌ صحته‌ و ‌بين‌ مشكوك‌.

‌الثاني‌:‌-‌ إعادة ‌ما سبق‌ ‌في‌ مادة (101) ‌من‌ ‌إن‌ الإيجاب‌ ‌هو‌ أول‌ الكلام‌ إلخ‌ و تحرير ‌هذه‌ المسألة ‌إن‌ الإيجاب‌ و القبول‌ اما ‌إن‌ يقترنا ‌أو‌ يتقدم‌ أحدهما ‌علي‌ الآخر و ‌علي‌ كلا الفرضين‌ فأما ‌إن‌ يكونا بلفظ بعت‌و قبلت‌ ‌أو‌ بغيرهما و ‌علي‌ فرض‌ التقدم‌ و التأخر، فأما ‌إن‌ يتقدم‌ الإيجاب‌ و يتأخر القبول‌ ‌أو‌ العكس‌ فهنا ست‌ صور: تقدم‌ الإيجاب‌ ‌علي‌ القبول‌ و ‌هي‌ القدر المتيقن‌ و المتفق‌ ‌علي‌ صحتها كالاتفاق‌ ظاهرا ‌علي‌ بطلان‌ عكسها و ‌هي‌: تقدم‌ القبول‌، (الثالثة) افترانهما بصيغة بعت‌ و قبلت‌ و الصحة محل‌ نظر كا (لرابعة) و ‌هي‌ افترانهما بغيرهما ‌من‌ الصيغ‌ (الخامسة) تقدم‌ بعت‌ إيجاباً و تأخر اشتريت‌ قبولا ‌أو‌ العكس‌ تقدم‌ اشتريت‌ و تأخر بعت‌ و ‌لا‌ إشكال‌ ‌في‌ صحة الاولي‌ و يشكل‌ صحة عكسها (السادسة) التأخر و التقدم‌ ‌في‌ ابتعت‌ ‌أو‌ بعت‌ ‌أو‌ رضيت‌ ‌أو‌ العكس‌ و حالهما حال‌ سابقتيهما، و ‌قد‌ يتصور أكثر ‌من‌ ‌ذلك‌ و ‌لكن‌ يعرف‌ حال‌ كثير منهما ‌مما‌ ذكرنا، و (الضابطة) ‌أنّه‌ كلما ‌كان‌ ‌من‌ أحدهما قبول‌ ‌أو‌ بمعناه‌ ‌من‌ الرضا و الإمضاء و نحوهما ‌فلا‌ بد ‌من‌ تأخيره‌ ‌لما‌ مرت‌ الإشارة ‌إليه‌ ‌من‌ ‌إن‌ نحوه‌ نحو المطاوعة و التأثر و يستحيل‌ تحقق‌ التأثر ‌قبل‌ المؤثر و الانفعال‌ ‌قبل‌ الفعل‌ كاستحالة تقدم‌ المعلول‌ ‌علي‌ العلة و ‌إذا‌ ‌لم‌ يكن‌ ‌من‌ أحدهما القبول‌ و ‌ما بمعناه‌ مثل‌ ابتعت‌ و بعت‌ و اشتريت‌ و بعت‌ ففي‌ الحقيقة ‌كل‌ منهما موجب‌ و قابل‌ باختلاف‌ الاعتبار ‌بل‌ يمكن‌ ‌الحكم‌ بالصحة ‌حتي‌ ‌مع‌ التقارن‌ ‌في‌ ‌هذه‌ الصيغ‌ و يمكن‌ ‌فيها‌ تطرق‌ التفصيل‌ ‌بين‌ ‌ما ‌إذا‌ ‌كان‌ البيع‌ صرفاً ‌أو‌ مقايضة فكل‌ منهما موجب‌ و قابل‌ تقارنا ‌أو‌ تقدم‌ أحدهما ‌علي‌ الآخر، اما ‌لو‌ ‌كان‌ أحد العوضين‌ سلعة و الآخر نقداً فصاحب‌ النقد مشتريا و قابلا و صاحب‌ السلعة بائعاً و موجباً تقدم‌ ‌أو‌ تأخر ‌علي‌ ‌إن‌ ترتب‌ الثمرة ‌علي‌ تعيين‌ الموجب‌ ‌من‌ القابل‌ قليلة و الفائدة العملية معدومةضئيلة، الثالث‌:‌-‌ ‌من‌ الأمور إعادة ‌ما أشير ‌إليه‌ ‌في‌ المادة المتقدمة ‌من‌ كفاية ‌كل‌ ‌ما ينبئ‌ ‌عن‌ التمليك‌ و التملك‌، و ‌قد‌ عرفت‌ أوسع‌ ‌ما ينبغي‌ ‌من‌ التحقيق‌ ‌فيه‌ و ‌منه‌ يظهر لك‌ القدح‌ فيما ذكرته‌ (المجلة) هنا ‌من‌ انعقاد البيع‌ بمثل‌ قول‌ البائع‌ أعطيت‌ و ملكت‌ و قول‌ المشتري‌ رضيت‌ فان‌ الإعطاء ظاهر ‌في‌ التمليك‌ المجاني‌ فهو ‌من‌ صيغ‌ الهبة و ‌لا‌ ‌يجوز‌ استعماله‌ ‌في‌ البيع‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ رأس‌ عقود المعاوضات‌ الا غلطاً ‌أو‌ مجازاً بعيداً ‌فلا‌ ‌يكون‌ عقد بيع‌ و ‌لو‌ سلم‌ ‌فلا‌ ‌يكون‌ لازماً ‌لما‌ عرفت‌ و أيضاً ‌فإن‌ الرضا ‌لا‌ يصح‌ استعماله‌ قبولا ‌في‌ مطلق‌ العقود اللازمة ‌لأن‌ معني‌ القبول‌ ‌فيها‌ يتضمن‌ معني‌ يستلزم‌ التعهد و الالتزام‌ و الرضا اذن‌ و موافقة ‌لا‌ تعهد و التزام‌ فتدبره‌ جيداً،

(مادة 170) ينعقد البيع‌ بصيغة المضارع‌ ‌إذا‌ أريد ‌بها‌ الحال‌ كابيع‌ و اشتري‌ و ‌إذا‌ أريد ‌بها‌ الاستقبال‌ ‌لا‌ ينعقد

‌قد‌ ظهر لك‌ ‌مما‌ أفضنا ‌قبل‌ ‌في‌ بيانه‌ ‌إن‌ المضارع‌ ‌لا‌ يدل‌ ‌علي‌ أكثر ‌من‌ نسبة المبدإ ‌إلي‌ الذات‌ و تلبسها ‌به‌ و ‌هذا‌ ‌غير‌ كونه‌ محقق‌ الوقوع‌ ‌فإن‌ أريد ‌منه‌ الحال‌ بالقرينة ‌كان‌ لازمة كونه‌ محقق‌ الوقوع‌ فيدل‌ ‌علي‌ إنشاء المبادلة ‌أو‌ التمليك‌ باللازم‌ و كفايته‌ ‌في‌ العقود محل‌ نظر و ‌هذا‌ بخلاف‌ الماضي‌ فإنه‌ صريح‌ بالوقوع‌ و الثبوت‌، فليفهم‌، و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ طلب‌ وقوع‌ الشي‌ء ‌غير‌ نفس‌ وقوعه‌ ‌بل‌ طلبه‌ ظاهر ‌في‌ ‌عدم‌ تحققه‌ و حصوله‌ و ‌هو‌ عكس‌ المقصود بالبيع‌ و نحوه‌ و ‌منه‌ يعلم‌ مادة (171) ‌الّتي‌ ‌هي‌ تكرارللمادة ‌الّتي‌ قبلها و مادة (172) ‌لا‌ ينعقد البيع‌ بصيغة الأمر كبع‌ و اشتر إلخ‌ و يريد باقتضاء الحال‌ القرينة ‌علي‌ إرادة إنشاء البيع‌ بصيغة الأمر و ‌هو‌ ‌من‌ قبيل‌ استعمال‌ الشي‌ء ‌في‌ ضده‌ فان‌ قولك‌ بع‌ طلب‌ إنشاء وقوعه‌ الظاهر ‌في‌ ‌أنّه‌ ‌غير‌ واقع‌ فلو استعملته‌ ‌في‌ إنشاء تحقق‌ وقوعه‌ ‌كان‌ استعمالا ‌في‌ شبه‌ ضده‌ و حاله‌ حال‌ المضارع‌ ‌بل‌ أسوء.

(مادة 173) ‌كما‌ ‌يكون‌ الإيجاب‌ و القبول‌ بالمشافهة ‌يكون‌ بالمكاتبة أيضاً،

‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ الكتابة عندنا ‌لا‌ تصلح‌ للعقد و حالها حال‌ الإشارة ‌من‌ القادر، ‌نعم‌ ‌مع‌ العجز و ‌عدم‌ إمكان‌ التوكيل‌ ‌قد‌ يكتفي‌ بالكتابة و ‌مع‌ دوران‌ الأمر بينها و ‌بين‌ الإشارة ‌في‌ العاجز ‌لا‌ يبعد رجحان‌ الإشارة لأنها أقرب‌ ‌إلي‌ اللفظ ‌كما‌ ‌في‌ مادة (174) ينعقد البيع‌ بالإشارة المعروفة للأخرس‌، اما الرسالة اي‌ إرسال‌ رسول‌ لإجراء البيع‌ فان‌ ‌كان‌ بنحو الوكالة صح‌ و الا فهو فضولي‌، و تلخص‌ ‌من‌ كلها سبق‌ ‌إن‌ الماضي‌ ‌هي‌ الصيغة الصريحة ‌في‌ عامة العقود باتفاق‌ الجميع‌ (بدون‌ نية) اي‌ بطبيعتها و ‌من‌ ‌غير‌ حاجة ‌إلي‌ قرينة ‌كما‌ ‌في‌ قرينية و الا فقصد الإنشاء لازم‌ ‌في‌ الجميع‌ و ‌لو‌ عبرت‌ (المجلة) بذلك‌ لكان‌ أبعد ‌عن‌ الإبهام‌.

اما الأمر و المضارع‌ فيصح‌ استعمالهما ‌في‌ العقد ‌عند‌ أصحاب‌ (المجلة) و ‌لكن‌ ‌مع‌ النية و قصد الحال‌ بهما اي‌ و ‌مع‌ القرينة كقول‌ العاقد أبيعك‌ الآن‌ ‌أو‌ حالا ‌أو‌ نحو ‌ذلك‌، اما عندنا فمشكل‌ و كونه‌ عقداً لازما أشكل‌.

 (بيع‌ المعاطاة) (مادة 175) ‌حيث‌ ‌إن‌ القصد الأصلي‌ ‌من‌ الإيجاب‌ و القبول‌ ‌هو‌ تراضي‌ الطرفين‌ فينعقد البيع‌ بالمبادلة الفعلية الدالة ‌علي‌ التراضي‌ و يسمي‌ ‌هذا‌ بيع‌ التعاطي‌،

مثال‌ ‌ذلك‌ ‌إن‌ يعطي‌ المشتري‌ للخباز مقداراً ‌من‌ الدراهم‌ فيعطيه‌ مقداراً ‌من‌ الخبز بدون‌ إيجاب‌ و قبول‌ ‌أو‌ ‌إن‌ يعطي‌ المشتري‌ الثمن‌ للبائع‌ و يأخذ السلعة و يسكت‌ البائع‌، ‌هذا‌ ‌هو‌ بيع‌ المعاطاة المشهور، و ‌في‌ عبارة (المجلة) ‌أيضا‌ نوع‌ ‌من‌ التسامح‌ ‌حيث‌ جعل‌ القصد الأصلي‌ ‌من‌ العقد أي‌ الإيجاب‌ و القبول‌ ‌هو‌ التراضي‌ ‌مع‌ ‌إن‌ الرضا و التراضي‌ اذن‌ و إباحة و ‌هو‌ ‌غير‌ ‌ما ‌هو‌ المقصود بالعقود فان‌ المهم‌ ‌فيها‌ ‌هو‌ إنشاء التمليك‌ و المبادلة، و الرضا بتصرف‌ الغير ‌في‌ ملكك‌ معني‌، و جعل‌ مالك‌ ملكا للغير معني‌ آخر، و المعاطاة ‌الّتي‌ ‌هي‌ أخت‌ العقد اللفظي‌ ‌هي‌ ‌الّتي‌ يقصد ‌بها‌ إنشاء البيع‌ و التمليك‌ و ‌هذه‌ ‌هي‌ ‌الّتي‌ ينبغي‌ ‌إن‌ تكون‌ محل‌ الكلام‌ و موضع‌ النقض‌ و الإبرام‌ الا ‌الّتي‌ يراد ‌بها‌ الرضا و إباحة التصرف‌ و حلية الانتفاع‌ شبه‌ العارية و نحوها، ‌نعم‌ اختلف‌ فقهاؤنا أشد الاختلاف‌ ‌في‌ موضوعها و المعني‌ المقصود ‌منها‌ ‌في‌ موضع‌ النزاع‌ كاختلافهم‌ ‌في‌ حكمها فقيل‌ ‌هو‌ ‌ما قصد ‌به‌ المتعاطيان‌ الإباحة و قيل‌ ‌ما قصد ‌به‌ التمليك‌ و قيل‌ ‌ما تجرد ‌عن‌ ‌كل‌ منهما ‌كما‌ ‌كان‌ الأقوال‌ ‌في‌ حكمها كثيرة ‌من‌ ‌حيث‌ الصحة و الفسادو الجواز و اللزوم‌ و ‌قد‌ تنتهي‌ ‌إلي‌ ستة ‌هي‌ ‌بين‌ إفراط و تفريط فهي‌ بيع‌ فاسد ‌عند‌ ‌بعض‌ و بيع‌ صحيح‌ لازم‌ كالبيع‌ بالألفاظ ‌عند‌ آخرين‌ و بيع‌ صحيح‌ و لكنه‌ جائز و انما يلزم‌ بتلف‌ أحد العوضين‌ ‌أو‌ كليهما و ‌هذا‌ ‌هو‌ أوسط الأقوال‌ و أقربها ‌إلي‌ القواعد، و ذهب‌ جماعة انها تفيد إباحة التصرفات‌ اما مطلقاً ‌أو‌ خصوص‌ مالا يتوقف‌ ‌علي‌ الملك‌، و صفوة ‌ما عندنا هنا ‌من‌ التحقيق‌ ‌إن‌ المشاهد المحسوس‌ ‌من‌ حالنا ‌بل‌ و ‌من‌ حال‌ غيرنا ‌من‌ صغير ‌أو‌ كبير ‌في‌ شراء حقير ‌أو‌ خطير ‌حتي‌ الطفل‌ المميز ‌إذا‌ اشتري‌ شيئاً ‌من‌ الأسواق‌ ‌لا‌ يقصد بدفعه‌ المال‌ ‌من‌ نقود و غيرها بإزاء ‌ما يأخذه‌ ‌من‌ السلعة ‌إلا‌ مبادلة ذا بذاك‌ و قطع‌ علاقته‌ ‌من‌ العين‌ المدفوعة ‌منه‌ بالكلية عوض‌ استيلائه‌ ‌علي‌ العين‌ المأخوذة ‌من‌ الآخر فيصح‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ تعريفها التحقيقي‌ ‌أو‌ التقريبي‌ بأنها عبارة ‌عن‌ ‌إن‌ يدفع‌ ‌كل‌ ‌من‌ اثنين‌ ماله‌ ‌إلي‌ الآخر عوض‌ ‌ما يدفعه‌ الآخر ‌له‌، و ‌قد‌ مر عليك‌ ‌إن‌ إنشاء التمليك‌ ‌لا‌ بدّ ‌له‌ ‌من‌ أمر خارجي‌ يتحقق‌ ‌به‌ و ‌يكون‌ آلة لإيجاده‌، و الألفاظ ‌هي‌ الأدوات‌ ‌الّتي‌ يبني‌ العقلاء ‌علي‌ إظهار مقاصدهم‌ ‌بها‌ حكاية ‌أو‌ إيجادا يعني‌ خبراً ‌أو‌ إنشاء، ‌ثم‌ ‌في‌ الرتبة ‌الثاني‌، الأفعال‌ ‌فإن‌ للأفعال‌ ظهورا ‌كما‌ للأقوال‌ و ينشأ ‌بها‌ المعاني‌ الاعتبارية ‌كما‌ ينشأ بالأقوال‌ فكما انك‌ ‌إذا‌ قلت‌ لشخص‌ ‌هذه‌ العين‌ لك‌، تارة تريد اخباره‌ بأنها ‌له‌، و تارة تريد إنشاء تمليكها ‌له‌، فكذلك‌ ‌إذا‌ دفعتها ‌له‌ و أنت‌ ساكت‌ ‌قد‌ تريد ‌إن‌ دفعها اليه‌ ‌من‌ جهة انها ملكه‌ و ماله‌ العتيد، و تارة تريد إنشاء انها ‌له‌ فتكون‌ ‌من‌ ماله‌ الجديد، فهذا عقد و التزام‌ ضمني‌ و لكنه‌ فعلي‌ ‌لا‌ قولي‌ و ‌هو‌ ‌مع‌ قصد التعاوض‌ بيع‌ و يشمله‌ (أَحَل‌َّ اللّه‌ُ البَيع‌َ)، و لكنه‌ ‌ليس‌ كالعقد القولي‌ ‌يجب‌ الوفاء ‌به‌ ‌لما‌ عرفت‌ قريباً ‌من‌ ‌إن‌ (أَوفُوا بِالعُقُودِ) ‌لا‌ تشمل‌ الا العقود اللفظية المنشأة لعناوينها الخاصة ‌بها‌ فأحل‌ اللّه‌ البيع‌ تثبت‌ مشروعية ‌هذا‌ العقد و ‌أنّه‌ مؤثر، و ‌لكن‌ دليل‌ اللزوم‌ قاصر عنها فتكون‌ جائزة و لكل‌ ‌من‌ الطرفين‌ الرجوع‌ ‌ما دام‌ ‌كل‌ ‌من‌ العوضين‌ قائما موجوداً اما ‌مع‌ تلفهما ‌أو‌ تلف‌ أحدهما فيأتي‌ اللزوم‌ ‌كما‌ ‌هو‌ الشأن‌ ‌في‌ جميع‌ العقود الجائزة، كالهبة و غيرها (و سره‌) ‌إن‌ المالك‌ سلطه‌ ‌علي‌ العين‌ بجميع‌ شؤنها و لازمة ‌إن‌ ‌له‌ جميع‌ التصرفات‌ ‌حتي‌ الناقلة و الموقوفة ‌علي‌ الملك‌ و لازم‌ ‌ذلك‌ ‌إن‌ ‌لا‌ رجوع‌ ‌مع‌ التلف‌ ‌أو‌ الإتلاف‌ ‌لأن‌ حق‌ الاسترجاع‌ انما ‌هو‌ ‌مع‌ بقاء العين‌ و قيامها، اما ‌مع‌ تلفها فقد زال‌ الموضوع‌ و سقط الحق‌ و لزم‌ العقد، و ‌من‌ نفس‌ عنوان‌ ‌هذا‌ النوع‌ ‌من‌ البيع‌ يعلم‌ ‌أنّه‌ ‌لا‌ يتحقق‌ ‌إلا‌ بالتعاطي‌ ‌من‌ الطرفين‌ حقيقة ‌أو‌ حكما ‌فإن‌ المشتري‌ ‌إذا‌ اعطي‌ الثمن‌ للبائع‌ و أخذ السلعة و البائع‌ ساكت‌ فان‌ سكوته‌ الكاشف‌ ‌عن‌ رضاه‌ يقوم‌ مقام‌ عطائه‌ ‌كما‌ ‌إن‌ أخذ المشتري‌ ‌يكون‌ كإنشاء للتملك‌ و التمليك‌ و سكوت‌ البائع‌ إمضاء، و ‌كذا‌ دفع‌ القصاب‌ قطعة اللحم‌ و أخذ المشتري‌ لها ‌بعد‌ طلبه‌ محقق‌ للتعاطي‌ حقيقة اما ‌قبل‌ أخذ المشتري‌ لها فالبيع‌ ‌لم‌ ينعقد و الاستدعاء ‌لا‌ يجعل‌ المشتري‌ ملتزماً و ‌قد‌ عرفت‌ ‌إن‌ كلا ‌من‌ البائع‌ و المشتري‌ ‌له‌ العدول‌ و الفسخ‌ ‌بعد‌ تحقق‌ البيع‌ بالتعاطي‌ لأنه‌ عقد جائز فكيف‌ ‌لا‌ ‌يجوز‌ ‌قبل‌ ‌إن‌ تتم‌ المعاطاة ‌الّتي‌ ‌هي‌ بمنزلة الإيجاب‌ و القبول‌ و الاستدعاء ‌لا‌ ‌يكون‌ قبولا و دفع‌ القصاب‌ اللحم‌ كإيجاب‌ بلا قبول‌ فما وجه‌ حكم‌ (المجلة) بأنه‌ ‌ليس‌ للمشتري‌ الامتناع‌ ‌من‌ قبوله‌ و أخذه‌ ‌بل‌ ‌له‌ الامتناع‌ ‌علي‌ التحقيق‌ ‌حتي‌ ‌بعد‌ أخذه‌ أي‌ ‌له‌ الرجوع‌ و العدول‌ لانه‌ بيع‌ جائز و ‌لا‌ يلزم‌ الا بتلف‌ أحد العوضين‌ حقيقة ‌أو‌ حكما ‌كما‌ ‌لو‌ باعه‌ ‌أو‌ رهنه‌ ‌أو‌ ‌ما يشبه‌ ‌ذلك‌، و ‌من‌ الغريب‌ قول‌ القائل‌: ‌إن‌ الإيجاب‌ و القبول‌ انما اعتبرا ‌في‌ البيع‌ لقيامهما مقام‌ التعاطي‌ حكما، فقد جعل‌ التعاطي‌ أصلا و الإيجاب‌ و القبول‌ فرعاً، ‌مع‌ ‌إن‌ الأمر بالعكس‌ ‌فإن‌ الأصل‌ ‌في‌ الخيريات‌ و الإنشائيات‌ ‌هو‌ اللفظ، و القول‌ و الفعل‌ و التعاطي‌ فرع‌ و تبع‌ ‌له‌ باتفاق‌ أهل‌ العلم‌، و (بالجملة) ‌فإن‌ إنشاء التمليك‌ بالفعل‌ انما ‌يكون‌ بيعاً و يحصل‌ ‌به‌ النقل‌ و المبادلة ‌إذا‌ توفرت‌ ‌فيه‌ جميع‌ شروط البيع‌ ‌من‌ معلومية العوضين‌ و ‌عدم‌ الغرر و القدرة ‌علي‌ التسليم‌ و قصد المتعاقدين‌ و رشدهما و اختيارهما ‌إلي‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌ ‌من‌ شروط البيع‌ الآتية ‌لا‌ يفقد شيئاً ‌من‌ شرائطه‌ و مقوماته‌ سوي‌ الإيجاب‌ و القبول‌ ‌ألذي‌ يقوم‌ تعاطيهما مقام‌ هذين‌ الركنين‌ و يلزم‌ فيهما ‌كل‌ ‌ما يلزم‌ ‌في‌ الإيجاب‌ و القبول‌ ‌من‌ التوالي‌ و نحوه‌، فالتعاطي‌ ‌من‌ طرف‌ واحد كإيجاب‌ بلا قبول‌ ‌أو‌ قبول‌ بلا إيجاب‌، ‌نعم‌ يكفي‌ ‌من‌ أحدهما العطاء حقيقة و ‌من‌ الآخر حكما و ‌هو‌ كثير، و ‌منه‌ وضع‌ الفلس‌ ‌في‌ دكان‌ بائع‌ البقل‌ ‌أو‌ محفظته‌ و أخذ باقة البقل‌ و نظائر ‌ذلك‌، و ‌منه‌ ‌في‌ الإجارة دخول‌ المغتسل‌ ‌إلي‌ الحمام‌ و وضع‌ الأجرة المعلومة ‌في‌ صندوق‌ صاحب‌ الحمام‌ و هكذا، و ‌مما‌ ذكرنا يتضح‌ أيضاً ‌إن‌ البيوع‌ الفاسدة مطلقاً ‌لا‌ تدخل‌ ‌في‌ باب‌ المعاطاة ‌بل‌ لها حكم‌ آخر ربما يأتي‌ بيانه‌ ‌إن‌ شاء اللّه‌.

‌كما‌ يتضح‌ ‌إن‌ المعاطاة ‌علي‌ القول‌ بإفادتها الملك‌ ‌أو‌ الإباحة يصح‌ جريانها ‌في‌ ‌غير‌ البيع‌ ‌من‌ العقود جائزة ‌أو‌ لازمة، يعني‌ كالإجارة ‌أو‌ كالهبة و ‌لا‌ تلزم‌ ‌في‌ الإجارة ‌أو‌ غيرها الا بالتلف‌ الحقيقي‌ ‌أو‌ الحكمي‌ ‌أو‌ القيام‌ بالعمل‌ فتدبره‌ جيداً، ‌هذا‌ أوجز ‌ما ينبغي‌ ‌إن‌ يقال‌ ‌في‌ اختصار بيع‌ المعاطاة. و ‌هذا‌ أقل‌ قليل‌ ‌مما‌ ذكره‌ فقهاؤنا سيما المتأخرين‌ منهم‌ ‌في‌ المطولات‌ و لعله‌ قليل‌ يعني‌ ‌عن‌ الكثير.

و ‌من‌ أراد ‌إن‌ يعرف‌ سعة فقاهة الإمامية و دقة افكارهم‌ و غزارة مادتهم‌ فليرجع‌ ‌إلي‌ مؤلفاتهم‌ المبسوطة ‌في‌ ‌هذا‌ الباب‌.

(مادة: 176) ‌إذا‌ تكرر عقد البيع‌ بتبديل‌ الثمن‌ ‌أو‌ تزييده‌ ‌أو‌ تنقيصه‌ يعتبر العقد ‌الثاني‌.

فلو تبايع‌ رجلان‌ مالا معلوماً بمائة فرش‌ ‌ثم‌ ‌بعد‌ انعقاد البيع‌ تبايعا ‌ذلك‌ المال‌ بدينار ‌أو‌ بمائة و عشرة ‌أو‌ بتسعين‌ قرشاً يعتبر العقد ‌الثاني‌.

‌في‌ ‌هذا‌ الموضوع‌ أيضاً إجمال‌ و اشكال‌ و تحرير ‌ذلك‌ حسب‌ القواعد المتفق‌ عليها. ‌إن‌ الإيجاب‌ و القبول‌ ‌إذا‌ وقعا جامعين‌ للشرائط فقد انتقل‌ مال‌ ‌كل‌ واحد ‌من‌ المتبايعين‌ ‌إلي‌ الآخر غايته‌ انهما ‌ما داما ‌في‌ مجلس‌ العقد ‌يجوز‌ لكل‌ منهما الفسخ‌ و حينئذ فإذا تبايعا ثانياً بمعني‌ ‌إن‌ البائع‌ باع‌ ثانياً ‌ما باعه‌ أولا ‌فإن‌ ‌كان‌ بذلك‌ الثمن‌ فالثاني‌ لغو طبعاً، و ‌إن‌ ‌كان‌ بثمن‌ آخر. و الفرض‌ ‌إن‌ المشتري‌ واحد فان‌ قصد ضمن‌ البيع‌ ‌الثاني‌ فسخ‌ ‌الأوّل‌ و ‌لو‌ بقرينة مقامية ‌أو‌ ظهر منهما التباني‌ ‌علي‌ التقابل‌ صح‌ الثاني‌ و انحل‌ ‌الأوّل‌ طبعاً و ‌إن‌ ‌لم‌ يقصدا فسخاً و ‌لا‌ إقالة فالبيع‌ ‌الثاني‌ باطل‌ لانه‌ باع‌ مالا يملك‌ ‌علي‌ ‌من‌ يملك‌ فتدبره‌ جيداً ‌علي‌ وضوحه‌.


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما