الجمعة, شوال 24, 1445  
 

التوضيح في بيان حال الانجيل و المسيح

القول الصحيح في دحض الوهية المسيح

 

 الباب الثاني

 

  



القول الصحيح في دحض الوهية المسيح

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُـلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالاَْرْضِ أَإِلَـهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(1).

عجباً لك أيها الإنسان ولا يكاد ينقضي فيك العجب، ما اجهلك في علمك، بل ما اجهلك بجهلك ما سعدت إلاّ وشقيت، وما ارتقيت إلاّ وهويت، بينا تجد الإنسان قد اتسعت معارفه، واعتدلت مداركه واستقامت قرايحه، وقلتَ قد أخذ من العرفان بحظ، ومن الاستنارة بقسط، ومن الصواب بنصاب، وجمع بين طرفي الامانة والمتانة، والحصافة والحصانة، ورسخت في المزالق اقدامه، واعتادت على نسخ الحقائق اقلامه، فلا تلتبس عليه الغامضة، ولا تلتاث دونه العويصة، ولا تضيع في أوهامه الحقيقة، بينا انت منه على ذلك أو مثله، إذ بك تراه يتخبط في ظلمات الأوهام، ويتورط في لجج اللجاج، يمشي في ضاحية وكأنما يمشي في حنادس الظلم لا يزيده كثرة السير إلاّ بعداً، يتقدم القهقرى، ويسير معكوساً سير السرطان إلى ورا، رفعت بالأمس إلي مجلة (المشرق) في عددها الثاني من سنتها الحادية عشرة فوجدت في فاتحتها هذا العنوان (البرهان الصريح، في اثبات الوهية المسيح) رداً من منشئها (لويس شيخو اليسوعي) على مجلة (المنار) الشهيرة.

____________

1- النمل: 63 ـ 64.

 

نعم لا غضاضة على المرء ان يحامي عن دينه، ويذب عن حياضه، ويدافع عن حوزته، ولكن موضع العجب والاستغراب انه كيف يخرج الإنسان بالشيء عن حدوده؟ ويتجاوز به عن نصابه، وينظمه في غير سلكه، موضع العجب انه كيف يغالط الإنسان نفسه، ويكابر وجدانه، ويناكر عقله، وكيف يشتبه على مثل ذلك الرجل، ان مسألة كهذه تصادم الضرورة، وتصك جبهة الوجدان، ليست هي موضع بحث ودليل، وفحص واستقراء، وانما هي موضع ايمان وتسليم، وانقياد واذعان، كيف غاب عنه ان مسألة كهذه ما هي إلاّ كقارورة زجاج لا يليق به إلاّ ان يحتفظ عليها، ويرفق أشد الرفق بها، ولا يعرضها لصدمات الاستدلال والبحث والجدال، فانها لو وقعت في معرض ذلك، لا تقيم وشيكاً ان تعود هشيماً تذروه الرياح وتسفي عليه السافيات، لعمر العلم انه ما امتهن ولا افتتن ولا اثقلت كواهله، واعيت كلاكله، بعبء اثقل عليه من تأليه البشر، وتربيب المربوب، وتسوية الخالق بالمخلوق، لعمر العلم ان هذه لهي المحنة التي تركت الناس تخرج من دين الله أفواجاً، وتبرأ من الأديان بتاتاً، وتصفى افئدتها إلى الإلحاد، وتجده خيراً لها من ان تعبد مخلوقاً مثلها، وتدين بالوهية واحد من أبناء جنسها، يجري عليه ما يجري عليها، وينتظم كل حكم ينتظم لها، لعمر العلم ان هذه لهي العاصفة التي لفت أعاصيرها على أوليات الدهر، وغابرات العصور كراديس من الأمم وملايين من الشعوب فالقتهم في لحود الإلحاد، وسالت بهم سيل الآتي حتى قذفتهم في مهاوي الكفر والجحود فيوماً ابيقورية كلبية، وعصراً مزدكية، وآخر قرامطة وباطنية وتارة نيشرية أو اشتراكية، وهلم جرا إلى ان برزوا اليوم بين ماسونية أو دارونية، وهاتان الامتان بل الطامتان هما اللتان لا يزال صاحب المشرق وأهل الأديان يتبرمون من شرورهما، ويحذرون سوء العقبى من صيور أمرهما.

 

 

ولو تدبّر بعض أهل الأديان أحسن التدبر، لوجدوا انهم هم الذين حملوا اولئك القوم على خلع نير الأديان والتملّص من اغلالها التي اصبحت لا تحيد كثيراً عن عبادة الأوثان، والمشاعر إذا استوت مداركها، تجد لا محالة ان رفض الدين بتاتاً خير من أن يكون الإنسان مديناً لمثله، بدعوى انه جزء من الإله أو حل جزء من الإله فيه بالتوالد الأزلي منه أو الانفصال الحادث عنه أو غير ذلك من اختلافات مزاعمهم، وشتى مشاربهم، ولو صح ذلك (معاذ الله) لخفت وطأة النكير منا معاشر المسلمين على بعض الفرق التي تنتحل الإسلام وما هي منه (كالسبائية) وأمثالها من الغلاة في أئمة أهل البيت(عليهم السلام).

أليست هذه الدروز إلى جنبنا تقول بالوهية (الحاكم بالله) وقد نشرت أو نشرت عنها رسالة عنوانها (دين التوحيد) وتعاليم الدروز، وهي تسجل في غضونها الوهية ذلك البشر الذي قد اصبح جسده رميماً، والله اعلم بروحه أفي نعيم أم جحيم؟ وهم يرون انه الأول والآخر، والباطن والظاهر، وانه صاحب الأدوار والأكوار ظهر في ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم.

وإذا صحت مزعمة الغلو في عيسى أمكن على الجواز ان تصبح في غيره ففي الحكمة الأولى (ان حكم الامثال فيما يجوز وما لا يجوز سواء) وإذا ثبت أصل الامكان وارتفع الامتناع هان أمر الوقوع، والغلاة في علي(عليه السلام) أو في (الحاكم بالله) لعلها تدعي لهما من المعجزات ما هو فوق معجزات عيسى بكثير، أما الولادة بغير لقاح فما أكثر ما يقع في سلائل الأحياء مثله من التولد الذاتي والسكون الفجائي من كاينات الطين أو الماء أو النبات أو غيرها، وهذا هو المثل الذي ضربه تعالى شأنه في فرقانه الحميد بقوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَاب)(1).

____________

1- آل عمران: 59.

أما العلاقة الروحية، والنفحة الإلهية، وكلمة المشية، فانها بنسخها وأصل جوهرها سارية في كل ذوات الأرواح، اعني ان الجميع سواء في الانتساب إلى ذلك الفيض الأقدس، والحضرة المنيعة، وبالأخص الأرواح الطاهرة، والنفوس الزكية، على اختلاف مراتبها في القرب والبعد، والصفاء والتجرّد.

أما ما يوجد في بعض آيات العهدين من اطلاق الآلهة أو ما يساويها على السيد المسيح، فهو من فرض صحته وعدم خيانة الترجمة فيه وسلامته من مد يد التحريف إليه، لا يقضي له أيضاً بشيء من ذلك، بعدما ورد مثله في أمثال عيسى كهرون وموسى وغيرهم من بني اسرائيل، مثل ما في سابع الخروج فقال الرب لموسى انظر أَنا جعلتك إلهاً لفرعون وهرون أخوك يكون نبيك، وكثير من أمثالها، مما ليس القصد في الحاضر احصاؤه ولا نريد أن نغلي هذه اللمة، ونخوض في العاجل هذه اللجة، ونكشف القناع عن محيا هذه الجلبة، وانما الهم والعزيمة، ان ننظر في البرهان الصريح الذي أخذه (المشرق) على عهدته، وجعله في ضمانه وكفالته، نريد ان ننظر هل يأتي لنا بوجه مقبول، وتصوير معقول؟ لتصحيح ذلك الانبثاق والولادة الإلهية، أو تقمص الإله للطبيعة البشرية، وهل يقنعنا بان الواحد البسيط المجرّد، والازلي السرمد، يعود مركباً ثلاثياً، وحادثاً بشرياً؟ (لاها الله) ان (المشرق) قد حاول امراً عظيماً، وخطراً جسيماً، بيد اننا مهما كان الأمر من المنعة والعزة، والإباء والتعجيز فنحن رهاين البرهان، واسراء الدليل، وحلفاء البينة واتباع الحقيقة، سوى اننا لا نأخذ الكلام على عواهنه ولا يقنعنا البيان بسطوحه، ولا ننخدع بحشد الأقوال الضافية، وتنميق السطور المتزاحمة، وتنسيق الصفحات المتراكمة، دون ان نلقى ذلك في نار الامتحان، ونعرض على محك النقد، ونضعه في بوتقة التصفيه، وننفخ عليه بكير التمحيص، فان خلص لنا منه الجوهر السبيك، والأصل السليم، اخذناه بثمنه، وسمناه بمثله، وعرفنا له قدره، وجعلناه زينة

صدورنا، وحلية أجيادنا، وها نحن نخوض معه في هذه الغمرة حتى تنجلي الحقيقة، وتسطع شمسها من وراء الغيوم المتلبدة على افق (المشرق) ان شاء الله.

ولا نخرج من دائرة الأدب، ومحافظة السلم، إذ ليس قصدنا سوى طلب الحقيقة دون الجدال والخصام، والله على ما نقول وكيل.

قال في الصفحة الأولى من ذلك العدد في الحاشية ما حرفه: (والعجب ان بعض المسلمين إذا جادلوا النصارى نقلوا آيات الأسفار المقدسة ولا ينسبون إليها التحريف إلاّ إذا وجدوا فيها شيئاً لا يوافق آراءهم) انتهى.

اقول: أيها الأب لا تعجب من اولئك المسلمين فان المجادلين من النصارى كثيراً ما يتمسّكون بآيات القرآن الكريم فيما يتعلق بذكر التوراة ونبوة عيسى وهم لا يؤمنون بالقرآن ولا يعترفون بصحته، فان كان ذلك من طريق الالزام والجدل فليكن هذا هو عذر من تعنيه من المسلمين ولا يليق ان تشاركهم انت واخوانك في الفعل ثم تفردهم بالتعجب، قال في صفحة (2) تحت عنوان (مقدمات) ما نصه: في مقالتنا التالية نفترض اموراً لابدّ من تقديمها لئلا تكون حججنا مبنية على ركن فاسد، ـ اولها ـ صحة اسفار العهد الجديد واخصها الأناجيل الأربعة... وكذلك اسفار العهد العتيق... وقد اقتنع الأب لويس بذلك الافتراض ولم يذكر شيئاً من الأدلّة على سلامتها من التحريف الذي يدعمه خصمه باقوى الحجج والبراهين ولو خاض في ذلك وذكر ما يبتني صحتها عليه لخضنا معه، ولكنا نتساهل ونفترضها كما فرض صحيحة، وننظر هل في شيء من آياتها شبهة برهان؟ أو شية دليل على اثبات التأليه البشري، والتقميص الإلهي، الذي يؤل الى التركيب أو الشرك بل الكفر المحض، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.

قال: كما اننا في ذكرنا للكنيسة لا نعتبرها إلاّ كجمعية دينية بحتة مع صرف النظر عن خواصها وتمييزها عن بقية المجتمعات الدينية انتهى.

وأقول: ان كان المراد جعل الكنيسة احد الاصول الموضوعة، والأدلة المفروضة، والأمور المقرّرة كما هو ظاهر النسق والسياق، فنحن نقول: أيها الأب المحترم، ان الدين ليس شيئاً يؤخذ من اتفاق جمعية، أو منعقد لجنة أو أكثرية آراء، وانما هو أمر سماوي، ووحي إلهي، وبراهين عقل، ومدارك وجدان، لا مجال لتقليد بشر بوجه من الوجوه فلا تعتد قرار الكنيسة والسندو سناهات، من الأدلة والبينات، ولا تجعله ضمن البرهان الصريح فان خصومك لا يخضعون لقرار الكنايس ولا يتعبدون بها ولو اجمعت جميع البابوات والقسس إلاّ أن تثبت لهم عصمه، أو يقوم لهم نبأ نبوه، واحسب ان وضع بيض الأنوق على ناصية العيوق اقرب إليك من ذلك.

قال: نفهم بالإلوهية كون السيد المسيح الجامع في شخصه الكريم الطبيعتين الإلهية والبشرية ليس هو إلاّ اقنوماً كما ان كل واحد هو انسان فرد قائم بعنصرين مختلفين هيولى هو الجسد وروح هي النفس وكما ان للإنسان أعمالا هيولية تتم في جسده كالأكل والشرب وأعمالا روحية تتم بقواه العقلية كالفكر والإرادة وكلها مع ذلك تنسب إلى شخصه، فكذلك للسيد المسيح أعمالا بشرية اتاها في ناسوته كالنوم والمشي والتعب والولادة والموت، وأعمالا إلاهية قام بها لاهوته كالمعجزات العديدة التي صنعها، أما في ذاته، وأما في غيره، كتجليه في جبل الطور وكإقامته الموتى، ومصدر هذه الأعمال المختلفة هو الشخص الواحد الإلهي الذي وحده أمكنه أو يقول دون كفر وتجديف (أنا نور العالم) (أنا الطريق والحق والحياة أنا والأب واحد) ولولا الوهيته لحق لليهود ان يصلبوه ويقتلوه، لان كلاماً مثل هذا لا يصح لبشر انتهى.

وأما وربك الأكرم، ان هذا الكلام، ليوقفي موقف الحيرة والدهشة، فها انا ويراعتي بين ثلاث اناملي لا ادري أي عوار ادل عليه من هذا الكلام، وأي مزعمة

 

 

 

 

افند منه وأي رزية انعى عليه؟ عمرك الله أترى ان ذلك الكاتب، ما يدعيه لنفسه أو يدعي له لم يعلم ليومه هذا ان اساس الإلوهية ودعائمها التي تبتني عليه، هو وجوب الوجود المساوق للقدم والأزلية المضاد للحدوث وملابسة العدم الذي يستحيل ان يجامع التركيب بكل فروضة وانحائه فان مثار كل ذلك هو الإمكان، والإمكان والوجوب ضدان بل نقيضان، فلا يجتمعان في شيء واحد كما لا يرتفعان، وعليه فالطبيعة الإلهية المجتمعة مع البشرية في شخص عيسى(عليه السلام) لا محالة وقعت متصفة بالحدوث وإلاّ لكانت البشرية ازلية وهو خلاف الضرورة كما هو خلاف المدّعى، فاقتران الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية أمر حادث وطبيعة الإلهية هي الواجب والواجب لا يتصف بالحادث ولا يكون محلا للحوادث فالواجب ممكن، وهذه إحالة لا محالة، دع عنك حديث التشبيه بالروح والجسد فانه لا يخفى عليك أمره(1)، ولكن هلم الخطب فيما ادمجه من الدليل على تلك الدعوى في غضون الدعوى نفسها بقوله: واعمال الإلهية بها لاهوته كالمعجزات العديدة، أيها الأب ان كانت المعجزات، ولا انكر انها اعمال إلهية، تقضي بكون مصدرها ومجراها فيه طبيعة إلهية أو بالأخص انه إله فما بالكم تخصون هذا الحكم بالسيد المسيح وما الذي قعد بساير الأنبياء عن هذه المنزلة ألم يكونوا ذوي معجزات عديدة، وتجليات إلهية؟ أليس موسى كليم الله، من الأنبياء باعتراف الأب لويس وقومه؟ أليس هو ذو معجزات ورب تجليات على طور سيناء؟ فما باله نسخ من ديوان الإلوهية التي فاز بها سيدنا المسيح ان كان السبب في الحكم بالوهيته هو الأعمال الإلهية من القيام بالمعجزات كما يظهر من تلك الجملة، وان كان شيئاً آخر فنحن في فسحة انتظاره حتى ننظر فيه، أما ما نقله عن

____________

1- فان الروح والجسد كلاهما حادثان ممكنان قد حصل فيهما نحو من التركيب والاتحاد فاين هو من تركيب الواجب بالممكن وامتزاجه.

 

 

السيد المسيح من ألفاظ الانانية: أنا نور العالم، أنا الطريق الخ.

فلا أظن ان أحداً يقتنع لاثبات الإلوهية بهذه العبارات أو يجعلها هي البرهان، وأنت انار الله بصيرتك، تعرف ما تحتمله الألفاظ من التصاريف والوجوه والكنى والمجازات على ان كل هذه الألفاظ حتى لو حملناها على حقايقها واصول مداليلها لم يكن شيء منها بدال على شيء من تلك المرتبة. نعم ان المسيح نور العالم، وكل نبي ورسول من الله للهداية للإرشاد هو نور العالم إذا كانت نبوته عامة كالكليم والمسيح وحبيب الله محمد(صلى الله عليه وآله)، كما ان كل نبي هو الطريق إلى الله وهو الحق من الله والحياة لمن يتبعه ويأخذ بما يجيء به من عند الله، نعم وكل نبي هو الأب واحد كلامه من كلامه، وامره من امره، وكل حركاته وسكونه باذنه، فهل تجد في شيء من ذلك شيئاً من الإلوهية، أم هو محض الغناء والعبودية.

أما قوله: (ولولا الوهيته لحق لليهود أن يصلبوه ويقتلوه).

أفلا تعجب أيها الناظر من هذه المماحكة؟، أفما في نبوة السيد المسيح وانه كلمة الله وآية من آياته، ما يجعل قتلهم له وصلبهم إياه، من أكبر الفظائع وأفظع الجرائم، وهل ينحصر السبب في حرمة الجناية عليه وشناعة ما ارتكبوه منه إلاّ بالوهيته أو اقنوميته؟ أم هل تلك الحروف على فرض صدورها منه لا تصح ولا تنطبق إلاّ على ربوبيته، وما من نبي أو رسول إلاّ وقد دلّ على نفسه بامثال تلك الجمل التي ليس اقصى الغرض منها سوى دعوى الرسالة وبيان تلك الرابطة الخاصة والعلاقة الإلهية التي تمتاز بها عن العامة فقول: (ان كلاماً مثل هذا لا يصح لبشر) ان اراد به مطلق البشر حتى الدهماء منهم، قلنا نعم، لا يصح، ولكن يصح من قسم خاص منهم وهم المؤيدون بالمعجزة، المسدّدون بالعصمة، وان أراد انه لا يصح من أحد من البشر، فهو كماترى ممنوع أشد منع، مفنّد اعظم تفنيد، فان تلك الكلمات قد صدرت من موسى الكليم وهو بشر حتى باعتراف المسترسل بتلك

 

 

الدعوى من غير نظر فيها ولا تدبّر لها، ثم ان الأب لويس، شرع يسرد في عدّة صفحات حال الأمم والشعوب قبل ظهور سيده المسيح وما كانت عليه من فساد الأديان والشرك وعبادة الأوثان، وشيوع الخرافات والأباطيل في معتقداتها حتى في حكمائها وفلاسفتها والأصناف الراقية منها فكان من قوله ما حرفه: وهذا افلاطون جنح إلى مذهب الحلول... وهذا بوذا الهنود ذهب مذهب التقمص... أيها الأب كان الأحرى ان لا تذكر هذه الكلمة ولا تعد هذين المذهبين من مثالب القوم فان حديث الأقانيم ما احسبه يبتعد كثيراً عن مذهب الحلول والتقمص.. أفليس الإله قد تقمص الطبيعة البشرية في جسد المسيح؟ كما تزعمه أنت وأكثر فرق النصارى اليوم، ولعل للحلول الذي يلصق (بشيخ الحكماء) وجهاً وجيهاً، ومرمى سديداً، ليتكم تحملون عليه وتفسرون به دعوى (الأقانيم) عسى أن يحصل الوفاق عليه، ويتم الاتفاق بيننا به، ويزول هذا الشغب والنزاع بين الفريقين، وبالجملة (لا تبادر إلى عيب أخيك فيعافيه الله ويبتليك).

على ان جميع ما سرده من متاهة العالم وخبط الأمم، وسوء الأخلاق، وفساد الأديان، وخرافات المذاهب، إذ ذاك، لا ينتج أكثر من مسيس الحاجة، إلى مصلح للعام حسب العناية، ولولا ذلك لبطلت الحكمة، وانتقض الغرض الصحيح من الخليقة، فلا مناص ولا محيص عن بعثة رسول يقوم باتمام الحجة، وايضاح المحجة، والإرشاد والدلالة ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيي عن بينة، وليس في شيء مما سرده اشارة ولا اشعار ولا تصريح ولا تلويح إلى أمر الإلوهية، ومزعمة الربوبية، كما لا يخفى على أوائل العقول ومبادي الاحساسات، نعم ان (المشرق) بعد ان استوسع في نقل أغلب المذاهب الوثنية والخرافات القديمة.

تلطف في الفكر، وتوغل في النظر، وأبدع في التخلص فجعل جميع تلك الآراء

 

 

 

الفاسدة والمذاهب الباطلة، أو أكثرها، رموزاً واشارات إلى ظهور السيد المسيح أو إيماء إلى الوهيته، فكان من بعض ما سرده في ذلك، قوله: فان استفتينا الهند وفارس لأن أهلهما أقرب من مهبط الوحي الأول لوقوعهم في البلاد التي تغلب الرأي على كونها موقع جنات عدن وجدنا في تقاليدهم اشارات واضحة إلى هبوط الجنس البشري وخلاصه على يد إله رحوم، ثم ذكر مزعمة الهند عن حية تدعى شيكن أو كاليوغ نفثت سمها فسمت الأرض وأهلكت سكانها نزل إله من السماء اسمه شيفن فلبس جسماً بشرياً وامتص السم فنجا العالمون(1).

ثم قال: ومن خرافاتهم المنبئة بانتظارهم لمولود مخلص العالم قولهم عن إلههم فشنو انه يتجسم يوماً بجسم بشري لينفي الشرور التي عمت المخلوقات بفعل سيوا عدو البشر... أما للفرس فأشاروا إلى هذا التقليد بأن وضعوا للعالم إلهين متناقضين، إله الشر يدعى (اهريمان) وإله الخير يسمونه (هرمزد)، فاله الخير تلافياً للشرور التي ادركت البشر بخيانة اهريمان أخذ جسداً وظهر للبشر على صورة (ميثتا) فانتصر من إله الشر وشرك الجنس البشري بغلبته.

(أقول) تالله لقد أسفني هذا المقام أشد الأسف وعجبت ليراعه كيف استطاع ان يجري بتلك الكلمات ويشوّه بيض صحايفه بسوادها، أما خشي ان تنظر إليها الدارونية أو (الماسونية) فتشمت بنا معاشر الدينيين وتقول ان الإباحة العامة والاشتراكية المطلقة خير من دين يبتني أو يعتضد بمثل هذه الخرافات، والدين هو في حاجة إلى الاستناد إلى مثل هذه الأوهام، لا حاجة لأحد به، إذاً فما بال (المشرق) يسرد لنا من ذلك القبيل سبع صفحات أو أكثر جاعلا لها كأدلة على دعواه، أما قوله: ان اهريمان وهرمزد آلهة الفرس، وفشنو وشيفن آلهة الهند،

____________

1- اللهم انك أن يسوع ما امتص السم بل نفث في العوالم سماً جرعها وجر عليها الويلات واعتبر ذلك من كلماته المتقدمة، ومن معاملة اممه من الغرب مع أمم الشرق.

وأمثال ذلك من آلهة الرومان واليونان وغيرهم كلّها اشارة إلى المسيح ورمز إلى المخلص، فانا تالله لا أدري بماذا أُجيب عن هذا البرهان الصريح، الذي وعدنا به في افتتاح مقالته، وصدر مجلته.

نعم من الفكاهة والتحميض، ما يرويه القصاصون ان امرأة ادعت النبوة فقيل لها وما آية نبوتك فقالت ان محمداً(صلى الله عليه وآله) قد اخبر بنبوتي فقيل لها وأين ذلك فقالت حيث قال: لا نبي بعدي. وأنا اسمي لا فهو يقول (لا نبية بعدي) ويروى انه قيل لها أتؤمنين بنبوة محمد(صلى الله عليه وآله) فقالت نعم فقيل لها أليس قد قال لا نبي بعدي، فقالت قال لا نبي بعدي ولم يقل لا نبية بعدي، وان استدلالات هذه المتنبأة على نبوتها لاقوى بكثير من استدلالات الأب (لويس) بتلك الخرافات على الوهية اليسوع، وحسبنا هذا القدر من معارضة ما في هذا العدد، والباقي للبقية.

وعلى الاستطراد نذكر انه قد ذكر في ذا العدد نفسه صفحة 149 هكذا: وفي سنجق كربلاء مزارا العجم المعظمان على شبه مكة والمدينة وهما النجف وكربلا، ولو قال مزارا الشيعة الإمامية من عرب وعجم وترك وهند وكابل وكشمير وبخارى وتبت وغيرها لكان اقرب إلى الحقيقة فان العجم واحدة من كثير طوايف الشيعة ولكن من الظريف قوله متصلا بما سبق هكذا:

وفي سنجق كربلاء مزارا العجم المعظمان على شبه مكة والمدينة وهما النجف وكربلا، ولو قال مزارا الشيعة الإمامية من عرب وعجم

 

 

 

وترك وهند وكابل وكشمير وبخارى وتبت وغيرها لكان اقرب إلى الحقيقة فان العجم واحدة من كثير طوايف الشيعة ولكن من الظريف قوله متصلا بما سبق هكذا: ففي النجف مشهد علي بن أبي طالب وفي كربلاء مشهد ولديه العباس والحسين(عليهم السلام) أيها الأب لا يليق بمجلة شرقية كالمشرق ان تجهل امراً جلياً كهذا، أيها الأب ليس مشهد الحسن في كربلا وانما مشهده في البقيع مع جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) وليس في كربلا سوى مشهد الحسين(عليه السلام)وأخيه العباس والشهداء من أهل بيته وأنصاره سلام الله عليهم جميعاً، فاللازم التثبت بعد هذا فيما تكتب عن جيرانك من المسلمين ولا تسترسل فتقع والله ولي التوفيق.

قال في عدد 3 من تلك السنة تحت عنوان (البرهان الصريح، في اثبات الوهية

المسيح): أيضاً... (النبوات عن مجيء المسيح وتعريف شخصه الكريم).

ذكر هنا نطق الساحر بلعام بالبركة على نسل يعقوب قائلا: يسعى كوكب من يعقوب ويقوم صولجان من اسرائيل فيحطم طرفي موآب وبربح جميع بني شيث (عدد 22: 17)، ثم استنتج من ذلك بعد سرد عدة آيات من كتبه المقدسة بزعمه الواردة في شأن داود او ابنه سليمان، وانه سيبني هيكلا، وان ملكه لن يزول إلى الأبد، وما ورد في المزامير من نظايرها ثم بنى عليها قوله: فقول كهذا من فم الله صريح واضح مؤيد بالأقسام المحرجة لم يتحقق إلاّ في ذاك الذي قال عنه الملاك لمريم (لوقا 1: 21 ـ 23) ستلدين ابناً وتسمينه يسوع...، وسيعطيه الأب الإله عرش داود أبيه... ولا يكون لملكه انقضاء، نعم

قد سطر لويس عدة آيات، وسرد ما شاء من نتائج ومقدمات، ولكني لا أريد ان اتعقبه في كل ما ذكر، واناقشه في جميع ما سطر، ولا أفنّد كل واحدة من مقدماته ولا ازيده علماً بعدم ارتباط كل واحدة من مقدماته بنتايجه، ولا اوضح له، هو جد خبير به من اضطراب الأناجيل وتناقضها في نسب اليسوع وأبيه يوسف النجار وامه البتول، لو أردنا ان نخوض في تمحيص كل هذه الأساطير لاتسع بنا القول وخرج بنا البحث إلى غير الغرض، وتجاوزنا إلى غير الصميم من القصد، ولكننا نريد أن نسأل الأفاضل من أهل النظر والمعرفة، لا بل عامة القراء والكتبة، لا بل نسأل الأب لويس نفسه ونقول له هب اننا قد اعترفنا لك بكل ما زعمت من تلك المباني وتساهلنا معك في كل تلك الدعاوي، ولكن ألا تدلنا على موضع البرهان الصريح من تلك المقدّمات؟ وأين هي من الوهية المسيح الذي عقدت تلك الفصول المتتابعة لاثباتها وهل يلزم إذا كان الأب الإله سيعطي للمسيح عرش أبيه داود ولا يكون لملكه انقضاء؟ أن يكون المسيح إلهاً كما زعمت.

ثم قال: وتوالت الأنبياء بعد داود وكررت مواعيد إله اسرائيل بحيث لم يبق

فيها موضع للريب ففاه اشعيا (7: 14) بتلك الآية التي طنت لها آذان الملك آحاز، وكل بني اسرائيل، بل دوت لها مسامع البشر قاطبة: 11 يؤتيكم السيد نفسه آية ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل، ثم ذكر مثلها عن الأنجيلي (متى) في أول بشارته (1: 23) إلى أن قال وفي القرآن عينه ما يؤيد صريحاً نبوة اشعيا وآيات

الأنجيلين حيث قال في سورة آل عمران: (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ إلى قوله تعالى كُن فَيَكُونُ)(1).

في أمثالهم (عادت إلى غيرها لميس) أيها الأب، ان هذا هو الأمر الذي انكرته على المسلمين وعجبت من استدلالهم بآيات العهدين وهم لا يؤمنون بها ويذهبون إلى تحريفها، إذاً فما الذي سوّغ لك ذلك دونهم، وإباحه في عملك وحجره عليهم، على ان المسلمين يؤمنون بالتوراة والإنجيل على الجملة وأنت تجحد القرآن بتاتاً، ولا تؤمن بشيء منه أبداً، ثم لا أدري أيضاً أين موضع البرهان الصريح، على الوهية المسيح؟ من آيات اشعيا أو فرقان محمد(صلى الله عليه وآله) بل ومن انجيل (متى) أم هل قد انقلب الموضوع، فالعنوان شيء والمعنون شيء آخر، العنوان، الوهية المسيح، ثم لا تأتي من ورائه بشيء مما له أدنى مسيس بالإلوهية، بل وبالعكس تورد بدل ذلك كلما يدل على العبودية والفقر والعجز، من الحبل والحمل والولادة واشباه ذلك، الله أكبر ما هذه المغالطة على العلم، وما هذه المباهتة في الحقايق أمام الخلائق، وما هذا الصلف في السخف؟ ما هذا الصلف تحت الراعدة صلف تحت راعد وسراب كرعت منه خرقاه.

ثم أخذ الأب لويس بعد تلك الآيات يبرهن أن المسيح هو ابن اليسي وان العهود القديمة والأنبياء المتقدمين قد دلّت عليه، وأومأت إليه، وذكرت دلايل نبوته وصار هنا يحتج ويتخاصم مع اليهود بعد ذكر كلمات من سفر (حجاي)

____________

1- آل عمران: 45 ـ 47.

و(ملاخي) ويقول لهم أما ان تسلموا بمجيء المسيح ونبوته أو تنبذوا نبوة حجاي وملاخي من الأسفار المقدسة التي في أيديكم ـ ثم ساق الكلام في عدة صفحات كلها على هذا ومثله مما ليس فيه همس ولا نبس من ذكر الإلوهية فضلا عن إقامة البرهان الصريح عليها، فكأن النزاع تحور وانقلب عن صاحب (المنار) المنكر للإلوهية إلى اليهود المنكرين حتى للنبوة بل حتى لطهارة المولد، فنحن نشكره عن العلم والحقيقة حيث انه لما احس من نفسه بثقل تلك الدعوى بل وعجز الثقلين عن اقامة شبه البرهان فضلا عن البرهان الصريح عليها، عدل وانسل رويداً رويداً حتى حور الكلام إلى وجهة اُخرى هي احرى بالبحث والنظر، وأولى أولا بالاثبات، الا وهي اقامة البرهان على نبوة المسيح، وانه رسول كساير الرسل ممن سبقه ولحقه فخاض في غمار هذا البحث، ولكن بقي العنوان بالحرف الكبير في صدر المقالة (البرهان الصريح على اثبات الوهية المسيح) شايلا في الهواء لا ربط له بما بعده.

(بخ بخ) ثم (زه زه) لتلك الربوبية التي هي مجاز وقنطرة إلى النبوة.

 

 

 

 

 

 

نعم قد أورد في عداد ما سرده من الآيات، آية من انجيل (متى) 11: 5، هو ذا إلهكم... هو يأتي ويخلصنا. ومثلها من سفر (اشعيا) (9: 6 ـ 9) يصف ولادته: انه قد ولد لنا ولد. اعطي لنا ابن فصارت الرياسة على كتفه ودعي اسمه عجيباً مشيراً إلهاً جباراً ابا الأيد رئيس السلام الى آخر ما هناك.

وهذه الآيات على ان مرجع الاشارة ليس بالصريح، ولا ريب ان اليهود ينكرون كونها اشارة إلى يسوع النصارى الذي أخذوه وصلبوه كلص متشرّد كما قال هو عنه نفسه وللمسلمين أن يقولوا: يمكن ان تكون اشارة إلى نبي الرحمة محمد(صلى الله عليه وآله)، ولكن لو سلّمنا انها اشارة إلى يسوع فليس فيها تلويح فضلا عن تصريح بالوهيته، كيف وقد عرفت كثرة اطلاق الاله في لسان العهدين على

المتبوع والرئيس المطاع كما تقدّم نقل بعضه في حق هرون وموسى وهو كثير في العهود القديمة.

على ان من الغريب جداً، الاستدلال على المسائل اللاهوتية والمباحث العقلية النظرية بظواهر الكلمات اللفظية التي هي فضلا عن قصورها بظواهر الكلمات اللفظية التي هي فضلا عن قصورها في ذاتها وتطرق الاحتمالات القريبة والبعيدة إليها، فضلا عن ذلك قد تلاعبت بها أيدي النسخ والمسخ والتحريف، ولم يبق بها أقل وثوق لاقل مسألة من الفروع فكيف بمثل هذه؟ التي هي الأساس والدعامة لكل شريعة وديانة، على انه لو طرق باب الاستدلال بشيء من تلك الآيات أو غيرها وتنازل من البرهنة العقلية إلى الدلالة العقلية واقتنع من البرهان الصريح بذلك المقدار، لهان الأمر وسهل الصعب، ولكنه يشحن الصفحات ويكردس الكلمات بعضها على بعض من غير تعيين وتبيين لموضح الحجة وموقع البرهان، كأنه أو لعله لا يعرف شيئاً من أبواب المنطق وفنون المعقول، وأساليب الاحتجاج والمناظرة، فالدعوى شيء والدليل على شيء آخر. والمقدمات في شيء والنتيجة شيء آخر وهلم جرا، لذلك وجدنا ان اطالة الكلام معه لغواً وعبثاً.

وقد كان كثيراً ما يسألنا بعض أفراد المسلمين عن حجة النصارى على الوهية المسيح وعن الأقانيم الثلاث وتصويرها بوجه معقول فنتلجلج في الجواب ونعيي في البيان، لاننا على كثرة مراجعتنا في كتب القوم ومؤلفاتهم في علم (اللاهوت) مثل (الخلاصة اللاهوتية) التي هي من أكبر الموسوعات في ذلك الفن (خمسة مجلدات ضخام) لم نجد وجهاً معقولا يمكن تصويره في الأذهان، وتقريبه بالبيان، فضلا عن إقامة الحجة عليه والبرهان، وهذا الأب (لويس شيخو) من فطاحل القوم وعليتهم ومن كبار قسستهم وبطارقتهم وهو حاضر معاصر، وقد قلنا عساه أن يأتي لنا بوجه مقنع وبيان مشبع لأن رجالات هذا العصر قد تطاولت

أعناقهم وتمايلت أذواقهم، إلى نبذ الخرافات والمعاني غير المعقولة وقد أخذوا من الثقافة والحصافة بحظ وافر، ومع ذلك كله قد رأيت بزته، وعرفت حجته، فما ظنك بغيره، نعم يستحيل على البشر كلهم لو اجتمعوا وكان بعضهم لبعض ظهيراً أن يقيموا البرهان والدلالة، على أمر بديهي الاستحالة، فلنختم الكلام في هذا الباب ولنشرع في الباب الثالث وبالله المستعان.


 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID