يكشنبه 16 ارديبهشت 1403  
 
 
مؤتمر تعبئة القوى الروحية!

 المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون

 

  



الأحزاب السياسية

يقول الناشر: سمعت البعض يقول:

ما بال سماحة الامام يتدخل في السياسة وهو رجل ديني روحاني؟ فسألته عن هذا وعن رأيه في الأحزاب فأجاب دامت بركاته قائلاً: اما الأحزاب فحتى الآن لم يظهر منها الفائدة المتوخاة ولم تصل الى درجة من القوة تجلب الشعوب اليها حتى تقوم بأعمال جذرية في الاصلاح ولا أخص هذا في العراق بل في جميع البلاد العربية لم نجد منها الاعمال المجدية وذلك أما لعدم تضامنها وعدم تأييد بعضها لبعض او لغير ذلك من الاسباب، وعلى كل فنحن نتمنى لها التوفيق وان يمدها الله بروح من العناية عساها ان تأتي بعمل جدي ومجد.

أما التدخل في السياسة فان كان المعني بها هو الوعظ والإرشاد والنهي عن الفساد، والنصيحة للحاكمين بل لعامة العباد، والتحذير من الوقوع في حبائل الاستعمار والاستعباد، ووضع القيود والأغلال على البلاد وأبناء البلاد.

ان كانت السياسة هي هذه الأمور فأنا ( وأعوذ بالله من قولي أنا إلا في هذا المقام).

نعم أنا غارق فيها وهي من واجباتي وأراني مشغولاً عنها أمام الله والوجدان وهي من وظائفي ووظيفة آبائي الذين كانت لهم الزعامة الدينية منذ ثلاثة قرون أو أكثر لا في العراق (فحسب) بل في دنيا الإسلام كله وزهي النيابة العامة، والزعامة الكبرى، والخلافة الإلهية العظمى. (يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ). وفي بعض زيارات الأئمة الجامعة ( وأنتم ساسة العباد وأركان البلاد ).

فسياستنا هي سياسة النبي والأئمة سلام الله عليه وعليهم الخالية عن كل هوى وهوس وطمع ودنس. (وَلَا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ). واذا لم يتصد لها او يقوم بها آخرون فلعله معذور، ولتقصير او قصور.

واذا كان المعني بالسياسة: هو أحداث الفتن والثورات، والاضرابات والاضطرابات، للتوصل الى الحكم والجلوس على الكراسي الناعمة لمعاملة الناس بالخشونة والغطرسة والكبرياء واستغلال النفوذ للمنافع الذاتية والأطماع الدنية، والسمسرة للاجانب على البلاد وتسلطهم على الأمة ولو باراقة الدماء، ان كانت السياسة هذا وما اليه. فاني أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم. ( قل هل أنبأكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل ) وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كلمة ناعمة

اذا كانت الغاية (كما يقولون) تبرر الوساطة، خصوصاً في بعض الأحيان والأحوال. واذا كانت الأعمال بالنيات، والمبادئ تتبع الغايات. واذا كان الدين هو النصيحة، ولطمة الناصح (كما في أمثالهم) خير من قبلة الغاش. وان الساكت عن الحق شيطان أخرس. وان افضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر. وان الله قد أخذ على العلماء ان لا يقاروا على كضة ظالم ولا سغب مظلوم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ).

هذا من جهة ومن جهة أخرى. ان العرب والمسلمين قد صاروا بالحال الذي أنبأ وتنبأ عنه نبي الإسلام حيث يقول لأمته يوشك ان تتداعى عليكم الأمم كما يتداعى الجياع على القصاع. فقالوا: أمن قلة فينا يا سول الله. فقال: لا بل أنتم يومئذ كثيرون ولكن غثاء كغثاء السيل من اتباع الهوى واختلاف كلمتكم. ويشهد لهذا الإسلام عموما والعرب خصوصاً لا تزال منذ قرون تنهشها أفاعي الاستعمار وزاد عليها في هذا القرن عفاريت الصهيونية والشيوعية. وأحاطت بها من الخارج العفاريت الثلاثة الشيوعية، والصهيونية، والعفريت الأعظم ( الاستعمار ) العتيق والجديد، ومن الداخل اختلاف كلمتها وتضارب بعضها ببعض، وفساد اخلاقها الى حد بعيد.

اذن: فمن له أدنى وقوف على ما نحن فيه من هذه الظروف اذا نظر الى ما نفثته براعتي في هذه الصحائف، لا يشك ان ذلك لم ينبعث الا عن زفرة قلب مشتعل، وفورة بركان ملتهب يقذف الحمم جمراً، ويرمي باللهب قسراً.

زفرات حرية بأت تكون حرى، لا يستطاع امساكها ولا استدراكها، وكيف يستطيع الغيور، الصبر على هذه الأمور، وهو يرى بلاده نهباً مقسماً، للأعداء مغنماً، والمسلمون صاروا أذل من اليهود بل فريسة لهم. ومع هذا كله، فما أردنا ان نخدش عاطفة، او نمس كرامة او ننال أحداً بسوء.

نعم ان ما أردنا فيما أوردنا الا النصيحة. وما بعثنا عليه الا الاخلاص في أداء رسالتنا، والقيام بواجبنا، وخروجاً عن عهدة المسؤولية يوم الحساب كي لا يقال لماذا لم نأمر بالمعروف وأنت تعرفه ولم تنه عن المنكر وانت تبصره. وها أنا ذا قد وقفت على عتبة الثمانين، وأخذت أهبة الراحلين غداً او بعد غد ( وما أنا إلا هامة اليوم او غد ). وقد انهكت قواي الأيام والآلام،ولم يبق من متع حياتي إلا آلامي وأقلامي، عساني أنتفع بالأولى، وأنفع أمتي بالثانية.

واذا كان في البيان، بعض الأحيان، خشونة، او في المقال شدة، فان الاعمال بالنيات، والعبرة بالمقاصد، لا بظاهر الكلمات. ولعل هذه الكلمة الناعمة ترفع تلك الخشونة، وتلين بها تلك الشد. فما قصدنا إلا الخير. ولا أردنا إلا المجد والمنعة، والعلو والرفعة والنصيحة الخالصة، لا لبلادنا (العراق) فحسب، بل لما هو أوسع من سائر أوطاننا العربية المجاورات لنا، العزيزات علينا كالأردن والكويت والمملكة السعودية، وما اليها من لبنان وسوريا ومصر واليمن، بل وما بعدت المسافات ما بينا وبينهن وهي منا ونحن منها، ديناً ولغة وأخلاقاً وأعرافا ومحنة، كتونس والجزائر ومراكش وليبيا، بل وعامة الممالك الإسلامية التي تشاركنا في الدين كما تشاركنا في الابتلاء كإيران والأفغان والباكستان وإندونيسيا.

ولو ان هذه الشعوب والممالك خلصت لله نيتا، وأحكمت وحدتها ووحدت كلمتها، وسحقت الأطماع وسياسة الخداع ما بينها، عارفة حق اليقين، ان مصارع العقول، تحت بروق المطامع، وان الاتحاد قوة، والاجتماع ثروة.

لو انها صنعت ذلك عن جد وحقيقة، لجعل الله منها قوة هائلة تخضع لها جميع دول الدنيا كما خضعت للاسلام من قبل.

والدول الغربية عرفت ذلك حق المعرفة، فأخذت تعمل كل ما في إمكانها من التدابير، وأمعنت في الدول الإسلامية، والشعوب العربية تفريقاً وتمزيقاً، ووضعت الحدود والقيود، وفرقت بين المرأ وزوجه، والأخ وأخيه، والولد وأبيه، فكيف لا تفرق بين أمة وأمة، ودولة ودولة.

أما آن لهذه الحكومات والشعوب ان تستيقظ من رقدتها، وتنشر  من موتتها، وتتدارك أمرها، أما أيقنت وأذعنت ان هذا الاستعمار الأعمى الظالم، بل المجنون العارم، يستحيل التخلص منه الا بالاتحاد العميق، والاتفاق الوثيق، وان تكون تلك الدول كأجسام فيها روح واحدة. ولكل واحدة التمتع بوحدتها واستقلالها مع انضمامها الى أخواتها في سائر أحوالها، بهذا حياة هذه الشعوب والدول، والا فالى الهلاك مصيرها لا محالة. ولا أقل ان يحصل للدول العربية او لشعوبها الوعي الصحيح الذي يدفعها للعمل الجدي والمجدي الموصل للغاية المنشودة من حرية وتقدم واستقلال واتحاد وما ذلك على الله بعزيز.

(رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)

كلمة الناشر

كتب سماحة الامام دامت بركاته هذا الجواب الذي قد فاض به قلمه فابدع فيه بحقائق راهنة وأسرار عن الوضع العراقي كامنة وما تبيت له الدول الصديقة من البوار والتدمير والخداع السافر المكشوف من الدولتين الصديقتين أمريكا وإنكلترا وفضح (أيده الله ) تلك السياسة الغاشمة بأجلى بيان، وأوثق برهان.

نعم كتب كل ذلك على عادته من الرسل في الكتابة والخطابة من دون وقفة وأناة بل على جري القلم وعفو الخاطر وحضور البديهة مرتجلاً، بلا تحديد مراجعة في كتاب أو صحيفة او مقال مما يناسب هذه المواضيع التي تطرق اليها. ولذا ربما يفوته بعض ما يناسب المقام. مثلاً لم يذكر الأدلة التي تبرهن على سياسة حكومة أمريكاً العدوانية، وسعيها الحثيث لاشعال نار حرب عالمية، لاطماع واهداف وهمية وهي دحر الدول الشيوعية، والسيطرة على العالم.

ونحن لا ننكر ان الدول الشيوعية لها أهداف توسعية، ولكن المتابع لتصريحات زعماء الدول الشيوعية، يظهر له انهم لا يريدون الوصول الى غايتهم عن طريق إعلان حرب عالمية لما فيه من خطر عظيم على الانسانية، بل عن طريق الثورات الداخلية والتوسع التدريجي.

وعوضاً عن اتخاذ أمريكا أساليب مماثلة فتجلب اليها ود الشعوب وصداقتها بالمعاملة الحسنة والنية الصافية، تجدها تتفق مع الدول الاستعمارية القديمة في اتباع سياسة المكر والخداع البالية التي اصبحت سياسة غير مجدية أزاء يقظة الشعوب.

وتستعد في نفس الوقت لشن حرب عالمية عوضاً عن إصلاح الشؤون الداخلية للشعوب.

و إلى القارئ أهم الأدلة التي تثبت استعداد أمريكا لإعلان حرب عالمية.

التصريحات الكثيرة التي أدلى بها كبار رجال السياسة الأمريكية موضحين استعدادهم للحرب العالمية.

ومن هذه التصريحات، ما نقلته صحيفة الحياد العراقية، تصريح المستر دالز وزير الخارجية الأمريكية في السابع عشر من كانون الثاني سنة 1954م عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ( ان القرار القاعدي هو الاعتماد بصورة أولية على قابلية عظمى الانتقام في اللحظة والحال ).

وبعد ذلك وضح نائب رئيس الجمهورية المستر نيكسون هذه الخطة بقوله: ( اننا تبنينا مبدأ جديداً، فبدلا من ان نترك الشيوعيين يخزوننا وخزاً حتى نموت في طول العالم وعرضه بحروب صغيرة، فاننا سوف نعتمد في المستقبل على قوانا الانتقامية الهائلة الاجماعية المتحركة ).

وان كان المعنى الظاهري للانتقام هو الدفاع عند حصول اعتداء. ولكن المقصود الحقيقي هو الاستعداد لحرب عالمية، والانتقام من سياسة الدول الشيوعية ( آثار الحروب الصغيرة ) باعلان حرب عالمية.

سعي أمريكا لبعث العسكرية الألمانية واليابانية، والاهتمام بالأحلاف العسكرية في الشرق الأوسط والشرق الأقصى ولو كانت خطة أمريكا خطة دفاعية لتساهلت في حل المشكلة الألمانية لأن خطر بعث العسركية الألمانية على أمن العالم جلي لكل انسان حيث قامت بإعلان حربين عالميتين.

الاكثار من صنع القنابل الذرية والهيدروجينية وهي وسائل هجومية وليست وسائل للدفاع لأن وسائل الدفاع كما هو معلوم الملاجئ والطائرات المقاتلة والمدافع المضادة للطائرات والرادار وغيرها.

اتخاذها موقفاً صلبا إزاء المشاكل الدولية ولم تقدم خطوة واحدة لتخفيف التوتر الدولي.

ان سياسة أمريكا الخارجية بعيدة عن المنطق السليم، فهي سياسة ذات طرف واحد تلاحظ مصلحتها القومية بدون ان تلاحظ مصلحة الدول والشعوب الأخرى.

ومن الأدلة على ذلك عدم الاعتراف بحكومة الصين الجديدة وموقفها من المشكلة الألمانية. وموقفها من قضية فلسطين.

وتأييد الاستعمار الإنكليزي والفرنسي والهولندي وغير ذلك. أمريكا اعترفت بإسرائيل وتمدها بالمال والسلاح وتعتبرها حكومة شرعية، ولكن ما اعترفت بحكومة الصين الجديدة، لأنها جاءت عن طريق الحرب والثورة.

نعم نوافقها على ذلك، ولكن حكومة الصين لم تحتل أرضاً أجنبية لم تشرد سكان قطر آخر، واعترفت بإسرائيل الدولة التي صنعت كل المخالفات.

وعندما تعالج أمريكا موضوع الحرب والسلم تعالجه على أساس بعيد عن المنطق والواقع بل تعالجه حسب مصلحتها. فهي لا تنظر الى الظروف الاجتماعية والتاريخية المعقدة التي تنشأ فيها الحرب وتتجاهل وجود حرب عادلة، للدفاع عن النفس، او المطالبة بحق مغتصب او اصلاح اجتماعي، وتتنامى عن وجود حروب اعتدائية غاشمة. وكأن أمريكا نست حربها مع إنكلترا في سبيل الاستقلال.

وعندما يدعو ساسة دولة أمريكا الى السلم، يقصدون به السلام المطلق في كل مكان وكل زمان. ومعناه استسلام الدول لسياسة أمريكا وأهدافها الاقتصادية، ودوام الاستعمار والاستغلال والاستعباد، والظلم والاضطهاد، ولا يعم السلام المطلق الا عند ما تتحرر الشعوب ويتم العدل والانصاف ويزول الاستعمار والاستغلال.

نعم يدعو ساسة أمريكا دائماً الى السلم المسلح وليت شعري متى كان التسابق على التسلح في التاريخ طريقاً للسلم. ان التمادي في التسلح يؤدي حتما ال الحرب. ان روح المحبة والتعاون ولمسالمة ولمفاهمة، في المجتمع البشري، دائماً هي طريق الخير والسلم وازدهار المدينة والعلم.

كما أشرنا الى وجود حروب عادلة وحروب اعتدائية في التاريخ، لا تنكر عدالة التسلح لرد الاعتداء. ولكن لا نستطيع ان نحكم ان دولة أمريكا تريد التسلح للدفاع. بل القرائن تدل انها تريد التسلح للحرب والاعتداء كما مر.

وفي العصر الحاضر الذي نما فيه وعي الناس وعقولهم وأفكارهم بفضل تقدم العلوم الاجتماعية، في هذا العصر الذي تضخمت فيه وسائل الحرب الى النهاية العظمى ووصلت حد الخطر لذلك من الأفضل الآن للدول اتخاذ سبيل المحبة والأخاء، وترك الاعتداء. والواجب على الشعوب ان تجبر حكوماتها لقبول هذا السبيل الوحيد لانقاذ الانسانية من الاخطار المقبلة. ان جميع الشعوب في العالم الآن تكافح كفاحاً شديداً لا فتور فيه ولا كلل في سبيل السلم. ان الشعوب ضجت من الآلام والمآسي والمظالم في الحرب والسلم وتريد انهاءها.

ان الشعوب مؤمنة بقدرة العلم على خدمة الانسان اذا توجه الى تلك الجهة. ان الشعوب تريد الأموال الطائلة التي تصرف على السلاح ان تحول الى الغذاء والكساء والدواء والبناء والكتب والمختبرات والمدارس والمستشفيات.

نجد ساسة دولة أمريكا تارة يدعون الى السلام ويعنون السلام المطلق، وتارة يدعون الى السلم المسلح. ولكن أحياناً تضيق نفوسهم من الكتب فيكشفون عن نواياهم ويصرحون ان لا حياة لهم بدون الرب وان الحرب الثالثة واقعة فعلاً في كوريا وفي الهند الصينية والأصح ان يقولوا انها واقعة فعلا في كل مكان من العالم، في كل مدينة وفي كل قرية من قراه، وفي كل مزرعة، وفي كل بيت من بيوته، الكل يصيبهم شرر من الحرب الحارة في كوريا والهند الصينية، وضرر من الحرب الباردة الموجودة في كل أصقع العالم([1]).

هذه سياسة حكومة أمريكا الخارجية، اما سياستها الداخلية فانها قد تركت المجال لعدد قليل من الشركات الكبرى لا تتجاوز المائة، تتحكم في حياة البلاد الاقتصادية، وغضت النظر كما مر عن اضطهاد الزنوج، وتهاونت في حفظ الأمن وسلامة أموال الناس وأرواحهم وأعراضهم.

فقد ذكرت بعض المصادر الموثوقة (ان مليوني حادثة انتهاك عرض فتاة وامرأة تحدث سنوياً في شوارع أمريكا غير المضاءة إضاءة حسنة).

((وتدل الإحصائيات الرسمية لعام 1952م ان 7210 أشخاص قتلوا و58140 سرقوا)).

ونلفت نظر القارئ الى ان سماحة الامام دامت إفاضاته لم يقصد من طعنه في سياسة دولة أمريكا، بث روح العداء لها بل لعله يقدر ما لها من ثقافة وصناعة وغيرها.

ولكن الغرض من ذلك حث الشعوب العربية والإسلامية والهند المحايدة لمقاومة تلك السياسة، فتضطر أمريكا أخيراً لتغيير سياستها، واتباع سياسة صحيحة تستهدف التعاون والتقارب مع جمع دول العالم وحفظ استقلالها، لأن ذلك أجدى في مكافحة الشيوعية.

وبالختام نسأل الله للشعوب الخير والهدى والسعادة.

وكان قد وردت بعد ذلك الكتاب برقية مسجلة جوابية من نيويورك من صاحب الكتاب المتقدم اليك ترجمة نصها:

شيخ. محمد الغطاء . النجف – بغداد.

اشارة الى دعوتكم في 15 مارس للاجتماع الديني في لبنان نرجو باحترام الاجابة برقياً عن عزمكم.

من نيويورك :            هوبكنز

 الجواب:- لا نستطيع الحضور. بالأسف. نشكركم.

                               كاشف الغطاء

احتجاج سماحة الامام كاشف الغطاء

الى رئيس حكومة الباكستان على قبول المساعدات العسكرية الأمريكية

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة رئيس وزراء الباكستان الأستاذ محمد علي دام عزه.

بعد السلام عليكم والدعاء لكم بالخير والسلامة والتوفيق والكرامة نبدي لمقامكم ان الدولة الباكستانية المحترمة هي دولة إسلامية وباسم الإسلام نشأت وتكونت فهي أحق الدول الإسلامية بأن ترعى وتراعي الشؤون الإسلامية والشعائر الدينية. والل سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: ((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)). ولا شك ولا اشكال في ان دولة أمريكا قد حادت الله ورسوله وحادت عن جادت العدل والإنصاف بالظلم والاعتساف على خصوص العرب وعموم المسلمين وغصبت منهم فلسطين وأعطتها لليهود ولا تزال تمدهم وتساعدهم بالسلاح والعتاد والأموال فلا يليق ولا يناسب من مثل دولتكم المسلمة ان ترتبط بدولة أمريكا بمعاهدات وخصوصاً معاهدات عسكرية. فان هؤلاء القوم رؤوس الاستعمار الموجب للبوار والدمار، وادخال الخزي والعار. فنحن نعيذكم بالله من مخالفة جمهور المسلمين والله يحفظكم ويرعاكم بدعاء.

20 ج 1 – 1373

محمد الحسين آل كاشف الغطاء

مؤتمر الثقافة الإسلامية وعلاقتها بالعالم المعاصر في جامعة برنستون

في حلال شهر آيار سنة 1953 ميلادية قدم الى العراق الدكتور فيليب حتى المؤرخ العربي الأستاذ في جامعة برنستون موفداً من الجامعة وسلم الى سماحة الامام كاشف الغطاء رسالة من الدكتور بيارد ضودج يدعوه الى حضور مؤتمر الثقافة الإسلامية وعلاقتها بالعالم المعاصر يعقد من 8 – 17 أيلول 1953 في جامعة برنستون وفي مكتبة الكونغرس في واشنطن من 17-19 أيلول. فاعتذر من الاستاذ حتى عن الحضور. كما اعتذر عن الحضور في هذا المؤتمر.

صدى الكتاب في العالم العربي والإسلامي

لقد قابل جمهور الشعب في البلاد العربية والإسلامية، والزعاء المخلصون الكتاب بارتياح عظيم، واعتبره الناس معبراً عن شعورهم وآلامهم، وممثلاً لآرائهم ومصالحهم.

وقد نوه عن الكتاب عدد كبير من الصحف العراقية واللبنانية بما يستحقه من الإطراء منها: الاستقلال وصوت الأهالي والأخبار والزمان والشعب والحساب والوادي في العراق. والعرفان والهدف والتلغراف وبيوت المساء والصرخة في لبنان.

ووردت الى سماحة الامام تحارير كثيرة وبرقيات يبدي أصحابها سرورهم لصدور الكتاب واستحسانهم موقف سماحته المشرف من المستعمرين، واعجابهم ببلاغة بيان سماحته، وأصالة وإصابة الآراء التي أبداها سماحته بصراحة ووضوح.

ونقدم الى القارئ بعض تقاريظ الصحف ونصوص بعض الرسائل الواردة. سوف ننشر البعض الآخر في المستقبل.

في هذا الواقع المرير الذي تتخبط فيه البلاد العربية بعد ضياع فلسطين، توسعت هوة الاستعمار وصارت كل دولة تحاول شراء الضمائر الرخيصة لتستعمر بلادنا بالطرق الخفية.

وحلت أمريكا بعد إنكلترا في هذا المضمار. فعدا محاولاتها الاستعمارية العديدة من سياسية واقتصادية لجأت الآن لاى استعمار جديد فدعت فريقاً من رجال الدين من مسيحيين ومسلمين ال مؤتر عقد في (بحمدون) من أجل بحث القيم الروحية الموحدة بين الديانتين وطرق مجابهة الشيوعية. وقد تلقى سماحة الامام كائف الغطاء دعوة لحضور هذا المؤتمر غير انه اعتذر وفصل اسباب ذلك في كتاب ما لبث ان اخرجته المطبعة حتى انتشر في الالم العربي انتشاراً كبيراً للجرأة والصراحة ومجابهة الواقع التي تظهر ن قراءة هذا الكتاب.

ومهما بالغ الكاتب في إطراء كتابة الامام كاشف الغطاء فان القلم ليعجز عن ايفاء ما امتاز به رده اذ جاء مفصحاً لا يقبل زيادة لمستزيد ووضع النقاط على الحروف بفضحه أسرار المستعمرين وأساليبهم الخداعة.

وخوفاً من ان أضيع وقت القارئ فاني أضع أمامه بعض ما جاء في الكتاب من الحقائق الراهنة.

مؤتمر تعبئة القوى الروحية!

وجه رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط الأمريكية دعوة لعقد مؤتمر في (بحمدون) في الثامن والعشرين من هذا الشهر، يحضره خمسة وعشرون من رجال الدين المسلمين ومثله من المسيحيين، وذلك للبحث – كما قيل – في تعبئة القوى الروحية في العالم ضد ((العرفان)) لصاحبها الاستا أحمد عارف الزبن. العدد 7 أيار 1954.

القوى المادية المنبعثة من روسيا! أو كما ورد في الكتاب الذي وجهه نائب رئيس جمعية أدقاء الشرق الأوسط الى المدعويين: ((البحث في النواحي الروحية والقيم المثلى التي وردت في تعاليم الدين وتبيان عقم الفلسفة المادية الفانية))! هذا وقد جاء في هذا الكتاب أيضاً ((ان للديانتين الإسلامية والمسيحية أهداف واحدة.. كما ان لهما أعداء مشتركة، ومن بينها المغريات الدنيوية، والأغراض المادية، ثم الشيوعية))!! ثم يروح الكتاب يتحدث عن القيم الروحية في الديانتين، والطرق العملية لنقل هذه القيم الى الجيل الحديث! ويرشد الى ثلاثة من (أصدقاء)! هذه (الجمعية)! للاستفسار، وهم السادة: الدكتور محمد فاضل الجمالي، وعبد الله بكر، وموسى الشابندر! وأخيراً يعرب الكتاب عن استعداد الجمعية (لتغطية النفقات)!

لقد كان الرد الذي وضعه سماحة العلامة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، والذي ضمنه في كراس يقع في (61) صفحة لطمة عنيفة لهذا المؤتمر، وللداعين له، ولمؤيديه ولجمعية الشرق الأوسط وأصدقائها وجواسيسها.. لقد كان في الحق رداً رهيباً مخرساً لا يجادل ولا يجارى.

فمتى كان للأمريكان وأصدقائهم الإنكليز، قيم روحية ومثل عليا؟! ولماذا هذا الحرص على تعاليم الدين، ونحن تعلم عن تجربة مرة المذاق، ان ليس للاستعمار بين الأمريكان والإنكليز دين ولا ذمة؟!

ولماذا هذا التزهيد في (المغريات الدنيوية)!و(الأغراض المادية)! ونحن أعلم الناس بجشع وشره هؤلاء الأمريكان والإنكليز المتباكين على الدين والمتشبثين عبثاً: بقيم الدين وتعاليم الدين!

لئن كان الأمريكان والإنكليز زاهدين حقاً في (المغريات الدنيوية) و(الأغراض المادية) فلماذا ينهبون نفطنا وتمورنا وحاصلاتنا وأقواتنا؟؟! لماذا يقتلون عمالنا في شركاتهم النفطية عندما يطالبونهم بزيادة أجورهم لبضع فلوس؟! لماذا يفرقون إضراباتهم بالدم، ويطردونهم جملة وأفراداً ويعرضونهم في عقر دارهم الى التشرد والجوع والشقاء؟! لماذا هؤلاء الأمريكان والإنكليز (الزاهدين في الدنيا) يغزون بلادنا وغير بلادنا ببضائعهم وشركاتهم وبنوكهم ورؤوس أموالهم، وأخيراً بجيوشهم وطائراتهم ودباباتهم، ودسائسهم ومؤامراتهم وجواسيسهم وخبرائهم وشرورهم وآثامهم!؟

انهم يفعلون ذلك لأنهم بطبيعة الحال (أصحاب قيم روحية ومثل عليا) لأنهم (متمسكون بتعاليم الدين)! لأنهم زاهدون في هذه الدنيا الزائلة الفانية بمغرياتها!

انها لأعجوبة الزمان ان تنقلب ((الضواري)) الى ((حملان))! وان تتحول المستعمرات بين عشية وضحاها الى صوامع للعبادة وأديرة لرهبان الشركات الإحتكارية ودراويش الاستعمار!

((الوادي)) للاستاذ خالد الدرة، العدد 7 السبت 1 مايس 1954.

المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون

صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب الرائع الذي ألفه سماحة الامام المصلح الكبير محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وتمتاز هذه الطبعة عن سابقتها باضافة مواضيع جديدة خطيرة نلفت اليها الانتباه كموضوع الإسلام والسلام وموضوع مؤتمر بحمدون وكيف تحل مشكلة فلسطين، وطاعة الرغبة أبقى من طاعة الرهبة والنصح والإرشاد لدفع الشر والفساد: كما تضمنت كملة الناشر كلمة عن الحرب والسلم ويلاحظ من هذه الأبحاث ان هذا الكتاب من الكتب النفيسة التي تستحق الدراسة.

ان من يطالع هذا الكتاب يحس بتدفق دماء الشباب المصلحين والغيرة الوطنية الصادقة، حتى ان هذا الشيخ الجليل ذكرنا بأسلوب مجلتنا (الوادي) في شبابها بل وأعاد الى أنفسنا الحنين الى ذلك الأسلوب الجرئ في محاربة المستعمرين وأذنابهم.

ان تأليف مثل هذا الكتاب من قبل العلامة كاشف الغطاء ليبعث الأمل الى النفوس بأن الكرامة الوطنية لها ركائز باقية فوق تربة الوطن، وان روح جمال الدين الأفغاني لم يمح أثرها من عقول بعض رجال الدين، وان الوطنية يمكن بعثها شاملة ما دام أمثال العلامة كاشف الغطاء يمسك بمشعلها ليحرق به الاستعمار وأوكار المستعمرين والخونة والمارقين.

(الوادي) للاستاذ خالد الدرة. العدد 10 السبت 15 ما يس 1954.

المثل العليا في الإسلام لافي بحمدون

من بشائر نمو الفكرة القيادية ودلائل مقت الاستعمار الغربي ومقاومة مظالمه في البلاد العربية والإسلامية ان يلقى هذا الرواج كتاب (المثل العليا في الإسلام لافي بحمدون) الذي وضعه سماحة الامام المصلح الكبير الحجة محمد الحسين آل كاشف الغطاء رداً على الدعوة التي تلقاها من نائب رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك الرد المفعم بالحقائق والوقائع والبراهين والذي فضح فيه جرائم الاستعمار الأنكلو أمريكي، وهتك ستر هذا المؤتمر الاستعماري وما فيه من أحاييل لاصطياد عقول المسلمين فقد نفذ هذا الكتاب القيم خلال بضعة أيام وأعيد طبعه مرة ثانية بزيادات كثيرة جداً استوفى الموضوع من جوانب أخرى ذات أهمية بالغة، ولاشك ان نصيب هذه الطبعة سيكون النفاد السريع لخطورة الأبحاث التي عالجها سماحة الامام المصلح، بروح يتجلى فيها الصدق والاخلاص والحماس.

فنحن لا يسعنا إلا حث القراء على اقتناء هذا الكتاب لتنوير أذهانهم ومعرفة المكايد الاستعمارية وأعمال الدول الغربية الجائرة.

((الحياد)) للاستاذ صادق البصام. العدد 126 تاريخ 24 مايس 1954.

الهيئة العربية العليا لفلسطين

             القاهرة

التاريخ 22 رمضان 1373

        25 مايو 1954

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة الكريم الفاضل الشيخ شريف كاشف الغطاء حفظه الله تعالى.

النجف الأشرف – العراق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد حمل الي البريد هدية قيمة من مكتبة حضرة صاحب السماحة الأخ الأجل العلامة حجة الإسلام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء حفظه الله وأدام النفع به. وهي رد سماحته البليغ على دعوة مستر غارلند ايفانز هوبكنز لعقد مؤتمر في (بحمدون).

وقد قرأت بكل عناية رسالة سماحته وتتبعت أجوبته السديدة المحكمة ومناقشته الهادئة القوية لموضوع دعوة هوبكنز التي حاول الأجانب ان يموهوا بها على المسلمين ويتخذوا من اجتماع بحمدون وسيلة لتحقيثق أهوائهم وأغراضهم وقد كان رفض سماحته الدعوة وتصديه للرد على القائمين بها بما ينير الأذهان ويجلو الشكوك والريب وتقديره للحقيقة الناصعة والآية الساطعة وهي ان المثل العليا هي دائماً وأبداً في الإسلام دين الله القويم وصراطه المستقيم – قد كان عملاً عظيماً صاحبته التوفيقات الربانية والنفحات السماوية العلوية. وإني اذ أشكركم خالص الشكر على اتحافي بهذه الرسالة القيمة أرجو ان تتفضلوا بابلاغ أذكى سلامي وعميق شكري وعظيم احترامي لسماحة مولانا الأخ الجليل حجة الإسلام. وأختم كلمتي بالدعاء الى الله عز وجل ان يشمله بعنايته ويتولاه بكريم فضله ورعايته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مفتي فلسطين

محمد أمين الحسيني

ديوان رئيس الجمهورية

        986

الى السيد محمد الصلوات مدير مكتبة سماحة الامام كاشف الغطاء العامة. في النجف الأشرف بالعراق.

تحية طيبة :

وبعد لقد وصلتنا النسخة التي تفضلتم بإهدائها للسيد اللواء أركان الحرب محمد نجيب رئيس الجمهورية من كتاب (المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون) بقلم سماحة الامام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء دامت بركاته. ولقد رفعنا هذه النسخة الى سيادة الرئيس فنالت لديه حسن القبول، واني اذ ابلغكم شكر سيادته وأطيب تمنياته مع بالغ تقديره لآراء سماحة الامام كاشف الغطاء أرجو التفضل بقبول أسمى تحياتي.   قائمقام. أ . ح

11 ما يو 1954                               حسن كامل

                                        مدير مكتب رئيس الجمهورية

1/5/1954 الشامية

سماحة العلامة الكبير محمد الحسين آل كاشف الغطاء المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، فقد يدهشكم هذا الاسم الغريب الذي لم ترتبطكم به سابق معرفة، ولكن لا بأس، قليلاً من وقتكم الثمين، لمطالعة هذه السطور التي أجبرت على كتابتها أثر قراءتي لكتابكم القيم: ((المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون)) ولا أكتمكم الحقيقة، فقد وجدتني أهتف خلال مطالعتي إياه وبصوت مسموع: ((مرحى مرحى)) ولم أكن أعلم اني جالس في مقهى ، وان عيوناً مجرمة تراقبني وتحصي حتى الزفرات المخلصة لكل شخص شريف.

سيدي:

كتابكم هذا سيف بتار أشهر في وجه الطغيان، فعلام كان مغمداً من قبل، تمنيت من صميم قلبي، لو خضتم المعركة مع آلاف المجاهدين من أبناء هذا الشعب الذي يجرع الظلم والاستهتار كؤوساً مرة.

تمنيت لو ان علماء الدين عملوا بقوله (ص) : ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، ومن لم يستطع فبلسانه)) أليس علماء الدين خلفاء الأنبياء وحاملوا علم الجهاد من بعدهم؟؟. لقد حارب الأنبياء والمرسلون بكل قواهم: وخاضوا المعارك بأنفسهم فأدميت أجسامهم الطاهرة وشجت جباههم بسهام الطغاة، وسفهت دعواتهم ووصموا بكل شيء مقذع من الأقاويل الباطلة، ولكنهم كانوا أقوى من الاعصار وأمضى من الأقدار، وساروا يحدوهم الحق ويدفعهم صالح الجميع الى حيث شيدوا بأيديهم الطاهرة بناء راسخاً وطيداً.

مولاي :

أنتم وزملاؤكم من العلماء الأبرار، كان عليكم ان تخوضوها بكل قواكم فأما الى موتة مشرفة، واما الى حياة كريمة. وأؤكد لسماحتكم، ان ملايين من الناس الطيبين من عامة الشعب، من بسطائه، عمالاً وفلاحين وكسبة ومثقفين، ان ملايين من ؤلاء ستشد أزركم، وتندفع من ورائكم لا يوقفها سوط الظلم مهما يكن قاسياً.

وعلى كل حال، وبعد خروج كتابكم هذا الى حَّيز الوجود وجدته شيئاً قيماً جداً يستحق الاكبار والتعظيم ويشهد الله اني اشتريت عدة نسخ من جيبي الخاص لأوزعها على الناس المتلهفين، كما توزع أرغفة الخبز على الجياع.

سيدي:

تمنيت لو كان عندي غير كلمات الاطراء والثناء، لأجازي فضلكم فقد الهبتم عواطفكم الشريفة، في سبيل إضاءة الطريق، طريق إعلاء كلمة الحق، التي أصبحت في بلادنا مسكينة مضطهدة فمن قال الحق كان من المغضوب عليهم، ومن تكلم العكس ربت على كتفه، ذلك ما شاهدته بعيني، وخبرته بنفسي، الا ان الله تعالى وهب ولا يزال يهب، عقولاً جبارة همماً قوية، تحارب الطغيان وترفع البشر من حضيضه الذي يعيش فيه الى مقام أسمى، فالتاريخ يذكرنا بأن أعناق الظالمين قد دقت، وان بروجهم قد دكت، مما يجعلنا نزداد إيماناً ونتعظ، وننفض عنا غبار القنوط، ونتحرك لا بأرجلنا فقط واما بأفكارنا وعواطفنا.

سيدي:

لقد بلغت القمة بكتابك، وقد احتللت من نفوس الناس خير مكان، ان آراءك التي بينتها وأقوالك التي رددتها قد فتت الصخر وأذابت الحديد ووهبت الجماد روحاً، ولئن كان الفيضان في حدة هذه السنة قد شرد آلاف الناس، فان سيلك قد أنعش آلاف الأرواح التي عانت الأمرين من السكوت عن الحق والتغاضي عن المنكر.

وختاماً اليكم تحياتي العطرة، واحتراماتي العظيمة، راجياً من الله انه يجعلكم سنداً للخير ولساناً للحق ونوراً يستضاء به والله من وراء القصد، والسلام عليكم.                        أحد الأدباء

بغداد في 13/5/1954

سماحة الامام المصلح الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء دامت بركاته.

بعد تقبيل أياديكم الكريمة.

أرجو أن تكونوا في صحة جيدة وبعد فقد وقفت على رسالتكم السامي المسماة بـ((المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون)) فأكبرت ما رأيت فيها من روح ثائرة ووطنية صادقة وإخلاص عميق يتجلى واضحاً في هذه الحملات العنيفة على الاستعمار الأنكلو أمريكي وعلى أذنابه.

ولست أستكثر هذا من سماحتكم. فقد كنتم ولا تزالون اليد العاملة واللسان الناطق والفكر المدبر ليس للعراق وحده بل للعالم الإسلامي من أقصاه الى أقصاه.

وقد لاقت الرسالة ما تستحقه من إكبار الناس الناس وإعجابهم في العاصمة وسائر المدن الأخرى. وكلي رجاء ان تكون هذه الرسالة فاتحة رسائل أخرى من هذا الطراز العالي الباني الموجه. وكلي رجاء كذلك ان تكون رعايتكم شاملة لشباب الجيل الطالع المنادي بالسلام والمنفد لكل حركة استعمارية يراد منها ربط العراق بالعجلة الزاحفة عجلة الاستعمار البغيض.

ويسرني جداً ان يكون في كتابي هذا ما يتناسب ومقامكم السامي وتفضلوا بقبول تهاني القبيلة الخالصة.

وأقبل أيديكم الكريمة ثانية سيدي.

المخلص

السيد طالب الحيدري

الكويت في 26/4/1954 حضرة صاحب السماحة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء المحترم.

تحية وبعد:

لقد كان لموقفكم المشرف من المؤتمر الذي دعي لحضوره رجال الدين في البلدان العربية والذي تقرر عقده في بحمدون بلبنان. كان لموقفكم من هذه الحلقة من سلسلة المؤتمرات الاستعمارية الأمريكية في بلداننا أكبر الأثر وأعظمه في نفوسنا، ونفوس جميع الشرفاء المحبين للسلم عندنا.

لقد قمتم على أثر توجيه الدعوة لكم من قبل أصحابها الأمريكان بفضح نوايا المشرفين والموجهين لهذا المؤتمر. أولئك الذين يحاولون عبثاً تنصيب أنفسهم حماة للأديان السماوية في الوقت الذ تدل أعمالهم على عكس ما نادت به هذه الأديان، فعبثاً يحاول ايزنهاور وأتباعه مصاصوا دما الأطفال الأبرياء في كوريا ان ينجحوا في خدع الشعوب بتمويه حقيقتهم.

لقد عبرتم بموقفكم هذا عن رغبة شعوبنا الربية في التحرر والخلاص من شباك المستعمرين ومؤامراتهم. مهما اجتهد هؤلاء في اخفاء حقيقتها وإظهارها بالمظهر البريء.

فنحن اذ نحيي ونؤيد سماحتكم باسم أنصار السلم في الكويت نحيي دفاعكم المجيد عن منزلة الأديان السماوية المنادية بالعدالة والسلم، ونؤيد صلابتكم في تنزيه الأديان عن ان تكون وسيلة لذوي النوايا والأغراض السيئة. كما نهيب برجال الدين ان يكونوا على رأس جبهة النضال في سبيل السلم والتحرر الوطني. والسلام عليكم ورحمة الله.

عن اللجنة الوطنية

لأنصار السلم في الكويت

صدى الكتاب في لبنان

كان سماحة الامام قد أرسل حين انعقاد المؤتمر في بحمدون أحد فضلاء النجف لتوزيع نسخ من الكتاب على أعضاء المؤتمر وبعض الشخصيات اللبنانية وبعد ان قام يواجه أرسل الكتاب التالي الى سماحته آثرنا نشره لأهميته.

سيدنا ومولانا حجة الإسلام سماحة الامام كاشف الغطاء دامت بركاته.

ألثم أناملكم الكريمة الطاهرة، والتمس أبر أدعيتكم ورضاكم.

يوم سعيد نلت فيه السمو والرفعة، يوم تيسر لي ان أحظى بكريم عطفكم وفاضل عنايتكم وسامي ثقتكم الغالية بان وليتموني شرف المساهمة في نشر رسالتكم العالمية التي أخرجتموها بعد جهد، وبعد الشعور بالمسؤولية امام الله تعالى، وأمام هذا الشعب العربي الذي أصبح في وضع لا يحسد عليه، وقد فسدت ضمائر ساسته، ومتقلدي زمام أمره. واما التاريخ الذي سجل لكم حياة ناصعة،غنية بالجهاد المقدس، والنضال الشريف في سبيل الإسلام وأهله،والذي ينتظر ان يسجل لكم صفحات خالدة من المآثر الزاكية، والخدمات الجلى، والتوجيهات السامية، والأعمال الموفقة لخير الانسانية المعذبة، وتلبية لنداء الواجب الديني، ووحي الرسالة البشرية الملقاة على عاتقكم (والله يعلم حيث يجعل رسالته).

سيدي: بعد التشرف بزيارة العتباات المقدسة في كربلاء وبعد مقابلتكم الموجزة التي انتهت بتوديعكم، بعد التزود من فيض روحانيتكم المشرقة، وأخلاقكم السامية، ونور ابتسامتكم التي أوحت لي العزم والثبات، وارشاداتكم القويمة، وتوجيهاتكم الحكيمة المرفقة بالدعاء والرضا.

وفي مساء 23-4-1954 كنت في طريقي الى بيروت حيث دخلتها بتاريخ 24-4-1954 في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً وما كانت هذه السرعة الا للوصول في الموعد المفيد لنشر رسالتكم، وفكرة الانتباه الى ما يرمي اليه دعاة المؤتمر من التضليل، واستغلال بساطة رجال الدين، وايمانهم الطاهر، للزج بهم في أتون هذه الحرب الباردة العالمية، والسياسية الاستعمارية المجرمة من كلا الطرفين الشرقي والغربي، باسم الدين، وقيمه الروحية، ومثله العليا، ثم الاستفادة من القرارات التي سيتمخض عنها المؤتمر بصورة فتوى دينية لمحاربة القوى المادية الهدامة.

هذه القرارات التي ستتحول بفضل تحريراتهم وتأويلاتهم، ودعواتهم العمل بروح النص الى فتوى صريحة لضرب الحركات التحريرية في العالم الإسلامي. ومحاربة كل فكرة وطنية تهدف الى الخلاص من الاستعمار، وبناء كيان دولة وطنية مستقلة. والغاية من هذه الفتوى اضفاء الصفة الشرعية باسم الدين على أعمالهم الاجرامية من سجن ونفي وقتل الوطنيين الأحرار في كل قطر إسلامي.

وبعد ساعة واحدة من وصولي تيسر لي الاجتماع ببعض قادة الحركة الفكرية في لبنان على اختلاف مذاهبهم الدينية وميولهم السياسية،. وقد كان للصدفة الفضل في تيسير هذا الاجتماع. وقد وفقت في عرض وجهة نظر سماحتكم قبل توزيع الكراس. وفي ختام الأحاديث وتبادل وجهات النظر يحضور العلامة العلايلي الذي وصل متأخراً، والدكتور سهيل إدريس. اطلعتهم على رسالتكم التي جاءت في كراس جواباً صريحاً فاضحاً لنوايا دعاة المؤتمر وأمثاله من المؤتمرات باسم الدين والقيم الروحية.

فكانت مفاجئة قوية ذات أثر فعال. هلل لها الحاضرون وباركوا هذا النتاج. وفي مساء ذلك اليوم كانت عدة نسخ منه بين يدي اثنى عشر عضواً. أخذ كل واحد منهم زاوية هادئة ليقرأ ما تضمنه هذا الكراس من حقائق فاضحة، وأبحاث واقعية، وتوجيهات متسقة بحيث كانت صفعة أليمة مُني بها المؤتمر، وكل من القائمين به والمؤيدين له، والساهرين عليه. مما أضطر هيئة الادارة الى تحويل جلسات المؤتمر العلنية الى جلسات سرية لا يجوز لأحد دخولها الا باذن خاص. ولمن كان صريحا في اخلاصه وحبه لفكرتهم.

وفي بيروت تناقلته الأيدي بعد ان وضعت تحت تصرفها عدة نسخ، أهدي القسم الأكبر منا الى قادة الحركة الفكرية والسياسية ولرؤساء الأحزاب والشخصيات اللبنانية، والعلماء الاعلام ورجال الدين.

بعد مضي ثلاثة أيام على وصولي النبطية. ذهبت الى بيروت بغية الوقوف على مدى الأثر الذي تركه هذا الكراس، الذي ظهرت نتائجه وفعاليته بين أعضاء المؤتمر أنفسهم. حيث انسحب عضوان بارزان من المشتركين فيه. وهما سعيد رمضان رئيس الأخوان المسلمين في القدس، والشيخ مصطفى السباعي الذي عقد مؤتمراً صحفياً في المجلس النيابي اللبناني تحدث فيه عن هذا المؤتمر وغاياته وأهدافه الذي كشف عنها الستار بقوله: ((كانت غاية المؤتمر انشاء جبهة لمكافحة معسكر معاد للدول الغربية، مما اضطرنا الى السعي بقوة للحيلولة دون توجيه المؤتمر الى مقاومة أي معسكر وخاصة المعسكر الشرقي)). ثم أعقب كلامه هذا بقوله: ((وقد جرت مناورات ومؤتمرات لتزوير قرارات المؤتمر في غفلة عن الأعضاء. وقد دفعتنا هذه المحاولات الى الاحتجاج والتهديد ومن ثم الى مراقبة القرارات بدقة خوفاً من التزوير وقد جعلنا أنفسنا رقباء للحيلولة دون ذلك)).

وقد اضطر اعضاء ودعاة المؤتمر ال ابقاء القرارات سرية أثر الفشل الذي مني، والحملة التي تعرض اليها، وخاصة فكرة تحويل القوى الروحية في الأديان، وتكتيلها للوقوف في وجه دول تعادي الدول الغربية، والتستر بالقيم الروحية لإخفاء نوايا لا يعرفها الا الله تعالى والراسخون في السياسية الاستعمارية.

هذا ما كان من أمر المؤتمر ونهايته الفاشلة، أما من جهة كتابكم ورسالتكم الموفقة، فقد تناولته الصحف في كثير من العرض والتعليق والتأييد، بعناوين بارزة، ومقتطفات مناسبة.

علقت (الهدف) على ما تضمنه الكتاب واستعرضت الأثر الذي تركه تحت عنوان ((الامام كاشف الغطاء يكشف الغطاء عن مؤتمر بحمدون المسيحي الإسلامي)) داخل اطار خاص يلفت النظر. وفي اليوم الثاني اقتطفت منه عدة فقرات مناسبة.

وتناولته جريدة (التلغراف) في عرض جيد وبأسلوب قوي، وتقديم لبعض فصوله المهمة، وقد أخذ هذا العرض ما لا يقل عن نصف الصفحة بستة أعمدة، ختمته بقول أحد رجال الدين الذين لا يؤمنون بمثل هذه المؤتمرات وهو يضحك مسروراً بملئ فيه: ((آل كاشف الغطاء كشف غطاءهم)).

واستوحى عبد الله المشنوق في (بيروت المساء) أثر اطلاعه على الكتاب افتتاحية قوية، ففضح فيها دعاة المؤتمر وأهدافهم ختمها بقوله: ((لقد باع رجال السياسة المسلمون دنياهم للحلفاء، ونحن لن نذهب الى بحمدون لبيع ديننا لأي كان)).

وتناولته صحيفة (الصرخة) الأسبوعية بالعرض والتعليق وصدرته بهذه الكلمة. ((نشر سماحة الامام محمد حسين كاشف الغطاء من كبار علماء الإسلام في العراق كراساً خاصاً حال فيه بالتفصيل ما تنطوي عليه الدعوى الى هذا المؤتمر من مآرب استعمارية مفضوحة، وكشف القناع عن المدبرين الحقيقيين لمؤتمر بحمدون)) واقتطفت منه عدة فقرات تتناسب ودعوة الحياد، وفصل كامل عن وعي الشعوب وسياسة الحكومات في العالم العربي والإسلامي.

بيان

كان الأمل اضافة بعض المواضيع في هذه الطبعة الثالثة كما أشرنا اليه في أولها. ولكن انحراف صحة الامام الأمر الذي ألزمه بمغادرة النجف الى بغداد للمعالجة استوجب تأخير ذلك، واذا منَّ سبحانه على سماحته بالعافية فسوف يصدر كتاباً ملحقاً لهذه الرسالة أسماه بـ(أشعة المثل العليا في الإسلام) وسوف نمثله بالطبع إن شاء الله.


([1]) توجد في الوقت الحاضر ثلاث دعوات في العالم ذات صلة بالسلام:

1- السلم المسلح: وتروج له حكومة أمريكا والأحزاب الموالية لها في انكلترا وفسا واليلاد الأخرى. وتقصد به الاستمرار في التسلح لردع الاتحاد السوفيتي عن التوسع او الهجوم.

2- السلم العالمي: وتتبنى هذه الدعوة الاتحاد السوفييتي والصين والحكومات الموالية لهما. وتؤيد هذه الدعوة الأحزاب الشيوعية الاشتراكية في العالم الرأسمالي. تؤيدها بعض الاحزاب الديمقراطية والحزب التقدمي في أمريكا وعدد كبير من المستقلين في جميع انحاء العالم. ويقصد به عدم حدوث حرب عالمية بين الاتحاد السوفييتي والدول الموالية له من جهة، وأمريكا وحلفائها من جهة أخرى واللجوء الى التفاوض والتسامح في حل المشاكل الدولية.

3- الحياد: والمقصود به عدم الانحياز الى أحد الطرفين المتنازعين او الارتباط به بمحالفات عسكرية، وعدم التفكير في دخول الحرب العالمية ان حدثت وصرف الأموال على الاصلاحات الداخلية بالدرجة الأولى. واذا اجتاح أحد المحاربين البلد المحايد يقف الشعب موقفاً سلبياً ولا يتعاون مع الجانبين. وهذه الفكرة في الحقيقة منبثقة من الدعوة الى السلم العالمي ومرتبطة به وان اختلف عنها قليلا، لأن وقوف عدد كبير من الدول على الحياد يثبط عزم أمريكا في إعلان حرب عالمية ويفسد عليها خططها ويقوي الجبهة الداعية الى السلام بينما يضعف الجبهة الأخرى لأن المهاجم يحتاج الى تحشيد القوى أكثر من المدافع وعند اعلان حرب عالمية من الناحية العسكرية يكون موقف أمريكا موقف المهاجم مع حليفاتها. وتتبنى هذه الدعوة في الوقت الحاضر حكومة الهند وبرما وإندونيسيا وتؤيدها الشعوب الإسلامية والعربية.

 


 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما