الإثنين, شوال 27, 1445  
 
الفصل الخامس : تهاني ومراثي الشيخ
 

العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية

 

آية الله العظمى الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء  "قدس سره"

  


العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية

الفصل الخامس : تهاني ومراثي الشيخ

الفصل الخامس : فيما قال من الأشعار ، وما قيل فيه من تهانيه ومراثيه ، واعلم أنّ من منح الله الكريم لهذا الشيخ العظيم ، أنَّه على سعة علمه وكثرة اشتغاله في الفقه وشهرته ، له ملكة في النظم وقوّة فيه كملكة الشاعر الذّي صرف عمره في ذلك ، وتوغّل في تلك الشعوب والمسالك ، وهو لم يشتغل فيه يوماً واحداً ، بل يجري على صرف بديهته ، وجودة فكره وحسن سليقته .

 وقد حدّثنا شيخ الإسلام في هذه الأيام ، الشيخ محمد طه نجف([1]) أدام الله وجوده ، عن خاله الشيخ جواد نجف([2]) أنّ الشيخ الكبير كان جالساً بعض الأيام بين أصحابه فجرى ذكر الشعر بينهم وأنه أعظم الكمالات ، فجعل الشيخ يتأسف ويقول : إنّي محروم من هذه الفضيلة ، ثم قال : أريد أن أجرب نفسي هل لها قوّة في النظم ولو بيتاً واحداً ، يقول الراوي : فتأمل الشيخ زماناً ثم قرأ بيتاً لنا في مدح الأئمة ، وإذا هو جيد النظم موزون حسن السبك ، فمدحنا نظم الشيخ له واستأنس هو بنفسه ، وقال : إنّي لشاعر ولا أعلم بذلك ، ثم قال : إنّ الله قد ستر على الشعراء حيث لم يجعلني منهم وإلاَّ فما كنت أبقي لهم سوقاً ، فقام إليه رجل من تلاميذه ، فقال : يا مولانا ما كان ذنب العلماء حتى لم يستر الله عليهم فجعلك منهم فضحك الشيخ والحاضرون .

وأنا مورد لك هنا نبذة من أشعاره لليُمن والبركة ، ولتعلم أنّ الشيخ حقيق بأن يقول :

أَنَا أَشْعَرُ الفُقَهاءِ غَيْرُ مُدافِعٍ

 

 

في الدّهْرِ بَلْ أَنا أفْقَهُ الشُّعراءِ

 

شِعْري إذا مَا قُلْتُ دَونَهُ الوَرَى

 

 

بالطَّبْع لا بتكلّفِ الإلْقَاءِ

 

كالصَّوتِ في ظُللِ الِجبَال إذا عَلا

 

 

للسَّمْعِ هَاجَ تَجاوبِ الأصْداءِ

 

وكان أغلب شعره مدحاً ورثاءً في السيد العلامة الطباطبائي([3]) رحمه الله ، فمنه ما أورده له فيه السيد محمود الطباطبائي([4]) في ( المواهب السنية ) وهو :

لِسَاني عَنْ إحْصَاءِ فَضْلكَ قَاصِرُ

 

 

وَفكْريَ عَنْ إدْرَاكِ كُنهِكَ حَاسِرُ

 

جمَعْتَ من الأفْضَالِ كلّ فضيلةٍ

 

 

فلا فضلَ إلاَّ عن جنابِكَ صَادِرُ

 

يُكَلِّفُني صَحْبِي نشيدَ مَديحكُم

 

 

لزعمِهُمُ أنّي على ذاكَ قادِرُ

 

فَقُلْتُ لهُمْ هيهاتَ لستُ بقائلٍ

 

 

لشَمْسِ الضّحَى يا شَمْسُ نُورِكِ ظَاهِرُ

 

وَمَا كُنتُ للبَدْرِ المنُيرِ بِنَاعتٍ

 

 

له أبداً بالنورِ والليلُ عَاكِرُ

 

ولا للسَّمَا بُشْراكِ أنتِ رفيعةٌ

 

 

ولا للنجُومِ الزّهْرِ أَنت زواهِرُ

 

ومنه ما أورده أيضا له فيه رحمهما الله جميعاً

إليك إذا وجّهْتَ مَدْحِي وَجَدْتَهُ

 

 

مَعِيباً وإن كان السّليمُ من العَيْبِ

 

إذا المدُحُ لا يحلُو إذا كانَ صَادِقاً

 

 

وَمَدْحُكَ حَاشاهُ من الكَذِبِ والرّيبِ

 

وله أيضاً وقد بريء السيد رحمه الله من علة أصابته

الحَمْدُ للهِ على عَافِيةٍ

 

 

كَافيةٍ لخِلْقِهِ شافيتكْ

 

قَدْ ذَابَ قَلبُ الوَجدِ في تاريِخِها

 

 

شَفَاءُ داءِ النَّاس في عَافِيتكْ

 

وأنت ترى قوة هذا الشعر وجودته خصوصاً إذا كان التاريخ يزيد على تلك السنة ثلاثاً([5]) ، فإنّه يصير حينئذ في أعلى مراتب الحسن ، لأنّ المراد بقلب الوجد هو الدجو ، يعني ذابت الظلمة كناية عن ذهاب الغمّ ببرئهِ ، وفيه تورية بإسقاط ثلاثة([6]) ، فإنّ الجيم هو القلب أي الوسط ، ويكاد أن يقال هذا الشعر ليس له لمزيد قوّته وحسن صناعته ، وشعر العلماء ملازم للركة والانحطاط إلاَّ أنّك تعلم أن هؤلاء قوم حووا من كل مكرمة أدقها وأجلها ، ومن كل فضيلة أتمها وأجلها ، وأحسن من هذا قوله يرثي ذلك العلامة (رحمه الله ) بقصيدة بديعة وهي :

 

قصيدة الشيخ الكبير في رثاء العلامة الطباطبائي

سإنّ قَلْبي لا يَسْتَطيعُ اصْطِبَارا

 

 

وَقَرَاري أبَى الغَداةَ القَرارا

 

غَشِيَ الناسُ حادثٌ فَترى النا

 

 

سَ سُكارى وما هُمُ بِسُكَارى

 

غَشَيتْهُم مِنَ الُهموم غَواشٍ

 

 

هَشَمَتْ أعْظُماً وقَدّتْ فِقارا

 

لمصَابٍ قَدْ أورثَ الناسَ حُزْناً

 

 

وصَغاراً وذلّةً وانكِسَارا

 

وكَسَا رَوْنَقَ النّهارِ ظَلاماً

 

 

بَعْدمَا كانتِ الليالي نَهاراً

 

ثُلِمَ الدّينُ ثَلْمَةً مالهَا سدّ

 

 

وَأولي العُلومَ جُرحاً جُبارا

 

لمصُابِ العَلاّمةِ العَلم المهديِّ

 

 

مَنْ بَحْرُ علمِهِ لا يُجارى

 

خَلَفُ الأنبياءِ زُبْدة كُلِّ الأَصْـ

 

 

ـفِياءِ الذي سَما أنْ يُبَارى

 

واحدُ الدّهْرِ صاحبُ العَصْر مَاضِي الـ

 

 

أمْر في كُنْهِ ذَاتهِ الفِكْرُ حَارا

 

كيفَ يسلوهُ خاطِري وبهِ قُمْتُ

 

 

مَقَامِي وفيهِ فكريَ طَارا

 

كَيفَ ينفَكُّ مدحُهُ عَنْ لِسَاني

 

 

وَهْوَ لولاهُ في فَمِي مَا دَارا

 

وارتَضَاني أَخَاً له منّةً والـ

 

 

ـرِق شَأني إذا أردتُ اعتِبَارا

 

خَصَّني بالجميلِ مِنْ بَعد أنْ عَمَّ الـ

 

 

ـبَرايا وطبّق الأقْطَارا

 

وَحَبَاني عِزّا به بعد ذُلٍّ

 

 

وكَسَاني جلالةً ووقَارا

 

ما هُدِيتُ الرشادَ لولاهُ والـ

 

 

أحكَامُ لَمْ أدرِها ولا الأخبارا

 

مَنْ تُرَى يَدفعُ الملِمّاتِ أو يَصْـ

 

 

ـرِفُ صِرفَ الزمان إنْ هو جَارا

 

سيدي مَاتتِ العلوُم ووارى الدْ

 

 

دينَ في الرّمْسِ مَنْ لكَ اليومَ وارى

 

مَنْ يَردّ اليهودَ إنْ أبْرَزُوها

 

 

مُشكلاتٍ بردّها الكلُّ حَارا

 

كُنتَ تتلو توراتَهم فيردّو

 

 

نَ عَن الغيِّ للهُدَى استِبْصارا

 

مَنْ لأَعْلامِ مكّةَ وجَمَاهِيـ

 

 

ـرُ الِحجَازِ انتحوا إليك بدَارا

 

طالبينَ الِحجَاجَ والكلُّ قَدْ ثَقـْ

 

 

قَـفَ للبَحْثِ أمْلَداً([7]) خَطَّارا([8])

 

فَحَجَجْتَ الجميعَ بالحُججِ الغُرْ

 

 

رِفَدَانَتْ لَكَ الخُصومُ صِغَارا

 

وَلَكَمْ مُعْجِز بَهَرْت به الخَلْـ

 

 

ـقَ به حالك الظَّلام أنَارا

 

صدّني أنْ أقُول أَنْتَ نَبيٌّ

 

 

أوْدَعَ اللهُ كُنْهَهُ الأَسْرَارا

 

إنَّ ربَّ العِبادِ قَدْ خَتَمَ الرُسـ

 

 

ـل بطه المختار جلَّ اخْتِيَارا

 

سيدي نَجْلُكَ الرّضَا([9]) مُستَطارُ الـ

 

 

ـقَلبِ لا يَستَطيعُ قَطُّ قَرارا

 

جَاءَ يَطْوي الفَلا إليكَ من البُعْـ

 

 

دِ ويُفْري سَباسِباً([10]) وقِفَارا

 

قاربَ الدّارَ راجِياً فأتى النَّا

 

 

عِي إليه فطَاشَ لبّاً وَطارا

 

كَيْفَ أَزْمَعْتَ غَيْبَةً قَبْلَ أن يَأ

 

 

تِي فَيُطْفِي كُلّ([11]) بكلٍّ أُوَارا([12])

 

كُلّمَا أبْصَر المنازِلَ قَدْ أَوْ

 

 

حَشْنَ أذكَتْ لَهُ المنازِلُ نَارا

 

أو رَأى مِنْكَ مجْلِسَ الدّرْسِ خُلواً

 

 

عَجَّ يَبْكِي سِرّاً وطَوْراً جِهَارا

 

صِهْرُكَ المرتَضَى إليك بربع الدْ

 

 

دَاركَمْ طرفَهُ إليكَ أَداَرا

 

وَبنُو أَحْمَدَ بنُوكَ أُسَارى

 

 

فاثنِ عوداً وفُكَّ تلكَ الأُسَارى

 

كَيْفَ أيتمْتَهُم فأضحُوا صِغاراً

 

 

ونَراهُمْ مِلء العُيونِ كِبارا

 

سيدي لا رأيتهُم وعليهِمْ

 

 

نفضَ اليتمُ في الوجُوهِ غُبَارا

 

وهي طويلة لم نعثر منها إلاَّ بهذا المقدار وفيه كفاية ، ولعمري أنّه ( قدس سرّه ) لكما قال في أبيات قالها في العالم الفاضل والأديب الكامل الشيخ محمد رضا النحوي([13]) وهي : -

أبيات في الشيخ محمد رضا النحوي :

يُكلّفنِي صَحْبِي القَريضَ وإنّما

 

 

تَجنّبْتُ عنه لا لِعجزٍ بَدَا مِنّي

 

ألمْ يعْلمُوا أنّ الكمالَ بأسرهِ

 

 

غَدا دَاخِلاً في حَوْزتي صَادراً عنّي

 

ألمْ تَرَ مَوْلانا الرّضا نَجْل أحمد([14])

 

 

إذا قالَ شِعْراً لْم يُحكّم سِوى ذهْني

 

على أنه للفضل قطبٌ وللنهى

 

 

مدارٌ وفي الآداب فَاقَ ذَوي الفنِّ

 

غَدَا في الوَرَى ربّاً لكُلِّ فَضِيلَةٍ

 

 

وَحَازَ جَميلَ الذّكْرِ في صِغر السنِّ

 

وقال الشيخ رحمه الله فيه أيضاً

 

مَاتَ الكَمالُ بموتِ أحمَدَ واغْتدَى

 

 

حَيّاً بأَبْلجَ مِنْ بنِيه زاهرِ

 

فاعجبْ لِميْتٍ كيفَ يَحيى ظاهراً

 

 

بَين الورى مِنْ قَبْلِ يوْمِ الآخِرِ

 

 

ذكر معركة الخميس

ومما يندرج في هذا المقام معركة الخميس ، وهي ما اتفق من المداعبة بين الشيخ الكبير والسيد محمد زين الدين([15]) والشيخ محمد آل الشيخ يوسف([16]) وأظنه صاحب (الحدائق ) ، وكان بين الشيخ محمد هذاوالسيد محمد زين الدين مودّة أكيدة ، وكانا كالرّوح في جسدين أو النور في عينين ، فنازعه الشيخ جعفر على وداد السيد محمد ، وكان الشيخ في بغداد ، فأرسل كتابا إلى السيد ومعه هديّة ، وفي الكتاب أبيات يجذب وداد السيد محمد عن الشيخ محمد ، فلما وصلت الأبيات انتصب ميدان المداعبة بين الشيخ جعفر والشيخ محمد إلى أن ترافعا عند نائب إمام العصر في عصره ، وسميّه السيد مهدي الطباطبائي ونظم أبياتا يحكم بينهما ، ثم نظم السيد صادق الفحام والشيخ محمد رضا النحوي ، ولكن كل أشعار هذه الواقعة ركيك محلول العرى وأظن أنّها وقعت بينهم وهم أولاد .

فأمّا الشيخ فأبياته إلى السيد محمد هذه :

لِسَانيَ أعْيَى في اعْتذَاري ومَا جَرَى

 

 

وإنْ نالَ حظّاً في البلاغَةِ أوْفَرَا

 

فَلوْ أنّني([17]) أهديْتُ مَالي بأَسْرهِ

 

 

ومالَ الورَى طُرّاً لكُنْتُ المقُصِّرا

 

فَدَعْ عَنْكَ شَيْخاً يَدّعِي صَفْوَ ودِّه

 

 

ولا تَحْسَبَنْ كُلَّ الأخِلاءِ جَعْفَرا

 

يُريْكَ بأيَّامِ الخَمِيس مَودّةً

 

 

وفي سائرِ الأيّامِ ينْسَخُ مَا أَرَى

 

فلا تَصْحَبَنْ غيْري فإنّكَ قائِلٌ

 

 

بحقِّي (كلّ الصّيد في جَانب الفرى)

 

فلو رُمْتَ منْ بَعْدِي وحاشاك صَاحباً
 

 

 

فإيّاك أنْ تعدو الرّضا خِيرةَ الورى

 

فَتىً شارعٌ للودِّ أوضحَ منهجا

 

 

وجارٍ مع المصْحُوب منْ حيث ما جَرى

 

وإنْ تَهْجِرنَّ الكُلِّ منتظراً([18])  لنا

 

 

لبِسْتَ مِنَ الأثوابِ مَا كَان أفخرا

 

وكان السبب المحرك للشيخ على هذا أبيات كتبها الشيخ محمد إلى الشيخ يتشوق إليه ، ويعّرض به في آخرها وهي :

سَلامٌ عَلى دَارِ السَّلامِ ومِنْ بها

 

 

وبالرّغم مِنّي أَنْ أُسَلّمَ مِنْ بُعْدِ

 

نأيتُمْ فَأفراحِي نَأتْ ومسرَّتي

 

 

وأنِّي وحقِّ الودّ باقٍ على الودّ

 

أودّ بأنْ ألقاكُمْ لمَح نَاظرٍ

 

 

لعَلَّ لقاكُمْ أنْ يُخفِّفَ مِنْ وجْدِي

 

خليلي قُولا للمُؤيدِ جَعْفرٍ

 

 

مَقَالةً ذي نُصْحٍ هُدِيْتَ إلى الرّشدِ

 

تَبغْددتَ حتى قِيل إنّك قَاطنٌ

 

 

وجَانبْتَ أهْلَ العلم والنُّسْكِ والزُهْدِ

 

فَجِدَّ إلى الوجد([19]) الذي أَنْتَ قَاصِدٌ

 

 

فليسَ لنَيْل المكرُمات سِوَى الجِدّ

 

تحيةَ داعِيكُم محمّد مُعْلِناً

 

 

بمدحِكُم لا زالَ جَرْياً على العَهْدِ

 

فأجاب الشيخ محمد عن الأبيات الرائية بقوله :

ألاَ منْ لخلّ لا يزالُ مُشمِّراً

 

 

لجذْبِ وداد الخَلْقِ سِرّاً ومُجْهِرا

 

أحَاطَ بودّ الأنُس والجنَ وانْثَنَى

 

 

بأعلاثَنَا الأملاك ودّاً وأبْهَرا

 

وقَال مِنَ الرّحْمن أسْنى مَوَدّةَ

 

 

فَيَالكَ وِدّا ما أجلّ وأكْبَرَا

 

يُجاذبُني ودّ الشريفِ ابن أحمد

 

 

سُلالةُ زينِ الديّنِ نادرةِ الوَرى

 

وَهَيْهَاتَ أنْ يحظَى بصفوِّ ودادِهِ

 

 

وإنْ كانَ بحْراً في العُلوم وجَعْفَرا

 

تَرومُ محالاً في طُلابِكَ رُتْبةً

 

 

بها خَصّني البَارِي وأكْرَمُ مَنْ بَرا

 


 

 

فمهلاً([20]) أبا مُوسى سَيَحْكُم لي الرّضَا

 

 

وتَكْسِبُ بالإلْحَاح أنّكَ لنْ تَرى

 

ألاَ فاجْتَهدْ ما شِئْتَ في نَقْضِ خلّتي

 

 

فمُحْكم إبْرامِي يُريكَ المقصِّرا

 

فيَا أيُّها المَولى الخَلِيط الذي جَنَى

 

 

سينصفُني المهديُّ منْكَ فتُحْصرَا

 

فَقُمْ سَيّدي لِلحُكْم إِنّك أَهْلُهُ

 

 

فَديُتكَ أنصِفْني فَقَدْ أحوجَ المرا([21])

 

فقال العلامة الطباطبائي حاكما

أتَاكَ كوَحِي اللهِ أزهرَ أنْورَا

 

 

قَضاءُ فتىً باريهِ للحُكْم قَدْ بَرا

 

فتىً لَمْ يَخَفْ في اللهِ لوْمَةَ لائِمٍ

 

 

إذا ما رَأى عُرْفا وأَنْكرَ مُنْكَرا

 

يُظاهِرُ مَجنيّاً عَليهِ إذا شَكَا

 

 

وينصرُه في اللهِ نَصْراً مؤزّرا

 

محمدُ يَا ذا المَجْدِ لا تَكْتَرِثْ ولا

 

 

يَرُوعنَّ مِنكَ العَتب شَيخٌ تذمّرا([22])

 

فَمَا هِي إلاَّ من مَكائِدِه التي

 

 

عُرفْنَ به مُذْ كان أصغرَ أكبرا

 

وإنَّكَ أولى الناسِ كهْلاً ويافعاً

 

 

بحُبّكَ نجلَ الطّاهرينَ الُمطهّرا

 

كفَى لِلْخَميسِ اليومَ للودِّ عاضِداً

 

 

يَرُدّ خَمِيسَ الَهجْرِ أَشْعثَ أغبَرا

 

وَليَسَ ببدعِ ذاك فالخُلَطاءُ كمْ

 

 

جَرى بَيْنَهُم في ودِّهم مِثلُ ما جَرى

 

وما حُكْمُ دَاودَ بأنْ يُمْتَرى به

 

 

وللنصّ حُكمٌ لا يُدافَع بالِمرا

 

فخذها([23]) إليك اليوم مني حكومةً

 

 

شقاشِقُها([24]) تحكى السحاب الكَنَهْورا([25])

 

فَمَا هُو إلاَّ النفسُ منّي وإنّها

 

 

تُخالفُ إن أبدت خِلافا بأنْ يُرَى

 

أَقَمْنَا على النَفْسِ الشهادةَ حيثما

 

 

أُمِرْنَا بِهَا في الذِكْر نصّاً مُقَرّرا

 

فقد جعل الشيخ جعفر نفسه وحكم عليها ، وأشار إلى قوله تعالى ((ولو على أنفسكم)) ، فأجابه الشيخ جعفر عن حكومة بقوله :


 

جواب الشيخ الكبير الشيخ جعفر

جَرَى الحُكْمُ مِنْ مَولاي في حقِّ رقّه

 

 

ولَسْتُ لِما أَمضَاه مَولاي مُنِكرا

 

ولكنّها في البَين تُعرَضُ شبهةٌ

 

 

يزيد دقيقُ الفِكرِ فيه تحيُّرا

 

إذا كُنْتُ نَفْساً منك اُدْعَى ومهجةً

 

 

فكيف أراني([26]) الكيد أصغر أكبرا

 

فَكيفَ تُدانِيني الرّجالُ لمَفْخَرٍ

 

 

وَقدْ نِلْتُ من علياك ما كَانَ أفخرا

 

فَلسْتُ أرَى في البينِ عُذْراً مُوجّها

 

 

سوى أنّ كسَر النفسِ أمرٌ تقرّرا

 

فَدَعْ سيّدي ذا الحكمِ فيَّ مُداعِباً

 

 

بل أحكمْ بمَرّ الحقِّ يا خيرةَ الورَى

 

وكان الشيخ يريد أن يقول بجوابه هذا ، أنّ السيد إذا جعلني نفسه كيف يجعلني كايداً ، والكائد خائن ، والخائن لا تنفذ حكومته ، فينتج من هذا أنّ السيد لا تنفذ حكومته أو الشيخ غير كائد ، فأجابه الشيخ محمد بقوله :

جواب الشيخ محمد

عَذِيْريَّ من شيخٍ ألحّ بي المِرا

 

 

فعادَ إلى ما نابَ لا يألفُ الكَرى

 

يُخَاصِمُني كُلّ الخِصَام فَأرْتَئي([27])

 

 

وأثبْتُ بعدَ الرَأي حُجّة ما أَرىَ

 

أيحْكُمُ لي المهديُّ أَعْدَل مَنْ قَضَى

 

 

فيثَقُلُ حُكمُ الحقِّ فيهِ ويَكبرا

 

يُحاولُ نَقْضَ الحُكم بعدَ نفوذه

 

 

وهلْ ينقضُ الحُكمَ المسجّل إنْ جَرىَ

 

ويَلْهَجُ أنَّ الحكمَ كانَ دُعابةً

 

 

ولكنّهُ الجدّ المصمَّم أزهرا

 

وحكمُ الرّضا([28]) والصادق([29]) القولُ قَبلهُ

 

 

صَريحٌ بِنَصْري لوْ يكُنْ مُنْصِفٌ ذَرى

 

فإيْهاً بُغاةَ الحقّ إنّي لحائرٌ

 

 

لِما قَدْ دَهى الإنصافَ من حادثٍ عُرا

 

يريد بالرّضا حكم الشيخ محمد رضا النحوي ، وبالصادق السيد صادق الفحام حيث قال :

قول السيد صادق الفحام

جَرى ما جَرى بيْن الخليلينِ وانْتهَى

 

 

وإنْ كانَ معْروفاً لما كانَ مُنْكرا

 

فاحْفَظْ مَولىً لَمْ يَزلْ ذا حَفِيظةٍ

 

 

لِمُخلِصهِ عنْ سَاعدِ العَدْلِ شَمّرا

 

وأغري حَكيما بانِتصَارٍ فألّبا

 

 

عَليهِ منَ التأنيبِ والّلومِ عَسْكرا

 

كَلامٌ لهُ بطنٌ وظهرٌ ولَمْ يكنْ

 

 

سوى محضِ ودّ بطنَ ما كان أضْمَرا

 

مُدَاعَبَةُ الأخوانِ تُدعى عبادةً

 

 

لعَمْرُكَ ما هذا الحدِيثُ بُمفْتَرى

 

فلا يَستفِزّ الشيخُ برْق غَمَامهِ

 

 

بَدا خلّباً في عارضٍ ليْسَ مُمْطِرَا

 

ولا يَصْرِفُ المهديُّ عن عادل القَضا

 

 

شَقاشقَ ما كانت بحقِّ لتُهْدَرا

 

قَضَى فَتعاطى مذهَب الشعر مُذ قَضى

 

 

فكان قضاءً عَادِلاً قاطعُ الِمرا

 

ولو يتعاطى مَذْهبَ الشرْعِ لمْ يَكنْ

 

 

لِيقضيَ بأنَّ الصّبحَ لمْ يكُ مُسْفِرَا

 

يريد بقوله (ولا يستفزّ الشيخ ) الشيخ محمداً ، و(برق الغمامه) هو جذب الشيخ جعفر لودّ السيد محمد ، أي أنّ هذا ليس له واقع وأنت خبير أنّ هذه الأبيات نصّ في الحكم على الشيخ محمد فما أدري كيف ادّعي أنّه له في أبياته السابقة مع ما صرّح به من حمل حكم السيد الطباطبائي على أنّه في مذهب الشعر لا مذهب الشرع ، وأنّه على مذهب الشّرع فالحق مع الشيخ جعفر كسفور الصبح .

قول الشيخ محمد رضا النحوي

وأمّا الشيخ محمد رضا فقال وأطال ...

لَعَمْرِي لقَدْ ثارتْ إلى أفُقِ السَّما

 

 

عُجَاجَةُ حَرْبٍ حَوّلَتْ نَحْوَهَا الثّرى

 

وجالَتْ بِمَيدانِ الجدالِ فوارسٌ

 

 

تمارُوا على أمرٍ وليسَ بِهمْ مِرا

 

وذلكَ أنّ الشيخَ شيخُ زمانهِ

 

 

عَنيتُ بهِ بحرَ المكَارمِ جعْفَرا

 

فَرِدْهُ ولا تعْدِلْ بهِ ريّ غيرهِ

 

 

تَردْ مورداً لا تَبْتَغِي عَنْهُ مَصْدرَا

 

تعمّد منْ بغدادَ إرسالَ رُقعَةٍ

 

 

تُضمّنُ مَعنىً يُخجلُ الرّوضَ مُزْهرا

 

بِنَظْم حَكَى الدُّر النَظيمَ مُفصّلاً

 

 

ونثرٍ حَكى الرّوض النسيمَ مُنَوّرا

 

وأعْرب عَن دعْوى ودادٍ محمدٍ

 

 

سلالةً زينِ الديّنِ نادرةِ الورَى

 

ولا غَرْوَ في دَعَوى ودادِ هوىً لهُ

 

 

فيالكَ ودّاً ما أجلَّ وأكْبَرا

 

ولكنّهُ قدْ قاربَ الحُورَ وادّعى

 

 

خصوصاً هوىً كلٌّ لهُ قَد تَشطّرا

 

فكانَ عَظيِماً ما ادّعى سيّما على

 

 

ذَوي ودّهِ منْ كُلّ ذمرٍ تَذمّرا

 

ولا سيّما الشيخُ الذي خَلصتْ لهُ

 

 

مودّتهُ مذْ كَان أصغرَ أكبرا

 

فتىً أشرقتْ منْ وَجْههِ غرّةُ الهُدى

 

 

ومنْ نوره صُبح الحقائقِ أسفرا

 

فقالَ : إلى كَمْ ذا تُحاولُ رُتْبَةً

 

 

بها خَصّني الباري وأكرمُ مُذ بَرا

 

كَبُرْتَ ولم تَقْنَعْ بما يكتفى به

 

 

أظنّكَ ألهِمت الطّماعةَ أَصْغَرا

 

تُجاذِبني الوَدّ القديمَ وليسَ مِنْ

 

 

تَقدّم في ودٍّ كمنْ قدْ تأخّرا

 

فَقال : نَعمْ لكنْ قَضَتْ لي مودّتي

 

 

وَمحْضِي للإخْلاص سِرّاً ومجهرا

 

وأنّي أراعي مِنْهُ للودّ خلّةً

 

 

فلا تَحْسَبَنْ كُلّ الأخلاءِ جَعْفَرا

 

وأنّي أمتُّ اليَوم في صدقِ قولهِ

 

 

بحقي ( كلّ الصيدِ في جانب الفِرا)([30])

 

وَلَسْتُ كَمَنْ يرميهِ بالهَجْرِ حِقْبَةً

 

 

ومَا كان ذُو ودٍّ بحالٍ لِيهْجَرا

 

يُريهِ بأيّامِ الخميسِ مودّةً

 

 

وفي سائرِ الأيامِ ينَسخُ ما أَرى

 

فطالَ نزاعٌ بينهُم وتشاجرٌ

 

 

معاً وأقلاّ منْ نِزاعٍ وأكْثَرا

 

وَمُذْ سئما طولَ النزاعِ تَرافَعا

 

 

إلى حَكمٍ باريِه للحُكْمِ قدْ بَرا

 

هو السيّدُ المهديُّ منْ نُور حُكمهِ

 

 

أتاكَ كَوحِي اللهِ أزهرَ أنوَرا

 

هنالكَ قَصّا ما عليهِ تَنازعَا

 

 

عليه وبُثّا عِنْدَهُ كُلّ مَا جَرى

 

وكلُّ غَدا يُدلي بُحجته ومَا

 

 

وَنَى في احْتِجَاج منهُ جهدْا وقَصّرا

 

وأَجْلَب كلٌّ خيلهُ وَرجَالهُ

 

 

عَلى خصْمه والكلٌّ للكلِّ شمّرا

 

فلمّا رأى المهديّ ذو الهدي مَا رَأى

 

 

وأبْصَرَ منْ ذِي الحالِ مَا كان أبْصَرا

 

دَرَى أنَّ ذا لا عنْ خِصام وكمْ وكمْ

 

 

لسرٍّ خَفيٍّ مثلِ ذا قبْل ذا ذَرى

 

وأيْقنَ أنّ الشيخَ زيد علاؤهُ

 

 

أرادَ اختبار الشيخَ فيما لهُ انبرى

 

ليُظْهر ما أخفاهُ منْ صَفْو ودّه

 

 

وما كان ذاكَ الودُّ يَخْفى فيظهرا

 

وأيْقَن أنْ ليَستْ لذاكَ حقيقةٌ

 

 

ولكنْ كلامٌ واللسانُ به جَرى

 

وقالَ : هُما خَصْمان في البغيّ أشْبَها

 

 

خَصيمِين للمِحراب قبْلٌ تَسوّرا([31])

 

جَرى حُكْمه وفْقا لداود إذ جَرى

 

 

وقرّرَ ما قدَ كَان داودَ قَرّرا

 

وما كان هذا الحُكمُ إلاَّ مُشابهاً

 

 

لدَعْواهما عندَ امرئ قدْ تَبَصّرا

 

فلا الشَّيخُ([32]) مقضىٌّ عليه حقيقةً

 

 

ولا الشيخُ([33]) مقضىٌّ لهُ لوْ تَفَكّرا

 

كَفى شَاهِداً في الصِدْقِ لي قولُ صَادِقٍ

 

 

فتىً قدْ سَمَا في مجدِه شَامخُ الذُرَى

 

وأَعْلَى لَهُ الرّحمنُ فوقَ عبادهِ

 

 

مقاماً يردُّ الحاسِدينَ إلى وَرَا

 

مُدَاعَبةُ الأخْوَان تُدْعَى عبادةً

 

 

لعَمْرُكَ ما هَذا الحديثُ بمُفْتَرى

 

وَحَرّرتُها طوعاً لأمرِ أخي عُلا

 

 

لِخِدْمَتهِ مُذْ([34]) كنت كنُت محرّرا

 

وذِي حَلْبَةٍ جَلّتْ جَمِيع جِيادُها

 

 

وَلكننِّي كُنْتُ الكُميَتَ([35]) المقصِّرا

 

وهذا ظاهرهُ عدم الحكم للطرفين وإن كان فيه ميل إلى الحكم للشيخ محمد لأنّه أشار إلى قصة داود (ع) حيث قال ((قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ))([36]) ، إلاَّ أن السيد محمداً قد قطع لسان المخاصمة ، وقضى بما عنده من المحاكمة ، وصار حكم السابقين إلى حكمه هباء ، إذ المرء على نفسه بصيرة فهو وما يشاء ، وهو أحسن من نظم([37]) منهم تغمدهم الله برحمته .

قول السيد محمد

أَتانِي كِتابٌ مَسْتَطَابٌ بِطِيبةٍ

 

 

خطابٌ كنَشْر المسكِ فاحَ مُعَطّرا

 

خطابٌ سَرى في كلِّ قلبٍ سُرُوْرُه

 

 

خِطابٌ بما تَهوى الأمانيّ بُشّرا

 

كتَابُ جنابِ الشيخ جَعْفَر الذي

 

 

يودُّ لديهِ البَحْرُ لو كانَ جَعْفَرا

 

تضمّن([38]) نَظْماً يُخْجِلُ العقدَ درّهُ

 

 

ونثراً لديه أزْهَر الرّوضِ يُزدَرى

 

فَشاهَدتُ قُسّا([39]) باقِلا([40]) عند نُطْقِهِ

 

 

وإن نال حَظّا في البلاغةِ أَوفَرا

 

يُصَرِّحُ تصريح الغَمام بودّهِ

 

 

فَروّضَ عافي مَنْزل القَلْبِ مُمْطرا

 

وقد خصّني بالودّ من دون غيرهِ

 

 

وإن كان الودّ قد شَمل الوَرى

 

وأنكَر ودّ الشيخ أعني محمداً

 

 

حميدَ السّجايا أطيبَ الناس عُنْصُرَا

 

يَزرُّ على حُسْن السّجايا قميصَهُ

 

 

كما هُو بالمجْدِ ارتدى وتأزّرا

 

وقالَ :رأيتُ الشّيخَ لَمْ يَرْعَ خِلّةً

 

 

فَلا تحسَبْنَ كُلّ الأخلاءِ جَعفرا

 

وما لقديم الودّ عندي مَزَيّةٌ

 

 

فكَمْ من قديم سادَهُ مَنْ تأخّرا

 

ومَنْ خصَّ في يومِ الخميسِ ودادَهُ

 

 

نَراهُ بأنْ يُعزى إلى الهجرِ أجْدَرا

 

وَكَمْ جَرْياً في حلبةِ الشَّوقِ والهَوى

 

 

وأحْرَز كلٌ غايَةَ السّبْقِ إذْ جَرَى

 

هُنَاكَ اسْتفزَّ الشيخَ حتى أجابَهُ

 

 

بنظمٍ بديعٍ يَزْدَري الدُّرّ منظرَا

 

دَعَا شَوْقَهُ يا نَاصِر الشَّوقِ والهَوَى

 

 

فلبّاهُ ذو أمرٍ مِنَ الله أمّرا

 

مُجيُب النِدا مُردي العِدا مُطعُم القِرى

 

 

بعيدُ المدى داني النَدى سَامي الذُرى

 

هو السيّدُ المهديُّ بُورِكَ هادياً

 

 

بِنورِ سَنَاهُ يهْتدِي منْ تَحيّرا

 

فَبَادرهُ بالُحكِمِ بَلْ كانَ غَوْثُهُ

 

 

وناصِرُه في اللهِ نَصْراً مُؤزَّرا

 

بنظم بحبّاتِ القلوبِ مفصّلٌ

 

 

تخالُ نثيرَ النَجم فيه تَنثّرا

 

جريتُ على النهجِ([41]) القويم مجارباً

 

 

وقد سألوني عن حَقِيقةِ ما جَرَى

 

فَقُلْتُ : أَراَني أنْ أزيدَ مسرّةً

 

 

وأحمَدُ ربَّ العالمينَ وأشْكُرا

 

لي الفَخْرُ أنّي قدْ عزَزْتُ عليهُما

 

 

وحسبيَ عزّا في الأنام ومَفْخَرا

 

ألاَ إنّما الإسلامُ دينُ محمّدٍ

 

 

وطاعتُهُ فِيمَا عن اللهِ أُخبرا

 

وَلي مَذْهَبٌ مازلتُ أُبديهِ قائلاً

 

 

تجعفرتُ بسم اللهِ فيمَنْ تَجعفَرا

 

تَخِذْتُهما([42]) للعينِ نوراً وللحَشا

 

 

سُرُوراً وللأيام دِرْعا ومغفِرا

 

فَهَذا حُسامِي حِينَ أسطُو على العِدى

 

 

وهذا سِناني إذ أقَابلُ عَسْكرا

 

فَكانَا وقَدْ أصَبَحْتُ أُعزى إليهما

 

 

هما سيّدا مولىً لهم قَدْ تشطّرا

 

فَبعْتُهما صَفْو المودّةِ خالِصاً

 

 

ومَحْضِيَ للإخلاص سرّاً ومجْهرا

 

فَنِلْنا بسوقِ الشوقِ رِبْحاً معجّلا

 

 

فَيا نِعْمَ ما بعْنا ويا نِعم من شَرى

 

أَدامَهُما الرحّمن لي ولمعْشري

 

 

وللنّاسِ طُرّاً ما حديثُهما طَرا

 

وهذا كما ترى ظاهره الحكم للشيخ جعفر وعدول السيد عن صاحبه الأول غير ملتفت إلى قول الشاعر ، (ما الحب إلاَّ للحبيب الأول)([43]) نظراً إلى قوله ( تنقّل فلذّات الهوى بالتنقّلِ ) .

وأمّا ماقيل فيه فأكثر من أنْ يحصيه أحد فيمليه ، لكنّا نذكر مما تيسر لنا جمعه وهو على قسمين : -

القسم الأوّل : في تهانيه

قال السيد الأجل ، والسند المبجّل عميد العلماء الأعلام ، السيد صادق الفحام ، وهذا السيّد فضله وجلالة قدره في ذلك الزّمان أعظم من أن تحتاج إلى بيان ، وأثر النجابة ساطع البرهان ، وكان من خواص العلامة الطباطبائي رحمه الله والشيخ الكبير ، ثم بعد السيد انقطع إلى الله ثم إلى الشيخ واختص به ، ثم عمَّر بعد الشيخ زمانا طويلا ، وله أشعار كثيرة في هذه الطائفة ، وشعره كلّه في أعلى مراتب الحسن والجود والبلاغة والفصاحة ، كما ستراه من مراجعة ما نورد لك منه ، فمنه قوله يهنّي الشيخ رحمه الله بقدومه من حجة([44]) الأولى ، ويؤرخ ذلك العام بقصيدة طويلة منها قوله ...

 

قصيدة السيد صادق الفحام

للهِ درّكَ من عميدٍ لَمْ تزلْ

 

 

بالصالحات مُتيّماً معموُرا

 

حثَّ الركابَ يؤمُّ بيتاَ لم يزلْ

 

 

للنّاسِ من دونِ البيوتِ قَصِيدا

 

وأناخَ يَلتَمِس القِرى منْ ربّهِ

 

 

فَقِرَاهُ ما لمْ يَبْغ مَعَهُ مزيدا

 

فَضْلاً وإحسانا ومَغفرةً لِمَا

 

 

قَدْ كَانَ منْهُ طارِفاً وتَلِيدَا

 

وقَضَى مناسِكهُ وعادَ بغبْطةٍ

 

 

في الصالحاتِ وفي العُلى مَحْسُودا

 

يا أيّها المولَى الّذي شادَ العُلى

 

 

وبَنى المَكارمَ ناشئاً وَوَلِيدا

 

أصبَحْتَ سيّدَها وليس بضائرٍ

 

 

إنْ لمَْ تكُنْ من هَاشمٍ مَولُودا

 

زَانَتْ بمقدَمِكَ الحِجازُ كما زَهَتْ

 

 

فيك الحِجازُ تهائِماً ونُجُودا

 

أزْمَعتَ قَصْدَ البيتِ لا تلوي على

 

 

شيء تُزَجّى اليعملاتِ القودا

 

تَقتادُ حزبَ([45]) اللهِ مجتهداً كما

 

 

قادَ المليكُ عساكراً وجنودا

 

ثم انصرفتَ بسيرةٍ محمودةٍ

 

 

ولكَ المحاسِنُ مُبْدِئاً ومُعِيدا

 

وأقولُ إنّكَ جعفرٌ كلاّ ولا

 

 

بلْ أنتَ بحرٌ بالنَدى مورودا

 

أحييَت آثارَ السماحةِ والنَدى

 

 

وأعدتَ دارسَ رَسْمهُنَّ جَديدا

 

مُسْتأثِراً بفضيلةِ العلمِ التي

 

 

أضْحَى عليكَ رِواقُها مَمْدُودا

 

فلكَ العلومُ الباهرات سَبقْتَ في

 

 

تحقيقهُنّ محقِقاً ومُفيدا

 

وسلكَتْ في الآدابِ أبعدَ مَنْهج

 

 

أتعبتَ فيه جرولاً ولبيدا

 

نَظمٌ تَودُّ الخُودُ([46]) أنّ فريدَهُ

 

 

قد نَظَّمَتْهُ قَلائِداً وعُقُودا

 

وبديعُ نظْمٍٍ تستعيرُ الروضةُ الـ

 

 

ـغناءُ منه زَهْرَةً وورودَا

 

يا قِبلَةَ الفضْلِ التي أربابُهُ

 

 

مَالُوا إليها رُكّعاً وسُجُودا

 

حُيْيّتَ من بدرٍ تجلّى فانجلى

 

 

عنَّا بهِ ليلُ العَنا وأُبِيدا

 

بل عارِضٌ متهلّلٌ وافى وَقد

 

 

ملأ البلادَ بوارقا ورعودا

 

جاء البشير مبشّرا بقُدومه

 

 

فحمدتُ ربّاً لم يَزلْ محمودا

 

وبذلتَ أقصى الجُهْدِ في تاريخهِ

 

 

نِلْتَ المنُى بمنىً وجئْتَ حَمِيدا([47])

 

قصيدة الشيخ إبراهيم العاملي([48])

ولمّا حجَّ الحجة الثانية كان طريقه على الشام نزل بها هو وصحبه الكرام السيد محسن صاحب المحصول ، والسيد جواد صاحب مفتاح الكرامة([49]) والشيخ محمد علي الأعسم صاحب (الشرح الكبير ) في الفقه ، فقال الشيخ إبراهيم العاملي يمدحه ، وكان يومئذ في تلك النواحي وأجاد ، والقصيدة طويلة اقتصرنا منها على اليسير وهو قوله :

ألمَّتْ بنا واللّيلُ تَسْطُو كتائِبهُ

 

 

ولاح مُحيّاها فولّت غياهِبُهْ

 

قضى نحبهُ جُنحُ الظلامِ بنورهَا

 

 

وقَامَتْ عليه في الغُصونِ نوادِبُهْ

 

أتَتْنَا على بأَسِ الرّجاءِ ورُبّما

 

 

أُتيحَ لك المطلوبُ عَزّت مطالِبُهْ

 

فياطيبَ ذاكَ الوصلِ منْ بعدِ جفوةٍ

 

 

وبعدَ الظمأ يلتَذُّ بالماءِ شاربُهْ

 

ويا حبّذَا لولا النَوى ذلك الِلّقا

 

 

وللدّهرِ ورْد ليسَ تَصْفُو مَشَاربُهْ

 

وكيفَ سرورُ الحُرِّ في زَمَنٍ غَدا

 

 

يُحاربُ بالأحداثِ مَنْ لا يحارِبُهْ

 

إذا هَمّ بالمعروفِ أكدى كأنّهُ

 

 

غَنيٌّ يرومُ الجودَ والبُخْلَ غالِبُهْ

 

ولو أجَدْتُ العُتبْى لهِجْتُ بِعَتْبهٍ

 

 

وما كلُّ منْ يَجْني عليّ أعاتِبُهْ

 

وما أرى مثْل الدّهرِ يأمنُه الفَتى

 

 

وتلدغُهُ في كلّ حينٍ عقاربُهْ

 

وتعجبُ منه من بنانِ خضِيبةٍ

 

 

ورابَك أنّ الليثَ حُمْرٌ مَخالِبُهْ

 

وأكْثَرُ من فوقِ البسيطةِ عَاكِفٌ

 

 

على صَنَم مِنْ مالهِ لا يجانِبُهْ

 

لعَمْري لقد عَمّ الضلالُ وأصبحتْ

 

 

ربوعُ الهُدى مطموسةً وملاعِبُهْ

 

ومالَ عمودُ الدينِ شرقاً ومَغرِباً

 

 

ولولا أبو موسى لمَا قَام واجِبُهْ

 

هو العالِمُ الحَبْرُ الذي لو رأيتَهُ

 

 

إذا لرأيتَ السحر جَاشَتْ غوارِبُهْ

 

فتىً قيّدَ الباري به كلَّ شَارِدٍ

 

 

من العِلمِ حتّى راجعَ الناسَ عازبُهْ

 

وأخْفَى عُلومَ الملحدينَ بعلمِهِ

 

 

وكيفَ يُرى مَعْ صَادِقِ الفَجْرِ كَاذِبُهْ

 

حَوى الفضلَ كلَّ الفضل كَهْلاً ويافعاً

 

 

فطالِعُهُ وَقْفٌ عليه وغارِبُهْ

 

ولا عجبٌ إنْ جازَ كُلَّ عجيبةٍ

 

 

فليسَ عَجِيباً في المحُيطِ عجائِبُهْ

 

فصيحٌ إذا نَصَّ البيانَ تلفّتَتْ

 

 

إلى عِقدِها بيضُ الحمَى وكواعِبُهْ

 

تَخالُ مَقالَ القائِلينَ وقولهُ

 

 

إذا اختلفا ليلاً تهَاوى كواكبُهْ

 

تقيٌّ نقيّ ما تَخَطّتْ خَطِيئَةٌ

 

 

إليه ولم يَكْتُبْ سِوَى الخير كَاتِبُهْ

 

فيا كاتِبَ الأوزارِ ما نالَ عالِمٌ

 

 

بِخَيْبَتِهِ في جَانِبٍ لا يُجَانِبُهْ

 

هكذا وجدت نسخة هذا البيت ولم أقع منه إلى الآن على محصل .

هو البَحْرُ يَحظْى جَارُه بفريدهِ

 

 

وتَنهّلُّ في ربَع البَعيد سَحَائِبُهْ

 

وأبلجُ فَيّاضُ اليَدينِ يَسُرّهُ

 

 

إذا بات مِسْكِيناً وأثْرَى صَاحِبُهْ

 

جَوادٌ يَرى المعروفَ خيرَ تجارةٍ

 

 

وإنْ قَلّ حالٌ والثناءُ مكاسِبُهْ

 

أباحَ لِمَنْ فوقَ الثَرى عِين مالِهِ

 

 

ولم يَحْتفلْ يوماً بما قالَ حَاجِبُهْ

 

وما زالَ مَرْجُوّاً على الفَقْرِ والغِنَى

 

 

وكمْ منْ غَنِيٍّ ليسَ يُرجى مَواهِبُهْ

 

أقامَ إماماً بالعراقِ مُبجّلا

 

 

وسَارَتْ مَسِيْرَ النِّيراتِ مَنَاقِبُهْ

 

لقَدْ ظَفَرَتْ مِنْهُ بطودِ مَفَاخرٍ

 

 

تَفجّرَ بالعِلمِ الغزيِرِ جَوانِبُهْ

 

أقامَ لواءَ الدينِ والدينُ غاربٌ

 

 

تُحدِّثُ عَنْ مسِّ التُرابِ تُرائِبُهْ

 

وشَمُّ فعِالٍ لا يُحيطُ بعدّها

 

 

بيانٌ وهَل يأتي على الرمَلِ حَاسِبُهْ

 

فَيا جعفرَ العَلْياءِ حَتّامَ تبتغِي

 

 

عُلواً وقَدْ جاوَزْتَ ما أَنتَ طالِبُهْ

 

يَروُمُ العِدَى حِرْمَانكَ المجدَ والعُلى

 

 

وهَلْ يُحرَمُ المجدودُ واللهُ واهِبُهْ

 

ويبغون محوَ الحقّ من صُحفِ الهُدَى

 

 

وهل يَنمحِي أمرٌ وذو العَرشِ كَاتِبُهْ ؟!

 

إلى أن قال :

وَفَدْتَ على قُطر ( الشامِ )([50]) فأشرقتْ

 

 

جوانبُهُ والليلُ سودٌ ذوائِبُهْ

 

ولو أَنصفَتكَ ( الشامُ ) وأفتْكَ تبتغي

 

 

لقاءَ نَجيبٍ شَرَّفَتْهَا نَجِائِبُهْ

 

ولكنّها ما قَد عرفْتَ وقَلّما

 

 

يُرى سابقا من قَيّدتْهُ معائِبُهْ

 

وما جِئْتَها تَبْغي تجارةَ تاجرٍ

 

 

تشدّ على الفاني وتُوكاً حَقَائِبُهْ

 

ولكنَّها كانت طريقاً إلى التي

 

 

إلى رَبْعِهَا يهدى الحجيجَ ركائِبُهْ

 

فبلّغَكَ الباري مُناكَ وكيفَ لا

 

 

تنالُ المُنَى والخيرُ خيرٌ عوَاقِبُهْ

 

ولا زالتِ الأقدارُ تَهدى لكَ العُلى

 

 

وكلُّ امرئٍ يُهدى له ما يناسِبُهْ

 

تقودُ إلى الخيراتِ جَيْشَ هِدايَةٍ

 

 

فترجعُ في نُجحٍ وربحٍ كَتَائِبُهْ

 

وتَسْحَبُ للرّحمنِ أكرمَ صُحبةٍ

 

 

كذا أكرمُ الدُنّيا كرامٌ صَوَاحِبُهْ

 

قصيدة السيد أحمد ابن السيد محمد الشهير بالعطّار([51])

ثم لماّ رجع من حجته هذه وأشرق بدر محيّاه في برج محله ، وأفق شعبه مع أولئك البررة الهداة من صحبه ، قال السيد أحمد ابن السيد محمد الشهير بالعّطار مؤرّخاً عام قُدُوْمِهِ ومهنئا له ولمن كان معه من أولئك العلماء بقصيدة غراء ، وهي :

أسنا جَبينُكَ أم صباحٌ مُسْفِرٌ

 

 

وَشَذا أريحك أم عبيرٌ أذْفَرُ([52])

 

أهلاً بِطَلْعَتِكَ التي ما أسْفَرَتْ

 

 

إلاَّ وليلُ الهمِّ عَنّا يُدْبِرُ

 

بكَ عادَ ذابلُ روضِ آمال الوَرَى

 

 

غَضّاً ولا عَجَبٌ فإنّكَ جَعْفَرُ

 

وَتَبَسَّمتْ أرْضُ الغريّ مسرّةً

 

 

بكَ بَعْدَما عَبسَتْ فَكادتْ تُزْهِرُ

 

ومدارسُ العلمِ استنارتْ مُذ بَدا

 

 

فِيها مُحيّاكَ البهيجُ الأنورُ

 

واستَبْشَرَتْ فرحاً بِكَ العُلماءُ بلْ

 

 

كُلّ الأنامِ وحُقّ أن يستبشِرُوا

 

كنّا بفُرقتهِ([53]) بأعظمَ وَحْشَةٍ

 

 

وبِعَودِه عَادَ السّرورُ الأكبَرُ

 

فكأنّنَا روضٌ تجانبَه الحَيا

 

 

فَذَوى وعاوده فأصبحَ يُزْهِرُ

 

وكأنّهُ شمسٌ فيغشى الليلُ إنْ

 

 

غَابَتْ ويَبدو الصبحُ مهَما تُسفِرُ

 

سُبحانَ منْ أَحيا الوَرَى بمعادِ منْ

 

 

بنوالِهِ مَوتى الخصاصةِ تُنشَرُ

 

هو جعفرٌ لا بل هُو البحرُ الذي

 

 

كمْ فاضَ بحرٌ منْ نداهُ وجَعفَرُ

 

والحمدُ للهِ الذي أولاهُ مِنْ

 

 

آلائهِ ما الشُّكْرُ عَنْهُ يَقْصُرُ

 

ودَعاهُ فَضلاً من لَدُنِهِ لبيتهِ

 

 

وقَراهُ مِنْ جَدْوَاهُ مَالا يُحْصَرُ

 

فَسَرى مسيرَ الشَّمْسِ في فئِةٍ بهِ

 

 

حَفّتْ كأمثالِ الكواكبِ تُزْهِرُ

 

أكرمْ به وبِصَحْبهِ مِنْ سَادَةٍ

 

 

كَرُمَتْ سَجَاياهُمْ وطَابَ العُنْصُرُ

 

لا سيَّما صدرُ الأفاضلِ (محسن)([54])

 

 

كَنْزُ العُلومِ المحسن المتُبِحّرُ

 

وَجَوادُه النَّدبُ (الجواد)([55]) جَلالُ أَرْ

 

 

بَابِ الجلالِ وعزّهُ الفَخْرُ

 

وسميّ حجتي العليّ محمدٍ

 

 

وعلي([56]) الطّهرُ الزكيُ الأطهرُ

 

أَعْنِي سليلَ (الأعْسَمِ ) الحْبَر الذّي

 

 

هو بحرُ علمٍ مَدّه لا يُجررُ([57])

 

وسليلُ (صادقِ ) الصدوقِ (محمد)

 

 

والنعمةُ الكُبْرَى التّي لا تُنكرُ

 

قومٌ تردّوا بالعُلى وتقمّصوا

 

 

بالمَكرُماتِ وبالعَفافِ تأزّروا

 

وقدْ اقتفوا مِنْهاجَ منْ عَنْ فضلهِ

 

 

أقلامُ أربابِ البلاغةِ تُحْصَرُ

 

أكرمْ به مِنْ مُقْتفىً([58]) مَنْ يهتدى

 

 

بهُداه يَحظى بالنجاحِ ويَظفرُ

 

ذاك الذي لولاه ما وَخَدَتْ إلى

 

 

جمعٍ بهم قبّ([59]) البطونِ الضُمّرُ

 

مولىً به بطحاءُ مكّةَ أشْرَقَتْ

 

 

وبنورِ غُرّتهِ أضاءَ الِمشْعَرُ

 

بَهجتْ بوطأتهِ المواقِفُ واغتَدى

 

 

بَعضٌ يهنّيءُ بعضَها ويُبشّرُ

 

ولقد غدا الحرَمُ الشريفُ به على

 

 

ما فِيه منْ فخرٍ يتيهُ ويَفْخرُ

 

مذْ طافَ طافَ به العُلى ومُذ سَعى

 

 

سعتِ المعالي نحوهُ والمفخرُ

 

وبلمْسهِ الحجر السّعيدُ يمينهُ

 

 

ربحتْ وتَمّ له السّعُودُ الأوفرُ

 

بَلْ تَمّ للحَجر السّعودِ وكاد أن

 

 

يبيضُ بشْراً لونُه المتُغيّرُ

 

وعَلا مَقاماً في المقام كما اعتلى

 

 

بمقامهِ فيهِ المقامُ الأنورُ

 

وأفَاضَ منْ (عرفات ) بعدَ وقوفِهِ

 

 

فأفُيضَ رضوانٌ عليه أكبرُ

 

جَمعَ الآلهُ لهُ جميعَ الخيرِ في

 

 

جَمْعٍ فيا لله جَمعٌ مُبْهَرُ

 

نالتْ (مِنَىً ) بمبيتِهِ فيها المُنَى

 

 

وصَفا به عيشُ الصّفا المتكدّرُ

 

وبسَوْقِهِ للهَدْي سِيقَ لهُ الهُدى

 

 

وبنحرِهِ نُحِرَ الحَسُودُ الأَبْتَرُ

 

ورُمي غَداةَ رمي الجِمار عُداتُهُ

 

 

بُعداً لهم فليخسؤا وليذمروا

 

وبأرضِ (طيبة ) طابَ مَثْواهُ فيا

 

 

طُوبى لها أضحت بهِ تتعطّرُ

 

وبزورةِ (المختار) نالَ الغايةَ الـ

 

 

ـقُصْوَى التي عنها الكواكبُ تُقْصَرُ

 

وَسَمَا بزورةِ آلِ أحمدَ رتبةً

 

 

بَصَرُ البَصِيرةِ عن مَداها يُحسَرُ

 

فليحمدِ اللهَ الذي في جَنْبِ ما

 

 

أولاهُ طولاً كُلّ حَمْدٍ يَصْغَرُ

 

وَليبتهِجْ بِشْراً بما أرّخْتَهُ

 

 

بُشرى فَقَدْ حجَّ المسددُ جعفرُ([60])

 

قصيدة الشيخ إبراهيم قفطان([61])

ولماّ قدم من إيران قال الشيخ إبراهيم قفطان يهنيّه ويذكر أصحابه من العلماء الغرر الملازمين لخدمته سفراً وحضراً ، وعرّض بشكواه ، طيّب الله مضجع كل منهم ومثواه ، وهي :

قد أقبل الشيخُ بالأقبالِ والنّعَمِ

 

 

واليُمنِ والبَرَكَاتِ الغرِّ والكَرمِ

 

وقَدْ أحاطَتْ به غُرٍّ غطارفةٌ

 

 

بيضُ الوجوهِ حسان الخيم والشيّمِ

 

مِن كلّ نُدْبٍ سَرِيٍّ سيّدَ سندٍ

 

 

ولوذعيٍّ ومفصال وكُلِّ كميّ([62])

 

ممَدّحُونَ مَصَاليتٌ تخالُهمُ

 

 

حَيثُ اشتبِاكُ القَنا كالأُسْدِ في الأجمِ

 

وجاءَ بالسَعد محفوفاً وقد خفقَتْ

 

 

أعلامُ إقبالهِ بالفضلِ والنّعَمِ

 

فابتلّ منّا غلِيلٌ لَمْ يَزلْ أبداً

 

 

إلى لقاء مُحيّاهُ الجميلِ ظَمِيْ

 

وأصبحَ الكلّ إذ جَاءَ البَشِيرُ بهِ

 

 

ما بينَ مُبتَهجٍ مِنّا ومُبتسِمِ

 

والأرضُ مُخْضَرةٌ تزهو بطلعتهِ

 

 

كما زها الرّوضُ غبّ([63]) الوابل الرَّزِمِ([64])

 

كأنّما صَحبُهُ مُذْ حَلّ بينَهم

 

 

شُهُبٌ تَحِفُّ ببَدْرِ التمّ في الظُّلمِ

 

وافَى فَوافى لنَا نَصرٌ نؤمّلهُ

 

 

منْهُ فكشّفَ عَنّا غَيْهَبَ الغَممِ

 

فَقُلْتُ للنَفْسِ قُرّي واهْجَعِي فلقد

 

 

وقِيتِ ما تحذرينَ اليومَ مِنْ ألمِ

 

ونلتِ أَقصى المُنى إذْ رحتِ صادرةً

 

 

عن ورِد بَحرٍ بموجِ الفضلِ مُلتَطَمِ

 

حُيْيَتَ يا ابنَ الكرامِ الصيّدِ من أَسَدٍ

 

 

هو المعَدّ لكَشفِ الحادث العَمَمِ

 

المخجِلُ البحرَ في وكّاف([65]) راحتهِ

 

 

وفي مواهبهِ المُزْرِي على الدّيَمِ

 

من أيَّد اللهُ فيه الدينَ فاتضحَتْ

 

 

بنورهِ سُبُلُ الإرشَادِ للأُممِ

 

ما أمّهُ المُسْنِتُ العافي وأمّلَهُ

 

 

إلاَّ وأصدَرهُ عنْ موردٍ شَبمِ([66])

 

إِن اتَّخَذْتَ حِماهُ مأمناً فلقدْ

 

 

أصَبْتَ([67]) عِزّاً بِغابٍ مِنْهُ كالحرمِ

 

وإنْ تحصّنْتَ مِنْهُ خَوفَ نائبةٍ

 

 

فقد تحصّنْتَ في عالٍ مِنَ الأطَمِ([68])

 

أو اتقيتَ به بأساً تُحاذِرُهُ

 

 

كنتَ الموقّي حلولَ البأسِ والنِقَمِ

 

وإنْ تمسّكْتَ فيه رُحْتَ مُتمَسّكاً

 

 

منه بحبلٍ متينٍ غيرِ مُنْصَرِمِ

 

خوّاضُ مَلحَمةٍ مَنّاعُ مَظْلمةٍ

 

 

بَدّاعُ مَكرُمةٍ كالوابلِ الرّذمِ([69])

 

كأنّما سُحبُ كفّيهِ إذا وكفتْ([70])

 

 

سيبٌ([71]) من اليمّ أو سيلٌ من العَرمِ

 

يحفُّهُ الملأُ الأعلى ويخدمهُ

 

 

فَقُلْ ونافِسْ بِمَخْدُومِ لذي الخَدَمِ

 

والدّهْرُ أذنٌ إلى داعيه واعيةً

 

 

وإنْ يكنْ عن دواعي الغيرِ في صَمَمِ

 

وكلّ أيامِهِ غُرٌّمحجّلةٌ

 

 

تُنسيكَ أُنسَ ليالي دارةِ العلَمِ

 

كم أَفْصَحَتْ برواياتٍ مخبِّرةٍ

 

 

عن فضلِ هذا الفصيحِ الحاذقِ الحَكمِ

 

وأعربتْ عَن مزايا سِرِّ مفْخَرهْ

 

 

لنا فباحَثْ بِسرّ غَيْرِ مُنْكتِمِ

 

لهُ جلالٌ وأخلاقٌ مهذّبةٌ

 

 

تذكارُها يُبرئُ المُضني مِنَ السّقَمِ

 

حُلو الشمائلِ والأعراقِ شيمتُه

 

 

أحلَى مِن الشَّهْدِ والسلوى لدى الأُممِ

 

يَستأنِسُ الريمُ فيه منْ لطافتهِ

 

 

كأنّهُ بينَ ضالِ الطلح والسّلمِ

 

سهلُ العريكةِ منّاعُ الحقيقة خوْ

 

 

وَاْضُ الكريهةِ إنْ حرّ الوطيسُ حَمِي

 

أجعفرٌ هو أم بحرٌ طمى كرماً

 

 

وفاضَ حتّى تخطّى غاية الكَرمِ

 

المنفقُ المالَ يومَ المحْل يتبعُهُ

 

 

ما كان يحويهِ منْ شاءٍ ومِنْ نِعَمِ

 

والحاكِمُ المُرْتَضَى دونَ الوَرى حَكَما

 

 

يا أسعدَ اللهُ جدّ الحاكم الحَكمِ

 

أكرمْ بهِ منْ فتىً كمْ راحَ مُنْتشراً

 

 

عَليْه للنصْرِ يَوْمَ الرّوْع مِنْ عَلَم

 

ندبٌ وناهِيكَ منْ نَدْبٍ ومُنتدَبٍ

 

 

إلى المَعالي ومنْ حَبر ومِنْ عَلم

 

كمْ حَلَّ بالنظرِ العالي إذا اشتكلتْ

 

 

عقدُ الأمورِ وداوى الكَلمَ بالكَلِمِ

 

مِلْء المفاضةِ منْ عِلمٍ ومنْ عَمَلٍ

 

 

ومنْ سخاءٍ ومنْ بأسٍ ومنْ شِيمِ

 

لهُ منَ المجدِ حظٌ وافرٌ وعُلاً

 

 

ما ليس يحصيهِ خطُّ اللّوحِ والقَلَمِ

 

حازَ المفاخرَ حتى جازَ غايتَها

 

 

وصارَ بين([72]) عبادِ الله كالعَلمِ

 

حَوى المكارمَ حتى قالَ قائلُهَا

 

 

هذا الذي الفَضْلُ فيه غيرُ مُنقَسمِ

 

يُهنيكَ لو راحَ يُلقى من بلاغتِهِ

 

 

عُقودَ دُرٍّ بسلكِ الحُسْنِ مُنتَظَمِ

 

أبْدَى لَهُ العُذْرَ قسٌّ لو يعاصِره

 

 

وكانَ معترِفاً في زلّةِ القَدَمِ

 

أو راحَ يُملي مَقالاً مِنْ براعتِهِ

 

 

لكانَ كالسّيلِ منحطّاً عن الأكمِ

 

ينسِيكَ([73]) حسّانَ([74]) نَظْماً رائِقاً وَلهُ

 

 

نَثْرٌ حَكَى أنْجُمَ الجوزاءِ في الظُّلّمِ

 

منْ لمْ يَجُرْ قَطّ يوماً في حكومتِهِ

 

 

وإنْ يَفه فاهُ بالأسرارِ والحكَمَِ

 

تلقاهُ يومَ النَدى يهتزُّ مِن طَربٍ

 

 

إلى المكارمِ هزّ الغُصنِ للنَسمِ

 

لازلتَ تَنشقُ من ريّا شمائلهِ

 

 

نوافِحاً تُنعشُ العافي منَ العَدمَ

 

وفاقَ حتى سَما النسرين منزلةً

 

 

وداسَ هام الثَّريا منه بالقَدَمِ

 

فَمنْ يُضاهيه في عِزٍّ وفي شرفٍ

 

 

ومنْ يُدانِيهِ في علمٍ وفي كرمِ

 

مولى له مُدّتِ الأعناقُ خاضعةً

 

 

لمجدهِ من ملوكِ العُربِ والعَجَمِ

 

ما استمطرتْ سُحْبهُ الآمالُ في زمنٍ

 

 

إلاَّ وجاء بوبلٍ([75]) للندى سَجَمِ([76])

 

ولا أناختْ له الوفّادُ من حَرمٍ

 

 

إلاَّ وألفَتْهُ فيها خيرَ مُحتَرمِ

 

نَماهُ خضرٌ([77]) فيا طُوبى لخيرِ فتىً

 

 

مكرّم للكريم المُسْتطاب نُمِي

 

يا ابنْ الخضارمِة الأمجادِ يا أملِي

 

 

ويا ملاذِي ويا كَهْفِي ومُعْتَصمِي

 

جُدْلي من الكَرمِ الوافي بمونقةٍ

 

 

حتى أُصانَ بها عن مورد وخمِ

 

وحاشا لله أنْ أبقى كذا غرضاً

 

 

إلى مرامي سهام الضّيمِ والأُظَمِ([78])

 

أو انثني اليومَ عن نادِيكَ منقلباً

 

 

في صَفقةِ الغُبنِ أو في حيرةِ النَدمِ

 

أبقاك ربُّكَ في عزٍّ وفي شرفٍ

 

 

أينَ اتجّهتَ وفي خيرٍ وفي نِعَمِ

 

قصيدة تهنئة أخرى للشيخ إبراهيم قفطان

وقال أيضا مؤرخا بعض أعياد الشيخ ومهنّيا له بقدومه من سفر كان قد أسفر عنه ، وهي تزيد على المائة قد اقتصرنا منها على هذا المقدار وهو : -

جاء السُّرُورُ وجادَ في نيل المنُى

 

 

وغَدا يُنَادِي بالبشَارةِ والهَنا

 

والسّعُد بالإقبالِ أقبلَ ناشراً

 

 

ثوبَ المسَرّةِ طاوياً بُردَ العَنا

 

والكونُ أَصْبَحَ لابساً خلعَ الهَنا

 

 

جذلاً وطيرُ الشوقِ يُطربُ بالغِنا

 

وقضيبُ بانِ الشوقِ لماّ أنْ سرى

 

 

سِرُّ الهَوَى فيهِ تَمايلٌ وانثَنَى

 

وليَالي الأفراحِ أفْجَرَ صُبْحُهَا

 

 

يوماً وكانَتْ قَبْلُ ليلاً أدكَنا

 

والكُلّ مغبوطٌ وفيما أنعمَ الـ

 

 

ـباري به بعضٌ يُهنّي بعضَنا

 

مستبشرينَ وحَقّتِ البُشْرَى لنا

 

 

بِقدُومِ مَولانا الأجلِ وشيخِنا

 

بقُدومِ جعفر بَحْر علمِ الله قدْ

 

 

نأت الكآبةُ والسروُر لنا دنا

 

يا رَوْضةَ الرّوادِ بلْ يا مَنهلَ الـ

 

 

ـورّادِ يا بحرَ السماحةِ والمُنَى

 

قد ودتِ السبعُ الطباق لو أنّها

 

 

قد أصبحتْ لكَ موطِئاً أو موطِنَا

 

مَلكٌ تَغَضُّ له الملوكُ مهابةً

 

 

مِنْهُ وتُطرِقُ خشيةً مهما رَنا

 

لَمْ استزدْ شرفاً له بِمقَالتي

 

 

هَيْهاتَ في مدحِ الإله له غنى

 

لكنَّنِي لـمّا رأيتُ مَديِحَهُ

 

 

فرْضا عليَّ اتيت فيما أمكنا

 

بالخمسةِ الأشباحِ تَمَّ فأرّخُوا

 

 

يا جَعفرَ بالعيدِ قَدْ نلتَ المنُى

 

وقال يهنئه أيضا

تِهْ سروراً فَقد بَلغْتَ الأماني

 

 

بِلقا شيخِنا ونِلْتَ التَهانِي

 

وابتهجْ فرحةً ونَافسْ عليها

 

 

كُلّ قاصٍ من الأنامِ ودَاني

 

بسرّيٍ تأرّجتْ منْ شَذاهُ

 

 

نَفحةٌ عطّرَتْ جَميع المغَاني([79])

 

جعفرٌ يُفْضل البحارَ وهيهاتَ

 

 

تضاهي([80]) عُبَابَهُ أو تُداني

 

أسّسَ المجدَ والعُلى فاستقامتْ

 

 

واستقلّتْ أركانُه والمَباني

 

يَفْخَرُ الفَخرُ حين يُعزى إليه

 

 

وكفاهُ فَخراً به وكَفاني

 

شَرفٌ دونَهُ السّماك مَحِلاّ

 

 

ومَقامٌ يعلو على السرّطان

 

جَلّ قَدْراً ومفَخراً فَتعالى

 

 

عن بني عصِرهِ بأسنى مكانِ

 

وسماهُم فأصبحوا من عُلاه

 

 

كنجومِ السّماءِ من كيوان

 

فآتهُمْ مَفْخَراً وإنْ كانَ منُهم

 

 

والحَصى في البحار غيرُ الجُمانِ([81])

 

أبيضُ الوَجه والفعالِ أخو حز

 

 

مٍ وعزمٍ أَمضى من الهندواني

 

ليسَ يستغرقُ المديحُ ثناهُ

 

 

ولو أنّي أُثني بكل المثاني

 

كيفَ يُحصى المديحُ كُنهَ معالٍ

 

 

مُفْردٌ مَالهُ مَدى الدهرِ ثَاني

 

فهو الشمسُ رفعةً وسناءً

 

 

وكَفى الشمسَ شهرةً عن بَيانِ

 

وهي أيضا طويلة اقتصرنا منها على هذا . وأظن ظناً قويّاً أنّ هذا الشعر الذي مرّ كله للشيخ حسن قفطان([82]) أبي الشيخ إبراهيم ، وكان من العلماء المبرّزين ، وهو من تلاميذ الشيخ الكبير لأنّ الشيخ إبراهيم ممن رثى الشيخ محمد ابن الشيخ علي وغيره من الطبقة الثانية كالشيخ مير أحمد ابن الشيخ موسى([83]) كما سيأتي إنْ شاء الله . وبين وفاة الشيخ الكبير والشيخ محمد ستون سنة فيبعد أن يكون الشيخ إبراهيم عاش إلى ذلك الزمان ، ثم أنّ نَفَسهُ في الشعر كما سترى غير هذا النفس ، اللّهم إلاَّ أن يكون قال هذا الشعر في أوّل أمره وهو صغير والله العالم .


 

قصيدة الشيخ محمد رضا النحوي

وقال أديب عصره بل جميع الأعصار ، ولبيب مصره الذي طبق ذكره سائر الأمصار ، واشتهر فضله ولا اشتهار الشمس في رابعة النهار ، ذو الشرف الشامخ ، والأدب القويّ ، الشيخ محمد رضا النحوي رحمه الله ، يهنيء الشيخ الكبير رحمه الله بقدومه من حجته الثانية ويمدحه ويمدح أصحابه الذين كانوا معه وقد مرَّ تعدادهم ، ويؤرخ ذلك العام ، وهي من محاسن الشعر وأجوده ، وأقربه وأبعده ، وهي : -

قَدِمَ الحَجيجُ فمَرْحَباً بقدومهِ

 

 

لقدومِ منْ شَرعَ الهُدى بعلومِهِ

 

هو جعفرٌ مَنْ كَان أحيا مُذْ نَشأ

 

 

من دين جعفرِ عافياتٍ رسُومِه

 

مأمونُهُ في سرِّه وأمينُهُ في شَرْ

 

 

عِهِ ورديفُهُ في خِيمهِ

 

وافوا كأنجمِ أسْعُدٍ قد أحْدقتْ

 

 

بالبدرِ أو كالزّهْرِ عند نجومِهِ

 

ورَدوا الغَريَّ فطال إذ ورَدوا السَّما

 

 

بقدومهم إذْ كانَ عند قدومهِ

 

وتودّ أنْ لو أبدَلتْه بَدَرها

 

 

عن بدرهِ ونجومَها بنجومهِ

 

علماً بنقصِ بدورِها في أُفقها

 

 

ومغيبُ أنجمِها خلال غُيومه

 

وتَيقّناً أنْ ليَسَ ينقصُ نورُهم

 

 

والله أمضَى الأمرَ في تَتْميمِه

 

حَثّ الرّواسم للحجاز ولم تَزل

 

 

مُشْتاقةً لوجيفهِ ورسيمهِ([84])

 

كالغَيثِ كلّ تنوفةٍ ظمآنةٍ

 

 

لغزيرِ وابلِ وُدْقه وعَميمهِ

 

وسعى لحجّ البيتِ وهو الحجّ في

 

 

تحليلهِ المعهودِ أو تحريمهِ

 

وبِمَروتيه وُركنِه ومقامِه

 

 

وبِحجرِهِ وحُجُونهِ وحَطيمهِ

 

ودقيقهِ وجليلهِ وكثيرهِ

 

 

وقليلهِ وحديثهِ وقديمهِ

 

رُفعِتْ قواعدُ حِجر (اسماعيله )

 

 

فيه وقامَ مقامَ (إبراهيمهِ)

 

وبه (الصفا ) لَقيَ الصّفا وتأرَّجَتْ

 

 

أرجاء مكّةَ مِنْ أريجِ نسيمهِ

 

وغَدَتْ ينابِعُ (زمزم ) وكأنّما

 

 

مُزجَتْ لطيبِ الطّعمِ من تَنْسيمِه

 

أهدى السلامَ إلى (النبيِّ ) وما دَرَى

 

 

أنّ النبيَّ بداه في تسليمهِ

 

جَزلُ العطاءِ فَمَن يَنخْ أمالَهُ

 

 

بشريفِ طَبْعٍ من عُلاهُ كريمهِ

 

يَنخَ الرّجاءُ ببابٍ غير منهنه

 

 

مَنْ أمَّ جدواه ولا محرومه

 

طُبعَتْ خلائِقُهُ على محمودِها

 

 

والطبعُ ليس حمِيدهُ كذميمهِ

 

أمَّا المقالُ فَرَقّ في منثورِهِ

 

 

عن كُنْهِ مَعنَاهُ وفي منظومِهِ

 

فليقتَنعْ ذو اللُّبِّ في تبجيلِهِ

 

 

بمديحِ خالِقِه وفي تعظِيمهِ

 

ليس المديحُ يَزيدُ في تَشْرِيفهِ

 

 

شرفاً وليس يَزيِدُ في تكريمهِ

 

وإن ادّعى أحدٌ بلوغَ ثنائِهِ

 

 

بنثيرِ درّ صاغَهُ ونَظِيمِهِ

 

فأنّا الّذي سلّمتُ أنِّي عاجِزٌ

 

 

ونجاةُ نَفْسِ المرءِ في تسليمهِ

 

لكنَّ عامَ قدومهِ أرّختُهُ

 

 

قدمَ السّخا والمجدُ عِنْدَ قدومِهِ([85])

 

وقد أرسل الشيخ الكبير (رحمه الله ) بهدية إليه وكتب معها : -

عذر الحقير إذا قلّت هديّته

 

 

أنّ الهدايا على مقدار مهديها

 

فكتب إليه الشيخ محمد رضا رحمه الله مجيبا بهذه الأبيات وهي : -

وافتْ هَديَّتُكَ الغراءَ حاملةً

 

 

شذا نَسِيمُك يَذْكُو في مطاويهَا

 

وأعربتْ عن صفايا الودّ منك فيا

 

 

طُوبى لنفسٍ بصفو الودّ تُصْفِيهَا

 

فَجَلَّ مقدارُها عند المحُبِّ كما

 

 

قَدْ جَلّ بين البرايا قَدْرُ مُهْديْها

 

وجاوزتْ قَدرَ مَنْ وافتْ وقدْ عدِلَتْ

 

 

إذْ كُنتَ مُهدِيهَا([86]) الدنيا وما فِيهَا

 

قصيدة الشيخ إبراهيم ابن الشيخ يحيى العاملي([87])

وكتب إليه الشيخ ابراهيم ابن الشيخ يحي العاملي من الشام الى النجف يمدحه ويوصيه بولديه وكان يشتغلان بالنجف وهي :

سلامٌ كمُنْهلِّ السَّحابِ الكنهْورِ

 

 

على روضةِ الدّينِ الحنيفي جَعفرِ

 

تحيةَ مشتاقٍ على القُربِ والنَّوى

 

 

يبرن([88]) كما الحرَّان([89]) في أوبةٍ وَري

 

أما وهَواه وهي حِلْفَةُ صادقٍ

 

 

يَرى الصّدْقَ في الدارينِ أربحَ متجرِ

 

لقد حَلَّ مِنْ قلبي محلا حميّتُه

 

 

منَ الناسِ حتى منْ قَبيلي ومَعْشرَي

 

وبوّأتُه الدارَ التي ما أبحتُها

 

 

لغيرِ نَبِيّ أو إمامٍ مُطهّرِ

 

ولا غَرْوَ أنْ يُمسِي ويُصبحَ (جعفرٌ)

 

 

ومنزلُهُ ما بين (طه ) و(حيدر)

 

أحنُّ إليه والحنينُ من الجَوى([90])

 

 

ولا عجبٌ إنْ حنَّ صادٍ([91]) لجعفرِ

 

واهتزّ إنْ أطراْهُ مُطْرٍ([92]) كأنّني

 

 

نزيفٌ وما حدّثْتُ نفسي بمُسْكرِ

 

هو العالمُ النحريرُ والجبلُ الذي

 

 

تفجّرَ مِنْهُ العلمُ أيَّ تفَجّرِ

 

أقامَ لواءَ الدينِ شَرْقاً ومَغربا

 

 

وقد جَاشت الدُنيا بغاوٍ ومُفتري

 

وأنقذَهُ من قَبضةِ الشرْك بعدَما

 

 

ألحَّ بأنيابٍ عليه وأظفُرِ

 

وأجرى لطُلاّب العُلومِ جَداوِلاً

 

 

مِنَ العَلْم بالأوهام لم تتكدّرِ

 

ولا أمْترَي أَنّ الذين تقدّموا

 

 

لهم مفْخَرٌ في العِلْمِ أعظمُ مفَخر

 

ولكنْ لهُ بينَ الجميعِ تقدّمٌ

 

 

عليهم فكانَ السَبْقُ للمتأخِرِ

 

ولا عجبٌ فانظرْ إلى الدّهر كم مضى

 

 

به قبل (طه ) من رسولٍ ومُنذرِ

 

هو البحُر للقاصي يجودُ بوابل

 

 

وطلٍّ وللداني يجودُ بجوهرِ

 

هو الصارمُ الماضِي يروقُكَ منظراً

 

 

ويُوليك أضعافَ المُنى بعد مخبرِ

 

هُو الغيثُ لا ينفكُّ منهلُّ جودِهِ

 

 

على مُعْسرٍ في النّاسِ أو غير مُعْسِرِ

 

إذا ما ظما جودُ الجَوادِ تَشاركا

 

 

يدا مُعْسرٍ فيما هناك ومؤسر

 

بُغلّس في كَسْبِ المَعالي وغيرهُ

 

 

نؤوم الضُحى والمجدُ حَظّ المبكِّرِ

 

ويكدحُ في حاجاتِ مَنْ هو نائمُ

 

 

بعزْمة مضّاءٍ على الهَول عَبقَري

 

فلستَ تراهُ حَيثُ يفزعُ من ندى

 

 

وفرضٌ عليه غيْرُ غادٍ مُشَمّرِ

 

لنصرة مظلومٍ وأمن مروّعٍ

 

 

وأرفاق مجهُودٍ وإيواءِ مفجر

 

وما طرقَ الملهوفُ باباً كَبابهِ

 

 

إذا طُرِقَتْ في الدّهرِ أمّ حبوكَرِ([93])

 

إذا دجى في ليل من الخطبِ حالكٌ

 

 

رماه بصبحٍ من محياهُ مُسْفرِ

 

ويصبحُ في أمنٍ من الدّهْرِ جارُهُ

 

 

وكيفَ يخافُ الذئبَ جارُ الغِضَنْفَر

 

ويغشي حِمَاهُ المجدبونَ من الورى

 

 

فيمسون أصناف الرّبيعِ المنوّرِ

 

تقيُّ يخافُ اللهَ سِرّاً وجهرةً

 

 

وذلك شأنُ العارفِ المتدبّرِ

 

فواعجباً من خيفةِ الناسكِ الّذي

 

 

مِنَ الذنبِ لم يعلقْ ولا بالتصورِ

 

عَزوفٌ عن الدُنْيا ولو بَرزت لهُ

 

 

وفي راحَتيْها مُلكُ كسرى وقيصرِ

 

فياقاليَ الدُنْيا وقَد أجمعَ الوَرَى

 

 

على حُبها من ذي عماء ومُبْصرِ

 

بعيشكَ خبّرْني ألستَ مُحرّماً

 

 

مخالفة الإجماعِ أمْ أنَت مجترِي

 

فَياجعفَر الخيرِ الذي طابَ مَحتْداً

 

 

فطابَ وطِيبُ الفرعِ من طيبِ عُنصرِ

 

ليُهِنْكَ مجداً أنت ساحبُ ذيلهِ

 

 

برغم العِدى فوق السَحاب المسُخَّر

 

ولما رأيتَ الأرضَ شتى ولم تكنْ

 

 

لتحفِلَ إلاَّ بالمُقَام المطهّرِ

 

تخيّرتَ قُرب المرتَضى علمَ الهدى

 

 

وطابَ لكَ المثوى فخيّمت بالغَري

 

فصادَفتَ منهُ يا أخا الفضل جنّةً

 

 

لها من نَداكَ الغَمْرِ أفضلَ كوثرِ

 

وحسبُكَ فخْراً أنّ فضلكَ وافرٌ

 

 

ومالكَ في الأموالِ غيرُ موفَّر

 

وإنّكَ طَودٌ زادهُ اللهُ رفعَةً

 

 

بفرعٍ زكيٍّ بالفَضائلِ مُثْمِرِ

 

وكمْ من يد ٍعندي له لو ذكرتُها

 

 

تضايقَ وردي في القريضِ ومصدَرِي

 

وفدتُ على مغناهُ والدّهرُ أسودُ

 

 

فأصبحتُ في روضٍ من العيشِ أخضر

 

سأشكرُهُ وهو الجديرُ من الوَرَى

 

 

بشكري ومنْ يستوجِب الشكرَ يُشْكر

 

إليكَ أبا مُوسى زَفَفتُ بديعةً

 

 

تبخترُ في ثوبِ البَديعِ المحبّر

 

هُدِيتَ بمشغوفٍ بمدحِكَ مولَعٌ

 

 

بِشُكرِ جميلٍ في مغيبٍ ومحضرِ

 

ولا أدعي أني تطوّلت بالثنا

 

 

ولكنّني حاشاكَ عينُ المقصِّرِ

 

وَلي بحمَاكُمْ بِضْعَةٌ وأخٌ لهُ

 

 

مُقيمٌ على رَبْعٍ من الخيرِ مُقفِر

 

فَلا تَنْسهُ واعْطِفْ على الحَائم الذي

 

 

يَروحُ ويَغدو ظامياً بين أَبحُر

 

ولا تُخرجنهُ من عُموم فَواضلٍ

 

 

تَلف إذا جاشَتْ مُقلاّ بِمُكْثِرِ

 

وكيفَ يمسّ الجدبُ ربَع مخيّمٍ

 

 

على بابٍ هطالٍ من الغَيثِ ممطرِ

 

ولازلتَ في عيشٍ رغيدٍ ونعمةٍ

 

 

تكرُّ عليكُم بالنعيمِ المكرّرِ

 

ولما توفيّ العلامة الطباطبائي جعلت الشعراء تتخلص في مراثيه بمدح الشيخ الكبير ، لأنّ الأمر انحصر به ، فمن ذلك ما قال الشيخ إبراهيم العاملي يرثي السيد ويعزّي ولده السيد رضا ويوصي الشيخ به حيث قال : -

ولهُ منَ الشّيخِ المعُظّم جَعفَرٍ

 

 

عَلَم الهدى جارٌ عزيزُ الجَار

 

وهو الأبُ الثاني لهُ وكفىَ به

 

 

عنَ غَيّبٍ كافٍ وعن حِضّارِ

 

يا جعفرَ الخير الذي بَزّ الحيا

 

 

كرَماً فأصبَح كعبةَ الزّوارِ

 

يا عالِمَ العَصْرِ الذي لمْ يكتحلْ

 

 

بنظيرهِ عصرٌ مِنَ الأعصارِ

 

أوصِيْكَ بالخلَفِ الرِّضَا وأراكَ

 

 

لا تحتاجُ في المذكورِ منْ تذْكَارِ

 

أنّى يُضيّعُ واجباً مولىً يرى

 

 

تضييَع نافلةٍ من الأوزارِ

 

وقال بعض الشعراء يرثيه رضوان الله عليه في سينيّة طويلة يتخلص بآخرها في مدح الشيخ الأكبر ويطيل في الثناء عليه ، ولم يحضر في حفظي منها إلاَّ بيتٌ واحدٌ وهو : -

لئَنْ غَابَ مهديُّ الهُدىَ فيه عنكمُ

 

 

ففي جعفرٍ بالعِلمِ تُحيا المدارسُ

 

 


([1]) هو الشيخ محمد طه ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ محمد ابن الحاج نجف الحكم آبادي التبريزي النجفي ، مرجع كبير من مشاهير علماء عصره ، ولد سنة (1241 هـ) ، وله آثار علمية مهمة وكثيرة ، توفي سنة (1323 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة ، أغا بزرك الطهراني / نقباء البشر : 965 .

([2]) هو الشيخ جواد ابن الشيخ حسين ابن الحاج نجف التبريزي النجفي من أكابر علماء عصره ومشاهيرهم بالزهد والصلاح ، قرض الشعر فأجاد فيه وأبدع ، توفي سنة (1294 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2/279 .

([3]) المقصود السيد مهدي الطباطبائي (قدس سره) .

([4]) هو السيد محمود ابن السيد علي نقي ابن السيد جواد الطباطبائي ، وجدّه السيد جواد شقيق السيد مهدي الملقب ببحر العلوم ، كان عالماً فاضلا أديبا وشاعراً ، من آثاره (المواهب السنية في شرح الدرة النجفية) .

([5]) وردت في المخطوطة (ثلثه) .

([6]) وردت في المخطوطة (ثلثه) .

([7]) أملد : مدَّة .

([8]) خطارا : ذكره بعد نسيان .

([9]) هو السيد رضا ابن السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي البروجردي النجفي ، عالم كبير وفقيه جليل ، ولد سنة (1189 هـ) له آثار علمية مخطوطة ، توفي سنة (1253 هـ) . أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 571 .

([10]) السَّبْسبُ : المفازةُ ، أو الأرض المستوية البعيدة .

([11]) الكلُّ : اليتيم والعيال .

([12]) الأُوَارُ : حرَّ النار والشمس واللهب .

([13]) هو الشيخ محمد رضا ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن بن علي ابن الخواجة الحلي النجفي ، كان عالماً جليلاً ومن شيوخ الأدب في عصره ، وكان من أعضاء معركة الخميس المشهورة في تاريخ الأدب النجفي ، توفي سنة (1226 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 545 .

([14]) هو والد الشيخ محمد رضا النحوي المترجم أعلاه .

([15]) هو السيد محمد ابن السيد زين الدين أحمد ابن السيد علي الحسني العطار البغدادي النجفي المتوفى سنة (1216 هـ ).

([16]) هو الشيخ محمد بن يوسف الجامعي المتوفى سنة ( 1219 هـ ).

([17]) وردت في المخطوطة (أني) .

([18]) وردت في المخطوطة منتظر ٌ .

([19]) يمكن أن تكون ( المجد ) وهذا مايناسب المكرمات وربما نسخت .

([20]) وردت في المخطوطة ( مهلا ) .

([21]) المرا : الجدال .

([22]) التذمر : له معاني أنسبها في المقام الزئير .

([23]) يعني به الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء .

([24]) وردت في المخطوطة (شقاقها) .

([25]) الكنهور قطع من السحاب المتراكم كالجبال .

([26]) وردت في المخطوطة (أداني) .

([27]) وردت في المخطوطة (فارتاي) .

([28]) المقصود هو الشيخ محمد رضا النحوي .

([29]) المقصود هو السيد صادق الفحام .

([30]) مثل يضرب لمن يفضل على أقرانه . أنظر : مجمع الأمثال / الميداني : 2/ 82 .

([31]) إشارةٌ ضِمْنيَّةٌ بليغة الى الآية الكريمة ((وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ)) سورة ص : 21 .

([32]) المراد بالشيخ الكبير الشيخ جعفر .

([33]) المراد بالشيخ محمد .

([34]) وردت في المخطوطة (منذ) .

([35]) الكُمَيْتُ : الذي خالط حُمْرَتهُ قَنوءٌ .

([36]) سورة ص : 24 .

([37]) وردت في المخطوطة (نضم) .

([38]) وردت في المخطوطة (تظمن) .

([39]) المقصود به قُس بن ساعدة الأيادي وهو خطيب مشهور عاش في العصر الجاهلي ويقال : إنّ النبي محمد (f) شهد أحد خطبه وكان يؤمئذ فتى في مقتبل العمر .

([40]) باقل هو رجل من ربيعة كان معروفاً بـ ( العيّ ) فقيل في الأمثال ( أعيا من باقل ) وهو مثل يضرب لمن أصابه العيّ وهو عدم القدرة على النطق . أنظر : مجمع الأمثال / الميداني : 1/ 504 .

([41]) وردت في المخطوطة ( النهج ) بأل التعريف .

([42]) وردت في المخطوطة (اتخذتهما) .

([43]) هذا القول لأبي تمام إذْ يقول :

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى

 

 

ماالحبُّ إلاّ للحبيب الأوّل

 

انظر : ديوان أبي تمام بشرح الخطيب التبريزي : 4 / 253 .

([44]) وردت في المخطوطة ( حجّته ) .

([45]) وردت في المخطوطة (حرب) .

([46]) الخَوْدُ : الشابَّة الحسنةُ الخلق .

([47]) تاريخ حج الشيخ جعفر هو (1186 هـ ) .

([48]) هو الشيخ إبراهيم بن جعفر العاملي ، عالم أديب ، قال السيد حسن الصدر في (التكملة) رأيت بخطه تملّكه لبعض كتب الأدب في النجف ، وهو معاصر للشيخ الأكبر كاشف الغطاء الذي توفي (128 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 12 .

([49]) هو السيد محمد جواد ابن السيد محمد بن محمد العاملي الشقرائي النجفي من كبار علماء الإمامية وفطاحل فقهائهم ، ولد في شقراء من قرى جبل عامل في حدود سنة (1160 هـ) ، هاجر إلى العراق ودرس على الوحيد البهبهاني والسيد علي الطباطبائي في كربلاء ، ثم سافر إلى النجف الأشرف وحضر بحث السيد مهدي بحر العلوم والشيخ الأكبر كاشف الغطاء ، والشيخ حسين نجف ، حتى أصبح من مراجع عصره ، واستقل بالتدريس فتخرج عليه جم غفير من الأعلام الأجلاء كالشيخ جواد ملا كتاب والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والشيخ محسن الأعسم وولده السيد محمد وغيرهم ، من أشهر آثاره (مفتاح الكرامة ) وشرح (قواعد العلامة ) ، كتاب فقهي ألفه بأمر أستاذه كاشف الغطاء أيام أشتغاله عليه كما صرح في أول كتابه حيث قال : (امتثلت فيه أمر أستاذي الإمام العلامة الحبر الأعظم الشيخ جعفر جعلني الله فداه) ، وغيره من المؤلفات . توفي سنة (1226 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 287 .

([50]) الصواب ( الشآم ) بألف ممدودة ليستقيم الوزن .

([51]) هو السيد أحمد ابن السيد محمد بن علي ابن سيف الدين الحسيني البغدادي الشهير بالعطار ، ولد سنة (1128 هـ) وتوفي سنة (1215 هـ) ، قرأ الفقه والأصول على الشيخ محمد تقي الدورقي والأغا محمد باقر البهبهاني والشيخ مهدي الفتوني والشيخ جعفر كاشف الغطاء مدة طويلة ، كان ملماً بجملة من العلوم وماهراً في أغلب الفنون ، وله ديوان شعر كبير ، وشعره أمتن من شعر كثير من معاصريه ، وأهم آثاره (الأرجوزة الرجالية) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة /  أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 113  . 

([52]) أَذْفرُ : جَدٌ إلى الغاية .

([53]) بمعنى الفُراق - بالضم - أي البُعد .

([54]) سيد محسن صاحب المحصول سبق ترجمته .

([55]) المقصود السيد محمد جواد العاملي صاحب كتاب ( مفتاح الكرامة ) سبق ترجمته .

([56]) المقصود الشيخ محمد علي الأعسم .

([57]) لا يجرر : لا يجذب .

([58]) وردت في المخطوطة (مقتضي) .

([59]) القَبَبُ : دِقَّةُ الخَصْرِ وضمورُ البَطْنِ .

([60]) تاريخ الحج سنة (1199 هـ) .

([61]) وهو الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسن بن علي بن نجم السعدي الرياحي النجفي الشهير بقفطان ، كان عالماً فقيها وأديبا بارعاً ، حضر على الشيخ علي والشيخ حسن ابني الشيخ الكبير والشيخ الأنصاري ، وتوفي سنة (1279 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 12 .

([62]) الكميُّ : الشجاع .

([63]) الغَبُّ : عاقبة الشيء .

([64]) أرزم الرعد : اشتد صوته ، ووردت في المخطوطة (الزّدم) .

([65]) وَكَفَ : قَطَرَ .

([66]) الشَّبَمُ : البرد .

([67]) وردت في المخطوطة (أصبحت) .

([68]) الأطم : القصر .

([69]) رَذَمَ : سال .

([70]) وكفت : قطرت .

([71]) السيب : مجرى الماء .

([72]) وردت في المخطوطة (ما بين) .

([73]) وردت في المخطوطة ( يُنسيك ) .

([74]) حسان بن ثابت شاعر الرسول .

([75]) الوبلُ : المطر الشديد الضخم القطرُ .

([76]) سَجَم : قَطَر .

([77]) هو الشيخ خضر ابن الشيخ يحيى الجناجي والد الشيخ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء .

([78]) الأظم : الحقد والحسد والغضب .

([79]) المغنى : المنزلُ الذي غنى به أهله .

([80]) وردت في المخطوطة تُضاهي .

([81]) الجمان : اللؤلؤ .

([82]) توفي الشيخ حسن قفطان سنة (1278هـ ) وقد قارب المائة عام ، وتوفي ولده إبراهيم بعده بعام واحد .

([83]) الشيخ مير أحمد ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر ، شاعر أديب ، اختاره الأجل في العقد الثالث من عمره .

أنظر: ماضي النجف وحاضرها / الشيخ جعفر محبوبة : 3 / 131 .

([84]) الرواسم : الإبل . والوجيف والرسيم : نوعان من السير تتصف بهما الإبل .

([85]) حساب الجمل يساوي (1199هـ ).

([86]) الظاهر الصواب (( مهدينيا )) وليس مهديها )) اذ لامعنى لها ولايستقيم الوزن .

([87]) هو الشيخ إبراهيم بن يحيى ابن الشيخ فياض بن عطوة المخزومي القرشي الطيبي العاملي من مشاهير عصره في العلم والأدب ، ولد في طيبة من أعمال جبل لبنان سنة (1154 هـ) ، هاجر إلى النجف الأشرف فاتصل بالسيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيرهما ، ودرس الفقه والأصول وبرع في الأدب والشعر وله ديوان جليل وله منظومة في علم الكلام سماها (الدرة المضيئة) ، توفي سنة (1214 هـ) .

أنظر : طبقات أعلام الشيعة / أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة : 2 / 25 .

([88]) وردت في المخطوطة ( يرنّ ) .

([89]) وردت في المخطوطة (الحراء ) ، والحرّان بمعنى العطشان .

([90]) الجوى : شِدّة الوجدِ .

([91]) الصادي : العطشان - جعفر النهر - وهنا توريه لطيفه كما لايخفى .

([92]) وردت في المخطوطة (مطري) .

([93]) الحبوكر : الداهية . وأم حبوكر : الداهية العظيمة .

 


 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID