الأحد, شوال 26, 1445  
 

الفردوس الاعلي

المسائل الاثنا عشر

 

الفردوس الأعلى

  



(السؤال الرابع)

الدعاء الموسوم بدعاء الصباح المنسوب الى امير المؤمنين(ع) هل هو مروي مسنداً عنه (ع) او وجد بجطة الشريف بحيث تطمئن به النفس ام لا؟ وقد نقل العلامة المولى اسماعيل الخاجوئي (رحمه الله)(1) في شرحه عليه عن بعض الاصحاب انه وجده باسانيد صحيحة وروايات صريحة متصلة اليه (ع) بعد ان صرّح هو نفسه اولاً بعدم وجدان سند صحيح اليه، وقال ما لفظه ونحن وان لم نجده بسند صحيح متصل الى ذلك المستطاب لكن نقل بعض الاصحاب انه وجده بأسانيد صحيحة وروايات صريحة متصلة اليه (ع) فتفضلوا ببيان ما تحقق عندكم في ذلك فكم من تحقيقات جليلة انيقة جرت بقلم آية الله العلامة ادام الله ايامه حتى عم نفعها العالم الاسلامي.

(الجواب)

لا يخفي على احد ان لكل طائفة من ارباب الفنون والعلوم بل لكل امة بل لكل بلد اسلوباً خاصاً من البيان ولهجة متميزة عن غبرها، فلهجة اليزدي غير لهجة الاصفهاني، ونغمة الاصفهاني غير نغمة الطهراني والخرساني والكل فارسي ايراني، وللائمة (عليهم السلام) اسلوب خاص في الثناء على الله والحمد لله والضراعة له والمسألة منه يعرف ذلك من مارس احاديثهم وآنس بكلامهم وخاض في بحار ادعيتهم ومن حصلت له تلك الملكة وذلك الانس لا يشك في ان هذا الدعاء صادر منهم وهو اشبه ما يكون بادعية الامير (ع) مثل دعاء كميل وغيره فان لكل امام لهجة خاصة واسلوباً خاصاً على تقاربها وتشابهها جميعاً وهذا الدعاء في اعلى مراتب الفصاحة والبلاغة والمتانة والقوة مع تمام الرغبة والخضوع والاستعارات العجيبة انظر الى اول فقرة منه( يامن دلع لسان الصباح بنطق تبلجه) واعجب لبلاغتها وبديع استعاراتها.

واذا اتجهت الى قوله ــ يا من دل على ذاته بذاته ــ تقطع بأنها من كلماتهم سلام الله عليهم مثل قول زين العابدين(ع) بك عرفت وانت دللتني عليك وبالجملة فما اجود ما قال بعض علمائنا الاعلام اننا كثيراً ما نصحح الاسانيد بالمتون فلا يضر بهذا الدعاء الجليل ضعف سنده مع قوة متنه فقد دل على ذاته بذاته ــ سبوح لها منها عليها شواهد ــ.

(السؤال الخامس)

على القول بوجوب تقلبد الاعلم هل يتعين بالشياع في زماننا هذا مع شيوع بعض الاغراض الفاسدة من الاغراض السياسية(2) وغيرها او لابد من قيام البينة واذا تعارضتا فايتهما مقدمة.

(الجواب)

ذكرنا في تعاليقنا على كتاب (سفينة النجاة) الجزء الاول صفحة 28 ــ 61ط نجف ما هو المعيار والميزان الصحيح الذي لا يميل فيه ولا حيث وخلاصة ذلك ان طريقة الامامية في تعيين من له احقّيّة المرجعية من زمن الشيخ المفيد الى زمن الشيخ الانصاري (رضوان الله عليهما) هي النظر الى مقدار انتاجه وكثرة مؤلفاته وعظيم خدماته للشرع والاسلام، ومساعيه في صيانة الحوزة والذبّ عنها لا ببذل المال وكثرة الدعايات الناشئة من المطامع والاغراض اعاذنا الله وعصمنا من كل سوء وشين ان شاء الله.

(السؤال السادس)

عموم الولاية للفقيه في زمن الغيبة ثابت ام لا؟ افيدونا ما هو المحقق عندكم في ذلك.

(الجواب)

الولاية على الغير نفساً، او مالاً، او أي شأن من الشؤون لها ثلاث مراتب بل اربعة: (الاولى) ولاية الله جل شأنه على عباده وهو المالك لهم ولما يملكون بالملك الحقيقي الذاتي لا الجعلي العرضي (هنالك الولاية لله) وهذه الولاية بدرجتها (الثانية) جعلاً وذاتاً لرسول الله والائمة (عليهم السلام) [النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ](3) أي فضلاً عن الكافرين أي فضلاً عن الكافرين، وهذه الآية واسعة مطلقة بتمام السعة والاطلاق بحيث لو ان النبي او الامام طلّق زوجة رجل طلقت رغماً عليه فضلاً عن المال او غيره. (المرتبة الثالثة) ولاية الفقيه المجتهد النائب عن الامام وهي طبعاً اضيق من الاولى، والمستفاد من مجموع الادلة ان له الولاية على الشؤون العامة وما يحتاج اليه نظام الهيئة الاجتماعية المشار اليه بقولهم (عليهم السلام): (مجاري الامور بايدي العلماء والعلماء ورثة الانبياء وامثالها) وهي المعبر عنها في لسان المتشرّعة بالامور الحسبية مثل التصرف باموال القاصرين الذين لا ولي لهم، والاوقاف التي لا متولي عليها، وتجهيز الاموات الذين لا ولي لهم، واخذ ارث من لا وارث له، وطلاق زوجة من لا ينفق على زوجته ولا يطلقها، او الغائب غيبة منقطعة وكثير من امثال ذلك مما لابد منه وعدم امكان تعطيله للزوم العسر والحرج، ولعل من هذا الباب اقامة الحدود مع الإمكان وامن من الضرر، وبالجملة فالعقل والنقل يدل على ولاية الفقيه الجامع على مثل هذه الشؤون فانها للأمام المعصوم اولاً، ثم للفقيه المجتهد ثانياً بالنيابة المجعولة بقوله (ع) وهو حجتي عليكم وانا حجة الله عليكم ومن هنا يتضح جواب السؤال الآتي.

(السؤال السابع)

ما الدليل على لزوم اعطاء سهم الأمام (ع) من الخمس الى المجتهد وعلى تقدير لزوم الإعطاء له ما الدليل على لزوم اعطاء كل شخص للمجتهد الذي قلّده في الأحكام الفرعية واي مورد يكون قدراً متيقناً من محل مصرفه ويكون الصرف فيه موافقاً للاحتياط تفضلوا علينا ببيان مختاركم في هذه المسألة.

(الجواب)

اما الدليل على لزوم اعطاء سهم الأمام(ع) للمجتهد فأنه يكفي في ذلك كون المجتهد هو الوكيل العام للأمام فهو مال لغائب يجب دفعه الى وكيله ولا اقل من انه هو القدر المتيقن لبراءة الذمة فيجب، واما دفعه الى خصوص المقلد فالواجب ان يدفعه الى الأعلم فكما يجب تقليد الأعلم كذلك يجب دفع الحق اليه، وقد عرفت من هو الأعلم الذي يجب تقليده ودفع الحق اليه الذي يجب تقليده ودفع الحق اليه ولا تبرأ ذمة المكلف بدون ذلك اما اليوم فقد صار مال الأمام (ع)كمال الكافر الحربي ينبه كل من استولى عليه فلا حول ولا قوة الا بالله (المرتبة الثالثة بل الرابعة) ولاية عدول المؤمنين عند تعذر الفقيه المجتهد وهي في امور خاصة ضابطتها ما تقضي الضرورة به مثل دفن الموتى والأنفاق على الصغير من ماله، وامثال ذلك وهي اضيق من ولاية الفقيه طبعاً فأنها تختص بما لا يمكن تعطيله وولاية الفقيه تعم كل ما فيه المصلحة.

(السؤال الثامن)

الموضوعات العرفية في نظر المجتهد اذا خالف نظر المقلد هل يجب عليه اتباع المجتهد؟ وكذا الموضوعات الخارجية اذا ثبت حكم عند المجتهد والمقلد لا يعتقد ذلك الحكم فهل يجب على المقلد تنفيذ هذا الحكم ام لا؟.

(الجواب)

الموضوعات العرفية لا تقليد فيها فاذا اعتقد المقلد ان هذا المائع ماء وقال المجتهد هو خمر لا يجب عليه اتباع المجتهد نعم في بعض الموارد يكون كشهادة العدل الواحد، وكذلك الموضوعات الخارجية من حيث نفس الموضوع اما من حيث الحكم فان كان شرعياً وجب على المقلد اتباعه والا فلا تقليد في غير الأحكام الشرعية وقد ذكرنا مفصلا هذه المباحث في باب الاجتهاد والتقليد من السفينة فلا حاجة الى الإعادة.

(السؤال التاسع)

الجلود التي تباع في سوق المسلمين، ومعلوم انها مجلوبة من بلاد الكفار ولكن البائع مسلم فهل هي محكومة بالطهارة ويجوز الصلاة فيها ام لا؟، تفضلوا علينا ببيان مختاركم في حكم المسألة مع الإشارة الى دليله.

(الجواب)

الجلود اذا اخذها من يد المسلم، او من سوق المسلمين وهو يعلم بأنها مجلوبة من بلاد الكفّار ان احتمل انها من صنع المسلمين ولو في بلد الكفر امكن البناء على طهارتها وتذكيتها، وان لم يحتمل ذلك وعلم انها من صنع الكفار فهي محكومة بأنها ميتة ولا يجوز الصلاة فيها ولا استعمالها في مشروط الطهارة، وذلك لأن شرط جواز الاستعمال التذكية وهي امر وجودي، والأصل عدمه عند الشك فيه.

(السؤال العاشر)

لو وقع التنازع بين الزوجين في دوام العقد، وانقطاعه، فمن يقدم قوله منهما؟، أفيدونا مع الإشارة الى الدليل.

(الجواب)

التحقيق ان الدوام والانقطاع صنفان من حقيقة واحدة، ولكن الأصل هو الدوام بمعنى انه مع الشك يبني على الدوام لأصالة الإطلاق لأن الانقطاع قيد والأصل عدمه، وبالجملة فالقول قول مدعي الدوام حتى يثبت خلافه.

(السؤال الحادي عشر)

انه قد تعارف بين الأعاجم عقد الأخوة بين اثنين ووضعوا له صيغة تداولوها ونقلها المحدث المعاصر القمي(4)(رحمه الله)في مفاتيح الجنان اخذاً عن شيخه في المستدرك وقال: ينبغي ايجادها في يوم عيد الغدير وهي ان يقول الأكبر سناً بعد ان وضع يده اليمنى على يد اخيه المؤمن ( آخيتك في الله وصافيتك في الله وصافحتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وانبيائه والائمة المعصومين (ع) على اني ان كنت من اهل الجنة والشفاعة واذن لي بأن ادخل الجنة لا ادخلها الا وانت معي) فيقول الآخر (قبلت واسقطت عنك جميع حقوق الأخوة ما خلا الشفاعة والدعاء والزيارة) واثبتها بعض من صنّف في صيغ العقود في كتابه ولكن قال بعض الجلة (قدس سره)من مشايخنا الذين عاصرناهم (ان ايجاد العقد المذكور بقصد الشرعية تشريع محرم) فما هذه الأخوة واي دليل دلّ على شرعية ايجاد هذا العقد وكيف يمكن اسقاط الحقوق الثابتة بأصل الشرع؟، فالمرجوّ من سماحة الأمام دام ظله كشف الغطاء عن وجه الحقيقة في هذه المسألة.

(الجواب)

الذي دفع المتشرعين الى تفشي هذه الاعمال وشيوع استعمالها، هو اشتهار قاعدة التسامح بالسنن وأنَّ من بلغه ثواب على عمل فعمله كان له ذلك الثواب وان لم يكن الامر كما بلغه، ومن هذا الباب ما شاع من الختومات مثل ختم الواقعة، وختم أمّن يجيب المضظرّ، وهكذا في جميع الاعمال التي لم يرد بها نص خاص معتبر بل وفي بعضها ليس فيها خبر لا ضعيف ولا قوي فكل هذه الامور بما انها لا تخرج عن كونها ذكراً، او دعاء، او عملاً مستحسناً عقلاً، ولا نص على المنع منه فلا مانع من العمل به برجاء المحبوبية، أو المصلحة الواقعية، اما الاتيان به مع قصد الورود فهو مشكل لدخوله في عنوان التشريع الحرام اما اسقاط الحقوق الثابتة شرعاً فلا مانع منه مثل حق الزيارة والعيادة بل وحق الغيبة والجوار وامثالها من الحقوق الوجوبية او الايجابية, والحاصل لا اهمية في البحث عن الدليل الخاص على رجحان هذه الاعمال او جوازها بعد اندراجها في العمومات وان الاعمال بالنيات ولكل امرء ما نوى، وما على المحسنين من سبيل وعلى الله قصد السبيل، وبالجملة فرجاء الواقع له نصيب من الحق والواقع وقصد الخير من الخير القصد والله ولي التوفيق وبه المستعان.

(السؤال الثاني عشر)

هل البيّنة حجة من البلد في ثبوت الهلال فيما اذا لم يكن في السماء علة ام لا؟ كما تأمل في حجيتها من البلد بعض المعاصرين من الاعلام في حواشيه على العروة الوثقى، أفيدونا مع بيان الدليل.

(الجواب)

في السؤال نوع اجمال ولكن الضابطة الكلية ان ادلة حجية البينة مطلقة غير مقيدة بعدم الأستبعاد، وعدم الريب فيها بعد تحقق موضوعها، الا ان يعلم اشتباهها او خطأها، ولا فرق بين كونها من البلد او خارج البلد بعيدة او قريبة كما انها حجة عند كل من شهدت عنده ولا حاجة الى حكم الحاكم كالشياع، نعم الأحوط التوقف على حكمه لأنه اعرف بموازين البينات.

(السؤال الثالث عشر)

ما يقول ففيه الشيعة في هذه المسألة الشرعية انه قد تعارف بين الناس ولا سيما الأيرانيين ان الرجل يعطي الى ابنته حين ارسالها الى بيت زوجها اموالاً من اثاث البيت وغيرها يسمونها (جهيزية) ثم بعد وفاة الرجل يدعي ورثته ان تلك الأموال داخلة في جملة ما تركه الميت ولا بد من تقسيمها على ما فرضه الله تعالى كسائر امواله والحال انه لم يعلم ان الرجل بأي عنوان اعطاها تلك الأموال فهل هو بعنوان الهبة وغيرها او اعطاها بعنوان كونها امانة في يدها، فهل الإعطاء ظاهر في الملكية ولا تدخل في تركة الميت؟ او الظاهر كونها امانة في يدها ما لم يعلم احد النواقل الشرعية؟ وبأي الطرفين يتوجه القسم؟ افيدونا حكم المسألة مشروحاً مع بيان الدليل والأستدلال على مختاركم تفصيلاً أدام الله تعالى ظلكم العالي على رؤوس الأنام.

(الجواب)

لا يخفى ان للأعمال ظهوراً كظهور الأقوال، وظهورها ايضاً حجة كظهور الألفاظ ولا شك ان اعطاء الأثاثية من الآباء للبنات ظاهر في التمليك، والهبة المجانية مضافاً الى الغلبة والمتعارف وما سمعنا في العراق او ايران ان الورثة اخذو ما اعطاه الأب لأبنته وقسموه ميراثاً، والغلبة في مثل هذه الأمور حجة ولكن يخطر على بالي ان الميرزا القمي(5) اعلى الله مقامه في جامع الشتات جعل القول قول الورثة وعلى البنت الإثبات ولعل مدركه الاستصحاب وقد عرفت انه مقطوع ومرفوع بالأمارتين الاجتهاديتين ظهور الإعطاء في التمليك مع الغلبة وعلى البنت يتوجب القسم بأنها ما سمعت من ابيها ان ما دفعه لها عارية او امانة.

(السؤال الرابع عشر)

في حد السرقة عند اجتماع الشرائط تقطع الأصابع الأربع من يده اليمنى فأن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك له العقب وقد علل الأمام (ع) قطع الأصابع من اليد بأن المساجد لله تعالى وورد في رواياتنا ان ما كان لله لا يقطع فكيف يأتي هذا التعليل في قطع الرجل اليسرى اليس رأس الإبهام من جملة المساجد على المشهور فلمَ قطع من مفصل القدم؟ تفضلوا ببيات حل الأشكال.

(الجواب)

لا يبعد ان السر في ذلك نظير من جنى جناية عليها حد خارج الحرم ثم التجأ الى الحرم لا يقام عليه الحد حتي يخرج رعاية لحرمة الحرم اما لو جنى في الحرم اقيم عليه الحد ولو في الحرم لأنه هو الذي هتك حرمة الحرم والى مثله يؤمى قوله عز شأنه [وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ](6) ومنه ايضاً قضية فداء اليد بخمسمائة دينار وقطعها بربع دينار وهو الأعتراض الذي اعترضه الحكيم المعري(7) بقوله المشهور:

يد بخمس مئين عسجد فديت

ما بالها قطعت في ربع دينار(8)

والاجوبة التي اجابوا بها واجادوا فبين قائل:

هاتيك مظلومة غالي بقيمتها

وتلك ظالمة هانت على الباري

وبين قائل:

عز الامانة اغلاها وارخصها

ذل الخيانة فانظر حكمة الباري

وحيث ان السارق في اول مرة له بعض العذر لذا روعي في حقه حرمة المساجد فلم يحكم بقطعها بل ابقاها الشارع له رأفة به ثم لما تجرأ وعاد الى السرقة ثانياً وبعد اقامة الحد ايضاً قد هتك هو حرمة مساجده بل هتك حرمة الله في مساجده التي هي لله فقوبل بمثل عمله أي ان عمله وعودة الى الجريمة كان قاسياً فناسب ان يكون جزاؤه ايضاً قاسياً ولعل هذا من اسرار احكام الشارع وبدائع حكمته ويكاد العارف يقطع به بعد التأمل فيه والله العالم(9).

محمد حسين آل كاشف الغطاء

 حرره في مدرسته العلمية بالنجف الاشرف

ووردت منه ايضاً ايّده الله هذه السؤالات:

(السؤال الاول)

رجل هاشمي علوي يملك ما لا يتجربه او ضيعة يستغلها ولا يفي ربح المال او الضيعة بقوت سنته فهل يجوز له اخذ العائز من الخمس او لا؟ كما ان العامّي الذي حاله هذه يأخذ العائز من الزكاة فهل فرق بين الخمس والزكاة في هذه المسألة او لا؟..، او النصوص واردة في الزكاة وقياس الخمس عليها فيما نحن فيه من القياس الذي لا يقول به الامامية افيدونا ادام الله تعالى ظلّكم العالي.

(الجواب)

نعم يجوز للهاشمي ان يأخذ تتمة نفقته من الخمس حيث تكون ضيعة او رأس مال لا يفي ربحه بنفقته ونفقة عياله كما يجوز للعامي ان يأخذ ذلك من الزكاة وليس هو من القياس في شيء بل من باب تحقق الموضوع فيتّبعه الحكم والاحكام تتبع الموضوعات واخبار الزكاة كصحيحة معاوية بن وهب ونظائرها تحقق موضوع الفقير الشرعي والخمس للفقير من السادة كما انّ الزكاة للفقير من العوام والظاهر ان المسألة متّفق عليها كما في الزكاة والله العالم.

(السؤال الثاني)

رجل تزوّج صغيرة بالعقد الدائم ثم ارتكب الحرام وادخل بها ولمّا بلغت طلقها بدون الدخول فهل يجب لها العدّة او لا؟ وهل لها المطالبة بتمام المهر او بنصفه؟

(الجواب)

نعم يجب عليها العدّة ولها المطالبة بتمام المهر لأن المدار على مطلق الدخول والمس، واخبار ان الصغيرة لا عدّة عليها ناظرة بل ظاهرة في غير المدخول بها دلالة اقتضائيّة مضافاً الى موافقة الاحتياط، وحرمة الدخول قبل البلوغ تكليفية فقط كالوطي في الحيض ليس له اثر وضعي اصلاً والله العالم.

(السؤال الثالث)

انّه قد تعارف بين الناس انّهم اذا وجدوا جسد ميت من العلماء وغيرهم بعد سنين من دفنه طريّا لم يتغيّر يعدون ذلك من الكرامات له ويحسبون ان ذلك من علائم السعادة فما وجه هذا الاعتقاد هل هو دليل ومستند مستفاد من اخبار اهل البيت (ع) خزان علم الله وحفظة وحيه او لا؟ مع انّا نشاهد بالوجدان والعيان ظهور جسد بعض الفسّاق بل ومن هو اسوأ حالاً منهم ايضاً بعد اعوام كثيرة من موته طريّاً لم يتغيّر اكشفوا لنا الغطاء عن هذه المعضلة لا زلتم مرجعاً في احكام الدين وكهفاً للمسلمين.

(الجواب)

يخطر على بالي ان في احد الكتب من ارشاد الديلمي، او معالم الزلفي او الانوار النعمانيّة: ان الانبياء والائمة (عليهم السلام) بل والعلماء لا تبلى اجسادهم وهذه القضيّة شائعة عند عوام الشيعة، بل وبعض الخواص ولعله بلغكم ما يقال: من ان احد الامراء اراد نبش قبر الامام موسى بن جعفر (ع) ليتحقق هذه القضيّة فقيل له ان الشيعة يعتقدون ذلك في علمائهم ايضاً فنبش قبر الكليني(10)، او المفيد(11)(رضي الله عنهما) فوجده بحاله لم يتغير، ومثلها للشاه اسماعيل الصفوي(12) مع الحر (سلام الله عليه)، ومثل هذه الاشياء لا ينبغي الجزم بتصديقها ولا تكذيبها بل [فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ] وقاعدة الشيخ الرئيس(13) كل ما قرع سمعك ــ الى آخرها(14) اما في الادلة الشرعية من الكتاب والسنة فلا اتخطر دليلاً في ذلك معتبراً ان يعتمد عليه، نعم في خواص بعض الاعمال المستحبّة كغسل الجمعة ربما يوجد ان من غواصها حفظ الجسد من البلا وعلى فرضه فلا بد ان يكون المراد الى مدة ما والا فكل شيء فان ولا يبقى الا وجهه الكريم وبقاء الاجسام وتلاشيها ببطء او سرعة يختلف باختلاف استعدادها والتربة التي يدفن فيها ورب جسد يبقى مائة سنة وآخر الى جنبه تلاشى بخمسين سنة ولله البقاء ومنه البدء وحده واليه المعاد.

                                                                                                                       حرره الفقير:

                                                                     محمد الحسين آل كاشف الغطاء

في مدرسته العلمية بالنجف الأشرف

                                                                      (ربيع الثاني ــ 1368هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة على رسوله وعلى آله

وبعد: فهذه مسائل سألتها من حضرة الأستاذ العلامة الأكبر والمصلح الأعظم فيلسوف الإسلام آية الله في الأنام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء مد ظله.

(السؤال الأول)

القول بالنشوء والارتقاء وادوار الأرض الجيولوجية موافق لمذهب الإسلام ام مخالف؟..، وما الدليل على الوفاق، او الخلاف؟.

(الجواب)

الإسلام عقيدة وعمل يعني تهذيب للروح وتكميل للقوة العاقلة ولا علاقة له بالعلوم الطبيعية وخواص المادة ــ والمهمة التي جاءت بها الأديان ونزلت بها الكتب ــ هي معالجة النفوس من الأمراض الخبيثة التي هي السبب الوحيد فيما يقع في في الحياة الاجتماعية من الشرور، وسفك الدماء كالحسد، والحرص، والطمع، والشهوة، ونظائرها وتبديلها بأضدادها الموجبة للصحة والاستقامة وتعديل القوتين الغضبية والشهوية. هذه هي مهمة الشرائع والأديان واساس كل ذلك هو رسوخ الاعتقاد بالمبدأ المقدس والصانع والدينونة بأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.

نعم القرآن العزيز مثله الاعلى ومهمته الاولى هي الدعوة الى الله وتقوية الاعتقاد بالمبدأ والمعاد، ونشر الفضيلة، وقمع الرذيلة، ولكن بما انه كتاب الأبد وسفر الخلود، والمعجزة الباقية ــ تعرض تلويحاً مرة وتصريحاً اخرى ــ وبين التصريح والتلويح ثالثة الى فلسفة التكوين وبدء الخليقة، وبعض اسرار الطبيعة، ولا يبعد ان يكون امثال قوله تعالى: [خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ](15) ثم فصلها في سورة (فصلت) بقوله تعالى: [خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ](16). وجعل فيها رواسي وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام ــ الى قوله ــ فقضاهن سبع سماوات في يومين، وقوله عز شأنه: [خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ](17). نعم لا يبعد ان يكون عز شأنه اشار بهذه الآيات الى ادوار الأرض، وطبقاتها ومبادئ تكوينها من الغاز ثم البخار ثم الجليد ثم التراب وهكذا وفق ما اهتدى اليه العلم الحديث، وما سيكشفه البحث والتنقيب في المستقبل فأن من المراد بهذه الآيات تلك المعاني والمقاصد فذاك والا فلا يقدح بكرامة القرآن العظيم خلوه من ذلك فأنه مسوق لغير هذه الغاية. نعم هو مسوغ لتك المقاصد الشريفة، والغايات المقدسة التي لو اخذ الناس بها لأصبحت الدنيا جنة من جنان الفردوس التي وعد الله بها عباده المتقين فليس في القرآن الكريم نص صريح بتلك الأمور حتى نقول انها توافق الإسلام او تخالف.

(السؤال الثاني)

هل القرآن دال على كون آدم ابا البشر، واول خليقة من هذا النوع ام لا؟.، وعلى فرض كون آدم اول مخلوق من النوع الإنساني فكيف التناسل بين اولاده؟.

(الجواب)

جميع الآيات الكريمة في هـذا الـموضـوع صريحة في ان آدم خـلق من تراب وتكون بالخلق الفجائي، وان ينبوع الحياة الأزلي نفخ فيه نسمة الحياة، وهو حي مستحدث من جماد بالحق الصراح عند ارباب الفلسفة العالية ان الروح في سائر الأجسام الحية هي جسمانية الحدوث روحانية البقاء فآدم الذي نوَّه عنه القرآن الكريم هو الأب الأعلى لهذا النوع الموجود على هذه البسيطة وكلهم من نسله ولكن ليس في القرآن ولا الأحاديث ما يدل على انه الأول من هذا النوع بل في الكتاب والحديث ما يدل على خلاف ذلك ففي تفسير قوله تعالى: [بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ](18) وردت عدة اخبار عن الصادقين ــ سلام الله عليهم ــ مضمونها، او نصها تقريباً…(تحسبون انه ليس غير آدمكم هذا بلى ان الله سبحانه خلق الف الف آدم والف الف عالم قبل هذا، ويخلق بعد انقراض هذا العالم ودخول اهل الجنة جنتهم، واهل الجحيم جحيمهم الف الف آدم والف الف عالم)، وتجد معظم هذه الأخبار في كتاب ((الخصال)) للصدوق اعلى الله مقامه وصريح هذه الأخبار انّ هناك ما لا يحصى من الآدميين والعوالم وهو الموافق لعدم تناهي قدرنه تعالى وان يده مبسوطتان، وان فيضه ما زال ولا يزال ولا ينقطع في حال من الحوال، وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا ــ اما كيفية التناسل في بدء هذا الدور اعني دور آدمنا هذا الذي نحن من نسله فلها حسب ما ورد في بعض الآثار والأخبار طريقتان:

الأولى: ولعلها الأصح ان حواء كانت تلد توأماً كل بطن ذكر وانثى فكان يزوج الذكر من هذا البطن من الأنثى من البطن الآخر وهكذا والأشكال انه كيف يزوّج الأخت من اخيها ولو من بطن آخر، وانه لا يخرج عن كونه زنا وبذات المحارم مدفوع بأنّ الزنا ليس الا مخالفة القوانين المشروعة، والنواميس المقررة من المشرّع الحكيم، وحيث انّ في بدء الخليقة لا يمكن التناسل الا بهذا الوضع اجازه الشرع في وقته لوجود المقتضى وعدم المانع ثم لما تكثر النسل، ومسّت الحاجة الى حفظ الأنساب وتميّز الأسر والأرحام، وحفظ النظام العائلي، وحصل المانع من تزوّج الأخ بأخته وامثال ذلك مما تضيع فيه العائلة وتهد دعائم الأسر ولا يتميز الأخ من الابن والأخت من البنت لذلك وضع الشارع قوانين للزواج يصون النسل عن الاختلاط والامتزاج وهذا المحذور لم يكن في بدء الخليقة يوم كانت اسرة آدم وحوّاء نفراً معدوداً.

الثانية: ما في بعض الأخبار من ان الله جل شأنه انزل حوريتين فتزوجهما ولد آدم فكان النسل منهما، ولعل المراد من الحوريتين امرأتين بقيتا من السلائل البشرية المتقدمة على آدمنا هذا، وعلى كلّ حال فلا يلازم الزنا، ولا مخالفة حرمة نكاح المحارم.

(السؤال الثالث)

ذكر علماء الهيئة ان سبب الخسوف هو حيلولة الارض بين القمر والشمس، وسبب الكسوف هو حيلولة القمر بين الارض والشمس وبهذا يعلم المنجمون وقت الخسوف والكسوف، فحينئذ أي ربط بين ما ذكروه وبين ما في بعض الاخبار بان سببهما كثرة الذنوب وهاتان من علامة غضب الله، فكيف يعلم المنجمون وقت غضب الله. فلو فرضنا عدم وجود انسان في الدنيا لا يكون خسوف ولا كسوف؟..

(الجواب)

ما ذكره علماء الهيئة في سببهما كاد يكون محسوساً او كالمحسوس اما ما ورد في الاخبار من ان سببهما كثرة الذنوب فهو مضافاً الى ضعفها المانع عن جواز التعويل عليها ومعارضة بعض الاحاديث النبوية لها الواردة في الخسوف المقارن لموت ابراهيم بن رسول الله (ص) واعتقاد الناس ان ذلك لموت ابراهيم فردعهم النبي (ص) وخطب قائلاً: ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان بموت احد ولا لحياة احد، الخ. يمكن تأويلها وحملها على ارادة المعنى الكنائي: وهي ان كثرة الذنوب هي التي تطمس نور الشمس الهداية وتذهب بنور اقمار العقول. فالذنوب هي التي ينخسف بها قمر العقل وينكسف شمس المعرفة فلا يبقى للعقل ولا للمعارف اثر كما ينكسف الشمس بحيلولة القمر، والقمر بحيلولة الارض، وهذا معنى حسن ومقبول عند ذوي العقول وان ابيت فطرح تلك الاخبار هو الاصح والله العالم.

(السؤال الرابع)

ما معنى المعاد الجسماني، هل يعود عين البدن الدنيوي او غيره؟ فلو كان عين البدن الدنيوي فما معنى قوله تعالى [لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا](19)؟.

(الجواب)

معنى المعاد الجسماني كما في بعض الاخبار انّك لو رأيته لقلت هذا هو فلان بعينه، وكما انّك لو رأيت شخصاً في الدنيا وهو صحيح سليم الاعضاء ثم رأيته بعد عشر سنين مثلاً مقطوع الاصبع، او اليد، او قد ذهبت عينه، او اذنه تقول هو فلان بعينه ولا يقدح في شخصيته فقدان يده فكذلك في الآخرة لا يقدح في وحدته، وتشخصه كونه كان في الدنيا بصيراً ويحشر في الآخرة اعمى، وهذا العمى هو العمى الحقيقي الذي كان له في الدنيا وهو عمى البصيرة وحيث ان الدار الآخرة هي الدار التي تبلي فيها السرائر وتظهر الحقائق ــ فلا محيص من ان يحشر الكافر والفاسق اعمى، ويعرف اهل المحشر ان هذا هو الذي كان اعمى في الدنيا حقيقة وان كان بصيراً صورة قد حشره الله بصورته الحقيقية في الآخرة التي هي دار الحق والحقيقة، ويؤيده قوله تعالى كذلك أتتك آياتنا من فنسيتها وكذلك اليوم تنسى فتدبره جيداً واغتنمه فأنك لا تجده في شيء من كتب التفاسير ولا غيرها والمنة لله وحده وعسى ان يأتي البعث عن المعاد الجسماني مفصلاً.

(السؤال الخامس)

ولد الزنا هل له نجاة في الآخرة ام لا؟.، وفرض كونه من الهالكين خلاف مقتضى العدل لأن الذنب على ابويه.

(الجواب)

ولد الزنا حسب قواعد العدلية المطابقة للموازين العقلية والأدلة القطعية ــ من أنه لا تزر وازرة وزر اخرى، ولا يعقب شخص بجريمة غيره فحاله اذاً حال سائر المكلفين ان اختار الطاعة وعمل الخير فهو من اهل الجنة والنعيم، وان اختار المعصية وعمل الشر كان من اهل الجحيم وكل ما في الأخبار مما ينافي هذا فلابد من تأويلها، وحملها على ما لا ينافي تلك القاعدة المحكمة، وخبث نطفته وشقاوة ابويه ليسا بحيث يسلبان القدرة والاختيار على الطاعة والمعصية فهذه الأخبار كأخبار الطينة والسعادة والشقاوة مثل انه تعالى قبض قبضة من طينة البشر وقال: هذه للنار ولا ابالي، وقبض أخرى وقال هذه للجنة ولا ابالي، وامثال قوله تعالى [طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ](20)، [وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ](21)، وهي كثيرة في القرآن العزيز مما يدل بظاهره ان الإغواء والإضلال والطبع والشقاء هو من الله قهراً وجبراً على العباد وليس ذلك هو المراد قطعاً ولا مجال لبسط الكلام في هذا المقام بأكثر من هذا.

(السؤال السادس)

ظاهر القرآن، او الدليل العقلي يساعد كون نبينا محمد (ص) خاتم الأنبياء ((بالكسر)) ام لا ؟.

(الجواب)

نعم ظاهر القرآن في قوله تعالى: [ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ](22) على القراءتين الفتح والكسر ((اسم فاعل واسم مفعول)) هو انه صلوات الله عليه وآله قد ختمت به النبوة، واما الدليل العقلي فهو واضح لمن تدبّر نواميس هذه الشريعة واحكامها وانّها بلغت الغاية في الإحاطة بمصالح البشر والنظام الاجتماعي الذي لا تتصور العقول ارقى منه واكمل. فلا بد أن تكون هي الغاية والخاتمة كما قال جلّ شأنه [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دِينَكُمْ](23) واذا اكـمل الشـيء فقد تم وانتهى ولا مجال لجعل غيره اذ المجعول اما مثله

او انقص فهو قبيح واما الإكمال فهو حاصل في هذه الشريعة والله العالم.

(السؤال السابع)

في الحديث ان النبي (ص) لما فتح مكة ودخل الكعبة وكسر الأصنام كان صنم في موضع مرتفع فقال علي (ع): يا رسول الله انا احملك لتكسر هذا الصنم، فقال رسول الله (ص): انت لا تطيق حمل النبوة، ما معنى هذا الحديث والحال ان النبي يركب الدواب؟.

(الجواب)

نعم فرق بين حمل الدواب للنبي (ص) وحمل أمير المؤمنين (ع) له اذ من المعلوم الضروري ام البدن سواء في الحيوان, او الإنسان هو الذي يحمل الأثقال وينهض نهضة الأبطال ولكن انما ينهض البدن بحملها بقوة الروح وعزيمة الهمّة والشعور ضرورة ان الجبل الشامخ لا يقوى على حمل طائر بل لا يقدر على حمل ذبابة بل الطائر والذبابة تحمل نفسها عليه.

فأن الإنسان بقدر عزمه وهمّته وشعوره يحمل الأثقال، ولما كان مثل امير المؤمنين (ع) يعرف عظمة النبي (ص) ويقدر هيبة النبوة، ويدرك معنى تلك المرتبة والوظيفة الآلهية، فلا ريب ان قوة البشرية مهما كانت عظيمة فهي تتصاغر امام تلك العظمة وتندك لدى اشراق لمعات تلك الهيبة. لأن تقديرها على مقدار ادراكها والشعور بها، اما الحيوان وسائر افراد الانسان فلا يدرك من النبي(ص) ولا يعرف من حقيقته الا جسده الظاهري وهيكله المادي ومعلوم انه خفيف الطبع لطيف الجسد يقوى على حمله من هذه الجهة كل احد ولكن امير المؤمنين (ع) وجبرئيل يعرفان من فضله ما يعجزهما عن حمله فتدبّره واغتنم وبالله التوفيق.

(السؤال الثامن)

ما هي فلسفة الاضحية في منى، نرى كثرة الحجاج، وعدم المصرف للحوم ذبائحهم في منى، فلو فرضنا الحجاج مائة الف فلا يقل كل واحد غالباً من ذبيحتين في الاضحية والكفارة تصير مائتي الف ذبيحة فيذبح ولا مصرف لها، ولا احد يأخذ، فيطرح على الارض ويفسد الهواء ويتولد الامراض، وفي هذا الزمان يقولون يجمعها بن سعود في بئر ويطرح عليها التراب. فأي فائدة فيها اجتماعية وانفراديّة فلو عيّن الشارع الاسلامي على كل احد من الحجاج بدل الهدي مقداراً معيّناً من النقود فيجمع للصرف في مصالح العامة للمسلمين أليس احسن؟.

(الجواب)

قضية الذبائح والقرابين وتقديمها للآلهة بكثرة شعيرة من الشعائر القديمة في اكثر الاديان حتى عند المشركين وعبدة الاوثان فضلاً عن الديانات الثلاث المشهورة، وحيث ان الشريعة الاسلامية جعلت الكعبة قبلة للمسلمين واليها حجّهم وموقع الكعبة هو الحجاز، وهي ارض (كما يعلم كل احد) قاحلة وحرة سوداء لا يعيش فيها ضرع ولا زرع، واهل الحجاز على الغالب فقراء بالفقر المدقع الذي كان يدفعهم الى استطابة اكل الحشرات والوحوش من الضب، واليربوع، والارانب ونحوها بل ربما يضطرون في بعض السنوات الى اكل الدم الممتزج بالصوف وما هو اسوء من ذلك فقضت الحكمة الالهية الارفاق باهل تلك البلاد والتوسعة عليهم، ومن يتجول في القبائل الحجازية وينظر شحوب تلك الشعوب، وغبرة وجوههم، ورث ملابسهم وجشوبة طعامهم يعرف سعة الرحمة الالهية والشفقة الربوبية في فرض هذا النسك، ومن يراجع الآيات الكريمة الواردة في هذا الموضوع يعرف جليّاً ان الحكمة والغرض من هذا الحكم هو التوسعة على الفقراء والهلكى الذين هم اكثر اهل الحجاز واشباع نهمهم وسد فورتهم يقول جلّ شأنه: [فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ](24) ــ ثم يقول: [فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانعَ وَالْمُعْتَرَّ](25)، فقول السائل انه لا مصرف لها غير صحيح وكل احد يعلم ان جمعاً كبيراً من اعراب تلك النواحي يجتمعون ويتقاسمون تلك الذبائح فيما بينهم ويتناهبون تلك الاغنام انتهاب الغنائم، وان بقى فضلة منها فهي من التوابع القهرية، والغالب ان الخير الكثير ليستتبع الشر اليسير، وهذا ايضاً لا يعود الى نقص في التشريع فان قبائل الحجاز لو اجتمع نصفهم فضلاً عن كلّهم لما كان يقع سهم كل واحد منهم شاة واحد من تلك الاضاحي الكثيرة لانهم يبلعون على اقل تقدير اكثر من مليونين ونصفهم على اقل فرض فقراء، فلو اجتمعوا في صحراء منى وعرفات، وهي قريبة منهم او ارسلوا وكيلاً او وكلاء يحملون اليهم حصصهم لكان سهم كل عشرة شاة واحدة ولكن هم المقصرون في الانتفاع بما فرضه الله لهم على حد قول شاعر الفرس:

(كر كدا كاهل بود تقصير صاحب خانه جيست)

امّا تعين مقدار من النقود بدلها فهو خلاف غرض الشارع الذي يحب اطعام الطعام، وبذل الزاد لاشباع الجائع، ودفع كضّة النهم، والقرم فانّه قد يمر على البدوي في الصحراء الشهر او الشهرين لا يذوق فيها طعم اللحوم، ولا يشم قتار الدسوم على ان الشارع ببركة ما اوجب على اغنياء المسلمين في الحج الى تلك المشاعر، والشعائر، وما ينفقون فيها من الاموال الطائلة قد صب عليهم البركة صبّاً وملأ جيوبهم بالنقود ــ فاوجب الاضاحي ــ تكميلاً للغاية، واتساعاً في المنفعة واستقصاء في الاخذ بأسباب الجود وعموم الكرم ولعل هذا هو السر او بعض المصالح والحكمة التي نظرت اليها العناية العليا والرعاية الازلية حتى صارت القرابين والاضاحي من النواميس المقدسة في اكثر الشرائع والاديان، وحثت على الاكثار منها ولان كان هذا بالغاً مرتبة الرجحان في سائر الاقطار والبلدان فهو الحجاز ولا سيما البيت الحرام، وهو بواد غير ذي زرع، ولا سبد، ولا لبد ينبغي بل يلزم ن يكون بحد الوجوب، وهكذا كان الامر من لدن حكيم عليم، نعم يلزم على اولياء الامور في تلك المشاعر التنظيم والعناية بما يستوجب الانتفاع بتلك الذبائح ورفع مضارها أو بيع ما لا يمكن الانتفاع منه الا بالاحتفاظ به بعمل وتدبير كجلودها واصوافها فيلزم اصلاحه اولاً ثم بيعه وتوزيع ثمنه على الفقراء او المصالح العامة باجازة حاكم الشرع او الحاكم العادل.

(السؤال التاسع)

كيف يمكن التوفيق بين قوله تعالى: [ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ](26) وقوله عليه الصلاة والسلام في زيارة الجامعة المشهورة: وحسابهم عليكم.

(الجواب)

هذا سهل واضح، وما اكثر التوسع في لغة العرب وانواع الكنايات والمجاز فتقول: بنى الامير المدينة، ونقول: بنى العمال المدينة. الاول تسبيباً واشرافاً، والثاني مباشرة وعملاً، والله سبحانه هو الذي يأمر انبياءه واوصياءهم بمحاسبة الخلق. فيكون حسابهم عليه امراً واشرافاً واحاطة والانبياء محاسبون معاشرة، وولاية، ويصح نسبة الحساب من هذه الحيثيات الى الله جل شأنه من جهة والى الائمة(عليهم السلام) من جهة اخرى.

(السؤال العاشر)

ما الحكمة من تعدد ازواج النبي (ص)؟.

(الجواب)

اننا لو اردنا ان نكتب مؤلفاً خاصاً في الحكم، والمصالح التي اشتملت عليه هذه الشرعة النبوية والسياسة المحمدية لكان يلزمنا القيام باكبر مؤلف، وقد لا نحيط بسائر الجهات منها، نعم نعلم على الجملة ان اقترانه بكل واحد من تلك الزوجات كانت المصلحة في تلك الظروف المعينة يقتضي وجوبه الحتمي، وللمجموع اعني لمجموع التعدد اجمالاً حكم ومصالح ايضاً توجبه وتلزم به، ولا يسعنا ايضاح تلك المصالح جميعاً ولكن نشير الى واحدة منها اشارة اجمالية وهي: انه سلام الله عليه اراد ان يضرب المثل الاعلى والبرهان الاتمّ الاجلي لنفسه الملكوتية ومقدار رزانتها، وقوة استقامتها وعدلها، وعدالتها، وكل احد يعلم كيف تتلاعب النساء بأهواء نفوس الرجال وتتصرف فيها حسب ما تشاء، كما يعلم كل احد ما بين النساء والزوجات من التنافس، والغيرة، واعمال الدسائس والمكائد فيما بينهن، واضطراب حبل النظام العائلي والقلق الداخلي، وهذه الذات المقدسة الغريبة في جميع اطوارها ــ ضربت المثل الاعلى في ضبط النفس، واقامة العدل بين زوجاته المتعددات وعدم الانحراف عن محجّة العدل والانصاف بينهن قيد شعرة مع جمعه لهن في منزل واحد واختلافهن في السن والجمال وسائر الجهات التي تستهوى النفوس ونحن نجد في الكثير الغالب ان الرجل الصلب القوي قد يعجز عن ارضاء زوجتين واقامة ميزان العدل بينهن على اتم حدوده ومقاييسه، و لابد ان ترجح احدى الكفتين عنده ولو قليلاً مهما بالغ في التحفظ والكتمان فكيف بمن يحسن معاشرة تسع نساء، او اكثر في منزل واحد فيرضى الجميع ويعدل بين الكل ويخضعنَّ له جميعاً وهن (حبائل الشيطان ) ولا يرضيهن في الغالب كل ما في الكون من ثروة وسلطان حتى ان احدى زوجاته وهي سودة بنت زمعة(27) لما اراد النبي طلاقها وهبت لعائشة ليلتها ولم ترضَ ان يطلقها وقالت: اريد ان احشر في ازواجك، وكانت بيئته وقلت ذات يده وجشوبة عيشه وخشونة ازيائه كلها تستدعي على الدوام بينهن حدوث الشغب وتقطع حبل الراحة بمقاريض التعب، ولكنه على ذكره السلام لم يحدث شيء واحد من ذلك في بيته مدة عمره بينهنَّ سوى واقعة واحدة هي في غاية البساطة بل هي من اعلام النبوة ودلائل الوحي والرسالة واحدى قضايا الأعجاز وهي قضية مارية القبطية(28) التي نزلت فيها أوائل سورة التحريم، وفي قضية الزوجتين اللتين اودعهما النبي (ص) سراً فأظهرتاه والمرأة مهما كانت رخوة العنان ضعيفة الكتمان ولكن اراد النبي (ص)ان يصهرهنَّ في بوتقة الامتحان حتى يظهر الذهب الخالص من المزيف، وعلى كل حال فقد اظهر الله جل شأنه لنبيه في تعدد الزوجات معجزتين:

الأولى: في داخليته وعدله المستمر بينهنَّ اكثر من عشر سنين.

الثانية: وهي اكبر آية واعظم اعجازاً واسطع برهاناً. ذاك ان من يستقرئ سيرة النبي (ص) بعد هجرته من وطنه البيت الحرام الى مصيره الأخير ــ يثرب يجده في هذه السنوات الأخيرة من عمره الشريف كالرجل الفراغ البال من اثقال العيال، يجده كالوادع الآمن والهادئ المطمئن كأنه لا علاقة له بشيء من النساء ولا واحدة فضلاً عن المتعدد، فهو قائد جيش ومشرع احكام، وامام محراب، وقاضي خصومات، وعاقد رايات، ومؤسس شريعة، وعابد منقطع الى التهجد والعبادة، ولقد كان يصلي حتى ورمت قدماه فكيف مع ذلك كله استطاع ادارة تسع نساء او اكثر مع شدة الغيرة والتنافس بينهنَّ وكيف لم يقسمنَّ فكره ويشغلن باله عن تلك الأعمال الجبارة والعزيمة القهّارة. فهل هذه الا المعجزة بذاتها والقدرة الآلهية بأجلى مظاهرها؟.

وهل تريد لتعدد الزوجات اعظم من هذه الحكمة وابلغ من هذه الفائدة؟ ولعل هذه واحدة من الف، واشراقة من شمس والا فالمسألة كما ذكرنا تستحق ان تفرد بالتأليف لكثرة ما فيها من السياسات والحكم.

(السؤال الحادي عشر)

ما وجه القسم بالتين، والزيتون؟ وما سبب امتيازهما بين المخلوقات؟ وما تفسيرها؟.

(الجواب)

جرت سنة الله العظيم في كتابه: ان يقسم لمخلوقاته العظيمة البركة العميمة الفائدة كالشمس والقمر، والنون والقلم، والرياح الذاريات، والمرسلات، كما يقسِم بالقرآن الذي هو شمس الهداية الحقيقية، وهداية الأرواح، والنفوس والعقول، بل بما دون ذلك كالصبح، والليل والجواري الخنَّس، والكواكب الكنّس، وامثال ذلك مما هو كثير في الكتاب الكريم، وحيث ان التين والزيتون من الأطعمة العظيمة الخير والبركة فأن التين فاكهة وحلوى رطبة نافع وجافة انفع وهو غذاء ودواء وطعام وادام وفيه منافع كثيرة، ومثله الزيتون ولعله اشرف، والطف واعظم بركة ونفعاً بأعتبار دهنه التي لا تعد ولا تحصى منافعه وخيراته وخواصه، وآثاره، وهو مع انه من احسن الأدام، والصبغ للآكلين فيه منافع عظيمة وخواص بليغة في المعالجات فلهذا حسن القسم بهما لعظيم فائدتهما، هذا كله بناء على ان المراد بهما تلك الثمرتان، او الشجرتان المباركتان، ومن الجائز القريب بل لعله الأقرب ان المراد بالتين جبل يكثر فيه شجرة التين من جبال القدس وحبرون(29) الذي تجلّى عليه الجليل لأبراهيم الخليل (ع)، والزيتون جبل الزيتا الذي تجلّى الرب فيه لإسرائيل يعقوب ابي الأسباط وللمسيح فيه مواقف كثيرة، ويشهد له عطف طور سينين عليهما وهو الجبل الذي تجلّى فيه الجليل لكليمه موسى(ع)، ثم عطف عليهما البلد الأمين وفيه جبل حراء الذي تجلّى فيه الحق لحبيبه محمد(ص)، فهذه الجبال الأربع هي مظاهر الأنوار الآلهية، والتجليات الربوبية على الأرواح النبوية والهياكل البشرية، ولا شيء احق منها للحق بأن يقسم بها من مخلوقاته، والله اعلم واحكم بأسرار كلماته وسائر آياته.

(السؤال الثاني عشر)

لأي علة منع لبس خاتم الذهب وزر الذهب للرجال؟.

(الجواب)

حق السؤال ان يكون هكذا ــ لماذا منع الدين الأسلامي من لبس الرجال الحرير والذهب؟..، والجواب: ان الدين الأسلامي يريد من الرجال الخشونة والصلابة، وان يكونوا اشداء واقوياء، ولما كان في الحرير والذهب من النعومة والطراوة والميعان واللمعان ما ليس في غيرهما حرمهما على الرجال لعلمه تعالى ولعله من المشاهد المحسوس ان الزينة بمثل هذه الأشياء يوجب التأنّث والتخنث وسفالة الهمة والميل والانقياد الى الشهوات البهيمية، ويسقط همة الرجل فيها عن السمو الى نيل المعالي وعظائم الفتوح وعزائم الروح، ولا يقاس هذا بلبس الأحجار الكريمة والجواهر الثمينة فأنها توجب العزة والكرامة والسمو وعلو الهمة، واين هذا من نعومة الحرير ولمعن الذهب التي تلائم ربات الحجال. ويجب ان تترفع عنها الرجال حتى لو لم يحرمهما الشارع. فلله شريعة الأسلام ما اعظمها واجلها ولله هذه الأمة المسلمة ما اضعفها واجهلها والحكم لله ولا حول ولا قوة الا بالله عليه توكلت واليه انيب.

مسألة مهمة

وهي مسألة الفرق بين الحقوق والأحكام(30)

الحق نحو سلطنة والسلطنة عبارة عن القاهرية والتسلط ولها مراتب كثيرة أعلاها واجلها هو سلطنة الحق تعالى شـأنه وقـهاريته على مخلوقاته وهو حق لا يتغير ولا يتبدل ولا ينتقل بحال ابداً، ويستحيل سقوطه بوجه من الوجوه وهو ذاتي متأصّل، واليه ترجع سائر الحقوق بل الحقوق كلها له جلَّ شأنه، وبسلطنته خلق الخلق وثبت الحق فحق الخالقّية والإيجاد والجعل والتكوين حق ذاتي غير مجعول، وهو ثابت له تعالى في تمام الأحوال وله آثار كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن آثاره شكره وحمده وعبادته وأطاعته وتسبيحه وتقديسه، والقيام بما أمر به، والانتهاء عما نهى عنه وهذه السلطنة العظمى كما أشير إليه لا تنالها يد الجعل وهي من خصائصه عز شأنه، ولا توجد في غيره وأقرب المراتب إلى هذه المرتبة من الحقوق حق النبوة ثم حق الولاية ثم حق العلماء والمعلم والأب والابن وحق الجوار والصحبة وأمثالها. وجميع هذه الحقوق ترجع إلى حقه تعالى في المعنى باعتبار صدور الكل منه، ورجوع الكل إليه، ولكل واحد من هذه الحقوق آثار كثيرة يترتب عليها ثم إن أمهات الحقوق بعد حقه تعالى تنحصر في ثلاثة أقسام لأن السلطنة الثابتة للإنسان أما إن تكون على إنسان آخر كسلطنة النبوة والولاية وغيرهما من الحقوق متنزلة إلى اضعف المراتب كحق الصاحب والجليس وأما إن تكون تلك السلطنة على الأعيان الخارجية غير الإنسان وأما على النسب والإضافات. وان شئت قلت إن الحق نحو سلطنة إنسان على غيره مطلقاً من إنسان أو أعيان أو عقد أو إضافة أو نسبة أما الأول فقد يكون منشؤه أفعال خارجية وأمور حقيقية كالهداية والإرشاد والتعليم فأن هداية النبي (ص) وإرشاده إليه تعالى صار سبباً ومنشأ لحقه (ص) على العباد، وهكذا الولي والعالم والمعلم إلى آخر المراتب واضعفها، وفي مقابل هذه الهداية والإرشاد لابد من الشكر والامتنان والانقياد والإطاعة. وهذا النحو من الحق لا يتبدل ولا يتحول ولا ينتقل ولا يقبل الأسقاط، ولا المعاوضة، لأن منشؤه لا يقبل شيئاً مما ذكر بداهة إن الفعل الخارجي بعد وقوعه على وجه مخصوص لا يتغير عما وقع عليه، وقد يكون منشأ الحق امور اعتبارية وجهات اضافية مما ليس لها ما بأزاء في الخارج. نعم لها منشأ انتزاع محقق لا كأنياب الأغوال، وذلك مثل حق المولى على عبده والزوج على زوجته فأنّ حق المالك والزوج نشأ من الملكية والزوجية وهما من المعقولات الثانوية التي ليس لها ما بأزاء في الخارج، ولكنهما منتزعان من امر خارجي وهو العقد الخاص الصادر من اهله في محله باعتبار الشرع او العرف وليس هو من الأمور الوهمية بل الأمور الواقعية بحسب منشأ انتزاعها. وهذا النحو من الحقوق لا يقبل النقل والإسقاط والمعاوضة ابتداءً كالأولى. نعم يمكن رفع الحق بتوسط رفع منشأ انتزاعه او حله وهذه هي السلطنة على تلك النسب والإضافات من حيث وضعها و رفعها.

واما سلطنة الإنسان على الأعيان من مال وغيره فقد يكون السبب فيه والعلة امراً اختيارياً من تجارة او اجارة او صناعة او زراعة او حيازة ونحو ذلك، وقد يكون امراً غير اختياري كالإرث والدية ونحوهما ومن هذا القبيل تملك الفقراء والمساكين والسادات للحقوق وتلك الأسباب بقسميها قد توجب السلطنة المطلقة اى الملكية العامة. وقد توجب سلطنة مقيّدة محدودة وهي الحقوق الخاصة كحق الرهن والخيار والحجر ونحوهما, كما ان حق الراهن مثلاً وسلطنته على العين المرهونة ما زالت ولا انتقلت بشراشرها وجميع شؤونها بل له استرجاعها ولو ببيعها فكذلك حق المرتهن فأنه حق وسلطنة مقيدة بعدم اداء الدين، والاستيلاء على الأستيفاء، وهذه الحقوق كلها بأنحائها المختلفة واعتباراتها الملحوظة قابلة للنقل والانتقال والإسقاط والمعاوضة ويتحقق فيها عنوان الغصبية لأنها اجمع حقوق مالية وامور اعتبارية جعلية فهي تتبع مقدار جعلها وتدور مدار اعتبارها فأنها احكام وضعيّة تستتبع احكاماً تكليفية فمن غصب عيباً او منفعة للغير او ما فيه حق له كحق الرهن او الخيار او نحو ذلك فصلى فيه تكون صلاته باطلة وهو ضامن له لو تلف. وبالجملة فتلك الحقوق هي عبارة عن احكام وضعية تستتبع احكاماً تكليفية من حرمة او وجوب قد ينعكس الأمر فيكون الحكم التكليفي منشأ لأنتزاع حكم وضعي بمعنى ان الحكم التكليفي المتعلق بموضوع خاص ينتزع منه صورة حق وسلطنة ولا سلطنة هناك ولا حق واقعاً بل كلها احكام تكليفية صرفة كما في المعابد والمساجد المحترمة وكالشوارع العامة، والأسواق المشتركة بين سائر العناصر والطبقات فأن جميع المشتركات العامة سواء كانت مشتركة بين عامة البشر كالطرق والشوارع والأسواق وامثالها او بين نوع خاص منهم مثل مكة المشرّفة ومنى او على صنف مخصوص كالحضرات والمدارس وامثالها محكومة بأن من سبق الى مكان من هذه المواضع فهو احق به ومعنى هذا الحق انّه لا يجوز لغيره دفعه عنه ومزاحمته فيه فيرجع هذا الحق الى حكم تكليفي صرف، وهو جواز الانتفاع به، والجلوس فيه او المرور لكل انسان، او لكل مسلم. وهكذا. وحرمة مزاحمة الغير له فليس هنا سوى احكام تكليفية متبادلة ينتزع منها حق لمن له الحكم ويكون منشأ انتزاع ذلك الحق من الحكمين المتضايفين بين من يجوز له الجلوس والانتفاع ومن يحرم عليه المزاحمة، وليس الحق هنا كما هو في سائر المقامات من كونه نحو سلطنة على الغير مقيّدة او مطلقة تستتبع تلك السلطة احكاماً وضيعة وتكليفية لمن له السلطنة وعليه ولغيره وعليه. واذا كانت العين التي هي متعلق السلطنة لها مالية او ترجع الى مال كان من آثارها حرمة غصبها ولزوم ضمانها وبطلان كل تصرف فيها بدون رخصة صاحب الحق والسلطنة المعبّر عنها بالمالك.

ومن هنا ظهر ان المساجد والمدارس وما على شاكلتها لا يعقل تحقق الغصب فيه اصلاً اما المساجد فقد اخترنا زوال ماليتها كلية وجعلها محررة كما في تحرير العبد الذي تزول ماليّته بعتقه وتحريره, وكذلك المعابد والمشاهد والمشاعر، وبعد ارتفاع المالية عنها لا يعقل تحقق الغصب فيها كما لا يعطل تعلق السلطنة لأحد بها فلو دفع انسان آخر كان قد سبق الى مكان فيها لم يغصب منه مالاً ولا دفعه عن حق مالي له في المسجد او المشهد. نعم فعل حراماً، ولكن لو صلّى الدافع في مكان المدفوع له لم تبطل صلاته لأنهما سواء من حيث الاستحقاق وجواز الانتفاع، واما الاسواق، والشوارع فهي وان لم تزل عن المالية بالكلية كما في المساجد ولكنها ما دامت متصفة بذلك العنوان الخاص اعني عنوان المرور والسوقية فليس لاحد سلطنة خاصة به دون غيره على شيء منها بل الجميع فيها شرع سواء يجوز لكل واحد منهم الانتفاع بها على النحو الخاص ولا يجوز للاحق مزاحمة السابق، ولكن لو زاحمه لم يكن اخذ منه حقّاً ماليّاً يجب ضمانه ودفع بدله بل يكون فعل حراماً وخالف تكليفاً شرعياً. والحاصل انه لم يغتصب منه عيناً او منفعة مملوكتين أو عيناً ذات حق مالي كحق الرهن والحجر ونحوهما.

واما الاعيان الموقوفة فهي على قسمين موقوفات عامة ليس الغرض منها سوى اباحة نفس الانتفاع، وحبس العين، ووقوفها عن الانتقال، وسائر التصرفات ولا ملكية هنا، ولا مالية اصلاً، موقوفات خاصة الغرض منها تمليك المنفعة وحبس العين، فالمنافع هنا باقية ملحوظة للواقف كما هي باقية في نظر العرف والشرع بخلافها في القسم الاول فانها قد الغيت في نظر الواقف فلا العين ولا المنافع مملوكة وانما اباح المالك الانتفاع فقط كما في المدارس العلمية والخانات في طرق المسافرين واشباهها فان الواقف لم يملكهم المنفعة، ولذا لا يقدرون ولا يسوغ لهم نقلها وهبتها وبيعها بخلافها في النوع الثاني وليس هو في الحقيقة حق بل صورة حق وانما هو حكم محض يعني جواز انتفاعه بمناع العين الموقوفة كجواز انتفاعه بالطرق والشوارع والمشتركات العامة وانما ينتزع صورة ذلك الحق من حكمين جواز الانتفاع لمن سبق الى مكان منه وحرمة مزاحمة الغير فالمنافع مسبلة والانتفاع مباح والحاصل ان الوقف الذي هو عبارة عن تحبيس الاصل تارة يكون قصد الواقف مجرد انتفاع المسلمين كوقف القرآن على الحرم الشريف ووقف المشاهد والمعابد والمعابر كالخانات والتكايا وهذا هو الوقف العام، وقد يكون قصده تمليك المنفعة لطائفة مخصوصة او افراد متعاقبة مع بقاء العين ووقوفها عن الجري والحركة، وهذا هو الوقف الخاص الذي يجري على المنفعة فيه جميع آثار الملكية والنواقل. بخلاف القسم الاول الذي لا يجري فيه شيء من خواص الملك وآثاره الكاشف ذلك عن عدم الملكية اصلاً وانما هو حكم محض نعم الولاية العامة فيه للامام او نائبه والخاصة للمتولي الخاص ان كان.

واما الثالث: وهو السلطنة على النسب والاضافات كعقد العقود وحلها فحيث ان حقيقة امرها وواقع لبها ترجع الى شؤون السلطنة على العين فان من شؤون السلطنة على الدار والدابّة مثلاً هو نقلها بالعقد اللازم الذي لا خيار فيه او بيع خياري يمكنه حلّه. وهكذا سائر العقود لازمة، او جائزة، وجميع تلك العقود ان كان متعلقها مالاً فهي مالية، والحقوق المتعلقة بها حقوق مالية كالخيار والرهن والحجر كلها ايضاً تقبل بحسب طباعها واصل وضعها للنقل والمصالحة والاسقاط والمعاوضة الا ان يمنع الدليل الخاص عن شيء من ذلك. واما ما لا يتعلق بالمال كحقوق الولايات والوصايات واكثر حقوق الزوجية فانها بحسب الاصل والقاعدة لا تقبل شيئاً من ذلك، وهي في الحقيقة سلطنة خاصة وسلطنة مقيدة.

والخلاصة ان الحق ان كان جل الغرض منه استيفاء او استعادة او استفادة مال للانسان فذاك حق مالي تجري عليه جميع تلك الاحكام وان كان جل الغرض منه شؤون اخرى لا ترجع الى استفادة مال لنفس صاحب الحق بل الغرض السلطنة على حفظ مال الغير او توفيره، وسائر التقلبات والتصرفات فيه او نحو مخصوص من التصرفات او غير ذلك من الشؤون التي لا ترجع الى جر مال لصاحب الحق فمقتضى القاعدة فيه في القسم الاول هو جريان الاسقاط والنقل والمعاوضة فيه الا ما خرج، وتقتضي القاعدة في القسم الثاتي عدم جريان شيء من ذلك الا ما خرج ايضاً، وهنا قسم ثالث من الحقوق. وهو ما اشتمل على كلا الجهتين اعني جهة المالية وجهات اخرى وذلك كعقود الانكحة التي يقال انها برزخ بين العبادات والمعاملات فمن حيث المهر تكون جهة مالية، ومن حيث ان الغرض المهم من عقد الزواج هو حفظ النظام وتواصل النسل وصلاح البيت والعائلة فهو عقد غير مالي وحيث ان هذه الجهة اقوى من الاولى بل لا اثر للاولى في جنب الثانية اصلاً، ولذا ربما يصح بدون المهر، ولذلك صارت عقود الانكحة عقود غير مالية واكثر الحقوق فيها حقوق لا تقبل النقل ولا الاسقاط، ولا المعاوضة الا ما خرج وقام عليه الدليل بخصوصه فالضابطة الكلية في المقام ان الحق الذي علم ان عمدة الغرض منه هو المال فالاصل فيه قبول المعاوضة والنقل والاسقاط، وما علم بأن عمدة الغرض منه غير ذلك فالاصل فيه عدم قبوله لشيء من ذلك ومع الشك في ماليته وعدمها وقبوله لتلك الاحكام وعدم قبوله فالمرجع الى الاصل أي اصالة عدم ترتب الاثر في كل مقام بحسبه ولا وجه للرجوع الا عمومات العقود مثل اوفوا بالعقود، واحل الله البيع، والصلح جائز بين المسلمين، وامثال ذلك لانه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

ومن جميع ما مر عليك ظهر لك ان الصلاة في ملك الغير عيناً او منفعة او حقّاً من غير رضاه باطلة بالضرورة لأنها حرام، والحرام لا يكون مقرباً والكاشف عن الرضا: اما القول مع العلم الصريح او شاهد الحال او الفحوى بداهة ان الرضا حالة من احوال النفس التي لا تحس الا بواسطة كاشف يكشف عنها او امارة تدل عليها كسائر اوصاف النفس القائمة بها من الحزن والفرح والانقباض والانبساط كالملكات مثل الشجاعة والجبن التي لا تعرف الا بكواشفها. والكاشف عن الرضا اما القول الصريح. وهو اقواها وادلها او شاهد الحال مثل من يفتح بابه ويتلقى الداخلين عليه بالبشر والبشاشة او الفحوى وهي الاولوية مثل ان يأذن لغير العبد او الولد من جهة المولى والوالد فيكشف ذلك عن اذنه لهما بطريق اولى واعتبار تحقق الرضا بأحد هذه الكواشف على سبيل منع الخلو في صحة التصرف بمال الغير وحرمه بدونه مما لا كلام فيه.

نعم يظهر من كلمات اكثر العلماء جواز الصلاة والمكث في الاراضي الواسعة والوضوء والشرب من الانهار الكبيرة.

وقد استمرت السيرة المستمرة الشائعة على تلك التصرفات من دون حاجة الى احراز رضا المالك او اذنه بل تجد عامة المسلمين يصلون ويمرون في تلك الاراضي التي يعلمون بان لها مالكاً مخصوصاً ويتوضؤن ويشربون من تلك الانهار ولا يخطر ببال احدهم رضا المالك وعدمه واذا خطر ببال احدهم لا يعتني ولا يتوقف عن اكثر انحاء التصرفات كالنزول والتظليل وضرب الخيام الى غير ذلك، وقد اختلفت كلمات الاعلام في مدرك ذلك ووجه صحته مع قضاء تلك القاعدة المحكمة شرعاً وعقلاً بحرمته وفساد العبادة معه فعن صاحب المستند(31) على ما يخطر ببالي انه قال بان القدر المتيقن من ادلة حرمة الغصب هو ما اذا علم بمنع المالك وعدم رضاه اما مع الشك واحتمال الرضا فلا دليل على الحرمة وهو كما ترى فان الادلة كلها ظاهرة بل صريحة في خلاف مدعاه وان الجواز معلق ومشروط بالرضا الذي لا يحرز الا بالعلم او الظن المعتبر مثل قوله لا يحل مال امرء الا بطيب نفسه لا تعليق الحرمة بالمنع وعدم الرضا مضافاً الى استلزامه الهرج والمرج وفساد نظام العالم لاستلزامه جواز تصرف كل احد في مال غيره او الى ان يمنعه على ان قبحه عقلاً كاف في حرمته شرعاً بناء على الملازمة واضعف منه ما قد يقال من كفاية الرضا التقديري الحاصل في مثل تلك الموارد غالباً وقد عرفت قريباً ان الرضا وطيب النفس حال من الاحوال النفسانية. وما لم يكن حاصلاً ومحققاً لا يصير وصفاً حقيقياً والحاصل: ان مقتضى حكم العقل وظاهر الادلة الشرعية هو اعتبار وجود الرضا والطيب من المالك في جواز التصرف في ماله فلا يجوز التصرف بمقتضى الحصر الا بعد طيب النفس، والرضا التقديري ليس برضا حقيقة بالحمل الشائع وانما الرضا هو تلك الصفة الخاصة التي تقوم بالنفس، ولا تحصل الا بعد مقدمات كثيرة وتصورات متعاقبة مضافاً الى استلزامه اختلال النظام ايضاً فان كل فقير مضطر حينئذ يجوز له التصرف في مال غيره مع عدم رضاه فعلاً باعتقاد أنه لو اطلع على شدّة فقره لرضي وطابت نفسه بل يمكن تسرية ذلك حتى مع المنع الفعلي وهو كما ترى وقد يقال: ان الوجه في ذلك هو العسر والحرج وانت خبير بان الحرج انما يؤثر في ارتفاع الاحكام الالهية أي ما يتعلق بحقوق الله تعالى ولا يوجب العسر والحرج استباحة اموال الناس بغير رضا منهم، نعم ورد في خصوص الاكل في المخمصة جواز تناول ما يتوقف حفظ النفس المحترمة عليه، ولكن مع ضمانه بالمثل او القيمة كما ربما يستشعر ذلك من الآية الشريفة، والذي يخطر لنا في وجه صحة ذلك ــ احد امرين:

الاول: ان حقيقة الغصب هو التصرف في مال الغير، وتحقق عنوان التصرف موكول الى نظر العرف وهو يختلف باختلاف المقامات والاشخاص والازمان والاعيان التي يقع التصرف فيها والاعمال التي يتحقق التصرف بها فرب عمل يعد تصرفاً وان كان قليلاً، ورب عمل لا يعد تصرفاً وان كان كثيراً فمثل الاستضاءة بضوء الغير والاستظلال بظل اشجاره او داره لا يعد تصرفاً وان عظم الانتفاع به، ووضع اليد والقدم على بساط الغير او فراشه يعد تصرفاً وان لم تكن فيه منفعة. فالاستطراق والمرور في الاراضي الواسعة والوضوء والشرب من الانهار الكبيرة لا يعد تصرفاً فان تصرف كل سيء بحسبه، والتصرف في الاراضي الواسعة انما يكون بمثل البناء أو الغرس او الزرع بها او نحو ذلك. والتصرف في النهر الكبير ان يسقي منه او يشق نهراً صغيراً في اثنائه وحيث لا يعد تصرفاً لا يكون غصباً ولا سيما وان جميع الادلة الدالة على حرمة الغصب مرجعها الى كم العقل بقبح التصرف في مال الغير بغير رضاه فاذا زال التصرف زال موضوع القبح والحرمة.

الثاني: انه لا يبعد كون اصل الملكية المجعولة من الملك الحقيقي في مثل هذه الموارد ضعيفة لضعف سببها وهو الامضاء المنتزع من وجوب الوفاء فكأن مالكها ليس له السلطنة التامة هنا كسلطنته على سائر امواله واملاكه نعم له السلطنة على جميع التصرفات والتقلبات الا منع المارة من النزول والمرور ونحو ذلك. ومعلوم ان السلطنة امر مجعول يتبع دليل جعله سعة وضيقاً وشدة وضعفاً والملكية من الامور القابلة للشدة والضعف والسعة والضيق بالضرورة، وتكون السيرة المستمرة على وقوع تلك التصرفات من غير اذن المالك هو الدليل الكاشف عن ضعف تلك الملكية المستلزم لعدم اعتبار رضاه واذنه في جواز التصرف في هذا النحو من امواله بل يمكن على الوجهين ان يقال بجواز التصرف حتى مع منعه الصريح وان كان الاحتياط يقتضي خلافه ولكنه قوي والله العالم.

اما الموقوفات والمسبلات كالمدرسة والخان والتكايا والحسينيات وما اشبهها فنقول: ان نحو الوقف من جهة الواقف لا يخلو من ثلاث اقسام:

الاول: المحررات وهي على اقسام فمنها ما جعل مشعراً او معبداً ومنها ما جعل وقفاً عامّاً او خاصّاً، ومنها ما خصص محفلاً او محشداً الى غير ذلك من الجهات المقصودة للواقفين، ويجمعها جميعاً قصد بقاء العين وتسبيل المنفعة على نوع البشر او صنف خاص منهم تجمعهم وحدة دين او مذهب او عنصر او غير ذلك، ويشترك الجميع في سلب المالية عن العين والمنفعة وتحريرها وعدم تمليك المنفعة لاحد وانما فائدة الوقف والغرض منه اباحة تلك الاعيان لطائفة من الناس او لعامّتهم وحيث ان المنفعة غير مملوكة لاحد بل هو تسبيل واباحة فلا يعتبر فيها الاذن والرضا بل يكفي ذلك الاذن العام والرضا الاول بانتفاع كل واحد ممن لحظه بالعنوان واباح له الانتفاع نعم من كان خارجاً عنه يحرم عليه الانتفاع لعدم شمول اذن المالك له، وهذا القسم هو الذي اشرنا اليه من عدم تحقق الغصب فيه لعدم بقاء ماليته وعدم تملّك المنفعة لاحد.

الثاني: ما يكون الغرض فيه تمليك المنفعة لافراد مخصوصه تندرج تحت عنوان خاص كأولاده او المشتغلين او الفقراء ونحو ذلك، وحال هذا القسم حال الملك الخاص في توقف التصرف على اذن المالك او الموقوف عليه الخاص فان العين وان لم تنتقل عن ملك الواقف على الاصح عندنا ولكن المنافع مملوكة تماماً للموقوف عليهم وهي مضمونة على الغاصب، وتجري عليه جميع احكام الملك والحاصل ان القسم الاول اباحة الانتفاع، والثاني تمليك المنفعة والفرق بينهما واضح ضرورة ان الموقوف عليه في الاول لا يملك شيئاً وليس له ان يبيع المنفعة ولا ان يهبها ولا يصالح عليها بخلافه في الثاني.

الثالث: ما يكون برزخاً بينهما فتكون المالية في المنفعة محفوظة ولكن الملكية لاحد غير ملحوظة وتلك كالاعيان الموقوفة على المساجد والمدارس كالبساتين والدكاكين ونحوها فان المنفعة محفوظة تباع وتؤجّر وتملك ولكن ليس للمالية الناتجة منها مالك مخصوص كما في الوقف الخاص الذي يملك الموقوف عليه منافعها بتمام معنى الملكية وجميع آثارها، اما هنا فالموقوف عليهم عامّاً كان كالمسلمين بالنسبة الى المساجد والاعيان الموقوفة عليها للضياء والخادم والفرش او خاصّاً كالمشتغلين بالنسبة الى المدارس والاموال الموقوفة للضياء والماء ايضاً فان الجميع يملكون الانتنفاع لا المنفعة وقد عرفت ان ملكية الانتفاع راجعة الى اباحة الانتفاع ولا ملكية هنا حقيقة. نعم مالية المنفعة هنا محفوظة بيد المتولي يبيعها ويؤجرها وينفقها في تلك الجهات لينتفع بها الموقوف عليهم وليست هنا كالمنفعة في القسم الاول التي اسقط الواقف ماليتها عن الاعتبار واباحها للموقوف عليهم. وحيث ان المالية محفوظة وزمامها بيد المتولي فلا بد من الاذن، ويتحقق فيها الغصب بالنسبة الى نفس الاعيان الموقوفة ومنافعها اما بالنسبة الى مصرفها من الضياء ونحوه فلا يتحقق الغصب بالانتفاع به بدون غصب العين او المنفعة. اما الانتفاع فلا يتجه به الغصب وان حرم مطلقاً او مع مزاحمة الموقوف عليهم وقد استبان لك من كل ما ذكرنا الفرق بين الحق والحكم وان الاول نوع سلطنة تستتبع اثراً وضعياً او تكليفياً يقبل الاسقاط والمعاوضة غالباً بخلاف الحكم فانه خطاب يتضمن الاقتضاء او التخير لا يقبل الاسقاط ولا المعاوضة فمثل الطلاق والرجعة فيه حكم لا يقبل شيئاً منهما بعكس النفقة للزوجة فانها تقبل الاسقاط كما تقبل المعاوضة.


(2)نعم ما صدع بالحق بعض الأساتذة بقوله: الا قاتل الله السياسة والرياسة فما دخلا شيئاً الا افسداه. قلت الا قاتل الله السياسة الغاشمة وعمالها الجائرة ذوي المطامع والاغراض الفاسدة من ارباب الأقلام المستأجرة في هذه الصحف والجرائد السوداء الذين لهم الدعايات الكاذبة والنيات الممقوتة في تعيين المرجع للتقليد والفتوى وقد تداخلت ايديهم الظالمة في هذه السنين الأخيرة في البلاد الأيرانية في تعيين المجتهد الذي يتعين الرجوع اليه، ولذا قد يلتبس الأمر على العوام ولا بد لهم من التيقظ وعدم الغفلة في هذا العصر التعيس والتثبت والتحقيق في تعيين المرجع للتقليد وعدم الإصغاء لهذه الأصوات المنكرة وهذه الدعايات المشؤمة في الصحف والجرائد المنحوسة ولا سيما المنتشرة منها في هذه البلاد والرجوع في معرفة المجتهد والقائد المذهبي الى تشخيص اهل الورع والتقوى والفضل والاجتهاد من العلماء، وحقاً اقول وما في الحق مغضبة: انه ضاعت الموازين الشرعية والمعيار الصحيح في تعيين المرجع الديني في هذا الزمان، واضف الى ذلك انه كثر من يدعى الأجتهاد وهذا المنصب العظيم من= =غير اهله ممن ليس له اهلية التصدي للفتوى اصلاً، ولشيخنا الأمام دام ظله في الصفحة التي اشار سماحته اليها من السفينة اعني صفحة (61) كلمة نيرة ابان بها الحقائق الراهنة حيث كتب تعليقة على قول اخيه آية الله الفقيه المرحوم (قدس سره) في السفينة (ومن ادعى الأجتهاد والأهلية فان كان ممن يحتمل في حقه ذلك حمل على الصحة ولم يفسق بذلك ولكن لا يجوز ترتيب الآثار بمجرد ذلك واما اذا خالف الضرورة في دعواه فشارب الخمر خير منه) وذكر ما يلي: (وما اكثر المدعين لهذا المنصب ولا سيما في هذه العصور التعيسة جهلاً بأنفسهم وبهذا المقام وما اكثر المخدوعين بهم جهلاً او لغرض والغرض يعمي ويصم ولا حول ولا قوة الا بالله، وقد ذكرنا ان احسن معيار للكشف عن صدق هذه الدعوى وكذبها هو الأنتاج العلمي وكثرة المؤلفات النافعة وان طريقة الأمامية من زمن الأئمة (ع )الى عصرنا القريب هو ان المرجعية العامة والزعامة الدينية تكون لمن انتشرت وكثرت مؤلفاته كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي الذي تكاد مؤلفاته تزيد على الأربعمائة والشيخ الصدوق له= =ثلاثمائة مؤلف وهكذا كان هذا هو المعيار الصحيح والميزان العادل الى زمن السيد بحر العلوم صاحب المصابيح والشيخ الأكبر صاحب كشف الغطاء الى الشيخ الأنصاري صاحب المؤلفات المشهورة التي عليها مدار التدريس اليوم اما الرسالة العملية وان تعددت فلا تدل على شيء وما اكثر ما يأخذها اللاحق من السابق وليس له فيها سوى تبديل الأسم او تغيير بعض الكلمات واليه تعالى نفزع في اصلاح هذه الطائفة وتسديد خطواتها الى السداد ان شاء الله) ولله در القائل:

وما افسد الناس الا الملوك
 

واحبار دين ورهبانها
 

 القاضي الطباطبائي

(5) ابو القاسم محمد حسن الجيلاني المعروف بـ(ميرزا القمي) العالم الرباني شيخ الفقهاء واحد اركان الدين في عصره صاحب التصانيف النفيسة في الفقه واصوله منها القوانين والغنائم وجامع الشتات والمناهج وغير ذلك ورأيت الأخير بخطه الشريف، وكان له الماماً بالأدب والشعر وحسن الخط ولد سنة (1151)هـ وضبط تأريخ وروده الى جامعة النجف الأشرف لدراسة العلوم بسنة (1174)هـ كما في اشعاره الفارسية التي انشدها في تأريخ وروده اليها ورأيتها بخطه الشريف ونقلناها في كتابنا (خاندان عبد الواحد) بالفارسية. وتوطن (قدس سره) في بلده (قم) وتوفي بها سنة (1231)هـ وقبره الشريف مشهور بـ(قم) يزار ويتبرك.

القاضي الطباطبائي

(7)ابو العلاء احمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان المعري، ولد بمعرة النعمان في عام (363)هـ، وتوفي عام (449)هـ، وهو شاعر فيلسوف زاهد متشائم اوصى ان يكتب على قبره.

هذا جناه ابي علي

 

وما جنيت على احد

 

انظر ذيل تاريخ الفلسفة في الإسلام تعريب الأستاذ محمد عبد الهادي ابو ريدة ص93 ــ ط2 قاهرة.

(8) واول بيت:

            تـــــناقــــض مــــا لنــــا الا الســــكــــــوت بـــــــه                   وان نــــعـــــــوذ بـــمـولانـــــا مــــــن الــنــــــار

(9) تفضل شيخنا الأمام دام ظله في آخر هذه الأجوبة الشريف وكتب بخطه الشريف خطاباً لهذا العبد الضعيف ما يلي: ايها السيد الحبر ــ الرجاء والمعذرة من رداءة الخط وضعف الإنشاء والإملاء فقد وهنت العظام وتراكمت العلل والأسقام ولو رأيتني لم تجد سوى الهيكل العظمي ولعجبت كيف استطيع هذا القدر من الكتابة واملاء هذه الأبحاث وان وهنت وهانت وتواضعت واستكانت ولأستكثرت مني هذا القليل واستكبرت هذا البيان الضئيل مضافاً الى تزاحم الأشغال الباهضة من الفتاوي والمكاتيب والوكالات وفصل الخصومات فلا صحة ولا راحة ولا حول ولا قوة.

وعلى كل فالمستعان بالله وما قصدنا سوى خدمة هذا الشرع الشريف واقامة الحق والعدل وكسح ما شاع من الأباطيل والأضاليل والأمل فيكم ايدكم الله ان نجد منكم اقوى ساعد ومساعد ونرى اثر مساعيكم الكريمة وارشاداتكم الثمينة لأهل آذربايجان عموماً وفي تبريز خصوصاً نرى اثركم وتأثيركم في الفريب العاجل محسوساً وملموساً تعاوناً في نصرة الحق ونشر الحقيقة وقمع الباطل واي ذات كريمة اولى من ذاتك الشريفة في نصرة الشريعة، وعرّفونا وصول هذه الأجوبة ورأيكم فيها، والله يحفظك ويرعاك بدعاء. ــ الأب الروحي.

محمد الحسين

(11)ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الملقب بـ(المفيد) شيخ ــ الأمامية ورئيس الشيعة الأثنا عشرية صاحب المؤلفات النفيسة والآثار الخالدة تولد سنة (326)هـ، وتوفي ببغداد سنة (413)هـ.

(12) الشاه اسماعيل بن سلطان حيدر الموسوي الصفوي من اكبر سلاطين الشيعة الأمامية ولد سنة (892)هـ، وامه كريمة جدنا السلطان حسن بك آق قوينلو المعروف بـ(اوزون حسن) فأن والده حيدر كان ابن اخت الحسن بك وصهراً على ابنته ايضاً كما ان جدنا الفقيه الشهيد في اعماق السجون وظلمات الجباب الأمير عبد الوهاب الحسني الطباطبائي (شيخ الأسلام) الشهير (قدس سره) كان صهراً آخر ايضاً للحسن بك اطلب تفصيل ذلك من كتابنا (خاندن عبد الوهاب).

(14) اشارة الى القاعدة او النصيحة التي ذكرها الشيخ الرئيس ابن سينا (رحمه الله ) في النمط العاشر من كتابه (الإشارات) وقال: (نصيحة: اياك ان يكون تكيسك وتبرؤك عن العامة هو ان تبرئ منكر الكل شيء فذلك طيش وعجز وليس الخرق في تكذيبك ما لم يستبن لك بعد جلبته دون الخرق في تصديقك به ما لم تقم بين يديك ببينة بل عليك الاعتصام بحبل التوقف وان ازعجك استنكار ما يوعاه سمعك ما لم تتبرهن استحالته لك فالصواب ان يسرح امثال ذلك الى بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان) وقال المحقق الطوسي (قدس سره) في شرحه: (والغرض من هذه النصيحة النهي عن مذاهب المتفلسفة الذين يرون انكار ما لا يحيطون به علماً: حكمة وفلسفة والتنبيه على ان انكار احد طرفي الممكن من غير حجة ليس الى الحق اقرب من الأقرار بطرفه الأخر من غير بينة بل الواجب في هذا المقام التوقف).

القاضي الطباطبائي

(27) سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس القرشية العامرية. عدها شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) في رجاله من الصحابيات وكذلك جمع من العلماء اهل السنة وكانت قبل ان يتزوجها رسول الله (ص ) تحت ابن عم لها يقال له: السكران بن عمرو. ولما اسلمت وبايعت النبي (ص ) اسلم زوجها معها وهاجرا جميعاً الى ارض الحبشة فلما توفي عنها تزوجها رسول الله (ص ) وكان ذلك في شهر رمضان سنة عشر من النبوة بعد وفاة خديجة بمكة وقيل سنة ثمان للهجرة على صداق قدره اربعمائة درهم وهاجر بها الى المدينة وكانت امرأة ثقيلة ثبطة ومن فواضل عصرها واسنت عند رسول الله (ص ) ولم تصب منه ولداً. ووهبت ليلتها لعائشة حين اراد طلاقها فقالت: لا تطلقني وامسكني واجعل يومي لعائشة لا رغبة لي في الرجال وانما اريد ان احشر في ازواجك ففعل (ص) فنزلت: فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما والصلح خير. وروى محمد بن اسحاق عن حكيم بن حكيم عن محمد بن علي بن الحسين عن ابيه (ع ) قال: كان جميع ما تزوج رسول الله (ص ) خمس عشرة امرأة وكان اول امرأة تزوجها بعد خديجة بنت خويلد سودة بنت زمعة. وذكر النسابة محمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة (245)هـ بسر من رأى في زمن خلافة المتوكل العباسي ــ في كتابه (المحبر) ص79 طبعة حيدر آباد الدكن. ان سودة (كانت قد رأت في المنام ان النبي (ص ) اقبل يمشي حتى وطئ على عنقها فأخبرت زوجها فقال: وابيك لأن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك محمد (ص ) ثم رأت في المنام ليلة اخرى كأن قمراً انقض عليها من السماء وهي مضطجعة فأخبرت زوجها فقال: وابيك لا البث الا يسيراً حتى اموت ثم تتزوجين من بعدي فأشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث الا قليلا حتى مات، فتزوجها النبي (ص ) ثم طلقها تطليقة وكانت كبرت فبلغها ذلك فجمعت ثيابها، ثم جلست على طريقه الذي يخرج منه الى الصلاة فما دنا منها بكت، ثم قالت: يا رسول الله (ص ) هل غمصت عليّ في الإسلام؟ فقال: اللهم لا، فقالت: فأني اسألك لما راجعتني فراجعها فقالت له: يا رسول الله (ص) يومي لعائشة في رضاك لأنظر الى وجهك فوالله ما بي ما تريد النساء ولكني احب ان يبعثني الله في نسائك يوم القيامة وكانت حاضنة ولده (ص ) توفيت سودة بالمدينة في شوال سنة (54)هـ.

ثم ان سودة التي كانت في زمن خلافة امير المؤمنين (ع ) هي سودة بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية وهي شاعرة من شواعر العرب ذات فصاحة وبيان ووفدت على معاوية فأستأذنت عليه فأذن لها: فلما دخلت عليه سلمت فقال لها: كيف انت يا ابنة الأشتر؟ قالت بخير قال لها: انت القائلة لأبيك:

شمر كفعل ابيك يا ابن عمارة

 

يوم الطعان وملتقى الأقران

 

وانصر علياً والحسين ورهطه

 

واقص لهند وابنها بهوان

 

ان الأمام اخا النبي محمد

 

علم الهدى ومنارة الأيمان

 

فقد الجيوش وسر امام لوائه

 

قدماً بأبيض صارم وسنان

 

قالت: أي والله ما مثلي من رغب عن الحق او اعتذر بالكذب قال لها: فما حملك على ذلك؟ قالت: (حب علي واتباع الحق) الى آخر كلامها مع معاوية. ولله درها وقد اشادت بالحق وصدعت بما يرضي الله ورسوله (ص ) وصارحت بما في نفسها من حب امير المؤمنين (ص ) وجاهرت به في وجه معاوية عدو الإسلام ومبغضه الذي صارت الخلافة الإسلامية بيده ملكاً عضوضاً وسلطنة كسروية.

((المصادر)) انظر بلاغات النساء. العقد الفريد. رجال الشيخ الطوسي. تنقيح المقال. اسد الغابة. الإصابة. الاستيعاب. طبقات ابن سعد. المحبر. التاريخ الصغير للبخاري. شرح الزرقاني على المواهب. اعلام النساء ــ.

القاضي الطباطبائي

(28)مارية بنت شمعون القبطية من فواضل نساء عصرها عدها جمع من علماء الرجال من الصحابيات وهي مولاة رسول الله (ص ) وسريته وهي ام ولده ابراهيم بن النبي (ص ) وكانت ام مارية رومية وكانت مارية بيضاء جعدة جميلة فأهداها المقوقس صاحب الأسكندرية الى رسول الله (ص ) سنة (7)هـ ومعها اختها سيرين والف مثقال ذهباً وعشرين ثوباً ليناً وبغلته (دلدل) وحماره (عفير) ومعهم خصى يقال له: مابور وهو شيخ كبير وبعث كل ذلك مع حاطب بن ابي بلتعة وعرض حاطب على مارية الإسلام ورغبها فيه فأسلمت واسلمت اختها واقام الخصى على دينه حتى اسلم بالمدينة في عهد رسول الله (ص )فاعجب رسول الله (ص )بمارية وانزلها بالعالية وكان رسول الله (ص )يختلف اليها هناك وضرب عليها الحجاب وفي ذي الحجة من سنة ثمان للهجرة ولدت مارية ابراهيم فدفعه رسول الله (ص )الى ام بردة بنت المنذر بن زيد بن النجار فكانت ترضعه. وقالت عائشة: ما غرت على امرأة الا دون ما غرت على مارية وذلك انها كانت= =جميلة من النساء جعدة واعجب بها رسول الله (ص )وكان انزلها اول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان فكانت جارتنا فكان رسول الله (ص )عامة النهار والليل عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولت الى العالية فكان يختلف اليها هناك فكان ذلك اشد علينا ثم رزق الله منه الولد وحرمناه منه قلت: اني اتعجب من غيرة عائشة على مارية كما ان من العجب حقدها على الصديقة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله (ص )وكان من جراء ذلك انه توفيت فاطمة (I)فجاء نساء رسول الله (ص )كلهن الى بني هاشم في العزاء الا عائشة فأنها لم تأت واظهرت مرضاً ونقل علي (ع )عنها ما يدل على السرور. راجع اعلام النساء لعمر رضا كحالة ج2 ص852 ط دمشق.

وتوفيت مارية في خلافة عمر سنة (16)هـ، ودفنت بالبقيع بالمدينة. انظر اعلام النساء. تاريخ الطبري. اسد الغابة. الإصابة. الاستيعاب. طبقات ابن سعد. تنقيح المقال.

القاضي الطباطبائي

(29)(حبرون) بالفتح ثم السكون وضم الراء وسكون الواو ونون اسم القرية التي فيها قبر ابراهيم الخليل (ع ) بالبيت المقدس وقد غلب على اسمها الخليل ويقال لها ايضاً حبرى. قاله ياقوت في معجم البلدان ج3 ص208 وقدم على رسول الله (ص )تميم الداري في قومه وسأله ان يقطعه حبرون فأجابه وكتب له كتاباً انظر نسخته في معجم البلدان ج3 ص209 وهامش كتاب (الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفي (224)هـ ص274 ط مصر.

القاضي الطباطبائي

(31) المولى احمد بن العلامة المولى مهدي النراقي العلامة الفقيه العارف الجامع للمعقول والمنقول من أعاظم الفقهاء ومشاهيرهم في القرن الثالث عشر صاحب المؤلفات الثمينة في مختلف العلوم منها مستند الشيعة في الفقه ومعراج السعادة بالفارسية في الأخلاق وعوائد الأيام والخزائن وغير ذلك وقد نسج في الخزائن على منوال والده في كتابه مشكلات العلوم ولم يكن (قدس سره) فقيهاً محصا بل كان له إلماما بالفنون وله في الأدب والشعر والتأريخ والرد على الأديان الباطلة خطوات شاسعة وديوان شعر بالفارسية يسمى (طاقديس) وقد برز إلى عالم المطبوعات وهو غير ديوانه الفارسي الكبير انظر إلى فهرست مؤلفاته في (ريحانة الأدب بالفارسية) لأستاذنا العلامة ميرزا محمد على المدرس التبريزي ج4 184ط طهران ويروى عنه تلميذه الشيخ الأمام الأنصاري (قدس سره) ورأيت نسخة اجازة روايته له بأصفهان عند بعض الأصدقاء. ويروى الشيخ المترجم له عن العلامة الطباطبائي بحر العلوم وعن والده العلامة الشهير وعن الشيخ الأكبر كاشف الغطاء وعن العلامة المتبحر ميرزا محمد مهدي الشهرستاني كما ان جدنا العالم الرباني ميرزا محمد مهدي القاضي الطباطبائي المتوفي (1241)هـ ايضاً يروى عن استاذه وسميه ميرزا الشهرستاني المذكور.

توفي المترجم له سنة (1244)هـ ودفن بالنجف الأشر في الصحن الشريف العلوى و(نراق) بفتح النون كما هو المشهور في الألسنة وقيل: بكسرها كعراق قرية من قرى بلدة كاشان بايران تبعد عنها عشرة فراسخ.

القاضي الطباطبائي


 

 

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID