الإثنين, شوال 27, 1445  
 
الفصل الرابع : الوقائع التأريخية في أيام الشيخ جعفر كاشف الغطاء

العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية

 

  



الفصل الرابع : الوقائع التاريخية في أيام الشيخ جعفر كاشف الغطاء

وفيه كثيرة لكنّا نذكر منها ما له شأن وعظمة وينحصر ذلك في حادثتين :-

الأولى : حادثة الوهابي وعبدالله بن سعود وغزواته للنجف الأشرف

فنقول : إنّ مبدأ هذه الطريقة الفاسدة الكاسدة من زعيمها الأوّل محمد بن عبد الوهاب المتولد سنة (1110 هـ) ، ولما شبَّ تَفقّه وحجَّ ، ثم أظهر دعوته ، وهي إغفال جميع الكتب الإسلامية والأحاديث النبوية ، وسائر فروع الدين ، وقد ذكره ابن ذحلان([1]) في كتابه المسّمى بالفتوحات الإسلامية ، وبيّن عقائده وأدلّته وما ردَّ به ، ونحن نذكر شيئاً يسيراً مما ذكره قال : ومؤسس مذهبهم الخبيث محمد بن عبدالوهاب وأصله من المشرق من بني تميم ، ويعني بالمشرق شرقي مكّة كالدرعية وعسير وغير ذلك من قرى الأعراب الذين هم حول المدينة ، ومنها الصفر أو الجديدة ، ولعل هذا أحد أسباب الإيهام بأنّ شيخنا أخو الوهابي أو قرابته لأنّ الجديدة أيضا أسم لقرية من قرى العذار قريبة من جناجية وهذا التوهّم كما ترى . وقد قال الحموي في (مراصد الاطلاع )([2]) بعد أن ذكر قرى كثيرة اسمها الجديدة منها اثنتان في مصر واثنتان على شاطئ دجلة ، قال وهي كثيرة في البلدان لاتحصى .

ولنعد إلى ذكر ما أردناه من الفتوحات ، فإنّ التعرّض لمثل هذه الخرافات وردّها تضييع للعمر ، وأنت تعرف بطلانها بما نذكره من كلام الذحلاني في أحوال هذا الرّجل ، قال : وكان من المعمّرين فكاد يعّد من المنظرين لأنّه عاش قريب المائة سنة حتى انتشر عنه ضلالهم وكانت ولادته سنة ألف ومائة وأحدى عشرة ، وهلك سنة ألف ومئتين وستٍ ، وأرخّه بعضهم بقوله : (بدأ هلاك الخبيث) ، وكان في ابتداء أمره من طلبة العلم في المدينة المنورة ، وكان أبوه رجلا صالحاً ، وكان أبوه وأخوه ومشايخه يتفرّسون فيه أنه سيكون منه زيغ وضلال لما يشاهدونه من أقواله وأفعاله ونزعاته في كثير من المسائل ، وكانوا يوبخونه ويحذّرون الناس منه ، فحقق الله فراستهم فيه لما ابتدع ما ابتدعه من الزيغ والضلال الذي أغوى به الجاهلين ، وخالف فيه أئمة الدين ، وتوصل بذلك إلى تكفير المؤمنين . فزعم أنّ زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والتوسل به وبالأنبياء والأولياء وزيارة قبورهم ونداءهم لأمر أو شفاعة شرك بالله ، وأنَّ من أسند شيئاً لغير الله ولو على سبيل المجاز العقلي يكون مشركاً نحو نفعني هذا الدواء ، أو هذا الولي ، وتمسّك بأدلّة لا تنتج له شيئاً من مرامه ، وأتى بعبارات مزوّرة ، ولبّس بها على العوام حتى اتبعوه ، وألفَّ لهم في ذلك رسائل حتى اعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد ، واتصل بأمراء المشرق من أهل الدرعية ، ومكث عندهم حتى نصروه وقاموا بدعوته وجعلوا ذلك وسيلة إلى تقوية ملكهم واتساعه ، وتسلطوا على الأعراب والبوادي حتى تبعوهم ، وصاروا جندا لهم بلا عوض ، وصاروا يعتقدون أنّ من لم يعتقد بما يقول ابن عبدالوهاب كافر مشرك ، مهدر الدم والمال وكان ابتداء ظهور أمره سنة ألف ومئة وثلاث وأربعين ، وابتداء انتشاره من بعد الخمسين ، وألفّ العلماء رسائل كثيرة للرد عليه حتى أخوه الشيخ سليمان([3]) وبقية مشايخه ، وكان ممن قام بنصرته ونشر دعوته من أمراء المشرق محمد بن سعود أمير الدرعية ، وكان من بني حُنَيفة قوم مسيلمة الكذاب ، ولما مات محمد قام بها ولده عبدالعزيز ثم ولده سعود بن عبدالعزيز ، وزعم ابن عبدالوهاب أنَّ مراده بهذا المذهب الذي ابتدعه إخلاص التوحيد والتبري من الشرك ، وأنّ الناس كانوا على الشرك منذ ستمائة سنة ، وأنه جدّد للناس دينهم وحمل الأيات القرانية التي نزلت في المشركين على أهل التوحيد كقوله تعالى ((وَمَنْ أضَلَّ ممنْ يدعُوا من دُون الله مَن لا يَستجيبُ لهُ إلى يَومِ القَيامَة وهُمْ عن دُعَائهم غَافُلون))([4]) . وأمثال ذلك ، وقال بعد ما أتى بآيات من ذلك القبيل كثيرة : إنّ من توسل بغير الله مطلقا داخل في عموم تلك الآيات ، ثم قال : واعتذار المسلمين في ذلك كاعتذار المشركين في عبادتهم الأصنام ، حيث قالوا فيما حكى الله عنهم ((مَا نعبدُهمْ إلاَّ لِيقربُونا إلى اللهِ زُلفَى))([5]) ، فإنّ المشركين ما اعتقدوا في الأصنام أنّها تخلق شيئاً بل يعتقدون أنه الله تعالى بدليل قوله تعالى ((ولئَن سَألتهُمْ منْ خَلقَهمْ ليَقُولونّ الله))([6]) ، فما حكم الله عليهم بالكفر أو الإشراك إلاَّ لقولهم ليقربونا زلفى وهؤلاء مثلهم .

ومما ردّوا به عليه : أنّ المؤمنين ما اتخذوا الأنبياء والأولياء آلهة ولم يجعلوهم شركاء لله بل يعتقدون أنّهم عبيد مخلوقون لله ، ولا يعتقدون أنّهم مستحقون شيئا من العبادة ، والمشركون الذين نزلت فيهم الآيات كانوا يعتقدون استحقاق أصنامهم الألوهية ويعظّمونها تعظيم الربّوبية ، وإن كانت لا تخلق شيئاً .

وأمّا المؤمنين فيعتقدون أنّ الأنبياء والأولياء عباد الله وأحباؤه اصطفاهم واجتباهم فببركتهم يرحم عباده ، ولذلك شواهد كثيرة .

ثم أخذ الذحلاني في ذكرها وتفصيل الرّد عليهم بما لا مزيد عليه نقلاً عن العلماء ، ثم أردفه بتفصيل أحوالهم وانتهاء أمرهم ، بما حاصله أنّ ملكهم أتسع حتى ملكوا اليمن والحرمين وقبائل الحجاز ، وبلغ ملكهم قريبا من الشام ، ثم نشب القتال بينهم وبين أمير مكة الشريف غالب بن مساعد([7]) ، ووقع بينهم وقائع كثيرة قتل فيها خلائق كثيرون ، ولم يزل أمرهم يقوى ، وبدعتهم تنتشر إلى أن دخل تحت طاعتهم أكثر القبائل والعربان الذين كانوا تحت طاعة شريف مكة .

ثم نازلوا الطائف وحاصروا أهله رجالاً فهزموهم ونساءً فأسروهم إلى أن فتحوا البلد ، ونهبوا الأموال وعزموا على التوجه إلى مكة ، فوقفوا حتى انقضت أشهر الحج ، وعلموا بخروج الحاج المصري والشامي ، وتوجّهوا إلى مكة ففرَّ الشريف إلى جَدَّة لعلمه بعدم الطاقة لمحاربتهم ، فطلب الآمان منهم أهل الحرم خوفاً أن يصنعوا ما صنعوا في الطائف فأمنوهم ودخلوا البلد وحكموا بها على ما يريدون ، حتى توجّه الشريف إليهم من جدّه مع عسكر سلطاني قائده والي جدّة شريف باشا ، فدخلوا مكة وانهزم الوهابيون ، والحاصل أنهم لم يزالوا أياماً وأعواماً على هذا يغلبون غالب ويغلبهم ، وقد هدموا أكثر القبب التي على قبور الأولياء والأنبياء لما يرون أنّه بدعة ، وحرموا التنباك ، وجعلوا يقتلون من يستعمله ، وكانت الدولة العثمانية في ارتباك كثير وشدّة القتال مع النصارى ، وفي اختلاف من خلع السلاطين وقتلهم إلى أن صدر الأمر السلطاني من ابن عبدالحميد الأول محمود الثاني ، الى محمد علي باشا والي مصر ، فبعث ابنه طوسون مع جيش من العسكر وكان هو مشغولا بقتل المماليك ، وهي طائفة من عسكر مصره تمردوا ، ثمَّ توجّه محمدعلي بنفسه مع عساكر بتمام القوة والاستعداد ، وكان معهم ثمانية عشر مدفعاً وثلاث قنابر ، فاستولى على ما كان بيد الوهّابيّة وأخذوا الصفر أو الجديدة بالمخادعة ومصانعة العرب ببذل الدراهم ، وكان هذا بتدبير الشريف غالب ، وهو في الظاهر تحت حكم الوهابيّة ، فلم يزل الباشا يقبض على واحد بعد واحد من أمراء الوهابي وأعيانه الذين نصبهم وكلاء عنه في البلاد ، ويبعث بهم إلى قسطنطنية فيصلبون هناك ، وفي أثناء تلك الحروب مات محمد بن عبدالوهاب حتف أنفه سنة ومائتين وخمس([8]) ، وعمره خمسه وتسعون ، فقام بالأمر بعده سعود أو ابنه محمد واستمر على حاله من المحاربة والدعوة إلى ذلك المذهب حتى توجّه محمدعلي باشا إليه فجلاه عن الحرمين بعد أن انتهب ما فيهما من الخزائن ونفائس الجواهر ، ثم تحصن بمسقط رأسه الدّرعيّة ، وبعد أن أمّن محمدعلي باشا الحرمين وجلا ذلك الخبيث وأحزابه عنهما أبقى هنالك عدّة من العسكر ورجع إلى مصر ، ثم بعث ابنه إبراهيم باشا لقتال عبدالله ابن سعود ومن تحصّن من قومه بالدرعيّة خوفاً من أن يعود على سيرته الأولى ، وكان قد هلك في الأثناء من أصحاب الباشا ابنه طوسون ومن أصحاب الوهابية أميرهم الأعظم سعود بعد زعيمهم الأوّل محمد بن عبدالوهاب ، وكان قد تخلف بعدهما عبدالله بن سعود وكان قد تكاتب مع طوسون باشا وعقدا صلحاً بينهما على بقاء إمارة عبدالله هذا وعدم خروجه بعد على الدّولة ، فلم يقبل به محمدعلي باشا ، وبعث مع ابنه إبراهيم عسكراً ذا عدة ، فنازلت جيوشهم عبدالله وكثرت الوقائع بينه وبين إبراهيم حتى كان آخر الأمر أن قبض إبراهيم على عبدالله سنة ثلاث وثلاثين بعد المائتين وألف ، وبعث به إلى مصر ، فأدخلوه على هجين([9]) وأزدحم الناس عليه للتفرج حتى أدخل على محمدعلي باشا فأكرمه وجعل يلاطفه ، وقال له : ما هذه المطاولة ؟ فقال : الحرب سجال ، وكان معه صندوق صغير فقال له  الباشا : ما هذا ؟ فقال : هذا ما أخذه أبي من حجرة الحرم أصحبه معي للسلطان ، فأمر الباشا بفتحه فوجدوا ثلاث مصاحف من خزائن الملوك لم يَر الراؤون أحسن منها ، ومعها ثلاثمائة حبة من كبار اللؤلؤ وزمرّدة كبيرة وشريط من الذهب ، ثم بعث بعبدالله إلى السلطان فطافوا به في قسطنطنية وقتل عند باب الهمايون ، ورجع إبراهيم باشا بعد أن خرّب الدّرعية خرابا كليا ، ولم يبق بها أحد .

هذا مجمل أحوالهم مع تمام الجهد في الاختصار لقصر المقام عن التفصيل ، وعلى هذا فانتشار ملكهم وقوّة شوكتهم استمرت ثمانين سنة ، وكان يمنّي نفسه بأخذ العراق ولكن يمنعه علمه بأنّ فيها جنداً ذا منعة وقوة لا طاقة له بهم ، ولكن كان ينازل النجف وكربلاء كثيراً لعلمه بضعف من فيها من الأهالي ، وعدم مكث جند وعسكر بها ، حتى أنّه أرجف النجف خمس أو ست دفعات ، وكان الله يكفيهم شرّه فيها ، ولكن بعد أن يقتلهم الخوف والاضطراب ، لأنّه كان يأتي بجنده فإذا سمعوا به غلّقوا الأبواب ، فيطوف حول السّور ، فمهما وجد دابّة على الأرض من حيوان أو إنسان ، رجلا أو طفلا ذكراً أو أنثى قتله ورمى برأسه داخل البلد ، وكان يأتي من أصحابه العشرة والعشرون فيدخلون البلدة على حين غفلة من أهلها فيقتلون وينهبون ثم ينهزمون ، كل ذلك لقرب منازلهم وهي نجد والقصيم إلى العراق خصوصاً النجف منه .

وكانوا يأوون إلى السيد محمود الرّحباوي([10])  فيبيتون الرحبة ويصبحون بغاراتهم النجف ثم يمسُون في الرّحبة ، وكان الشيخ يومئذ هو المرجع والمآل في جميع الأحوال ، فنهى السيد محمود عن إيوائهم وإخبار أهل النجف بمجيئهم فأبى عن كل ذلك ، وهذا أحد دواعي قتله كما سيأتي قريبا إن شاء الله . فالتجأ إلى تدارك الأمر من زعيمهم الأوّل لما أخبر به من عقله ووفور معرفته ، فجعل يكاتبه على البعد ويطلب الأمان منه بأنواع اللطائف والحيل حتى سمح له بذلك ، وأمر جنده بان يكفّوا شرهم عن النجف ففعلوا ، فلم تأتِ غارة للنجف مدّة بقاء محمد الوهابي في قيد الحياة .

وحدثني بعض الثقات المطلعين ممن طاف في تلك الآفاق ، ورأى بعض أولئك القوم أنَّه قال لبعض أولاد الوهابي : أصحيح ما يقال من قرابتكم للشيخ جعفر النجفي؟ فقال : قد سمعنا ذلك من أهل العراق وهو كذب لا أصل له لأن جدّنا رجل نجدي هاجر بأولاده إلى المدينة المنّورة لطلب العلم ، فاخترع ولده محمدّ هذا المذهب ، ومضى به إلى مصر يدعوا أهله إليه ، فطردوه ولم يقبلوا منه فجاء إلى مكة ، ثم رجع إلى الشام ثمَّ إلى المدينة ، فلم يجد من يتبعه ويأخذ بيده ، حتى جاء إلى مسقط رأسه ومحل قومه وعشيرته ، وهي منازل نجد ، وكان أميرها سعود فتجلى الحقّ له فاتبعه وصار له ساعداً يصول به ، ويبطش فيه ، ولم يمضِ أحد منا إلى العراق لا محمد ولا غيره من عشيرتنا . نعم قد بعث جدّنا سرية لغزو النجف فنهبت وقتلت شيئاً يسيراً ، ثم جاء هو بنفسه إليها ليهدي أهلها إلى دعوته ، فإنْ قَبِلَتْ وإلاَّ قُتلَتْ ، وعزم على تخريب النجف وإفنائها إن لم يقبل أهلها بدينه ، فلمّا نزل بجيشه الرحبة عند السيد محمود بعث الشيخ بقرآن نفيس من هدايا سلاطين العجم إليه ، وبعث معه كتابا يطلب الصلح والأمان من جدّنا ، وأنَّه هو وأهل النجف جميعاً على دينه غير خارجين عن طاعته ، والتمس منه أن لا يدخل النجف هذه الدفعة لأن أهلها في خوف منه واضطراب ، فأجابه إلى ذلك محمد ، وكان الشيخ جعفر قد سأله أن ينصبه حاكما في النجف من قبله ، فبعث إلى أهل النجف كتابا يأمرهم بطاعة الشيخ ، وأنّه وكيل عنه عليهم ، ثم رجع محمد بجيشه واشتغل بالوقائع والحروب التي بينه وبين طوسون باشا وشريف مكة فلم يمكنه العود إلى النجف .

قال الراوي : قالوا : إنّ كتب الشيخ لجدّنا وكتب جدّنا إليه محفوظة عندنا ، وأطلعوني على بعضها فكان مضمونها كما قالوا ، فما أدري تلفيق منهم على الشيخ أم واقع الأمر كان كذلك؟ لأنّه رأى انحصار الدفع عن بيضة الدين بذلك إلى أن يستعدّ لدفاعهم ، والله وأولياؤه أعلم .

ثم بعد أن مات محمد وكثرت الحروب والوقائع بين خليفته سعود وبين أمراء الدولة ، وجَلوْهم عن الحرمين ، جعلوا يطلبون العدة لهم والقوة من أموال ورجال ، فبعث ابنه عبدالله إلى كربلاء والنجف وقال له : إن سلّموا لك وبعثوا معك عدّة حسنة فاكفف عنهم وإلاَّ فانزل بهم الفناء ، فنازل النجف بجنده ، وكان الخبر قد بلغ الشيخ وأصحابه ، وكان قد أستعدّ لهم بعض الاستعداد ، ونقل خزنة الأمير (عليه السلام ) وبعث بها إلى بغداد مع من يعتمد عليه من أصحابه ، فقيل كانت الجواهر التي فيها مقدار حمل عشرين بغلاً ، وإنما نقلها الشيخ لئلا ينهبوها كما نهبوا خزينة الحرم .

وحدثني بعض أعمامي عن بعض الشيبه أنّ الشيخ رأى في المنام قبل أن يأتي خبر عبدالله ومجيئه إلى النجف ، وقد حدَّثنا بها وأحسَّ بالشرَّ ، وهي أنّ رجلاً جاءه ، وقال له : أجب أمير المؤمنين فإنّه يدعوك ، فقمت معه حتى جئت إلى الصحن الشريف ، فخلعت نعلي ودخلت إيوان الذّهب فرأيت الأمير (عليه السلام )جالساً على كرسي له في صدر الإيوان وعن يمينه رجل وعن شماله آخر وبين يديه بطل قد اتكأ على الحائط المقابل له فوقفت إلى جنب ذلك البطل وسلّمتُ فردّوا عليَّ السلام وكانوا مطرقين برؤوسهم إلى الأرض ، فرفع الأمير عليه السلام رأسه والتفت إلى الذي عن يمينه ، وقال : يا بني يا حسن أصبر كما صبر أبوك من قبل ، فقال : يا أبَ صبرت وسأصبر ، ثم أطرق ورفع رأسه فقال : يا بني يا حسين أصبر كما صبر أبوك من قبل ، فقال صبرت وسأصبر ثم أطرق ورفع رأسه ، وقال للذي بين يديه : يا بني يا عباس أصبر كما صبر أبوك وأخواك من قبل ، فقال مع التغيّر والانزعاج لا والله يا أبَ لا أعطي بمن يستحميني ويستجيرني ، ثم كرّر الأمير عليه السلام كلامه ، والعباس يجيبه بذلك الجواب ، يقول الشيخ : ثم التفت إلي وقال : يا شيخ يا شيخ احفظ النجف احفظ النجف ، فقلت سمعاً وطاعة ، ثم داخلني الرّعب والرهب من هيبته فاستيقظت وفرائصي ترتعد ، وجوانحي تضطرب ، وبقيت أنتظر الشأن حتى جاء الخبر أنَّ سعوداً فتح المدينة وهدم البقيع وقبور الأئمة عليهم السلام ، وجعلها قاعاً صفصفاً ، وانتهبت خزائن القبر المطهر وما فيها من النفائس فقلت : هذه إحدى العلامات ، وبعثت بالخزينة إلى بغداد .

ثم أخذ الشيخ يستعد بتعبئة السّلاح وجمع الدّروع وجلب التفق([11]) إلى النجف فما كان إلاَّ أيام حتى أتى عبدالله بجنوده ونازلها ليلا فبات تلك الليلة على أن يفتح البلد صبحاً ويوسعه قتلا ونهباً ، وكان الشيخ قد غلّق أبواب البلد وجعل خلفها أحجاراً كباراً ، لأنّها كانت محفّرة وعيَّن لكل واحد عدّة من المقاتلين شاكي السلاح ، وأحاط باقي الناس بسور البلد من داخله ، وكان يومئذ محفراً واهي الدعائم ، وكان ما بين كل أربعين أو خمسين ذرعاً حجرة تسمى (قوله) كما هي الآن كذلك ، وكان قد وظف في كل (قوله ) جماعة من المؤمنين المسلحين ، وكان جميع من في البلد من المقاتلين لا يزيدون على المائتين ، لأنّ أغلب أهل النجف خرجوا منها واستجاروا بأعراب العراق لما سمعوا من سيرة الوهابي بالقتل والنهب والسّبي ، فلم يبق مع الشيخ إلاَّ الصفوة من العلماء كالشيخ حسين نجف([12]) والسيد جواد العاملي([13]) والشيخ خضر شلال([14]) والشيخ مهدي ملا كتاب([15]) وغيرهم من الشيبة الأطياب وبعض من العوام ، وكان قد وقع التشاجر بين العلماء في هذه المسألة ، فبعضهم أوجب الخروج من النجف تقديماً لأدلّة حفظ النفس ، فخرجوا مع من اتبعهم ، وبعض كالشيخ والسيد جواد وباقي العلماء أوجبوا الجهاد تقديما لأدلّة حفظ بيضة الدين على المسلمين ، وقد صنّف السيد جواد العاملي رسائل في الرّد على من خالفهم في ذلك ، وشنّع بها على من خرج من النجف .

ثم أنّ الشيخ وأصحابه وطّنوا أنفسهم على الموت لقلّتهم وكثرة عدد عدوّهم ، وكان الشيخ قبل مجيء هذا الخبيث حفر في داره الكبيرة سرداباً ينزل في الأرض مقدار أربعون درجاً ، وهو من العجائب لأنّ الشيخ صنعه بهندسته ليخفي فيه أولاده وعياله خوفاً من السبي فجعله بحيث لا يهتدي إليه أحد إلاَّ من علم بكيفية طريقه وسلك فيه مراراً ، وهو موجود إلى الآن ، ويعرف بسرداب الوهابي ، وهذه الدار من منن الله علينا نحن نازلون بها ، وهي من مدة ثلاثين سنة في أيدينا ، وسيأتي إنْ شاء الله كيفية بنائها وإتقانها وحسن ترتيبها وبنيانها .

ثم أنّ الشيخ أخفى أولاده ونساءه في السرداب وجعل معهم من الطعام ما يكفيهم مقدار شهر كامل ، وودّعهم وداع مفارق ، وقال : إنّ هذا الملعون سيأتي إلى النجف فإنْ أظفرنا الله عليه فبها ، وإلاَّ فسيقتلنا ويدخل النجف فلا يرى شيئا بها مما يريد من مال أو رجال فسيتركها ويرتحل ، وأما أنتم فأخرجوا بعد الشهر وكاتبوا الأطراف ومن خرج فَلْيَعُدْ ، ولا تقصروا في السعي بتعميرها أبداً ، ولا تخرجوا منها ولو بقيت خالية ، إلى غير ذلك من الوصايا والترتيبات لإحياء الملّة والدين حيا أو ميتاً .

وأما ابن سعود فإنّه بات بجنده تلك الليلة خارج البلد ، وما أصبح الصباح إلاَّ وهم قد انجلوا عن تلك البقعة ولم يبق منهم بها أحد ، فيقال إنّ بعض من كان على السور رأى قريبا من الفجر فارساً خرج إليهم وطاردهم قليلا ففرّوا من بين يديه كالجراد المنتشر وقيل :إنّ الفارس قتل عبدالله ، وقطع رأسه ، والأصحّ أنَّه أهزمهم لأنَّ كتب التواريخ متفقة على أنّ عبدالله قبض عليه إبراهيم باشا بن محمدعلي باشا ، وبعث به إلى مصر ، ثم إلى أسلامبول فقتل هناك سنة أربعٍ وثلاثين([16]) .

ثم توجه الملعون إلى كربلاء فقتل أهلها قتلا ذريعاً حتى فاض الدم من الحرم الحسيني كالميازيب ، ولم ينجُ إلاَّ من لاذَّ بالحرم العباسي ، لأنّهم كلّما توجهوا إلى صحنه الشريف خرج إليهم فارس فقاتلهم وجلاهم عنه حتى قال الملعون عبدالله : خلوا حرم العباس فإنّه ابن أختنا ، ثم دقّ القهوة على ضريح أبي عبدالله (عليه السلام ) ، وأحرق قبر حبيب بن مظاهر إلى غير ذلك من الأفعال الشنيعة ، ثم ولّى هزيماً لعنه الله وعذّبه عذاباً أليماً([17]) .

هذا مجمل أحوالهم وإن كان بالنسبة إلى رسالتنا المبنية على الاختصار تطويلا ، ولكن إنما ذكرنا لك النبذة الأولى من أحوالهم لتطلع على كذب أعداء الله على أوليائه ، وكيف يؤول الحسد والشنأن بأصحابه وخلفائه ، والأولى الإمساك عنهم والكّف فإنّهم أقل وأحقر من أن يُردّ أحدهم بشيء أو يذكر .

وَمَا أَشْكُو تَلوّنَ أَهْلَ دَهْرِي

 

 

ولَوْ أجْدَتْ شَكيتَهُم شَكوْتُ

 

مَللْتُ عِتابَهُم وَيئسْتُ مِنْهُم

 

 

فَمَا أرْجُوهُم فِيمَنْ رَجوْتُ

 

إذَا أَدْمَتْ قوارضُهُم فُؤادِي

 

 

كَظمْتُ على أذاهُم وانطَويْتُ

 

ورُحتُ عليهم طلقَ المحيّا

 

 

كأنّي ما سَمِعتُ ولا رَأيْتُ

 

ويَومَ الحَشْرِ مَوقفُنا ونبْدو

 

 

صَحِيفَةُ ما جَنَوهُ وما جَنِيْتُ

 


 

ولما ألقتني مراحل الأقلام في هذا المقام ، أعثرني التوفيق على لؤلؤة مكنونة ، وجوهرة مخزونة ، كانت مطروحة في زوايا الخمول ، على أنّها مما يبهر العقول ، وهي رسالة لشيخنا الأكبر ، وعلامة الدّهر ، وآيته العظمى الشيخ جعفر أفاض الله رَوحَه على رُوحِه ، وأعلى على الضراح شامخ ضريحه ، في ردّ الوهابية ، وهي بديعة في مقامها غاية الإبداع ، وقد سلك فيها مسلكا لطيفا ، وعمل بقوله تعالى فيما أمر نبيه موسى (عليه السلام ) مع عدوّه حيث قال له : ((فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيَّنا لعَلَّه يتَذَكَّرُ أوْ يخشْى))([18]) ، فإنّ الشيخ سلك مسلك اللين والانعطاف ، وتطلب الإنصاف ، وتجنّب العنف والاعتساف ، لما فيه من جذب القلوب إلى الحق ، واستجلا بها باللين والصّدق ، حيث أنّه يقول مخاطبا الشيخ عبدالعزيز بن سعود : يا أخي في أواخر الفصول وجعل نفسه من طلبة أهل بغداد مكنّيا بذلك عن كونه من أهل السنة والجماعة ليتوصّل إلى الغرض شيئاً فشيئا ، ويرتقي من مرتبة إلى أخرى على أنّه ليس قصده إلاَّ أن يقلع الوهابي عما هو عليه من تكفير سائر المسلمين شيعة وسنة ، ولو على أن يكون هو منهم ، فإنّهم لا يرون وجوب قتال من يشهد الشهادتين ، وهو يرى وجوب قتال من خالف طريقته ولو بيسير ، ولهذا كان أمره على المسلمين عسير ، وحيث كان الوهابي لا يعتمد إلاَّ على الصحاح الست([19]) وأمثالها من متقدمي أهل السنة والجماعة مدّعياً أنّهم على طريقته والتزم الشيخ في ردّه بأن لا يأتي له إلاَّ بأحاديثهم المروّية بطرقهم المسلّمة عندهم ، وهذا أشدّ في الإبلاغ وأعذر ، وأكد في الأعذار وأنذر . ولكن ما أسفت على شيء في عمري ، ولا تلهفت على ما مضى عنّي من دهري ، كما أسفت على عدم ما فات مني من التوفيق والحظوة بتمام الرّسالة ، لأنّي لم أعثر منها إلاَّ على كراس واحد بخط عمي المرحوم المبرور الشيخ موسى بن الشيخ محمد رضا([20]) تغمّدهما الله بالغفران والرّضا ، وكنت أرى هذه الوريقات في مجموع أوراقه رحمه الله فلا أعرف قضيّته ، حتى أخبرني الوالد الماجد صاحب الشرف والفضيلة الشيخ علي سلمه الله ، أنّ أخاه الشيخ موسى أخبره بخبرها ، وأنّه وجدها عند بعض الطلبة ولم يتمكّن إلاَّ من كتابة هذا المقدار منها ، وأنّها كانت عنده تامة ، وهاأنا قد أثبتُ لك ما عثرت عليه من ذلك أنّها عزيزة النسخة بل معدومة الوجود ، وقد أذنت لمن عثر على الباقي أن يدرجه في رسالتنا هذه طلبا لعموم المنفعة وتكثير الفائدة ، وأنت بعد مراجعة تصانيف الشيخ ورسائله خصوصاً (الحق المبين ) الذي ردّ به الأخباريين ، وتراجع هذه النبذة اليسيرة التي نوردها لك منها تعرف أنّ هذا النهج والترتيب ، وذلك الأسلوب الغريب من تقفية وتسجيع ، الذي هو على صرف القريحة وجري الخاطر السّريع ، بلا تكلف ولا كدّ ، ولا تعب ولا جهد كلاهما وادي واحد ، وقد أوردنا لك ما وجدناه بنصّه فخذه تجده على ما تهوى من بلاغة وفصاحة ، وردود كافية ، وتقنيعات شافية وهي :-

رسالة الشيخ الكبير في ردّ الوهابية المسمّاة (منهج الرّشاد لمن أراد السداد)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي تفرّد بالوحدانيّة والقدم ، واشتق نور الوجود من ظلمة العدم ، وأسّس قواعد الشرع على وفق المصالح والحكم ، وفضل أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الأمم ، وأنزل القران فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، وحذّر عن إتباع الملاذ والشّهوات ، وأمر بالوقوف عند الشبهات ، وأنذر عن متابعة الآباء والأمهات والصلاة والسلام على مَنْ قدّمه على جميع أنبيائه ، وفضّله على كافة أصفيائه ، محمد المختار ، صلى الله عليه وآله وسلم ما أظلم ليل وأضاء نهار .

وبعد : فقد ورد إلى المقصّر مع ربّه التائب إليه من ذنبه ، الطالب من الله السداد ، جعفر أقل طلبة بغداد ، كتاب كريم ، مشتمل على كلمات كالدّر النظيم ، ممن لم يزل بالمعروف آمراً ، وعن المنكر ناهياً زاجراً ، الآمر بعبادة المعبود ، الشيخ عبد العزيز بن سعود ، فلما نظرته وتدبّرته وتأمّلته وتصوّرته ، خلوت في زاوية من الدّار ، وتصحفّته تصفّح الإنصاف والاعتبار ، وقلت : متهماً لنفسي بالميل إلى العصبيّة والعناد ، والركون إلى ما عليه الآباء والأجداد ، يا نفس اعرفي قدر دنياك ، واحذري شرّ منْ أغوى أباكِ ، لقد تخليتُ عن نعيم الدنيا بحذافيرها ، وقنعت بقليلها ولو بقرص شعيرها ، وتجنّبت دار الغرّة والوقار ، واخترت العزلة في هذه الدار ، فلو كنت في كبار البلدان من ممالك بني عثمان ، أو في بعض بلدان فارس وإيران لجاءت إليك الدنيا من كلّ جانب ومكان ، ونلت من النعيم ما لم ينله إنسان ، فاحذري أن تكون مع الأعراض عن هذه النعم الفاخرة ، ممن قد خسر الدنيا والآخرة ، فلما شممت منها رائحة التصفية ، رأيت أن نسبة المذاهب لولا الله عندها على التسوية ، وجهتها إلى الكشف عن حقيقة الجواب عن الشبهة المورودة في ذلك الكتاب ، ورأيت أن أشرح في الحال رسالة على وجه الاختصار ، مستمداً من فيض الواحد القهّار ، وسميتها(منهج الرّشاد لمن أراد السداد) .

فأقسم عليك بمن جعلك متبوعاً بعد أن كنت تابعاً ، ومطاعاً بعد أن كنت لغيرك مطيعاً سامعاً ، وأعزّك بعد ما كنت ذليلاً ، وكثّر جمعَكَ بعد ما كان نَزْراً قليلاً ، أنْ تنظر ما رسمته سطراً سطراً ، وتمعن في تحقيق ما رقمته نظراً وفكراً ، متوحّشا من الناس وقت النظر ، متحذراً من النفس الأمّارة كل الحذر ، طالباً من الله كشف الحقيقة ، سالكا في المناظرة واضح الطريقة ، فلعلّه يظهر أنّه ليس بيننا نزاع ، فنحمد الله على الاتفاق والاجتماع ، وقد رتبتها على مقدمة ومقاصد وخاتمة([21]) :-


([1]) هو مفتي الشافعية الشيخ أحمد بن زيني ذحلان ولد في مكّة عام (1232 هـ ) ، وتولى منصب الإفتاء والتدريس فيها . توفي سنة (1304 هـ ) وكتابه ( الفتوحات الاسلامية ) مطبوع في مجلدين . كما أنّ له رسالة بعنوان ( الدرر السنيّة في الرد على الوهابية ) طبعت في القاهرة عام 1319 هـ .

([2]) مراصد الاطلاع لابن عبدالحق البغدادي ، وليس لياقوت الحموي صاحب معجم البلدان ، وقد طبع باسم ياقوت الحموي وهو وهم .

([3]) الشيخ سليمان بن عبد الوهاب هو أخ محمد بن عبد الوهاب وقد عارضه في دعوته وكتب ردّاً عليه بعنوان ( الرد على من كفر المسلمين بسبب النذر لغير الله ) توفي حدود عام (1210 هـ ) .

([4]) سورة الاحقاف / 5 .  

([5]) سورة الزمر /3 .

([6]) سورة الزخرف / 87 .

([7]) هو الشريف غالب بن مساعد بن سعيد الحسني من أمراء مكة تنازع الحكم مع ابن أخيه عبد الله بن سرور فقبض عليه غالب واستتب له الأمر زمناً وفي أيامه ظهر سعود بن عبد العزيز بنجد وهاجمت جيوشه الحجاز فقاتلها الشريف غالب وأخيراً تصالح معه حتى مجيء قوات محمد علي باشا والي مصر فتحول عن طاعته اليه وأخيراً قبض محمد علي باشا عليه وأرسله الى مصر سنة 1228 هـ فأقام أشهراً وأرسله بعدها الى الأستانة فنفته حكومتها الى سلانيك فتوفي فيها .

أنظر : الأعلام / الزركلي : 5 / 304 ، 305 .

([8]) توفي محمد بن عبد الوهاب سنة (1206 ) هـ .

([9]) البعير غير ذلول . 

([10]) قتل السيد محمود الرحباوي في شهر ذي القعدة سنة (1227هـ ) . والسادة الذين سكنوا ( الرحبة ) هم بقية من السادة  الصفويين الهاربين في عهد الغزو الأفغاني لبلاد فارس .

([11]) الظاهر أنّها - التُفكَ - باللهجة الدارجة العاميه .

([12]) الشيخ حسين ابن الحاج نجف بن محمد النجفي من علماء عصره الأفذاذ ، ومشاهيره بالتقوى والنسك ، وله مناقب كثيرة مبسوطة في ترجمته ، وقد كتب سبطه العلامة المقدسي الشيخ محمد طه نجف رسالة في أحواله ، توفي سنة (1251 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة :2 / 433 .

([13]) سبق ترجمته .

([14]) الشيخ خضر بن شلال بن حطاب آل خدام الشيبي من مشاهير عصره في العلم والتقوى والصلاح والزهد ، توفي سنة (1255 هـ) ، دفن في النجف الأشرف في محلة العمارة ، ولم يزل قبره قائماً على طريق المارة في أزقة محلة العمارة من جهة الشمال حتى شمله الهدم الذي جرى في سنة (1410 هـ) لغرض بناء المنطقة وتطويرها ، وحمل رفاته إلى مكان آخر .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 493 .

([15]) الشيخ مهدي ابن الشيخ محمد حسين ابن الشيخ محمد الملا كتاب الكردي أو البياتي التركماني الأحمدي ، كان من أعاظم علماء عصره ، ومن فحول الأصوليين ، مضافا إلى تقواه ونُسكه ، والمحكي عن صاحب الحصون المنيعة أنّ الشيخ صاحب جواهر الكلام كانت تعرض عليه كتابته في جواهر الكلام فيصححها ويمحو منها .

أنظر : معارف الرجال / حرزالدين : 3 / 94 ، مخطوطة الحصون المنيعة / الشيخ علي كاشف الغطاء : 7/ 177 .

([16]) أي بعد المائتين والألف .

([17]) جرت إصلاحات كثيرة للحائر الحسيني المقدس من بعد الغارة الوهابية الفظيعة على يد السلطان فتح علي شاه القاجار وذلك في عام (1232 هـ) بهمة المرحوم الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء رحمه الله الذي توجه لمقابلة الشاه في طهران في أمر تعمير الحائر بعد ما هدمته ونهبته الأيادي الوهابية العابثة في الحرم المقدس ، ثم أخذ يتجول الشيخ في أنحاء إيران يشجع على التعمير ، كما جاء نظما في كتاب (مجالي اللطف بأرض الطف)

فانتهض الشاه له فتح علي

 

 

وأرخص التبر لغالي العمل

 

وانشأ الصندوق ساجا ورقى

 

 

وجعل الشباك فيه ورقا

 

وألبس القبة ثوبا من ذهب

 

 

وصدر إيوان على البهو انتصب

 

وعمر القبة بالكاشاني

 

 

على أبي الفضل العظيم الشأن

 

وجد في تجديد ما قد نهبا

 

 

من الحسين وأخيه المجتبى

 

وتم ذا في الألف والمئتين

 

 

ثم الثلاثين مع الثنتين

 

بهمة الكاشف للغطاء

 

 

جعفر في العلم وفي العطاء

 

فقد سعى قصداً إلى طهران

 

 

وجد للحسين في العمران

 

وطاف في طريقه يحرض

 

 

على البناء من لديه عرض

 


 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID