پنجشنبه 13 ارديبهشت 1403  
 

الفردوس الاعلي

 
ترجمة المسائل القندهارية

 

الفردوس الأعلى

  



ترجمة المسائل القندهارية الثمان

بقلم: القاضي الطباطبائي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مستحق الحمد، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين ولا سيما ابن عمه أمير المؤمنين.

بعد: فهذه المسائل الثمان هي المسائل والقندهارية التي سألها بعض اهل بلدة قندهار من سماحة شيخنا الامام العلامة المجتهد الاكبر آية الله الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ــ متعنا الله بوجوده ونفعنا بعلومه وكانت تلك الاسئلة مع اجوبتها باللغة الفارسية وبرزت الى عالم المطبوعات سنة (1339هـ) في النجف الأشراف وكانت الاستضاءة بانوارها والاهتداء بشعاع لمعانها مختصة بالامة الفارسية، وكنا على عادتنا المستمرة نتشرف بالحضور مع جمع من افاضل اصدقائنا لدى سماحة الامام للتزود من علومه الجمة والاستفادة من افكاره العلمية، والارتشاف من نمير حكمته العالية التي تجرى من قلبه على لسانه ورشحات اقلامه، فرأينا ان بعض المسلمين من اهل البلاد العربية استدعى من سماحة الامام كاشف الغطاء عن حقيقة تلك المسائل التي كشف سماحته منذ سنين الستار عن وجه حقيقتها والبسها الحياة العلمية ومحص حقائقها وابان المغزى فيها مع دقة نظرياته البديعة في اجوبتها.

بيد انه لا مجال لسماحته الآن من جراء كثرة المراجعات ورجوع الناس اليه في القضاء والفتيا وفي حوائجهم واحتياجاتهم مع ضعف في مزاجه الشريف في هذه الآونة الاخيرة عن كتابة الاجوبة المفصلة خصوصاً فيما يحتاج الى فراغ واسع وصرف شطر وافر من اوقاته الشريفة فيه.

ولا غرو ان سماحة الامام اليوم علم من اعلام الدين الشاهقة، وركن من اركان الامة الاسلامية، وهو العماد الاكبر في الجامعة الكبرى للشيعة الامامية، وليس له فرصة للتصدي باجوبة السؤالات العلمية على نحو التفصيل والتوضيح.

واضف الى ذلك انه يسد فراغاً واسعاً لا يستهان به في التأليف والتصنيف وقضاء حوائج المؤمنين وانجاح مقاصدهم مع نشر العظات والنصائح العلمية والعملية والدعوة الاسلامية بالادلة والبراهين الحقة وكل ذلك خدمة للشريعة ونصرة للحق واذاعة للنصيحة وتفادياً للدين فله المنة الكبرى التي يلزم ذكرها ويجب شكرها على كل مسلم حي مثقف وشيعي متيقظ طامح.

فصار من التوفيقات الربانية لهذا العبد ومن الطاف سماحة الامام ان صدر امره دام ظله في هذه الارض المقدسة (النجف الأشراف) في عامنا هذا (1370هـ) بترجمة هذه المسائل ونقلها الى اللغة العربية اللغة الدينية الاسلامية ليعم نفعها للمسلمين عامة، والشيعة خاصة، فبادرت لذلك امتثالاً لامره وانقياداً لطاعته وشاكراً لارشاده الى ضالتي المنشودة.

وقد رأيت ان أقدّم وأأُخّر في بعض المسائل حرصاً على التنسيق مع الاحتفاظ بالاصل الاولي، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب.

                                                  وانا العبد  محمد علي القاضي الطباطبائي

بسمه تعالى

(السؤال الاول)

سماحة حجة الاسلام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء دام ظله: انّ علماء العامة بل عموم اهل السنة ينتقدون الشيعة الامامية الاثنا عشرية في قولهم بوجوب غسل مس الميت لانهم ليسوا بقائلين به، ولا يفعلون هذا الغسل حتى على نحو الاستحباب ويطالبون الدليل من الامامية على ذلك وان كان العلامة[1] (قدس سره) قد ذكر دليل المسألة في كتابه تذكرة الفقهاء. فانّا نستدعي من سماحتكم ان تتفضلوا بدفع ما اوردوه كما هو حقه بقلمكم المبارك مشفوعاً بذكر الدليل من كتبهم ان كان موجوداً فيها فان تفضلتهم باجابة ملتمسنا يعد ذلك من جزيل الطافكم علينا.

(الجواب)

ليس لمسألة غسل مس الاموات في الكتب الفقهية لاهل السنة عين ولا اثر على ما وصل بأيدينا من كتبهم ومصنفاتهم من متونها او مطولاتها ومختصراتها لا نفياً ولا اثباتاً.

والظاهر ان في النجف الاشرف بل في اغلب انحاء بلاد العراق ليست مكتبة حافلة بالكتب ومصنفات الفريقين من مخطوطها ومطبوعها كجامعية مكتبتنا واشتمالها على كتب الفقه والحديث لأهل السنة وفيها عدة من نفائس المؤلفات من المهمات والمطولات وتشتمل على التصانيف القديمة والحديثة وفيها الصحاح الستة وشروحها والكتب الفقهية من جميع كتب المذاهب الاربعة المعروفة وغيرها، واني بعدما ورد على هذا السؤال راجعت كتبهم وتنبعت ما قالوا في مؤلفاتهم في هذا الموضوع، وليس لي الآن فرصة الأستيعاب والاستقراء التام في مصنفاتهم ومع ذلك بذلت الوسع في التتبع في الجملة بحيث يمكن ان يحصل الاطمئنان بمـا في باقي كتبهم مما لم ارجع اليها، وما رأيت في كتبهم الفقهية من المتون والشروح والمختصرات والمطولات لهذه المسألة ذكراً واثراً اصلا, واما كتبهم وجوامعهم الحديثية من الصحاح الستة وغيرها كصحيح البخاري وصحيح مسلم والنسائي وسنن ابي داود السجستاني بعد ان اتعبت النفس في التتبع فيها بما وجدت ايضاً اثراً وذكراً لهذه المسألة فيها، واني وان لم الاحظ صفحاتها صفحة بعد صفحة وما فتشتها سطراً بعد سطر ولكني نظرت للدقة الى الابواب والمظان لتلك المسألة فما وجدت شيئاً منها في المحل المناسب لها، نعم في صحيح الترمذي وهو من صحاحهم الستة وجدت ما يناسب هذه المسألة بل يمكن ان يكون ذلك دليلاً لمسألتنا او رافعاً للاستبعاد على الاقل لانه اما نفس هذه المسألة او نظير لها ففي صحيح الترمذي صفحة (185) ج1 من طبع مصر سنة (1293هـ) ما هذه عبارته.

حدثنا محمد بن عد الملك بن ابي الشوارب، حدثنا عبد العزيز بن المختار عن شهيل بن ابي صالح عبد ابي هريرة عن النبي(ص) قال من غسله الغسل ومن حمله الوضوء يعني الميت، وفي الباب عن علي (ع) وعايشة قال ابو عيسى ((يعني الترمذي نفسه)) حديث ابي هريرة حديث حسن، وقد روي عن ابي هريرة موقوفاً وقد اختلف اهل العلم في الذي يغسل الميت فقال بعض اهل العلم من اصحاب النبي (ص) وغيرهم اذا غسل ميتاً فعليه الغسل وقال بعضهم عليه الوضوء وقال مالك بن انس استحب الغسل من غسل الميت ولا ارى ذلك واجباً، وهكذا قال الشافعي، وقال احمد: من غسل ميتاً ارجو ان لا يجب عليه الغسل، واما الوضوء فاقل ما قيل فيه، وقال اسحق: لا بد من الوضوء، قال وقد روي عن عبد الله بن المبارك انه قال لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت، انتهى.

ومن المعلوم ان ظاهر هذه الرواية وجوب الغسل على من غسل ميتاً وجمع من صحابة الرسول (ص) ومن التابعين أفتوا بذلك ينقل الترمذي ولا سبب لوجوب الغسل على الغاسل الا مباشرته ومماستّه للميت وهذا ليس من القياس الضروري البطلان في مذهب الامامية بل ذلك تنقيح للموضوع فكأنه قال مباشرة الميت توجب الغسل وان سلمنا انه قياس فلا يضرنا ذلك ايضاً بناء على مذهبهم.

وفي كتاب الموطأ روى مالك بن انس ــ وهو رئيس مذهب المالكية من المذاهب الاربعة المعروفة ــ ما هذه عبارته: قال في صفحة (91) ج1 من طبع مصر سنة (1280هـ).

حدثني عن مالك عن عبد الله بن ابي بكر ان اسماء بنت عميس غسلت ابا بكر الصديق حين توفي ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: اني صائمة وان هذا يوم شديد البرد فهل عليّ من غسل؟ فقالوا: لا.

ومن تأمل في هذا الحديث علم ان وجوب الغسل على غاسل الميت كان امراً مفروغاً عنه في صدر الاسلام حتى علمته النساء, وكان من النساء المسلمات، حتى عند المخدّرات، واسماء بنت عميس(2) من مشاهير النساء ومن اللآتي لا يشك في انها من ذوات الدين والمعرفة من مشاهير النساء ومن اللآتي لا يشك في انها من ذوات الدين والمعرفة ومن اللآئي التزمن بيت الوحي والنبوة وهي ام محمد بن ابي بكر وبعد وفاة ابي بكر تزوجها مولانا امير المؤمنين (ع) ونالت الشرافة والاحترام بهذا الزواج المقدّس فهي بعد ما غسلت ابا بكر ــ أشكل عليها الأمر بأن الغسل لاريب انه واجب فهل هو واجب على غاسل الميت حتى في حال الضرورة وشدة البرد؟ فحين ذاك قالوا لها انه ساقط في حال الضرورة وليس بواجب في تلك الحالة الصعبة.

وقد فسر الحديث بهذا المعنى الشارح الزرقاني(3) وهو من كبار علماء اهل السنة في شرحه الكبير على كتاب الموطأ صفحة 5 ج2 وقال والمعنى ان الغسل ليس بواجب عليكِ لأنك معذورة بسبب الصوم والبرد، وبسط القول في اختلاف علماء اهل السنة في هذه المسألة فنقل عن مالك صاحب المذهب وجمع آخر من علماء الشافعية وغيرهم القول بالوجوب ودليلهم على ذلك هي رواية ابي هريرة ان النبي (ص) قال من غسل ميتاً فليغسل والأمر ظاهر في الوجوب، وعلى ايّ حال ان وجوب الغسل على الغاسل اما هي نفس مسألة المسّ او نظيرها وذلك كاف الاستبعاد ولذا ذكر العلامة اعلى الله مقامه هذه المسألة اعني مسألة الغسل على الغاسل في مسألة الغسل.

ثم ان في اغلب تلك الكتب التي اوعزنا اليها نقل القول بالاستحباب عن ابي حنيفة وغيره ونقل القول بالوجوب عن الآخرين، اذاً فعليه يمكن ان يقال ان القول بوجوب غسل المس في الجملة فضلاً عن القول بالاستحباب موجود عندهم والأحاديث الدالة على الوجوب موجودة في الكتب المعتبرة لديهم ووردت احاديث في ذلك من طرقهم وليس فرق كبير بين تغسيل الميت وبين مسه.

وقد اتفق لي نظير هذا السؤال من بعض المعاصرين من علماء اهل السنة في بلاد الشام وذلك في السنة التي عزمنا فيها على سفر الحج والتشرف لزيارة بيت الله الحرام زاده الله تعالى شرفاً سنة 1330هـ أي قبل اربعين سنة واتفق ملاقاتي فيها مع جمع من علماء اهل السنة فجرى الكلام بيننا وبينهم وأنجرَّ الحديث ــ والحديث ذو شجون ــ الى المذاكرة في مسائل متفرقة ومنها انهم قالوا ان للامامية فتاوي عجيبة في الأحكام الشرعية بحيث تنافى ضرورة العقل مثل انهم يرون وجوب الغسل على من مسّ ميتاً آدمياً مع ان النوع الأنساني وعلى الأخص المسلمين منهم من اطهر الحيوانات واشرف الموجودات فكيف يوجب مس بدنه بعد الموت الغسل مع انهم يكتفون في مسّ ميتة الكلب وهو انجس الحيوانات واخسّ جميع الموجودات بغسل اليد فقط، وهذا الأمر من الفساد بحيث لا يحتاج الى بيان حتى صار سبباً لطعن اليهود والنصارى في دين الإسلام، ولم اكن قبل ذلك مسبوقاً بهذا السؤال والاعتراض حتى اكون مستحضراً الجواب ان روحانيـة الشرع المقـدس وكـون الحق ــ يعلو ولا يعلى عليه ــ الهماني بعد دقيقة من التأمل ان قلت: ان ضرورة العقل تقضي بما قالته الأمامية في هذه المسألة فتعجبوا من كلامي واستغربوا مقالي. فقلت لهم استمعوا حتى اكشف لكم الحقائق الراهنة ليتبين لكم اللبّ والمغزى في هذه المسألة فقد اعترفتم ان النوع الأنساني انما هو اشرف الموجودات واكمل المخلوقات كما هو من الضروريات والبديهيات، وسر ذلك على الأجمال هو ان الإنسان انما هو في آخر قوس النزول ومبدأ قوس الصعود بمعنى ان وجوده المفاض تنزل من المراتب الشامخة والعقول والنفوس الكاملة والأملاك والأفلاك العالية حتى ورد الى مرتبة الأجسام العنصرية ووصل نهايتها وهي مرتبة الهيولي الأولى(4) التي تلازم الصورة ثم الى مرتبة النطفة، ولكنه في هذه الحال حامل لجميع تلك الصفات الكمالية التي مرّ بها في سيره وحركته في تلك المراتب على نحو الاستعداد وهذا آخر قوس النزول ومن هذه المرتبة ينهض للترقي والصعود فيترقى من مرتبة الجسم المعدني الى الجسم النامي النباتي ثم الى مرتبة الجسم الحيواني ثم الأنساني وهكذا الى ان يصل الى مرتبة العقول (القادسة) والأنوار الشامخة منه المبدأ واليه المنتهى، كما بدأكم تعودون، والى هذا المعنى اشار سيّد الموحدين وغاية العارفين بقوله: (وفيك انطوى العالم الأكبر) فأذاً من هنا يعلم الانسان خلاصة الكائنات وزبدة الممكنات ونتيجة العوالم ولا بد ان تكون روحه من الطف الأرواح وجسمه من الطف جميع الأجسام وحين انفصال هذه الروح من بدنه وقطعها علائقها من جسمه التي بها حياة البدن وصحته قائمة بها يفسد البدن والدم لا محالة وبفسادهما تفسد البخارات السارية والدسوم المنتشرة في البدن لأنفصال تلك الروح المحافظة لجميع شؤون البدن ومواده، ومن الممكن ان يقال حينئذ ان في تلك الأبخرة و الدسوم جواهر في غاية الدقة و اللطافة، وجراثيم في نهاية الرقة والنفوذ التي يعبر عنها في لسان الفلسفة الطبيعية الجديدة (ميكروبات) وهذه الجواهر اللطيفة الفاسدة هي في الحقيقة جواهر الموت بناء على ما هو التحقيق من ان الموت والحياة امران وجوديان لا انهما وجود وعدم كما يدل على ذلك قوله تعالى: [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ](5) وهذه الجواهر الشفافة من غاية لطافتها والنفوذ الموجود فيها اذا مسها بعض اعضاء الانسان الحي نفذت حالاً في جميع مسامات بدنه من دون ادنى تأخير في البين وتسري الى دمه ويصير هذا سبباً لابتلائه بأنواع الأمراض الجسمانية او النفسانية من الأخلاق الرذيلة والملكات القبيحة والصفات الخبيثة، والحق سبحانه وتعالى بمقتضى رأفته ورحمته على عباده وحسب حكمته البالغة وعطوفته الشاملة في حق عبيده شرع جميع التكاليف في حقهم لجهة من المصالح الموجود فيها والحكم الدنيوية والآخروية الكامنة فيها، وهو جلَّ شأنه يعلم بعلمه الأزلي ان القالع لتلك الجواهر الخبيثة والمواد الفاسدة والقامع لها من اساسها سواء من بدن الميت او الانسان الحي المباشر لبدن الميت واللامس له ليس الا الماء. ولذا ورد في بعض الأخبار بهذا المضمون ( ما خلق الله لعباده نعمة اعظم من الماء).

ونقل ان الأطباء استكشفوا في الطب الجديد ان باطن دماغ الانسان وسطح انسانه جراثيم ( ميكروبات) اصغر من الذرّ لاصقة ولا يقلعها الا الماء ومن هنا يعلم الحكمة في امر الشارع المقدس باستحباب المضمنة والاستنشاق عند كل غسل ووضوء.

فقال لي احد الحاضرين في اثناء هذه المحاورة والمحادثة إنا نرى بالعيان ونشاهد بالوجدان ان اناساً يباشرون الموتى ولا يغتسلون ولا يبالون بذلك اصلاً فقلت له ان من سبرَ واستقرأ الحكم والمصالح الشرعية يعلم ان ملاحظة شؤون صحة النفس وحفظها من الأخلاق الرذيلة وصونها من الصفات الخبيثة وتخليتها من تلك الصفات وتحليتها بالأخلاق الروحانية والأوصاف الإنسانية عند الشارع المقدس اهم واعظم بمراتب من ملاحظة الصحة الجسمانية ورعاية صلاح البدن واستقامة المزاج ولعل مصالح اغلب المحرمات والواجبات وسائر الأحكام والآداب والسنن التي اتانا بها الدين الإسلامي وارشدنا اليها الشرع المحمدي (ص) انما هي من هذا القبيل ولعل الأشخاص الذين يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير ويرتكبون المعاصي ويتوغلون في الملاهي يصير بدنهم قوياً سميناً ولكن الأمراض الأخلاقية النفسانية كقساوة القلب ومسلوبية الغيرة وزوال الحمية وامثالها تعرض لنفوسهم بحيث تحطهم من المرتبة الأنسانية الى اخس مراتب الحيوانات فتظهر منهم افعال السباع واوصاف البهائم [ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلأ](6) و[ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ].

وخلاصة المقال ان الإنسان بحسب تلك المراتب من اللطافة والصفاء وفي أي مرتبة كان من المراتب والمقامات يحصل بموته اثر في جسمه بحيث ينتقل ويسري ذلك الأثر الى الجسم الآخر المباشر له والمماس ببدنه ويوجب المضرة العظيمة والمفسدة المهمة اما المضرة الجسمية او الروحية النفسية او كليهما واللازم في نظر الشارع دفعها ويجب رفعها ولا يمكن ذلك في نظره ايضاً الا بغسل جميع البدن لعلة سراية ذلك الأثر لمعظم البدن بخلاف ميتة الكلب وامثاله فأن الكثافات التي في روحه وبدنه ليست بمرتبة تسري وتنفذ في مسامات بدن الانسان بمجرد مماسته لميتته ولا يتجاوز من سطح ظاهر بدن المباشر الى باطنه ولذلك يجب غسل الموضع الملاقي فقط.

ويؤيد هذا الاعتبار ويقرب هذا البيان والتقرير الخصوصيات والقيود التي اعتبرها الشارع في هذا الحكم اعني وجوب غسل المس فانه اوجب ذلك بعد البرد وقبل التغسيل لان قبل برودة البدن لا يصل الفساد المترتب على المس الى تلك المرتبة الموجبة لغسل البدن بأجمعه بواسطة بقاء اشعة الحياة في البدن وعدم زوالها بتمامها. واما بعد التغسيل فمن جهة ان الجواهر او الابخرة او ميكروبات ــ بأي لسان شئت فعبر ــ تصير بتغسيل الميت الذي بالغ الشارع فيه وحرض الناس عليه و اوجبه بمزج السدر والكافور مع الماء ثلاث دفعات، وفي احاديث اهل السنة اعتبار خمس دفعات، مضمحلة و متلاشية و تزول تلك المواد و جراثيم الفساد وعند ذلك فلا مضرة في المس اصلاً.

وليعلم انا بهذه الاعتبارات والمناسبات لا نقدر على جعل حكم او انشاء احكام واقعية ولكن بعد ان جاء الحكم من قبل الشارع بدليل معتبر يكون واجب الاتباع وحينئذ يمكن التعليل وبيان الحكم والمصالح ولو احتمالاً بهذه الاعتبارات ولو لرفع الاستبعاد وكسر سورة الاشخاص المدعين بان هذا حكم مخالف لضرورة العقل مع ان بعد بيان تلك الشواهد والتقريبات يمكن للانسان الجزم بحكمة هذا الحكم وانها عبارة عن هذه الاعتبارات والجهات التي ذكرنا او ما يقرب منها.

  وحقاً اقول انه كلما ازداد الانسان رقيّاً في عقله وتقدماً في معرفته وكان عميق الفكر وحاد النظر رأى دلائل باهرة وشاهد معاجز واضحة للعترة الطاهرة (عليهم السلام) ولمذهب الامامية ما يعبر عنه بمعجزات العلم وهذه المعجزة من اسمى مراتب المعاجز واوضحها واعلاها بل اجلى الف مرة من معجزة شق القمر وتسبيح الحصى وحنين الجذع وما نحن فيه من جملة تلك المعجزات العلمية.

وإنّا وان اسهبنا في الجواب ولكن المقام كان يقتضي ذلك بل ازيد من هذا، واختصرنا المقال بالنسبة الى المقام فصلوات الله وسلامه عليهم وله الحمد والمنة على ما من به علينا من معرفتهم والتمسك بولايتهم والاقتباس من انوارهم والسلام على كافة اخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

في ــ 9ــ ج2ــ1339ــ هـ

(السؤال الثاني)

الى سماحة الامام حجة الاسلام ادام الله ظلكم العالي. هل يوجد دليل على استحباب او جواز لطم الصدور في عزاء ابي عبد الله الحسين ارواحنا فداه اولاً ؟. فأن بعض من ليسوا من اهل نحلتنا ينكرون الجواز، وبعض آخر يقولون انا نستكشف الجواز من لطم الفاطميات فتفضلوا ببيان الجواب ولو على نحو الاجمال.

(الجواب)

مسألة لطم الصدور ونحو ذلك من الكيفيات المتداولة في هذه الازمنة كالضرب بالسلاسل والسيوف وامثال ذلك ان اردنا ان نتكلم فيها على حسب ما تقتضيه القواعد الفقهية والصناعة المقررة لأستنباط الاحكام الشرعية فلا تساعدنا الا على الحرمة ولا يمكننا الا الفتوى بالمنع والتحريم فانه لا مخصص للعمومات الاولية والقواعد الكلية من حرمة الاضرار وايذاء النفس والقائها في التهلكة ولا دليل لنا يخرجها عنها في المقام ولكن الذي ينبغي ان يقال بالقول الصريح ان من قطعيات المذهب الامامي ومن مسلمات هذه الفرقة الحقة الاثنا عشرية. ان فاجعة الطف والواقعة الحسينية الكبرى واقعة عظيمة ونهضة دينية عجيبة والحسين(ع) رحمة الله الواسعة وباب نجاة الامة ووسيلة الوسائل والشفيع الذي لا يرد وباب الرحمة الذي لا يسد(7).

واني اقول ان حق الامر وحقيقة هذه المسألة انما هو عند الله جل وعلا ولكن هذه الاعمال والافعال ان صدرت من المكلف بطريق العشق الحسيني والمحبة والوله لابي عبد الله (ع) على نحو الحقيقة بالطريقة المستقيمة وانبعثت من احتراق الفؤاد واشتعال نيران الاحزان في الاكباد بمصاب هذا المظلوم ريحانة الرسول (ص) المصاب بتلك الرزية بحيث تكون خالية ومبراة من جميع الشوائب والتظاهرات والاغراض النفسانية فلا يبعد ان يكون جائزاً بل يكون حينئذ من القربات واجل العبادات وعلى هذا يحمل ما صدر من الاعمال ونظائر هذه الافعال من اهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) مثل ما نقل عن العقيلة الكبرى والصديقة الصغرى زينب (ع) من ((انها نطحت جبينها بمقدم المحمل حتى سال الدم من تحت قناعها))(8). ومثل ما ورد في زيارة الناحية المقدسة في وصف مخدّرات اهل البيت (عليهم السلام) ((للشعور ناشرات وللخدود لاطمات))، ولكن هذا المعنى الذي اشرنا اليه لا يتيسر لكل احد وليس شرعة لكل وارد ولا مطمع لكل طامع ولا يحصل بمحض الادعاء والتخيل فأنّه مرتبة عالية ومحل رفيع ومقام شامخ منيع واغلب الاشخاص الذين يرتكبون هذه الامور والكيفيات لا يأتون بها الا من باب التظاهر والمراآت والتحامل والمداجات مع ان هذا المعنى بغير القصد الصحيح والنيّة الصادقة لا يخلو من اشكال بل حرام وحرمته تتضاعف لبعض الجهات والعوارض الحالية والطوارى المقامية واحسن الاعمال وانزها في ذكر الحسين السبط (صلوات الله عليه) هو النياحة والندبة والبكاء لريحانة الرسول (ص) والمظلوم الموتور والسلام عليه والزيارة له واللعن على اعدائه والتبري من ظالميه والمشاركين في دمه وقاتليه والراضين بقتله (صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين واولاده الميامين المنتجبين).

(السؤال الثالث)

حضرة المجتهد الاكبر متّعنا الله والمؤمنين بطول بقائكم، هل يكفي في زيارة عاشوراء قراءة كل من السلام واللعن مرّة واحدة بدلاً عن مائة مرّة واحدة كما يرى ذلك العلامة الميرزا حسين النوري(9) (قدس سره), ام لا؟ فالمرجو من سماحتكم ان تتفضلوا ببيان الجواب مشفوعاً بالدليل.

(الجواب)

لا بد وان يعلم انّ اكثر المستحبات المركبة غير ارتباطية بمعنى ان ثواب بعض اجزائها وصحتها غير موقوفة على صحة وثواب الباقي بل كثير منها من باب المستحب في المستحب كما أنّ القنوت في الصلاة مستحب ودعاء الفرج ايضاً في القنوت مستحب آخر، فان قلنا انّ زيارة (عاشوراء) من هذا القبيل فيمكن الاكتفاء بلعن واحد وسلام واحد ولكن هذا المعنى من مساق الادلة والاخبار بعيد في الغاية بل زيارة (عاشوراء) نظير صلاة جعفر الطيار والتسبيحات الاربع المعتبر فيها بعدد ستين وثلاثمائة تسبيحة على الترتيب المعروف فان نقص عدد واحد منها في هذه الصلاة المخصوصة التي لها اثارها الخاصة فكانه لم يات المكلف بتلك الصلاة وهكذا بزيارة(عاشوراء) الواردة برواية سيف بن عميرة ورواية صفوان الجمال بالكيفيات المعهودة والآثار المخصوصة فان تركت تكبيرة واحدة من تكبيراتها فضلاً عن اللعن والسلام كل واحد منهما مائة مرة يكون هذا العمل باطلاً نعم لا يحرم المكلف ثواب مطلق زيارة سيد الشهداء (ع) بل يحسب من زائريه بلا شك.

ويمكن لنا استفادة مطلب اخر من هذه الاخبار وهو ان الزائر ان كان له شغل او عذر ولا سيما الشغل الذي هو مستحب مؤكد عند الشارع المقدس مثل عيادة المؤمن وتشييع جنازته او قضاء حوائج اخوانه في الدين ونظائر ذلك فيمكن له ان يكتفي بلعن واحد وسلام واحد بمعنى ان له الشروع باللعن واتمامه ولو حال المشي في الطريق او في مجلس آخر فان الأمر اذا دار بين فوات الأجزاء او الشرائط فمراعاة الأتيان بالأجزاء اولى واهم والظاهر ان شيخ من مشايخنا المحقق الأنصاري(10) (قدس سره) تعرّض لهذا المطلب في (فرائده) في رسالة اصل البراءة ويمكن ان نتوسع في هذا المعنى حتى بالنسبة الى الصلوات المستحبة كصلاة جعفر وغيرها بمعنى انه ان عرض شغل مهم للمكلف امكن له ان يصلي تلك الصلاة حيثما اراد اربع ركعات متعارفة بنية صلاة جعفر وبقصدها وبعد اتمامها يسبّح ستين وثلاثمائة تسبيحة(11) فان لم يتكلم في الاثناء كان احسن واولى.

واما في زيارة (عاشوراء) فان اكتفى بلعن واحد وسلام واحد فينبغي اتمام العمل حتى السجدة الأخيرة وبعد ذلك يتم اللعن والسلام مائة مرة الى آخر العمل وهذا النحو ايضاً احسن واولى البتة والله العالم.

(السؤال الرابع)

ظاهر الآية الشريفة في القرآن الكريم [فَاغسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ](12) يدل على ان الغسل من الأصابع الى المرافق فما وجه العكس أي الغسل من المرافق الى رؤوس الأصابع؟. تفضلوا ببيانه زاد الله تعالى في علومكم.

(الجواب)

المتحصّل والمستفاد من هذه الآية الشريف هو انه لابد من غسل الوجه والايدي ومسح الرأس والأرجل في الوضوء، ولمّا كان عند الشارع المقدّس يكفي في خصوص الرأس مسمّى المسح بمقدار من مقدم الرأس كما يدل على ذلك دخول باء التبعيض في قوله تعالى ((برؤوسكم)) ليفيد هذا المعنى واما باقي الأعضاء فلما كان غسلها او مسحها باجمعها مما لابد منه فلم يدخل الباء عليها ولكن لابد من بيان حدودها، اما حدود الوجه فهي معلومة ولا يطلق عند العرف على المعني المختلفة فان من المعلوم عند عموم الناس ان الوجه هو ما يواجه به في مجلس التخاطب ويشاهد حين التقابل وحده منتهى شعر الرأس من طرف الجبين الى آخر الذقن، واما الأيدي والأرجل فلما كانت حدود هما مشتبهة ولها اطلاقات كثيرة عند العرف فتارة يراد من اليد عندهم خصوص الكف التي هي عبارة عن الأصابع الى الزند وتارة اخرى تطلق الى المرفق وثالثة الى الكتف كان من اللازم تعيين المراد من اليد وانه اى معنى اراد سبحانه من هذه المعاني فقال تبارك وتعالى ((الى المرافق)) وهكذا الحال في الأرجل حيث كان لها اطلاقات كثيرة فقال تعالى ((الى الكعبين)) فيعلم من ذلك ان هاتين الكلمتين في الآية الشريفة انما هما لبيان غاية المغسول والممسوح وبيان حدودهما لا لبيان غاية الغسل والمسح، والحق ان الغسل والمسح في الآية الشريفة مطلقان من حيث النكس وغير النكس اما بطلان الوضوء بالنكس فهو مستفاد من الأخبار لا من الآية، وما ذكرناه في المقام هو تحقيق انيق في فهم المراد من الآية الشريفة والله الموفق وبه المستعان.

(السؤال الخامس)

الى سماحة حجة الإسلام ــ ادام الله بركاته ــ هل يلزمنا اجتناب اهل السنة والجماعة مع العلم بأنهم يباشرون اهل الكتاب والمشركين بالرطوبة حتى في الأكل والشرب وانهم قائلون بطهارة الدم والمني او لا يلزم ذلك؟ وهل يجوز اكل الدم المتخلف في رقبة الحيوان اذا طبخ او لا؟ من جهة استصحاب النجاسة تفضلوا ببيان الدليل في المسألة لازلتم مرجعاً للعلم والدين.

(الجواب)

اعلم ان كل من يشهد الشهادتين يحكم عليه شرعاً بالطهارة غير الغلاة والنواصب والخوارج فأهل السنة من حيث الذات في انفسهم طاهرون ببركة الشهادتين، واما من حيث نجاستهم العرضية بسبب ملاقاة احدى النجاسات فلا بد من اعتبارهم متنجسين ولا فرق في هذه الجهة بين الخاصة والعامة، وعموم المسلمين الذين هم محكومون بالطهارة بل وجميع الأشياء التي يحكم بكونها طاهرة بالذات لا يحكم بنجاستها باحتمال التنجس وقاعدة الطهارة حاكمة وليس لنا ان نخرج من هذا الأصل الا بالعلم اليقيني الوجداني او ما يقوم مقام العلم شرعاً كالبينة او خبر العدل الواحد على القول به في الموضوعات واما الاعتماد على العلم العادي في هذه الموارد فمشكل وبناء على هذا ففي كل مقام ومورد جاء احتمال الطهارة ولو كان في غاية الضعف فلا بد من البناء على الطهارة وهذه القاعدة المباركة حاكمة، ومن المعلوم ان الطهارة في نظر الشارع المقدّس مبنية على التوسعة، واما امر النجاسة والتنجس فهو مبني على الضيق وعدم التوسع [ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ](13) بل الغالب ان هذه الخيالات والتوهمات تنجرّ الى الوساوس والمخاطر وهي الطامة الكبرى المفسدة للدين والدنيا فعلى هذا فان رأيت بعينك ان العامي باشر الدم او المني ولم يجتنب منهما او انه باشر الكافر ولم يتباعد عنه ففي ذاك المجلس اجتنب عنه وكذا ان علمت انه في الأمس او في مجلس قبل هذا المجلس باشر الكافر لزم الاجتناب ايضاً وليست الغيبة في هذا المقام مطهره فأنه يشترط فيها العلم بالنجاسة وهو ليس بقائل بنجاسة هذه الأمور المذكورة ففي هذا الفرض يجري استصحاب النجاسة واما اذا علمت ان المباشرة انما وقعت في وقت من الأوقات ولكن لم يعلم انها في أي وقت وقعت بالخصوص ففي هذه الصورة لا يجري الاستصحاب بل تجري قاعدة الطهارة.

فصارت النتيجة ان في كل مورد تزاحم احتمال الطهارة مع احتمال النجاسة فاحتمال الطهارة مقدّم عليه عند الشارع المقدّس ولو كان احتمال النجاسة اقوى عند العرف والعادة او من قرائن الأحوال الا ان يجري اصل او تقوم بينة ومع عدمهما وعدم كون المقام مورداً لهما يبنى على الطهارة وهذا المقام من الموارد التي يحسن الاحتياط فيها ولكن في غير موارد العسر والحرج، واما الدم المتخلف في الرقبة او في مطلق الذبيحة من الحيوان الطاهر بعد قذف القدر المتعارف منه فهو من الخبائث واكله مستقلاً حرام ولو كان بعد الطبخ، واما تبعاً للحم فيجوز اكله فأنه ليس له في نظر العرف وجود مستقل فلا يكون مورداً للاستصحاب والله العالم.

(السؤال السادس)

الى سماحة حجة الإسلام ــ متعنا الله تعالى بطول بقائه ــ هل يعتبر في سهم الأمام (ع) وكذا في سائر الحقوق الشرعية اذن مطلق الحاكم الشرعي او هو مختص بكون المقلّد مأذوناً من مجتهده ومقلّده كما يعتقد ذلك بعض العوام وفي اعتقادهم انه ورد في هذا الباب نص خاص.

(الجواب)

لا يكفي في ذلك اذن مطلق الحاكم الشرعي الجامع للشرائط بل لابد من اذن الأعلم، والأذن المخصوص من مجتهده ومقلّده ليس بلازم، ولم يرد نص خاص في هذا الباب ولكن لما كان خصوص سهم الأمام ارواحنا فداه من بين سائر الحقوق مبنياً على الاحتياط التام والتشديد فالأحوط على نحو التأكيد بل لا ينبغي تركه هو الرجوع الى المجتهد الذي قلّده في الأحكام الشرعية ان كان اعلم والا فعلى القول بجواز الرجوع الى غير الأعلم يلزم الرجوع في خصوص اخذ الأذن او التسليم الى الأعلم والأحوط هو الرجوع اليهما وان كان الأقوى كفاية الأعلم والحاصل ان سهم الأمام صلوات الله عليه عندي امر مهم(14) وموضوع صعب في الغاية وصرفه في الموارد التي يحصل للمجتهد القطع برضاء الأمام(ع) فيها مقام متعذر او متعسّر بل رده لكل مجتهد ايضاً مشكل غاية الأشكال بل لابد من الرجوع الى الأعلم والله اعلم.

(السؤال السابع)

الى سماحة شيخنا الحجة اطال الله بقاه ــ ما المراد من العقول العشرة وما هي تلك العقول نرجو من الطافكم ان تتفضلوا ببيان الجواب على نحو التصريح والتوضيح.

(الجواب)

اعلم اولاً ان المراد من العقول هي الموجودات المقدّسة والجواهر الخالصة المنزهة من شوب المادة والمادي والجسم والجسماني ومعروف ان العقل هو الجوهر المجرد في ذاته وفي فعله واتفق الحكماء بالأدلة والبراهين المحكمة كقاعدة امكان الأشرف وغيرها: ان العقول اوّل الموجودات ومبدأ الصوادر ووسائط الفيض، وذهب المشاؤون ــ وهم طائفة من الحكماء ورئيسهم المعلم الأول ارسطو(15) ــ الى حصر العقول الكلية في العشرة وليس المراد الكلي المفهومي بل الكلي الوجودي ويسمونه على اصطلاح الحكماء برب النوع.

وبيان ذلك اجمالاً هو ان بحكم القاعدة المبرهنة في محلها وهي ان (الواحد لا يصدر عنه الا الواحد ) لا بد وان يكون الصادر الأول من الواحد البسيط من جميع الجهات هو الواحد ولما كان الحق سبحانه واحداً من جميع الجهات وبسيطاً من كل الحيثيات فلا بد وان يكون الصادر الأول من ذاته الأحدية العقل الأول والأحاديث الشريفة عند الفريقين متواترة و في كتاب (الكافي) وغيره من الجوامع الحديثية مروية من ان اول ما خلق الله العقل فقال له اقبل الخ(16)..، وهذا العقل الأول عبارة عن مرتبة العقل المحمدي (ص) ولهذا الجهة قال (ص) ان اول ما خلق الله نوري فلا تنافي بين هذين الحديثين، وهذا العقل الأول هو الذي يعبر عنه في لسان الشرع المقدس بالعبارات المختلفة فهو العقل الأول، والحقيقة المحمدية، ونور محمد وآله، ورحمته التي وسعت كل شيء وامثال ذلك، وهذا العقل وان كان واحداً ولم يصدر الا عن الواحد لكن لما كان ممكناً ومعلولاً وحادثاً ومتعدد الجهات والحيثيات اعتبر فيه ثلاث جهات.

الأولى: من حيث نسبته الى علته يعني وجوبه الغيري.

والثانية: من حيث ذاته ووجوده يعني وجوده الأمكاني.

والثالثة: من حيث ماهيته وحقيقته يعني ماهيته الامكانية فتحصل فيه ثلاثة معان وجهات: وجوب، ووجود، وماهية، وبعبارة اخرى نور، وظلّ، وظلمة.

فمن حيث تعلقه بمبدأه صدر منه العقل الثاني ونال فيض الوجود، ومن حيث تعقّله لوجود ذاته خلق نفس الفلك الأعلى ومن حيث تعقله لماهيته وحدّه وامكانه ــ وهذه الثلاثة عبارة عن معنى واحد ــ خلق جسم الفلك الأعلى وهكذا الكلام في العقل الثاني، وتلك الجهات والحيثيات الثلاثة فيه ايضاً موجودة فمن الجهة الأولى صدر العقل الثالث ومن الثانية خلقت النفس الفلكية للفلك الثاني ومن الجهة الثالثة خلق جسم الفلك الثاني وهكذا فهل جرّا الى العقل العاشر وهو آخر العقول ويقال له العقل الفعال وهو من جهة بعده عن مبدئه الأصلي وعلته الأولى ظهر فيه الضعف ومن جهة انه لما لم يكن فيه صلاحية الفيض لم يصدر عنه عقل ايضاً، ولكن بوجوده الأمكاني افيضت هيولي العوالم العنصرية من فلك القمر وما هو في ضمنه، وبوجوبه الغيري ووجوده افيضت النفوس والصّور على تلك الهيولي ولهذا قال بعض الحكماء انه فوّض للعقل الفعال ربوبية عالم العناصر, فصدر من كل واحد من تلك العقول عقل واحد وفلك واحد ونفس فلكية حتى تمّت العقول العشرة والأفلاك التسعة الحيّة بمعنى ان لها نفساً مدركة عالمة وبعض كلمات ارباب العصمة والطهارة (عليهم السلام) دالة على حياة الأفلاك بهذا المعنى فمن تأمل في دعاء(17) رؤية الهلال من ادعية زبور آل محمد ــ (ص) اعني الصحيفة السجادية (ع) ظهر له هذا المطلب غاية الظهور والوضوح.

وليعلم ان الحكماء شرحوا هذه القضايا ونظموا هذه البيانات ونضدوها كنضد الدرر ولكن لم يذهبوا ــ معاذ الله ــ الى ان العقل الاول خالق للعقل الثاني والفلك الاول حتى يقال في حقهم أنهم يجعلون شريكاً للحق جل وعلى في الخلق والايجاد ــ حاشاهم ان يقولوا هذا، ولم يتفوه احد منهم بهذه المقالة الفاسدة والكلمة الفاضحة كيف وجميع طوائف الحكماء اتفقوا على انه(لا مؤثر في الوجود الا الله) بل مرادهم ان كل عقل بالنسبة الى الآخر واسطه للفيض ومعدّ للوجود له بمعنى ان الحق جل وعلا يفيض الوجود الى العقل الاول ابتداء والى العقل الثاني والفلك الاول ثانياً وبالواسطة كما أنكم تقولون في محاوراتكم ان من الاب والام خلق الولد والوالد علة لوجود الولد وليس المراد ــ والعياذ بالله ــ ان الوالد خالق للولد او مفيض الوجود للولد بل لا خالق ولا موجد الا الله تبارك وتعالى ولكن الشخص الذي هو عبارة عن زيد بن عمرو وهند لا يكون موجوداً بهذه الخصوصيات الا بعد وجود عمرو وهند، وهكذا العقل الثاني وجود واحد في مرتبة خاصة لا يكون موجوداً بهذه المرتبة من الخصوصية الا بعد العقل الاول فالعقل الاول له نحو اعداد لوجود العقل الثاني كمعدية وجود الآباء والاجداد في وجودي و وجودك.

وبناءاً على مذهب المشائين الذي ذكرنا خلاصته العقول الكلية عندهم انما تكون طولية وليست هناك عقول عرضية كلية والعقول الكلية الطولية عندهم محصورة في العشرة، واما العقول الجزئية فهي غير متناهية وليس على هذا العصر برهان والبيان الذي ذكروه والتقريب الذي صدعوا به لا يفيد الحصر فان في المرتبة النازلة حيثيات و جهات متضاعفة من جهة تعدد الواسطة والوسائط، ولذا ينبغي الافصاح بان الحق في هذه المسألة هو مذهب الاشراقيين من الحكماء فانهم ذهبوا الى ان العقول الكلية الطولية و العرضية فضلاً عن العقول الجزئية غير متناهية وهذا موضوع واسع الاطراف، ومسألة في غاية الاحكام والمتانة وأقرب الى الشرع المقدس والصق بكلمات اصحاب الوحي والتنزيل واليق بعظمة الحق سبحانه وعدم تناهي قدرته وهي اسماؤه التي ملأت اركان كل شيء وفي دعاء مولانا الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه ) في أيام شهر رجب واوله (اللهم اني اسئلك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة امرك)(18)الى آخره اشارات، ورموز تحتها معادن، وكنوز، ودلالات لتلك المباني والمعاني.

وشرح هذه المطالب والمذاهب وتنسيق تلك الحقائق والرقائق يحتاج الى افراد رسالة مستقلة في التأليف والترصيف ولا فسحة في المقام ولا وسعة لتلك التحقيقات الطويلة الذيل:

شرح اين هجران واين خون جكر

 

اين زمان بكذار تا وقت ديكر

 

وله الحمد والمنة اولاً وآخراً وبه المستعان وعليه التكلان.

(السؤال الثامن)

المرجو من سماحة حجة الاسلام ــ أدام الله تعالى ظله ان يتفضل ببيان المراد في قولهم (الواحد لا يصدر عنه الا الواحد).

(الجواب)

هذه القاعدة الجليلة هي من مهمات المسائل الحكمية وامهاتها وان ناقش فيها بعض الحكماء والاكابر من المتقدمين والمتأخرين، ولكن حقاً اقول ان التوحيد الحق لحضرة الحق جل وعلا وما يليق بوحدانية ذاته المقدسة الا حدية بل اصل وجوب الوجود للواجب تعالى شأنه لا يتم الا بهذه القاعدة.

وبيان ذلك على سبيل الاجمال والاختصار ان حضرة الحق سبحانه لا بد ان يكون احديُّ الذات احديُّ الصفات فانه ان لم يكن كذلك يلزم التركيب والتركيب ملازم للامكان والامكان يطارد الوجوب ولا يجتمع معه فلو كانت فيه حيثيتان متبائنتان لكان مركباً ولو كان مركباً لكان ممكناً ولو كان ممكناً لم يكن واجباً وهذا خلف.

وهنا قاعدة اخرى يطابقها البرهان ويساعدها الوجدان وهي ان بين كل علة ومعلول لا بد ان تكون سنخية واسبة بمعنى ان تكون بينهما جهة وحيثية وبتلك الجهة والحيثية يصدر هذا المعلول من تلك العلة فان لم يكن بينهما السنخية والاقتضاء الخاص يلزم ان يؤثر كل شيء في كل شيء ومعروف انه لولا السنخية بين العلة والمعلول لزم تأثير كل شيء في كل شيء فان صح هاتان القاعدتان واذعنا بتصديقهما فنقول حينئذ ان صدر شيئان متبائنان من جميع الجهات والحيثيات من واحد بسيط من جميع الجهات والحيثيات بحيث لا يتعقل فيه حيثية دون اخرى وجهة دون جهة يلزم اما بطلان القاعدة الاولى او الثانية لان هذين المعلولين المتبائنين ان صدرا من حيثيتين متبائنتين لزم التركيب في العلة وانقلب الواجب ممكناً وان صدر المعلولان المتبائنان من تلك العلة البسيطة التي ليست فيها حيثيات متغايرة وجهات متعددة اصلاً وابداً فلا بد حينئذ من صدور احدى الحيثيتين الذاتيتين بمعنى ان تمام ذات العلة البسيطة تقتضي وتستدعي وجود ذلك المعلول وحينئذ فاما ان لا يصدر منه معلول آخر فيثبت المطلوب من ان الواحد لم يصدر عنه الا واحد، واما ان يصدر عنه معلول آخر فيلزم عدم السنخية والاقتصاء الخاص بين العلة والمعلول بمعنى انه يلزم صدور المبائن عن مبائنه وهذا مستحيل لضرورة العقل.

فملخص البرهان على صحة هذه القاعدة انه ان صدر من واحد عير الواحد يلزم اما التركيب في ذات الواجب فيكون ممكناً واما عدم السنخية بين العلة والمعلول وكلاهما باطلان بضرورة العقل فصح ان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد.

وهذا البرهان بهذا النحو من البيان والسهولة والاختصار لم اقف عليه في محل، والبراهين التي ذكرها القوم فيها تطويلات وتفصيلات لا يفهم منها شيء الا بعد الف ليت ولعل.

ولا بد وان يعلم اني لا استحسن ان يسأل مني نظائر هذه الاسئلة فانه مضافاً الى ان هذه المعاني لا يتحملها خصوص اذهان العوام ولا ينتفع منها اغلب الانام ان اذهان اكثر الطلاب والناشئة المنتمين للعلم ايضاً لا تتحملها ولا تسعها ولا يصلون الا لباب نكات معانيها واسرار دقائق مطاويها ويمكنني أن ادّعي انّي لم اراجع امثال هذه المطالب والمسائل منذ خمس عشرة سنة بل انحصر عملي واشتغالي بفقه آل محمد (ص) فان عرض لي صدفة امثال هذه الاسئلة والبحوث والمطالب افصح عنه واكتب من بقايا تلك المكنونات المغروسة في الضمير وما اختمر من تلك المطالب في الفكر من دون تجديد مراجعة حتى الى المختصرات فضلاً عن المطولات واغلب المطالب الحكمية والبحوث القيمة التي لها نفع في اصول الدين وتبتنى عليها العقائد الحقّة اوردناها بأحسن بيان واوفى برهان في كتابنا (الدين والاسلام) فان رجع اليه اهل الفضل واولى النجدة والكمال وجدوا في ذلك السفر الجليل فلسفة وثيقة وكنوزاً من العلوم الجمة وفيه ضالتهم المنشودة وما الثقة الا بالله وما المستعان الا به.

(دفع وهم) اني بعدما اقمت البرهان على صحة قاعدة (الواحد لا يصدر عنه الا الواحد) خلج ببالي وخطر في ضميري انه من الممكن ان يقع في ذهن بعض الناس في زمرة الخواطر والاوهام انه يلزم على هذا ان تصدر هذه الممكنات والموجودات التي لا تعد ولا تحصى من غير الحق جل شأنه فلا بد حينئذ اما من الالتزام ــ العياذ بالله ــ بالشريك للحق سبحانه في الخلق والايجاد وامّا القول ببطلان القاعدة المذكورة.

ودفع هذا التوهم بأنه مع القول بان الواحد لا يصدر عنه الا الواحد نقول ايضاً ان جميع الموجودات والكائنات من عالم النفوس والاملاك والافلاك والعناصر جزئية وكلية بكافتها من اولها الى آخرها صادرة عن حضرة الحق جل جلاله وقد اشرنا فيما سبق بأن لا مؤثر في الوجود الا الله وهذه الكثرة ليست منافية للوحدة بل الكثرة مؤكدة للوحدة [وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ](19) ولكن لمسألة صدور الكثرة عن الوحدة وربط الحادث بالقديم مباحث مفصلة ومسائل متنوعة وهي من معظم المسائل الحكمية وصنف الحكماء في خصوصها كتب ورسائل مستقلة وهي تبتني على مقدمات كثيرة ولا يسع المقام لذكر واحد منها فضلاً عن جميعها ولكن نشير اجمالاً الى محصلها او نتيجة تلك المقدمات هي ان الصادر الواحد الذي نعبر عنه بالنفس الرحماني، ورحمة التي وسعت كل شيء، والحق المخلوق به، هو هذا الواحد الجامع لجميع الوجودات والموجودات كلها ما هي الا واحد صدر من واحد ولكن مع وحدته وتمام بساطته محيط ومستوعب لجميع الموجودات من العقل العلوي الى العالم السفلي ومن العقل المجرد الى الهيولي العنصري والكثرات الواقعة في البين كلها عرضية وموجودة بالتبع ومنتزعة من الحدود والاعتبارات للوجود، فالوجود للوجود والعدم للعدم وكل شيء يرجع الى اصله ــ وكل شيء هالك الا وجهه ــ ووجه وجود الواجب وجودات امكانية معلولة ووجه العدم ماهيات اعتبارية كما قلنا في ما سبق انه نور وظل وظلمة.

فالواحد لم يصدر عنه الا الواحد ولكن في هذا الوجه الواحد كل الكثرات ولا خالق ولا موجد الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله، وجميع الموجودات باتحادها صارت موجودة بنحو جامع للكثرة وحافظ للوحدة وليس التوحيد الكامل الا بأن ترى الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة:

همه عالم صداية نغمة اوست

كه شنيداين جنين صداي دراز

وهذا الوجود الممتد الساري والمستوعب الذي اشرق على ظلمات الماهيات وهياكل الممكنات هو الواحد الجامع للكثرات وهو وجه الواحد الاحد الباقي ببقائه الدائم بدوامه، وانما الفناء والتغيرات للحدود والاعدام والوجود يستحيل ان يقبل ضده.

قرنها بر قرنها رفت أي همام

واين معاني بر قرار وبر دوام

شد مبدل آب اين جوجندبار

عكس ماه وعكس اختر بر قرار

فيا أيها الاخوان: هذه المطالب والحقائق الشامخة والمباحث السامية ليست وليدة الاهواء والميول وان فرض انها من ميول النفس وهواها فقد كفى هذا، وما كان يخطر في مخيلتي ذكرها بهذا المقدار ايضاً ولكن اندفعت بحكم ضميري وجرى على قلمي ومحط نظري وعمدة قصدي انما هو التنبيه على انه اياك وسوء الظن في حق الحكماء الشامخين والعلماء الراسخين خصوصاً بحكمائنا الاسلاميين، واياك والمبادرة الى التفسيق مثل بعض الناس ممن لا يفهم مرادهم ولا يصل الى مغزى مقاصدهم ومطالبهم فيتسرع الى التجوال في ساحة الطعن والا يراد مع الذهول والغفلة عن المراد.

وحقّاً أقول ان الرشاد والكمال العبقرية والمهارة انما هو في فهم كلمات العلماء والاكابر وفهم بحوثهم النظرية ومطالبهم العلمية من حيث المراد مع التعمق وتحصيل الاستعداد لا التشنيع والايراد، فان ذلك من دأب القاصرين وعادة الجاهلين.

واعلموا بالقطع واليقين ان اغلب مطالب الحكماء بل جميعها مأخوذة من كلمات ارباب الوحي وامناء العصمة (عليهم السلام) وقد بيّن جميع هذه المطالب مولانا سيّد العارفين والموحدين امير المؤمنين(ع) في طيّ خطبه المباركة وتضاعيف كلماته الشريفة التي جمعها سيدنا الشريف الرضي(20) (رضوان الله عليه) في كتاب (نهج البلاغة) وغيره وفي كلماته التي انشأها(ع) في ضمن ادعيته المباركة، ولكن اين من يفهم هذه الحقائق والدقائق وتلك النكات والرقائق. والظاهر بل اليقين ان اقوى المساعدات وأعد الاسباب والموجبات للوصول الى مقاصد امناء الوحي وكلمات الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) انما هو فهم كلمات الحكماء المتشرعين وكان من السابقين الاولين من اولياء الدين اناس ادركوا فيض حضورهم ووصلوا الى السعادة ونالوا الشرافة والكرامة كسلمان المحمدي الفارسي وابي ذر الغفاري واضرابهم من الملازمين لبيت النبوة والواصلين ببركة ملازمتهم لمعادن العلم وخزان الحكمة الى مرتبة صاروا بها في غنى عن الصناعات العلمية والقواعد الرسمية ووصلوا الى النتيجة من اقرب الطرف واسهلها واكمل السبل واشرفها.

فمن اراد الخوض في تلك المطالب الحكمية والغوص في بحار المباحث العلمية فاللازم له اخذها وتعلمها من اساتذة الفن واكابر الصناعة والتلمُّذ لديهم والتعلم منهم مدة طويلة وسنين عديدة كما هو الشأن في تعلم كل علم وصناعة ولا يكتفي بمحض المطالعة ومجرد النظر في كتب القوم ومؤلفات الحكماء كما هو دأب بعض الناس وديدن كثير من الاشخاص من دون ان يتلمذ عند استاذ والا فلا محيص له الا ان يضل عن الطريق ولا محالة يقع في احدى المفسدتين ويتورط في احدى المهلكتين اما الوقوع بنفسه في الكفر او تكفير قوم بغير حق.

وقد رأيت في خلال هذه الايام رسالة خطّية الفها احد الاعاظم من العلماء المعاصرين وقد توفى في هذه السنة وكان موضوع تلك الرسالة ابطال هذه القاعدة اعني ((الواحد لا يصدر عنه الا الواحد)) واورد فيها بزعمه ايرادات كثيرة على الحكماء فطالعتها برهة وقرأتها مدة فرأيت ان هذا الرجل الجليل تحمل المشقات الكادحة واتعب نفسه في ايراد المناقشات والطعون والايرادت وليته تحمل تلك المشقات والرياضات ولا اقل من صرف بعض تلك المشاق في فهم كلمات الحكماء وتفهّم مرادهم من ــ هذه القاعدة ــ ولم يقع في ورطة الايراد والأشكال وقلت لتلميذ هذا الرجل الجليل وقد كنت رأيت تلك الرسالة المؤلفة عنده الأحسن ان لا تنشروا هذه الرسالة واحفظوا كرامة استاذكم.

وما الفضل الا بالله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

واتفق الفراغ من تعريبها في اليوم الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة 1370هـ في النجف الأشرف على من حل فيها آلاف الصلاة والسلام والتحف.

القاضي الطباطبائي

بسم الله الرحمن الرحيم

النجف الأشرف 18 ربيع الأول 1366هـ

هذه ايضاً اجوبة المسائل التي سألنا بها ذلك العالم العلامة الحبر الشريف ثقة الأسلام السيد محمد علي القاضي التبريزي ايده الله تعالى وقد ارسلها من قم دار هجرته الأولى.

بسم الله الرحمن الرحيم

   المرجو من سماحة الأمام العلامة الشهير آية الله شيخنا الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء المحترم ادام الله تعالى ظله العالي ان يتفضل علينا ببيان اجوبة هذه الأسئلة لا زال وجوده الشريف مرجعاً للعلم والدين.

ــ قم ــ     محمد علي القاضي الطباطبائي

(السؤال الأول)

قوله تعالى في سورة الجمعة المباركة [ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ](21) بينوا لنا النكتة في تقديم التجارة على اللهو في صدر الآية وتأخيرها عنه في ذيلها.

(الجواب)

النكتة في تقديم التجارة على اللهو وتأخيرها في التنزيل في آية الجمعة واضحة وبديهة فأن التجارة لما كانت عملاً عقلائياً وهي اشرف من اللهو وطبعاً ناسب ان يكون الترقي منها الى اللهو وفي الجملة الأولى فكأنه تعالى يقول اذا رأوا تجارة بل ما هو اخسّ من التجارة وهو اللهو تركوا الصلاة واشتغلوا باللهو. اما في الجملة الثانية فالمناسبة تقتضي العكس فكأنه تعالى يقول ما عند الله خير من اللهو بل خير من التجارة التي هي اشرف من اللهو وهذه من نكات بلاغة القرآن المجيد. وفي الآية سؤال آخر وهو ما وجه افراد الضمير في قوله تعالى ــ انفضوا اليها ــ مع ان المقام يقتضي ان يقال انفضوا اليها، ويخطر على بالي ان المفسرين يجعلونه من باب الحذف والتقدير، واذا رأوا تجارة انفضوا اليها او لهواً انفضوا اليه ومثله في قوله تعالى [وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ](22) وحقّها ان يقال ولا ينفقونهما والوجه المتقدم في هذه الآية مقبول في الجملة يعني حذف من الأول لدلالة الثاني عليه. اما في آية الجمعة فغير مستحسن كما لا يخفى بعد ادنى تأمل والذي اراه في الآيتين وامثالهما عدم الحاجة الى التقدير بل المراد بالضمير المذكورات واذا رأوا تجارة او لهواً انفضوا اليها أي الى المذكورات وهكذا في الثانية ولعل نظائره في القرآن الكريم وغيره غير عزيز.

(السؤال الثاني)

قوله تعالى في سورة الأحزاب [وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ  فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا](23) لم يعبّر سبحانه في الجملتين المتعاطفتين بنسق واحد لم يقل جلّ وعلا [فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا] ولا بالعكس فما النكتة في ذلك.

(الجواب)

ولعل السرّ في التغيير هو المحـافظة على الرويّ فأن آيات سورة الأحزاب من اولها

الى آخرها رويها الالف مضافاً الى احتمال الأشارة الى ان الأسر كالقتل لا فرق ولا فاصل بينهما. فاتصالهما في الالفاظ الى اتصالهما في المعنى.

(السؤال الثالث)

السماوات التي نطق بها القرآن الكريم ما حقيقتها في الديانة المقدّسة وتطبيقها مع الأفلاك التي تقول بها الهيئة القديمة وكذا تطبيقها مع الهيئة الجديدة لا تطمئن به النفس وايضاً أي دليل دلّ صريحاً من الكتاب والسنة على كون العرش والكرسي شيئاً جسمانياً المرجوّ من لطفكم العميم ام تكشفوا لنا الغطاء عن هذه المعضلة.

(الجواب)

ظاهر القرآن العزيز ان السماوات اجسام واجرام مبدأها دخان [ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ](24) ولعله كناية عن الغاز او الأثير او ما اشبه ذلك من العناصر اللطيفة الشفافة السائلة ثم تماسكت وجمدت كما تشير اليه بعض خطب امير المؤمنين (ع) في النهج وغيره، وهذا قريب الى ما تصوره الهيئة القديمة من الأفلاك السبعة بل التسعة من فلك الأفلاك الى فلك القمر وان كل واحد منهما جسم اثيري مستدير لا يقبل الخرق والألتئام والكوكب يعني زحل والمشتري والمريخ واخواتها كل واحد منها مركوز في ثخن فلكه وفرضوا لبعضها حوائل وموائل وجوزهرات الى تمام ما هو مبسوط في الهيئة القديمة من الحدسيات ونحوها مما اضطرهم الى فرضه حركات تلك الكواكب السبعة ولا سيّما الخمسة المتحيرة منها ذوات الرجوع والإقامة والاستقامة نعم ما هو الظاهر من الشرع في السماوات والكواكب لا ينطبق على الهيئة الحديثة بل هي قديمة ايضاً فأنها مبنية على الفضاء الغير المتناهي وكل كوكب يتحرك في ذلك الفضاء في مدار مخصوص ويرتسم من حركته فلك أي دائرة لا ينفك سيره عليها، وفرضوا شموساً ولكل شمس نظام من اقمار وكواكب واراضي تدور حول شمسها احدها بل اصغرها نظامنا الشمسي، وليس في انكارهم للسموات بالمعنى الظاهر من الشرع دعوى اليقين بعدمها بل بمعنى ان علمهم وبحثهم لم يوصلهم اليها وهي أي هذه الطريقة اسلم وابسط من الأولى والأعتبار والآثار تدل عليها ولم يحتاجوا الا الى فرض الأثير المائي لذلك الفضاء لنقل النور من كوكب الى آخر، وقد اكتشفوا بآلاتهم الرصدية سيارات اخرى كثيرة غير السبعة المشهورة مما لا مجال لذكرها في هذا المقام واما العرش والكرسي فلـيس في الشرع كتاباً وسنة ما يدل صريحاً على جسمانيتهما سوى بعض اشـارات طفيفة مثـل قولـه تـعالى[وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ](25) وقوله [عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى](26) وهي مصروفة عن هذا الظاهر قطعاً واما السنة فالأخبار كما في السماء والعالم من البحار وغيره مختلفة اشد الاختلاف وفيها ما يشعر بأنهما جسمان واكثرها صريح في عدم الجسمية وانهما من مقولة العلم والقدرة والملك وصفات الذات المقدسة، وبالجملة فامعان النظر في الاخبار وكلمات العلماء والمفسرين لا يزيد الا الحيرة والارتباك والذي اراه في هذا الموضوع الدقيق والسر العميق والبحث المغلف بسرائر الغيب وحجب الخفاء ان المراد بالكرسي هو الفضاء المحيط بعالم الاجسام كلها من السماوات والارضين والكواكب والافلاك والشموس فان هذه العوالم الجسمانية بالقطع والضرورة لها فضاء يحويها ويحيط بها سواء كان ذاك الفضاء متناهياً بناء على تناهي الابعاد او غير متناهي أي مجهول النهاية بناءاً على صحة عدم تناهي معلولات العلة الغير المتناهية، وهذا الفضاء المحيط بعوالم الاجسام هو الكرسي [وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ] وهو المعبر عنه ايضاً بلسان الشرع (بعالم الملك) تبارك الذي بيده الملك، ثم تحمل هذا الفضاء وكل ما فيه القوة المدبرة المتصرفة فيه وليست هي من الاجسام بل نسبتها الى الاجسام نسبة الروح الى الجسم وهذه هي (العرش) الذي يحيط بالكرسي ويحمله ويدبره ويصرفه ويتصرف فيه، وتقوم تلك القوة بثمانية اركان كل واحد متكفل بجهة من لتدبير فتحمل ذلك العرش المحيط بالكرسي وما فيه وهي حملة العرش، ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية، ولعل هذه الثمانية هي الصفات الثمانية: العلم والقدرة والحياة والوجود والارادة والسمع والبصر والادراك، فهي بالنظر الى نسبتها الى تدبير الاجسام والسماء والارض وما فيهما (العرش الاولى) وبالنظر الى نسبتها الى الذات المقدسة وانها صفات تلك الذات (العرش الاعلى) والملائكة الكروبيين، والعرش الاعلى والادنى هو عالم الملكوت ثم فوق القوة المدبرة للاجسام عالم العقول والمجردات والملائكة الروحانيين وهذا هو عالم الجبروت، ثم يحيط بهذا العالم ويدبره ويتصل به عالم الاسماء والصفات والاشراقات والتجليات وهو عالم اللاهوت، فانتظمت العوالم الاربعة هكذا عالم اللاهوت، ثم عالم الجبروت، ثم عالم الملكوت وهوالعرش، ثم عالم الملك وهو الكرسي اعني الاجسام والجسمانيات.

اما اهل الهيئة القديمة من علماء المسلمين فقد جعلوا فلك الثوابت هو الكرسي، والفلك التاسع الاطلس هو العرش، ومهما كان الواقع فان كل هذه العوالم اشعة تلك الذات المقدسة الاحّدية ومضافة اليها اضافة اشراقية لا مقولية وسارية تلك الحقيقة سريان العلة في المعلول.

جمالك في كل الحقائق سائر

وليس له الا جلالك ساتر

الى آخر الابيات، وهذا البيان في توجيه العرش والكرسي وتطبيقه على العوالم الكونية من متفرداتنا ولنا هنا مباحث دقيقة واسرار عميقة لا يتسع لها الوقت ولا المجال ولله الحمد والمنة على كل حال.


[1] هو جمال الدين ابو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن مطهر الحلي الشهير بآية الله العلامة رئيس الأمامية وزعيمها الأكبر صاحب التصانيف الكثيرة الممتعة في مختلف العلوم قرأ على جماعة كثيرين من علماء الشيعة والسنة وناظر علماء المذاهب الأربعة، وافحمهم وتشيع بسبب السلطان محمد المغولي الملقب بـ ((شاه خدا بنده الجايتو)) المولود 680هـ والمتوفي ليلة عيد الفطر 716هـ ودفن في السلطانية على مسافة عدة فراسخ من بلدة (زنجان) وامر هذا السلطان بتزيين الخطبة والسكة بأسامي الائمة الأثني عشر (ع ) وكان قبل= =ذلك بأسامي الخلفاء الأربعة ورأيت من تلك المسكوكات في هذه الآونة الأخيرة وامر ايضاً بترتيب مدرسة سيارة للعلامة تحتوي على مائة نفر من طلاب مجلسه الشريف وهي ذات غرف من الخيام الكرباسية وما يحمل عليها من الدواب وكانت تحمل مع الموكب السلطاني وتضرب من كل منزل. ونقل انه وجد في اواخر بعض الكتب وقوع الفراغ منه في المدرسة السيارة السلطانية في كرمانشاهان. وكان للعلامة ثروة طائلة وقرى كثيرة قد حفر انهارها بنفسه واحياها بماله لم يكن لأحد فيها من الناس تعلق واوقف كثيراً من قراه في حياته. وذكر الشيخ ابراهيم القطيفي في كتابه السراج الوهاج: انه رأى خطه الشريف وخط الفقهاء المعاصرين له من الشيعة والسنة على الوقف، وفي صدر سجله انه احياها وكانت مواتاً. وصاحب العلامة وولده فخر المحققين ذلك السلطان سفراً وحضراً ولم يفارقاه طيلة حياته منذ صاحباه وتوفى العلامة سنة 726هـ وولده سنة 771هـ. ومن اغرب ما ذكره بعض من سود وجه التاريخ بالترهات والشطحات كأبن بطوطة الرحالة الشهير ان السلطان المذكور رجع عن مذهب الأمامية الى طريقة اهل السنة وتبعه في هذا الزعم بعض المعاصرين لعدم تحريره الصادق في التأريخ. غفرانك اللهم من هذا الأفك العظيم الناشئ من العصبية الممقوتة اعاذنا الله منها والله العاصم.

(2)اسماء بنت عميس الخثعمية من مشاهير العالمات في الإسلام، اسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة مع زوجها جعفر بن ابي طالب (ع ) فولدت له بالحبشة عبد الله وعوناً ومحمداً ثم هاجرت الى المدينة فلما استشهد عنها جعفر الطيار تزوجها ابو بكر فولدت له محمد بن ابي بكر ثم مات عنها فتزوجها امير المؤمنين (ع) فولدت له يحيى. قال العلامة المامقاني (قدس سره): انها ثقة مقبولة الرواية. وروى الصدوق (رحمه الله ) في الخصال مسنداً عن ابي= =بصير عن ابي جعفر (ع ) قال سمعته يقول رحم الله الأخوات من اهل الجنة: اسماء بنت عميس الخثعمية وكانت تحت جعفر بن ابي طالب وسلمى بنت عميس الخثعمية وكانت تحت حمزة وخمس من بني هلال الخ الحديث وكان عمر بن الخطاب يسأل اسماء بنت عميس عن تعبير المنام ونقل عنها اشياء من ذلك وفرض لها الف درهم وماتت بعد امير المؤمنين (ع ) وقيل توفيت في زمن خلافته (ع ) ويقال انها لما بلغها قتل ولدها محمد بمصر قامت الى مسجد بيتها وكظمت غيظها حتى شخبت ثدياها دماً واوصى ابو بكر ان تغسله امرأته اسماء بنت عميس انظر لسان الميزان ج6 ص853 ط حيدر آباد الدكن. اسد الغابة ج5، ص395 ط مصر. اعيان الشيعة ج11، مج12، ص219 ــ 232ط دمشق. الأصابة ج4، ص225، ط مصر 1359هـ. تنقيح المقال ج3 فصل النساء ص69، ط نجف. اعلام النساء ج1، ص46، ط دمشق. الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص35، ط مصر 1313هـ.

(4) وليسمح لي القارئ العزيز ان ابين في هذا المقام معنى (الهيولي ومرتبتها) واقول اعلم انه كما يوجد في المفاهيم المعقولة امراً مشتركاً بينها يسمى الجنس، وأمراً مميزاً يسمى الفصل، وامراً مؤلفاً في العقل منهما بسيطاً في الخارج يسمى النوع، كذلك اذا لاحظنا المحسوسات والأجسام : فأن من انعم النظر لمثل (المدرة) مثلاً ولاحظها يرى فيها من حيث وجودها الخارجي شيئاً تساوق المدرة في ذلك الشيء جميع الأشياء القائمة بذاتها وتفارق= =الأمور العرضية, وذلك الشيء هو الجوهر وتمتاز المدرة فيه اذن عن الأعراض ويرى فيها شيئاً آخر تشارك فيه جملة من الأشياء الجوهرية وتمتاز عن جملة اخرى وذلك الشيء هو (الجسم) فأن المدرة تمتاز عن العقل ونحوه في ذلك وتساوق الحجر والياقوت وزيداً مثلاً فيه فمن هنا يعلم الانسان ان في المدرة وراء الجوهرية شيء آخر هو من جنس الجواهر واخص منه.

ثم ان هذه الجسمية بعد امعان النظر فيها نرى ان حقيقتها ليس الا امراً مؤلفاً من شيء ومقدار وهذا نظر اجمالي الى ذاتها الموجود، وبعد لفت النظر في هذا الأمر اذا دققناه فيه رأيناه ينحل الى اشياء يطلق الجسم على مجموعها فأول ما نرى فيها ويظهر هو مقدار هذه المدرة عرضاً وطولاً وعمقاً وهو المقدار الخاص لها، فأذا تعمقنا في هذا المقدار الخاص نقطع بأنه ليس مناط جسميتها والا كانت المدرو الأخرى التي تخالفها في جميع انحاء هذا المقدار الخاص غير جسم وهو باطل، فنعلم من ذلك ان خصوصية هذا المقدار يجب ان يكون امراً عارضاً على الجسم بما هو جسم وان الجسم انما يكون ذا مقدار كلي ولا يقتضي خصوصية المقدار. ثم بعد التأمل والتعمق تارة اخرى نرى ان بعض الأجسام ليس لها مقدار فعلاً وهي جسم وان فعلية المقدار لو كان داخلاً في قوام الجسمية لم يمكن لنا ان نفرض جسماً ليس له مقدار فعلاً لأنه كفرض جسم ليس بجسم فيتضح من ذلك وضوحاً لا يقبل الشك ان قوام الجسمية ليس بفعلية المقدار بل بقابليته، ثم بعد الأمعن والدقة نجد ان حقيقة الجسم هي الشيء القابل للمقادير مشتركة بين جميع انواع الأجسام وهي مختلفة في امور ذاتية وفصول كجسم الحيوان، وجسم النبات، وجسم المعدن، ونحو ذلك ونجد ان هذه الحقيقة بأختلاف فصولها مرتبة فعلية الجسم وبين هذه الأجسام المتمايزة بحسب الفصول شيء مشترك من الجسم قابل لأنظمام كل من الهيئات اليه.

قتحقق بالتنقيب والتحليل الصحيح بحيث لا يشوبه شيء من الدجل ان في جسم المدرة اشياء عديدة، مقدار خاص، واتصال عرضي وهو المقدار المطلق الذي يعرضه خصوصية المقدار، وصورة المدرية المميزة المدرة عن صورة النخلة مثلاً وشيء مشترك قابل لطريان الصورة وعروضها.

فهذه امور اربعة: اولها الشكل، وثانيها الكم المتصل، وثالثها الصورة الجوهرية، ورابعها المادة الجوهرية، والأولان عرضيان والأخيران جوهريان والأخير أي المادة هي الهيولي، والثالث الصورة، فالهيولي وراء الجوهر امر جسمي مشترك بين جميع انواع الأجسام وليس الا قابلاً ومرتبة القابلية للصور والفعلية موقوفة على الصورة ولذا قلنا: ان الهيولي تلازم الصورة.. هذا ما فهمنا من في تصوير الهيولي والصورة وهو تنقيح ما يظهر من كتاب الشفا للشيخ الرئيس ابن سينا. مع بيان بعض الأساتذة الأعاظم، ولا اظن بقاء شبهة بعد هذا البيان في فهم معنى الهيولي ومرتبتها، فنسبة الهيولي الى الأمور الجسمية الخارجية نسبة الجنس الى المفاهيم المعقولة الذهنية كما صرح به رئيس فلاسفة الأسلام في الهيئات الشفاء.

ثم انه غير خفي على الباحث المنقب ان التعبير عن الأمر الجسمي المشترك بين جميع انواع الأجسام بـ(الهيولي) اصطلاح للفلاسفة الأقدمين واما الفلاسفة في الأعصار المتأخرة فهم يعبرون في الأغلب عن ذلك الأمر بالمادة والقوة، او الأثير، او ( اتوم )، او الجواهر الفردة، او تحولات الحركة، على اختلاف آرائهم وتشتت اقوالهم وافكارهم حتى اليوم، والأقدمون مع قولهم بالهيولي قائلون بالصانع القديم القادر المختار اذ لا تنافي بين القول بالهيولي والصانع المختار كما هو رأي حكمائنا الأسلاميين الذين وصلوا الى القمة العليا والدرجة القصوى في الآلهيات، واما الفلاسفة الماديون في العصر التعيس مع تشتت آرائهم وتناقض اقوالهم يظهر من كلماتهم انه يدعون عدم العلم بما وراء الطبيعة والمادة فأنهم من كثرة انهماكهم وتوغلهم في المادة والماديات وتهاجم شبهات الألحاد عليهم بعدوا اشواطاً شاسعة عن الروحانيات والآلهيات ولا ينافي ادعائهم عدم العلم مع اثبات الآلهيين وعلمهم ان في ما وراء المادة قوة روحية وافاضة معنوية وهي علة العلل ومفيض الكل والمبدأ الحقيقي للهيولي او المادة او الأثير وبالجملة للكائنات والموجودات كلها وان شئت فعبر بأصطلاح فلاسفة الآلهيين ــ ان الكائنات بأسرها بجميع عللها ومعلولاتها تنتهي الى ( واجب الوجود بذاته ) المنزه عن كل ما ينافي وجوب وجوده فمن ينفي الصانع ويدعي عدم الدلالة في الكائنات والموجودات عليه او الدلالة على عدمه فعليه اثبات ذلك بالبرهان الصحيح والتحليل العلمي النزيه من كل موجود ولا يكفيه مجرد النفي وادعاء عدم العلم فأن النفي يحتاج الى الحجة كالأثبات ولا يكفيهم خوضهم في الطبيعيات وغورهم في الماديات وان بلغوا ما بلغوا فيها من الرقي= =والاكتشافات الطبيعية فأن القوة القاهرة المعنوية والإفاضة الباطنية الشاعرة انما هي ما وراء الطبيعة والمادة وهي المدبرة لهذه الموجودات من المادة والماديات كلها لا الطبيعة العمياء والمادة الصماء الفاقدة للحس والشعور.

ولهذا اعترف جمع من فلاسفة الغرب ومشاهيرهم في القرون المتأخرة بالصانع القادر المختار القاهر المحيط بكل شيء منهم (باستور) العالم الفلكي الفرنسي المتوفي (1912م) و (نيوتن) الطبيعي الفيلسوف الانكليزي الشهير الذي دحض آراء الماديين ومعتقد انهم المتوفي (1727م) و(مالبرانش) الفرنسي المتوفي (1715م) و(هكسلي) من اكبر علماء الأنكليز المتوفي (1895م) وقد اعترف بأنه: (يستحيل نقض الألوهية بحسب مذهب الأرتقاء) و(بليز باسكال) الفيلسوف العظيم الفرنسي المتوفي (1662م) والى غيرهم ممن يطول بنا الكلام بذكر اساميهم وآائهم وكلماتهم في هذا المقام.

(7) وقد خدم (ع ) الدين بنهضته المقدسة واحيى التوحيد في العالم بتلك التضحية العظيمة ولولا شهادته لم تقم للأسلام قائمة فأن الأحقاد القديمة من بني امية وتلك الضغائن الخبيثة من تلك الشجرة الملعونة نهضت على محو الدين الأسلامي الذي ظهر من اسرة عريقة بالمجد والشرف اعني البيت الهاشمي البازغ منهم شمس الرسالة والنبوة، فلو ارخينا عنان القلم نحو الوجهة التاريخية وما كان للأمويين من النيات الممقوتة في هدم الأسلام لخرجنا عن الغرض المقصود في هذه الرسالة وهي ترجمة الكلمات المترشحة من قلم سماحة الأمام دام ظله. ولكن استطيع ان اقول ايها القارئ العزيز على الأجمال: ان بني امية سلكوا في سياستهم الغاشمة في هدم الأسلام ونسفه المسلك والشرعة التي علمها لهم رئيسهم ورئيس المنافقين والزنادقة ابو سفيان ــ في تلقينه لهم تعاليمه الجاهلية ونزعاته الأموية حين دخل على عثمان بعد ان ولى الخلافة وخاطبهم بكلامه المعلن بكفره ونفاقه وقال: (يا بني امية تلقفوها تلقف الكرة والذي يحلف به ابو سفيان ما زلت ارجوها لكم ولتصيرنَّ الى صبيانكم وراثة) وقال لعثمان ادرها كالكرة واجعل اوتادها بني امية فأنما هو الملك ولا ادري ما من جنة ولا نار. وأتى قبر =حمزة سيد الشهداء (رحمه الله ) فركله برجله ثم قال: يا حمزة ان الأمر الذي كنت تقاتلنا عليه بالأمس قد ملكناه اليوم وكنا احق به من تيم وعدي.

(8)البحار للعلامة المجلسي ج10 ص220 طبع امين الضرب باختلاف يسير في العبارة ويكفي في الاعتماد بهذا الخبر نقل المجلسي له عن بعض الكتب المعتبرة ولهذا اعتمد سماحة شيخنا الأمام دام ظله عليه ايضاً في المقام فدع عنك ما يظهر من كلمات بعض من يدعي التتبع من المناقشة في هذا الخبر فأنه مناقشة واهية لا وجه لها سوى الاستبعاد المحض الذي لا يعبأ به بعد ما عرفت من كلام سماحة الأمام دام ظله الوجه في فعل الصديّقة الصغرى زينب (ع).

 وزينب الكبرى هي عقيلة بني هاشم وهي الصديّقة الصغرى عالمة اهل البيت (ع ) وكريمة امير المؤمنين (ع) وامها الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين وهي شريكة الحسين (ع ) في ابادة كبرياء الظالمين واطفاء نائرة سلطتهم الجائرة ولولاها لأنقرضت سلالة العترة الطاهرة، وهي وحيدة عصرها في الصبر والثبات وقوة الأيمان والتقوى والعفاف وفي الفصاحة كأنها تفرغ عن لسان امير المؤمنين (ع ) واوصى اخوها اليها بجملة من وصاياه وانابها السجاد (ع ) نيابة خاصة في بيان الأحكام وكان ما يخرج عن علي بن الحسين (ع ) من علم ينسب الى زينب (ع) تستراً على الأمام السجاد (ع ) وذكرها علماء الرجال من الفريفين في كتبهم وافرد بعضهم في حقها مؤلفاً خاصاً ككتاب (السيدة زينب) وكتاب (زينب الكبرى) للعلامة النقدي (رحمه الله ) وكتاب (الطراز المذهّب) بالفارسية لولد صاحب ناسخ التواريخ وقد خلط مؤلفه فيه الصحيح بالسقيم ولا ينبغي الاعتماد عليه من غير تثبت وتحقيق. وصنفت الدكتورة بنت الشاطئ كتاب (بطلة كربلاء زينب بنت الزهراء) وهو عدد 11 لسنة (1371)هـ من كتب الهلال التي هي سلسة شهرية تصدر عن دار الهلال بالقاهرة وكتاب (زينب عقيلة بني هاشم). وغير ذلك من المؤلفات الخاصة في حق هذه العقيلة التي هي في المقدمة بين الأنقياء المجاهدين والطيبات= =والطيبين من آل البيت النبوي الذين ضحوا في سبيل الحق والعدالة واصلاح زيغ البشرية واحتملوا من المآسي ما كان له اثره الخالد ووقعه العظيم في التاريخ الأسلامي.

وفي مدفنها وتأريخ وفاتها آراء واقوال شتى لم اهتد الى تحقيقها والتحري الدقيق فيها كي تطمئن النفس بأحداها لقلة المصادر ولأسباب اخرى قيل انها ولدت في حياة النبي (ص ) من غير ذكر سنة الولادة كما في الإصابة وغيرها، وقيل ولدت في الخامس من جمادى الأولى في السنة الخامسة للهجرة وهو الراجح في نظري، وقيل في السنة السادسة وقيل في الرابعة، وتوفيت نحو سنة (65)هـ كما ذهب اليه الزركلي في الأعلام ج1 ص351 وعمر رضا كحالة في اعلام النساء ج1 ص508 وفي الأخير انها دفنت بمصر واليه ذهب جمع من علماء اهل السنة، وذهب العلاّمة الشهرستاني في نهضة الحسين (ع ) الى انها توفيت في نصف رجب سنة (65)هـ، وقيل انها لم تمكث بعد اخيها الا يسيراً وتوفيت بعد ورود المدينة بثمانين يوماً وان قبرها بها، كما في تنقيح المقال ج3 ــ فصل النساء ص80 واستظهر صاحب كتاب اعيان الشيعة ج33 ــ ص207 ــ 210ط بيروت ايضاً ان قبرها بالمدينة وقيل انها توفيت في النصف من رجب سنة (62)هـ بمصر كما ذهب اليه العبيدلي في رسالة (الزينبات) المنسوبة اليه وقيل انها توفيت في احدى قرى الشام ودفنت بها وهذا القول بعيد عن الصواب فأن الألسن تلهج في سبب ذلك بحديث (حديث المجاعة ومجيء عبد الله بن جعفر مع زينب (ع) الى الشام) لا اثر له في صفحات التأريخ = والسير، وما ذكره العبيدلي من تاريخ وفاتها ومدفنها بمصر بعيد ايضاً للقرائن التي لا يسعنا المجال ولا المقام لذكرها، والحق ان لهذه السيدة شباهة تامة لأمها الصديّقة الطاهرة (ع ) في اختفاء قبرها ومدفنها (عليها السلام).

(11) هنا كتب دام ظله في اصل الكتاب كما في ترجمته في الطبعة الأولى (ثلاثمائة وستين تسبيحة) ثم كتب بقلمه الشريف في هامش النسخة المصححة التي ارسلها الينا ما يلي: كتبنا (ثلاثمائة وستين تسبيحة) يعني بزيادة ستين نظراً الى وقوع العدد خارج الصلاة فلا يكون تغييراً لكيفية الصلاة الوارد بالنص وتكون الزيارة ذكراً مستحباً في = نفسه وذكر الله حسن في كل حال ويطابق عدد ايام السنة لكل يوم تسبيحة وجبراً لفوات التسبيح في داخل الصلاة فأنت ايها العامل مخير بين الثلاث مائة والثلاثمائة وستين اذا اضطررت الى الذكر خارج الصلاة وبالله المستعان منه دام ظله.

(14) ولعل نظر شيخنا المجتهد الأكبر دام ظله ــ في كون سهم الأمام (ع ) امراً مهماً وموضوعاً صعباً عنده ــ الى ان لفقهاء الأمامية في زمن الغيبة خلافاً شديداً واقوالاً شتى في حكم سهم الأمام (ع ) وفي موارد مصرفة تربو تلك الأقوال عن التسعة مع عدم دليل خاص في البين بحيث يوضح حكمه على نحو يوجب الوثوق والاطمئنان به، ولهذا اختلفت الآراء والمذاهب الفقهية في هذه المسألة وكشف رضاء الأمام (ع ) في الموارد الخاصة التي يصرف فيها في غاية التعذر ولذا كان اهل الورع والتقوى من اهل العلم والدين في الزمن الغابر في اشد الاجتناب عن صرفه في حاجاتهم المادية واما اليوم فينهبه كل من استولى عليه، ومن الغريب انه تحسب عدة من الناس ان الشارع شرع سهم الأمام (ع ) وهيأه في زمن الغيبة لمؤنتهم ولصرفهم في حوائجهم ومعايشهم وحاجاتهم الشخصية مع انّا نرى احتياج جمع من اسرة الأمام (ع ) ورهطه من بني فاطمة (عليها السلام ) ــ من الذين لا يشك في صحة انتسابهم واتصال سلاسل نسبهم لبيت النبوة الى المساعدات اللازمة، وسهم الأمام (ع ) انما هو من الخمس والخمس في الدين الأسلامي شرع لبيت الهاشمي النبوي ــ الأمام (ع ) وسائر الذرية الطيبة والسلالة الهاشمية ــ ولا ينبغي لغيرهم التصرف فيه كما لاتحل للذرية الطاهرة التصرف في الصدقات من الزكاة ــ اوساخ الناس ــ ومع احتياج الذرية فصرفه في غيرهم في غاية الصعوبة، ولهذا ذهب جمع كثير من الفقهاء الأكابر زعماء الدين ورؤساء المذهب كالشيخ المفيد والمحقق والعلامة والمحقق الثاني والمجلسي والشيخ كاشف الغطاء وغيرهم رضوان الله عليهم الى ان سهم الأمام (ع ) كسهم الذرية يصرف اليهم، وقال الشهيد الثاني في شرح اللمعة: (انه المشهور بين المتأخرين) وقال السيد صاحب الرياض: (انه الذي استقر عليه رأي المتأخرين كافة على الظاهر المصرّح به في المدارك) وصرح جمع آخر ايضاً ان هذا القول هو المشهور والموافق للأحتياط والله العالم بأحكامه.

(15) ارسطو (384 ــ 322ق م) خاتمة حكماء اليونان وسيد علمائهم واليه انتهت فلسفتهم ويلقب بالمعلم الأول لأنه اول من جمع علم المنطق ورتبه وخلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية وصورها بالأشكال الثلاثة وجعلها آلة للعلوم النظرية ويسمى اتباعه بالمشائين.

وذكروا في وجه تسميتهم: ان استاذه افلاطون الحكيم كان يدرس تلاميذه وهو ماش احتراماً للفلسفة وتقديساً لها، او انهم كانوا يمشون في ركاب ارسطو، او ان هذا الأسم رمز الى المشي الفكري في تحصيل العلوم، الى غير ذلك مما قالوا او تخيلوا في وجه هذه التسمية، ولكن المنقول عن بعض الكتب الغربية: ان في سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة قبل الميلاد ورد ارسطو الحكيم اليوناني الى بلدة (آثنية) وكان حول البلدة محل للتفرج يسمى (ليكيون) وبنى هذا الحكيم فيه مدرسة وسميت بأسم المحل وقالوا لها مدرسة (ليكيون) ثم سميت هذه المدرسة باليوناني مدرسة التفرج والتنزه والحكماء التابعون لآراء ارسطو كانوا ساكنين في تلك المدرسة فنسبهم الناس اليها فقالوا (طائفة المشائين والمتفرجين) وقالوا لأرسطو وهو زعيم المدرسة: رئيس المشائين. بيد ان نقلة الكتب اليونانية الى العربية لعدم تحريهم الصادق في تأريخ اليونانيين غفلوا عن حقيقة الأمر في وجه هذه التسمية فتخيلوا ما هو المشهور الى اليوم. وقد كتبنا ذلك في بعض ملاحظاتنا في مجلة (العرفان) الزاهرة ج10 ــ مج39 ص ــ 1247ط صيدا.

(16) روى ثقة الإسلام الكليني (قدس سره) باسناده عن سماعة بن مهران قال: كنت عند ابي عبد الله (ع ) وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل، فقال ابو عبد الله (ع ): اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا، قال سماعة: فقلت جعلت فداك لان نعرف الا ما عرفتنا، فقال ابو عبد الله (ع ): ان الله عز وجل خلق العقل وهو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: ادبر، فأدبر ثم قال له: اقبل فأقبل الى آخر الحديث الشريف، انظر كتاب العقل والجهل من الجامع الكبير (الكافي) وهو الحديث الثالث عشر منه وتأمل فيه.

(18) رواه شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (قدس سره) ــ شيخ الأمامية منذ زمنه الى اليوم ــ في كتابه (مصباح المتهجدين) قال: اخبرني جماعة عن ابن عياش قال مما خرج على يد الشيخ الكبير ابي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد (K) من الناحية المقدسة ما حدثني به خير بن عبد الله قال كتبته من التوقيع الخارج اليه الخ.

(26) سورة طه آية: 5.


 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما