عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
قرض
الخميس, صفر 30, 1432 القرض والدين الاستاذ السيد هاشم الموسوي

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
«اذا اراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين‏»
جاءت الرسالة الاسلامية لتوضح للانسان طريق الحياة، وتبني سلوكه ونشاطه ومواقفه على اساس العقيدة والاحكام والقيم الاسلامية.
واذا كان علم الكلام والفلسفة هما المسؤولان عن دراسة آفاق العقيدة الاسلامية ومفرداتها، واذا كان علم الاخلاق قد تعهد بدراسة القيم وفلسفة الاخلاق، فان علم الفقه هو العلم الذي تحمل مسؤولية دراسة الاحكام الاسلامية، وتنظيم النشاطات والعلاقات والمواقف الانسانية في مجالاتها المختلفة العبادية والمالية والقضائية والاسرية والعلاقات الدولية وغيرها من المجالات المتعلقة بالفرد والدولة والمجتمع.
ولقد بذل العلماء جهودا علمية مشكورة في البحث عن ادلة الاحكام، وتنظيم منهج الاستنباط وعملية الاستدلال للكشف عن الاحكام واستنباطها من ادلتها التفصيلية، فاثروا الجانب التشريعي، وشخصوا الاحكام، ودونوا الموسوعات الفقهية والاصولية، فجاءت مثالا للدقة والاتقان العلمي.
ومن الواضح ان علم الفقه هو علم بكامل ما يحوي العلم من مصطلحات وقواعد علمية ومنهج بحث، وموضوع محدد، وغاية مستهدفة ... الخ، لذا دارت ابحاث هذا العلم ودراسته في مستوى العلماء والمتخصصين، فدونت الكتب الفقهية بلغة العلماء ومستوى مناظراتهم العلمية العالية، مما جعل الاستفادة من هذا العلم قضية خاصة بفئة العلماء والمختصين.
ولما كان الجيل المعاصر قد الف نمطا من الاسلوب الكتابي والتعبير العلمي يختلف عما الفه القدماء، لذا فان هذا القارئ - ومثله الطالب المبتدئ - يواجه مشكلة فنية ويعاني من صعوبة بالغة في فهم كتب الفقه والتفقه في الدين، وحيث ان الجميع يشعر بالحاجة الى كتابة الفقه بلغة مدرسية سهلة، ليكون الفقه معرفة ميسرة لمن يريد التفقه او دراسة الفقه خارج دائرة الاختصاص.. وبعد التوكل على الله سبحانه، وانطلاقا من شعورنا بضرورة التثقيف والتفقيه العام جاءت هذه المحاولة البدائية وتبلورت في مشروع اصدار (سلسلة الفقه المدرسي) معتمدين اصلا فقهيا مقررا في الحوزات العلمية، وهو كتاب اللمعة الدمشقية لمؤلفه الشهيد الاول (محمد بن جمال الدين مكي العاملي) الذي عاش ما بين (734 - 786ه)، وشرحه المسمى ب (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) للشهيد الثاني (زين الدين الجبعي العاملي) الذي عاش ما بين (911 - 965ه) عليهما رحمة الله ورضوانه.
قارءنا العزيز: ان محاولتنا التي بين يديك هي محاولة فنية لاعادة كتابة هذين المتنين بلغة مبسطة، ومنهجية اكثر تنظيما للموضوعات والعناوين، لعرض المضمون والمحتوى الذي انطوى عليه هذا المتن الفقهي بلغة عصرية وطريقة ميسرة.
ولكي يتميز متنا المصنف والشارح فقد وضعناهما داخل معقوفتين، وتمييزا لمتن المصنف عن متن الشارح فقد وضعنا متن المصنف بين قوسين.
ان المنهج الذي اتبعناه في كتابة هذه المحاولة سارت خطواته كالاتي:
1 - اعادة صياغة راي المؤلف وشارح آرائه والاراء الاخرى الواردة في كتاب اللمعة وكتابتها بلغة واضحة، وليست بطريقة الشرح المزجي للعبارة.
2 - كلما كان الراي للشهيد الاول اوضحنا نسبته اليه، ليتميز عن راي الشارح وغيره من الاراء.
3 - حاولنا اعادة تنظيم ومنهجة الموضوع وانتزاع العناوين وتثبيتها لتنظيم مادته وترتيب مفرداته.
4 - بعد استقراء ما ورد في المتن وجدنا ان جهود الشارح تركزت في:
ا - شرح عبارات الشهيد الاول (المصنف) واظهار الموافقة على آرائه، اذا اتفق معه في الراي.
ب - الاستدلال احيانا على راي الشهيد الاول واسناد آرائه. ج - مناقشة الاراء التي تتعارض مع آراء الشهيد الاول وآرائه عندما يوافقه في الراي.
د - تسجيل آرائه الخاصة، وابداء المعارضة لراي الشهيد الاول عندما يكون له راي مخالف او مناقشة الاراء الاخرى التي لا تتفق مع رايه.
وقد اوضحنا كل تلك الحالات لنحدد نسبة الاراء الى اصحابها، كما قمنا بتثبيت الروايات التي اشير اليها في المتن، او التي تدعو منهجية التوضيح والبحث الى الاشارة اليها. هذا، وسنواصل بعون الله تعالى اصدار حلقات هذه السلسلة تباعا، وتنبغي الاشارة الى ان (كتاب البيع) قد انجزت موضوعاته وسيعد للطباعة ان شاء الله تعالى. وختاما نسال الله العلي القدير ان يتقبل هذا العمل ويسدد الجهد، انه ولي التوفيق.
القسم الاول
القرض
هيكلية البحث
ومما تجدر الاشارة اليه ان المصنف(رحمه الله) قد بدا البحث في القرض واحكامه، ثم‏عرض احكام الدين -بعد ذلك -بصورة عامة من غير ان يعرف القرض والدين.
ولكي تتحدد منهجية البحث، وتنتظم موضوعاته في ذهن القارئ فلننتزع منها العناوين الاساسية مرتبة كالاتي:
1 - مقدمة البحث. 2 - تعريف القرض والدين.
3 - فضل القرض.
4 - صيغة العقد.
5 - المتعاقدان.
6 - محل العقد.
7 - احكام القرض.
ابعاد القرض الاقتصادية والاخلاقية
الاسلام رسالة الهية استهدفت بناء الفرد والجماعة بناء اخلاقيا وقانونيا وعقائديا متماسكا، واعتبرت الاخلاق وتربية الوجدان والضمير هي الاساس والقاعدة في بناء المجتمع والحضارة والدولة، لذا فقد ربطت بين الاخلاق والعقيدة والقانون في بنائها للفرد والمجتمع، ولذا فالشخصية الانسانية ما لم تنضج وتتكامل بنيتها الداخلية، ويحصل فيها التغيير الذاتي الشامل لا يمكن ان يطبق القانون الاسلامي وتنتظم الحياة الاجتماعية بابعادها المختلفة، السياسية والاقتصادية والامنية والممارسة الفردية... الخ.
فالجانب الاخلاقي يشكل السلطة الداخلية التي تراقب تطبيق القانون والنظام والقوة الحامية لهما.
لذا اهتم الاسلام بالتربية الاخلاقية، واكدها فى كل مورد ومجال من معالجاته وتوجيهاته وتشريعاته..
ومن التشريعات ذات الدلالة والاهداف الاخلاقية والوجدانية هو تشريع الدين والقرض وما ارتبط بهما من احكام وقوانين وتوجيهات تربوية واخلاقية، فالدين - كما هو معروف - معاملة مالية ذات نتائج وآثار واسعة في الحياة الاقتصادية والمعاشية للافراد والمؤسسات والدول، اضافة الى كونه عملا اخلاقيا وانسانيا نبيلا، لذا فالاسلام يريد ان يجعل من الدين ظاهرة حضارية وعملا اخلاقيا ساميا، اضافة الى الاهداف الاقتصادية والمالية التي يستهدفها من وراء ذلك، لانعاش حياة الفرد والمجتمع وتطويرهما، ويرفض ان يكون الدين وسيلة للاستغلال واداة بيد الجشعين والمستغلين من المرابين ومصاصي الدماء.
لذا حرم هنا الربا - ربا القرض - بمختلف اشكاله والوانه، واعتبر القرض افضل من الصدقة، وان من يقرض محتاجا فانه يقرض الله سبحانه، وعلى الله جزاؤه.
وورد في الاحاديث الشريفة ما يؤكد هذه الدعوة، ويحث عليها، كما سيمر عليك بعضها.
وكما دعا الاسلام اصحاب المال والمقتدرين على اقراض المحتاجين وتاجيل المعسر دعا المدين الى الحرص على اداء الدين، واوجب عليه نية القضاء، واعتبر المقترض الذي لا ينوي ارجاع المال الى صاحبه لصا ياكل حراما .. اضافة الى ما اتخذ بحقه من اجراءات قضائية، واكد من ضمانات قانونية لحماية حق الدائن.
فقد روى ابو هريرة عن النبي (ص): «لا تزال نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين‏».
وعن معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبدالله (ع): «انه ذكر لنا ان رجلا من الانصار مات وعليه ديناران دينا فلم يصل عليه النبي (ص)، وقال: صلوا على صاحبكم، حتى ضمنهما عنه بعض قرابته، فقال ابو عبدالله (ع): ذلك الحق. ثم قال:
ان رسول الله (ص) انما فعل ذلك ليتعاطوا وليرد بعضهم على بعض، ولئلا يستخفوا بالدين. وقد مات رسول الله (ص) وعليه دين، وقتل امير المؤمنين(ع) وعليه دين، ومات الحسن (ع) وعليه دين، وقتل الحسين (ع) وعليه دين‏».
وورد عن رسول الله (ص): «مطل الغني ظلم‏». وقال (ص): «الف درهم اقرضها مرتين احب الي من ان اتصدق بها مرة، وكما لا يحل لغريمك ان يمطلك وهو موسر، فكذلك لا يحل لك ان تعسره، اذا علمت انه معسر».
وعن ابي خديجة عن ابي عبدالله الصادق (ع) قال: «ايما رجل اتى رجلا فاستقرض منه مالا، وفي نيته ان لا يؤديه، فذلك اللص العادي‏».
وتساهم القروض في حل مشاكل الفرد والمجتمع والدولة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، فالدين يعتبر في عصرنا الحاضر مصدرا اساسيا للتنمية الاقتصادية في العديد من دول العالم وخصوصا في العالم الفقير، المعبر عنه بالعالم الثالث. تلك الدول التي ربطت بسبب الديون بقيود الاستغلال الاقتصادي والتبعية السياسية والمؤسسات الاحتكارية، فاصبح الكثير منها خصوصا الدول النامية، التي بلغت مجموع ديونها مئات المليارات، لا تستطيع تسديد الفوائد الربوية فضلا عن تسديد ديونها الاصلية، مما يضطرها الى اعادة جدولة ديونها، ودفع الارباح المركبة من ارباح الدين الاصلي وارباح الفوائد المترتبة عليها.
وتقوم البنوك والمؤسسات المالية بدور واسع في عملية الديون والقروض، وهي في كل انحاء العالم غير الملتزم بالاسلام بنوك ومؤسسات ربوية تضطهد الانسان وتستغله.
وقد بنى الاسلام عملية القروض في المجتمع على اساس اخلاقي غير ربوي.
فالقروض التي يحاول الافراد الحصول عليها لاجل سد الحوائج الشخصية، كحاجة السكن والزواج، او العلاج.. الخ، هي قروض محدودة يمكن ان تتحملها الدولة الاسلامية والمؤسسات الخيرية والافراد المحسنون لقاء رهان او ضمان مالي، ولا تشكل مشكلة اقتصادية في المجتمع الذي يؤمن بالله واليوم الاخر، ويعطي الاجر الالهي قدره وقيمته.. اما القروض الربوية التي تمنحها البنوك والمؤسسات والشركات للاعمال الانتاجية والتنموية .. فيمكن لهذه المؤسسات المالية ان تتحول من مقرض ودائن الى شريك او مضارب في تلك المؤسسات الانتاجية او التجارية او الخدمية التي تمولها.
ولقد اولى التشريع الاسلامي قضية الدين اهمية بالغة، فافرد الفقهاء بابا خاصا بهذا الموضوع كما افردوا ابوابا اخرى ترتبط بالدين ارتباطا مباشرا، واخرى ذات علاقة بها، كالرهن والتفليس اللذين شرعا من اجل حفظ حقوق الدائن واستحصالها.
كما بحثت كثير من مسائله في احكام الحجر والحوالة والربا.. اضافة الى تناول وبحث بعض الاحكام المتعلقة به في باب المضاربة والابراء والميراث والاحكام القضائية ومسؤولية الحاكم الشرعي.. الخ، والذي يراجع ابواب الفقه تلك يعرف سعة الاهتمام والمساحة التشريعية التي تشغلها احكام هذا الموضوع، خصوصا وان الدراسات المالية في الفقه الاسلامي تدور ابحاثها حول اربعة موضوعات هي:
1 - الممتلكات العينية. 2 - المال الكلي الذي في الذمة.
3 - الحقوق المالية، كحق الشفعة والتحجير وحق النفقة.
4 - المنفعة ،كمنافع الممتلكات العينية.
فاحتلت ابحاث الدين مساحة واسعة من التشريعات والاحكام المالية.
مرتكزات اساسية
وباستقراء الايات والروايات والاحكام التي دعت الى الاقراض ونظمت‏حقوق الدائن والمدين، واتخذت الاحتياطات اللازمة لحفظها نستطيع ان نثبت ما يلي:
1 - ان الشريعة الاسلامية تحث اصحاب المال على اقراض المحتاج، وتعتبر القرض افضل من الصدقة.
2 - حرمت الشريعة الاسلامية ربا القرض واخذ الزيادة بمختلف اشكالها، سواء اكانت تلك الزيادة في الاعيان او المنافع.
3 - اباحت الشريعة الاسلامية، بل وحثت على التطوع بزيادة يعطيها المقترض للدائن من غير شرط او اجبار.
واستثني من احكام الربا الدين الواقع بين المسلم والكافر الحربي، فمن حق المسلم ان يقرض الكافر الحربي قرضا، وياخذ منه الفائدة والزيادة، كما استثني من الحرمة ايضا الوالد وولده والزوج وزوجته - كما يذهب مشهور الفقهاء الى ذلك - واجازت لكل منهم ان يقرض الاخر، وياخذ منه الفائدة والزيادة.
4 - اوجبت الشريعة الاسلامية على المقترض نية القضاء واعتبرت من اقرض مالا وليس في نيته ان يقضي ما عليه من دين لصا وسارقا.
5 - اذا اعسر المدين ولم يستطع اداء دينه، وجب تاجيله وانظاره من قبل دائنه، حتى يتمكن من الاداء.
6 - حببت الشريعة الاسلامية للدائن ان يتنازل عن دينه للمدين المعسر، واعتبرت ذلك صدقة عظيمة.
7 - وتشجيعا للاقراض، وتحقيقا للفائدة في مجالها المادي لصاحب المال اعفت الشريعة الاسلامية الدائن من دفع زكاة المال المقترض.
فالدائن الذي حرم عليه الربح الربوي، يجد نفسه قد حقق ربحا ماديا بطريقة اخرى، وهو اعفاء راس ماله من الزكاة، اضافة الى الاجر والثواب الذي من الله عليه به.
8 - اتخذت الشريعة الاسلامية اجراءات قانونية وقضائية للحفاظ على حق الدائن واستحصال ديونه، وهي:
ا - دعت الى كتابة وتثبيت الدين في سندات مكتوبة. ب - دعت الى الاشهاد على الدين، كما دعت الى الرهن كوثيقة للحفاظ على حق الدائن، ومنعته من التصرف فيه الا باذن المدين.
ج - اعتبرت الديون المؤجلة حالة يجب الوفاء بها عند موت المدين.
د - اعتبرت صاحب الدين احق من غيره بماله اذا وجده عند المدين بعد اعلان افلاسه ولم يتصرف به.
ه - اوجبت الشريعة الاسلامية اخراج الدين من مال الميت قبل تنفيذ وصيته وقبل قسمة ميراثه.
و - اوجبت اخراج دين القتيل من ديته. ز - حرمت مماطلة المدين والتوائه على الدائن.
ح - اعطت القضاء صلاحية حبس المدين المدعي للاعسار حتى يثبت اعساره، فان لم يثبت اعساره الزم بقضاء الدين، فان رفض ذلك حجر القضاء على امواله وقام ببيع ما يصح بيعه منها، وتسديد حقوق الدائنين من تلك الاموال.
ط - اعتبرت الديان شركاء متساوين في مال الميت والمفلس حفظا لحقوق الجميع.
ي - اجازت الدائن ان يبيع دينه على اي شخص شاء (المدين وغيره).
ك - اجازت المدين ان يحول الدائن على اي شخص شاء، بشرط موافقة الدائن والمحول عليه.
ل - منعت من قسمة الدين بين الشركاء لئلا تضيع حقوق بعضهم.
م - اجازت المصالحة بين الدائن والمدين بشرط ان تكون بعيدة عن الربا.
ن - اعتبرت الحاكم الشرعي مسؤولا عن قضاء دين من لا قاضي له.
س - خصصت الشريعة الاسلامية حصة من الزكاة لقضاء دين العاجز عن قضاء دينه، ان لم يحدث العجز بسبب الانفاق في معصية.
تعريف القرض والدين:
[ ( القرض ) بفتح القاف وكسرها]
يستخدم العلماء مصطلحي (القرض) و(الدين) في دراساتهم وابحاثهم الفقهية، كما ويستخدم الاخرون هذين المصطلحين في مجالي المال والاقتصاد ايضا.
وربما اختلط مفهوما المصطلحين على البعض من الناس، لذا فان من المفيد للقارئ والدارس ان نعرف كلا من القرض والدين، ونوضح الفرق بينهما، كما وضحه الفقهاء.
القرض في اللغة:
جاء في لسان العرب لابن منظور: «انه يقال: اقرضت فلانا، وهو ما تعطيه ليقضيكه‏».
ونقل عن الجوهري انه قال: «القرض ما يعطيه من المال ليقضاه. والقرض لغة فيه‏».
القرض اصطلاحا:
واذا كان هذا هو معنى القرض في اللغة فقد عرف باصطلاح الفقهاء بانه: «تمليك مال لاخر بالضمان، بان يكون على عهدته اداؤه بنفسه او بمثله او قيمته‏».
ويقال للمملك المقرض، وللمتملك المقترض والمستقرض.
الدين في اللغة:
جاء في لسان العرب «والدين: واحد الديون، معروف. وكل شي‏ء غير حاضر دين. والجمع ادين - مثل اعين - وديون...
ودنت الرجل: اقرضته فهو مدين ومديون. ابن سيده: دنت الرجل وادنته، اعطيته الدين الى اجل .. والمدين: الذي يبيع بدين .. وتداينوا: تبايعوا بالدين...».
الدين في المصطلح:
اما تعريف الدين في مصطلح الفقهاء فهو « مال كلي ثابت في ذمة شخص لشخص آخر ».
ويقال لمن اشتغلت ذمته به المدان والمديون، وللاخر الدائن والغريم.
مثل المال المقترض، وعوض السلعة المؤجل، ونفقة الزوجة..
. الخ، وهكذا يتضح ان كل قرض هو دين، وليس كل دين هو قرض.
كيف ينشا الدين؟
ولنشوء الدين في الذمة سببان هما: 1 - السبب الاختياري: مثل: القرض، ومهر الزوجة، وثمن السلعة، واجرة الدار، وعوض العمل اذا كانت هذه الاعواض مؤجلة، فان هذه الديون تتحقق في ذمة الشخص باختياره.
2 - السبب القهري: وكما ينشا الدين في ذمة شخص باختياره فانه يتحقق في الذمة ايضا بسبب قهري مثل:
الضمان، والجناية، ونفقة الزوجة، فان الشخص يكون مدينا للمضمون له، وللزوجة المستحقة للنفقة، ونحو ذلك من دون ان يستدين.
ومما تجدر الاشارة اليه ان المصنف بدا البحث في القرض  (شروطه واحكامه) ثم ذكر احكام الدين بشكل عام. وتبعه الشارح في ذلك.
فضل القرض:
[وفضله عظيم (والدرهم منه بثمانية عشر درهما مع ان درهم الصدقة بعشرة) قيل: والسر فيه ان الصدقة تقع في يد المحتاج وغيره، والقرض لا يقع الا في يد المحتاج غالبا وان درهم القرض يعود فيقرض ثانيا، ودرهم الصدقة لا يعود.
واعلم ان القرض لا يتوقف على قصد القربة، ومطلق الثواب يتوقف عليها، فليس كل قرض يترتب عليه الثواب، بخلاف الصدقة فان القربة معتبرة فيها، فاطلاق كون درهم القرض بثمانية عشر اما مشروط بقصد القربة، او تفضل من الله تعالى من غير اعتبار الثواب بواسطة الوجهين، وقد يقع التفضل على كثير من فاعلي البر من غير اعتبار القربة كالكرم] .
لقد حثت الشريعة الاسلامية على الاقراض لقضاء حوائج المحتاجين وحل مشاكلهم المالية والاجتماعية، ولذا حكم الفقهاء باستحبابه، بل ذهب بعضهم الى انه من المستحبات المؤكدة سيما لذوي الحاجات.
وقد اشارت روايات عديدة الى فضل القرض، فقد روى الامام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) قوله: «من اقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره، كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه‏».
وعنه (ص): «من اقرض اخاه المسلم كان له بكل درهم اقرضه وزن جبل احد من جبال رضوى وطور سيناء حسنات، وان رفق به في طلبه تعدى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب، ومن شكا اليه اخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين‏».
ومن ذلك ما رواه ابن ابي عمير عن هيثم الصيرفي وغيره عن ابي عبدالله الصادق (ع) قال: «القرض الواحد بثمانية عشر، وان مات حسبتها من الزكاة‏».
وكما حثت الشريعة الاسلامية على اقراض المحتاج، فانها كرهت الاقتراض، وتخف هذه الكراهة مع الحاجة وتشتد كلما خفت الحاجة اليه. غير ان الاقتراض ربما كان واجبا اذا توقف عليه امر واجب كحفظ النفس او العرض.
هذا، وقد اوضح المصنف والشارح في هذا المقطع ما يلي: 1 - ان الاجر والثواب العائدين على من يقرض درهما هما اعظم من الاجر والثواب العائدين على من يتصدق بدرهم، فدرهم القرض فيه ثماني عشرة حسنة، ودرهم الصدقة فيه عشر حسنات.
2 - قام الشارح بتقديم تفسير وتحليل لهذا التفضيل بالاتي: ا - ان الصدقة تقع في يد المحتاج وغيره،والقرض‏لا يقع الا في يد المحتاج غالبا، ولذا يكون القرض افضل من الصدقة.
ب - ان القرض يستعيده صاحبه ويقرضه مرة اخرى، فيبقى يؤدي وظيفته الاقتصادية بحل المشاكل، ومعالجة الحاجة، في حين ينتهي دور درهم الصدقة بتسليمه الى المحتاج.
3 - اوضح المصنف علاقة قصد القربة (النية) بالاجر والثواب فثبت ان مطلق الثواب يتوقف عليها.
4 - ان القرض لا يتوقف على قصد القربة فهو من الاعمال التي لا تحتاج صحتها الى نية، بخلاف الصدقة فان القربة معتبرة فيها، فكيف يثاب شخص على قرضه من غير قربة اكثر مما يثاب متصدق قصد بفعله القربة لله تعالى! مع ان مطلق الثواب - كما ذكر الشارح - يتوقف على قصد القربة الى الله تعالى.
يجيب الشارح على ذلك بالاتي: ا - ان هذا التفضيل اما ان يكون مشروطا بقصد القربة، اي ان المقرض يستحق هذا الثواب بشرط قصد القربة الى الله تعالى.
ب - ان ما يعطاه المقرض في عالم الاخرة هو تفضل من الله عليه، وليس باعتباره ثوابا يتحقق بواسطة الوجهين، اي ان درهم الصدقة يقع في يد المحتاج وانه يعود فيقرض ثانية، فيزاد لذلك في ثواب المقرض. فالتفضل من الله يقع لفاعلي البر من غير اعتبار القربة، ومثاله تفضل الله بالثواب على الكريم مع ان الكرم ليس فيه نية قربة.
صيغة العقد :
[ويفتقر القرض الى ايجاب وقبول. (والصيغة اقرضتك، او انتفع به، او تصرف فيه)، او ملكتك او اسلفتك، او خذ هذا، او اصرفه (وعليك عوضه)، وما ادى هذا المعنى، لانه من العقود الجائزة، وهي لا تنحصر في لفظ، بل تتادى بما افاد معناها، وانما يحتاج الى ضميمة «وعليك عوضه‏» ما عدا الصيغة الاولى فانها صريحة في معناه لا تفتقر الى انضمام امر آخر (فيقول المقترض: قبلت وشبهه) مما دل على الرضا بالايجاب، واستقرب في الدروس الاكتفاء بالقبض، لان مرجعه الى الاذن في التصرف، وهو حسن من حيث اباحة التصرف. اما افادته للملك المترتب على صحة القرض فلا دليل عليه، وما استدل به لا يؤدي اليه].
ويقصد بصيغة العقد مجموع العبارات الدالة على الايجاب والقبول من طرفي العقد، وواضح ان القرض عقد، وهذا العقد - حسب راي المصنف والشارح -يحتاج انشاؤه الى الايجاب والقبول اللفظيين من الطرفين.
وهناك عبارات كثيرة دالة على قصد الطرفين، ومعبرة عن الايجاب والقبول وهي:
1 - الايجاب: ويقع الايجاب من المقرض باستخدام احدى العبارات التي يعبر بها عن رضاه باقراض الطرف الاخر، ولكن تارة يقع الايجاب بعبارات صريحة في المراد من دون قرينة، مثل (اقرضتك) الصريحة بمعناها اللغوي الدال على القرض والوفاء، دون الحاجة الى عبارة اخرى موضحة لقصد الاقراض، فاذا اطلق هذه العبارة اكتفى بها، ودلت على قصده، لانها موضوعة للدلالة على هذا المعنى، ويصح ايضا ان يستخدم عبارات اخرى غير صريحة في المراد ولكن مع نصب قرينة، مثل: (خذ هذا المال) او (انتفع به) او (تصرف فيه) او (اسلفتك) او (ملكتك) . . . الخ. ولكنه اذا استخدم هذه العبارات احتاج الى اضافة عبارة اخرى دالة على تادية العوض، وذلك لان هذا العقد هو من العقود الجائزة وصيغ العقود الجائزة، لا تنحصر في لفظ معين، بل تنشا باي لفظ يعبر عن القصد.
2 - القبول: وهو الجزء الثاني من العقد فلا بد منه والا لا يتم العقد، فلكي يتم عقد الاقراض فعلى المقترض ان يعبر عن قبوله بالاقراض، فيقول (قبلت) او (رضيت) وامثال ذلك من الالفاظ الدالة على الرضا.
واذا كان المصنف يرى افتقار القرض الى صيغة معبرة عن القبول هنا، فانه استقرب في كتابه (الدروس ) الاكتفاء بقبض المال المقترض، دون حاجة الى لفظ، فقد قال: (والاقرب الاكتفاء بالقبض، لان مرجعه الى الاذن في التصرف).
وعلق الشارح على ما ذكره المصنف في الدروس «بانه حسن من حيث ان الاقباض يدل على اباحة التصرف فيما اقرض من مال، لا ان القبض يفيد الملك‏».
معللا ذلك بعدم وجود دليل يدل على ان المقترض يصير مالكا للقرض بمجرد قبضه من غير حاجة الى تعبير لفظي عن القبول.. فليس تملك المقترض الا نتيجة لصحة القرض، وصحة القرض تتوقف - حسب رايه -على الايجاب والقبول اللفظيين الدالين على الرضا . فان القبض عنده لا يسد مسد القبول اللفظي.
ثم اوضح ان ما استدل به على افادة القبض للملك من غير تعبير لفظي عن القبول لا يفيد ذلك، بل ان دليله يفيد الاباحة، والبحث - هنا - يدور حول انتقال الملكية بواسطة القرض، وليس في اباحة التصرف.
عدم جواز اشتراط النفع:
[ ( ولا يجوز اشتراط النفع )، للنهي عن قرض يجر نفعا (فلا يفيد الملك) لو شرطه سواء في ذلك الربوي وغيره، وزيادة العين، والمنفعة (حتى لو شرط الصحاح عوض المكسرة، خلافا لابي الصلاح) الحلبي(رحمه الله)، وجماعة حيث جوزوا هذا الفرد من النفع، استنادا الى رواية لا تدل على مطلوبهم، وظاهرها اعطاء الزائد الصحيح بدون الشرط، ولا خلاف فيه بل[لا] يكره، وقد روي ان النبي (ص) اقترض بكرا فرد بازلا رباعيا، وقال: «ان خير الناس احسنهم قضاء»].
واضح ان الشريعة الاسلامية قد حرمت الربا تحريما مشددا، وادلته في الكتاب والسنة واضحة ومتظافرة، كقوله تعالى:
(قالوا انما البيع مثل الربا واحل الله البيع وحرم الربا) وغيرها من الايات والاحاديث التي تحدثت عن حرمة هذا العمل الاقتصادي المدمر.
وقد قسم الفقهاء في دراساتهم الفقهية الربا الى قسمين هما: 1 - ربا المعاملة، كالربا الذي يحصل في البيع والشراء والصرف ... وامثال ذلك.
2 - ربا القرض، وهو الربا الذي يحصل في عملية القرض، وقد حرمت الشريعة الاسلامية كل انواع المنافع التي تجرها عملية القرض، لذلك نجد المصنف والشارح يثبتان: بانه لا يجوز اشتراط المنفعة في القرض، فكل منفعة يجرها القرض فهي ربا محرم. فلو اقرض شخص شخصا الف دينار، واشترط عليه الزيادة العينية على راس المال فهي ربا محرم، سواء اقلت تلك الزيادة او كثرت، ومن اي جنس كانت، سواء من الدنانير الورقية او القمح او القماش او الذهب، او غيرها من الاعيان الاخرى، فان الربا يتحقق في القرض بكل الاجناس، سواء منه المكيل والموزون والمعدود والنقدان المسكوكان ( الذهب والفضة ) وغير ذلك، فليس هناك جنس ربوي وآخر غير ربوي بالنسبة للقرض.
كما يتحقق الربا هذا في القرض اذا اشترطت المنفعة غير العينية ايضا زائدة على الالف دينار في المثال، كالخدمات الطبية والتعليمية والنقل ومنفعة السكن في الدار... الخ.
وكذا لو كانت الزيادة في الصفة، كان يقرض دراهم مكسرة ويشترط ارجاع الصحاح.
وقد استدل الشارح لهذا التحريم الشامل لكل زيادة في الاعيان والمنافع والصفات بالروايات الناهية عن ذلك، كقول الرسول (ص): «كل قرض جر منفعة فهو ربا»، كما ويدل عليه ايضا ما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادق (ع): «قال:
سالته عن الرجل يسلم في بيع او تمر عشرين دينارا، ويقرض صاحب السلم عشرة دنانير او عشرين دينارا، قال: لا يصلح اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح، قال: وسالته عن رجل ياتي حريفه وخليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه، ولولا ان يخالطه ويحارفه ويصيب عليه لم يقرضه، فقال: ان كان معروفا بينهما فلا باس، وان كان انما يقرضه من اجل انه يصيب عليه، فلا يصلح‏».
وورد عن محمد بن قيس عن ابي جعفر(ع): قال: «من اقرض رجلا ورقا، فلا يشترط الا مثلها، فان جوزي اجود منها فليقبل، ولا ياخذ احد منكم ركوب دابة او عارية متاع يشترط من اجل قرض ورقه‏»، الى غير ذلك من الروايات.
اما اذا تبرع المقترض للمقرض بشي‏ء من المال او المنفعة، فانه جائز بل يفتي الفقهاء باستحباب الزيادة في القرض تطوعا.
ثم ذكر المصنف ان ابا الصلاح الحلبي(رحمه الله) خالف في ذلك، فاستثنى من التحريم حالة واحدة، وهي ما لو اقرض شخص شخصا نقودا مكسورة واشترط عليه ان يكون الوفاء بنقود سليمة غير مكسورة، فانه يجوز ذلك، وصح هذا القرض وصح الشرط ايضا.
بينما يرى المصنف والشارح بطلان مثل هذا القرض الذي تشترط فيه الزيادة، للنهي عنه.
مناقشة الشارح:
واضاف الشارح ان جماعة من الفقهاء وافقوا ابا الصلاح على هذا الراي، مستندين الى رواية يعقوب بن شعيب عن الصادق (ع): «قال: سالت ابا عبدالله عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فياخذ منها[ منه يب] الدراهم الطازجية، طيبة بها نفسه، فقال: لا باس به، وذكر ذلك عن علي(ع)».
وعلق الشارح على استفادة ابي الصلاح وجماعة من الفقهاء جواز اشتراط النفع في هذه الحالة من تلك الرواية بانها استفادة غير صحيحة، فالرواية لا تدل على ما ذهبوا اليه، فظاهرها اعطاء الزائد الصحيح بدون اشتراط النفع، والكلام انما هو مع الاشتراط.
ثم عقب موضحا ان لا خلاف في صحة اخذ الزيادة من غير شرط، بل لا يكره ذلك.. واستدل بفعل الرسول (ص)، انه:
اقترض بكرا فرد بازلا رباعيا..
ثم عزز ذلك بقول الرسول (ص): «خير الناس احسنهم قضاء». وهو يشير بذلك الى ما رواه ابو رافع: «ان رسول الله (ص) استلف من رجل بكرا فقدمت عليه ابل من ابل الصدقة فامر ابا رافع ان يقضي الرجل بكره، فرجع اليه ابو رافع، فقال: لم اجد فيها الا خيارا رباعيا، فقال: اعطه اياه، ان خيار الناس احسنهم قضاء».
المتعاقدان: ( الشروط التي يجب توفرها في طرفي القرض ): [ (وانما يصح اقراض الكامل) على وجه يرتفع عنه الحجر في المال، واراد كمال المتعاقدين معا باضافة المصدر الى الفاعل والقابل].
لكي يكون القرض صحيحا، فلا بد من ان تتوفر الاهلية التامة في كل من المقرض والمقترض التي تخولهما في التصرف المالي.
فان اهلية التصرف المالي تتمثل في: 1 - ان يكون كل منهما بالغا.
2 - ان يكون كل منهما عاقلا.
3 - عدم الحجر على تصرفاتهما المالية بسبب السفه او الافلاس. ويشترط ايضا في صحة هذا العقد القصد والاختيار.
محل العقد: (المثلي والقيمي): [ ( وكل ما تتساوى اجزاؤه) في القيمة والمنفعة، وتتقارب صفاته كالحبوب والادهان (يثبت في الذمة مثله، وما لا يتساوى) اجزاؤه كالحيوان (تثبت قيمته يوم القبض)، لانه وقت الملك].
يعتبر في المال المقترض ان يكون عينا فلا يصح اقراض الدين ولا المنفعة.
ويقسم الفقهاء عادة المال، كالنقود والقمح والحيوان... الخ الى قسمين:
1 - قسم يدعى المثلي. 2 - وآخر يدعى القيمي.
والمثلي في تعريف المصنف والشارح هو ما تتساوى اجزاؤه في القيمة والمنفعة وتتقارب صفاته، مثل الدينار والقمح...
فان المائة دينار تعادل تماما مائة دينار اخرى، ومائة كيلو من الحنطة تعادلها مائة كيلو اخرى من الحنطة، وعلى ذلك فهي تقدر بالمثل.
اما القيمي.. فهو الذي لا تتساوى اجزاؤه في القيمة والوصف والمنفعة، كالاغنام مثلا، فالخروف الذي عمره ستة اشهر، ليس كالخروف الذي عمره سنتان من حيث الوزن والصفة والمنفعة. لذلك تختلف اقيام الاغنام، وتقدر بشكل يناسب وزنها وصفاتها ومنافعها.
راي المصنف والشارح:
يرى المصنف والشارح ان القرض صحيح وجائز في الاعيان القيمية كما هو صحيح وجائز في الاعيان المثلية.
وعلى المقترض ان يؤدي الى دائنه مثلما اقترض منه ان كان مثليا، كالحبوب والنقود...
كما عليه ان يؤدي ما يساوي قيمة القرض الى الدائن يوم القبض، ان كان من السلع القيمية.
لذا فمن يقترض فرسا مثلا، وكان ثمنها يوم قبضها ثلاثمائة دينار، فعلى المدين ان يؤدي هذا الثمن نفسه، حتى وان طرات زيادة او نقيصة على قيمة تلك الفرس، فصارت قيمتها اربعمائة دينار او مائتي دينار عند الاداء، فان ثمن السلعة يثبت‏يوم قبضها من الدائن.
ملكية القرض:
[ (وبه) اي بالقبض (يملك) المقترض القرض على المشهور، لا بالتصرف، قيل: لانه فرع الملك فيمتنع كونه شرطا فيه والا دار. وفيه منع تبعيته للملك مطلقا، اذ يكفي فيه اذن المالك وهو هنا حاصل بالعقد، بل بالايجاب].
اختلف الفقهاء في انه متى يتحقق انتقال الملكية من المقرض الى المقترض، فذهب كل فريق الى راي، كما هو موضح من قبل المصنف والشارح:
1 - فريق يرى ان المقترض يملك المال بقبضه، فاذا قبضه من الدائن بعد انشاء العقد ملكه، والى هذا الراي يذهب المصنف والشارح (رضوان الله عليهما)، وذكر الشارح انه قد ذهب الى ذلك مشهور الفقهاء.
ويدل على ذلك الروايات الواردة في وجوب الزكاة على المقترض اذا دار الحول على القرض الذي بيده، رغم انه لم يتصرف به، فلو لم يملكه بالقبض لما وجبت زكاته عليه.
من هذه الروايات ما ورد عن زرارة قال: «قلت لابي عبدالله (ع) رجل دفع الى رجل مالا قرضا، على من زكاته؟ على المقرض او على المقترض؟ قال: لا، بل زكاتها - ان كانت موضوعة عنده حولا - على المقترض. قال: قلت: فليس على المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكي المال من وجهين في عام واحد، وليس على الدافع شي‏ء، لانه ليس في يده شي‏ء، انما المال في يد الاخر فمن كان المال في يده زكاه، قال: قلت : افيزكي مال غيره من ماله؟ فقال: انه ماله ما دام في يده، وليس ذلك المال لاحد غيره، ثم قال: يا زرارة ارايت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو؟ وعلى من؟ قلت: للمقترض، قال: فله الفضل وعليه النقصان، وله ان ينكح ويلبس منه، وياكل منه، ولا ينبغي له ان يزكيه! بل يزكيه فانه عليه‏» .
2 - فريق يرى ان المقترض يملك المال بالتصرف به، فاذا تصرف به ملكه، اما قبل التصرف بالقرض فلا يعتبر مالكا له.
واعترض بعض الفقهاء على هذا الراي بان التصرف متفرع على الملك، فالمرء حسب رايهم يملك اولا، ثم يتصرف فيما يملك، ويستحيل ان يكون شرطا له، والقول بان التصرف شرط للتملك ينتهي الى القول بالدور، وبيان هذا الدور:
(ان الملك متوقف على التصرف، والتصرف متوقف على الملك)، وهذا يعني توقف الملك على نفسه.
اشكال الشارح:
ولقد اشكل الشارح على اصحاب هذا الرد رغم اتفاقه معهم بان المقترض يملك بقبض المال، لا بالتصرف به، وتلخص اشكاله على ردهم في: ان التصرف المشروع ليس متوقفا في كل الاحوال على الملكية.. بل قد يكون التصرف مشروعا بسبب اذن المالك ايضا، فاذا اذن المالك لشخص بالتصرف في ملكه صح تصرفه، واذن المالك قد حصل بالعقد (في معاملة القرض هذه)، بل الاذن - حسب رايه - حصل (بالايجاب) عندما قال الدائن للطرف الاخر: (اقرضتك) او تصرف بهذا المال وعليك عوضه، قبل ان يقول المقترض:
(قبلت).
الاثار المترتبة على الاراء المفسرة‏لانتقال الملكية:
[ وحيث قلنا بملكه بالقبض (فله رد مثله) مع وجود عينه (وان كره المقرض)، لان العين حينئذ تصير كغيرها من امواله، والحق يتعلق بذمته فيتخير في جهة القضاء، ولو قلنا بتوقف الملك على التصرف وجب دفع العين مع طلب مالكها، ويمكن القول بذلك وان ملكناه بالقبض، بناء على كون القرض عقدا جائزا ومن شانه رجوع كل عوض الى مالكه اذا فسخ كالهبة والبيع بخيار].
وبعد ان عرفنا الرايين الفقهيين في انتقال الملكية من المقرض الى المقترض ينبغي ان نعرف ان كل راي من هذين الرايين تترتب عليه آثار ونتائج تمتد الى كيفية اداء القرض، وفيما يلي نوضح ذلك بايجاز:
1 - ان المصنف والشارح بعد ان قالا بان الملكية تتحقق بالقبض، فان القرض يكون ملكا للمقترض بعد قبضه، ويتصرف به كيف يشاء، وبناء على هذا الراي فان المقترض يكون مخيرا عند الاداء، بين ان يرد على الدائن نفس العين التي اقترضها، ان كانت موجودة وغير متصرف بها، او يرد مالا مماثلا لها او قيمتها، حتى اذا كره المقرض الوفاء بعين اخرى، لان حق الدائن تعلق بذمة المدين، وله ان يقضي هذا الدين من اي مال شاء.
2 - ينتج عن القول بان تملك القرض لا يحصل الا بالتصرف فيه، وجوب دفع المال المقترض نفسه - ان كان موجودا، وغير متصرف فيه - الى المقترض اذا طلبه حين الاداء، لانه لما يزل ملكا له، رغم وجوده بيد المقترض.
3 - اوضح الشارح انه يمكن القول بوجوب دفع العين المقترضة ذاتها الى المقرض اذا طلبها، حتى مع التسليم بان التملك يحصل بالقبض بناء على كون القرض عقدا جائزا، فيكون من حق الطرفين فسخ هذا العقد، ورجوع كل عوض الى مالكه، كما هي الحال في الهبة والبيع المشروط بحق الفسخ (الخيار).
اشتراط الاجل:
[ (ولا يلزم اشتراط الاجل فيه) لا له، ولا لغيره، لانه عقد جائز فلا يلزم ما يشترط فيه، الحاقا لشرطه بجزئه. نعم، لو شرط اجل القرض في عقد لازم لزم على ما سبق].
اختلف الفقهاء في ان عقد القرض هل هو من العقود الجائزة او من العقود اللازمة؟ فذهب بعضهم الى انه عقد لازم يجب الوفاء به، والالتزام بالاجل المحدد فيه. وذهب فريق آخر الى ان القرض عقد جائز، وان الاجل غير ملزم فيه، ولا يحتاج عقد القرض الى تحديد مدة معينة.
والقرض - حسب راي المصنف والشارح - لا يلزم اشتراط الاجل فيه، لانه عقد جائز غير لازم، ويجوز لاي من طرفي العقد فسخه متى شاء، لذا فلا اثر لتحديد الاجل في هذا العقد.
تعليق الشارح:
ويعلق الشارح على راي المصنف بما ان اشتراط المدة في هذا العقد غير ملزم، فان اشتراط المدة لعقد آخر في هذا العقد غير ملزم ايضا.
مثال: لو اشترط المقرض في متن العقد على المقترض ان يؤجل له ثمن سلعة يشتريها منه، فان هذا الشرط غير ملزم ايضا، لانه مرتبط بعقد غير ملزم.
واما اذا عقد الطرفان عقدا لازما، كعقد البيع او الزواج واشترط في متن العقد ان يؤجل القرض الذي له في ذمة البائع او الزوجة مثلا، الى اجل معين، صار ذلك الاجل شرطا لازما يجب الوفاء به.
وهكذا يتضح لنا حسب هذه الاراء ان كل شرط يقع في متن عقد جائز، فهو شرط لا يجب الوفاء به، وكل شرط يقع في متن عقد لازم فهو لازم، ويجب الوفاء به.

 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID