الأحد, شوال 19, 1445  
 
في شروط الموقوف عليه
 تحرير المجلة جلد 5

  





يعتبر ان يكون موجودا حال الوقف فلا يصح علي المعدوم الذي يمكن وجوده كمن يولد له من هذه المرأة فضلا عن المعدوم الذي لا يمكن عادة وجوده و لا علي الموجود الذي صادف موته حين الوقف بل ظاهرهم الاجماع علي عدم صحة الوقف علي الحمل مع أنهم أجازوا الوصية له.
اما المعدوم فلعدم اهليته للملكية لانها عرض لابد له من موضوع موجود مضافا إلي عدم امكان القبض و كذلك و الحمل و للمناقشات هنا مجال واسع ولكنك عرفت ان الاصل في كل مورد من موارد الشك عدم الصحة او المعومات قاصرة، و هذه الفروع نادرة، لم يرد بها سيرة و لا سنة فالعمل بها هو المشهور من عدم الصحة متعين.
لو وقف علي موجود و معدوم صح في الموجود و بطل في المعدوم بمقدار حصته، ولو وقف علي موجود و بعده علي معدوم او بدء بالمعدوم بطل في المعدوم بلا اشكال اما الموجود فقولان ولو قيل بالصحة حبسا في الاول بل و في الثاني كان له وجه.
يجوز الوقف علي المعدوم تبعا للموجود فلو قال وقفته

79


علي اولادي الموجودين و علي من يولد لي صح بل لو قال و هم بعد وجودهم مقدمون في الوقف علي الموجودين صح ايضا كما يصح علي اولاده نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن فيكون وقفا علي الطبقات تشريكا او ترتيبا، هذا هو الشرط الاول من شروط الموقوف عليه اعني الوجود.
(الشرط الثاني) ان يبتدء الوقف بمن له اهلية التملك حين الوقف فلا يجوز الوقف علي المملوك بناء علي عدم ملكيته و لا علي الحربي و لا المرتد الفطري بناء علي عدم اهليتهم للتملك و في الجميع نظر؛ و عدم جواز الوصية له كما في صحيحة محمد بن قيس «لا وصية لمملوك» لا يقتضي عدم جواز الوقف عليه إلا علي القياس الفاسد.
«الثالث» التعيين فلا يصح الوقف علي احد الشخصين او احد المسجدين، و هو شرط في عامة العقود بل و في عامة الايقاعات لان معانيها كالاعراض الخارجية التي لا تتحصل إلا في موضوعات متعينة ذهنا او خارجا و مفهوم احدها لا يتعين فيه اصلا فما اختاره الاستاد قدس سره من الصحة غير سديد.
«الرابع» ان لا يكون موقوفا عليه لصرفه في المعصية أو مع العلم بانه يستعين به علي المعصية.
يجوز وقف المسلم علي الكافر بعنوانه الخاص لا من حيث كفره إذا لم يكن فيه اعانة له علي المعاصي او مساعدة علي الكفر سواء كان رحما ام لا ذميا او غيره لانه من البر و الاحسان‏

80


المحبوب شرعا لمطلق الانسان بل حتي للحيوان المؤيد ذلك بكريمة قوله تعالي: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم و لا تعارضها آية لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله فإن النهي عن المودة من حيث المحادة لامن حيث البر و الاحسان او تأليف القلوب و نحوها من الجهات الراجحة عقلا و شرعا اما الوقف عليهم بالعناوين العامة كالفقراء و الغرباء و نحو ذلك مما علم قصد الواقف العموم فلا ينبغي الاشكال فيه.

في الاحكام‏


و فيه مقصدان:

في الالفاظ التي تقع في كلام الواقفين


في الالفاظ التي تقع في كلام الواقفين و هي تتعلق بجهة الموضوع و لابد من تمهيد مقدمة.

المقدمة


اعلم ان المدار في الالفاظ التي يستعملها الواقف او الموصي او الواهب في انشاء الوقف و الوصية و الهبة و نحوها انما هو علي ما قصده المتكلم من اللفظ لا علي ما هو لموضوع لغة او عرفا فإذا كان معني الفقر مثلا لغة او شرعا هو من لا يملك قوت سنة و قصد الواقف منه

81


في صيغة الوقف خصوص من لا يملك قوت يومه فالوقف يختص بما قصده من لفظ الفقير لا ما هو مدلوله شرعا او لغة و هذا المعيار لا في الوقف و اخوته فقط بل عليه المدار في سائر العقود حتي البيع و الاجارة و اضرابها و لعله يندرج في قولهم العقود تابعة للقصود؛ هذا إذا علم مراد المتكلم و قصده من اللفظ حقيقة او مجازا او غلطا، اما حيث لا يعلم المراد فهنا تأتي قضية الوضع لغة او عرفا فإن كان للفظ عرف خاص للمتكلم حمل عليه و الا فالعرف العام و الا فالمعني اللغوي كل ذلك حيث لا قرينة حال أو مقال تعين مراد المتكلم و اذا كان له معني شرعي و معني لغوي مثلا و تردد معني اللفظ بينهما و لا قرينة صار مجملا يرجع في القضية إلي الاصول الموضوعية او الحكمية ولو وقف علي الفقير و تخيل ان معناه لغة او عرفا هو من لا يملك قوت يومه و كان معناه في الواقع عند العرف او اللغة من لا يملك قوت شهره مثلا فإن قصد الوقف علي المعني الذي نخيله تعين و ان قصد الوقف علي المعني الواقعي و تخيله هو من لا يملك قوت يومه من باب الخطأ في التطبيق فالوقف يكون علي ما هو معناه واقعا لا ما تخيله فليس المدار علي الواقع مطلقا ما في عبارة السيد الاستاد «قده» بل يختلف الحال باختلاف نحو القصد و اتجاهه فتدبره فانه نافع في كثير من الموارد.
من وقف علي الفقراء انصرف اللفظ إلي فقراء ملته فالمسلم لفقراء المسلمين و هكذا بل إلي فقراء مذهبه فالامامي إلي فقراء

82


الامامية و هكذا إلا ان يكون ظهور حال او مقال في ارادة عموم الفقراء كما هو مقتضي وضعه و كذا لو وقف علي فقراء قرية او بلد فإن لم يكن فيها من ابناء مذهبه احد مع علمه كان قرينة علي العموم و مع عدم علمه فالارجح العموم ايضا و الاحوط الانتظار.
الوقف علي العنوان ان كان افراده محصورة فالظاهر ارادة التوزيع بالاستيعاب و ان كانت غير محصورة فالظاهر ان الوقف علي الجهة و بيان المصرف فيجوز حينئذ دفعه إلي واحد او اثنين إلا ان يكون المال كثيرا عرفا فاللازم صرفه علي جماعة معتد بها و ان لم يلزم الاستيعاب و لا المساواة بين الافراد كما في المحصورين ولو كان للمتولي ولاية مطلقة فله الترجيح بالفضل و الفقر فيأخذ بقاعدة (المعروف علي قدر المعرفة).
إذا وقف علي المسلمين فهو لكل من يدين بدين الاسلام من جميع المذاهب في الفروع و الاصول فيشمل الاشعرية و المعتزلة و الامامية و الظاهرية كما يشمل المذاهب الاربعة او الخمسة في الفروع إلا من انكر ضروريا من ضروريات الدين كوجوب الصلوة او الحج او محبة أهل البيت سلام الله عليهم او غالي فيهم فاتخذهم اربابا فإن هؤلاء شر من اولئك فالجميع من النواصب و الغلاة كفار و ان انتحلوا الاسلام و شهدوا الشهادتين نعم يشمل المستضعفين من النساء و الاطفال حتي المحكوم باسلامهم بالتبعية ولو كان الواقف ناصبيا او خارجيا او مغاليا فلا يبعد شموله لابناء نحلته

83


و خصه بعض علمائنا بالمحقين من المسلمين إذا كان الواقف منهم و فيه نظر، ولو وقف علي الشيعة اختص اليوم بالامامية و ان كان في الاصطلاح القديم يشمل الزيدية و غيرهم ممن يقول بامامة علي و اولاده عليهم السلام كالاسماعيلية و غيرهم و ان لم يقل بالاثني عشر نعم لو كان الواقف من غير الامامية يشمل ابناء نحلته قطعا و في شمول غيرهم تأمل اقربه الشمول.
إذا وقف في سبيل الله انصرف إلي جميع انواع الخيرات و المبرات و وجوه البر و لا يختص بالجهاد و يكون التخصيص و الترجيح لبعض دون بعض منوطا بنظر المتولي ولو استعان بمراجعة حاكم الشرع لتعيين الاهم فالاهم كان اولي.
إذا وقف علي ارحامه او اقاربه دخل كل من هو من عشيرته و اسرته عرفا و إذا قال الاقرب فالاقرب فعلي طبقات الارث و إذا وقف علي اخوته دخل اخوة الاب و الام و الاخوة من كل منهما و لا يدخل اولادهم و كذا الاعمام و الاخوال و الاجداد و الجدات ولو وقف علي اولاده فالذكور و الاناث بل و الخنثي و الجميع بالسوية إلا ان يقول علي ما فرض الله فيجري مجري الارث و له ان يفضل الاناث علي الذكور ولو وقف علي البنين او البنات لم تدخل الخنثي ولو وقف عليهما دخلت بناء علي عدم كونها طبيعة ثالثة ولو قال علي اولادي اختص بالصلبي و قيل يعم ولد الوالد و الاصح الاعتماد علي القرائن و إلا فالاخذ بالمتقين لو تحقق الاجمال ولو قال علي اولادي

84


و أولاد أولادي تسلسل في عقبه، ولو قال علي اولادي فإذا انقرضوا و انقرض اولاد اولادي فعلي الفقراء فهو وقف علي اولاد و اولاد الاولاد تشريكا و بعد انقراضهم اجمع يكون للفقراء ولو وقف علي من ينسب إليه لم يدخل اولاده عند المشهور، و الارجاع إلي ما عند العرف اولي و يختلف باختلاف الاحوال و المحل و كذا لو قال علي الهاشميين او العلويين و كذا لو قال علي العلماء ففي بعض البلدان لا ينصرف إلا إلي فقهاء الشرع و في غيرها إلي غيرهم أو الأهم منهم.
لو وقف علي زيد و الفقراء فله النصف و قيل الثلث او الربع نظرا إلي اقل الجمع و الاول اقرب اما لو وقف علي زيد و اولاد عمرو و هم محصورون فعلي الرؤوس و يحتمل النصف و كذا لو وقف علي اولاد زيد و اولاد عمرو و يحتمل الفرق بين هذا و بين قوله اولاد زيد و عمرو ففي الاول التنصيف و في الثاني علي الرؤوس و الظاهر في هذه الموارد ان الوقف علي التوزيع المقتضي للتسوية لا المصرف.
لو وقف علي الجيران فالاخبار في التحديد مختلفة اربعين ذراعا او اربعين دارا من كال جانب و الاصح ارجاعه إلي العرف و مع الشك فالاخذ بالمتيقن و الجار هو ساكن الدار لا مالكها و القسمة مع الاطلاق بالسوية.
للوقف علي المساجد و المراقد يصرف في تعميرها مع

85


الحاجة و إلا ففي مصالحها من فرش و ضياء و نحوه و إذا عين مصلحة تعينت و الوقف علي ميت حيث يصح ففي واجباته او الخيرات عنه.
إذا وقف علي اولاده فإن عين ترتيبا او تشريكا تعين و إذا اطلق فالتشريك و المساوات حتي بين الذكور و الاناث نعم لو قال علي اولادي ثم علي اولادهم فالظاهر الترتيب بينهما بل مطلقا، ولو قال علي اولادي طبقة او نسلا بعد نسل و بطنا بعد بطن فقيل هو قيد الوقف فيقتضي الترتيب و قيل للاولاد فالتشريك و الغالب ان الواقفين يريدون منه التابيد بقرينة قولهم بعدها إلي ان يرث الله الارض و من عليها و لا يدل علي تشريك و لا ترتيب و علي كل فإن ظهر مراد الواقف تعين و مع الشك فالاطلاق يقتضي التشريك و الاهمال يقتضي الاخذ بالمتيقن و هو الترتيب و اعطاء الطبقة الاولي نصيبهم علي فرض التشريك و قسمة الباقي بينهم و بين الطبقة المتأخرة بناء علي الصلح القهري متجه، ولو قال في صورة الترتيب من مات فنصيبه لولده فاللازم مشاركته لا عمامه و يصير ترتيبا و تشريكا فالولد يشارك عمه و لا يشارك اباه، ولو تردد الموقوف عليه بين شخصين او عنوانين فالقرعة او القسمة بينهما لقاعدة الصلح القهري و هو القاعدة في كل مال مردد بين شخصين او اشخاص محصورة، هذا بعض الكلام في الموضوعات.

86

في الاحكام


و فيه فصول:

في المتولي


سبق ان للواقف ان يجعل التولية لنفسه، مباشرة او تسبيبا عند الوقف و ان يجعل متوليا من بعده متسلسلا و منقطعا و إذا لم ينصب متوليا في صيغة الوقف فهل التولية له او للموقوف عليهم أو للحاكم اقوال و الاصلح بناء علي بقاء العين علي ملكيته انها له و علي انتقالها فللموقوف عليهم و مع التشاح فللحاكم هذا في الوقف الخاص اما العام فلا اشكال في انها للحاكم الشرعي مطلقا ولكن الانتفاع بمثل الخانات و المساجد و القناطر و الشجر للاستظلال لا يحتاج إلي استيذانه و انما له الولاية علي اصلاحها حفظ شؤونها و ما يوجب بقائها نعم في مثل المدارس و الفنادق و نحو ذلك لابد من استيذانه ايضا.
يجوز ان يجعل التولية لاثنين او اكثر اشتراكا او استقلالا فعلي الاول لا يتصرف احدهما إلا بموافقة الآخر و علي الثاني ينفذ تصرف السابق و مع الاقتران و التنافي يبطلان معا و إذا مات او جن احدهما يلزم الحاكم ان يضم بدله إلي الآخر و علي الثاني لا يلزم ولكنه إلا حوط و مع الشك في الاستقلال او الاشتراك

87


فإن أطلق فالاستقلال و مع العدم فالاشتراك و الاحوط الرجوع إلي الحاكم ايضا.
ليس للمتولي ان يجعل متوليا في حياته و لا بعد مماته إلا إذا جعل الواقف له ذلك في صيغة الوقف و لا يشترط في المتولي العدالة إلا ان يشترطها الواقف نعم لو ظهر عجزه او ثبت عند الحاكم خيانته عزله و نصب امينا، و يجوز للمتولي توكيل غيره إلا إذا اشترط الواقف المباشرة، و لا يجب علي من جعله الواقف متوليا القبول بل له الرد ولكن إذا قبل لزمه العمل، و لا يجوز للواقف ان يجعل التولية لمن يعلم بخيانته و عدم امانته ولو جعله متوليا رجع الامر إلي الحاكم.

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID