يكشنبه 16 ارديبهشت 1403  
 
اصل الشیعه
 
مناقشه الدكتور أحمد أمين في تقولاته


  




( 140 )


أفلا يثير الحفيظة ، ويؤجج نار الشَّحناء في صدور عامة الشِّيعة ما يقوله في ( فجر الاسلام ) صفحة 33 : « أنَّ التشيُّع كان مأوى يلجأ اليه كلُّ من أراد هدم الاسلام » إلى آخر ما قال . . يكتب هذا وهو يعلم أنَّ النقد من ورائه ، والتمحيص على أثره ، يجرح عاطفة أًمَّة تُعدًّ بالملايين ، وتتكوَّن منها الطائفة العظمى من المسلمين .
ومن غريب الاتفاق أنَّ ( أحمد أمين ) في العام الماضي ( 1349 هجري ) ـ بعد انتشار كتابه ، ووقوف عدّةٌ من علماء النجف عليه ـ زار ( مدينة العلم ) وحظي بالتشرُّف بأعتاب ( باب تلك المدينة ) في الوفد المصري المؤلَّف من زهاء ثلاثين بين مدرِّس وتلميذ ، وزارنا بجماعته ، ومكثوا هزيعاً(1) من ليلة من ليالي شهر رمضان في نادينا في محفل حاشد ، فعاتبناه على تلك الهفوات عتاباً خفيفاً ، وصفحنا عنه صفحاً جميلاً ، وأردنا أن نمرَّ عليه كراماً ونقول له سلاماً .
وكان أقصى ما عنده من الاعتذار « عدم الاطلاع وقلة المصادر » ؟! فقلنا : وهذا أيضاً غير سديد ، فإنَّ من يريد أنْ يكتب عن موضوع يلزم عليه أولاً أن يستحضر العدة الكافية ، ويستقصي الاستقصاء التام ، وإلاّ فلا يجوز له الخوض فيه والتعرّض له ، وكيف أصبحت مكتبات الشيعة ومنها مكتبتنا المشتملة على ما يناهز خمسة آلاف مجلد أكثرها من كتب علماء السنّة ، وهي في بلدة كالنجف فقيرة من كل شيء إلاّ من العلم والصلاح إنْ شاء الله ، ومكتبات القاهرة ـ ذات العظمة والشأن ـ خالية من كتب الشيعة إلاّ شيئاً لا يذكر.
____________
(1) هزيعاً من الليل : أي طائفة منه ، وهو نحو من ثلثه أو ربعه . الصحاح ـ هزع ـ 3 : 1306 .


( 141 )


نعم ، القوم لا علم لهم من الشيعة بشيء وهم يكتبون عنهم كلّ شيء ! ! ، وأشدّ من هذا غرابة وأبعد شذوذاً أنَ جماعة من أبناء السُنَة في العراق لا يعرفون من أحوال الشيعة شيئاً مع دنوِّ الدار وعصمة الجوار.
كتب إليّ قبل بضعة أشهر شاب مهذَّب عريق بالسيادة من شيعة بغداد : أنَه سافر إلى لواء الدليم ( وهو اللواء المتصل ببغداد )(1) وأكثر أهاليه من السُنَة ، فكان يحضر نواديهم فيروق لهم حديثه وأدبه ، ولمّا علموا أنَه من الشِّيعة صاروا يعجبون ويقولون : ما كنّا بحسب أنَّ في هذه الفرقة أدباً وتهذيباً فضلاً عن أن يكونوا ممَّن له علم أو دين ! ! وما كنّا نظنّهم إلاّ من وحوش القفر وشذاذ الفلوات ! !
وكان هذا الشاب يستثير حميتي بقوارص الملام ، ويحثّني بالطلب المتتابع على أنْ أكتب عن الشِّيعة رسالة موجزة تُنشر بين الامم الجاهلة ، وتعرِّفهم ـ ولو النزر اليسير ـ من أحوال هذه الطائفة ومعتقداتها ودياناتها .
ثم بعد برهة سافر هذا الشّاب إلى سوريا للاصطياف ، وعرج منها إلى مصر ، فكتب إليَّ : يا سيدي الحال عن الشِّيعة عند أهالي مصر هي الحال التي أنبأتُك عنها في لواء الدليم ، والصورة تلك الصورة . ثم يقول لي : أفما آن لك أنْ تفي بوعدك ، وتقوم بواجبك ؟ فإن الشِّيعة مصوَّرة عند القوم بأبشع صورة يتصوّرها انسان . . . إلى آخر ما كتب ، وحقاً ما كتب وإنْ طال وأطنب .
فمن هذا كلّه ، وأضعاف مثله ممّا نجده في الصحف المصرية والسّورية وغيرها ، وما تنشره مقالاتهم آونة بعد اُخرى من قذف تلك الطائفة بكلِّ عظيمة(2) ، ونبزهم بكلِّ عظيمة ، هم منها براء براءة يوسف الصدِّيق
____________
(1) وهو الآن يدعى بـ : محافظة الأنبار.
(2) العَضَة والعِضَة والعضيهة : الكذب والبهتان . القاموس المحيط 4 : 288 .


( 142 )


وأخيه من السَّرقة ، ولكن داء الجهل والعصبية هو الداء العياء الذي قد أعيى الأطباء.
نعم من كلِّ ذلك رأيتُ من الظلم الفاحش السّكوت والتغاضي عن هذه الكارثة ، لا أعني أنَّه من الظلم على الشِّيعة ، ولا أُريد أن أدفع الظلم عنهم ، والمفتريات عليهم ، كلا ، ولكن أعظم الغرض ، وأشرف الغاية ، رفع أغشية الجهل عن المسلمين من عامة فرق الاسلام ، كي يعتدل المصنف ، وتتم الحجة على المعاند ، وترتفع اللائمة ووصمة التقصير عن علماء هذه الطائفة .
وأعلى من ذلك رجاء حصول الوئام ، ورفع الشّحناء والخصام بين فرق الاسلام الذي قد عم كلّ ذي شعورـ ولا سيما في هذه العصور ـ انَه من ألزم الاُمور ، عسى أن لا يعود كاتب ( فجر الاسلام ) الذي تكاثفت عليه غواشي الظلم والظلام ، فيقول في تلك الصفحة التي أوعزنا إليها ما نصه : « والحقُّ أنَّ التشيّع ماوى يلجأ إليه كلُّ من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد ، ومن يُريد إدخال تعاليم ابائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية ـ إلى قوله ـ فاليهودية ظهرت في التشيُّع بالقول بالرجعة ، وقالت الشِّيعة : إنَّ النّار محرَّمة على الشّيعي إلاّ قليلاً ، وقال اليهود : لن تمسّنا النّار إلاّ أياماً معدودة . والنصرانية ظهرت في التشيُّع في قول بعضهم : إنَّ نسبة الإمام إلى الله كنسبة المسيح اليه ، وقالوا : إنَّ اللاهوت اتحد بالناسوت (1) في الامام ، وإنَّ النبوة والرسالة
____________
(1) اللاهوت والناسوت : علم اللاهوت : علم يبحث عن العقائد. وفي الكليات : اللاهوت الخالق والناسوت المخلوق .
وربما يُطلق الأول على الروح ، والثاني على البدن . بل وربما يطلق الاوَّل أيضاً على العالَم العلوي ، والثاني على العالَم السفلي ، وعلى السبب والمسبب ، وعلى الجن والإنس.

 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما