يكشنبه 9 ارديبهشت 1403  
 

وجيزة الاحكام

 
الصيد والذباحة
 

  وجيزة الأحكام

آية الله العظمى الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء  "قدس سره"

  



الصيد والذباحة

الأصل في كل حيوان خرجت روحه حرمة الأكل إلاَّ ماثبت ذكاته الشرعية بالعلم أو بالإمارة، وتحصل التذكية في ذوات الأنفس من الحيوانات المحللة الأكل بأمرين:

1- الصيد، ويتحقق بأمرين:

الأول: الكلب، فإذا قتل صيداً وهو الحيوان الممتنع كالنعم الوحشية حلَّ أكله بشروط ستة:

(1) كون الكلب معلماً يعدو إذا أرسله وينزجر إذا زجره.

(2)وإن لا يعتاد أكل كل ما يصيده.

(3) أن يكون المرسل مسلماً أو بحكمه كولده أو لقيطه.

(4) وأن يقصد ارساله ويسمي.

(5) وأن لا يغيب عن العين.

 (6) ولو سمى غير المرسل لم يحل. نعم، لو نسبها معتقداً وجوبها حلّ وكذا لو شاركه كلب الكافر أو من لم يسم أو من لم يقصد.

الثاني: السهم، ويدخل فيه كل ما يقتل لا بثقله بل بحده كالسيف والرمح والمعراض إذا خرق، وكذا كل ما يخرق من أنواع البندقيات الشائعة في هذه الأعصار سواءً كانت من حديد أو رصاص أو معدن فإنها إذا خرقت جسد الصيد وقتلته وكان المرسل مسلماً أو بحكمه وسمّى حين الرمي بشرط أن يستند القتل إليه حلَّ، فلو رماه ووقع في الماء فمات لم يحلّ إلاَّ إذا علم بأنه مات فوقع ولو قدّه السيف نصفين حلاّ تحركاً أو لا ولو تحرك أحدهما ذكَاه إن كانت فيه حياة مستقرة، أما لو مات بعد قليل حل بلا تذكية، كذا لو رماه فلم يقتله فأنه لا يحل إلا بالتذكية ولو رمى الفراخ فقتلها لم تحل ولا يحل بسائر آلات الصيد كالحبالة والفهود إلاَّ بالتذكية أي الذبح.

2- الذبح: ويشترط في الذابح: الإسلام أو بحكمه ولا تحل ذبيحة الناصب والذمي، وأن يكون بالحديد مع القدرة ويجوز عند الضرورة بما يفرى الأوداج، ولا يحل إلاَّ بعد قطع الأوداج الأربعة الوريدين والمريء وهو مجرى النفس والحلقوم وهو مجرى الطعام فيكون الذبح تحت الخرزة المسماة بالجوزة بنحو تبقي بتمامها في الرأس، فلو بقى ولو بعضها في البدن حرمت ولو وقع الذبح فوقها وبقيت في البدن فإن سارع في قطعها قبل موته حلّت وإلاَّ لم تحل، ويشترط أن يستقبل بالذبيحة القبلة وأن يسمى ولو أخل عمداً حرمت ولو نسي حلّت، وتذكية الأبل بنحرها فيطعنها في المكان المنخفض بيت الترقوتين ولا يلزم أن يتحرك بعد الذبح حركة الأحياء بأن تطرف العين أو يتحرك الذنب ويخرج الدم المسفوح بل يكفي أنه ذبح أو نحر وهو حي.

وما يباع في سوق المسلمين يبنى على حليته مع الشك ولو تعذر الذبح أو النحر كالمتردي والمستعصي يجوز أخذه بالسيف وغيره مما يقتل حذر التلف، ولا يذكى إلاَّ الحيوان الطاهر العين غير الإنسان والحشرات كالفأر، وأبن عرس، والضب وما دونها كالهوام ولا على الكلب والخنزير، وبالذكاة يطهر غيرهما ويخرج عن الميتة فقسم منه يحل أكله كالأنعام أهلية أو وحشية وكالظباء وقسم لا يحل كالسباع، وذكاة السمك اخراجه أو خروجه من الماء حياً فلو وثب من النهر إلى الشاطيء ومات أو نضب الماء عنه حلّ والضابطة العامة موته خارج الماء ولا يعتبر في مخرجه الإسلام بعد احراز موته خارج الماء، ولو اشتبه المذكي منه بغيره أي الذي مات في الماء أو مات في خارجه حرم الجميع، وذكاة الجراد أخذه حياً ولو بحبالة ونحوها ولا يحل منه إلاَّ الذي يستقل بالطيران فلا يحل الدّبا وهو ما لا يطير فعلاً، وذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته فأشعر أو أوبر، وبدونه فهو حرام وإذا خرج حياً بعد ذبح أمه لم يحل إلاَّ بتذكيته.

المطاعم والمشارب

والمطعوم أما حيوان أو جماد، والحيوان ثلاثة: أما بحري، أو بري، جوّي:

أما البحري: فلا يحل منه إلاَّ ماله فلس كالسمك وإن زال عنه اتفاقاً كالكنعت ونحوه ولو وجد في جوفها سمكة أخرى حلّت حية خرجت أو ميتة إلاَّ إذا ماتت في الماء بعد خروجها وإذا قذفت السمكة سمكة أخرى فإن كانت حية تضطرب ولن تتسلخ وتذهب فلوسها وماتت خارج الماء حلّت وإلاَّ فهي حرام، وبيض السمك تابع له في الحلية ولو اشتبه بفضلاته الأخرى يؤكل الخشن لا الأملس.

وأما البري: فلا يحل منه إلاَّ النعم الأهلية الأبل والبقر والغنم بجميع الأنواع من جميعها عدا الجلال وهو المتربي على العذرات النجسة مدة يعتد بها عرفاً ويطهر بمنعه منها، وكذلك ويحل منه أيضاً بقر الوحش وكبش الجبل والحمير والغزلان واليحامير، ويكره الخيل والبغال والحمير الأهلية، وتحرم السباع وكل ذي ناب كالأسد والذئب والثعلب، كما تحرم الوحوش مطلقاً كالأرنب والضب واليربوع ونحوها والحشرات كذلك.

وأما الحيوان الجوي فيحرم من الطيور فوارسها من كل ذي ناب ومخلاب من سباع الطير ويحل بأحدى علامات ثلاث:

الأولى: ما كان دفيفه أكثر من صفيفه ولو تساويا أو شك فالأحوط الاجتناب.

الثانية: ما كانت له قانصة وهي للطير بمنزلة المصران للإنعام بل بمنزلة الكرش الذي يجتمع فيه الطعام قبل هضمه وكالحوصلة في بعض الطيور.

الثالثة: ماله صيصية وهي شوكة في رجل الطائر من جهة عقبه.

ويحرم بغاث الطير كالصعوة والرخم والحشرات الطائرة كالزنابير والنحل والخفاش والغراب الذي يأكل الجيف والأبقع والطاووس، ويحل غراب الزرع الرمادي والحمام كله والعصافير أجمع وطير الماء ويحل منه ما فيه أحد علامات طير الهواء، والبيض تابع لحيوانه والمشتبه يؤكل منه ما أختلف طرفاه دون ما أتفق، وقد يحرم الحلال بالعرض كالجلال الذي يتغذى مدة بالعذرة.

والمجثمة وهي التي تجعل غرضاً وترمى حتى تموت، والمصبورة وهي التي تجرح وتحبس حتى تموت، ويحل الجلال بالاستبراء في الإبل أربعون يوماً والبقر عشرون والغنم عشر وفي البط سبعة وفي الدجاجة ثلاثة، ويحرم موطوء الإنسان مطلقاً وعقبه بعد الوطيء بل يجب ذبحه واحراقه إن كان مأكولاً وإلاَّ فيباع في بلد آخر ولو اشتبه استخرج بالقرعة.

الجامدات

فتحرم الأعيان النجسة مطلقاً بجميع أنواعها من الميتة وغيرها من ابوال وغيرها، والسموم القاتلة بجميع أنواعها أيضاً، ويحرم من الذبيحة المذكاة خمسة عشر الدم، والطحال، والقضيب، والانثيان، والفرث، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، والفرج، والعلباء، والنخاع، وذات الاشاجع وهي أصول الأصابع، وخرزة الدماغ، والحدق.

ويكر الكلوة وأذنا القلب والعروق، ولو ثقب الطحال وشوى مع اللحم حرم ما تحته من لحم وإن لم يثقب لم يحرم، ويحرم أكل الطين مطلقاً عدا تربة الحسين(ع) قليلاً للاستشفاء.

المشارب

وهي المائعات فأعظم المحرمات منها الخمر قليله وكثيره مسكر وغيره، ويلحق به الفقاع والعصير العنبي إذا غلا ويحل إذا ذهب ثلثاه أو ينقلب خلاً، والأبوال كلها عدا بول الأبل للتداوي وكل مائع نجس أو متنجس وألبان ما لا يؤكل لحمه وإن كانت كالهرة واللبوة، واللبن تابع للحم حرمة وحلية وكراهة. نعم، لا يبعد خلية لبن المرأة للكبير وإن كان الأحوط الاجتناب إلاَّ للتداوي.

ومن المحرم مطلقاً أكل مال الغير مطلقاً بدون أذنه إلاَّ في البيوت الثمانة المذكورة في سورة النور فإنه يجوز إلاَّ مع المنع أو العلم بعدم الرضا.

ويستحب غسل اليدين معاً قبل الطعام وبعده ومسحهما بالمنديل في الأخير، والتسمية في الابتداء والحمد والشكر في الانتهاء والأكل باليمنى، والاستلقاء بعد الأكل وجعل اليمنى على اليسرى، والتمشي خطوات، ويكره الأكل متّكئاً، والتربيع، والأكل على الشبع، والأفراط بالأكل وربما حرم، ويحرم الجلوس على مائدة يشرب فيها الخمر وإن لم يشرب أو يأكل.

الفصل الثاني

في الميراث

الأرث: انتقال المال من شخص عند موته إلى آخر، وموجبه أمران:

1- نسب.

2- سبب.

الأمر الأول: النسب: تولد شخص من آخر أو تولدهما من ثالث وله ثلاثة مراتب لا ترث الثانية إلاَّ بعد فقد التي قبلها جميعاً أو حصول مانع لها من الارث.

المرتبة الأولى: الأبوان والأولاد، ولها أحوال:

(1) اجتماع الأصول والفروع معاً فلكل واحد من الأبوين سدس والباقي للأولاد فإن كانوا ذكوراً فقط أقتسموا الثلثين بالسويّة وإلاَّ فللبنت سهم وللولد سهمان والأولاد يقومون مقام آبائهم عند فقدهم أو منعهم من الارث والأبوان لا يمنعون أحفادهم وإن نزلوا ويأخذ كل واحد نصيب من يتقرب به فيأخذ ولد البنت سهماً وبنت الأبن سهمين.

(2) انفراد الأبوين فللأم ثلث والباقي للأب ولو كان معهما للميت أخوان أو أخ أو اختان أو أربع أخوات مسلمين لا شيء فيهما من موانع الارث الآتية حجبوا الأم وأنزلوا حقّها من الثلث إلى السدس وصار الباقي كله للأب.

(3) انفراد الأولاد وهي أوضح الصور فالمال كله لهم بالسويّة إن كان الجميع ذكوراً أو أناثاً وبالتفاوت إن كانوا مختلفين.

(4) انفراد الأم فالمال كله لها الثلث فرضاً والباقي رداً كما أنه بأجمعه للأب قرابة لو أنفرد ولو انفرد الولد فإن كانت بنتاً فلها النصف فرضاً والباقي رداً وإن كان ذكراً فالكل له قرابة.

(5) انفراد الأم أو الأب مع الأولاد فله اولها السدس والباقي للولد واحداً أو متعدداً متساويين أو مختلفين.

(6) انفراد البنتين فصاعداً فلهما الثلثان فرضاً والباقي رداً.

(7) البنت أو البنتان فأكثر مع الأب أو الأبوين، للبنت النصف مع أحد الأبوين والسدس له فرضاً والباقي ردَّ عليهما بالنسبة فتكون الفريضة أرباعاً، وللبنتين فأكثر مع أحدهما الثلثان فرضاً أو السدس له كذلك والباقي ردَّ على الجميع بالنسبة فتكون الفريضة أخماساً ومثلها ما لو أجتمعت البنت الواحدة مع كلا الأبوين فلكل واحد منهما خمس ولها ثلاثة، أما لو أجتمع الأبوان مع البنتين فصاعداً فقد استوعبت الفريضة المال الثلث والثلثان ولا ردَّ.

نعم، لو كان هناك معهم زوج أو زوجة عالت الفريضة ودخل النقص على البنات أو البنت، ويختص من لا أكبر منه من الأولاد الذكور بثياب بدن الميت حبوة وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلّف الميت غيرها ولم يكن سفيهاً ولا فاسد المذهب ولم يكن دين مستوعب وعليه قضاء ما فات الميت في مرض موته من صلاة وصيام.

المرتبة الثانية: الأخوة والأجداد، وإنما ينتقل الارث إليهم حيث لا يكون أحد الأبوين ولا أحد الأولاد وإن نزل، ولهما أيضاً عدة أحوال:

(1) اجتماع الأجداد والأخوة فإما أن تتحد النسبة فيكون الجميع للأب أو الجميع للأم أو تختلف فيكون الأجداد للأم والأخوة للأب أو بالعكس فإن كان الجميع للأب كجد أو جدين لأب مع أخ أو أخوين لأب أو أبوين فالمال بأجمعه لهم بالسوية وإن كان معهم جدة أو أخت أو أكثر أقتسموه بالتفاوت لذكر منهما ضعف الأنثى، وإن كانوا جميعاً للأم اقتسموه بينهم بالسوية مطلقاً للذكر مثل الأنثى، وإن أختلفت فكان أجداد وجدات للأب وأخوة وأخوات للأم أو بالعكس فالذي يتقرّب بالأم له الثلث بالسوية تعدد أو أتحد ولمن يتقرّب بالأب الباقي بالتفاوت إن كان متعدداً.

(2) انفراد الأجداد عن الأخوة وقد علم حكمهم وإن للأجداد من الأم الثلث إن اتحد ولهم بالسوية إن تعددوا وللأجداد من الأب الباقي بالتفاوت إن تعددوا وله كل الباقي إن أتحد.

(3) انفراد الأخوة عن الأجداد فأما إن تجتمع الكلالات الثلاث أو تنفرد فإن أجتمعوا سقطت كلالة الأب وحده بكلالة الأبوين وكان لكلالة الأم السدس إن كان واحداً والثلث إن كان أكثر يقتسمونه بالسوية والباقي لكلالة الأبوين فإن لم يكونوا فلكلالة الأب بالسواء إن تساووا وبالتفاوت إن أختلفوا وإذا لم يكن من الكلالات سوى الأخوات فإن كانت واحدة فلها النصف بعد النصيب الأعلى للزوج أو الزوجة والباقي ردّ عليها وإن كانت أكثر فالثلثان بعد نصيب الزوجة ايضاً ومع الزوج تعول الفريضة بسدس والنقص على البنات، وإن فقد الأخوة قام اولادهم مقامهم في جميع ما ذكر، والجد الأدنى يحجب الأعلى ولا يحجب أبن الأخ وإن نزل كما أن الأخ لا يحجب الجد وإن علا.

المرتبة الثالثة: أولوا الأرحام، وهم الأخوال والأعمام، ولا فرض هنا أصلاً بل الجميع يرثون بالقرابة ولا يرثون إلاَّ بعد عدم وجود أحد من الأجداد وإن علوا والأخوة وإن نزلوا ولهم أيضاً أحوال:

(1) اجتماع الأخوال والأعمام مع التعدد في كل جهة أو الأتحاد فللأخوال والخالات الثلث ولو كان واحداً، وإن تعددوا فبالسوية مطلقاً وللأعمام والعمات الثلثان وإن كان واحداً وإن تعددوا وأختلفوا فبالتفاوت وإلاَّ فبالسوية.

(2) انفراد الأعمام، والمنفرد عماّ أو عمة له المال كله، وإن تعددوا فإن اتخذت جهة القرابة بأن كانوا جميعاً لأبوين أو لأب فقط اقتسموا المال بينهم بالسوية لو كانوا ذكوراً وإلاَّ فبالتفاوت وإن أختلفت واجتمعوا سقطت عمومة الأب فقط بعمومة الأبوين ثم للعم من الأم السدس إن كان واحداً والثلث أن كان أكثر بالسوية والباقي للعمومة من الأبوين واحداً أو أكثر بالتفاوت فإن لم يكن أعمام للأبوين قام الأعمام من الأب فقط مقامهم.

(3) انفراد الأخوال، فإن لم يكن وارث سوى الخال أو الخالة فله المال كله وإن تعددوا واتحدت جهة القرابة اقتسموه بالسوية مطلقاً وإن أختلف سقط المتقرّب بالأب بالأخوال من الأبوين وكان للأخوال من الأم السدس إن كان واحداً والثلث إن كان أكثر والباقي للأخوال من الأبوين بالسوية في الجميع مطلقاً يقوم الأخوال من الأب مقام الأخوال من الأبوين عند فقدهم.

(4) أن يجتمع الأخوال والأعمام وتختلف جهة القرابة في كل منهما فالثلث للأخوال بينهم على ذلك المنوال للمتقرب بالأم فقط إن كان واحداً سدسه، وإن كان أكثر فثلثه، والباقي للمتقرب بالأبوين أو المتقرب بالأب فقط عند عدمهم والثلثان للأعمام المختلفين أيضاً على ذلك المنهاج سوى إن قسمة الأخوال بالسوية مطلقاً والأعمام مع التفاوت بالتفاوت، وأولاد العمومة والخؤولة أيضاً يقومون مقام آبائهم في جميع ما ذكر، ويأخذ كل واحد نصيب من يتقرّب به واحداً أو أكثر والأقرب يمنع الأبعد فالخال يمنع أبن الخال وكذا العم والمتقرب من الأبوين يمنع المتقرب بالأب في جميع المراتب بشرطين:

1- تساوي الدرجة.

2- اتحاد القرابة.

فالعم من الأبوين لا يمنع الخال من الأب لأختلاف القرابة، والخال من الأب لا يمنعه أبن الخال من الأبوين لأختلاف الدرجة، ولكن الخال من الأبوين يمنع الخال من الأب لأتحاد الدرجة، ويستثنى من قاعدة الأقرب يمنع الأبعد، مورد واحد وهو أبن العم لأبوين فإنه يمنع العم من الأب ويأخذ المال كلّه مع أن قاعدة الأقرب يمنع الأبعد يقتضي العكس، ولكن ثبت ذلك بالنص والإجماع على خلاف القاعدة، وإذا فقد أعمام الميت وأخواله وعمّاته وخالاته وأولادهم انتقل الأرث إلى أعمام أبيه وأمه وأخوالهما وأولادهم وهكذا، ويجري فيهم كل ما تقدّم، ولو أجتمع السببان ورث بهما معاً كأبن عم لأب هو أبن خال لأم فيساهم الأعمام والأخوال ولو كان أحدهما ممنوعاً ورث بالمانع كأبن عم لأب هو أخ لأم فإنه يرث بالثاني لا الأول.

الأمر الثاني: السبب:  وهو إضافة بين شخصين تنشأ من وطيء مباح أو عقد أو ايقاع وهو أمران:

1- زوجية.

2- ولاء.

فللزوج مع عدم ولد للزوجة النصف ومعه وان نزل الربع ولها مع عدمه منه الربع ومع وجوده ولو من غيرها وان نزل الثمن ولو لم يكون وارث قريب غيره رد عليه ولا يرد عليها ولو لم يكن غيرها إلاّ ان تكون قرابة فترث الزائد عن نصيب الزوجية، ويشترك ما زاد على الواحدة في الثمن أو الربع ويتوارثان مع الدخول وعدمه بل ومع الطلاق الرجعي وحقهما ثابت مع جميع الطبقات من كل التركة وتمنع الزوجة من رقبة الأرض مطلقاً عيناً وقيمة ومن الأبنية والغروس عيناً لا قيمة تتقوم الأبنية أو الأشجار أو النخيل وتأخذ الثمن أو الربع من قيمتها يوم الموت إلاَّ مع رضا الورثة بدفع العين، أما المنقول فترث منه عيناً.

والولاء ثلاثة:

1- ولاء العتق فيرث المعتق المتبرّع عتيقه إن لم يكن له قريب إذا لم يبرء من جريرته ويشارك الزوج والزوجة ولو تعدد تشاركوا بقدر حصصهم ولو فقد فأبواه واولاده وهكذا على المراتب دون أمه وبناته، ولا يرث العتيق معتقه مطلقاً لأن ولاء النعمة عليه لا له ولو كان المعتق امرأة فإرثه لعصبتها وهم من يتقرب إليها بالأب دون أولادها والأقرب يمنع الأبعد، ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في عقد.

2- ولا ضمان الجريرة فمن توالى انساناً ضمن جريرته ويكون ولاؤه له ويرثه مع فقد القرابة والعتق ويشارك الزوجين وتقدّم على الإمام.

3- ولاء الامامة فإذا فقد كل مناسب ومسابب انتقل الارث إلى الامام أو وكيله يعمل به ما شاء والأولى جعله في المصالح العامة أو قسمته على أهل العلم من الفقراء.

فرع: الغائب الذي انقطع خبره إذا حصل لورثته اليقين أو الاطمئنان العادي بموته جاز لهم قسمة أمواله بعد وفاءِ ديونه، وكذا إذا اعتقدت زوجته بموته لها أن تتزوج بعد أن تعتد عدة الوفاة وإن لم يحصل اليقين ترفع أمرها إلى حاكم الشرع لينظر في شأنها.

موانع الارث

وهي ثلاثة:

الأولى- الكفر: فلا يرث الكافر من المسلم وإن قرب ولا يمنع من يتقرّب به، فلو كان للمسلم ولد كافر له أبن مسلم مات فأرثه لجدّه لا لأبيه، ولو فقد وارثه المسلم فأرثه للإمام لا للكافر مطلقاً، والمسلم يرث الكافر ويمنع الكفار فلو كان لكافر ولد كافر وابن عم مسلم ورثه دون ولده ولو أسلم الكافر قبل القسمة شارك إن كان مسلوباً وأختص إن كان أولى سواءً كان الميت مسلماً أو كافراً، والمسلمون يتوارثون وإن أختلفوا في المذاهب، والمرتد الفطري يقتل فوراً  وتعتد أمرأته عدة الوفاة ويقسّم ميراثه ولا يسقط ذلك بالتوبة، ولو قلنا بقبولها كما هو الأظهر، والملي إن تاب قبل ويقتل في الثالثة أو الرابعة ولا تقسم أمواله إلاَّ بعد القتل.

والمرأة المرتدة مطلقاً تحبس وتضرب أوقات الصلاة ويفارقها زوجها فإن تابت في العدة رجعت وإلاَّ بانت، والمرتد لا يرث المسلم ولا يرثه غيره.

الثانية- القتل: إن كان ظلماً أو عمداً وإن كان خطأ منع من أرث الدية وأرثه لغير القاتل وإن بعد أو تقرب به فلو فقد فلإمام، والدية يرثها المتقرّب بالأب ذكوراً وإناثاً والزوج والزوجة.

الثالث- الرق: وهو مانع من الطرفين والإرث للحر وإن بعد ولو أعتق قبل القسمة شارك مع المساواة وأختص مع الأولوية، ولو كان واحداً وأعتق لم يرث ولو لم يكن سواه أجبر على بيعه بقيمته من التركة ويعتق ويأخذ الباقي ولو قصرت التركة لم يفك.

مخارج السهام

ذكر القرآن المجيد من الفرائض نصاً ستاً: الثلثين والثلث والسدس والنصف والربع والثمن يعني النصف ونصفه ونصفه، والثلث وضعفه ونصفه، ومخارج الجميع واضحة فالثلاثة الأولى تخرج صحاحاً من الستة والأخيرة من الثمانية، والعددان أما متماثلان أو متباينان وهما ظاهران، أو متداخلان وهو ما يفني أقلهما الأكثر أو متوافقان يفنيهما ثالث والكسر الذي هو مخرجه وفقهما فالأولان يضرب أحدهما بالآخر والمتداخلان يكتفي بالأكثر والمتوافقان يضرب وفق أحدهما بالآخر كالستة والأربعة المتوافقين بالنصف فيضرب نصف أحدهما بالآخر يبلغ أثنى عشر هي مخرج السدس والربع صحاحاً ومثلها الثمن والسدس.

فإذا انطبقت السهام المفروضة على أهلها كزوج أخت لأب أو ابوين لكل واحد النصف ومخرجه الاثنان وأهل السهام اثنان أما مع الانكسار ولم يكن وفق بين نصيبهم وعددهم فأضرب عدد من ينكسر عليه سهمه في اصل الفريضة يعني مخرج السهام كأبوين وخمس بنات، وضربت الستة مخرج السدس والثلث في الخمسة فيكون لكل واحد من الأبوين خمسة ولكل واحدة من البنات أربعة، وإن كان بينهما وفق في أصل الفريضة كأبوين وست بنات تضرب ثلاثة وهي الوفق في الستة لكل واحد من الأبوين ثلاثة ولكل واحدة اثنان وعلى هذا فقس.

ولو قصّرت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة دخل النقص على البنت أو البنات أو الأخت والأخوات ولا ينقص من سهام الزوجية شيء ولو زادت الفريضة ردّ على غير الزوجين من الورثة وغير الأم المحجوبة بالأخوة، والخنثى التي لم يتضح حالها بالعلامات وهي المشكل ترث نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الانثى إن كان معها وارث، والحمل أن سقط حياً ورث وإلاَّ فلا، ويعزل له قبل الولادة حصة ذكرين احتياطاً إلى أن يولد ودية الجنين لأبويه ولمن يتقرب بهما أو بالأب، والمفقود تقسم أمواله بعد اليأس منه.

الغرقي والمهدوم عليهم

يرث كل واحد منهما من الآخران كان لكل منهما مال وليس له مانع ويعلم التقدّم ويشتبه المتقدّم فالأب يرث من أموال الابن السابقة لا التي ورثها من ابنه وكذا الابن ويختص هؤلاء بهذا أما غيرهم فإن علم التقدّم فالقرعة وإلاَّ فلا توارث.

الفصل الثالث

في الالتزامات والإلزامات من أحكام وإيقاعات

ويتضح ذلك في مسالك:

النذر

هو إلتزام العبد لله تعالى بعمل راجح غير ملزم به ويشترط في الناذر مضافاً إلى الشرائط العامة من العقل والبلوغ والقصد والقدرة والاختيار، عدم نهي الزوج والمولى للزوجة والعبد فيما ينافي حقوقهما، وهو:

أما بر وشكر، كما قال: لله عليَّ إن رزقت ولداً صوم رجب.

وأما ردع وزجر كقوله: إن فعلت محرماً أو مكروهاً فلله عليَّ كذا، ولو قال: عليَّ، ولم يقل لله تعالى لم يجب، ويشترط تعلّقه براجح ديناً أو دنيا ولو نذر طاعة لم يعينها تصدّق بشيء أو صلى ركعتين، ولو قال: أصوم حيناً أو زماناً أو أتصدق بمال كثيراً أوعتق عبد قديم أو أمثال ذلك، فالمدار على الظهور العرفي وإن لم يكن فأقل المجزي ولو عجز عن الوفاء سقط إلاَّ إذا تجددت القدرة.

ولو نذر الصدقة بجميع ما يملك وخاف الضرر قوّمه وتصدّق بقيمته تدريجاً حتى يفي، ولو نذر صوم يوم وسافر فيه أو حاضت المرأة قضاه ولو صادف العيد فلا قضاء والأحوط القضاء أيضاً ولو قيّده بوقت أو مكان فيه رجحان لزم.

اليمين

لا ينعقد بغير اسمائه تعالى ولا بالبراءة منه عزَّ شأنه ولا من أحد الأنبياء والأئمة (ع)، ولا يصح إلاَّ من البالغ العاقل المختال القاصد القادر، وينعقد على المباح المتساوي الطرفين فضلاً عن الراجح، ولا ينعقد على المكروه فضلاً عن الحرام ولا على فعل الغير، ولو عجز عنه أنحل، وكذا لو علّقه على المشيّة.

ويجوز الحلف على خلاف الواقع مع المصلحة، والأحوط التورية إن عرفها، وللوالد والزوج والمولى حل يمين الولد والزوجة والعبد حتى الحلف الواجب فلا تجب الكفارة، وإنما تجب لو حلف على فعل فلم يفعله أو ترك شيء فلم يتركه لا مطلق اليمين كاذباً وهي الغموس، ولا يجوز أن يحلف على واقعة إلاَّ مع العلم، وينعقد لو حلف برب الكعبة أو أيمَ الله أو لعمر الله أو برب المصحف أو وحق الله على الأصح.

والعهد أن يقول: عاهدت الله أنه متى كان كذا فعليَّ كذا أو فعلت كذا، وهو لازم وحكمه حكم اليمين ولا ينعقدان إلاَّ باللفظ، ولو جعل دابته أو عبده ونحوها لبيت الله أو لأحد المشاهد المشرّفة يدفعه لحاكم الشرع يبيعه ويصرف الثمن في مصالحها وهو أبصر بالأهم فالأهم.

الرق والعتق

لا يسترق إلاَّ الحربي والذمي إذا أخلَّ بالشرائط، والمقر بالرقية مختاراً يحكم بها عليه، ومدّعي الحرية يصدق إلاَّ مع اليد عليه أو امارة أخرى معتبرة ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علوا والأولاد وإن نزلوا، ولا يملك الرجل محارمه نسباً ورضاعاً ولو ملك واحداً منهم انعتق كالعمودين وإذا ملك أحد الزوجين الآخر انفسخ النكاح.

العتق

ولفظه الصريح أنت حر ويقع بقوله: أعتقتك على الأقرب، ولا يقع بغيرهما ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة ولا مشروطاً ولا في يمين كالعتاق والطلاق، ولو شرط مع العتق شيئاً من خدمة ونحوها جاز، ويشترط في المعتق مضافاً إلى الشرائط العامة اسلام العبد وقصد القربة من المعتق وملكيته، ويستحب عتق من مضى له سبع سنين في ملكه، ولو نذر أن يعتق أول مملوك يملكه فملك جماعة استخرج بالقرعة، ولو قيل بالتخيير لم يبعد، والعبد يملك ما ملكه مولاه وفاضل الضريبة وللمولى أن يملكها منه لو شاء ولو اعتقه وبيده مال فهو للمولى والعتق مبني على التغليب، ولو أعتق بعضه عتق كلّه، ولو كان له شريك قوّم عليه ولو كان معسراً سعى العبد في نصيب الشريك، ولا ينعتق الحمل بعتق الحامل، ومن أسباب العتق العمى والجذام وتنكيل الموتى والاقعاد وكذا اسلامه قبل مولاه.

التدبير

أن يقول لعبده أنت رق في حياتي وحر بعد وفاتي من الكامل العاقل فيعتق من الثلث بعد الوفاة وله الرجوع متى شاء وحمل المدّبر يتبعه، واباق المدبر أبطال للتدبير(والمكاتبة) أي مكاتبة المولى لعبده أن يدفع له مالا معينا فينعتق وتصح(مطلقة) وكل ما أدّى مقدارا اعتق بمقداره إلى أن يؤدي الجميع فينعتق كله أو(مشروطة) لا يتحرر منه شيء إلاّ بعد أداء الجميع فان عجز ولو بتأخير نجم من وقته يرد في الرق وإذا مات قبله بطلت ولا يتصرف في ماله بغير الاكتساب الاّ باذن المولى ولا يتصرف المولى به إلاّ بالاستيفاء وليس للمكاتبة أن تتزوج الاّ باذن المولى.

الكفارات

وهي مرتبة ومخيرة وما يجتمع فيه الأمران وكفارة الجمع (فالمرتبة) كفارة الظهار وقتل الخطأ ويجب فيها عتق رقبة فان عجز صام شهرين متتابعين فان عجز أطعم ستين مسكينا، وكفارة من أفطر يوما من قضاء رمضان بعد الزوال عامدا- إطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة أيام متتابعات على الأحوط، و(المخيرة) من أفطر يوما من شهر رمضان أو في نذر معين وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين(وما يجتمع فيه الامران) كفارة النذر والعهد واليمين ومنه الايلاء وهي عتق رقبة واطعام عشرة مساكين وكسوتهم فان عجز صام ثلاثة أيام متوالية(وكفارة الجمع) في قتل المؤمن عمدا بغير حق عتق وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وفي الخبر رجل حلف بالبراءة فحنث ما كفارته فكتب يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد وقيل كفارة ظهار فان عجز فكفارة يمين وهو أحوط وفي جز المرأة شعرها في المصاب كفارة رمضان وفي نتفه أو خدش وجهها أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين وكفارة العبد نصف كفارة الحر.

الجزء الخامس

في النكاح وتوابعه

وهو من أعظم المستحبات في الشريعة الإسلامية وقد ورد في الأحاديث من الحث عليه والترغيب فيه ما يملأ الأوراق وأسباب حليّته ثلاثة:

1- العقد الدائم.

2- والمنقطع.

3- ملك اليمين.

والعقد إيجاب وقبول من الزوج والزوجة أو وكيلهما أو وليهما أو بالإختلاف والصيغة الصريحة أن تقول المرأة زوّجتك نفسي على مهر كذا، فيقول الزوج: قبلت أو يقول وكيلها زوّجتك موكلتي فلانة على مهر كذا، فيقول وكيل الزوج: قبلت لموكلي فلان أو يقول ولي الزوجة إذا كانت صغيرة زوّجت بنتي فلانة من فلان فيقول وليّه أو وكيله قبلت لفلان والبنت البالغة لا ولاية عليها والبكر لابد من رضاها ورضا وليّها وهو الأب والجد أو الأخ عند فقدهما أو العم على الأحوط كذلك، ولا يجب الاشهاد بل يستحب وإذا أدّعي زوجية امرأة ولم تصدّقه فعليه الإثبات وكذلك لو أدّعت والقول قول الأب في تعيين المعقود عليها ويصح العقد على الصغيرة من وليها، ولكن يحرم الدخول بها إلاَّ بعد اكمال التسع ويجوز النظر إلى من يريد التزوج بها وإلى نساء أهل الذمة بل لا يبعد جواز النظر إلى الوجه والكفين بغير ريبة مطلقاً، وأولياء العقد الأب وإن علا ووصيه وحاكم الشرع إن فقد أو البالغ الرشيد لا ولاية عليه، ويعتبر المصلحة في الجميع على الأحوط في الصغيرين والمجنونين ويصح عقد الفضولي مع الإجازة ويكفي في البكر سكوتها والمولى ولي مملوكه ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، ولو زوج الوليان الصغيرين توارثا لو مات أحدهما فلو زوجهما الغير وقف على الإجازة فلو بلغ أحدهما وأجاز ثم مات وأجاز الثاني بعد بلوغه أحلف على عدم الطمع وورث وإلاَّ فلا.

المحرمات

وهي نوعان: نسب وسبب، فالنسب العمودان يعني من أولدك وأولد آبائك من النساء ومن أولدته وفروعه ومن أولد معك من بطن وفروعه ومن ولد مع أحد آبائك أو امهاتك فتحرم عليك أمك وجداتك من ابيك وأمك وبناتك وإن نزلن وأخواتك وإن نزلن وعمّاتك وخالاتك وإن علون وهذه هي المحرمات السبع المذكورة في الآية الشريفة: [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا].

والسبب علاقة بين اثنين تنشأ من أحد أمور:

1- المصاهرة: فمن وطيء امرأة بالعقد أو الملك حرّمت عليه أمها وإن علت وبنتها وإن نزلت تحريماً مؤبداً سابقات على العقد أو متأخرات عنه، وتحرم الموطوئة على أب الواطيء وإن علا وعلى أولاده وإن نزلوا، وعقد البنت يوجب حرمة أمها أبداً وإن لم يدخل بخلاف العقد على الأم فإنه لا يوجب حرمة ابنتها إلاَّ بعد الدخول بالأم فلو طلقها أو فسخ قبل الدخول جاز أن يعقد على البنت ويحرم الجمع بين الأختين فلو طلق الأولى وفسخ جاز العقد على الثانية وكذلك بنت اختها وأخيها إلاَّ مع اذن العمة أو الخالة أو اجازتهما للعقد، ومن زنا بعمته أو خالته حرمت عليه بناتهن أبداً ولو ملك الأختين فوطيء أحداهما حرمت الثانية جمعاً فلو وطئها أيضاً فعل حراماً ولم تحرم الأولى، ويحرم على الحر الزيادة على أربع حرائر دواماً وفي الإماء الزائد على اثنين وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وأمة وعلى العبد ما زاد على أربع أماء والزائد على حرتين أو حرة وأمتين، ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلاَّ بأذنها أو أجازتها ولو أدخل الحرة على الأمة ولم تكن تعلم كان لها الخيار في عقد نفسها ولو تزوجهما في عقد صحَّ في الحرة ووقف في الأمة على اجازة الحرة، ولا يغير ملك اليمين أو المتعة بعدد فله أن يأخذ ما شاء ويحرم العقد على ذات البعل والمعتدة، ولو تزوجها جاهلاً بطل العقد فإن دخل حرمت مؤبداً وعليه المهر لها وتكمل عدة الأولى وتستأنف للثاني، ولو عقد عالماً حرمت أبداً بالعقد ومن لاط بغلام فأدخل حرمت عليه أم الغلام وأخته وبنته أبداً ولو سبق عقدهن لم يحرمن لأن الحرام لا يحرم الحلال ، وإذا أدخل بصبية قبل التسع فأفضاها حرمت عليه أبداً وعليه نفقتها حتى تموت، ولو زنا بامرأة لم تحرم عليه إلاَّ إذا كانت ذات بعل أو معتدة فإنها تحرم عليه مؤبداً، وكذا لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم ولو كان جاهلاً بطل العقد فقط ولو طلقت الحرة ثلاثاً حرمت حتى تنكح زوجاً غيره، والمطلقة تسعاً تحرم عليه مؤبداً، ولو طلّق أحدى الأربع لم يجز أن يتزوج بدلها حتى تخرج من العدة ويجوز في البائن، والثاني من اسباب التحريم:

2- الرضاع: وهو لحمة كلحمة النسب فيحرم به كل ما حرم بالنسب من العناوين السبعة بشرط أن يكون عن وطيء مباح بعقد أو شبهة أو ملك يمين فلا أثر للبن الخالي من الوطيء وأن يكون من حمل ولا يكفي صرف وجود الولد وأن يستوفي النصاب وهو يوم وليلة أو خمسة عشر رضعة متوالية كاملة من الثدي أو ما أنبت العظم وشد اللحم، وأن يكون المرتضع في الحولين بل وولد المرضعة وأن تكون كل الرضعات من لبن فحل واحد فلو أرضعت صبيين من لبن فحلين فلا حرمة بينهما فإذا تحققت هذه الشرائط حصلت العناوين النسبية فصارت المرضعة أماً والفحل أباً وأخواتهما أخوالاً وأعماماً وخالات وعمّات وأولادهما أخوة، ويحرم اولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً على المرتضع وأولاد المرضعة ولادةً لا رضاعاً إلاَّ إذا رضعوا جميعاً من لبن فحل واحد ولا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادةً ورضاعاً ولا في اولاد زوجته المرضعة ولادةً لا رضاعاً، ولأولاده الذين لم يرتضعوا من لبن الفحل الذي أرتضع منه أخوهم أن ينكحوا في أولاد المرضعة، أما الرضاعتين منها من فحل آخر فلا إشكال فيه، وأما المتولدين منها من ذلك الفحل أو غيره فالأقوى فيه أيضاً عدم التحريم ولو أرضعت كبيةر الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان دخل بالكبيرة وإلاَّ حرمت هي فقط، ولو أرضعت الأم ولو من الرضاعة الزوجة من اللبن الذي رضع منه الزوج حرمت على زوجها ويحرم أم أم الأبن من الرضاع كما يحرم من النسب.

3- اللعان: فإذا لاعن الرجل زوجته أو قذف زوجته الخرساء أو الصماء حرمت عليه أبداً، كما سيأتي إن شاء الله.

4- الكفر: فلا يحل للمسلم أن يتزوج من الكفار غير الكتابية، أما هي فالمشهور جوازه متعه ولا يبعد الجواز مطلقاً ولا يجوز للمسلمة نكاح غير المسلم ولا المؤمنة غير المؤمن على الأحوط ويجوز العكس، ولو أرتد أحد الزوجين قبل الدخول أنفسخ العقد حالاً ويقف بعده على انقضاء العدة إلاَّ إذا كان عن فطرة فينفسخ حالاً وتعتد عدة الوفاة ولو أسلم زوج الكتابية بقي على زواجها، ولو أسلمت قبله دونه أنفسخ العقد وبعده يقف على انقضاء العدة، وكذا لو أسلم أحد الحربيين ولو أسلم على أكثر من أربع تخبر منهنَّ أربعاً، وكذا الذمي ونكاح الشغار باطل وهو جعل نكاح امرأة مهراً لأخرى، ويجوز تزويج الحرة بالعبد كما يجوز للحر أن يتزوج الأمة مع العنت وعدم القدرة على التزويج بالحرة.

المتعة

يشترط فيها الإيجاب والقبول من أهله، ويلزم ذكر المهر والأجل المعيّن ولو لم يذكره بطل، وقيل ينقلب دائماً وليس ببعيد، ولا طلاق فيه ولا لعان ولا حد للمهر ولا للمدة ولو وهبها المدة قبل الدخول كان لها نصفه ولو أمتنعت بعض المدة سقط منه بالنسبة، ولو دخل وظهر بطلان العقد فمهر المثل وله الولد، ولا ترث إلاَّ بالشرط وتعتد بحيضتين أو خمسة وأربعين يوماً.

نكاح الإماء

يتوقف عقد العبد والأمة على أذن مالكهما ولو اذن كان مهر العبد ونفقة زوجته عليه وله مهر أمته والولد للمالكين مع أذنهما وعدمه، ولو أذن أحدهما فالولد للآخر ولو كان أحدهما حراً فالولد حر والشرط على الأصح لغو. نعم، لو زنا بها فالولد لمولاها ولو كان جاهلاً سقط الحد دون المهر وعليه قيمة الولد يوم سقوطه حياً ويلحق بأبيه وعلى الأب فكّه ويلزم المولى دفعه، ولو تزوجت الحرة بعبد بدون أذن مولاه فلا مهر على المولى والولد حر وعليها قيمته عالمة أو جاهلة والمهر في ذمة العبد يتبع به بعد العتق ولو زنا المملوك بمملوكة فالولد لمولاها ولو أشترى جزء من زوجته بطل نكاحها ولو أعتقت تخيّرت في عقد نكاحها السابق. ولا يجوز بيع أم الولد مع وجوده إلاَّ في ثمن رقبتها أو تعلق حق للغير بها مقدّم على حق عتقها وتنعتق بموت مولاها من حصة ولدها فإن لم يفِ سعت في الباقي وطلاق العبد بيده ولو كانا لواحد كان للمولى فسخه، ولو زوجها حرم عليه كلّما يحل للزوج عدا النظر ولو حللها لغيره حلّت والولد حر إن كان من حر.

العيوب

الموجبة لخيار الفسخ في الزوج، وهي ستة:

1- الجنون ولو أدوارياً.

2- الخصاء، وهو سل الأنثيين أو رضهما بحيث تبطل قوتهما وهو الوجا.

3- العنن: وهو العجز عن الوطيء قبلاً ودبراً منها ومن غيرها.

4-الجب.

5- الجذام.

6- البرص.

وفي الزوجة، تسعة:

1- الجنون مطلقاً.

2- والجذام.

3- البرص.

4- الاقعاد.

5- القرن: عظم يمنع الوطيء.

6- العفل لحم يمنعه.

7- الرتق: إلتحام الفرج،

8- والافضاء.

9- وبضميمة العمى تكون عشرة.

ولو تجدد شيء من هذه بعد العقد ولو قبل الدخول فلا فسخ إلاَّ في جنون الزوج فلها الفسخ حتى لو حدث بعد الدخول وإلاَّ في العنن لو حدث بعد العقد فإنها ترفع أمرها إلى الحاكم فينظره سنة، ومثله الجب إن لم يكن منها والخيار على الفور فإن فسخت فلا مهر قبل الدخول إلاَّ في العنن فتستحق النصف.

نعم، لا يبعد القول بأن كل مرض ساري كالجذام والسل ونحوها إذا حدث ولو بعد العقد في الزوج جاز للزوجة الفسخ إذا كان في اجتنابها له عسر وحرج ومشقة شديدة ومع ذلك فالأحوط عدم الفسخ إلاَّ بأذن الحاكم الشرعي.

المهر

وهو ما تستحقه المرأة بالعقد عليها أو بالدخول، ويسقط نصفه بالطلاق قبله أو بالموت كذلك على الأقرب، ويستقر لها تماماً بالدخول ولو دبراً ويصح كونه عيناً أو ديناً أو منفعة ولا يتقدر قلة وكثرة فيصح بكل ما يتراضيان عليه من مال أو فائدة ولابد من وصفه أو مشاهدته ولا يتوقف صحة العقد عليه ولو لم يذكر فيه مهر ودخل كان لها مهر المثل ومع الطلاق قبله فالمتعة المؤسر عشرة دنانير والمتوسط خمسة والفقير درهم ولو تزوجها على مهر السنة فخمسمائة درهم، ويكره مؤكداً الزيادة عليها، ولو أشترط في العقد أن لا يخرجها من بلدها أو غيره من الشروط المباحة لزم والقول قوله في قدر المهر وقولها في عدم تسليمه ولو أنكره ودخل فمهر المثل ولو أنكر الدخول فالقول قولها بيمينها مع الخلوة، ولها الامتناع حتى تقبض المهر، وإذا زوج الأب ابنه الصغير ولا مال له فالمهر عليه.

القسم والنشوز

للزوجة الدائمة ليلة من أربع ليال وللزوجتين ليلتان وهكذا إلى الأربع ولو وهبتها له أحداهنَّ وضعها حيث شاء ولو وهبتها لضرّتها بات عندها والواجب المضاجعة لا المواقعة إلاَّ في الأربعة أشهر مرة وتختص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ويجب عليها التمكين فتجب نفقتها.

والناشزة يعظها ثم يهجرها فإن أصرت جاز ضربها ولو نشز خاصمته عند الحاكم وإذا تكارها ونشزا، أنفذ الحاكم حكمين من اهلهما فإن اصلحا وإلاَّ راجعاهما في البذل والطلاق.

النفقات والأولاد

تجب نفقة الزوجة الدائمة على الزوج القادر حسب شأنها في الإطعام والكسوة والمسكن مع تمكينها التام وفي مدة العدة الرجعية وإذا لم يدفعها فهي دين لها في ذمته، وتجب نفقة الأقارب وهم الأبوان وإن علو أو الأولاد وإن نزلوا بشرط الفقر والعجز، وعلى الأب نفقة ولده العاجز فإن عجز فعلى الجد وهكذا فإن فقدوا فعلى الأم ثم على أبائها كل ذلك مع القدرة وهي انفاق لاحق في الذمة، وتجب نفقة المملوك على مولاه وله أن يجعلها في كسبه ويجب إطعام البهائم المملوكة على مالكها فإن قصّر ألزمه الحاكم ببيعها أو ذبحها أو الإنفاق، أما الولد فلا يلحق بالرجل إلاَّ بمضي ستة أشهر من الدخول المباح أو ما بحكمه وعدم مضي أكثر من سنة وهذه هي قاعدة الفراش، فكل مولود يولد بتلك الأوصاف فهو محكوم بأنه ولده وإن لم يعترف به ولا ينتفي عنه إلاَّ باللعان حتى مع إمارات النفي ولو طلّقها وتزوجت وجاءت بولد لأقل من سنة ألحق بالأول إن أمكن ولو أمكن إلحاقه بهما فهو للثاني للفراش ولو وطئها المولى وأجنبي، وأمكن إلحاقه بهما فهو للمولى ولو أعترف بولد أمته أو متعته لزمه، ولو نفاه بعد الإقرار لم ينتفِ، وولد الشبهة يلحق بالواطيء دون الزنا ويجب أن يتولى النساء العارفات أمر المرأة عند ولادتها وإحضار الزوج ما يلزمها.

ويستحب غسل المولود والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى وتحنيكه بتربة الحسين (ع) وماء الفرات وحلق رأسه يوم السابع.

والعقيقة وهي شاة سالمة بلغت ثمانية أشهر فما زاد عن الذكر ذكراً وعن الأنثى أنثى وتكاد تكون واجبة ولا يأكل منها الأبوان ولا يكسر شيء من عظامها، وأفضل المراضع الأم وللحرة الأجرة على الأب ولا تجبر على رضاعه وتجبر الأمة.

وحد الرضاع حولان ويجوز الأقل بشهر والأم أحق برضاعة إن رضيت بما يرضى به غيرها كما أنها أحق بحضانة الذكر إلى سنتين والأنثى إلى تسع إذا كانت سالمة مسلمة حرة عاقلة وتسقط حضانتها ولو تزوجت وتكون للأب فلو مات أو كان كافراً أو سفيهاً أو مجنوناً فللأم.

الطلاق

ويشترط في المطلق البلوغ والعقل والاختيار والقصد المتوازن ويطلق الولي عن المجنون لا عن الصغير والسكران والمغمى عليه على المشهور ولو قيل بالجواز مع المصلحة لم يكن بعيداً ويعتبر في المطلقة أن تكون دائمة طاهرة من الحيض والنفاس إذا كان الزوج حاضراً مدخولاً بها أما اليائسة ومن لم تبلغ التسع وغير المدخول بها فيطلّقن على كل حال والغائب يصح طلاقه إلاَّ مع علمه بعدم طهرها، ويشترط أن لا يكون في طهر المواقعة.

والمسترابة تصبر ثلاثة أشهر ثم تطلق سواءاً استرابت بالحيض فلم يتميّز أو بالحمل أو اليأس ولا يقع إلاَّ بقوله: أنت طالق مجرداً عن كل شرط وصفة مع تعيين المطلقة بأسمها الخاص أو الإشارة ونحوها كما لا يصح إلاَّ بحضور عدلين، وينقسم إلى: سنة وبدعة، وهو جميع الأنواع الفاسدة لفقد بعض الشرائط المتقدمة كطلاق الحائض ونحوها وكطلاق الثلاث مرة أو مكرراً بلا تخلل رجعة.

أما السنة فهو بائن ورجعي فالأول طلاق اليائسة وغير المدخول بها والمختلعة والمباراة والمطلقة ثلاثاً بينها رجعتان وما عداه فرجعي.

ومنه العدي وهو الذي يراجع في العدة فيواقع ويطلق بعد الطهر فتحرم مؤبداً بعد التسع بينها محللان وفي غيره تحرم في كل ثالثة حتى تنكح زوجاً غيره بالغاً يطيء بالعقد الصحيح الدائم، وكما يهدم الثلاث يهدم الأقل ويصح الرجوع في المطلقة الرجعية بكل ما دلَّ عليه من قول أو فعل ولا يجب الإشهاد وإن كان أحوط ويقبل قولها في انقضاء العدة.

ويكره طلاق المريض وترثه إلى سنة حتى البائن، ما لم يمت بعدها ولو بلحظة أو تتزوج في السنة أو يبرء من مرضه، ويرثها لو ماتت في عدتها الرجعية وزواج المريض صحيح أن دخل أما لو مات قبل الدخول فلا.

العدد

لا عدة في الطلاق ونحوه على الصغيرة واليائسة وهي التي تجاوزت الخمسين غير قرشية والستين فيها وفي النبطية ولا على غير المدخول بها ومستقيمة الحيض عدتها ثلاثة قروء أي أطهار وأقل ما تحصل به العدة ستة وعشرون يوماً ولحظتان لحظة من آخر الطهر الذي وقع فيه الطلاق ولحظة بعد الحيض الثالث وليست هي من العدة فلو قارنها عقد صحَّ، وأكثر العدة قد يبلغ ستة عشر أو سبعة عشر شهراً كما ذكرناه في حواشينا على التبصرة، وعدة الأمة النصف.

ومن لا تحيض وهي بسن الحيض عدّتها ثلاثة أشهر وعدة الحامل وضع الحمل ولو سقطاً في الطلاق وأبعد الأجلين في الوفاة أربعة أشهر وعشراً صغيرة أو يائسة أو غيرها مدخولاً بها أم لا وعليها الحداد وهو ترك الزينة ولو مات في عدة الطلاق أستأنفت عدة الوفاة والبائنة تكمل عدة الطلاق وعليه نفقة عدة الرجعية وتعتد من حين الطلاق وفي الوفاة من حين بلوغ الخبر إليها.

الخلع والمبارات

إذا كرهت المرأة زوجها وبذلت له مالاً على أن يطلقها جاز له خلعها بل ربما يتعيّن وله أن يأخذ أزيد مما اعطاها ويشترط في الخالع جميع شروط المطلّق وفي المختلعة شروط المطلّقة وفي الخلع شروط الطلاق من حضور شاهدين وغيرها.

وصيغته الخاصة: خلعتها فهي طالق على ما بذلت والأولى تعيينه ولو قال: هي طالق على ما بذلت كفى ولها الرجوع بالبذل في العدة فينقلب رجعياً بعدما كان بائناً لا رجوع له فيه ويلزم العلم بمقدار البذل وجنسه فلو خالعها على ألف ولم يعيّنها بطل ولا توارث بينهما لو مات أحدهما في العدة.

والمبارات كالخلع في جميع ما سبق، ولكن يعتبر فيها الكراهة من الجانبين، ولا يأخذ منها أزيد مما اعطاها وصيغتها: بارئتك فأنت طالق.

والظهار حرام وهو أن يقول لزوجته المدخول بها أو أمته: أنتِ عليّ كظهر أمي أو أختي أو أحد من محارمه بحضور عدلين وسائر شرائط الطلاق لا بقصد الإضرار ولا بيمين بأن يقول: أمرأتي كظهر أمي عليّ إن كلمت زيداً، ويحرم عليه الوطيء إلاَّ أن يكفّر، وكذا لو طلّق وراجع في العدة ولو وطيء قبل التكفير لزمه كفّارتان ثم لكل وطيء كفّارة مع القدرة ولو خرجت من العدة أو كانت بائناً واستأنف العقد فلا كفارة، وإذا رافعته أنظره الحاكم ثلاثة أشهر، ثم يلزمه أما بالرجوع والكفارة أو الطلاق.

الإيلاء: هو الحلف على ترك وطيء زوجته الدائمة المدخول بها المعيّنة فهو نوع من اليمين إن أطلق أو عين أكثر من أربعة أشهر فإذا رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر فإن رجع وكفّر كفّارة اليمين وإلاَّ حبسه حتى يرجع مع الكفارة أو يطلّق ولو ماطل حتى خرجت المدة التي حلف عليها فلا كفارة ولو وطيء فيها كفّر وفئة القادر الوطيء والعاجز العزم ولا تتكرر بتكرر اليمين.

اللعان

إذا قذف زوجته المحصنة الدائمة العفيفة المدخول بها بالزنا أو نفي الولد الملحق به ظاهراً مع سلامتها من الصمم والخرس لزمه ملاعنتها بأن يقول أربع مرات: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة، ثم يعظه الحاكم فإن رجع حدّه وإلاَّ اتبها بقوله: إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم تقول هي أربع مرات: أشهد بالله أنه من الكاذبين، ثم يعظها الحاكم فإن أعترفت رجمها وإلاَّ قالت إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فتحرم أبداً.

واللازم قيامها، ولفظ الشهادة، وتعيين المرأة، وبداءة الزوج، والعربية، مع القدرة، وتقديم الشهادات على اللعن، ويستحب جلوس الحاكم والرجل عن يمينه وهي عن يساره وحضور من يسمع اللعان، ولو أكذب نفسه حدّ للقذف وبقي التحريم، ويرثه الولد لأعترافه ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به ولو أعترفت المرأة بعد اللعان لا تحد ولو أدعت المطلقة أن الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بيّنة على الخلوة ثبت قولها وسقط اللعان.

الجزء السادس

في العقوبات والجزاءات من الحدود والقصاص والديات

(1) الحدود

عقوبات عاجلة على جرائم مخصوصة مثل الزنا وهو وطيء الرجل امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة، ويحصل بدخول الحشفة في قبلها أو دبرها مع العلم بالتحريم واختياره، ويثبت بأقراره أربع مرات أو شهادة أربعة عدول أو ثلاثة أو أمرأتين ولو شهد رجلان وأربع نسوة يثبت الجلد دون الرجم ولا يقبل رجل مع النساء وإن كثرن، ولو شهد الأقل حدّوا للقذف، ويشترط اتفاق الشهود والمشاهدة كالميل في المكحلة، ولو أقر بموجب الرجم وأنكر سقط، وبالجلد لا يسقط، ولو أدعى الشبهة يصدق، ولو تاب بعد الإقرار قبل البينة سقط والزاني بأحدى المحرمات عليه نسباً أو رضاعاً كأمه وبنته يقتل، وكذا من أكره امرأة على فرجها والذمي لو زنى بمسلمة وما عدا ذلك فالمحصن وهو العاقل الذي له فرج مباح يغدو عليه ويروح يجلد مائة جلدة ثم يرجم إن زني بعاقلة بالغة وإلاَّ فالجلد وحده، والمحصنة ترجم أيضاً بعد الجلد، وغير المحصن يجلد مائة سوط ويحلق رأسه ويغرب على البلد سنة وليس على المرأة ذلك، ولو زنى بعد الحد تكرر وفي الثالثة يقتل، والعبد حدّه النصف مطلقاً وكذا المملوكة ويقتل في الثامنة ولا يقام الحدّ على الحامل حتى تضع، ويستغني الولد ولا المريض ولا المستحاضة، ومن زنى في مكان أو زمان شريف يزيده الحاكم بما يراه ويبدأ بالجلد ثم يدفن إلى نصفه والمرأة إلى صدرها ثم يرمى بالأحجار المتوسطة إلى أن يموت فإن هرب أعيد إن ثبت زناه بالبينة وإن كان بالإقرار فلا، ومن وجد رجلاً يزني بأمرأته فله قتلهما.

اللواط

إذا أدخل العاقل العامد المختار ولو حشفة في دبر الذكر صغيراً أو مجنوناً قتل الفاعل والمفعول إذا كان كاملاً مثله أو رجم أو القي من شاهق أو أحرق، ولو لاط الصبي أو المجنون بعاقل قتل وعزرّا. ولا يثبت إلاَّ بما يثبت به الزنا من أربعة رجال أو ما يقوم مقامهم، ولو لم يدخل فالجلد مائة. ولو لاط الذمي بمسلم قتل ويجلد المسلم، ولو تكرر قتل في الرابعة، ويعزّر المجتمِعان في أزار واحد مجرّدين وكذا مقبّل الغلام بشهوة.

السحق

وهو عمل الأنثى بمثلها، تجلد الفاعلة والمفعولة مائة، حرّة أو أمة ولو تكرر قتلا في الرابعة، ويسقط الحدّ بالتوبة قبل البينة ولا يثبت إلاَّ بمثبت الزنا. والقوّاد يجلد خمساً وسبعين ويحلق رأسه ويشهر وينفى ويثبت بالإقرار مرّتين أو بشهادة عدلين.

القذف

القائل للبالغ العاقل الحر المسلم يا زاني أو  يا لائط أو أنت زاني أو لائط، وما بمعناها بأي لغة مع معرفة القائل قاصداً مختاراً يحدّ ثمانين جلدة حراً أو عبداً، ويسقط بإقامة البينة المصدّقة أو تصديق المقذوف أو عفوه أو ملاعنة الزوجة، ولو واجهه بما يكره كالفاسق والفاجر والأجذم ولم تكن فيه عزّره الحاكم ولا يجب الحدّ إلاَّ بالقذف بما فيه حدّ، فلو قال لمن أعترف بأنه ولده لست ولدي أو قال لرجل: لست لأبيك، يحدّ ولو قال يا أبن الزاني أو الزانية فالحدّ حق لهما إذا كانا مسلمين، وكذا لو قال يا زوج الزانية ويا أخ الزانية، ولو قال زنيت بفلانة أو لاط بك فلان وجب حدّان، ولا حد في قذف المتظاهر ولا في قذف الولد لولده، ولو قذف جماعة أو قذفه جماعة فالمدار على وحدة القذف وتعدده عرفاً فيتعدد الحدّ أو يتوحد، ويثبت بالإقرار أو شهادة عدلين، ويورث الحدّ كالمال عدا الزوجين ولو عفى البعض أستوفاه الآخرون تماماً، وقاذف الصبي يعزّر، كما يعزر لو قذف ولو تكرر الحد قتل في الرابعة ولو تقاذف اثنان عزّرا.

وساب النبي (ص) أو أحد الأئمة (ع) أو الزهراء (ع) يحل لكل سامع قتله، وكذا مدّعي النبوة والمسلم إذا شك في صدق النبي (ص)، أما الكافر إذا تجاسر فيعزر.

المُسكِر

إذا شرب البالغ العاقل مختاراً عالماً شيئاً من المُسكر خمراً أو غيره حتى الحشيشة ونحوها ولو قليلاً أو فقاعاً أو عصيراً عنبياً غلا ولم يذهب ثلثاه ولم يصر خلاً بحدّ بثمانين جلدة عارياً على ظهره وكتفه حراً أو عبداً وكذا الكافر يحد إذا تظاهر بشربه ولو تكرر قتل في الرابعة والمستحل مرتد يقتل إن لم يتب ويثبت بالإقرار والبينة، ولو تاب قبلها سقط ولو تاب بعد الإقرار تخيّر الإمام ومستحل ما هو المجمع على تحريمه كالميتة ونحوها يقتل وإذا تناولها غير مستحل ولا ضرورة يعزّر، ولا دية لمقتول الحدّ والتعزير.

السرقة

إذا سرق البالغ سراً من حرز مستور بقفل أو صندوق ونحوه ما قيمته ربع دينار ذهباً مسكوكاً تقطّع أصابعه الأربع من يده اليمنى فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك العقب فإن عاد خلد في السجن فإن سرق فيه قتل ويقطع الصبي في الثالثة ويعزّر فيما قبلها، ولا يقطع العبد بسرقة مال سيده ولا الوالد بسرقة مال ولده والولد يقطع، ولا من المواضع العامة كالحمامات والمساجد ويقطع سارق الكفن وبائع الحر، ويثبت الحدّ بالإقرار مرّتين وشهادة العدلين، ويكفي في تغريمه المال مرة وشهادة الواحد مع اليمين ولو تاب قبل البينة سقط وبعد الإقرار يتخيّر الإمام، ولو سرق اثنان نصاباً سقط الحدّ حتى يبلغ نصيب كل واحد نصاباً، ولو لم يكن له يمين قطعت يساره وقيل بل الرجل اليسرى.

وكل من جرّد السلاح للإخافة أو السلب في بر أو بحر فإن قتل أحداً تعيّن قتله وإلاَّ تخيّر الإمام بين نفيه وقتله وصلبه وقطعه مخالفاً اليد اليمنى والرجل اليسرى ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحد وغرم للناس حقوقهم، وإذا نفي يمنع أهل بلد منفاه من معاملته ومواكلته ومجالسته إلاَّ أن يتوب، واللص محارب يُدفع حسب الإمكان فإن قتل فلا أثم ولا حدّ ومن أراد غصب فرج امرأة أو غلام فلهما دفعه فإن قتلاه فلا شيء، وكذا من دخل دار قوم فزجروه فلم ينزجر.

وإذا وطيء البالغ بهيمة عزّر فإن كانت مأكولة اللحم حرم لحمها ونسلها وتذبح وتحرق ويغرم قيمتها لصاحبها ولو اشتبهت أخرجت بالقرعة على المشهور، وغير المأكولة تباع في بلد آخر، فإن لم تكن له غرم قيمتها لصاحبها وتصدّق بالثمن على الأحوط، ولو تكرر قتل في الرابعة ويثبت بالإقرار مرتين وبالبينة، وحكم الزاني بميتة، واللائط بميت حكم الفاعل بالحي وتغلط العقوبة والمستمني بيده يعزّر، وللإنسان أن يدافع عن نفسه وحريمه وماله ما أستطاع ويجب الأسهل ثم الأصعب متدرجاً إلى القتل.

(2) القصاص

من قصد قتل شخص فقتله بأي نحو وبأي آلةٍ فهو قتل العمد ومن قصده بغير القتل فقتله بقاتل غالباً أم لا فهو شبه العمد ومن لم يقصده ولا قصد قتله فقتله اتفاقاً فهو الخطأ المحض، ففي الأول القصاص إن صدر من بالغ عاقل لنفس مكافئة مباشرةً أو تسبيباً ولو أكره غيره أو أمره بالقتل أقتص من القاتل إن كان بالغاً عاقلاً ويخلّد الأمر أو المكره السجن وإلاَّ فمن المكره أو الأمر، ولو أمسكه واحد وقتله آخر ونظر ثالث خلّد الممسك بالسجن وقتل القاتل وسملت عين الناظر، ويشترط في القصاص أمور:

1- التساوي في الحرية فلا يقتص من الحر لو قتل العبد بل يعزّر ويضرب ضرباً مبرحاً وعليه كفّارة جمع وإن كان مملوكاً لغيره غرم له قيمته ما لم تتجاوز دية الحر ولا الحرة بالأمة بل تدفع قيمة الأمة ما لم تتجاوز، ويقتل الحر بالحر وبالحرة، ويرد نصف الدية إلى أولياء الحر، وتقتل الحرة بمثلها وبالحر ولا يؤخذ الفضل، وكذا في قصاص الجروح والأطراف ما لم يبلغ الثلث فتنتصف دية المرأة ويقتص لها من الرجل مع الرد ومنها له ولا رد ويقتل العبد بالعبد وبالأمة ولا رد وإن زاد أحدهما على الآخر، والأمة بمثلها وبالعبد ولا تراد.

ولو قتل العبد حراً تخيّر ولي الدم بين قتله واسترقاقه ولا خيار لمولاه في العمد وإلاَّ فله الخيار بين دفعه وبين فكه بأقل الأمرين من الدية والقيمة إن كانت على نفس أو الأرش إن كانت على طرف ولا مقدّر له وللجروح أن يقتص منه إن كان عامداً أو يسترقه إن استوعب الجناية قيمته وإلاَّ فبالنسبة ولمولاه أن يفديه بأرش الجناية، ولو قتل مولاه فالخيار لولي الدم إن شاء قتله أو تركه ولو قتل العبد مثله عمداً قتل وإن كان خطأ فالخيار للمولى بين دفعه أو فكّه بقيمته وله فاضل قيمته عن قيمة المقتول ولا يضمن النقص، ولو قتل الحر حرّين قتل بهما، ولو كان القاتل عبداً اشترك فيه الأولياء إلاَّ إذا قتل على التعاقب واستوفى أولياء الأول والثاني حقّهم بالأسترقاق أو الصلح فيحكم به للأخير لهم قتله أو استرقاقه.

2- الإسلام، فلا يقتل مسلم بكافر مطلقاً بل يعزّر ويغرم دية الذمي ويقتل الذمي بمثله وبالذمية مع ردّ الفاضل والذمية بمثلها وبالذمي ولا ردّ. ولو قتل الذمي مسلماً عمداً دفع مع أمواله إلى المقتول إن شاءوا أقتلوه وإن شاءوا استرقوه وقيل يسترق أولاده الصغار أيضاً، ولو اسلم بعد أن قتل فالقصاص فقط وتلزمه الدية في الخطأ في ماله فإن لم يكن فعاقلته الإمام لا أهله.

3- أن لا يكون القاتل أباً فلا يقتل الأب بولده بل يؤخذ منه الدية ويغرر وينفى من مسقط رأسه وعليه كفارة جمع ولو قتل الولد أباه أو أمه قتل، وكذا الأم لو قتلت ولدها عمداً.

4- العقل، فلا يقتل العاقل بالمجنون بل عليه الدية حتى في العمد إلاَّ أن يقصد دفعه فلا شيء عليه، ولو قتل المجنون عاقلاً فالدية على العاقلة.

5- البلوغ، فلا يقتل الصبي بالبالغ لأن عمده خطأ فعلى العاقلة الدية ولو قتل البالغ صبياً عمداً قتل.

6- أن يكون المقتول معصوم الدم فلو قتل مرتداً أو من أباح الشرع قتله لم يقتل.

الاشتراك: إذا أشترك جماعة في القتل قتل الجميع بعد ردّ فاضل دية كل واحد عن جنايته فلو كان كانوا مثلاً ثلاثة رد ديتين يقسمونها بالسوي.

ولو قتل اثنين ردّ الثالث ثلثا وولي المقتول دية كاملة يقتسمها أولياء المقتولين لكل واحد ثلثان وهكذا في الأطراف ولو قتلت أمرأتان رجلاً قتلتا به ولا ردّ، ولو كنَّ أكثر قتلنَّ به بعد ردّ الفاضل أو يقتل البعض ويرد الباقيات قدر جنايتهن وكذا لو اشترك رجل وامرأة فللولي قتلهما وبردّ نصف الدية لولي الرجل أو الإقتصار على قتله وترد المرأة لوليّه النصف أو قتل المرأة وأخذ نصف الدية من الرجل وهكذا الكلام لو أشترك حرّ وعبد في قتل حر أو امرأة وعبد في قتله فللولي قتلهما ورد نصف الدية لولي الحر وما زاد من قيمة العبد على نصف الدية أو قتل الحر فقط وردّ نصف ديته وأخذها من المولى كما له أخذ العبد أو قتله وردّ الزائد على نصف الدية من قيمته وأخذ نصف الدية من الحر وهكذا.

ويثبت القتل بأمور:

1- الإقرار: ولو مرة، ولو أقرَّ بقتله فأقرَّ آخر أنه هو القاتل ورجع الأول سقط القصاص عنهما وكانت الدية في بيت المال على المشهور لرواية مرسلة وهو مشكل ولا يطل دم أمرءٍ مسلم فالأحوط المصالحة بين المقريّن وأولياء المقتول، ولو أقرّ بقتله عمداً فأقرّ آخر بقتله خطأ تخيّر الولي في الأخذ بقول من شاء منهما ولا سبيل له على الآخر.

2- البينة: وهي عدلان ويثبت الخطأ والهاشمة ونحوها بشاهد وامرأتين أو بشاهد ويمين.

3- القسامة: في مورد اللوث وهو إمارة يغلب معها الظن بصدق المدّعي مثل وجوده قتيلاً في ديار قوم أو قريتهم أو قيام شاهد واحد وأمثال ذلك فللولي أثبات دعواه بأن يحلف هو وقومه خمسين يميناً في العمد وخمسة وعشرين في الخطأ ولو لم يكن له قوم كررت عليه الأيمان ولو لم يحلف حلف المنكر خمسين يميناً هو وقومه أو كررت عليه مع عدمهم ولو نكّل أُلزم بالدعوى وكذا في الأعضاء والجروح ولا يثبت إلاَّ مع حصول الظن ولو بأخبار صبي مميز أو كافر أو امرأة.

كيفية القصاص

قتل العمد يوجب القصاص ولا تكفي الدية إلاَّ صلحاً وفي وجوبها على الجاني لو طلبها الولي وجه قوي وكذا في الجروح ولا قصاص إلاَّ بالسيف وشبهه ويقتصر على ضرب العنق ولو كان أولياؤه جماعة وقف على الإجتماع ولا يتوقف على اذن الإمام بل للولي المبادرة ولو طلب بعضهم الدية كان للباقي القصاص بعد ردّ نصيب الآخرين على القاتل وكذا لو عفى البعض ولو مات القاتل قبل القصاص أخذت الدية من تركته ويثبت القصاص في الطرف لكل من يثبت له القصاص في النفس ويعتبر سلامة العضو فلا يقطع الصحيح بالأشل ويقطع الأشل به فإن خيف السراية فالدية ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنين وتقلع عين الأعور الصحيحة بعين السليم وإذا قلع السليم عين الأعور الصحيحة خلقة يردَّ عليه مع القصاص نصف الدية لأن عينه بمنزلة عينين.

والملتجيء إلى الحرم يضيّق عليه في الطعام والشراب حتى يخرج فيقتص منه ولو جنى في الحرم أقتص منه فيه ولو قطع يد رجل وأصبع آخر أقتص للأول وللآخر الدية ولو قطع الأصبع أولاً أقتص صاحبها ثم صاحب اليد ورجع بدية الأصبع، وفي غير العمد المحض تجب الدية.

(3) الديات

دية نفس الحر المسلم في العمد مائة من مسان الأبل الداخلة في السادسة ومائتا بقرة مسنة وهي الداخلة في الثالثة أو مائتا حلّة وهي أربعمائة ثوب من برود اليمن أو ألف شاة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم تستوفى في سنة واحدة من مال الجاني ولا تثبت إلاَّ بالتراضي.

ودية شبه العمد ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل أو ما سبق من مال الجاني تستوفى في سنتين.

ودية الخطأ عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وعشرون بنت لبون وثلاثون حقة أو ما سبق تؤخذ من العاقلة بثلاث سنين ودية المرأة نصف ذلك، ودية الذمي ثمانمائة درهم والذمية نصفها أو دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فيرد إليها ودية الأعضاء بنسبة القيمة وكل ما في الحر تمام الدية في العبد كمال القيمة ولا يطالب بها المولى إلاَّ بعد دفع العبد إلى الجاني، وكل ما فيه مقدّر شرعي من الأعضاء فالحر فيه أصل للعبد ولا قصاص فيه كالجائفة والهاشمة وكل ما لا تقدير فيه فالعبد فيه أصل للحر وفيه الأرش، وجناية العبد تتعلق برقيته يسعى بها أو يسترق أو يفكّه المولى.

وأسباب وجوب الدية أمران:

الأمر الأول: المباشرة حيث يقع التلف بغير قصد كالطبيب يعالج فيتلف المريض فهو شبيه العمد تجب فيه الدية إلاَّ أن يتبرء أو يبرءه المريض. وفي الخبر ( من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه وإلاَّ فهو ضامن)، وكالنائم إذا انقلب على غيره فمات ففيه دية الخطأ على العاقلة ومن حمل على رأسه متاعاً فأصاب غيره أو كسر المتاع فأنه يضمن ولو أوقعه غيره فالدية على الدافع ومن أخرج شخصاً من منزله ليلاً إلى ضمنه أن تقوم البينة بموته أو قتل غيره له.

الأمر الثاني: التسبيب كمن حفر بئراً في غير ملكه فوقع فيها إنسان أو نصب سكيناً أو طرح المعاثر في طريق ولو كان في ملكه لم يضمن، ولو أذن بدخول داره فعقره كلبهم ضمن وراكب الدابة يضمن ما تجنيه برأسها ويديها والسائق يضمن مطلقاً ولو ضربها فرَكَلت آخر ضمن الضارب لو نفرها فألقت الراكب ضمن المنفّر، ولو أجتمع السبب والمباشر فالضمان على المباشر إلاَّ أن يكون السبب أقوى كما لو حفر بئراً وغطّاها فدفع إنسان آخر وهو يحسبها أرضاً فوقع في البئر وهكذا في أكثر موارد جهل المباشر وعلم المسبب.

ديات الأعضاء

في شعر الرأس الدية كاملة وكذا في اللحية إذا لم ينبتا فإن نبتا فالأرش وفي شعر المرأة ديتها فإن نبت فمهرها وفي الحاجبين خمسمائة دينار وفي الواحد نصفها وفي الأهداب الأرش، وكذا باقي الشعر وفي كل واحد من العينين نصف الدية وفي كل جفن ربعها وفي عين الأعور الصحيحة الدية كاملة إن كان من الله تعالى وفي الأنف الدية ولو جبر من غير عيب فمائة دينار وفي أحد المنخرين نصفها وفي كل مثنى في البدن نصف الدية وفي كل مفرد كلّها ففي اللسان الدية ولو قطع بعضه أعتبر بحروف الهجاء وهي ثمانية وعشرون فيسقط الدية عليها ويؤخذ عن الناقص بحسابه.

وفي لسان الأخرس ثلث الدية وفي بعضه بحسابه مساحة، ولو أدعى الصحيح ذهاب نطقه صدق مع القسامة ولو بالإشارة، وفي الأسنان وهي ثمان وعشرون اثنى عشر مقاديم في كل واحد خمسون ديناراً أو ستة عشر مأخير في كل واحد خمسة وعشرون وفي الزائدة منفردة ثلث دية الأصلية ولا شيء مع الانضمام، وفي اسوداد ألسن أو انصداعها ثلثا ديتها، وفي اللحيين الدية ومع الأسنان ديتان وفي اليدين الدية وفي الواحدة نصفها وحدّها المعصم وفي الشلل ثلثا ديتها وفي الشلاء ثلث دية الصحيحة، وكذا الزائدة وفي كل أصبع من اليدين عشر الدية ويقسّم على الأنامل الثلاث وفي الإبهام على اثنين وفي الظفر عشرة دنانير إن عاد اسوداً ولم يعد وإن عاد أبيض فخمسة وفي العنق إذا أعوج أو كسر الدية وكذا الظهر إذا أحدودب ولو صلح فثلثها ولو ذهب مشيه وجماعة فديتان، وفي النخاع الدية وفي كل واحد من ثديي المرأة نصف الدية وكذا في حلمة الرجل أو حلمتها وإن أنقطع لبنها أو صعب نزوله فالأرش وفي الذكر الدية، وكذا في الحشفة وفي العنين ثلثها وفي الخصيتين الدية وفي الواحدة نصفها، وكذا في شفري المرأة وفي افضائها وهو جعل مخرج الحيض والبول أو الحيض والغائط واحداً ويسقط عن الزوج مع بلوغها ولو كان قبله ضمن المهر والدية ولزمه الإنفاق عليها حتى يموت أحدهما حتى لو طلّقها وتحرم عليه مؤبداً ولو لم يكن زوجاً فالمهر والدية ومع المطاوعة الدية ولو كانت بكراً فأرش البكارة أيضاً وفي الآليتين الدية وبالواحدة نصفها وكذا الرجلين وحدها مفصل الساق والقدم وأصابعهما كاليدين وكذا الساقين والفخذين وفي كسر الضلع خمسة وعشرون ديناراً مما يلي القلب وإلاَّ فعشرة، وفي الترقوة إذا كسرت وجبرت بغير عيب أربعون ديناراً وإن لم تجبر فنصف الدية وفيهما معاً الدية، ومن داس بطن انسان حتى أحدث ديس بطنه أو يفتدي بثلث الدية، ومن أفتض بكراً بأصبعه حتى خرق مثانتها فلو تملك بولها فعليه ديتها ومثل مهر نسائها لم يخرقها ولم يكٌ زوجاً فمهر نسائها وفي كسر العظم خمس دية ذلك العضو.

ديات المنافع: في ذهاب العقل الدية وفي نقصه الأرش ولو شجه فذهب عقله فالدية مع فدية الشجة ولو عاد فلا رجوع، وفي سمع أحدى الأذنين النصف ولو نقص سمع أحداهما قيس إلى الأخرى ويؤخذ بحساب التفاوت بين المسافتين، ولو نقص سمعها قيس إلى المساوي له في السن وفي ضوء العينين الدية والواحدة النصف وفي النقصان بحسابه، ويعتبر بالقياس إلى عين مساويه في السن.

وفي الشم الدية، ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان وفي نقصانه الأرش، وكذا الذوق ولو أصيب فتعذر عليه الجماع فالدية، وكذا في السلس وذهاب الصوت ومع ذهاب اللسان ديتان ومع تعطيله ثلثان كالشلل.

ديات الجروح الشجاج ثمانية بل أكثر في الحارصة التي تقشر الجلد بعير، والدامية التي تأخذ يسيراً من اللحم بعيران، المتلاحمة التي تأخذ في اللحم كثيراً ثلاثة أبعرة، السمحاق المنتهية إلى غشاء العظم أربعة، الموضحة موضحة العظم خمسة، الهاشمة تهشم العظم عشرة، المنقلة المحوجة إلى نقل العظم خمسة عشر بعير، المأمومة تصل إلى أم الدماغ ثلث الدية، وكذا الجائفة التي تبلغ الجوف، النافذة في الأنف ثلث الدية فإن صلح فخمسها، وفي المنخرين إلى الحاجز عشرها، وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان ثلثها ولو برئت فالخمس وفي الواحدة نصف ذلك، وفي النافذة بأطراف الرجل مائة دينار، وفي أحمرار الوجه بالضرب دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة، وفي اسوداده ستة، ولو كانت في البدن فعلى النصف.

ويتساوى شجاج الرأس والوجه، أما البدن فبنسبة العضو الذي يتفق فيه من دية الرأس ففي الحارصة باليد مثلاً نصف بعير وهكذا ويتساوى الرجل والمرأة في الدية والقصاص إلى الثلث فإذا بلغت الثلث صارت المرأة على النصف، وكل ما فيه الدية من الرجل فمن المرأة ديتها، وذكا الذمي ومن العبد قيمته والمقدر من الحر فبنسبته من دية المرأة والذمي وقيمة العبد، والإمام ولي من لا ولي له.

ودية الجنين والميت: في النطفة بعد استقرارها في الرحم عشرون ديناراً، وفي العلقة أربعون، وفي المضغة ستون، وفي العظم ثمانون فإذا تمت خلقته ولم تلجه الروح فمائة وما بين ذلك بحسابه. ودية الذمي عشر دية أبيه وفي رواية دية أمه والأول أصحّ والمملوك مطلقاً عُشر قيمة أمه المملوكة، ولو ولجته الروح فدية كاملة في الذكر ونصف في الأنثى، ولو قتلت المرأة ومات معها فدية للمرأة ونصف الديتين إن جهل حاله ولو ألقته هي مباشرة أو تسبيباً فعليها ديته لوارثه ولا يسهم لها، ويرث دية الجنين من يرث المال الأقرب فالأقرب، ولو ضرب الحامل فألقت حملها ومات بالإقاء قتل به إن كان عمداً وإلاَّ فالدية.

وفي قطع رأس الميت الحر المسلم مائة دينار وفي قطع جوارحه بحساب ديته ففي قطع يده خمسون ديناراً وهكذا، وكذا في جراحة وشجاجة، وتصرّف في دينه الذي ليس له وفاء وإلاَّ ففي وجوه البر وليس للوارث فيها نصيبُ.

ومن جنى على حيوان مأكول لغيره فإن ذكّاه فعليه تفاوت ما بين قيمته حياً ومذّكى، والأقوى تخيير المالك بين الأرش وبين القيمة فإن أختارها فالعين للجاني، وإن جنى بغير الذكاة فعليه القيمة يوم الاداء وفي قطع جوارحه أو كسر شيء من أعضائه الأرش، وإن كان غير مأكول اللحم وتقع عليه الذكاة فذكّاه لزمه الأرش وإلاَّ فالقيمة وإن كان مما لا يذكّى.

فالدية في كلب الصيد أربعون درهماً، وفي كلب الحائط والغنم عشرون درهماً، وفي كلب الزرع قفيز من بر، وفي جنين البهيمة عُشر قيمتها.

العاقلة

التي سبق أن عليها دية الخطأ هم العصبة أي المتقربون بالأب أو الأبوين والمشهور خروج الآباء والأولاد من العقل وإن كان الدخول له وجه، وفيه رواية (ولا تعقل المرأة ولا الصبي ولا المجنون ولا تعقل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا مدبراً ولا أم ولد ولا ما دون الموضحة ولا ما ثبت بالإقرار أو الصلح ولا جناية الإنسان على نفسه)، وتقسط الدية على الأقرب فالأقرب حسب طبقات الارث فإن اعوزت الأولى أخذ من الثانية وهكذا، والتقدير إلى الإمام أو نائبه ولا ترجع العاقلة على الجاني فإن أعوز الأقرباء أخذت من الموالي ثم من عصبتهم ثم موالي الموالي وهكذا ثم ضامن الجريرة ثم الإمام، ولو قتل الأب ولده عمداً أخذت منه الدية لغيره من الورثة وإن لم يكن فهي للإمام وإن كان خطأ فالدية على العاقلة ويرث هو منها، والله عزَّ شأنه العالم بحقائق أحكامه.

وليكن هذا آخر ما أردنا نشره في هذه الوجيزة التي اشتملت على عامة أبواب الفقه ومهمات المسائل الشرعية بإيجاز ولم يتخلّف عنها من كتب الفقه سوى (الحج) لأنه يذكر في كتاب مستقل وهو (المناسك) ونسأله تعالى أن يوفقنا لطبعه ونشره، وكتاب (القضاء والحسبة) لأنها تختص بطبقة خاصة وهم المجتهدون، ولا يتعلق بهما عمل العامة من المؤمنين، وكنّا قد فرغنا من تأليف شطر من هذه الرسالة الوجيزة أوائل شوّال سنة 1337هـ، ثم طبعت ونشرت ونفدت في سنتها ثم قد وفق الله سبحانه وله الحمد والمنة ثانياً لأكمالها أوائل شوّال أيضاً من هذه السنة 1360هـ وقد نفدت جميع نسخها ومسّت الحاجة إلى إعادة طبعها وهذه هي الطبعة الثالثة وكان الشروع فيها غرة ربيع الثاني سنة 1366هـ، ونسأله تعالى أن يجعلها وسائر مؤلفاتنا في أصول الدين وفروعه خالصةً لوجهه الكريم ويجعلها ذخيرةً لنا ولعامة أخواننا المؤمنين العاملين بها وينفعنا بها جميعاً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون وهو حسبنا ونعم الوكيل.


 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما