چهارشنبه 19 ارديبهشت 1403  
 
 
الأمر الخامس: في نهاية الأرض

  



وقد ذكر الكثير من الفلاسفة الأقدمينوالمتجدّدين أنّ هذه الأرض لا بُدّ وأنتنتهي إلى الفناء والتلاشي، وذكرواأسباباً متعدّدة لذلك، منها: اصطدامهابمذنّب يجعلها هباءً منثوراً، كما اصطدمتبمذنّب في طوفان نوح حيث دفعها إلى البحارالمحيطة ففاضت البحار عليها وأغرقتها (3).

(1) انظر: نهج البلاغة: 131 وما بعدها.

(2) راجع: دائرة معارف القرن العشرين 1|185.

(3) يقول علماء الهيئة: إنّ الأرض يتوقّعلها الفناء من ثلاثة أسباب رئيسية:

1 ـ البرودة الذاتية: هي حادث طبيعي ذاتيطرأ على قشرتها الظاهرة لانفصالها عنالشمس، وهو لا يزال عاملاً فيها، فإنّ أمرالأرض سينتهي ولو بعد أُلوف من السنينبالبرودة المطلقة، فتجمد بحارهاوأنهارها، وتصبح الجهات الواقعة في خطّاستوائها كالجهات الواقعة في قطبيها فلايستطيع أن يعيش عليها حيوان ولا نبات.

قالوا: وقد كانت الأرض جهة القطبين حارّة،ثمّ طرأت عليها البرودة، ولا شبهة في أنّبرودة القطبين آخذة في الامتداد طاردةأمامها الحيوان والنبات إلى جهات خطّالاستواء.

2 ـ برودة الشمس: إن الشمس لمّا كانت كتلةفي حالة التهاب فلا يعقل أن حرارتها تدومعلى طول الآماد، ولا بُد من طروء البرودةعليها، وإذا ذاك تموت جميع العوالمالموجودة في الكواكب الدائرة حولها.

3 ـ اصطدامها بنجم ذي ذنب: هذا سبب عرضي لايعرف له قانون ولا ينظر له ميعاد؛ قالوا:إن في مجموعنا الشمسي عدداً لا يحصى مننجوم ذوات أذناب، وهي كتل تختلف فيالأحجام، مكوّنة من صخور ورمال، تجرّوراءها ذيلاً من غاز على بعد عشرات بل مئاتالكيلومترات، وهذه النجوم لها مداراتمختلفة في أشكال بيضية مستطيلة، وكثيراًما تظهر فجأة بين الكواكب متّبعة سيراًخاصاً قد يؤدي أحياناً إلى حدوث مصادمةبينها وبين بعض تلك الكواكب، فإذا كانالمذنب صغيراً ارتج بمصادمة ذلك الكوكبفحدث عليه أحداث تختلف بإختلاف قوة تلكالمصادمة، وإذا كان كبيراً تفتت به ذلكالكوكب وتطايرت شضاياه في الجو شذر مذر..

قالوا: وفي السماء قطع صغيرة سابحة فيالفضاء تقترب وتبتعد عن الأرض والكواكبالأخرى فتنجذب إليها إذا دخلت في سلطانجاذبيتها، وهي المسماة بـ: «بالنيازك»،ولا يبعد بل يرجح أن هذه القطع هي بقاياكوكب صادمه مذنب فحطمه تحطيماً.

وقالوا: يرجح أن الطوفان الذي حدث فيالأرض في عصر نوح / ولا تزال آثاره باقية،فأطغى الماء على الأرض ـ هو نتيجة مصادمةمذنب للكرة الأرضية فحدث من تلك المصادمةأن ارتجت وأضطرب معها ماء البحر وطغى علىاليابسة.

وقد جاء في الآيات الكريمة ما يشير إليه؛قال تعالى: (يومَ تمورُ السماءُ موراً *وتسيرُ الجبالُ سيراً * فويلٌ يومئذٍللمكذبينَ). سورة الطور 52: 9 ـ 11.

وقوله تعالى: (فإذا نُفخَ في الصورِ نفخةُواحدةٌ * وحملتِ الأرضُ والجبالُ فدُكتادكةً واحدةً * فيومئذٍ وقعتِ الواقعةَ)سورة الحاقة 69: 13 ـ 15.

وقوله تعالى: (فإذا النجوم طُمست * وإذاالسماء فُرجت * وإذا الجبال نُسفت). سورةالمرسلات 77: 8 ـ 10.

وغيرها؛ ومن هنا تبين إن في القرآن الكريمما يشير إلى الرأي العلمي القائل بإمكانفناء الأرض بمصادمة كوكب من ذوات الأذناب،والله أعلم.

راجع: دائرة معارف القرن العشرين 1 / 188 ـ 190.

ويشهد لهذا ـ أي لتلاشي الأرض ـ كثير منآيات الفرقان المجيد، منها قوله: (إذارُجّت الأرض رجّاً * وبُسّت الجبال بسّاً *فكانت هباءً منبثّاً) (1).

ولا شكّ أنّها ترتجّ باصطدامها بقوّةهائلة من مذنّب أو نحوه، وحينئذٍ تبسّالجبال ـ أي تتفتّت ـ ثمّ تطير وتصير هباءًفي الفضاء (2)، وهكذا الشمس والسماءوالنجوم: (إذا الشمس كُوّرت * وإذا النجومانكدرت) (3)، وتكويرها: انطفاء نورها،وبرودة حرارتها، وخمود نارها، وهكذاالنجوم (4)؛ فسبحان وارث السماواتوالأرضين، وما فيها ومَن عليها.

وحيث بلغ بنا الحديث إلى نهاية الأرض؛فلينتهي ما أردناه من القول عن الأرض،وبعض شؤونها وأحوالها.

وقد جرى القلم بما ذكرناه على رسل الذهن،وهفو الخاطر، ومن المعلوم العتيد،والملحوظات القديمة، شاكرين حامدين للهفضله علينا

(1) سورة الواقعة 56: 3 ـ 5.(2) تفسير الطبري11|624، تفسير القرطبي 17|128..

وقال الرازي: إشارة إلى أنّ الأرض تتحرّكبحركة مزعجة، والجبال تتفتّت، فتصيرالأرض المنخفضة كالجبال الراسية، والجبالالشامخة كالأرض السافلة، كما يفعل هبوبالريح في الأرض المرملة؛ راجع: تفسيرالرازي 9|140.

(3) سورة التكوير 81: 1 و2.

(4) تفسير الطبري 12|456 ـ 457، تفسير الماوردي6|211 ـ 212، تفسير البغوي 4|419، تفسير الرازي م16|67 ـ 68، تفسير الثعلبي 10|136 ـ 137.

بتوفيقه وألطافه، وذاكرين بالخيروالجميل من حرّك قلمنا بعد الهود،وأفكارنا بعد الجمود، مع شدّة المحن،وتهاجم الأرزاء علينا، فجزاهم الله أحسنالجزاء.

اللّهمّ عليك توكّلنا، وإليك أنبنا،وإليك المصير.

وكان ختام هذه النُبذة يوم الرابع من ذيالقعدة الحرام 1365 هـ في مدرستنا العلميةفي النجف الأشرف.

محمّد الحسين آل كاشف الغطاء


 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما