عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
طبیب
الخميس, صفر 30, 1432 مسؤولية الطبيب و ضمانه
المقصود بالضمان: ان الطبيب اذا عالج مريضا وادى ذلك
العلاج الى تلف‏المريض وموته او ادى الى نقص عضو من
اعضائه بلا تعمد منه لذلك بحيث كان التلف او النقص
مستندا الى العلاج فانه يكون مسؤولا عن ذلك التلف او
النقص، وعليه ان يدفع عوض ذلك بحسب ما قررته الشريعة
المقدسة.
ومن هذا البيان للضمان تظهر جملة من الامور:
1- ان الكلام لا يختص بعلاج الانسان، بل يشمل علاج
الحيوان المريض، فالبيطار اذا عالج حيوانا وادى ذلك الى تلفه
يدخل في محل البحث.
2- يشترط للدخول في محل البحث عدم تعمد الاتلاف او
النقص من الطبيب المعالج والا كان التدارك على الطبيب
واضحا; لانه اتلاف عمدي، وقد دلت الادلة على انه يوجب
الضمان بلا اشكال.
3- يشترط ايضا للدخول في محل البحث استناد التلف او
النقص الى العلاج، واما اذا كان اتفاقيا، وكان اقتران العلاج
بالتلف مجرد صدفة فهو خارج عن البحث، ولا يوجب الضمان
بلا اشكال.
اذا البحث يقع في ان الطبيب اذا عالج مريضا فاتلفه او احدث
نقصا فيه نتيجة العلاج بلا تعمد منه لذلك، فهل يكون ضامنا
ام لا؟
تقسيمات البحث:
يمكن تقسيم البحث الى قسمين رئيسين:
الاول : التلف الحاصل بعلاج الطبيب مباشرة.
الثاني : التلف الحاصل بعلاج الطبيب بشكل غير مباشر.
ثم ان كلا من القسمين قد يفترض فيه تقصير الطبيب
المعالج في علاجه، وقد يفترض عدم تقصيره في ذلك.
ثم العلاج قد يكون مع اذن من له الاذن، وقد يكون مع عدمه
بان يكون علاجا تبرعيا مثلا راجع الملحق [1] فتكون الاقسام
ثمانية.
وسوف نتكلم عن بعض هذه الحالات المهمة، ومن خلال
البحث‏يتضح حكم الحالات الاخرى، كما سننبه عليه ان شاء
اللّه تعالى.
القسم الاول : حالات العلاج المباشر
الحالة الاولى
التلف الحاصل بالعلاج مباشرة مع التقصير وعدم الاذن
والمباشرة تتحقق في موارد:
الاول : ما اذا كان العلاج يتمثل في اجراء عملية جراحية قام
بها الطبيب.
الثاني : ما اذا سقى الطبيب المريض دواء او زرقه ابرة فادى
الى تلفه.
والتقصير المفروض في هذا القسم قد يكون في الجانب
العملي للعلاج، واخرى يكون في الجانب العلمي له.
ويتحقق الاول فيما اذا كان المعالج طبيبا حقيقيا معترفا به
من قبل الجهات المختصة، ولكنه قصر في مقام العلاج
لاشتباه واهمال ونحوه.
ويتحقق الثاني فيما اذا لم يكن طبيبا حقيقيا، بل كان
منتحلا هذه الصفة ومخادعا، والكلام في المقصر يعم كلا
القسمين.
اذا نحن نتكلم في هذا القسم عن العلاج المباشر المؤدي الى
التلف مع التقصير وعدم الاذن.
ثم في هذا القسم تارة يفترض اداء العلاج الى تلف المريض او
نقص عضو من اعضائه ونحو ذلك مما له عوض مقدر في
الشريعة يسمى بالدية، واخرى يفترض اداؤه الى نقص او
تعطيل عضو ليس له عوض كذلك، وثالثة يفترض اداؤه الى
اتلاف مال للغير، كما اذا كان المريض حيوانا تلف بالعلاج.
اما الصورة الاولى: فالظاهر انه لا اشكال عندهم في الضمان،
وعدم ثبوت القصاص.
والاستدلال على هذا الحكم بكلا شقيه يتوقف على بيان
الفرق بين جناية العمد الخطا شبه العمد والخطاء المحض
حتى يتضح ان محل الكلام يدخل في اي قسم منها.
فنقول: اما جناية العمد فالظاهر انها تتحقق باحد امرين على
سبيل منع الخلو:
الاول: قصد الجاني القتل او الجرح سواء كانت الآلة المستعملة
تقتل او تجرح غالبا ام لا.
الثاني: قصد الفعل الذي يكون قاتلا عادة وان لم يقصد القتل
ابتداء، كما اذا ضربه بآلة تقتل عادة، ولم يكن قاصدا للقتل
ابتداء فاتفق موته.
اما تحقق العمد في الاول فواضح; لان قصد القتل او الجرح
يحقق العمد; اذ قوامه بالقصد، ويدل عليه عدة روايات:
منها: صحيحة الحلبي عن ابي عبداللّه(ع) قال: «العمد كل ما
اعتمد شيئا فاصابه بحديدة او بحجر او بعصا او بوكزة فهذا
كله عمد».
ودلالتها واضحة; فان المراد بقوله: «اعتمد» تعمد، اي العمد
كل ما تعمد شيئا فاصابه، والتعمد لا يتحقق بدون القصد.
واما تحققه في الثاني فقد يستدل عليه بامرين:
الاول: ان قصد الفعل هنا لا ينفك عن قصد القتل تبعا; لان
من قصد فعلا مع التفاته الى ترتب القتل عليه يكون قاصدا
القتل ارتكازا، وهذا يكفي في تحقق العمد.
الثاني: الروايات الخاصة:
مثل: صحيحة الفضل بن عبدالملك عن الصادق(ع) قال: «اذا
ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد»، فان‏مقتضى اطلاقه
بعد الالتفات الى ان الحديدة مما تقتل عادة تحقق العمد اذا
ضرب بما يقتل مثله سواء قصد القتل ابتداء ام لا.
ويؤيد ذلك ذكر الحديدة في الصحيحة; فانه مع افتراض
قصد القتل يتحقق العمد ولو لم تكن الآلة حديدة; اذ لا
خصوصية لها، كما تقدم في صحيحة الحلبي.
وكذا صحيحة ابي العباس وزرارة عن ابي عبداللّه(ع) قال:
«ان العمد ان يتعمده فيقتله بما يقتل مثله، والخطا ان
يتعمده ولا يريد قتله، يقتله بما لا يقتل مثله‏»، فان قوله(ع):
«والخطا ان...» يدل على ان القتل اذا كان بما يقتل مثله
فليس هو من الخطا وان كان لا يريد قتله ابتداء، كما هو
مفروض هذا المقطع من الرواية، وكذا صحيحة ابي العباس
الآتية.
واما الخطا شبه العمد فمناطه انتفاء كلا الامرين السابقين
اللذين يتحقق بهما العمد مع قصد فعل متعلق بالمجني عليه،
لكنه لا يكون قاتلا عادة، كما اذا رماه بالشي‏ء الذي لا يقتل
مثله كالحصاة ولم يكن قاصداالقتل فاتفق موته.
ويدل على ذلك بعض الروايات السابقة، وكذا صحيحة ابي
العباس عن ابي عبداللّه(ع) قال، «قلت له: ارمي الرجل بالشي‏ء
الذي لا يقتل مثله، قال: هذا خطا، ثم اخذ حصاة صغيرة
فرمى بها. قلت: ارمي الشاة فاصيب رجلا . قال : هذا الخطا
الذي لا شك فيه، والعمد الذي يضرب بالشي‏ء الذي يقتل
بمثله‏».
واما الخطا المحض او الذي لا شك فيه كما اشارت اليه
الروايات فهو يتحقق بقصد الفعل المتعلق بالغير لا بالمجني
عليه فاتفق وقوعه على المجني عليه، كما اذا رمى شاة
فاصاب رجلا سواء قصد القتل للشاة ام لا، وكان الرمي بما
يقتل مثله ام لا.
ثم ان القصاص يثبت في جناية العمد فقط دون الباقي، واما
شبه العمد فيثبت فيه الدية ويتحملها الجاني نفسه، واما
الخطا المحض فالثابت الدية وتتحملها العاقلة، وهم عصبة
الجاني المتقربون اليه بالاب كالاخوة والاعمام واولادهم.
اذا عرفت هذا يتضح لك ان ما نحن فيه يدخل في القسم
الثاني، اي في شبه العمد; وذلك لما تقدم من ان‏مناط تحقق
العمد احد امرين: اما قصد القتل او النقص مثلا بان يتعمد
الاتلاف، او قصد فعل آخر متعلق بالجاني مع كونه مما يقتل او
يجرح عادة، كما اذا تعمد ضربه بآلة تقتل غالبا.
ومن الواضح ان كلا من المناطين غير متحقق في محل
الكلام بالفرض، اما الاول فواضح; لان المفروض في المقام
عدم التعمد، وانما حصل ما حصل نتيجة الاشتباه ونحوه، واما
الثاني فكذلك; لان الفعل الذي يقصده الطبيب المعالج مما لا
يقتل مثله بحسب الفرض ايضا.
كما ان المقام لا يدخل في الخطا المحض لتعلق الفعل
المقصود للطبيب في المقام بالمجني عليه مباشرة، لا بغيره
ثم يتفق وقوعه على المجني عليه، كما هو الميزان في الخطا
المحض.
وعليه، يدخل المقام في شبه العمد، وبذلك يتبين الوجه في
فتوى المشهور بكلا شقيه المتقدمين: عدم القصاص وثبوت
الضمان اي الدية المقررة شرعا، سواء كانت الجناية على
النفس او على عضو من الاعضاء ونحوه مما له عوض مقدر
شرعا.
هذا، ويمكن الاستدلال على الضمان في المقام ايضا بعدة
روايات:
منها: رواية السكوني عن ابي عبداللّه(ع) قال: «قال امير
المؤمنين(ع): من تطبب او تبيطر فلياخذ البراءة من وليه والا
فهو له ضامن‏».
ودلالتها على الضمان مع عدم اخذ البراءة واضحة، والمتيقن
منها محل الكلام اي صورة المباشرة مع التقصير وعدم الاذن،
كما لا يخفى.
نعم، سند الرواية مخدوش بالنوفلي.
ومنها: صحيحة الحلبي عن ابي عبداللّه(ع) قال: سئل عن
القصار يفسد؟ فقال: «كل اجير يعطى الاجرة على ان يصلح
فيفسد فهو ضامن‏»، ونحوها حديثا ابي الصباح والحلبي.
والطبيب في المقام اجير يعطى الاجرة على ان يصلح سواء
كان المعطي هو المريض او جهة اخرى تقدم خدمات مجانية
للمريض، وليس في الرواية ما يوجب التخصيص بالاول،
فلاحظ.
نعم، قد يدعى عدم شمولها لما اذا كان العلاج مجانيا، فتكون
اخص من المدعى; لان الكلام في مطلق العلاج.
والجواب: اما بانكار ذلك ودعوى ان كون الطبيب اجيرا لا
خصوصية له، بل الضمان في الرواية يترتب على مجرد ان
يعهد بالعمل الى شخص على ان يصلح، فاذا افسد فهو له
ضامن سواء كان اجيرا ام لا، كما يظهر من التعليل الوارد في
بعض روايات الباب مثل رواية اسماعيل وغيرها: «فانك انما
دفعته اليه ليصلحه، ولم تدفع اليه ليفسده‏».
واما ان يستدل على الضمان في صورة المجانية بالادلة
الاخرى، وهي شاملة له بلا اشكال.
ويدل على الضمان مضافا الى كل ما تقدم قاعدة الاتلاف;
فان الحاصل في المقام، خصوصا مع افتراض التقصير، يكون
مصداقا واضحا للاتلاف الموجب للضمان ببناء العقلاء، ولا
يشترط في ايجابه الضمان افتراض القصد والتعمد، كما يظهر
من التزامهم بالضمان في حالات الاتلاف مع عدم القصد
والتعمد، فلاحظ.
ثم ان الكلام لما كان مفروضا فيما له عوض مقدر شرعا
يسمى بالدية، فالطبيب حينئذ يضمن هذه الدية المقررة
شرعا، وهي تختلف طبعا باختلاف الحالات، راجع كتاب
الديات.
واما الصورة الثانية: وهي ما اذا كان التلف او النقص متعلقا
بشي‏ء ليس له عوض مقرر شرعا، فالمشهور بل المدعى عليه
الاجماع في كلمات جماعة ان فيه الارش، ويسمى بالحكومة،
وهو ان يفرض المريض الحر مملوكا ويقوم صحيحا مرة ويقوم
معيبا اخرى، اي فيه النقص الذي حدث نتيجة العلاج،
فحينئذ اذا كان هناك تفاوت بين التقويمين بان قوم صحيحا
بالف وغير صحيح بسبعمئة مثلاضمن الطبيب التفاوت بينهما.
واما اذا كانت الجناية والنقص الحادث بسبب العلاج لا يوجب
التفاوت بهذا الشكل كما لو اجرى له عملية جراحية ادت الى
وقف نمو اظافره او الشعر النابت في صدره مثلا ونحو ذلك
ففي مثل ذلك فالامر متروك للحاكم الشرعي فله ان ياخذ
مافيه المصلحة.
واما الصورة الاخيرة: وهي ما اذا ادى العلاج الى اتلاف مال
الغير، كما اذا كان المريض حيوانا، فالظاهر ايضا الضمان
ويكون هنا بالقيمة.
ثم ان في حالة التطبيب المتعارفة في هذا الزمان وهي ما اذا
كتب نسخة وامر باستعمالها قد يقال: ان‏الطبيب في هذه
الحالة ليس ضامنا ايضا وان كان آمرا، لكن حيث كان المباشر
عاقلا بالغا مختارا فهذا من موارد كون المباشر اقوى من
السبب، فالفعل يستند الى المباشر لا الى السبب اي الطبيب،
وبالتالي لا يكون الطبيب ضامنا. نعم، لو كان المباشر مجر د
آلة بحيث‏يسند الفعل عرفا الى السبب (الطبيب) كما لو كان
المباشر صبيا او مجنونا لكان السبب ضامنا; لانه حينئذ
اقوى من المباشر.
والحاصل: ان الضمان انما يثبت في حق الطبيب فيما اذا
استند الفعل الموجب للاتلاف اليه، وهذا الاستناد انما يتحقق
في صورة المباشرة، واما في غيرها فلا يتحقق الا اذا كان
السبب اقوى من المباشر، وهو غير متحقق فيما اذا كان
المباشر بالغا عاقلا، فلا ضمان في هذه الحالة.
والصحيح: ان المدرك للضمان ان كان هو رواية السكوني
فالظاهر عدم دخول هذه الحالة فيها، فلا يثبت فيها الضمان;
وذلك لظهور الرواية في صورة المباشرة بقرينة قوله فيها: «او
تبيطر» الظاهر في معالجة الحيوان المريض مباشرة، واقتران
قوله: «تطبب‏» بذلك قرينة على الاختصاص بصورة المباشرة.
واذا لم تكن ظاهرة في ذلك فلا اقل من عدم ظهورها في
العموم على نحو تشمل محل الكلام; لاحتمال القرينية في
قوله: «او تبيطر».
واما اذا كان المدرك للضمان بقية الادلة كما هو الصحيح;
لما عرفت من عدم تمامية سند رواية السكوني مثل قاعدة
الاتلاف، او كون الجناية شبه العمد الموجبة للضمان، فالظاهر
حينئذ الضمان في هذه الحالة; وذلك لان الفعل الموجب
للتلف في محل الكلام هو تناول الدواء، والفاعل المباشر له
وان كان غير الطبيب بحسب الفرض الا ان الطبيب لما كتب
النسخة وامر المريض باستعمالها فالفعل يستند اليه عرفا،
فيقال عالجه الطبيب الفلاني بلا تجوز اصلا، واذا استند الفعل
اليه في هذه الحالة ثبت الضمان; لانه متلف وجان، والادلة
دلت على ضمانه، وسياتي مزيد توضيح لذلك.
ثم ينبغي الالتفات الى انه ليس المقصود بامر الطبيب
المريض باستعمال العلاج المعين الامر اللفظي المصرح به بان
يقول له مثلا: «استعمل هذه النسخة‏» فقط، بل ما يشمل ذلك
والامر المقدر الذي تشهد به القرائن الحالية المتحقق في
حالة كتابة النسخة وتسليمها الى المريض بعد الفحص; فان
هذا بمثابة الامر الصريح باستعمال النسخة، ولذا لا ينبغي
التفريق بين الحالتين في الضمان، نعم; ينبغي التفريق بين ما
تقدم وبين ما لو قال الطبيب: ان دواءك الشي‏ء الفلاني، من
غير ان يامر باستعماله، فالظاهر هنا عدم الضمان; لعدم
استناد الفعل اليه اصلا.
والحاصل: ان حالات المعالجة المتعارفة في زماننا ملحقة
بصورة المعالجة المباشرة على الظاهر من حيث كونها موجبة
للضمان في هذا القسم.
نعم، حتى يلحق هذا بالعلاج المباشر الموجب للضمان لابد
من افتراض نشوء التلف من العلاج الذي وصفه الطبيب، واما
اذا كان التلف ناشئا من اشتباه في تطبيق الدواء الموصوف او
من اشتباه في كيفية استعمال الدواء، فالطبيب حينئذ لا
يكون مسؤولا اصلا; لان التلف حينئذ لم ينشا من العلاج الذي
وصفه الطبيب حتى يكون ضامنا، بل نشا من شي‏ء آخر لا
علاقة له بالطبيب اصلا.
ومن هنا لابد من التفريق بدقة بين الحالتين: حالة التلف
المستند الى استعمال نفس العلاج الذي وصفه الطبيب بلا
تغيير، وحالة التلف المستند الى استعمال شي‏ء آخر لم يصفه
الطبيب وان اعتقد المريض انه نفس ما وصفه اشتباها، ففي
الاول يثبت الضمان دون الثاني.
الحالة الثانية
العلاج المباشر المؤدي الى التلف مع التقصير والاذن
اي مع اذن من يعتبر اذنه كما تقدم توضيحه، والبحث هنا
ينبغي ان ينصب على ان الاذن ممن يعتبر اذنه في العلاج هل
يوجب ارتفاع الضمان؟
وان الضمان في القسم الاول هل هو نتيجة عدم الاذن
المفروض فيه حتى ينتفي الضمان هنا لتحقق الاذن، او ان
الضمان هناك لاربط له بعدم الاذن بل هو ثابت مطلقا؟
قد يقال: ان التطبيب اذا كان باذن من يعتبر اذنه فلا ضمان;
لان الاذن يرفع الضمان، مضافا الى ان‏العلاج يكون سائغا شرعا
باعتبار الاذن، فلا يستتبع ضمانا.
وفيه: ان الاذن الرافع للضمان حتى مع صدق الاتلاف هو
الاذن في الاتلاف، فاذا اذن المالك في الاتلاف فلا ضمان بلا
اشكال. وفي المقام لا يوجد اذن في الاتلاف، وانما المريض
مثلا اذن في العلاج والتطبيب، واين هذا من الاذن في
الاتلاف؟!
نعم، هذا الاذن في العلاج يرفع الحرمة التكليفية اذا ادى الى
التلف، فيكون جائزا، الا ان الجواز الشرعي لا ينافي الضمان،
كما في الضرب للتاديب اذا ادى الى التلف.
اما قاعدة الاتلاف فهي صادقة في المقام; لان الاذن لا يمنع
من صدق الاتلاف في صورة الاذن بالاتلاف، فما ظنك بمحل
الكلام الذي قلنا انه ليس فيه اذن في الاتلاف، وانما هناك
اذن في العلاج، وهو لا يمنع من صدق الاتلاف قطعا.
واما كون الجناية شبه العمد فالادلة الدالة على الضمان فيها
شاملة للمقام; فان موضوعها كما تقدم الفعل المتعلق
بالمجني عليه الذي لا يقتل عادة، وهذا متحقق في المقام،
ولا يمنع من تحققه الاذن ممن يعتبر اذنه.
واما رواية السكوني وصحيحة الحلبي فانهما شاملتان لهذا
القسم بالاطلاق; اذ لا يوجد فيهما ما يوجب التخصيص بصورة
عدم الاذن، فلاحظ. بل لعل مورد صحيحة الحلبي هو الاذن
من المستاجر الذي يدفع الاجرة.
والحاصل: ان افتراض الاذن في هذا القسم لا يغير من
النتيجة السابقة، وهي الضمان; وذلك لجريان الادلة السابقة
جميعا هنا مثل قاعدة الاتلاف، وكون الجناية شبه العمد
وغيرها.
ومنه يظهر ان الضمان في القسم الاول ليس منوطا بافتراض
عدم الاذن، بل هو ثابت‏حتى مع الاذن.
الحالة الثالثة
العلاج المباشر المؤدي الى التلف مع عدم التقصير وعدم الاذن
ان عدم التقصير في الجانب العلمي يتمثل بافتراض الطبيب
المعالج مجازا من قبل الجهات المختصة بان كان طبيبا
حقيقيا. واما في الجانب العملي فيتحقق بافتراض العلاج
كاملا جامعا للمواصفات المطلوبة ليس فيه اي خلل واشتباه،
وانما اوجب التلف اتفاقا.
ويفترق هذا القسم عن القسم الاول بافتراض عدم التقصير،
فلابد من التركيز على هذه النقطة في البحث، وهي ان
الضمان في القسم الاول هل هو منوط بافتراض التقصير حتى
ينتفي بافتراض عدمه، كما في هذا القسم او انه ثابت مطلقا؟
الذي يبدو بعد مراجعة الادلة الدالة على الضمان ان
الضمان ليس منوطا بالتقصير، بل الادلة السابقة لم تفترض
التقصير اصلا عندما حكمت بالضمان.
اما قاعدة الاتلاف فواضح، لان صدق الاتلاف ليس متوقفا على
افتراض التقصير، بل يصدق حتى مع عدم التقصير اذا كان
الفعل الذي اوجب التلف مستندا الى الشخص، كما هو
المفروض في صور المباشرة وما يلحق بها حكما.
واما كون الجناية شبه العمد فهي صادقة في المقام حسب
التحديد المستفاد من الروايات السابقة وهو الفعل المتعلق
بالمجني عليه الذي لا يوجب التلف
عادة فان العلاج الذي يمارسه الطبيب مصداق واضح
لذلك حتى اذا لم يكن مقصرا.
واما رواية السكوني فهي شاملة لهذا القسم بالاطلاق، حيث لا
توجد اية قرينة على التخصيص بحالة التقصير التي هي حالة
نادرة في قبال حالات عدم التقصير التي هي الحالات
الاعتيادية للتطبيب، بل يوجد في الرواية ما يدعم الاطلاق
وهو استثناء حالة اخذ البراءة من الولي من الحكم بالضمان;
فانه ظاهر في شمول الحكم بالضمان لكل الحالات الباقية بعد
الاستثناء، ومنها حالة عدم التقصير، فلاحظ.
واما صحيحة الحلبي فهي ايضا تشمل محل الكلام بالاطلاق;
لان الطبيب حتى مع عدم التقصير اعطي الاجرة على ان
يصلح فافسد، وعدم التقصير لا يمنع من صدق الافساد، كما
لم يمنع من صدق الاتلاف.
نعم، افتراض عدم الاذن يؤكد الحكم بالضمان في بعض
الحالات; لان العلاج حينئذ يكون تصرفا في مال الغير بغير
اذنه، وهو يوجب الضمان قطعا.
وعليه، فالصحيح الضمان في هذا القسم ايضا في صورة العلاج
المباشر.
الحالة الرابعة
العلاج المباشرالمؤدي الى‏التلف‏مع عدم التقصير والاذن
وقد عرفت مما تقدم ان الضمان ليس منوطا بحسب الادلة
بالتقصير وعدم الاذن حتى يرتفع بافتراض عدمهما، بل
ظاهر بعض الادلة بعد فرض شمولها لحالة عدم التقصير
اثبات الضمان في صورة تحقق الاذن، كما في صحيحة
الحلبي; فان دفع الاجرة في مقابل الاصلاح يستلزم الاذن،
فلاحظ. يضاف الى ذلك ان حالة الاذن هي الحالة الشائعة
المتعارفة من حالات التطبيب، فاختصاص الادلة بغيرها
خلاف الظاهر جدا.
هذه هي الاقسام الاربعة للعلاج المباشر، وقد اتضح ان
الطبيب ضامن في كل هذه الاقسام، ويلحق بها حالة العلاج
المتعارفة في زماننا، والتي لا يكون الطبيب فيها مباشرا
للعلاج، ولكنه يكتب نسخة ويصف العلاج ويامر الغير
باستعماله، وقد قلنا انها ملحقة بالعلاج المباشر في الضمان
في جميع الصور السابقة، فلاحظ.
القسم الثاني: حالات العلاج غير المباشر
ان حالات العلاج غير المباشر تتحقق في موارد عديدة:
منها: ما اذا ذكر شخص للمريض ان القطرة الكذائية تنفع
لعلاج مرض في عينه، فاستعملها المريض وتضرر بذلك.
ومنها: ما اذا قال الطبيب للمريض: ان علاجك منحصر في
اجراء العملية الكذائية، او انصحك باجراء العملية الكذائية،
فذهب المريض واجراها عند غيره وتضرر.
ومنها: ما اذا اعتمد المريض في علاجه على كتاب او تقرير
طبي لاحد الاطباء فاستعمله وتضرر، وهكذا.
والظاهر عدم الضمان في هذا القسم في كل حالاته المتصورة
; لعدم الدليل على الضمان، وذلك لان ما دل على الضمان في
حالات العلاج المباشر احد امور:
الاول: دخول الجناية في شبه العمد الموجب للضمان .
الثاني: رواية السكوني المتقدمة.
الثالث: صحيحة الحلبي.
الرابع: قاعدة الاتلاف.
وشي‏ء من هذه الادلة لا يجري في صورة العلاج غير المباشر:
اما الاول: فلما عرفت من ان المناط فيه قصد فعل متعلق
بالمجني عليه مع عدم قصد القتل او النقص وعدم كونه مما
يقتل او يوجب النقص عادة، كما اذا رماه بشي‏ء لا يقتل مثله
عادة مع عدم قصد القتل فاتفق موته، ومن الواضح ان هذا
المعنى غير متحقق في المقام; لان الطبيب لم يمارس اي
فعل متعلق بالمريض حتى تتحقق الجناية شبه العمد الموجبة
للضمان.
وقد يعترض على ذلك ويقال: ان حالات التطبيب المتعارفة
في زماننا من هذا القبيل، فان المباشر هو المريض او شخص
آخر، والطبيب لا يمارس اي عمل متعلق بالمريض وانما يكتب
له نسخة مثلا للعلاج، فلماذا ادخلتم هذه الحالات في
اقسام العلاج المباشر وحكمتم فيها بالضمان؟
والجواب:
اولا: ان كتابة نسخة للعلاج من قبل الطبيب وامره المريض
بالعمل على طبقها يوجب اسناد الفعل الى الطبيب عرفا كما
تقدم فيقال عالجه الطبيب الفلاني مثلا، فالطبيب يقصد
فعلا متعلقا بالمريض وان لم يمارسه بالمباشرة، فيصدق في
حقه الجناية شبه العمد.
والسر في ذلك هو ضعف الواسطة وكون المباشر في هذه
الحالات كالآلة، نظير ما اذا امر الطبيب المستخدم عنده
بسقي المريض الدواء او زرقه بالابرة ونحو ذلك، فان
المستخدم وان كان مباشرا الا انه لضعف تاثيره في النتيجة
لا يمنع من اسناد الفعل الى الطبيب، والمريض في حالات
العلاج المتعارفة في زماننا عندما يعمل على طبق ارشاد
الطبيب يكون من هذا القبيل، ولذا ينسب الفعل الى الطبيب
عرفا في هذه الحالات، فيقال عالجه الطبيب وقتله الطبيب،
وهكذا. وهذا بخلاف المقام، فان الطبيب لا يسند اليه الفعل
اصلا، وانما هو بمنزلة الناصح، فلاحظ.
قال الفاضل الهندي(قدس‏سره) في مسالة ضمان الفصاد :
«وربما احتمل تضمين الطبيب اذا كان اي الفصد بامره،
فانه معالجه‏».
وقال صاحب الجواهر(قدس‏سره): «اما اذا قال اي الطبيب
: اظن ان هذا الدواء نافع لهذا الداء، او لو كنت انا فعلت كذا،
وغير ذلك مما لم تكن فيه مباشرة منه وان فعل المريض
العاقل المختار او وليه ذلك اعتماداعلى القول المزبور، فان
المتجه فيه عدم الضمان‏».
وقال السيد الامام الخميني(قدس‏سره): «نعم لا يبعد الضمان
في التطبب على النحو المتعارف‏».
وثانيا: ان ما ذكره المعترض اذا تم فلا يعني الا عدم شمول
هذا الدليل لحالات التطبيب المتعارفة، واما عدم شمول بقية
الادلة الدالة على الضمان لهافلا.
واما الدليل الثاني فعدم الشمول فيه للمقام واضح; وذلك لما
تقدم من ظهورها في صورة العلاج المباشر بقرينة قوله(ع):
«او تبيطر»، ولا اقل من التشكيك في شمولها للمقام;
لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية.
واما الثالث صحيحة الحلبي وما شابهها فكذلك; لظهورها
في ممارسة العمل الذي اعطي الاجرة عليه، كما يظهر من
الامثلة المذكورة في تلك الروايات مثل القصار والغسال
والصباغ، فلا تشمل المقام.
واما الرابع قاعدة الاتلاف فايضا كذلك; لعدم صدق
الاتلاف بالنسبة الى الطبيب في حالات العلاج غير المباشر،
وانما المتلف هو نفس المريض او شخص آخر.
والحاصل: انه لا دليل على الضمان في هذا القسم بكل حالاته
المتصورة، والطبيب غير مسؤول عما فعله المريض بنفسه،
فلاحظ.
يتلخص مما تقدم كله ان الضمان يثبت في حالة العلاج
المباشر بكل صورها الاربعة المتقدمة، ولا يثبت في حالة
العلاج غير المباشر مطلقا.
وظهر ايضا ان حالة التطبيب المتعارفة في زماننا تدخل في
القسم الاول، ويثبت فيها الضمان.
متى ينتفي الضمان؟
او بعبارة اخرى : هل يمكن للطبيب في حالات العلاج
المباشر ان يتخلص من الضمان؟ وكيف يكون ذلك؟
ذهب كثير من الفقهاء الى ان ذلك يمكن عن طريق اخذ
البراءة من المريض او وليه.
والكلام يقع في امور :
الاول: معنى البراءة: الظاهر ان المراد بها تعهد صاحب الحق
باسقاط حقه عند حدوث موجبه، بمعنى ان‏المريض او وليه
يتعهد للطبيب بعدم مسؤوليته وعدم ضمانه في حالات
حدوث ما يوجب المسؤولية والضمان.
الثاني: الدليل على سقوط الضمان باخذ البراءة: ويمكن ان
تذكر عدة تقريبات لاثبات ذلك:
الاول: دعوى ان الضرورة والحاجة تدعو الى ذلك; لان
الطبيب اذا عرف ان عليه الضمان وانه لا مخلص له منه فسوف
يمتنع عن ممارسة مهنته، والحال انها من الامور الضرورية
للانسان، ولذا فالحاجة والضرورة تدعو الى فتح هذا الباب
لضمان استمرار الاطباء في مزاولة مهنتهم.
قال المحقق الحلي‏في الشرائع: «ولان العلاج مما تمس الحاجة
اليه، فلو لم يشرع الابراء تعذر العلاج‏».
وفيه: ان الحاجة وان كانت مسلمة الا انها لا تكفي لاثبات هذا
الحكم المخالف للقواعد، فان الحاجة يمكن سدها بطرق
اخرى من قبيل تعهد الدولة بدفع التعويض من بيت المال،
ومن قبيل ان ياخذ الطبيب من المريض اجرة تجبر الخسارة
المحتملة ونحو ذلك.
الثاني: دعوى التمسك باصالة عدم الضمان مع فرض الشك
في الضمان بعد اخذ البراءة، وهو يتوقف على عدم تمامية
الاطلاق في ادلة الضمان لحالة اخذ البراءة، والا فلا مجال
للتمسك بالاصل. والظاهر وجود اطلاق في ادلة الضمان لهذه
الحالة; اذ لا يوجد ما يوجب تقييدها بغيرها، بل لعل الاطلاق
هو المفروض في محل الكلام، والا فلا دليل على الضمان في
هذه الحالة حتى يقع الكلام في سقوطه بالابراء او عدمه.
الثالث التمسك بعموم «المؤمنون او المسلمون عند
شروطهم‏»، بدعوى شموله للمقام، فيكون مشروعاويجب الوفاء
به; باعتبار ان الطبيب اشترط براءة ذمته من الضمان فيما لو
حدث موجبه.
وهذا التقريب تام سواء كان الاشتراط في ضمن عقد الاجارة
ام كان لا في ضمن عقد اصلا كما اذا كانت المعالجة مجانية،
واشترط الطبيب في مقابل العلاج البراءة من الضمان
وذلك لشمول ادلة وجوب الوفاء بالشرط لكل من الصورتين:
اما الاولى: فواضح; لانه شرط في ضمن عقد لازم، وهو القدر
المتيقن من الادلة، وقد اتفق معظم الفقهاء على شمول الادلة
له; ووجوب الوفاء فيه.
واما الثانية: فلانه وان نوقش بان الشرط ان لم يكن في ضمن
عقد يكون من الشروط الابتدائية التي هي اشبه بالوعد ولا
يجب الوفاء بها، الا انه يمكن الجواب عن المناقشة بما يلي:
ان هذه المناقشة مبنية على اختصاص ادلة وجوب الوفاء
بالشرط بخصوص الشروط الواقعة في ضمن عقد، وهذا وان
كان هو المعروف والمشهور بين الفقهاء الا انه ليس هو القول
الفصل في المسالة; اذ يمكن دعوى شمول الادلة للشرط حتى
اذا لم يقع في ضمن عقد وذلك، لان الشرط اما ان يكون
بمعنى الربط بين شيئين واما ان يكون بمعنى الزام الشي‏ء
والتزامه كما فسر بكل منهما في كلمات اللغويين والفقهاء،
وهو بكلا المعنيين يصدق في المقام.
اما بالمعنى الاول، فلان الطبيب يربط بين قيامه بالعلاج مجانا
وبين البراءة من الضمان فيما لو حدث موجبه، والمريض او
وليه يوافق على هذا الربط والشرط، فيكون شرطا اشترطه
الطبيب في مقابل قيامه بالعمل مجانا، فلاحظ.
واما بالمعنى الثاني، فاوضح; لان الطبيب في مقابل موافقته
على القيام بالعلاج مجانا يلزم المريض بالبراءة من الضمان،
والمريض او وليه يلتزم بذلك، فيتحقق معنى الالزام والالتزام;
كما يتحقق في موارد الشرط في ضمن عقد البيع مثلا من
دون فرق بينهما; فان البائع او المشتري اذا اشترط شرطا في
ضمن العقد يكون قد الزم الطرف الآخر بذلك الشرط في
مقابل موافقته على اجراء المعاملة او الموافقة عليها، والطرف
الآخر يلتزم بذلك.
ولعل ذكر البيع في بعض تعريفات الشرط كما في القاموس
حيث قال: «الشرط: الزام الشي‏ء والتزامه في البيع ونحوه‏»
يراد به الاحتراز عن الالزام والالتزام المجرد الذي لا يكون في
مقابل شي‏ء اصلا الذي هو اشبه بالوعد، ولا يراد به تخصيص
الشرط بخصوص ما يقع ضمن عقد كما ذكره المشهور،
ولعل بعض اللغويين يشير الى ذلك حينما عرف الشرط بانه
«الزام الشي‏ء والتزامه في البيع ونحوه، او في امر من الامور».
ويؤيد ذلك ما يحسه الانسان بوجدانه اللغوي من صرف
الشرط في حالات من هذا القبيل، كما اذا اشترط المولى في
مقابل عتق عبده خدمة مدة معينة، وكما اذا وافق الزوج على
طلاق زوجته بشرط ان تبرئ ذمته من بعض الديون المحتملة،
وهكذا.
والحاصل: ان محل الكلام ليس من قبيل الوعد والالزام
والالتزام المجردين حتى يقال بعدم صدق مفهوم الشرط فيه،
بل محل الكلام يتحقق فيه معنى الربط بين شيئين ويصدق
مفهوم الالزام والالتزام في ضمن شي‏ء عليه، كما اوضحناه.
هذا، مع انه يمكن التخلص من الاشكال بقيام الطبيب بايجار
نفسه للعلاج بثمن زهيد لا ينافي المجانية; ويشترط في ضمن
عقد الاجارة البراءة من الضمان، وبذلك يكون الشرط واجب
الوفاء بلا اشكال.
تلخص مما تقدم: ان هذا التقريب تام بلا اشكال في معظم
حالات العلاج المتعارفة; لانها ليست مجانية، وتدخل في باب
الاجارة، من دون فرق بين ان يكون طرف المعاملة مع
الطبيب هو نفس المريض، او جهة اخرى تتبرع بدفع الاجرة
عن المريض ولو كانت هي الدولة; اذ في كل هذه الحالات
يكون الشرط في ضمن عقد الاجارة، فيجب الوفاء به.
نعم، حالة العلاج المجاني قد يستشكل في شمول ادلة وجوب
الوفاء بالشرط للشرط الواقع فيها، الا انك عرفت ان الشمول
محتمل في الادلة، مضافا الى امكان تبديل العلاج من
المجانية الى الاجارة حتى يضمن الطبيب وجوب الوفاء
بالشرط ولزومه.
ويؤيد ما ذكرناه رواية السكوني المتقدمة: «من تطبب او
تبيطر فلياخذ البراءة من وليه، والا فهو له ضامن‏» ، فانها
ظاهرة في انتفاء الضمان في حالة اخذ البراءة، وهي وان كانت
غير تامة سندا الا انها لا تخلو من تاييد.
ثم انه قد يعترض على ما تقدم بان البراءة حقيقة لا تكون الا
بعد ثبوت الحق; لانها كما تقدم اسقاط لما في الذمة من
الحق، فقبل ثبوت الحق في الذمة لا معنى لاسقاطه، والمقام
من هذا القبيل; لانه قبل العلاج لا يوجد حق ثابت في ذمة
الطبيب حتى يقبل الاسقاط.
نعم، لو كان المراد اشتراط اسقاطه بعد ثبوته صح ما ذكر من
تحقق معنى البراءة، الا انه ليس بمراد قطعا; لان القائلين
بعدم الضمان مع اخذ البراءة يرون انتفاء المسؤولية بمجرد
الاشتراط سواء اسقط المريض حقه بعد ثبوته ام لا، فعدم
الضمان عندهم لا يتوقف على الاسقاط بعد ثبوت موجب
الضمان.
والحاصل: ان البراءة في المقام من قبيل اسقاط ما لم يجب،
وهو غير جائز.
والجواب: انه وان كان كذلك الا انه لا دليل على عدم جوازه;
اذ لا مانع من ان يسقط الانسان ما لم يجب، كاسقاط خيار
المجلس باشتراط سقوطه في ضمن العقد مع ان الخيار لا
يثبت الا بعد العقد، ويكون مرجع الابراء في المقام الى
الاسقاط على تقدير الثبوت، وهذا وان كان تعليقا في الابراء الا
انه لا دليل على بطلان التعليق حتى في غير العقود، كما ذكر
في محله، فراجع.
والحاصل: ان اخذ البراءة في المقام جائز ومشروع، وانه
موافق للقواعد العامة ويجب الوفاء به.
ممن تؤخذ البراءة؟
الظاهر انها تؤخذ من المريض نفسه اذا كان عاقلا بالغا كاملا،
وان كان صغيرا او مجنونا او سفيهافتؤخذ ممن يقوم مقامه
شرعا ، وهو الولي الشرعي الذي يحق له القيام بمثل هذه
التصرفات باعتبار ولايته على المريض شرعا.
هذا اذا كان المريض انسانا، واما اذا كان حيوانا فالبراءة تؤخذ
من مالكه، كما هو واضح.
ومنه يظهر ان المريض اذا كان بالغا عاقلا فلا يكفي اخذ
البراءة من غيره من دون فرق بين احتمال انتهاء العلاج الى
القتل وبين عدمه.
نعم، رواية السكوني المتقدمة دلت على اخذ البراءة من الولي،
الا انك عرفت عدم كونها المستند في هذا الحكم، مضافا الى
احتمال ان يراد بالولي فيها ما يشمل المريض نفسه كما
اشار اليه الفقهاء وذلك بان يراد بالولي معناه اللغوي، اي
من بيده الامر، فان كان المريض حيوانا فوليه مالكه، وان كان
انساناصغيرا او مجنونا فوليه من نصبه الشارع وليا عليه، وان
كان انسانا كاملا فهو ولي نفسه.
«الملحق‏»
[1] المراد بالاذن : هو اذن من يعتبر اذنه كنفس المريض اذا
كان بالغا عاقلا، او وليه اذا كان صغيرا او مجنونا، او مالك
المريض اذا كان حيوانا ونحو ذلك.
ويتحقق عدم الاذن في حالات:
منها: علاج الصبي او المجنون او الحيوان بلا اذن اوليائهم.
منها: المريض البالغ العاقل اذا جاء الى المطب او المستشفى
لغرض الفحص والاستشارة فعالجه الطبيب مع عدم علمه
بذلك.
منها: ما اذا اذن المريض لطبيب خاص في علاجه فعالجه آخر.
ومنها: ما اذا اذن المريض باجراء عملية جراحية معينة فاجرى
الطبيب الماذون عملية اخرى بدون الاولى او معها.
ومنها: اجراء عملية العقم الدائم (غلق الانابيب) للمراة اثناء
الولادة من دون اطلاعها على ذلك، ولا يكفي في هذه الحالة
اطلاع الزوج فقط.
 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID