سه‌شنبه 18 ارديبهشت 1403  
 
 
مفعولها في نشر الأمراضوتلويث الهواء؟!

  


وكذا لو أُلقيت في البحار أو الأنهار تنمووتشتدّ، بخلاف ما لو دُفنت في التراب؟!

ولعلّ فيه موادّ من خاصيّتها تلف تلكالجراثيم المختلفة الأنواع، التي لوانتشرت لأهلكت كلّ حيّ حتّى النبات.

وقد أيّد العلم الحديث هذه النظرية؛ حيثاكتشف بعض علماء الغرب حسب ما نقل: أنّ فيالتراب مادّة تقتل مكروب كلّ مرض منالأمراض كالسلّ والتيفو والملاريا،وغيرها.

ولولا تلك المادّة المعقّمة في الترابلانتشر من جسد كلّ ميّت أنواع من الأمراضتقضي بالفناء على كلّ الأحياء.

أو لعلّ إليه الإشارة بقوله تعالى: (ألمنجعل الأرض كِفاتاً* أحياءً وأمواتاً) (1)،

لا؛ فقد ذكر اللغويون أنّ معاني «الكفت»:الجمع والضمّ والإماتة، يقال: كفته الله:أي أماته (2)..

فيكون المعنى المشار إليه في الآية: إنّالأرض تجمع وتضمّ الأحياء،

(1) سورة المرسلات 77: 25 و26.

(2) المفردات ـ للراغب ـ: 451، أساس البلاغة:546، لسان العرب 12|177؛ مادّة «كفت».

ثمّ تجمع جراثيمها بعد الموت وتميتها (1)؛فإنْ تمّت هذه الاستفادة فهي إحدى معجزاتالقرآن.

وهل ترى أنّ قدماء الفلاسفة ومتأخّريهممن اليونان والهند والفرس، وغيرهم في مااستخرجوه من خواصّ الأرض ومعادنهاوحيوانها قد أحصوا كلّ ما أودعه الصانعالحكيم فيها من الكنوز

والرموز والخزائن والدفائن؟!

كلاّ ولا عشر معشار منها، ولعلّ نسبة ماوصلوا إليه ممّا تمنّع عليهم نسبة الذرّةمن الفضاء، والقطرة من الماء.

ولا يزال العلم والبحث يأتي بالعجائب،ولا ينهى حتّى تنتهي الدنيا ولن تنتهي؛وإنّما الغرض الإشارة إلى أنّ هذه الأرضهي من أعظم آيات الله الباهرة، نمرّ عليهاليلاً ونهاراً ونحن عنها معرضون..

(1) قال الرازي: واعلم أنّه تعالى ها هناذكر ثلاثة أشياء: (أوّلها): الأرض، وإنّماقدّمها؛ لأنّ أقرب الأشياء إلينا منالأُمور الخارجية هو الأرض...

ثمّ في المعنى وجوه:

أحدها: أنّها تكفت أحياءً على ظهرها،وأمواتاً في بطنها، والمعنى: إنّ الأحياءيسكنون في منازلهم والأموات يُدفنون فيقبورهم، ولهذا كانوا يسمّون الأرضأُمّاً؛ لأنّها في ضمّها للناس كالأُمّالتي تضمّ ولدها وتكفله، ولمّا كانوايضمّون إليها جُعلت كأنّها تضمّهم.

وثانيها: إنّها كفات الأحياء، بمعنىأنّها تكفت ما ينفصل من الأحياء منالأُمور المستقذرة، فأمّا أنّها تكفتالأحياء حال كونهم على ظهرها فلا.

وثالثها: إنّها كفات الأحياء بمعنى أنّهاجامعة لِما يحتاج الإنسان إليه في حاجاتهمن مأكل ومشرب؛ لأنّ كلّ ذلك يخرج منالأرض، والأبنية الجامعة للمصالح الدافعةللمضارّ مبنيّة منها.

ورابعها: إنّ قوله: (أحياءً وأمواتاً)معناه راجع إلى الأرض، والحيّ ما أنبت،والميّت ما لم ينبت.

انظر: تفسير الرازي 15|275.

ولو عرفنا اليسير من منافعها وطبائعهالتجلّى لنا أنّها الأُمّ الحنون البارّةبنا، التي ولدتنا وأرضعتنا من أخلاف (1)نعمها وخيراتها.

وما هذا البشر إلاّ غرس من غرسها، وشجرةنامية من أشجارها، أولدتنا على ظهرها،وغذّتنا من منتوجاتها، وتردّنا إلىأحشائها.

وفي الحديث النبويّ: «إنّ الأرض برّة بكم؛تتيمّمون منها، وتصلّون عليها في الحياة،وهي لكم كفات في الممات، وذلك نعمة من اللهوله الحمد» (2).

وأفضل ما يسجد المصلّي عليه: التربةالنقيّة.

وقد نوّه عن بعض تلك المزايا الشاعرالحكيم العربي القديم، الذي أدرك أوّلبزوغ شمس الإسلام ولم يُسلم؛ لأنّه كان قدرشّح نفسه للنبوّة ولم تساعده العناية،وتخطّته إلى من هو أحقّ بها وأجدر، ذلكأُمية بن أبي الصلت (3)، وكان ينظمالمطوّلات الرنانة في: السماء، والعالم،

(1) الأخلاف ـ جمع خِلف، بالكسر ـ: وهوالضرع، وقال ابن فارس: وسمّي بذلك لأنّهيكون خَلفَ ما بعده، وأخلف الشجر: خرجت لهثمرة بعد ثمرة؛ انظر: مادّة «خلف» في:النهاية في غريب الحديث 2|68، معجم مقاييساللغة: 328، لسان العرب 4|184.

(2) دعائم الإسلام ـ للقاضي نعمان ـ 1|178،مستدرك الوسائل 2|531 ح 2643.

(3) أُمية بن عبدالله أبي الصلت بن أبيربيعة بن عوف بن عُقدة، من بني ثقيف،أُمّه: رُقية بنت عبد شمس بن عبد مناف: شاعرجاهلي، حكيم، من أهل الطائف، نظر في الكتبوقرأها، ولبس المسوح ـ وهو لباسالمتنسّكين ـ تعبّداً، وكان ممّن ذكرإبراهيم وإسماعيل والحنفية ـ دين إبراهيمالخليل عليه السلام ـ وحرّم الخمر، وشكّفي الأوثان، التمس الدين، وطمع فيالنبوّة؛ لأنّه قرأ في الكتب أنّ نبيّاًيُبعث من العرب، فكان يرجو أن يكونه،فلمّا بُعث النبيّ صلّى الله عليه وآلهقيل له: هذا الذي كنت تستريث ـ أي تستبطئ ـ.فسأل عن خبره فقيل له: يزعم أنّه نبيّ. فخرجحتّى قدم عليه بمكّة، وسمع منه آيات منالقرآن، وانصرف عنه، فتبعته قريش تسأله عنرأيه فيه، فقال: أشهد أنّه على الحقّ.قالوا: فهل تتّبعه؟ فقال: حتّى أنظر فيأمره.

والمبدأ، والمعاد، والقبر، والبرزخ،والحشر، والنشر، والأفلاك، والأملاك؛ ففيبعض مطوّلاته يقول عن الأرض:


  • الأرض معقلنا وكانت أُمّنا فيهامقابرنا ومنها نولدُ (1)

  • فيهامقابرنا ومنها نولدُ (1) فيهامقابرنا ومنها نولدُ (1)

وفي أُخرى:


  • هي القرار فما نبغي بها بدلاً منها خلقنا وكانت أُمّنا خلقت ونحنأبناؤها لو أنّنا شكر

  • ما أرحمالأرض إلاّ أنّنا كفر ونحنأبناؤها لو أنّنا شكر ونحنأبناؤها لو أنّنا شكر

ومن الأيام الزكية في شريعة الإسلام هويوم: (دحو الأرض)، وهو اليوم الخامسوالعشرين من شهر ذي القعدة الحرام، وهو منأيام الصيام، وفيه دحا الله الأرض من تحتالكعبة (2)؛ أي: بسطها

خرج الى الشام، وهاجر رسول الله إلىالمدينة، ولما عاد أمية حدثت وقعة بدر،فعلم بمقتل أهل بدر، وفيهم ابنا خال له،وأقام بالطائف.

ولما مرض أمية مرضه الذي مات فيه جعل يقول:قد دنا أجلي، وهذه المرضة منية، وأنا أعلمأن الحنيفية حق، ولكن أشك بداخلي في محمد.مات سنة 5 هـ ولم يؤمن بالنبي صلّى اللهعليه وآله.

أخباره كثيرة، وشعره من الطبقة الأولى،وقيل: هو أول من جعل في أول الكتب: «باسمكاللهم»، فكتبتها قريش. ومن شعره:


  • كل عيش وإن تطاول دهراً ليتني كنت قبل ما قد بدا لي اجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة الدهرإن للدهر غولا

  • منتهى أمره إلىأن يزولا في رؤوسالجبال أرعى الوعولا غولة الدهرإن للدهر غولا غولة الدهرإن للدهر غولا

أنظر: الأغاني 4 | 127 ـ 140.

(1) أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ 1|33، وقال:فسمّى الأرض أُمّاً لنا؛ لأنّه أبتدأناالله تعالى، تفسير القرطبي 1|79، وقال:الأرض أُمّاً في قول أُمية بن أبي الصلت،فتح القدير ـ للشوكاني ـ 5|487.

(2) من لا يحضره الفقيه 2|54 ح 238، مسارّالشيعة: 34، إقبال الأعمال 2|23..

ومدّها (1)، وفيه دعاء جليل أوّله:

«اللّهمّ داحي الكعبةِ، فالِقَ الحبّةِ،وصارف اللزبة، وكاشف الكُربة، أسألك فيهذا اليوم من أيّامك التي عظّمت حقّها،وقدّمتَ سبقها، وجعلتها عند المؤمنينوديعة، وإليك ذريعة...» إلى آخر الدعاء (2).

وإليه إشارة بقوله تعالى: (والأرض بعد ذلكدحاها).

نعود فنقول أليست هذه الأرض حَرِية إذاًبالتقديس والكرامة والإجلال والعظمة،وأنْ نسجد عبودية لله على النظيف منها؛تكريماً لها وشكراً لعظيم نعمته تعالىعلينا بها، وتنشيطاً للحركة الفكريةللانتقال من عظمتها إلى عظمة خالقها،والتفاتاً إلى أنّها ـ مع عجز القولوالأفكار والأيدي العاملة في تحليل جميععناصرها، واستخراج كلّ جواهرها ـ ليست هيبالنسبة إلى سائر الكرات والكواكبوالأنظمة الشمسية التي أُحصي منهاالملايين ـ وما أُحصي إلاّ اليسير منها ـما هي الاّ ذرّة تسبح في بحر الفضاء غيرالمتناهي؟!

فما أعظم الخالق؟! وما أدهش قدرته وعظمته،وأبدع صنائعه وخليقته؟!

وكلّ ما ذكرناه من فضل هذه الكرة السابحةفي بحر هذا الكون، الذي لا ساحل له، وهيالأرض، معلوم وواضح.

كما أنّ من المعلوم الواضح أنّ هذه الأرضمع حدّتها، وتساوي

(1) تفسير الطبري 12|439.

(2) إقبال الأعمال 2|28، مصباح المتهجّد ـللطوسي ـ: 669.

بقاعها وأجزائها ظاهراً، ولكنّها فيالامتحان، وفي ظاهر العيان أيضاً مختلفةأشدّ الاختلاف في البقاع والطباعوالأوضاع؛ ففيها: الطيّبة والخبيثة،والحلوة والمالحة، والسبخة والمرّة،وإليه الإشارة بقوله تعالى: (وفي الأرضقِطَعٌ متجاورات) (1).

وهذا الاختلاف شيء محسوس؛ فقد يلقيالحارث في أرض قبضة قمح فيعود عليه ريعهابأضعاف البذر سبعين مرّة، وقد يلقيه فيأُخرى فيخيس ويحترق، ولا يحصل حتّى علىالبذر.

ولا شكّ أنّ الطيّب النافع هو الحريبالكرامة والتقديس، ولا يبعد أن تكون تربةالعراق على الإجمال من أطيب بقاع الأرض فيدماثة طينتها، وسعة سهولها، وكثرةأشجارها ونخيلها، وجريان الرافدين عليها،ومايجلبان من الإبليز (2)، وهو الذهبالإبريز (3)، واللجين الجاري، والياقوت،والذهب الأسود.

ثمّ لو تحرّينا هذه السهول العراقية،وجدنا من القريب إلى السداد القول: إنّأسمى تلك البقاع أنقاها تربة، وأطيبهاطينة، وأذكاها نفحة هي تربة كربلاء، تلكالتربة الحمراء الزكية.

وكانت قبل الإسلام قد اتّخذت نواويس (4)،ومعابد، ومدافن للأُمم الغابرة، كما يشعربه كلام الحسين سلام الله عليه في إحدىخطبه

(1) سورة الرعد 13: 4.

(2) الإبليزِ ـ بالكسر ـ: وهو ما يُعقبهالنهر بعد ذهابه عن وجه الأرض، أعجمية،والعامّة تقول بالسين؛ انظر: تاج العروس8|17 مادّة «بلز».

(3) ذهب الإبريز: أي الخالص؛ انظر: لسانالعرب 1|374 مادّة «برز».

(4) الناووس: مقابر النصارى، جمعها نواويس؛انظر: لسان العرب 14|326 مادّة «نوس».

المشهورة؛ حيث يقول: «وكأنّي بأوصالي هذهتقطّعها عسلان الفلوات بين النواويسوكربلاء» (1).

وهذه التربة هي التي يسمّيها أبو ريحانالبيروني (2) فى كتابه الجليل الآثارالباقية: التربة المسعودة في كربلاء (3).

نعم، وإنّما يُعرف طيب كلّ شيء بطيبآثاره، وكثرة منافعه، وغزارة فوائده،ويدلّ على طيب الأرض وامتيازها على غيرها،طيب ثمارها، ورواء أشجارها، وقوّة ينعهاوريعها.

وقد امتازت تربة كربلاء من حيث المادّةوالمنفعة بكثرة الفواكه وتنوّعها وجودتهاوغزارتها، حتّى أنّها في الغالب هي التيتموّن أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير منالثمار اليانعة التي تختصّها ولا توجد في

(1) شرح الأخبار ـ للقاضي النعماني ـ 2|146،مثير الأحزان ـ لابن نما الحلّي ـ: 39،الملهوف: 26، كشف الغمّة 2|239، نزهة الناظروتنبيه الخواطر ـ للحلواني ـ: 86.

(2) هو: محمّد بن أحمد، أبو الريحانالبيروني الخوارزمي: حكيم، رياضي، مؤرّخ،فلكي، أديب، لغوي، كان أعظم عالم موسوعي،ولد في 3 ذي الحجّة 362 هـ، من أهل خوارزم،أقام في الهند بضع سنين، اطّلع على فلسفةاليونانيين والهنود، وعلت شهرته، وارتفعتمنزلته عند ملوك عصره، كان حسن المحاضرة،طيّب العشرة، عفيفاً في أفعاله، صنّفكتباً كثيرة جدّاً تزيد على مئة وخمسينمؤلَّفاً، ويعدّ مؤرّخ العلوم، منها:الآثار الباقية عن القرون الخالية، مختارالأشعار والآثار، الاستيعاب في صنعةالاسطرلاب، الجماهر في معرفة الجواهروغيرها، توفّي في رجب عام 440 هـ.

كان يقول الشعر، فله:


  • ومن حام حول المجدِ غير مجاهدٍ وبات قرير العين في ظلِّ راحةٍ ولكنّهعن حُلّةِ المجدِ عاريا

  • ثوىطاعماً للمكرُماتِ وكاسيا ولكنّهعن حُلّةِ المجدِ عاريا ولكنّهعن حُلّةِ المجدِ عاريا

انظر: معجم المؤلّفين 3|53 رقم 11643.

(3) الآثار الباقية: 329.

غيرها.

إذاً أفليس من صميم الحقّ والحقّ الصميمأن تكون أطيب بقعة في الأرض مرقداًوضريحاً لأكرم شخصية في الدهر؟!

نعم، لم تزل الدنيا تمخض لتلد أكمل فرد فيالإنسانية، وأجمع ذات لأحسن ما يمكن منمزايا العبقرية في الطبيعة البشرية،وأسمى روح ملكوتية في أصقاع الملكوت،وجوامع الجبروت..

فولدت نوراً واحداً شطرته نصفين: سيّدالأنبياء محمّداً، وسيّد الأوصياء عليّاً(1)، ثمّ جمعته ثانياً؛ فكان الحسين مجمعالنورين، وخلاصة الجوهرين، كما قال صلّىالله عليه وآله وسلّم: «حسين منّي وأنا منحسين» (2)، ثمّ عقمت أن

(1) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:«كنت أنا وعليّ بن أبي طالب نوراً بين يديّالله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام،فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزءين،فجزءٌ أنا، وجزءٌ عليّ».

وقال صلّى الله عليه وآله: «فلمّا خلقالله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم يزلفي شيءٍ واحد حتّى افترقنا في صلب عبدالمطّلب؛ ففيّ النبوّة، وفي عليٍّالخلافة».

وفي خبر آخر: «حتّى قسّمه جزءين، فجعلجزءاً في صلب عبدالله، وجزءاً في صلب أبيطالب، فأخرجني نبيّاً، وأخرج عليّاًوصيّاً».

راجع: فضائل الصحابة 2|823 ـ 824 ح 1130، شرح نهجالبلاغة 9|171، المناقب ـ للمغازلي ـ: 120 ـ 122ح 130 ـ 132، زين الفتى ـ للعاصمي ـ 1|131 ح 34 وص133 ح 38، فردوس الأخبار 1|374 ح 2776 وج 2|178 ح 4884،مقتل الحسين عليه السلام ـ للخوارزمي ـ 1|84ح 38، المناقب ـ للخوارزمي ـ: 145 ح 169 و170،تاريخ دمشق 42|67، تذكرة الخواصّ: 50 ـ 51،كفاية الطالب: 314 ـ 315، الرياض النضرة 3|120،فرائد السمطين 1|41 ـ ح 5 ـ 8.

(2) سُنن الترمذي 5|617 ح 3775، مسند أحمد 4|172،المستدرك على الصحيحين 3|194 ـ 195 ح 4820،المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ 7|515 ح 22، الإحسانبترتيب صحيح ابن حبّان 9|59 ح 6932، المعجمالكبير 3|32 ح 2586 وص 33 ح 2589 وج 22|273 ـ 274 ح 701و702، تاريخ دمشق 14|149 وص 150، جامع الأحاديثالكبير ـ للسيوطي ـ 4|228 ح 11267

تلد لهم الأنداد أبد الآباد.

وإذا كان من حقّ الأرض السجود عليها، وعدمالسجود على غيرها؛ أفليس من الأفضلوالأحرى أن يكون السجود على أفضل وأطهرتربة من الأرض، وهي التربة الحسينية؛ وماذلك إلاّ لأنّها أكرم مادّة، وأطهرعنصراً، وأصفى جوهراً عن سائر البقاع؟!

فكيف وقد انضمّ شرفها الجوهري إلى طيبهاالعنصري؟!

ولمّا تسامت الروح والمادّة، وتساوتالحقيقة والصورة؛ صارت هي أشرف بقاع الأرضبالضرورة، كما صرّح بذلك بعض الأفاضل منكتّاب هذا العصر (1)»..

وشهد به الكثير من الأخبار والآثار،وإليه أشار السيّد قدس سره (2) في منظومةالفقه الشهيرة بالبيت المشهور:


  • ومن حديث كربلا والكعبة لكربلا بانعلوّ الرتبة (3)

  • لكربلا بانعلوّ الرتبة (3) لكربلا بانعلوّ الرتبة (3)

وقد تلاقفت ذلك الشعراء من زمن الشهادةإلى اليوم، تفنّنوا في بيان

(1) هو العلايلي في كتابه، والعقّاد في: أبوالشهداء في ص 145؛ فقد جاء فيه مانصّه: فهي ـأي كربلاء ـ اليوم حرم يزوره المسلمونللعِبرة والذكرى، ويزوره غير المسلمينللنظر والمشاهدة، ولكنّها لو أُعطيتحقّها من التنويه والتخليد، لحُقّ لها أنتصبح مزاراً لكلّ آدمي يعرف لبني نوعهنصيباً من القداسة، وحظّاً من الفضيلة؛لأنّنا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الأرضيقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقبأسمى وألزم لنوع الإنسان من تلك التياقترنت باسم كربلاء بعد مصرع الحسين فيها.(منه قدس سره).

(2) هو السيّد بحر العلوم رحمه الله تعالى.

(3) مستدرك سفينة البحار: 78.

فضل هذه التربة، وقداستها وشرفها،واستطالتها على جميع بقاع الأرض بالفضلوالشرف، ولو جُمع كلّ ما قيل فيها لجاءمجلّداً ضخماً.

وفي زيارة الشهداء مع الحسين سلام اللهعليه وعليهم: «أشهد لقد طبتم، وطابت الأرضالتي فيها دُفنتم» (1).

وقد اتّفقت كلمات فقهائنا في مؤلّفاتهم ـمختصرة ومطوّلة ـ إلى أنّ: السجود لا يجوزإلاّ على الأرض، وما ينبت منها غيرالمأكول والملبوس، وأفضله السجود علىالتربة الحسينية (2).

ومن تلك المؤلّفات الجليلة سفينة النجاة،لأخينا المرجع الأعظم في عصره، الشيخ أحمدكاشف الغطاء قدس سره، وقد طبعنا في العامالماضي جزءه الأوّل مع تعليقاته عليه،وأكملنا بتوفيقه تعالى تعاليق الجزءالثاني وهو جاهز للطبع، وقد علّقنا علىتلك الفقرة من الكتاب، قبل أن يردنا هذاالسؤال ونتصدّى لتحرير هذا الجواب، مانصّه بحرفه:

«ولعلّ السرّ في التزام الشيعة الإماميةالسجود على التربة الحسينية، مضافاً إلىما ورد في فضلها من الأخبار، ومفادها إلىأنّها أسلم من حيث النظافة والنزاهة منالسجود على سائر الأراضي، وما يطرح عليهامن الفرش والبواري، والحصر الملوّثةوالمملوءة غالباً من الغبار والميكروباتالكامنة فيها.

مضافاً إلى كلّ ذلك لعلّ من جملة الأغراضالعالية، والمقاصد السامية أن يتذكّرالمصلّي حين يضع جبهته على تلك التربةتضحية ذلك

(1) مصباح المتهجّد ـ للطوسي ـ: 723.

(2) شرائع الإسلام 1|72 ـ 73، اللمعة الدمشقية1|226 ـ 230، الحدائق الناضرة 7|248.

الإمام نفسه وآل بيته والصفوة من أصحابهفي سبيل العقيدة والمبدأ، وتحطيم هياكلالجور والفساد والظلم والاستبداد.

ولمّا كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفيالحديث: «أقرب ما يكون العبد إلى ربّه حالسجوده» (1)، فناسب أن يتذكّر بوضع جبهته علىتلك التربة الزاكية، أُولئك الّذين وضعواأجسامهم عليها ضحايا للحقّ، وارتفعتأرواحهم إلى الملأ الأعلى؛ ليخشع ويخضع،ويتلازم الوضع والرفع، ويحتقر الدنياالزائفة، وزخارفها الزائلة.

ولعلّ هذا هو المقصود من أنّ السجود عليهايخرق الحجب السبع، كما في الخبر الآتيذكره، فيكون حينئذٍ في السجود سرّ الصعودوالعروج من التراب إلى ربّ الأرباب، إلىغير ذلك من لطائف الحكم ودقائق الأسرار».انتهى.

فإذا وقفت على بعض ما للأرض والتربةالحسينية من المزايا والخواصّ، لم يبقَ لكعجب واستغراب إذا قيل: إنّ الشفاء قد يحصلمن التراب، وإنّ تربة الحسين عليه السلامهي تربة الشفاء؛ كما ورد في كثير منالأخبار والآثار، التي تكاد تكون متواترةكتواتر الحوادث والوقائع التي حصل الشفاءفيها لمن استشفى بها من الأمراض التي عجزالأطبّاء عن شفائها (2).

(1) انظر: سُنن أبي داود 1|201 ح 5، سُننالنسائي 2|226، مسند أحمد 2|421، مسند أبي يعلى12|12 ح 6658، المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ 8|211 ح 8،كتاب الأُمّ 1|138، مجمع الزوائد 2|127،المجموع 3|268 و269، تهذيب الأحكام 2|77، الكافي2|265 ح 3.

(2) أمالي الطوسي 1|326، كامل الزيارات: 275و277، الوسائل 14|521 ـ 526 ح 1 ـ 14 باب رقم 70 وج14|537 ح 1 باب رقم 76.

أفلا يجوز أن تكون لتلك الطينة عناصركيماوية تكون بلسماً شافياً من جملة منالأقسام قاتلة للميكروبات؟!

وقد اتّفق علماء الإمامية وتضافرتالأخبار بحرمة أكل الطين إلاّ من تربة قبرالحسين عليه السلام بآداب مخصوصة،وبمقدار معيّن، وهو أن يكون أقلّ منحمّصة، وأن يكون أخذها من القبر بكيفيةخاصّة، وأدعية معيّنة (1).

ولا نكران ولا غرابة؛ فتلك وصفة روحية منطبيب ربّاني، يرى بنور الوحي والإلهام مافي طبائع الأشياء، ويعرف أسرار الطبيعة،وكنوزها الدفينة، التي لم تصل إليها عقولالبشر بعد.

ولعلّ البحث والتحرّي والمثابرة سوف يوصلإليها، ويكتشف سرّها، ويحلّ طلسمها، كمااكتشف سرّ كثير من العناصر ذات الأثرالعظيم ممّا لم تصل إليه معارف الأقدمين،ولم يكن ليخطر على بال واحد منهم معتقدّمهم، وسموّ أفكارهم، وعظم آثارهم.

وكم من سرّ دفين ومنفعة جليلة، في موجوداتحقيرة وضئيلة، لم تزل مجهولة لا تخطر علىبال، ولا تمرّ على خيال، وكفى بـ(البنسلين) (2) وأشباهه شاهداً على ذلك.

نعم، لا تزال أسرار الطبيعة مجهولة إلى أنيأذن الله للباحثين بحلّ رموزها،واستخراج كنوزها، والأُمور مرهونةبأوقاتها، ولكلّ كتاب أجل، ولكلّ أجلكتاب.

(1) مسارّ الشيعة: 31، مصباح المتهجّد: 734،قواعد الأحكام 3|329، الوسائل 24|226 ـ 229 ح 1 ـ 7باب رقم 76، المزار ـ للمشهدي ـ: 363 ح 9.

(2) أحد المضادّات الحيوية، تفرزها بعضسلالات الفطر المسمّى: (بنسليوم نوتاتوم)،اكتشفه سير الكسندر فليمنج. راجع:الموسوعة العربية الميسّرة: 411.

ولا يزال العلم في تجدّد، فلا تبادر إلىالإنكار إذا بلغك أنّ بعض المرضى عجزالأطبّاء عن علاجهم، وحصل لهم الشفاءبقوّة روحية، وأصابع خفيّة، من استعمالالتربة الحسينية، أو من الدعاء والالتجاءإلى القدرة الأزلية، أو ببركة دعاء بعضالصالحين.

نعم، ليس من الحزم البدار إلى الإنكارفضلاً عن السخرية، بل اللازم الرجوع فيأمثال هذه القضايا والحوادث الغريبة إلىقاعدة الشيخ الرئيس المشهورة: «كلّ ما قرعسمعك من غرائب الأكوان، تذره في بقعةالإمكان، حتّى يذودك عنه قائم البرهان» (1).

هذا بعض ما تيسّر للقلم أن ينفث بهمترسّلاً بذكر شيء من مزايا الأرض، وفلسفةالسجود عليها، وعلى التربة الحسينية بعدأن اتّضح أنّ الشيعة لا يقولون: بوجوبالسجود عليها، وعدم جواز السجود على غيرهامن الأرض الطاهرة النقية، وإنّما يقولون:إنّ السجود على الأرض فريضة، وعلى التربةالحسينية سنّّة وفضيلة (2).

ومن السخافة أو العصبية الحمقاء قول بعضمن يحمل أسوأ البغض للشيعة: إنّ هذه التربةالتي يسجدون عليها صنم يسجدون له.

هذا مع أنّ الشيعة لا يزالون يهتفونويعلنون في ألسنتهم ومؤلّفاتهم: إنّالسجود لا يجوز إلاّ لله تعالى، وإنّالسجود على التربة سجود له عليها، لا سجودلها.

ولكن أُولئك الضعفاء من المسلمين لايحسنون الفرق بين السجود للشيء، والسجودعلى الشيء..

(1) انظر: الإشارات والتنبيهات 4|160 النمطالعاشر: في أسرار الآيات.

(2) انظر: الوسائل 5|343 وص 365.

السجود لله عزّ شأنه، ولكن على الأرضالمقدّسة والتربة الطاهرة، وسجودالملائكة كان لله، وبأمر من الله تكريماًلآدم.

نعم، فقد صار السجود على التربة الحسينيةمن عهد قديم شعاراً شائعاً لهذه الطائفة(الشيعية)، يحملون ألواحها في جيوبهمللصلاة عليها، ويضعونها في سجّاداتهمومساجدهم، وتجدها منثورة في مساجدهمومعابدهم، وربّما يتخيّل بعض عوامّهم أنّالصلاة لا تصحّ إلاّ بالسجود عليها.

ومنشأ هذا الانتشار، ومبدأ تكوّن هذهالعادة والعبادة، وكيفية نشوئها ونموّها،وتعيين أوّل من صلّى عليها من المسلمين،ثمّ شاعت وانتشرت هذا الانتشار الغريب؛هو: إنّ في بدء بزوغ شمس الإسلام فيالمدينة، أعني في السنة الثالثة منالهجرة، وقعت الحرب الهائلة بين المسلمينوقريش في «أُحد»، وانهدّ فيها أعظم ركنللإسلام وأقوى حامية من حماته، وهو حمزةبن عبد المطّلب، عمّ رسول الله صلّى اللهعليه وآله وسلّم وأخوه من الرضاعة (1)؛فعظمت مصيبته على النبيّ وعلى عمومالمسلمين، ولا سيّما وقد مثّلت به بنوأُمية ـ أعني به هنداً أُمّ معاوية ـ تلكالمثلَة الشنيعة، فقطّعت أعضاءه،واستخرجت كبده فلاكتها ثمّ لفظتها (2)..

وأمر النبيّ نساء المسلمين بالنياحة عليهفي كلّ مأتم (3)، واتّسع الأمر

(1) راجع: المعجم الكبير 3|138 ح 2919، البدايةوالنهاية 4|33 حوادث سنة 3 هـ.

(2) تاريخ الطبري 1|72، المنتظم 2|270، البدايةوالنهاية 4|31 و33؛ حوادث سنة 3 هـ.

(3) لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم من «أُحد» مرّ بدار بني عبد الأشهل،فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم، فذرفتعينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمفبكى، ثمّ قال: «لكنّ حمزة لا بواكي له».

في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من ترابقبره (1)، فيتبرّكون به، ويسجدون عليه للهتعالى، ويعملون المسبحات منه.

وتنصّ بعض المصادر: إنّ فاطمة بنت رسولالله صلّى الله عليه وآله وسلّم جرت علىذلك، أو لعلّها أوّل من ابتدأ بهذا العملفي حياة أبيها رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم (2).

ولعلّ بعض المسلمين اقتدى بها، وكان لقبحمزة يومئذٍ: سيّد الشهداء (3)، وسمّاهالنبيّ: أسد الله وأسد رسوله (4).

ويعلق بخاطري عن بعض المصادر ما نصّهتقريباً: «حمزة دفن في أُحد، وكان يسمّى:سيّد الشهداء، ويسجدون على تراب قبره،ولمّا قتل الحسين عليه السلام صار هو سيّدالشهداء وصاروا يسجدون على تربته» (5).انتهى.

ويؤيّده ما في مزار المجلسي قدس سرهونصّه: «عن إبراهيم بن محّمد الثقفي، عنأبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام، قال: إنّ فاطمة بنت رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم كانت سبحتها من خيطصوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانتتديرها بيدها تكبّر وتسبّح حتّى قتل حمزةبن

=

فلمّا سمع سعد بن معاذ، وأسيد بن حضيرجاءا إلى دار بني عبد الأشهل وأمرا نساءهمأن يتحزّمن ثمّ يذهبن فيبكين على عمّ رسولالله، فقال رسول الله: «ارجعن يرحمكنّالله، فقد آسيتن بأنفسكنّ».

راجع: البداية والنهاية 4 | 38 حوادث سنة 3هـ.

(1) راجع: الذخائر القدسية في زيارة خيرالبرية ـ لعبد الحميد بن محمّد أقدس بنالخطيب، المدرّس بالمسجد الحرام بمكّة ـ:112.

(2) الحدائق الناضرة 7|261.

(3) انظر: المعجم الكبير 3|151 ح 2958، وغيره.

(4) المعجم الكبير 3|149 ح 2952 و2953، وفاء الوفا3|935.

(5) الرسالة السعدية ـ للحلّي ـ: 114.

عبدالمطّلب؛ فاستعملت تربته وعملت منهاالتسابيح، فاستعملها الناس.

فلمّا قتل الحسين صلوات الله عليه عُدلبالأمر إليه؛ فاستعملوا تربته لِما فيهامن الفضل والمزية» (1). انتهى.

أمّا أوّل من صلّى عليها من المسلمين، بلمن أئمّة المسلمين، فالذي استفدته منالآثار، وتلقّيته من حملة أخبار أهلالبيت، ومهرة الحديث من أساتذتي الأساطينالّذين تخرّجت عليهم برهة من العمر، هو:

إنّ زين العابدين عليّ بن الحسين عليهماالسلام بعد أن فرغ من دفن أبيه وأهل بيتهوأنصاره، أخذ قبضة من التربة التي وضععليها الجسد الشريف، الذي بضّعته السيوفكلحم على وضم (2)، فشدّ تلك التربة في صرّة،وعمل منها سجّادة ومسبحة، وهي السبحة التيكان يديرها بيده حين أدخلوه الشام علىيزيد، فسأله: ما هذه التي تديرها بيدك؟فروى له عن جدّه رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم خبراً محصّله: إنّ من يحملالسبحة صباحاً، ويقرأ الدعاء المخصوص لايزال يُكتب له ثواب التسبيح، وإنْ لميسبّح (3).

ولمّا رجع الإمام عليه السلام هو وأهلبيته إلى المدينة صار يتبرّك بتلك التربةويسجد عليها، ويعالج بعض مرضى عائلته بها.

فشاع هذا عند العلويّين وأتباعهم ومنيقتدي بهم، فأوّل من صلّى على هذه التربةواستعملها، هو زين العابدين عليه السلام،الإمام الرابع من أئمّة الشيعة الاثني عشرالمعصومين (4).

(1) بحار الأنوار 101|133 ح 64.

(2) الوضم: كلّ شيء يجعل عليه اللحم، من خشبأو بارية؛ يُقى به من الأرض؛ انظر: لسانالعرب 15|329 مادّة «وضم».

(3) انظر: الوسائل 5|365 ح 1 باب 16؛ وفيه: عنالإمام الصادق عليه السلام.

(4) (المجلّد الحادي عشر من البحار: فيأحوال الإمام المزبور. منه قدس سره)، بحارالأنوار 46|79 ضمن ح 75.

ثمّ تلاه ولده محمّد الباقر عليه السلام،الخامس من الأئمّة، وتأثّره في هذهالدعوة، فبالغ في حثّ أصحابه عليها، ونشرفضلها وبركاتها، ثمّ زاد على ذلك ولدهجعفر الصادق عليه السلام؛ فإنّه نوّه بهالشيعته، وكانت الشيعة قد تكاثرت في عهده،ومن كبريات طوائف المسلمين وحملة العلموالآثار، كما أوعزنا إليه في رسائلنا أصلالشيعة وأُصولها (1).

وقد التزم الإمام ولازم السجود عليهابنفسه؛ ففي مصباح المتهجّد لشيخ الطائفةالشيخ الطوسي قدس سره روى بسنده: أنّه كانلأبي عبد الله الصادق عليه السلام خريطةديباج صفراء فيها تربة أبي عبد اللهالحسين عليه السلام، فكان إذا حضرتهالصلاة صبّه على سجّادته وسجد عليه، ثمّقال: إنّ السجود على تربة أبي عبد اللهعليه السلام يخرق الحجب السبع (2).

ولعلّ المراد بالحجب هي الحاءات السبع منالرذائل، التي تحجب النفس عن الاستضاءةبأنوار الحقّ، وهي: الحقد، الحسد، الحرص،الحدّة، الحماقة، الحلية، الحقارة (3).

فالسجود على التربة من عظيم التواضع،والتوسّل بأصفياء الحقّ يمزّقها ويخرقهاويبدلها بالحاءات السبع من الفضائل، وهي:الحكمة، الحزم، الحلم، الحنان، الحصانة،الحياء، الحبّ.

ولذا يروي صاحب الوسائل، عن الديلمي، قال:كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلاّ علىتربة الحسين عليه السلام تذلّلاً لله،واستكانة إليه (4).

(1) أصل الشيعة وأُصولها: 154 وما بعدها.

(2) مصباح المتهجّد: 677، الوسائل 5|366 ح 3 باب16.

(3) انظر: رسالة مشكاة الأنوار ـ للغزالي ـ:228 ضمن مجموعة رسائل.

(4) الوسائل 5|366 ـ 367 ح 4، إرشاد القلوب: 115.

ولم تزل الأئمّة من أولاده وأحفاده تحرّكالعواطف، وتحفّز الهمم، وتوفّر الدواعيإلى السجود عليها، والالتزام بها، وبيانتضاعف الأجر والثواب في التبرّك بها،والمواظبة عليها، حتّى التزمت بها الشيعةإلى اليوم هذا الالتزام مع عظيم الاهتمام.

ولم يمض على زمن الصادق عليه السلام قرنواحد حتّى صارت الشيعة تصنعها ألواحاً،وتضعها في جيوبها، كما هو المتعارف اليوم..

فقد روي في الوسائل عن الإمام الثاني عشرالحجّة عليه السلام، أنّ الحميري كتب إليهيسأله عن السجدة على لوح من طين قبر الحسينفيه فضل؟

فأجاب عليه السلام: «يجوز لك، وفيهالفضل».

ثمّ سأله عن السبحة، فأجاب بمثل ذلك (1).

فيظهر أنّ صنع التربة أقراصاً وألواحاًكما هو المتعارف اليوم كان متعارفاً منذلك العصر، أي وسط القرن الثالث، حدودالمئتين وخمسين هجرية.

وفيها قال: روي عن الصادق عليه السلام:«إنّ السجود على طين قبر الحسين ينوّرالأرضين السبع، ومن كانت معه سبحة من طينقبر الحسين كُتب مُسبّحاً وإنْ لم يسبّحفيها» (2).

وليست أحاديث فضل هذه التربة الحسينية،وقداستها، منحصرةً بالشيعة وأحاديثهم عنأئمّتهم، بل لها في أُمّهات كتب حديثعلماء السُنّة شهرة وافرة، وأخبارمتضافرة، وتشهد بمجموعها أنّ لها في عصرجدّه

(1) الوسائل 5|366 ح 2 باب 16.

(2) من لا يحضره الفقيه 1|174 ح 725، الوسائل 5|365ـ 366 ح 1.

رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نبأشائعاً وذكراً واسعاً، والحسين يومئذٍطفل صغير يدرج، بل لعلّ بعضها قبل ولادته،والنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ينوّهعنها، ويتحدّث بفضلها، ويتنبّأ بما سيجريعليها من تلك الدماء الزاكية، ويُخبر بقتلالحسين وآل بيته وأنصاره فيها.

وإذا أردت الوقوف على صدق هذه الدعوى،ومكانها من الصحّة، فراجع كتاب الخصائصالكبير للسيوطي، في باب أخبار النبيّ بقتلالحسين عليه السلام (1)؛ فقد روي فيه مايناهز العشرين حديثاً عن أكابر الثقاة منرواة علماء السُنّة ومشاهيرهم، كـ:الحاكم، والبيهقي، وأبي نعيم، وأضرابهم،عن أُمّ الفضل بنت الحارث، وأُمّ سلمة،وعائشة (2)، وأنس، وأكثرها: عن ابن عبّاس (3)،وأُمّ سلمة (4)، وأنس (5) ـ صاحب رسول اللهوخادمه الخاصّ به ـ.

(1) كتاب الخصائص؛ طبع حيدر آباد سنة 1320.منه قدس سره.

(2) انظر: دلائل النبوّة 6|470، مسند أحمد 6|294،الفتوح 4|325.

(3) مسند أحمد 1|243 و283، الفتوح 4|326، البدايةوالنهاية 6|231، وفي رواية:... لمّا قُتلالحسين بن عليّ مطرت السماء دماً، وأصبحكلّ شيء ملآن دماً، وانظر: دلائل النبوّة6|471.

وقال أبو نعيم: حدّثنا ابن لهيعة، عن أبيقبيل، قال: لمّا قُتل الحسين بن عليّانكسفت الشمس كسفة، حتّى بدت الكواكب نصفالنهار، حتّى ظنّنا أنّها هي.

انظر: معرفة الصحابة 2|667 ح 1785.

وقال أبو نعيم أيضاً: حدّثنا حمّاد بنزيد، ثنا هشام، عن محمّد، قال: لم تُرَ هذهالحمرة في آفاق السماء حتّى قتل الحسينرضي الله عنه.

(4) دلائل النبوّة 6|468 ـ 469؛ وقال فيه: جاءجبريل بطينة حمراء فأخذتها أُمّ سلمةوصرّتها في خمارها... الحديث، مسند أحمد 3|242وج 3|265، البداية والنهاية 6|231.

(5) مسند أحمد 3|242 وج 3|265.

يقول الراوي في أكثرها:

«إنّه دخل على رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم والحسين في حِجره، وعينا رسولالله تهرقان الدموع، وفي يده تربة حمراء،فيقول الراوي: ما هذه التربة يا رسول الله؟

فقال: أتاني جبريل فأخبرني أنّ أُمّتيستقتل ابني هذا، وأتاني بتربة حمراء، وهيهذه» (1).

وفي طائفة أُخرى: «إنّه يقتل بأرض العراق،وهذه تربتها. وإنّه أودع تلك التربة عندأُمّ سلمة زوجته، فقال: إذا رأيتها وقدفاضت دماً فاعلمي أنّ الحسين قتل. وكانتتتعهّدها حتّى إذا كان يوم عاشوراء عامشهادة الحسين وجدتها قد فاضت دماً، فعلمتأنّ الحسين قد قتل» (2).

بل في هذا الكتاب ـ الخصائص ـ وفي العقدالفريد (3) لابن عبد ربّه: أخرج البيهقيوأبو نعيم، عن الزهري، قال: «بلغني أنّهيوم قُتل الحسين لم يُقلب حجر من أحجار بيتالمقدس إلاّ وجد تحته دم عبيط» (4).

(1) ومن حديث أُمّ سلمة زوج النبي صلّى اللهعليه وآله وسلّم، قالت: كان عندي النبيّصلّى الله عليه وآله وسلّم، ومعي الحسين،فدنا من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّمفأخذته فبكى، فتركته فدنا منه، فأخذتهفبكى، فتركته، فقال له جبريل: أتحبّه يامحمّد؟

قال: نعم.

قال: أما إنّ أُمّتك ستقتله، وإنْ شئتأريتُك من تُربة الأرض التي يُقتل بها.فبسط جناحه، فأراه منها. فبكى النبيّ صلّىالله عليه وآله وسلّم.

راجع: المعجم الكبير 3|108 ـ 110 ح 2819 ـ 2822،العقد الفريد 3|368 ـ 369.

(2) راجع: المعجم الكبير 3|108 ح 2817، الفتوح4|327.

(3) الخصائص الكبرى 2|126، العقد الفريد 3|371.

(4) دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 6|471، معرفةالصحابة 2|662؛ وفيه: لم يرفع حجر بالشامإلاّ رُئي تحته دم عبيط..

وعن أُمّ حيّان: «يوم قتل الحسين أظلمتالدنيا ثلاثاً، ولم يمسّ أحدهم منزعفرانهم شيئاً إلاّ احترق، ولم يُقلب حجرفي بيت المقدس إلاّ وجد تحته دم عبيط» (1).

أمّا أحاديث التربة الحسينية وقارورةأُمّ سلمة (2)، وغيرها، وشيوع ذكرها في حياةالنبيّ، وإخباره عن فضلها، وعن قتل الحسينفيها، قبل ولادة الحسين، وبعد ولادته، وهوطفل صغير، المروية في كتب الشيعة والتاريخوالمقاتل، فهي كثيرة مشهورة متضافرة، بلمتواترة، لو اجتمعت لجاءت كتاباًمستقلاًّ (3).

ومن باب الاستطراد والمناسبة نقول: إنّنبيّنا صلّى الله عليه وآله وسلّم كماأخبر بقتل ولده الحسين عليه السلام فيكربلاء قبل وقوعه، ودفع لزوجته أُمّ سلمةمن تربتها، وأراها لجملة من أصحابه، كذلكأخبر بحوادث كثيرة ووقائع خطيرة قبلوقوعها، فوقع بعضها في حياته، وبعضها بعدرحلته من الدنيا..

فمن الأوّل: إخباره بفتح مكّة، ودخولهمالمسجد الحرام آمنين

وأنظر: المعجم الكبير 3 | 113 ح 2834 و 2835 وص 119 ح2856، مجمع الزوائد 9 | 196؛ وقال: ورجاله ثقات،تاريخ دمشق 14 | 226، أنساب الأشراف 3 | 425،فرائد السمطين 2 | 162 ح 450، كفاية الطالب: 444.

(1) تاريخ دمشق 14|229.

(2) راجع: المعجم الكبير 3|108 ح 2817.

(3) الثاقب في المناقب ـ لابن حمزة ـ: 330 ـ332، إثبات الوصية: 262، إعلام الورى: 219،الصراط المستقيم 2|179، مدينة المعاجز: 243،حلية الأبرار 1|600، وغيرها.

مطمئنين، كما في القرآن الكريم (1).

وإخباره بغلبة الروم على الفرس في بضعسنين، كما في القرآن أيضاً (2).

وإخباره بأنّ كسرى قد مات أو قتل (3).

وإخباره بالكتاب الذي مع حاطب بن أبيبلتعة (4).

(1) وهو قوله تعالى: (لقد صدق الله رسولهالرؤيا بالحقّ لتدخلنّ المسجد الحرام إنْشاء الله آمنين مُحلّقين رؤوسكم ومقصّرينلا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دونذلك فتحاً قريباً) سورة الفتح 48: 27.

(2) وهو قوله تعالى: (غُلِبت الروم * في أدنىالأرضِ وهُم من بعد غَلَبِهم سيغلبون)سورة الروم 30: 2 و3.

(3) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ 3|908 ح2174، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 4|390 ـ 392،مجمع الزوائد 8|288، كنز العمّال 11|376 ح 31081.

(4) هو: حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، يكنّى:أبا عبد الله، وقيل: يكنّى أبا محمّد، واسمأبي بلتعة: عمرو، وقيل: هو حاطب بن عمرو بنراشد بن معاذ اللخمي، حليف قريش، وقيل:حليف الزبير بن العوام.

قال ابن إسحاق: لمّا أجمع رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم المسير إلى مكّة،كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى قريشيُخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلّىالله عليه وآله وسلّم من الأمر في السيرإليهم، ثمّ أعطاه إلى امرأة، وجعل لهاجُعلاً على أن تبلّغه قريشاً، فجعلته فيرأسها، ثمّ فتلت عليه قرونها، ثم خرجت.

وأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمالخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث عليّبن أبي طالب، والزبير بن العوام، وقيل:المقداد بن الأسود رضي الله عنهم، فقال:أدركا امرأةً قد كتب معها حاطب بن أبيبلتعة بكتاب إلى قريش، يحذرهم ما قدأجمعنا له في أمرهم. فخرجا حتّى أدركاهابالخليفة ـ خليفة بني أبي أحمد ـفاستنزلاها، فالتمساه في رحلها، فلم يجداشيئاً، فقال لها عليّ بن أبي طالب عليهالسلام: إنّي أحلف بالله ما كذب رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم ولا كُذّبنا،ولتُخرجنّ لنا هذا الكتاب أو لنكشفنّك.فلمّا رأت الجدّ منه، قالت: اعرض، فأعرض،فحلّت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها،فدفعته إليه، فأتى به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم..وكثير من أمثالها (1).

ومن الثاني: إخباره بأنّ أصحابه يفتحونممالك كسرى، وقيصر (2)، وأنّ أصحابهيختلفون في الخلافة من بعده (3).

وإخباره بمقتل عثمان (4)، وشهادة أميرالمؤمنين بسيف ابن ملجم (5).

فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّمحاطباً، فقال: يا حاطب! ما حملك على هذا؟

قال: يا رسول الله! لا تعجل عليّ، إني كنتامرأً ملصقاً ـ أي الرجل القيّم في الحيوالحليف لهم ـ في قريش ولم أكن من أنفسها،وكان من كان معك من المهاجرين لهم قراباتيحمون أهليهم بمكة ولم تكن لي قرابة،فأحببت أن أتّخذ فيهم يداً إذا فاتني ذلكيحمون بها قرابتي... الحديث.

أنظر: الأستيعاب 1 | 312 ـ 313 رقم 457، سيرة ابنهشام 5 | 53 ـ 54، دلائل النبوة 5 | 14 ـ 18.

(1) إخباره بفتح خيبر على يد عليّ بن أبيطالب عليه السلام، عندما أعطاه راية الفتحالعظيم.

راجع: مصنّف عبد الرزّاق 5|287 ح 9637، مصنّفابن أبي شيبة 7|497 ح17، المعجم الكبير 6|1520 ح5818، حلية الأولياء 1|62، تاريخ دمشق 42|103 ـ123، وقد ذكرها أرباب التاريخ والسير.

(2) فيض القدير 1|570، تحفة الأحوذي 6|446.

(3) بدليل قول رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم: «قد اختلفتم وأنا بين أظهركم،وأنتم بعدي أشدّ اختلافاً».

انظر: الفتن ـ للمروزي ـ: 334، مصنّف عبدالرزّاق 11|389 ـ 390 ح 20189، المعجم الكبير 3|134 ـ135 ح 2908 و2909، الذرّيّة الطاهرة: 131 ـ 132 ح 161،كنز العمّال 14|615 ح 39713.

(4) فيض القدير 1|570، تحفة الأحوذي 6|446.

(5) قال رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم لعليّ عليه السلام: ألا أُخبركمبأشقى الناس رجلين؟

قلنا: بلى يا رسول الله.

فقال: أُحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذييضربك ـ قصد هنا عبد الرحمن بن ملجم لعنهالله ـ يا عليّ على هذه، ووضع رسول اللهيده على رأسه ـ أي رأس عليّ عليه السلام ـحتّى تبلّ منها هذه، ووضع يده على لحيته..وبسمّ ولده الحسن (1)، وغلبة بني أُمية علىالأُمّة (2).

وزاد أبو حاتم الرازي: فكان علي رضي اللهعنه يقول ـ في أوقات ملاله أشياء كان يراهامن أصحابه فيضيق صدره منها ـ: ما يمنعأشقاها أن يخضب هذه من هذه.

ومرض عليه السلام مرضاً شديداً، فقال لهأهله: إنا نخاف عليك. فقال: أنا والله ماأخاف على نفسي من مرضي هذا؛ فقد أعلمنيرسول الله أنه يقتلني أشقى هذه الأمة.

أنظر: مسند أحمد 1 | 130 وج 4 | 263، المستدرك ـللحاكم ـ 3 | 151 ح 4679، تاريخ بغداد ا | 135،أعلام النبوة ـ لأبي حاتم ـ: 211، المناقب ـللمغازلي ـ: 194 و 195، مجمع الزوائد 9 | 136،البداية والنهاية 3 | 195.

(1) ذكر ابن كثير في حوادث سنتي 47 و 48 هـ: قالالطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجل قطّع السمأمعاءه، فقال الحسين: يا أبا محمّد! أخبرنيمن سقاك؟

قال: ولم يا أخي؟

قال: أقتله والله قبل أن أدفنك، وأن لاأقدر عليه أو يكون بأرض أتكلّف الشخوصإليه.

فقال: يا أخي! إنّما هذه الدنيا ليالٍفانية، دعه حتّى ألتقي أنا وهو عند الله.وأبى أن يسمّيه.

وقال أيضاً: سمعت بعض من يقول: كان معاويةقد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيه سمّاً.

وفي خبر: روى بعضهم أنّ يزيد بن معاوية بعثإلى جعدة بنت الأشعث أن سِمّي الحسن وأناأتزوّجك بعده؛ انظر: البداية والنهاية 8|35.

وقال الخوارزمي: أرسل معاوية إلى جعدة بنتالأشعث بن قيس، فقال: إنّي مزوّجك بيزيدعلى أنْ تسمّي الحسن، وبعث إليها بمئة ألفدرهم، ففعلت، فسوّغها المال، ولميزوّجها؛ راجع: مقتل الحسين: 198 ح 108.

هكذا تمّ إخبار الرسول الكريم صلّى اللهعليه وآله وسلّم بطريقة سمّ الحسن عليهالسلام، وقد فعلها معاوية بطريقة حاقدة؛إذ أنّه وقّع معه عليه السلام اتّفاقيةالصلح، ثمّ لم يلتزم بها، وخوفه من ذهابملك بني أُمية من بعد موته دفعه إلى قتلالإمام الحسن عليه السلام بهذه الطريقةالتي أفجعت قلوب بني هاشم.

(2) قال رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم: «هلاك أُمّتي على يدي أُغيلمة منقريش»، فقال مروان: غلمة؟ وبشهادة ثابت بن قيس الشماس (1).

وبفتح الحيرة البيضاء، وقضية المرأة التيوهبها لبعض أصحابه، ولمّا فتح الحيرة خالدبن الوليد طلبها منه، واستشهد بشاهدين منالصحابة فدفعها له، وهي الشيماء أخت عبدالمسيح ابن بقيلة، كبير النصارى وقسّهمالأعظم (2).

غلمة؟

قال أبو هريرة: إن شئت أن أسميهم بني فلانوبني فلان.

وفي حديث آخر: «لا يزال هذا الأمر معتدلاًقائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية».

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم أيضاً:«ينزون على منبري كما تنزو القردة».

وقال الرسول الكريم صلّى الله عليه وآلهوسلّم: «إن هذا الأمر بدأ رحمة ونبوة، ثمكائن ملكاً عضوضاً، ثم كائن عتواً وفساداًفي الأرض، يستحلون الحرير والفروجوالخمور...».

راجع: الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ 3 | 172ح 2392، دلائل النبوة 6 | 509 و 464 ـ 467، وغيرها.

(1) هو: ثابت بن قيس بن شماس بن زهير (ظهير)بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بنثعلبة بن كعب بن الخزرج، أُمّه امرأة منطيء، يكنّى: أبا محمّد، قتل بنوه: محمّدويحيى وعبد الله يوم الحرّة، كان ثابتخطيب الأنصار، وخطيب النبيّ صلّى اللهعليه وآله وسلّم، شهد أُحداً وما بعدها منالمشاهد.

وقال له رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم يوماً نقلاً عن مالك: يا ثابت! أماترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخلالجنّة؟!

قال مالك: فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامةشهيداً رحمه الله، وذلك في خلافة أبي بكر.

انظر: الاستيعاب 1|200 ـ 201 رقم 250، أُسدالغابة 1|275 رقم 569.

(2) ونصّ الحكاية: قال خريم بن أوس الطائي:سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّميقول: «هذه الحيرة البيضاء قد رُفعت لي،وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلةشهباء معتجرة بخمار أسود»؛ فقلت: يا رسولالله! فإن دخلنا الحيرة ووجدتها على الصفةفهي لي؟

إلى كثير من أمثال هذه الوقائع، التي لوجمعت لكانت كتاباً مستقلاًّ أيضاً (1).

قال: هي لك...

ثم أقبلنا على طريق الطف الى الحيرة، فأولمن يلقانا حين دخلناها الشيماء بنت بقيلة،كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم. فدعاني خالد بن الوليد عليهابالبينة، فأتيته بها، وكانت البينة: محمدبن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاريان،فسلمها إليّ، فنزل إلينا أخوها عبد المسيحيريد الصلح.. القصة.

راجع: المعجم الكبير 4 | 214، مجمع الزوائد 8 |288 ـ 289، أسد الغابة 1 | 607 ترجمة خريم بن أوسرقم 1438، دلائل النبوة ـ للبيهقي ـ 5 | 268 ـ269، البداية والنهاية 5 | 22 ـ 23 حوادث سنة9هـ، نصب الراية 4 | 302.

(1) منها:

1 ـ إخبار فاطمة الزهراء عليها السلامبأنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به.

2 ـ إخبار قتال الزبير لعليّ بن أبي طالبعليه السلام، بدليل قوله صلّى الله عليهوآله وسلّم للزبير ـ عندما لقيهما فيسقيفة بني ساعدة ـ: «أتحبّه يا زبير؟!»،فقال: وما يمنعني؟ فقال صلّى الله عليهوآله وسلّم: «فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالمله؟!».. الحديث.

3 ـ إخبار أبو ذرّ الغفاري رضي الله عنه عننفيه إلى الربذة، وموته بأرض فلاة وحيداً؛قال رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم:«يرحم الله أبا ذرّ، يمشي وحده،ويموت وحده، ويُبعث وحده».

4 ـ إخبار عمّار بن ياسر رضي الله عنهبأنّه تقتله الفئة الباغية.

5 ـ إخباره بأنّ إحدى زوجاته تنبح عليهاكلاب الحوأب.

انظر: دلائل النبوّة 5|222 وج 6|364 و390 و410 و414و420، المرقاة 10|318 ح 5969.

وغيرها من الحوادث التي وقعت بعد رحيلالرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.

 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما