الأحد, شوال 19, 1445  
 
فيما يصح للواقف شرطه
تحرير المجلة جلد 5

  





إذا شرط ادخال من يريد في الوقف فالمشهور الصحة ولكن إذا شرط اخراج من يريد فالبطلان و الاصح الصحة في المقامين لعموم الوقوف علي ما يقفها اهلها لبعض الاخبار الخاصة، نعم لا يجوز ذلك بدون الشرط في عقد الواقف لانه تغيير للوقف بعد تحققه ولكن في جملة من الاخبار ان له ذلك و هي مع اعراض المشهور معارضة بما هو اقوي منها فالمنع متعين.

88


الوقف لا يدخله شرط الخيار فلو شرط في الوقف ان له ان يرجع متي شاء بطل نعم له ان يشترط في الموقوف عنوانا كالفقر او العدالة فإذا زال العنوان زال الوقف عنه و إذا لم يبق لذلك العنوان مصداق صار نظير منقطع الآخر فيرجع للوارث او ورثته و صرفه في وجوه البر أو وقف آخر برضاهم اولي.
الشروط في الموقوف عليه ترجع إلي عنوان الوقف فيزول الوقف بزوالها و كذلك الشرط في العين الموقوفة فلو وقف البستان بهذا العنوان او النخلة مادامت مثمرة ثم انقطع ثمرها او زال وصف البستان عن العين زال الوقف و التحقيق في امثال هذا انه ان ظهر منه اعتبار العنوان علي نحو الشرطية صريحا او دلالة فالوقف يزول بزوالها و ان اطلق فعرصة البستان باقية علي الوقفية و كذلك الجذوع و لذا قالوا إذا انهدمت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف لانها من جملة الموقوف فينتفع بها علي وجه آخر من زرع و غيره و لا فرق عندنا بين كون الارض خراجية او غيرها، و كذلك المسجد إذا انهدم لا تخرج عرصته عن المسجدية و تجري جميع احكام المسجد عليه.
المسجدية عندنا تحرير و هو معني آخر غير الوقف فانه قد يعود ملكا باسباب ولكن الحر لا يعود إلي الرق ابدا و كذلك المساجد و المشاهد و المشاعر لا تعود ملكا بوجه من الوجوه و من الغريب جدا ما ذكره الاستاد (قده) من صحة جعل‏

89


منفعة الارض المستأجرة مائة سنة مثلا مسجدا و كذا جعل الارض مسجدا إلي مدة ثم تزول المسجدية مع ان من القواعد المسلمة انه لا وقف إلا في ملك و انه لا يصح وقف المنافع و ان الوقف يقتضي التأبيد هذا في الوقف و هو اهون من المسجدية التي هي تحرير مؤبد، و اغرب من ذلك تصريحه بجواز بيع المسجد في صورة خرابه او عروض مانع من الصلوة فيه و إذا غصبه غاصب لا يمكن انتزاعه منه و انه يجوز اخراجه عن المسجدية لو غلب عليه الكفار فيباع صونا لحرمته إلي آخر ما أفاد أعلي الله مقامه و كل هذا مخالف للقواعد المسلمة التي تكاد تكون من اصول المذهب و خلاف ما هو المعلوم من طريقة الشرع ضرورة ان كفران النعم، طغيان الامم و تمرد الناس عن احكام الشرع الشريف و الدين الحنيف، لا يغير الاحكام الكلية و النواميس الثابتة الابدية هذا إلي الاجماعات المحصلة فضلا عن المنقولة علي عدم جواز بيع المساجد و عدم زوال المسجدية ابدا نعم يمكن في تلك الفروض النادرة و امثالها مراجعة حاكم الشرع الذي هو الولي العام لتخريج صورة يطبقها علي القواعد من دون الخروج عليها و الاصطدام بها و الله العالم الحاكم و به المستعان.
الاوصاف كشروط في الموقوف عليه و عناوين يزول الوقف بزوالهما كما لو قال وقفته علي اولادي الفقراء او العلماء اما الافعال فإن جعلها اوصافا فهي كذلك ولو جعلها شروطا كانت الزاما فلو قال علي اولادي المصلين فتارك الصلوة خارج ولو

90


قال بشرط ان يصلوا فالتارك عاص لله عز شأنه و للواقف ولكنه غير خارج عن الوقف.
إذا جهل مصرف الوقف فإن كان مرددا بين اطراف محصورة فاما التوزيع علي نحو الصلح القهري او القرعة و مع عدم الانحصار يجري عليه حكم مجهول المالك من التصدق بغلته مع مراجعة الحاكم علي الاصح؛ اما لو علم المصرف و تعذر صرفه فيه فإن كان وقفا خاصا و التعذر من جهة انقراض الموقوف عليه و كان الوقف علي من ينقرض غالبا بطل الوقف و رجعت العين إلي الواقف او إلي ورثته و ان كان علي من لا ينقرض عادة فاتفق الانقراض او كان وقفا علي الجهات العامة صرفت غلته في وجوه البر بنظر الحاكم ايضا.
إذا آجر المتولي الوقف لمصلحة العين الموقوفة مدة طويلة و مات اهل الطبقة الاولي لم يكن للثانية فسخها بل و لا لمن بعدها؛ اما لو آجرها هو او الطبقة المتقدمة لفائدتهم ثم ماتوا لم تنفذ في بقية المدة و لا يقاس هذا علي مالك العين لو آجرها مدة طويلة و مات في اثنائها نعم تنفذ مع الاجازة و تبطل بالرد و يرجع المستأجر علي ورثة البطن الموجر بالنسبة و تقدير اهل الخبرة.

في عدم جواز بيع الوقف و صور الاستثناء


من المعلوم ان اظهر خواص الوقف و اهم احكامه‏

91


عدم جواز انتقاله بوجه من الوجوه و باي سبب من الاسباب العادية و لا يباع و لا يوهب و لا يرهن و لا يقسم ولكن ليس ذلك علي سبيل العلية التامة كما في المسجدية التي عرفت انها كالمشاعر مثل مني و عرفات و نظائرها و كل هذا تحرير من الخالق يوم خلق السموات و الارض او من المخلوق المالك و امضاه مالك الملك، و قد عرفت ان الحر لا يعود رقا ابدا، اما الواقف فعدم عوده ملكا علي نحو الاقتضاء اي له ذلك بحسب طبيعته و اقتضاء ذاته و لا مانع من عروض سبب اقوي فيرفع ذلك الاقتضاء و يرده إلي اصله من جواز الانتقال او القسمة او التبديل ولكن لا يجوز ذلك إلا بعد قيام الدليل القاطع و إلا فالاصل في جميع موارد الشك هو عدم صحة النقل و الانتقال في مطلق الوقف بخلاف الحبس بانواعه الثلاثة كما سبق و يأتي انشاء الله، و بالجملة فالوقف قيد للملك و قد تعرض امور ترفع ذلك القيد عنه فاللازم ذكر تلك الامور التي سطح فيها الدليل الثاقب من نص او اجماع، و هي امور تذكر ضمن المواد التالية:
خراب العين الموقوفة بحيث لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها كالدار الخربة التي لا يمكن سكناها و لا تعميرها و الحصير البالي و الحيوان المذبوح و امثال ذلك فإن امكن بيع البعض و تعمير الباقي به تعين و إلا فاللازم بيعها اجمع و حينئذ فان امكن ان يشتري بالثمن عينا ولو اقل من تلك العين و توقف علي نحو الوقف الاول تعين و إلا فإن كان خاصا وزع علي الموقوف و ان كان

92


عاما ففي وجوه البر.
«الثاني» سقوطها عن الانتفاع المعتد به بوجه لا يرجي عوده كما لو صارت البستان ارضا لا ينتفع بها منفعة يعتد بها بحيث لو بيعت و بدلت بعين اخري كان انفع او مثل منفعة البستان و جواز البيع هنا غير بعيد و ان كان خلاف المشهور، و اما قلة المنفعة فغير مسوغ للبيع عندهم اصلا.
«الثالث» اداء بقائه إلي خرابه علما عاديا او ظنا قريبا منه بحيث يصل إلي حال لا يمكن الانتفاع به أصلا او منفعة لا يعتد بها سواء كان للخلف بين اربابه او لسبب آخر فإن بقائه في هذه الصور مناف للغرض من بقائه فادلة المنع منصرفة عنها كل هذا مع العجز عن امكان تحصيل صورة لبقائه مع الانتفاع به من اجارته مدة لا يخشي عليه منها او بيع بعض و اصلاح الباقي به.
الرابع وقوع الخلف بين اربابه اختلافا لا يؤمن معه من تلف النفوس و الاموال مطلقا او تلف خصوص الوقف فيرجع إلي الاولي و (الضابطة) ان كل مورد يكون بقاء الوقف مستلزما لنقض الغرض من بقائه فاللازم الحكم بجواز بيعه كما في الصور المتقدمة و الحكم بصحة البيع في غير ذلك مشكل نعم هنا ثلاث صور لجواز البيع ولكنها من قبيل التخصص و الخروج الموضوعي لا التخصيص.
(الاولي) ما إذا اشترط الواقف في صيغة الوقف بقاء العنوان كما سبق ذكره فيما لو وقف البستان و اشترط أنها وقف مادامت

93


بستانا فانها بزوال هذا العنوان يزول الوقف من اصله و تعود ملكا و إذا باعها فقد باع ملكا لا وقفا و خرج موضوعا لا حكما.
(الثانية) إذا اشترط في صيغة الوقف ان له ان يبيعه عند قلة المنفعة او كثرة الخراج او عندما يكون بيعه اعود او عند حاجة الموقوف عليهم و قد يستدل له بحديث وقف اميرالمؤمنين عليه السلام ملكه في عين ينبع حيث يقول: و ان إراد الحسن ان يبيع نصيبا من المال ليقضي به الدين فيفعل ان شاء و لا حرج عليه و ان شاء جعله شروي الملك الي قوله: فإن باع فانه يقسم ثمنها ثلاثة اثلاث فيجعل ثلثا في سبيل الله و يجعل ثلثا في بني‏هاشم و عبدالمطلب و ثلثا في آل ابي‏طالب - و بقاعدة الوقوف علي ما يقفها اهلها. ولكن لا دلالة في شي‏ء منهما اما الحديث فلا ينبغي الريب في ان الامام عليه‏السلام لم يقصد الوقف و كيف يعقل اجتماع الوقف مع تجويز البيع للحسن متي شاء لا لحاجة و لا لضرورة بل تشهيا و كيفا و بالجملة فما تضمنه الحديث لا يقول به احد في الوقف و اقصي ما يقوله القائل هو جواز البيع عند الحاجة لا مطلقا و الحديث صريح فيما هو اوسع من ذلك فلا محيص من حمله علي ارادة الصدقة بالمعني العام لا الوقف بمعناه الخاص و منه يعلم الجواب عن قاعدة الوقف - فتدبره.
(الثالثة) ما لو اشتري حصة مشاعة من ملك فوقفها و شفع الشريك فيها فإن الوقف يبطل ولو جعلها مسجدا و قلنا بجوازه فلا شفعة و إذا وقع بيع الوقف فاللازم ان يشتري بثمنه المتولي ملكا و يوقف‏

94


علي نحو الوقف السابق و ذلك في الاربع الاولي اما لوزال الوقف كما في الصورتين الاخيرتين ففي الصورة الاولي و الثالثة ترجع ملكا للواقف او لورثته و في الثانية يكون حسب الشرط.
لا ريب ان تعمير الوقف مقدم علي حقوق الموقوف عليهم ولكن لودار الامر بين مراعاة البطن الموجود و مراعاة سائر البطون كما لو احتاج الوقف إلي التعمير و توقف علي ايجاره مدة طويلة فهل يقدم تعميره باجارته و حرمان البطن الموجود منها مراعاة للبطون اللاحقة او يترك تعميره و تدفع الاجرة للموجود مراعاة لحقه و جهان اصحهما تقديم التعمير حفظا للوقف الذي بقاؤه اهم من حق البطن الموجود و لا فرق في ذلك بين اشتراطه تقديم التعمير او عدم اشتراطه.
الاغراض و المقاصد قد تحور الالفاظ و الجمل عن مداليلها و قد توسعها و تضيقها مثلا لو وكله علي شراء الطعام و علم الوكيل ان ليس غرض الموكل إلا الربح و التجارة و ان شراء الطعام فيه خسارة فاحشة و ان الربح في شرء الغنم جاز له مخالفة نص الوكيل في شراء الطعام و ليس للموكل اعتراضه بعد معرفة القصد و الغرض و ثبوت ذلك، نعم لو لم يعلم الغرض لم يجز التعدي مثل هذا قد يأتي في الوقف فإذا علم ان غرض الواقف بقاء هذه العين لخصوصية فيها لكونها دار آبائه او كتابا اثريا يريد حفظه لم يجز بيعه إلا إذا كان بقاؤه يستوجب تعجيل تلفه اما لو علم ان ليس غرضه بقاء ذات هذه العين بل الغرض ماليتها و انتفاع الموقوف عليهم بمنافعها

95


و غلتها فلو قلت منفعة العين عما كانت عليه و كان بيعها اعود و انفع يمكن القول بجواز بيعها و استبدالها بالانفع و الاعود و لعل هذا وجه ما انفرد به الشيخ المفيد «قده» من جواز البيع لتبديله بما هو انفع و اصلح و هو وجيه و ربما يحمل عليه بعض الاخبار ولكن لا يصح هذا إلا بعد عرض القضية علي حاكم الشرع و أحاطته بالموضوع ثم حكمه بالجواز و العدم، و علي هذا يتفرع جواز وقف مالية الشي‏ء من حيث المالية لا من حيث العين ولكنه لو صح فليس هو من الوقف المصطلح و لا من الحبس المعروف بل هي معاملة اخري و نوع من الصدقة بمعناها العام يمكن دعوي شمول العمومات لها علي تأمل واضح.

في قسمة الوقف و ايجاره


إذا كان المال مشتركا بين الوقف و الملك جاز افراز الوقف عن الملك اتفاقا علي قواعد القسمة المقررة في بابها، اما قسمة نفس الوقف بين اربابه فالمشهور عدم الجواز مطلقا و استقوي السيد الاستاد (قده) الجواز مطلقا و فصل بعض فاجازها مع تعدد الواقف و الموقوف عليه كما لو اشترك اخوان في دار فوقف كل منهما حصته علي اولاده، و إذا نظرنا إلي طبيعة الوقف و الادلة لم نجد فيها ما يمنع القسمة مطلقا و الملاك الذي صح به قسمة الوقف عن الملك يجري

96


ايضا في قسمة الوقف بين اربابه، و دعوي انه خلاف وضع الواقف غير مفهومة و عهدتها علي مدعيها، نعم لو ظهر من الواقف او علم من حاله ارادة عدم تغييره او اشتراط بقائه علي هيئته اتجه المنع و حيث ان الغالب في الواقفين الرغبة في ذلك فالاحوط احتياطا لا يترك عدم القسمة إلا لمثل الاسباب الموجبة للبيع، و إذا استلزمت القسمة ردا فإن كان من الوقف لم يصح و ان كانت من الملك للوقف صحت و صار الملك وقفا و ان كان من مال الموقوف عليه فله ما يقابله.
لا يجوز ايجار الوقف مدة طويلة يخشي عليه من تغلب الايدي و ترتب اثر ملكية عليه، هذا مع الاطلاق ولو شرط الواقف ان لا يوجر اكثر من سنة او سنتين فآجر المتولي او المرتزقة اكثر من ذلك بطل الزائد و لا تجدي الحيلة بايجاره عقودا متعددة سنتين سنتين لانه خلاف غرض الواقف، و ان وافق لفظه و هو من جملة الشواهد علي ان الاغراض تقيد الالفاظ.

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID