(مادة: 80) لا حجة مع التناقض لكن لا يختل معه حكم الحاكم
كان هذه المادة ناظرة إلي تعارض البينات و الحق عندنا إن البينتين إذا تعارضتا فقد تعارض الحجتان لا انهما سقطتا عن الحجية و لذا ننظر في المرجحات و نعمل بالراجح منهما نعم مع التساوي من جميع الجهات يسقط العمل بهما لاشتباه الحجة بينهما و علي كل فان تعارضتا قبل الحكم لزم العمل بأرجحهما و إن ظهرت البينة المعارضة بعد الحكم فلا اثر لها نعم لو كذبت البينة نفسها أو رجع الشاهدان عن شهادتهما لم ينقض الحكم و غرمت البينة إن كان الحكم بمال أو حق مالي فلو حكم الحاكم بالقصاص فاقتص الولي ثم رجعت البينة عن شهادتها فان قالت أخطأنا غرمت الدية و إن قالت تعمدنا قتلا معا ورد الولي علي ولي كل منهما نصف الدية
(مادة: 81) قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل
المدار في الأحكام الشرعية سيما في باب الغرامات و الضمانات علي أسباب خاصته و موازين معينة فقد تقوم الحجة علي الفرع فيثبت و لا تقوم علي الأصل فلا يثبت فلو ادعي رجل علي آخر دينا و قلت للمدعي أنا كفيله أو انا ضامن لهذا الدين و لكن المدعي عليه أنكر كنت أنت الملزوم به و أنت فرع دون المدعي عليه و هو أصل فتثبت الكفالة و لا يثبت الدين و ذلك لحصول الحجة و هو الإقرار في الأوّل دون الثاني و النظائر كثيرة
(مادة: 82) المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط
هذا ضروري و الا لم يكن الشرط شرطاً و ليعلم إن الشرط في لسان الفقهاء يطلق علي معنين متغايرين. (أحدهما) ما يعلق عليه العقد أو الإيقاع (و الثاني) ما يتقيد به العقد أو الإيقاع و الأوّل هو ما يكون من قبيل جزء العلة التامة و الثاني هو ما يكون من نحو التعهد و الالتزام و هذا هو الأكثر في باب المعاملات استعمالا في لسان الشارع و المتشرعة و هو قسمان وصف و هو المحقق الوقوع في الحال أو الماضي أو الاستقبال مثل قوله بعتك إن طلعت الشمس غداً أو إن كانت طالعة حالا و هكذا و هذه في الحقيقة صورة تعليق لا تعليق حقيقي، أو حال و هو ممكن الوقوع فقد يقع و قد لا يقع مثل بعتك إن جاء ولدي غداً من السفر أو عافي اللّه مريضي و نحو ذلك و هذا هو التعليق الحقيقي ألذي اتفقت الإمامية أنّه مبطل للعقود و الإيقاعات و أنّه لا بدّ فيها من التنجيز لأن التعليق بهذا المعني توقيف مضمون جملة علي حصول جملة أخري و حيث إن المعلق عليه غير حاصل فعلا فالبيع غير حاصل أيضا و حصوله بعد يحتاج إلي عقد جديد و العمدة في دليل البطلان هوالإجماع إن تم و الا فللمناقشة فيه مجال واسع و يظهر من المجلة عدم مانعية التعليق من صحة العقد و الإيقاع سواء كان واقعا أو ممكن الوقوع و هو من حيث الاعتبار غير بعيد و لكن نقل الإجماع علي بطلانه عند الإمامية مستفيض هذا موجز الكلام في الشرط بمعني التعليق (اما الشرط بمعني التقييد في العقد) ألذي يرجع إلي التعهد و الالتزام فهو ألذي أشارت له المجلة في مادة (83) يلزم مراعاة الشروط بقدر الإمكان و الشرط بهذا المعني ينقسم باعتبارات شتي إلي أقسام (أولها) إن الشرط تارة يكون ابتدائياً استقلاليا و اخري يكون تبعا ضمنيا فالأول مثل إن تقول شرطت علي نفسي إن ادفع لك مائة دينار اي تعهدت لك بذلك و كاد إن ينعقد إجماع الإمامية بأن مثل هذه الشروط الابتدائية لا يجب الوفاء بها و إن الشرط بهذا النحو وعد يستحب الوفاء به فان تم الإجماع تعبدنا به والا فللمناقشة فيه مجال و الفرق بين الوعد و الشرط يظهر بالتأمل (و الثاني) هو الالتزامات في ضمن العقود مثل بعتك داري و اشترطت لك تعليم ولدك أو خياطة ثوبك أو اشترطت لي خيار الفسخ إلي كثير من أمثال ذلك و بهذا المعني قد فسر الشرط صاحب (القاموس) و هو من بعض أخطائه حيث قال، الشرط إلزام الشيء و التزامه في البيع و نحوه، و من المتفق عليه عند عموم المذاهب لزوم مثل هذه الشروط في الجملة و لكن انما يلزم الوفاء بالشروط الصحيحة منها لا مطلقا، اما الفاسدة فهي لغو كما أنها أنواع (أولها) المستحيلات عقلا و عادة و يلحق بها مالا فائدة فيه من اللغو و العبث كما لو اشترط عليه إن يمشي علي رجلواحدة أو يرفع بدية علي رأسه مدة أيام (ثانيها) المحرمات شرعا ذاتية أو عرضية [ثالثها] ما ينافي مقتضي العقد مثل بعتك بشرط إن لا تملك و آجرتك بشرط إن لا تستوفي المنفعة أصلا لا مباشرة و لا تسبيباً فكل هذه الشروط باطلة بغير إشكال إنّما الإشكال في أنها تفضي إلي بطلان العقد أيضا أم لا و الحق أنها تختلف فالأخير يقتضي البطلان قطعاً كما سيأتي دون الأولين فلو باعه مثلا بشرط إن يشرب الخمر بطل الشرط و صح العقد ثم الشرط بمعني الالتزام تارة يكون عملا خارجيا و أخري و صفا داخليا فتارة يشترط له التعليم أو الخياطة و اخري يشترط له إن يكون العبد المبيع كاتبا أو الفرس أصيلا و تخلف الشرط في كلا الصورتين يوجب الخيار و هو المسمي بخيار تخلف الشرط و هذا أيضا موجز الكلام في الشروط بمعني الالتزامات و التفصيل موكول إلي محله في كتب الفقه و منه ظهر الكلام في مادة (84) المواعيد بصورة التعليق تكون لازمة. و فذلكة التحقيق هنا إن الوعد سواء كان معلقا أو مجرداً لا يجب الوفاء به وجوبا فقهيا نعم يجب وجوبا اخلاقيا فان الوفاء بالوعد من أجمل مكارم الأخلاق و وعد الحر [كما يقال] دين اي يجب الوفاء به سواء كان أيضا مجرداً أم معلقاً فلو قال رجل لآخر بع هذا الشيء من فلان و إن لم يعطك الثمن انا ادفعه لك فلو لم يعطه الثمن فان كان الوعد بنحو الالتزام و التعهد وجب إن يدفع له و الا فلا، و هذا من منفرداتنا اما ظاهر المشهور فعدم الوجوب مطلقا فليتدبر.
(مادة 85) الخراج بالضمان
الظاهر انها كلمة نبوية كقاعدة اليد و أمثالها من جوامع كلمه القصار القليلة اللفظ الكثيرة المعني و المراد بالخراج ما يخرج من العين من غلة و منافع و الظاهر إن الباء سببية يعني إن منافع العين تملك بسبب ضمانها و لازم هذا إن كل من عليه ضمان العين فمنافعها له غير مضمونة عليه و بهذا تمسك الحنفية لما ذهب إليه امامهم من إن الغاصب لا يضمن ما استوفاه من منافع العين المغصوبة لأنه ضامن و ضمان العين لا يجتمع مع ضمان منافعها.
و حيث تظافرت أخبار الإمامية عن أئمتهم إن الغاصب يضمن العين و المنفعة و صحيحة (أبي ولاد) عندهم مشهورة معروفة و قد تضمنت رد تلك الفتوي بأبلغ بيان لهذا التزم فقهاؤهم بتأويل هذه الجملة المتقدمة فحملها بعض اعلام المتأخرين علي ما حاصله بعد توضيح و تنقيح منا، إن المراد بالضمان في النبوي هو الضمان الجعلي الاختياري ضرورة إن كل عاقل إذا ضمن ملك الغير و جعل غرامة تلفه عليه فإنما يصنع ذلك بغرض استيفاء منافعه فالخراج يكون له بسبب ضمانه الاختياري لا الضمان القهري المجعول شرعا كضمان الغاصب و لا الضمان التبعي كضمان البائع درك المبيع و المشتري درك الثمن ضرورة إن البائع هنا مع أنّه ضامن للمبيع و لكن منافعه لبست له بل للمشتري و هكذا في المشتري بالنسبة إلي الثمن فان الخراج هنا ليس بالضمان قطعا نعم خراج الثمن للبائع بالضمان اي بضمانه لأن تلف الثمن عليه و من ماله كما إن خراج المبيع للمشتري لأنه ضامن له و تلفه يكون عليه و من ماله فليس المراد الضمان القهري. و لا التبعي و لا الضمان التقديري كما في أعتق عبدك عني فإن الضمان عليه و منافع العبد ليستله فتعين كون المراد هو الضمان الجعلي الاختياري كما في ضمان المعاملات و المعاطات فلا تصلح القاعدة دليلا علي عدم ضمان الغاصب للمنافع و يمكن إن يكون المراد منها إن خراج العين بسبب ضمانها اي من كان تلف العين عليه و من ماله فخراجها و منافعها له فيكون محصلها إن خراج العين لمالك العين ألذي لو تلف العين كان تلفها عليه و من ماله فيكون مفادها مفاد مادة (67) الغنم بالغرم اي غرامة العين و تلفها علي من تكون له منافعها و غنيمتها و قد يعبر عنها بعبارة أخري و هي من له الغيم فعليه الغرم و من جميع ما ذكرناه يتضح لك وجه القدح في مادة (86) الأجر و الضمان لا يجتمعان، و الحق أنهما يجتمعان و لا مانع من اجتماعهما عقلا و شرعا فالمقبوض بالسوم أو بالعقد الفاسد يضمن العين قابضها و يعطي اجرة ما استوفاه من منافعها و هكذا الغاصب و نظائره و كذا ما في-:
(مادة: 87) الغنم بالغرم
و قد سبق إن من المعلوم كون منافع الشيء لا يملكها الإنسان إلا إذا كان مالكا أو متلقيا من المالك فمعني هاتين المادتين أو الثلاث إن المالك له منافع الشيء و غلته و عليه خسارته و غرامته و إليها أيضا ترجع مادة [88] النقمة بقدر النعمة و إن كانت لا شيء عند التحقيق.
(مادة:89 ) الفعل ينسب إلي الفاعل لا الأمر ما لم يكن مجبراً
هذه قاعدة اساسية محكمة يحكم بها العقل و الشرع و العرف و يترتب علي ذلك إن تبعات الفعل من قصاص أو ضمان أو عقوبة فهي علي الفاعل لا علي الآمر و إن ترتب علي الآمر احكام شخصية اخري لكونه آمراً لا لكونهفاعلا نعم قد يتحمل الآمر كل تبعات الفعل بحيث لا يكون شيء منها علي الفاعل إذا كان جاهلا و قد غره الآمر و أغراه بقاعدة المغرور يرجع علي من غره و كذا إذا كان صبيا أو مجنوناً و قد امره الرجل العاقل بإتلاف مال غيره أو حياته فإنه و إن رجع علي الولي لكن الولي يرجع بالغرامة علي الآمر اما لو كان الآمر أيضا صبيا فلا و إلي هذا ترجع.