سه‌شنبه 18 ارديبهشت 1403  
 
 
أُسلوبه وآراؤه:

  


كان (قدّس سرّه) يجمع بين قوّة الأُسلوب فيالتحرير، وعلوّ الكعب في الخطابةوالبيان؛ فقد كانت خطاباته واندفاعاته فيالتعبير عن القصد كالماء الذي ينحدر منشاهق دون أن يتأمّل في الكلام، وعندمايتكلّم لا يأتي بألفاظ شعبية، فصيح القول،يستحضر الأمثال العربية والكلماتالمأثورة، والحديث النبوي الصحيح، ويمتازبظاهرة بارزة كونه يتذكّر الحوادثالبعيدة، ويشخّص الأزمنة البائدة،ويستحضر الوقائع.

مارس حياة طبيعية؛ فقد كان يعطي دروسه فيديوانه، ويقابل الوافدين عليه وذويالمصالح، ويفصل بين المتخاصمين، كان يقرأويكتب كثيراً، وكان يؤمُّ الجماعة فيالحرم الحيدري، ويخرج منه إلى حلقتهالعلمية، فيلقي درساً في الفقه، وهو جالسعلى المنبر، وقد أحاط به تلامذته الّذينسمح لهم بمناقشته والاستزادة من التوضيحإذا أشكل عليه الأمر، هكذا هي أيام الشيخقدس سره، وهذه الأعمال لا يستطيع أن يقومبها الشاب بجسمه القوي، فضلاً عن شيخ، غيرأنّه يصدق عليه قول القائل:


  • وإذا حلّ للهداية قلبٌ نشطت للعبادةِالأعضاءُ

  • نشطت للعبادةِالأعضاءُ نشطت للعبادةِالأعضاءُ

وقد أدخل على الفقه كثيراً من التطوّروأوجد كثيراً من القواعد؛ ورسالتهالأخيرة التي عنونها بـ: سؤال وجواب كفلتفي آخرها هذه الآراء،

بالإضافة إلى أنّه كان ينتزع كثيراً منالفروع من ذوق عربي سليم قد ارتكز على فهمنصوص الأخبار والروايات التي يستنبط منهاالحكم الشرعي.

ويمتاز بالجرأة في إعطاء الرأي الذي يراهقد ارتكز على الحجّة وسانده العقل، في حينأنّ خصومه الّذين قد وقفوا له بالمرصادكانوا لا يستطيعون مقاومته إلاّ بالهمسوالتحولق.

ومن آرائه الفقهية السليمة التي عني بهاقبل أكثر من أربعين عاماً، فتواه بصحّةالزواج بالعقد الدائم من الكتابية، في حينأن غيره كان لا يقرّه إلاّ عن طريق العقدالمنقطع، وقد أخذ بهذا الرأي في أواخرأيّامه السيّد أبو الحسن الأصفهاني رحمهالله، وغيرها من الفتاوى.

والحق أنّ الإمام كاشف الغطاء قدس سره كانأجرأ أهل عصره في إعطاء الأحكام.

وكان يرى منذ أن نشأ أنّ التساوي يجب أنيسود البشر لئلاّ يصبح الناس وقد شعروابالفروق البعيدة، والقبلية الرعناء، فقالفي مطلع قصيدة له:


  • بنو آدم إنّا جميعاً بنو أب عهدتكم شتّى الحزازات بينكم وما بينكمغير التضارب بالوهمِ

  • لحفظ التآخيبيننا وبنو أُمِّ وما بينكمغير التضارب بالوهمِ وما بينكمغير التضارب بالوهمِ

السلوك الاجتماعي:

كان الشيخ قدس سره من العظماء الّذينارتفعوا في سلوكهم وتواضعهم مع ارتفاعهمعن الوسط الذي يعيشون فيه، فكان يخضعللحجّة، ويؤيّد البرهان، ويؤمن بالمنطقالرزين إذا وجده عند جليسه، وسعة صدرهبلغت حدّاً عالياً، فهو يتفاوض مع أيّإنسان يثق به، فقد صادمه مجتمعه مصادمة عنيفة، وحاربه فريق من أهل العلم حرباًاستمرت زمناً ليس بالقليل، والسر معروفلدى من عاصره.

وكان الذنب الذي يجده خصمه فيه هو أنّه معكونه أعلم أهل زمانه غير أنّه لا يعطيالمال، وينسبون له المثالب عن طريقالمغالطة، ويغرون بها العوام فيصطادونجملاً من خطبه ويوجهونها في غير الغرضالذي قيلت فيه..

ومنها: «دينارك كدمك، فاجر دمك في عروقك»وهذه جملة قالها ضمن خطبة ألقاها في مسجدالكوفة عند رجوعه من المؤتمر الإسلاميبفلسطين.

فكانوا يصمونه بالبخل الحادّ، ويسمّمونأفكار الناس عليه، في حين أن اعتدادهبنفسه كان قد بلغ الذروة، فهو لا يجد كفؤاًله من الناحية العلمية، كما لم يجد لهكفؤاً من الناحية القبلية.

وبهذا تأزّم الوضع على كثير منالمتعاظمين الّذين لم يبق من رصيدهم سوىالتغنّي بمجد الآباء، ولكنّه وهو الطودالذي يُلجأ إليه عند الفزع، كان لا يتقاعسعن ردّ أي غائلة تداهمهم، وكلّ حملة تشنّعليهم من الخصوم، مع أنّ خيرهم لغيرهوعِبْأهم على ظهره، وبهذا كان يُصعدزفراته ويقول: «إنّ ما أُشاهده ليؤكّد ليما يقصّه التاريخ من شذوذ وظلم من مناصرةالبسطاء، وخذلان العلماء، ولست بأوّلقارورة».

مواقفه الوطنية:

لم يشغله التأليف في الدين عن حفظ ثغورالمسلمين وكرامتهم؛ بل راح يسعى لحفظهاأيضاً..ففي عام35 هـ | 1916 م ذهب مع السيّد محمّداليزدي ورعيل من العلماء إلى الكوت للجهادضدّ قوات الإنكليز.

وعندما تأسّس الحكم الوطني وتركّز، كانشعوره يماشي الفكرة الوطنية، ويحرص علىإنمائها، ويساند الجيل الذي تيقّظلمسايرة النهضة الحديثة التي تمثّلت فيأفكار وتصميم الملك فيصل الأوّل بفتحالمدارس ونشر العلوم وتنوير الأذهان.

وقد وجد الفريق الناهض في شخصه ترحيباًوتشجيعاً، فلمّا أحسّ المستعمر بعواقبه،وتسهيله الصعاب للمواطنين أخذ يبثّ سمومهبإيجاد الفروق الطائفية والعداء بينأفراد الشعب، وفق خطّته المرسومة: (فرّقتسد).

سعى قدس سره للقضاء على هذا الداء الذيأحسّ به قبل غيره، فكافحه بقلمه السيّال،وروحه الطاهرة، وخطبه الخالدة، وبذلك كانموضع ثقة عقلاء الفريقين الّذين أدركواالخطر من انتشار هذه الروح.

وفي عام 1935 أطفأ فتنة عبد الرزّاق الحصان،التي قام لها الجنوب وعشائره، والمظاهراتالتي قامت واستمرّت فترة، فكان إطفاؤهاعلى يده.

كما أطفأ أيضاً ثائرة عشائر الفرات علىأثر استقالة وزارة المدفعي وتشكيل وزارةالهاشمي؛ إذ اجتمع عنده زعماء الديوانيةوالرميثة والناصرية وسوق الشيوخ لإبرامميثاق يتضمّن تخفيض الضرائب، والعنايةبعمران البلاد، ونبذ الطائفية وإدخالالشيعة في الوظائف.

وفي عام 1952 م كان موقفه متميّزاً منالمظاهرات التي حدثت في النجف في عهدوزارة نور الدين محمود، والتي أوجبتاحتلال النجف من قبل الجيش الوطني، فكان منشوره ونداؤهالبلسم الشافي للفريقين المتخاصمين.

لم يكن مقتصراً موقفه الوطني على بلدهالعراق وحسب، بل عبر بإحساسه إلى القضاياالقومية؛ فلقد اشترك في الحركات الوطنيةمع أحرار سوريا كالشيخ أحمد طبارة، وعبدالكريم الخليل، وعبد الغني العريس،وغيرهم، وكان هذا عند تواجده في ربوعسوريا.


 


 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما