جمعه 10 فروردين 1403  
 
 
القسم‌ ‌الأوّل‌ ‌من‌ الجزء ‌الأوّل‌

(بسم‌ اللّه‌ الرحمن‌ الرحيم‌)

  


مقدمة الكتاب‌

أحمدك‌ اللهم‌ و أشكرك‌، و أستعين‌ بك‌ مصليا ‌علي‌ نبيك‌ و آله‌ و صحبه‌ الكرام‌، و ‌بعد‌، فقد تكرر علي‌ّ الطلب‌ ‌من‌ ‌بعض‌ الشباب‌ المهذب‌ ‌من‌ طلاب‌ الحقوق‌ ‌إن‌ اكتب‌ وجيزا ‌في‌ الأحوال‌ الشخصية و المعاملات‌ المالية ‌علي‌ طريقة فقه‌ الإمامية و ‌لما‌ ‌كانت‌ (مجلة العدلية) ‌أو‌ مجلة الأحكام‌ ‌هي‌ الكتاب‌ المقرر تدريسه‌ ‌في‌ معاهد الحقوق‌ ‌من‌ زمن‌ الأتراك‌ ‌إلي‌ اليوم‌ نظرت‌ ‌فيه‌ فوجدته‌ ‌مع‌ حسن‌ ترتيبه‌ و تبويبه‌، و غزارة مادته‌ محتاجا ‌إلي‌ التنقيح‌ و التحرير، و الإشارة ‌إلي‌ ‌ما ‌فيه‌ ‌من‌ الزيادة و التكرير، و بيان‌ مدارك‌ ‌بعض‌ القواعد و الفروع‌ و ذكر مبانيها حسب‌ الفن‌ ‌من‌ الأدلة و الأصول‌، و الكتاب‌ المزبور ‌علي‌ ‌ما يظهر ‌من‌ أسلوبه‌ و يغلب‌ ‌عليه‌ ‌أنّه‌ كتاب‌ فقه‌ ‌لا‌ تدوين‌ قانون‌ أوانه‌ (فقه‌ قانوني‌: ‌أو‌ قانون‌ فقه‌) و ‌علي‌ كل‌ّ، فقد أمليت‌ ‌هذه‌ الخواطر و جعلتها كتحرير لذلك‌ الكتاب‌.

و الغرض‌ المهم‌ ‌من‌ ‌ذلك‌. (أمران‌). (‌الأوّل‌) الشرح‌ و التعليق‌ ‌عليه‌ و حل‌ ‌بعض‌. معقداته‌ و مشكلاته‌ و [‌الثاني‌] بيان‌ ‌ما ينطبق‌ ‌منها‌ ‌علي‌مذهب‌ الإمامية و ‌ما يفترق‌، و عسي‌ ‌في‌ طي‌ ‌ذلك‌ تستبين‌ الموزن‌ ‌بين‌ فقه‌ سائر المذاهب‌ الإسلامية و فقه‌ المذهب‌ الجعفري‌ و ‌ما ‌فيه‌ ‌من‌ غزارة المادة و سعة الينبوع‌، و كثرة الفروع‌، و قوة المدارك‌ و رصانة المباني‌، و سمو المعاني‌، و مطابقة العقل‌ و العرف‌ ‌في‌ الأكثر، و ‌مع‌ ‌بعد‌ النظر، ‌علي‌ اننا ‌لا‌ نبخس‌ حق‌ القوم‌، و لكل‌ وجهة ‌هو‌ موليها. و كلا وعد اللّه‌ الحسني‌ و ‌كل‌ واحد ‌من‌ اعلام‌ فقهاء الإسلام‌ ‌قد‌ استفرغ‌ معه‌ وجد و اجتهد و سعي‌ و ‌كل‌ سعيه‌ مشكور و نسئله‌ ‌تعالي‌ ‌إن‌ يجعل‌ مساعينا خالصة لوجهه‌ الكريم‌، و ‌إن‌ يلهمنا الحق‌ و يصون‌ أقلامنا و أقدامنا ‌من‌ خطوات‌ الخطأ و عثرات‌ الخطايا، و يجعله‌ مؤلفاً نافعاً و أثرا خالداً و أقصي‌ ‌ما أرجوه‌ ‌من‌ المطالعين‌ الأفاضل‌ و الشباب‌ المهذب‌ ‌إن‌ يتجردوا ‌عند‌ النظر ‌فيه‌ ‌من‌ ‌بعض‌ العواطف‌ لنا أم‌ علينا ‌حتي‌ ينظروا ‌إلي‌ الأشياء ‌كما‌ ‌هي‌ و يعطوها حقها بمعيار العدل‌ و الإنصاف‌ ‌من‌ دون‌ إسراف‌ و ‌لا‌ إجحاف‌ اللهم‌ أنت‌ ولي‌ ‌في‌ الدنيا و الآخرة توفني‌ مسلماً و ألحقني‌ بالصالحين‌و ‌قد‌ جرت‌ عادة المؤلفين‌ ‌في‌ الغالب‌ ‌إن‌ يذكروا امام‌ المقصود مقدمة تشتمل‌ ‌علي‌ أمور تفيد مزيد بصيرة ‌في‌ العلم‌ و الكتاب‌ و نحن‌ بتوفيقه‌ ‌تعالي‌ نذكر ‌من‌ باب‌ المقدمة أموراً لعلها تنفع‌ ‌في‌ الغرض‌ ‌إن‌ شاء اللّه‌ (‌الأوّل‌) أهم‌ ‌شيء‌ يلزم‌ معرفته‌ بادئ‌ بدء. ‌إن‌ اللّه‌ سبحانه‌ ‌لما‌ تعلقت‌ مشيئته‌ بإيجاد ‌هذا‌ النوع‌ و ‌هو‌ المسمي‌ بالبشر و قضت‌ حكمته‌ ‌إن‌ يعمر ‌به‌ ‌هذه‌ الكرة ‌الّتي‌ تسمي‌ بالأرض‌ و يمهد ‌له‌ ‌فيها‌ وسائل‌ الرقي‌ باختياره‌ ‌إلي‌ مدارج‌ القدس‌ و معارج‌ السعادة ‌في‌ أولاه‌ و أخراه‌ لذلك‌ أودع‌ ‌فيه‌ غرائز و أوضاع‌، و فطرة ‌علي‌ سجايا و طباع‌، قمينة ‌له‌ بالغرض‌ ‌ألذي‌ خلق‌ ‌من‌ اجله‌‌-‌ فجعل‌ ‌فيه‌ الشهوة و الغضب‌ و ‌ما يتشعب‌ منهما ‌من‌ الحرص‌ و الطمع‌ و الطموح‌ و التعالي‌ و ‌ما ‌إلي‌ ‌ذلك‌ ‌مما‌ لسنا بعدد إحصائه‌، و ‌لكن‌ ‌لما‌ ‌كان‌ ‌من‌ لوازم‌ تلك‌ الشناشن‌ التغالب‌ و التكالب‌، و التشاحن‌ و التطاحن‌، و سعي‌ ‌بعض‌ ‌في‌ هلاك‌ ‌بعض‌ و حب‌ الأثرة و الإمرة، و ‌كان‌ إرخاء العنان‌ لتلك‌ الغرائز و تركها ‌علي‌ رسلها ‌مما‌ يعود بنقض‌ الغرض‌ ‌من‌ خلق‌ الإنسان‌‌-‌ ‌لا‌ جرم‌ احتاجت‌ القوتان‌ ‌إلي‌ قوة اخري‌ تكبح‌ طغيانها، و تمسك‌ عنانها، و تعدل‌ أوزانها، فنفخ‌ ‌فيه‌ ‌من‌ روحه‌ (القوة العاقلة) لتكون‌ ‌هي‌ المسيطرة ‌علي‌ جماح‌ تلك‌ القوتين‌ الجبارتين‌، و ‌لما‌ ‌كانت‌ قوة العقل‌ البشري‌ نوعا محدودة، و حظيرة إدراكاته‌ ضيقة، و كثيراً ‌ما تكون‌ ‌في‌ كثير ‌من‌ البشر ضعيفه‌، و ‌ما أكثر ‌ما تتغلب‌ واحدة ‌من‌ تينك‌ القوتين‌ ‌علي‌ القوة العاقلة فيصبح‌ العقل‌ أسير الهوي‌ و العاطفة‌-‌ فكان‌ ‌من‌ الضروري‌ ‌في‌ العناية الأزلية مناصرة العقل‌ بمساعد و قائد برفده‌ ‌في‌ مهمتين‌ (الاولي‌) تعريفه‌ مالا يصل‌ إدراكه‌ ‌إليه‌ ‌من‌ مقادير الخير و الشر، و مقاييس‌ السعادة و الشقاء (الثانية) موازرته‌ ‌علي‌ عامليه‌، ‌إذا‌ تمردا ‌عليه‌، و هما الشهوة و الغضب‌‌-‌ الهوي‌ و العاطفة فكان‌ ‌ذلك‌ القائد و المساعد للعقل‌ هم‌ الأنبياء و الرسل‌ الذين‌ جاءوا بالشرائع‌ الإلهية و أسباب‌ سعادة البشر ‌في‌ الحياتين‌، و ‌كانت‌ عناية الشريعة الإسلامية بالأخص‌ ‌من‌ ‌بين‌ سائر الشرائع‌ السماوية ‌قد‌ اهتمت‌ أشد الاهتمام‌ بسن‌ القوانين‌ و الاحكام‌ و حفظ ‌هذه‌ الحياة ‌حتي‌ جعلتها ‌في‌ كفة الحياة الأخري‌ ‌بل‌ أرجح‌ ‌منها‌ فقالت‌ (‌من‌ ‌لا‌ معاش‌ ‌له‌ ‌لا‌ معاد ‌له‌) و قالت‌: ‌ليس‌ خيركم‌ ‌من‌ ترك‌ دنياه‌ لآخرته‌ و ‌لا‌ ‌من‌ ترك‌ آخرته‌ لدنياه‌ ‌بل‌ خيركم‌ ‌من‌ أخذ حظا ‌من‌ ‌هذه‌ و حظا ‌من‌ ‌هذه‌، و اعمل‌ لدنياك‌ .. و اعمل‌ لآخرتك‌ .. و فوق‌ ‌ذلك‌ كله‌ ‌قوله‌ ‌تعالي‌ وَ ابتَغ‌ِ فِيما آتاك‌َ اللّه‌ُ الدّارَ الآخِرَةَ وَ لا تَنس‌َ نَصِيبَك‌َ مِن‌َ الدُّنيا.

و فاقت‌ ‌علي‌ الشريعتين‌ قبلها فقالت‌: رهبانية ابتدعوها. و ‌لا‌ رهبانية ‌في‌ الإسلام‌، و ‌علي‌ الذين‌ هادوا حرمنا ‌كل‌ ذي‌ ظفر، و ‌ما عتم‌ اليتيم‌ الأمي‌ صاحب‌ الشريعة الإسلامية ‌أن‌ أصبح‌ مؤسس‌ شريعة، و مشرع‌ قوانين‌، و مجدد دين‌، و محيي‌ امة، و منفذ احكام‌، و قاضي‌ خصام‌، و رافع‌ رايات‌ و اعلام‌، و قائد جيوش‌، و محطم‌ عروش‌ و امام‌ محراب‌، و شاهر حراب‌، و مروج‌ تجارة، و معلم‌ زراعة و صناعة، ‌إلي‌ ‌غير‌ ‌ذلك‌ ‌من‌ مقومات‌ الحياة المشتركة، و المنافع‌ المتكافئة، و السعادة ‌الّتي‌ تنتظم‌ الحياتين‌، و تضمن‌ الفوز ‌في‌ النشأتين‌‌كل‌ ‌ذلك‌ ليعرف‌ البشر ارتباط ‌هذه‌ الحياة بالأخري‌ و ‌إن‌ السعادة هناك‌ ‌من‌ هاهنا ‌ثم‌ ‌لما‌ ‌كان‌ ‌من‌ قضاء اللّه‌ الأزلي‌ و قدره‌ المحتوم‌ ‌إن‌ لإقرار لأحد ‌في‌ ‌هذه‌ الدار و انها جسر و قنطرة ‌إلي‌ الدار الأخري‌ فمات‌ الأنبياء و هلك‌ الحكماء و غاب‌ الأولياء و السفراء، و ‌لكن‌ اللّه‌ سبحانه‌ حي‌ ‌لا‌ يموت‌، و حكمته‌ ‌في‌ خليفته‌ ‌لا‌ تعطل‌، و ‌لما‌ أزمع‌ خاتم‌ الأنبياء ‌علي‌ الرحيل‌ ‌إلي‌ حوار ربه‌ ‌لم‌ يترك‌ أمته‌ سدي‌، و ‌لم‌ يدع‌ الخلائق‌ هملا، و ‌لم‌ تبطل‌ بموته‌ حجج‌ اللّه‌ و بيناته‌، و براهينه‌ و آياته‌ (فَلِلّه‌ِ الحُجَّةُ البالِغَةُ) ‌بل‌ ترك‌ فيهم‌ كتاب‌ اللّه‌ و سنته‌ يستنبط ‌منها‌ العلماء احكام‌ الوقائع‌ المتجددة، و القضايا الحادثة، و هؤلاء العلماء هم‌ المجتهدون‌، و ‌إذا‌ كانوا ‌من‌ أهل‌ الورع‌ و الصلاح‌ و حصلت‌ لهم‌ ملكة الاستنباط و استفراغ‌ الوسع‌ ‌في‌ الاستخراج‌ فهم‌ ورثة الأنبياء و مراجع‌ الأمة، و خلفاء الأئمة، و مصابيح‌ الهدي‌ (و ‌في‌ الحديث‌) (مجاري‌ الأمور بأيدي‌ العلماء) و مدادهم‌ أفضل‌ ‌من‌ دماء الشهداء و ‌من‌ هنا نعرف‌ ‌إن‌ الاجتهاد باب‌ رحمة ‌علي‌ العباد، و ‌ما زال‌ باب‌ الاجتهاد مفتوحا ‌عند‌ الإمامية ‌من‌ عهد صاحب‌ الرسالة ‌إلي‌ اليوم‌ و ‌لكن‌ ‌هذه‌ القضية بيننا و ‌بين‌ إخواننا المسلمين‌ ‌من‌ بقية المذاهب‌ ‌قد‌ تورطت‌ ‌بين‌ تفريط و إفراط (فالامامية) فتحوا باب‌ الاجتهاد ‌علي‌ مصراعيه‌ ‌حتي‌ ادي‌ ‌ذلك‌ ‌إلي‌ الفوضي‌ المضرة و صار يدعيه‌، ‌حتي‌ ‌من‌ ‌لا‌ يصح‌ ‌إن‌ يطلق‌ ‌عليه‌ اسم‌ المتفقة فضلا ‌عن‌ الفقيه‌، و بقية المسلمين‌ ‌قد‌ سدوا باب‌ الاجتهاد بتاتاً و اقتصروا ‌علي‌ المذاهب‌ الأربعة، و ‌قد‌ ضاع‌ الاعتدال‌ و الوسط ‌في‌ ‌هذه‌ الناحية ‌كما‌ ضاع‌ ‌في‌ غيرها، و ‌لا‌ حول‌ و ‌لا‌ قوة.

(‌الثاني‌) ‌إن‌ مدار العقود و المعاملات‌ ‌علي‌ الأموال‌ و ‌ليس‌ للمال‌ حقيقة عينية خارجية كسائر الأعيان‌ تتمحض‌ ‌في‌ المالية تمحض‌ سائر الأنواع‌ ‌في‌ حقائقها النوعية، و انما ‌هو‌ حقيقة اعتبارية ينتزعها العقلاء ‌من‌ الموجودات‌ الخارجية ‌الّتي‌ تتقوم‌ ‌بها‌ معايشهم‌ و تسد ‌بها‌ حاجاتهم‌ الضرورية و الكمالية فمثلًا الحبوب‌ و الأطعمة مال‌ لان‌ البشر محتاج‌ إليها ‌في‌ اقواته‌ و حياته‌ و هكذا ‌كل‌ ‌ما ‌كان‌ مثل‌ ذا ‌من‌ حاجات‌ الملابس‌ و المساكن‌ و نحوها ‌قد‌ انتزع‌ العقلاء ‌منها‌ معني‌ وصفيا عرضيا يعبر ‌عنه‌ بالمال‌ و ‌هو‌ ‌من‌ المعقولات‌ الثانوية باصطلاح‌ الحكيم‌، و ‌لما‌ ‌كان‌ مدنية الإنسان‌ ‌لا‌ تتم‌ ‌إلا‌ بالحياة المشتركة و ‌هي‌ تحتاج‌ ‌إلي‌ المقابضة و التبادل‌ ‌في‌ الأعيان‌ و المنافع‌ و ‌كان‌ التقابض‌ بتلك‌ الأعيان‌ و ‌هي‌ العروض‌ ‌مما‌ ‌لا‌ ينضبط أرادوا جعل‌ معيار يرجع‌ ‌إليه‌ ‌في‌ المعاملات‌ و ‌يكون‌ ‌هو‌ المرجع‌ الأعلي‌ و الوحدة المقياسية فاختاروا الذهب‌ و الفضة و ضربت‌ سكة السلطان‌ عليهما لمزيد الاعتبار ‌في‌ ‌إن‌ ‌يكون‌ عليهما المدار فماليتهما أمر اعتباري‌ محض‌ ‌لا‌ فرق‌ بينهما و ‌بين‌ سائر المعادن‌ و غيرها ‌من‌ ‌حيث‌ الذات‌ و الحقيقة، و لذا ‌في‌ ‌هذه‌ العصور حاول‌ ‌بعض‌ الدول‌ قلب‌ الاعتبار ‌إلي‌ الورق‌ و ‌لكن‌ ‌مع‌ الاعتماد عليهما و مهما يكن‌ الأمر، ‌فإن‌ المال‌ ‌لما‌ ‌كانت‌ حقيقته‌ تقوم‌ ‌علي‌ الاعتبار فكما اعتبروا الأجناس‌ الخارجية مالا فكذلك‌ اعتبروا ذمة الرجل‌ العاقل‌ الرشيد مالا و ‌لكن‌ ‌مع‌ الالتزام‌ و التعهد فإذا التزم‌ لك‌ الثقة الأمين‌ بمال‌ ‌في‌ ذمته‌ وثقت‌ ‌به‌ و جعلته‌ كمال‌ ‌في‌ يدك‌ ‌أو‌ صندوقك‌ و ‌كذا‌ العقلاء يعتبرون‌ ‌إن‌ لك‌ مالا عنده‌ اما ‌من‌ ‌لا‌ عهدة ‌له‌ و ‌لا‌ ذمة كالسفيه‌ و المجنون‌ و الصغير ‌بل‌ و السفلة ‌من‌ الناس‌ الذين‌ ‌لا‌ قيمة لأنفسهم‌ عندهم‌ ‌ألذي‌ يعدك‌ و يخلف‌ و يحدثك‌ فيكذب‌، و يلتزم‌ لك‌ و ‌لا‌ يفي‌ بالتزامه‌ فهؤلاء ‌لا‌ ذمة لهم‌ و ‌لا‌ شرف‌ و التزامهم‌ ‌عند‌ العقلاء هباء و ‌لا‌ يتكون‌ ‌من‌ التزامهم‌ ‌عند‌ العرف‌ مال‌: فالمال‌ إذاً نوعان‌ خارجي‌ عيني‌ و ‌هو‌ النقود و العروض‌ و اعتباري‌ فرضي‌، و ‌هو‌ ‌ما ‌في‌ الذمم‌ اعني‌ الالتزام‌ و العهدة و الالتزام‌ تأثيره‌ ‌لا‌ ينحصر بالمال‌ ‌بل‌ يتمطي‌ و يتسع‌ ‌حتي‌ يحتضن‌ جميع‌ العقود ‌بل‌ و كافة الإيقاعات‌: الا تري‌ ‌إن‌ البيع‌ ‌إذا‌ صهره‌ التمحيص‌ ‌لم‌ تجد خلاصته‌ الا تعهداً و التزاما بان‌ ‌يكون‌ مالك‌ للمشتري‌ عوض‌ ماله‌ ‌ألذي‌ التزم‌ ‌أنّه‌ لك‌ فيترتب‌ ‌علي‌ ‌هذا‌ الالتزام‌ مبادلة ‌في‌ المالين‌ بانتقال‌ مال‌ ‌كل‌ واحد ‌إلي‌ الآخر و بتحقق‌ النقل‌ و الانتقال‌ كأثر لذلك‌ الالتزام‌ و هكذا الإجارة و الجعالة ‌بل‌ و الإيقاع‌ كالعتق‌ و الإبراء ‌بل‌ و النكاح‌ و الطلاق‌ كلها تعهدات‌ و التزامات‌ و إبرام‌ و نقض‌ و حل‌ و عقد تباني‌ عقلاء البشر ‌من‌ جميع‌ الأمم‌ و العناصر ‌علي‌ اتباعها و العمل‌ ‌بها‌ كقوانين‌ لازمة. و دساتير حاسمة. يسقط ‌عن‌ درجة الإنسانية ‌من‌ ‌لا‌ يلتزم‌ ‌بها‌ ‌في‌ ‌كل‌ عرف‌ و لغة ‌ثم‌ ‌لما‌ انبثق‌ نور الإسلام‌ بشريعته‌ الغراء أكدت‌ و أبدت‌ تلك‌ الوضعية الحكيمة و القاعدة القويمة و أقرت‌ العرف‌ ‌علي‌ معاملاتهم‌ و ألزمتهم‌ بتعهداتهم‌ و التزاماتهم‌ بعمومات‌ (أَوفُوا بِالعُقُودِ) (و تِجارَةً عَن‌ تَراض‌ٍ) و نظائرها الا‌ما ورد النهي‌ ‌عنه‌ بالخصوص‌ كبيع‌ الربا و بيع‌ الضرر و أمثاله‌. ‌فإن‌ أطلقت‌ العقد لزمك‌ الاحتفاظ بالتزامك‌ أبداً و ‌إن‌ جعلت‌ لك‌ خياراً ‌أو‌ جعله‌ الشارع‌ لك‌ جاز لك‌ نقضه‌ ‌إذا‌ شئت‌. و ‌حيث‌ عرفت‌ ‌إن‌ العقود ليست‌ سوي‌ التزامات‌ يستبين‌ لك‌ انها تحقيقاً ليست‌ سوي‌ نسب‌ و إضافات‌ ضرورة ‌إن‌ الالتزام‌ معني‌ يتقوم‌ بملتزم‌ و ملتزم‌ ‌له‌ و ملزم‌ ‌به‌ مثلا البائع‌ و المشتري‌ و البيع‌ أي‌ المعاوضة و المبادلة و ‌ما يقارب‌ ‌ذلك‌ و مفاهيم‌ ‌هذه‌ العناوين‌ اعني‌ بيع‌. معاوضة. مبادلة. ‌أيضا‌ معاني‌ نسبية اضافية تتقوم‌ بطرفين‌ عوض‌ و معوض‌ ثمن‌ و مثمن‌. و هذان‌ هما الركنان‌ ‌في‌ عقود المعاوضات‌ ‌لا‌ البائع‌ و المشتري‌ بخلافه‌ ‌في‌ عقود المناكحات‌ فان‌ الأركان‌ هناك‌ ‌هو‌ الزوج‌ و الزوجة ‌لا‌ المهر و توابعه‌ إذاً فاركان‌ العقد ‌في‌ الأموال‌ مطلقا ثلاثة‌-‌ الصيغة الدالة ‌علي‌ الالتزام‌ بالمعاملة و العوضان‌ و هما الثمن‌ و المثمن‌ و ‌في‌ الزواج‌‌-‌ الصيغة. و الزواج‌. و الزوجة. و يعتبر ‌في‌ ‌كل‌ واحد ‌من‌ الأركان‌ ‌في‌ المقامين‌ شروط و أوصاف‌ ‌لو‌ اختل‌ واحد ‌منها‌ بطل‌ العقد. اما ‌لو‌ اختل‌ شرط ‌في‌ ‌غير‌ الأركان‌ و ‌كانت‌ الأركان‌ بشروطها حاصلة ‌لم‌ يبطل‌ العقد و ‌لكن‌ يحدث‌ ‌فيه‌ خيار تخلف‌ الشرط. و ينقلب‌ ‌من‌ اللزوم‌ ‌إلي‌ الجواز و يكشف‌ ‌ذلك‌ ‌عن‌ وقوعه‌ جائزاً. فالأصل‌ ‌في‌ الالتزامات‌ الزوم‌ الا ‌إن‌ يجعل‌ الشارع‌ ‌أو‌ المتعاقدان‌ ‌أو‌ أحدهما ‌فيه‌ حق‌ الفسخ‌ فيكون‌ جائزاً بالعرض‌ ‌أو‌ ‌يكون‌ بحسب‌ أصل‌ جعله‌ ‌عند‌ العقلاء ‌غير‌ لازم‌ و مبيناً ‌علي‌ الجواز.

و أقصي‌ مبالغ‌ التحقيق‌ ‌إن‌ المالك‌ حين‌ يخرج‌ ماله‌ ‌عن‌ ملكه‌ تارة بقطع‌ ‌كل‌

علاقته‌ ‌منه‌ و يجعل‌ ‌كل‌ سلطته‌ ‌له‌ ‌علي‌ المال‌ لغيره‌ و اخري‌ يخرجه‌ و يترك‌ ‌له‌ ناحية ‌من‌ تلك‌ السلطنة الواسعة و ‌هي‌ حق‌ استرداده‌ ‌أو‌ حق‌ فسخ‌ العقد ‌ألذي‌ وقع‌ ‌عليه‌ و ‌يكون‌ أثره‌ رجوع‌ المال‌ ‌إلي‌ مالكه‌ ‌الأوّل‌ ‌علي‌ اختلاف‌ القولين‌ ‌أو‌ الاحتمالين‌ ‌في‌ حقيقة الفسخ‌، ‌ثم‌ ‌إن‌ بقاء ‌هذه‌ العلقة ‌في‌ المال‌ تارة بجعله‌ ‌أو‌ جعل‌ الشارع‌ ‌كما‌ عرفت‌ و اخري‌ تكون‌ ‌من‌ خصوصيات‌ ذات‌ العقد و ‌ذلك‌ ‌كما‌ ‌في‌ العقود الجائزة بطباعها كالهبة و العارية و الوديعة و أمثالها و أكثر ‌ما ‌يكون‌ ‌ذلك‌ ‌في‌ العقود التبرعية فالهبة مثلا ‌من‌ طبيعتها الجواز الا ‌إن‌ يعرض‌ عليها ‌ما يوجب‌ لزومها مثل‌ كونها معوضة ‌أو‌ لذي‌ رحم‌ عكس‌ البيع‌ ‌ألذي‌ ‌من‌ طبيعته‌ اللزوم‌ الا ‌إن‌ يعرض‌ ‌عليه‌ ‌ما يوجب‌ جوازه‌ و ‌كذا‌ العارية ‌من‌ طبعها الجواز و الرجوع‌ ‌بها‌ متي‌ شاء الا ‌إن‌ يلزمها الشرط ‌كما‌ ‌إن‌ ‌من‌ طبيعتها ‌عدم‌ الضمان‌ الا ‌إن‌ تكون‌ عارية ذهب‌ ‌أو‌ فضة و ‌هذه‌ الخصوصيات‌ و الكيفيات‌ اعتبرها الشارع‌ و قيد ‌بها‌ تلك‌ العقود العرفية و ضبطها بتلك‌ الحدود نظرا للمصالح‌ العام‌ حسب‌ علمه‌ و إحاطته‌ ‌في‌ الحقوق‌ المشتركة و النظام‌ الأتم‌.

و نحن‌ ‌حيث‌ نتكلم‌ ‌في‌ أحكام‌ العقود و المعاملات‌ ننظرها ‌من‌ جهتين‌ وجهتها العرفية و وجهتها الشرعية. فنأخذ بالاعتبارات‌ العرفية بوجه‌ عام‌ ‌ثم‌ نعقبه‌ بالنظر ‌في‌ الأدلة الشرعية و مالها ‌من‌ التصرف‌ الخاص‌ ‌من‌ منع‌ بات‌ ‌أو‌ اعتبار ‌بعض‌ القيود و الخصوصيات‌ فنتبعه‌ ‌إن‌ ‌كان‌ و الا فالعمومات‌ تلزمنا ‌بما‌ ‌عليه‌ العرف‌ العام‌ ‌في‌ معاملاتهم‌ و عسي‌ ‌أن‌ يأتي‌ ‌شيء‌ ‌من‌ شواهد ‌ذلك‌ ‌إن‌ شاء اللّه‌ (الثالث‌) يعرف‌ الفقه‌ بأنه‌ معرفة الاحكام‌ الشرعية الفرعية ‌عن‌ أدلتها التفصيلية: و ‌هذا‌ التعريف‌ سواء ‌كان‌ سالما ‌من‌ النقد ‌أو‌ ‌غير‌ سالم‌ فهو يعطي‌ صوره‌ إجمالية يتميز ‌بها‌ ‌هذا‌ العلم‌ ‌عن‌ ‌غيره‌ ‌من‌ العلوم‌. و المراد بالمكلف‌ ‌هو‌ البالغ‌ العاقل‌ القادر. و الأدلة ‌هي‌ القواعد الممهدة لتحصيل‌ معرفة ‌الحكم‌ الإلهي‌ الشرعي‌ ‌من‌ الكتاب‌ و السنة و الإجماع‌ و العقل‌ و الأحكام‌ الشرعية ‌هي‌ ‌ما بلغه‌ الرسول‌ ‌عن‌ اللّه‌ ‌من‌ القضايا المتعلقة باعمال‌ المكلفين‌ وضعا ‌أو‌ تكليفا. و الأحكام‌ التكليفية ‌هي‌ الخمسة المشورة ‌الّتي‌ يجمعها الاقتضاء و التخيير و ‌الحكم‌ الوضعي‌ ‌هو‌ السبب‌ و الشرط و المقتضي‌ و المانع‌ و الصحة و الفساد و البطلان‌ و العلة التامة و الاختلاف‌ ‌بين‌ السبب‌ و الشرط و بينه‌ و ‌بين‌ المقتضي‌ بالاعتبار و ‌علي‌ ‌كل‌ فالأحكام‌ الشرعية ‌هي‌ ‌الّتي‌ شرعها سبحانه‌ ‌علي‌ لسان‌ رسوله‌ الظاهري‌ و الباطني‌ لحفظ نظام‌ الهيئة الاجتماعية للبشر و علاقتهم‌ ‌به‌ جل‌ شأنه‌ ‌أو‌ علاقة بعضهم‌ ببعض‌ فهي‌ إذاً ‌لا‌ تخلو اما ‌إن‌ تكون‌ متعلقة بعمل‌ ‌يكون‌ تمام‌ الغرض‌ ‌منه‌ صلة العبد بربه‌ و نفسه‌. ‌أو‌ صلته‌ بأبناء جنسه‌. (‌الأوّل‌) ‌هو‌ العبادات‌ كالصلاة و أخواتها (و ‌الثاني‌) ‌ما ‌يكون‌ أهم‌ الغرض‌ ‌منه‌ ضبط النواميس‌ و أهمها ثلاثة. النفوس‌. و الاعراض‌. و الأموال‌. فما تعلق‌ بالمال‌ ‌من‌ ‌حيث‌ كسبه‌ و تحصيله‌ ‌لا‌ يخلو اما ‌إن‌ ‌يكون‌ بقول‌ ‌أو‌ عمل‌. و ‌الأوّل‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ متقوما بطرفين‌ ‌أو‌ بطرف‌ واحد. و ‌الأوّل‌ و ‌هو‌ العقود اما ‌إن‌ ‌يكون‌ مقابلة مال‌ بمال‌ فهي‌ عقود المعاوضات‌: و اما ‌إن‌ ‌يكون‌ المال‌ ‌من‌ طرف‌ واحد فهي‌ عقود الارتفاق‌ و المجانيات‌ كالهبة و الصدقات‌ و أمثالها. ‌أما‌ ‌ألذي‌يتقوم‌ بطرف‌ واحد فهو الاسقاط و الإبراء و التعهدات‌ الابتدائية. اما مالا يحتاج‌ ‌إلي‌ القول‌ ‌من‌ أنواع‌ الكسب‌ فهو العمل‌ و ‌هو‌ اما ‌إن‌ ‌يكون‌ اختيارياً ‌أو‌ قهرياً. فالأول‌ كالحيازة و الاصطياد و احياء الموات‌ و أمثالها (و ‌الثاني‌) كالإرث‌ و الوصية بناء ‌علي‌ ‌ما ‌هو‌ الأصح‌ ‌من‌ ‌عدم‌ حاجتها ‌إلي‌ القبول‌ و ‌منه‌ الوقف‌ ‌علي‌ البطون‌ ‌بل‌ و الزكوات‌ و الأخماس‌ و النذور فان‌ جميع‌ ‌هذه‌ الأنواع‌ أسباب‌ للملك‌ القهري‌ ‌من‌ ‌غير‌ قول‌ و ‌لا‌ عمل‌ و اما ‌ما يتعلق‌ بالاعراض‌ فهو النكاح‌ ‌ألذي‌ شرع‌ لحفظ النسل‌ و تكوين‌ الأسر و العائلات‌ ‌ألذي‌ ‌به‌ عمارة الدنيا و حفظ النوع‌ البشري‌ و يتبعه‌ أنواع‌ الفرقة و الطلاق‌ و الظهار و نظائرها و اما ‌ما يتعلق‌ بالنفوس‌ فقد ‌يكون‌ فك‌ نفس‌ كالعتق‌ و أخواته‌ و ‌قد‌ ‌يكون‌ تدارك‌ نفس‌ كالديات‌ و القصاص‌ و الحدود. و ‌ما ‌كانت‌ ‌كل‌ ‌هذه‌ الوسائل‌ يستدعي‌ المعاشرة و المعاشرة ‌قد‌ تفضي‌ ‌إلي‌ المعاشرة و ‌هي‌ تفضي‌ ‌إلي‌ الخصومة لذلك‌ جعل‌ الشارع‌ الحكومة و القضاء ليكون‌ لها القول‌ الفصل‌ و القضاء الحاسم‌ للخصومات‌ فهذه‌ جملة أبواب‌ الفقه‌ ‌ألذي‌ يبحث‌ ‌فيه‌ ‌عن‌ ‌كل‌ واحد ‌من‌ تلك‌ العناوين‌ و ‌عن‌ أحكامها و أدلتها و فروعها و ‌قد‌ جمعوها ‌علي‌ الجملة ‌في‌ أربعة (عبادات‌) و ‌هي‌ ‌ما ‌يكون‌ الغرض‌ المهم‌ ‌منها‌ الطاعة و الامتثال‌ و النفع‌ الآخروي‌ و (معاملات‌) و ‌هي‌ ‌ما ‌يكون‌ الغرض‌ المهم‌ ‌منها‌ المال‌ و تتوقف‌ ‌علي‌ طرفين‌ و (إيقاعات‌) و ‌هي‌ نسب‌ و إضافات‌ يكفي‌ ‌في‌ تحقيقها طرف‌ واحد و (احكام‌) و ‌هي‌ حدود و عقوبات‌ و ‌كل‌ ‌ذلك‌ تقريبات‌ يقصد ‌منها‌ الإشارة الإجمالية و بيان‌ الوسائل‌و الغايات‌ و نقول‌ ‌في‌ بيان‌ أوسع‌ و اجمع‌ ‌إن‌ الملحوظ ‌في‌ الفقه‌ ‌هو‌ النواميس‌ المقدسة و الشارع‌ المقدس‌ بحكمته‌ الواسعة شرع‌ العبادات‌ تنويراً للقلوب‌ و تربية للأرواح‌. و تهذيباً للأخلاق‌، و أخذا بهذا النوع‌ البشري‌ ‌من‌ حضيض‌ البهيمية ‌إلي‌ كمال‌ الإنسانية و الملكية، و ربط المعاملات‌ بالعقود حفظا للوئام‌ و ضبطاً للنظام‌.

و جعل‌ القصاص‌ و الديات‌ احتفاظا بالنفوس‌، و بالجهاد و قتل‌ المرتد حفظ الدين‌. و بتحريم‌ المسكرات‌ و حد شاربها حفظ العقل‌، و بتحريم‌ الزنا و أخويه‌ الخبيثين‌ حفظ الأنساب‌ و بتحريم‌ الغصب‌ و السرقة و قطع‌ يد السارق‌ حفظ الأموال‌ و بتحريم‌ الغيبة و البهتان‌ و القذف‌ و الحد ‌عليه‌ حفظ الاعراض‌، و بجعل‌ منصب‌ القضاء قطع‌ التشاجر و الخصومات‌ ‌هذه‌ فذلكة مهمات‌ شريعة الدين‌ الإسلامي‌ و احكامه‌ و فلسفة تشريعها و أنموذج‌ إسرارها فهل‌ تجد دينا أوسع‌ و اجمع‌ و ارصن‌ و أتقن‌ ‌من‌ ‌هذا‌ (الرابع‌) ‌من‌ الأمور، لن‌ جميع‌ مدارك‌ الاحكام‌ و أدلتها ترجع‌ ‌إلي‌ قواعد و قوانين‌ عامة ‌بها‌ يستنبط ‌الحكم‌ ‌من‌ الكتاب‌ و السنة و تابعيهما العقل‌ و الإجماع‌. و الأدلة عندنا معشر الإمامية تنحصر بهذه‌ الأربعة. اما غيرنا ‌من‌ فقهاء الإسلام‌ فقد يدخلون‌ الظن‌ و القياس‌ و الاستحسان‌ ‌مما‌ ورد المنع‌ الشديد ‌في‌ اخبار أئمتنا سلام‌ اللّه‌ عليهم‌ ‌عن‌ الميل‌ اليه‌ فضلا ‌عن‌ الاعتماد ‌عليه‌ (و الغرض‌) ‌إن‌ العمدة ‌في‌ استخراج‌ ‌الحكم‌ و استنباطه‌ ‌من‌ الأدلة ‌هي‌تلك‌ القواعد العامة و ‌هي‌ كثيرة ذكرت‌ المجلة ‌منها‌ مائة مادة سيتضح‌ لك‌ فيما ‌بعد‌ تنقيح‌ القول‌، و ‌قد‌ أفرد القواعد العامة بالتأليف‌ جماعة ‌من‌ علمائنا الاعلام‌، و المطبوع‌ المتداول‌ ‌منها‌ (أربعة) (‌الأوّل‌) (عناوين‌) المير فتاح‌ المراغي‌ و ‌هو‌ نفيس‌ ‌في‌ بابه‌ جمع‌ ‌فيه‌ كثيراً ‌من‌ القواعد الفقهية و الأصولية و أكثر ‌من‌ تقريرات‌ درس‌ أستاديه‌ جدنا موسي‌ ‌بن‌ ‌جعفر‌ كاشف‌ الغطاء و أخيه‌ ‌علي‌ ‌بن‌ ‌جعفر‌ (‌الثاني‌) [العوائد] لمعاصره‌ الملا مهدي‌ النراقي‌ رحمه‌ اللّه‌ و ‌هو‌ دون‌ ‌الأوّل‌ ‌في‌ الإتقان‌ [الثالث‌] (تمهيد القواعد) للشهيد ‌الثاني‌ قدس‌ سره‌ (الرابع‌) (القواعد) للشهيد ‌الأوّل‌ رضوان‌ اللّه‌ ‌عليه‌ و ‌هو‌ أتقن‌ الجميع‌، و ‌علي‌ غزارة مادة ‌هذه‌ المؤلفات‌ ‌قد‌ بقي‌ كثير ‌من‌ القواعد العامة ‌لم‌ يتعرض‌ لها و توجد جمهرتها ‌في‌ كتب‌ الأصحاب‌ متفرقة ‌في‌ أبواب‌ الفقه‌، و ‌علي‌ ‌كل‌، فنحن‌ نشرع‌ بتوفيقه‌ ‌تعالي‌ بذكر مواد المجلة و بيان‌ ‌ما عندنا ‌من‌ تفسير ‌أو‌ ملاحظة ‌ثم‌ نعقبها بذكر ‌ما يحضرنا ‌من‌ القواعد العامة الكلية ‌الّتي‌ اعتمد عليها أصحابنا قدست‌ أسرارهم‌ جميعاً ‌منها‌ ‌ما تيسر و حظر (بسم‌ اللّه‌ الرّحمن‌ الرّحيم‌ و ‌له‌ الحمد)


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما