عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
گل
الخميس, صفر 30, 1432 عدة من لا رحم لها آية الله الشيخ محمد المؤمن

ثمة كثير من المجالات التي يحاول الفقه اليوم ان يلجها
وبنفس القوة والمتانة التي كان يتعامل بها مع المسائل
المتعارفة التي الفناها في المصنفات والابحاث الفقهية.. وفي
هذا البحشث الذي عقد لاحدى المسائل المستحدثة قدم فيها
سماحة آية الله الشيخ المؤمن تحقيقا قيما ودراسة دقيقة
ولقد احسن واجاد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وازكى صلواته وسلامه على سيد
المرسلين محمد وآله الاطيبين واللعنة الدائمة على من
عاداهم اجمعين.
ان التقدم العلمي الحديث اليوم توصل الى امكان قلع رحم
المراة عند ابتلائها بمرض يرجى زواله بذلك او لدواع شخصية
لها، وان تعيش بعده عيشة ترضاها، فيقع الكلام في ان المراة
اذا قلعت واخرجت رحمها فهل عليها - اذا كانت في سن من
تحيض الاعتداد بالاشهر اذا طلقها زوجها او هي بحكم اليائسة
لا عدة عليها وتحل لها الازواج من حين الطلاق؟
المستفاد من كلمات الفقهاء:
ان المسالة وان كانت من المستجدات كما اشرنا الا انه لا باس
مع ذلك بالرجوع الى كلمات اصحابنا الاخيار لعله يستنبط
منها ملاك الاعتداد عندهم ويستفاد منها او يؤيد ما لعلنا
نستفيده من ادلة الباب، فنقول: ان الماثور عن الاصحاب في
عدة الطلاق لمن لا تحيض من النساء لصغر سنها او كبره
قولان: فالسيد المرتضى وابو المكارم ابن زهرة قالا بان
عليهما ايضاالاعتداد اذا طلقهما زوجهما، والمشهور بينهم انه
لا عدة عليهما.
فقال السيد المرتضى في الانتصار: مسالة: «ومما ظن انفراد
الامامية به القول بان الآيسة من النساء من المحيض اذا كانت
في سن من لا تحيض لا عدة عليها متى طلقت، وكذلك من
لم تبلغ المحيض اذا لم يكن مثلها من تحيض لا عدة عليها،
وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك ويوجبون العدة على الآيسة
من المحيض وعلى التي لم تبلغه على كل حال، وعدة هؤلاء
عندهم الاشهر، وهذا المذهب ليس بمذهب لجميع الامامية،
وان كان فيهم من يذهب اليه ويعول على اخبار آحاد في
ذلك ولا حجة فيها وليس بمذهب لجميع الامامية فيلحق بما
اجمعوا عليه.
والذي اذهب انا اليه ان على الآيسة من المحيض والتي لم
تبلغه العدة على كل حال، من غير مراعاة الشرط الذي
حكيناه عن اصحابنا. والذي يدل‏على صحة هذا المذهب قوله
تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم
فعدتهن ثلاثة‏اشهر واللائي لم يحضن) وهذا نص صريح في ان
الآيسات من المحيض واللائي لم يبلغن عدتهن الاشهر على
كل حال; لان قوله تعالى: (واللائي لم يحضن)معناه: واللائي
لم يحضن كذلك‏». ثم تصدى لتبيين دلالة الآية وابرام ما قيل
على دلالتها من النقوض. فهو قدس‏سره لا يرى اثرا للياس من
المحيض بل الآيسة وغيرها لديه سواء يجب عليهما الاعتداد
بثلاثة اشهر.
وقال السيد ابو المكارم ابن زهرة -في فصل في العدة من
كتابه الغنية عند تعرضه لعدة المطلقة: «... وان كانت لا
تحيض لصغر او كبر وليس في سنها من تحيض فقد اختلف
اصحابنا في وجوب العدة عليها، فمنهم من قال: لا تجب،
ومنهم من قال: يجب ان تعتد بالشهور، وهو اختيار
المرتضى‏رضى‏الله انه، وهي ثلاثة اشهر، وبه قال جميع
المخالفين، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، وايضا قوله تعالى:
(واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن
ثلاثة اشهر واللائي لم‏يحضن) وهذا نص‏» ثم بين وجه دلالة
الآية بما يقرب مما ذكره السيد في الانتصار.
فكلام هذين العلمين لا دليل فيه على نفي الاعتداد عمن
قلعت رحمها، بل ان حكمهما بوجوب العدة على الصغيرة
واليائسة يقتضي انه لا يستثنى من المطلقات احد، ويجب
عدة الطلاق على جميع النساء، وتعم موضوع الكلام.
فان كان هنا دلالة او اشعار فانما هو في كلام غيرهما ممن
ينفي العدة عن اليائسة والصغيرة، فيبحث ان هذا النفي هل
يختص بخصوصهما ام يعم‏كل من لا تحيض مثلها؟ فنقول:
قال الشيخ المفيد قدس‏سره في كتابه القيم المقنعة - باب
عدد النساء: «واذا طلق الرجل زوجته الحرة بعد الدخول بها
وجب عليها ان تعتد منه بثلاثة اطهار ان كانت ممن تحيض،
وان لم تكن تحيض لعارض ومثلها في السن من تحيض
اعتدت منه بثلاثة اشهر، وان كانت قد استوفت‏خمسين سنة
وارتفع عنها الحيض وايست منه لم يكن عليها عدة من طلاق‏».
والعبارة كما ترى قد جعلت الملاك الكون في سن من
تحيض وارتفاع الحيض باستيفائه، ومقتضاها وجوب الاعتداد
على موضوع بحثنا، الا ان لقائل ان يقول انها ناظرة ومبنية
على ما تعارف عليه حينذاك، وان قوله: «ارتفع عنها الحيض
وايست منه‏» دال على سر عدم وجوب الاعتداد، وهو موجود
في ما نحن فيه، ومقتضاه ان لا يكون عليها عدة.
وقال الصدوق - في باب الطلاق من المقنع: «واعلم ان خمسا
يطلقن على كل حال: الحامل المبين حملها، والغائب عنها
زوجها، والتي لم يدخل بها، والتي قد يئست من الحيض او لم
تحض; وهو على وجهين: ان كان مثلها لا تحيض فلا عدة عليها،
وان كان مثلها تحيض فعليها العدة ثلاثة اشهر».
وليس في العبارة تصريح بان الاعتبار بالسن فلو فسر قوله:
«ان كان مثلها لا تحيض الخ‏» بما يعم مثل ما اذا كان عدم
الحيض مستندا الى اخراج الرحم بالعملية المذكورة لكانت
دالة على ان مثلها لا عدة عليها، كمن خرجت عن سن الحيض.
الا ان الظاهر انصراف العبارة الى المعهود في مثل ذلك
الزمان، لكنه مع ذلك ففي العبارة اشعار بسر حكم الاعتداد
كما في سابقتها.
وقال ابن ادريس - في باب العدد من السرائر -: «وان كانت لا
تحيض لصغر لم تبلغ تسع سنين او لكبر بلغ خمسين سنة مع
تغير عادتها وهما اللتان ليس في سنهما من تحيض فقد
اختلف اصحابنا في وجوب العدة عليهما، فمنهم من قال: لا
تجب، ومنهم من قال: تجب ان تعتد بالشهور; وهي ثلاثة اشهر،
وهو اختيار السيد المرتضى وبه قال جميع المخالفين...» الى
ان قال - بعد ذكر دليله كما في الانتصار -: «والقول الآخر
اكثر واظهر بين اصحابنا، وعليه يعمل العامل منهم، وبه يفتي
المفتي، والروايات بذلك متظافرة متواترة، وهو مذهب شيخنا
المفيد وشيخنا ابي جعفر في سائر كتبه. فاما الآية فلا تعلق
فيها بحال لا تصريحا ولا تلويحا; لانه تعالى شرط في ايجاب
العدة ثلاثة اشهر ان ارتابت، والريبة لا تكون الا فيمن تحيض
مثلها، فاما من لا تحيض مثلها فلا ريبة عليها، فلا يتناولها
الشرط المؤثر».
فتراه قدس‏سره قد استدل في مقام رد قول السيد بوجوب
العدة على الآيسة والصغيرة بان شرط ايجاب العدة هو ارتياب
الحمل او الحيض، والريبة لا تكون فيهما، فلا عدة عليهما،
ففيه دلالة واضحة على عدم ثبوت العدة على من لا تحيض
لانقلاع رحمها واخراجه.
اللهم الا ان يقال: ان مصب كلامه انما هو نفي دلالة الآية على
ما رامه السيد المرتضى بقوله الذي نقلناه: «وهذا نص صريح
في ان الآيسة من المحيض واللائي لم تبلغ عدتهن الاشهر على
كل حال‏» فهوقدس‏سره انما ينفي دلالة الآية من دون تصريح
بان الملاك في الاعتداد هو الارتياب. لكنه لا ينبغي الريب في
اشعار كلامه بذلك كما لا يخفى.
وقال الشيخ في باب العدد من النهاية: «واذا دخل بها ثم اراد
طلاقها; فان كانت لم تبلغ المحيض ومثلها لا تحيض - وحد
ذلك ما دون التسع سنين - لم يكن عليها منه عدة ... وان
كانت لا تحيض ومثلها تحيض كان عليها ان تعتد بثلاثة اشهر،
فاذا مضت فقد بانت منه وملكت نفسها».
الى ان قال بعد ذكر احكام لمستقيمة الحيض وغيرها: «واذا
طلقها وهي آيسة من المحيض، ومثلها تحيض كان عدتها
ثلاثة اشهر، وان كانت آيسة من المحيض ومثلها لا تحيض،
فليس عليها منه عدة، وبانت في الحال وحلت للازواج‏».
فهوقدس‏سره قد تعرض لحكم من لا تحيض وهي في سن
من تحيض مرتين، وحكم عليها بالاعتداد ثلاثة اشهر، واطلاقه
يشمل ما نحن فيه، اللهم الا ان يدعى انصرافه الى المتعارف
في ذلك الزمان كما احتملناه ذيل عبارة الشيخ المفيد
قدس‏سره.
وربما امكن ان يقال: ان قوله: «وان كانت آيسة من المحيض
ومثلها لا تحيض فليس عليها منه عدة‏» يعم ما نحن فيه فان
من قلع رحمها آيسة من المحيض ومثلها لا تحيض فلا بد وان
لا يكون عليها عدة، فليس ما نحن فيه داخلة في عنوان «من لا
تحيض ومثلها تحيض‏» بل في عنوان «الآيسة من المحيض
ومثلها لا تحيض‏» فلا بد وان لا يكون عليها عدة. لكنه ايضا
منصرف الى متعارف ذاك الزمان، الا انه مع ذلك لا يخلو عن
اشعار بالمطلب كما مر.
وقال - في كتاب العدد من المبسوط -: «والمدخول بها ان
كانت لم تبلغ ومثلها لم تبلغ لا عدة عليها عند اكثر اصحابنا،
وعند بعضهم يجب، وهو مذهب جميع المخالفين‏»... الى ان
قال: «الآيسة من المحيض ومثلها لا تحيض لا عدة عليها، مثل
الصغيرة التي لا تحيض مثلها، ومن خالف هناك خالف هاهنا.
وقالوا: عليها العدة بالشهور على كل حال‏».
والكلام فيه كما مر في عبارة النهاية: من امكان دعوى شمول
الآيسة لموضوع البحث، وامكان الانصراف عنها، وفي عدم
خلوها من الاشعار بحكم ما نحن فيه.
وقال قدس‏سره - في كتاب العدة من الخلاف -: «مسالة‏1:
الاظهر من روايات اصحابنا ان التي لم تحض ومثلها لا تحيض
والآيسة من المحيض ومثلها لا تحيض لا عدة عليهما من
طلاق، وان كانت مدخولا بها.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يجب عليهما العدة
بالشهور. وبه قال قوم من اصحابنا.
دليلنا روايات اصحابنا واخبارهم وقد ذكرناها، وايضا قوله
تعالى: (وال لائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم
فعدتهن ثلاثة اشهر) فشرط في ايجاب العدة ثلاثة اشهر ان
ارتابت، والريبة لا تكون الا في من تحيض مثلها، واما من لا
تحيض مثلها فلا ريبة عليها».
فعبارته قدس‏سره وان كانت من حيث الشمول لموضوع
البحث والانصراف عنه مثل عبارة نهايته الا ان بيانه 1 في مقام
الاستدلال «لان حكم الاعتداد المذكور في الآية لا يعم
اليائسة‏» يقتضي عدم عمومه لموضوع بحثنا ايضا; فان من
قلعت رحمها ايضا لا ريبة عليها.
وقال القاضي ابن البراج (المتوفى 481) - في مهذبه في باب
طلاق الآيسة من المحيض وليس في سنها من تحيض -: «فاذا
طلقها بانت منه في الحال، وكان بعد ذلك خاطبا من
الخطاب‏» ونحوها افاد في طلاق الصغيرة‏ولم يزد عليه ما
يستدل به لما نحن فيه.
وقال سلار - في كتاب الفراق من المراسم عند ذكر ما يلزم
المراة -: «فاما غير المتوفى عنها زوجها فعلى ضربين: احدهما
يجب عليها عدة، والآخر لا يجب عليها عدة، فمن لا يجب
عليها عدة من لم تبلغ المحيض وليست في سن من تحيض،
وغير المدخول بها، واليائسة من الحيض وليست في سن من
تحيض، وقد حد في القرشية والنبطية ستون سنة وفي غيرها
خمسون سنة‏».
وهوقدس‏سره وان وافق المشهور في عدم العدة على مثل
الصغيرة واليائسة الا ان عبارته لا مجال لتوهم عموم فيها
لمثل موضوع بحثنا. اللهم الا بمثل اشعار ضعيف كما لا يخفى.
وقال ابن حمزة - في فصل في بيان العدة من كتاب الطلاق
من الوسيلة عند ذكر عدة الطلاق -: «والتي لم تبلغ المحيض
ولا مثلها والآيسة من المحيض ومثلها لا تحيض لا عدة عليهما،
وقال المرتضى: عليهما العدة، مثل عدة من لم تبلغ المحيض
ومثلها تحيض. والآيسة من المحيض ومثلها تحيض، عدتها
ثلاثة اشهر». والكلام في احتمال عموم العبارة لما نحن فيه
وفي اشعارها مثل ما تقدم في سابقه.
وقال الحلبي في الكافي - في فصل في العدة -: «فاما الطلاق
فان وقع من حر او عبد بحرة او امة قبل الدخول او بعده
وقبل ان تبلغ تسع سنين او بعد ما يئست من الحيض ومثلها
لا تحيض فلا عدة عليها، وان كان بحرة بعد الدخول وقبل
الحيض او بعد ارتفاعه لعلة ومثلها من تحيض فعدتها ثلاثة
اشهر».
فقوله: «او بعد ما يئست من المحيض ومثلها لا تحيض...» ربما
يدعى عمومه لموضوع كلامنا، لكن دعوى الانصراف الى
خصوص من طعنت في السن قائمة، وعلى اي حال فالاشعار
ثابت كما تقدم.
وقال المحقق في الشرائع - ذيل الفصل الثالث من بحث
العدد -: «وفي اليائسة والتي لم تبلغ روايتان، احداهما انهما
تعتدان بثلاثة اشهر، والاخرى لا عدة عليهما، وهي الاشهر،
وحد الياس ان تبلغ خمسين سنة‏».
وقال في المختصر النافع: «ولا عدة على الصغيرة ولا اليائسة
على الاشهر وفي حد الياس روايتان اشهرهما خمسون سنة‏».
وكما ترى ليس في عبارتيه دلالة على حكم ما نحن فيه الا
الاشعار الذي مر بيانه.
وفي كشف الرموز - شرح المختصر النافع - لم يزد على المتن
شيئا الا قوله: «وعليهما - يعني خبري عدم ثبوت العدة على
الصغيرة واليائسة - عمل الشيخين وابن بابويه وابن ابي عقيل
وسلار».
وقال العلامة - في الفصل الاول من مبحث العدد من القواعد
-: «ولو دخل بالصغيرة، وهي من نقص سنها عن تسع او
اليائسة وهي من بلغت‏خمسين، او ستين ان كانت قرشية او
نبطية فلا اعتبار به، ولا يجب لاجله عدة طلاق ولا فسخ على
راي، اما الموت فيثبت فيه العدة وان لم يدخل وان كانت
صغيرة او يائسة، دخل او لا».
وفي ايضاح الفوائد لولده فخر المحققين (المتوفى 771 ) -
تعليقا على قوله: «على راي‏» ما نصه:
«اقول: الخلاف في الصبية التي لم تبلغ واليائسة اذا طلقت
بعد الدخول او فسخ نكاحها بعد الدخول هل عليهما عدة
الطلاق ام لا؟ قال الشيخان وابنا بابويه وابو الصلاح وسلار
وابن البراج وابن ادريس: لا عدة عليهما، وهو اختيار المصنف،
وهو الحق عندي، وقال السيد المرتضى وابن زهرة عليهما
العدة.
لنا ما رواه عبدالرحمن بن الحجاج في الموثق - فساق
الحديث - وفي الحسن عن زرارة - فساقه ثم قال -: ولان كلا
من هاتين المطلقتين انتفى سبب الاعتداد فيهما، وكلما
انتفى سبب الاعتداد انتفى الاعتداد; والثانية ظاهرة، واما
الاولى فلان سبب الاعتداد استعلام فراغ الرحم من الحمل،
لما رواه محمد بن مسلم عن الباقر(ع) قال: «التي لا يحبل
مثلها لا عدة عليها» وفي هذا الحديث ايماء الى ما ذكرنا،
والحمل هنا ممتنع بالنظر الى العادة‏».
وموضوع كلام المتن والشرح وان لم يعم ما نحن فيه، وليس
فيه ازيد من الاشعار المذكور بالعموم، الا ان الدليل الثاني
الذي استند اليه الشارح يقتضي انتفاء العدة في محل كلامنا
ايضا، فان المفروض انقلاع رحم المراة بالمرة وامتناع الحمل
بالقطع واليقين، فالرحم فارغة عن الحمل، وسبب الاعتداد
منتف، ولازمه انتفاء الاعتداد كما افاد.
وقال ابن فهد (المتوفى 841) في المهذب البارع - عند قول
المحقق:
«ولا عدة على الصغيرة ولا اليائسة على الاشهر» -: «اقول: هذا
هو مذهب الشيخين وتلميذه وابن حمزة والتقي وابن ادريس،
وذهب السيد الى وجوب العدة عليهما بثلاثة اشهر، واختاره
ابن زهرة. احتج الاولون بان المقتضي للاعتداد زال، فتزول
العدة; لان العدة انما شرعت لاستعلام فراغ الرحم من الحمل
غالبا، وهذه الحكمة منتفية هنا قطعا، فلا وجه لوجوب العدة‏».
وهي في الدلالة وكيفيتها مثل عبارة الايضاح كما هو واضح.
والعلامة في الارشاد لم يزد على قوله: «وان كانت في سن من
تحيض ولا حيض لها فعدتها ثلاثة اشهر، ولا عدة على الآيسة
والصغيرة‏».
وقال الشهيد الثاني في المسالك: «اختلف الاصحاب في
الصبية التي لم تبلغ التسع واليائسة اذا طلقت بعد الدخول..
هل عليهما عدة ام لا؟ فذهب الاكثر، ومنهم الشيخان
والمصنف والمتاخرون، الى عدم العدة. وقال السيد المرتضى
وابن زهرة: عليهما العدة، والروايات مختلفة ايضا، واشهرها
بينهم ما دل على انتفائها، فمنها - ثم سرد اربع روايات ثم قال:
- وحسنة محمد بن مسلم ايضاعن ابي جعفر(ع) قال: «التي لا
تحل مثلها لا عدة عليها». ويؤيده من جهة الاعتبار انتفاء
الحكمة الباعثة على الاعتداد فيهما، وهو استعلام فراغ الرحم
من الحمل، كما تنبه عليه رواية محمد بن مسلم السابقة،
وانتفاؤها عن غير المدخول بها، وهما في معناها».
فهو كما ترى قد جعل انتفاء الحكمة المذكورة مؤيدا للمدعى
لا مستندا له، وايده ايضا بانهما بمنزلة غير المدخولة التي لا
عدة عليها.
وقال سيد الرياض - عند شرح قول المحقق: «ولا عدة على
الصغيرة ولا اليائسة على الاشهر» والاستدلال له بالاخبار -:
«وهي مع استفاضتها واعتبار سند اكثرها وانجبار باقيها
بالشهرة العظيمة التي كادت تكون اجماعا بل اجماع في
الحقيقة معتضدة باصالة البراءة والمخالفة للتقية وفقد
الحكمة الموجبة للعدة.
فقوله قدس‏سره: «وفقد الحكمة الموجبة للعدة‏» نظير لما
ذكرناه عن المسالك آنفا كما لا يخفى.
المتحصل من كلماتهم:
فالمتحصل من هذه الكلمات: ان السيدين لم يفرقا في ثبوت
عدة الطلاق بين اقسام النساء واوجباها حتى على اليائسة
والصغيرة، واما غيرهما من الاصحاب فقد نفوها عنهما،
وعباراتهم في التعبير عن اليائسة مختلفة، فربما عبروا عنها
بمن يئست من المحيض وليست في سنها من تحيض، وهم
الاكثر، كما في المقنعة والانتصار والسرائر والمهذب والغنية
والمراسم بل والشرائع والنافع والقواعد والارشاد، وربما عبروا
عنها بمن يئست عن المحيض ومثلها لا تحيض، كما في عبارة
الصدوق في المقنع والشيخ في كتبه الثلاثة وابن حمزة في
الوسيلة والحلبي في الكافي.
وقد عرفت امكان دعوى عموم التعبير الثاني لما نحن فيه;
فان من قلع رحمها يائسة عن المحيض ومثلها لا تحيض،
ولازمه عموم حكمهم بانتفاء العدة لها، الا ان الانصاف انصرافها
الى متعارف ذلك الزمان من كون منشا الياس الكبر والطعن
في السن، فيتحد التعبيران، ولا يعم شي‏ء منهما لما نحن فيه،
نعم في كليهما اشعار بان سر انتفاء العدة عنهما انما هو عدم
امكان الحيض والحمل، فتنتفي العلة الباعثة على الاعتداد
فيهما، وهي استعلام فراغ الرحم من الحمل، وهو بعينه
موجود في ما نحن فيه، ولازمه ان ينتفي حكم وجوب
الاعتداد عن موضوع بحثنا ايضا، هذا.
ومسالتنا حيث انها مستجدة لا يعمها كلمات الاصحاب لا نفيا
ولا اثباتا، وان كان في كلماتهم ما يشعر بانتفاء الاعتداد فيها.
نعم، قد عرفت اشتمال كلمات بعضهم على الاستدلال لنفي
العدة عن اليائسة والصغيرة بدليل يقتضي نفيها عن موضوع
بحثنا، كما مر التنبيه عليه ذيل ما نقلناه عن الخلاف وايضاح
الفوائد.
متى ينفتح البحث:
وحينئذ فالعمدة هو الرجوع الى ادلة الباب ليستبين انها عامة
لما نحن فيه ايضاام انها خاصة بخصوص الكبيرة العجوزة.
وقبل الورود في تبين حدود مفادها يجب التنبه لنكتة: وهي
ان المقصود بالكلام هنا انه على القول بان الصغيرة واليائسة لا
عدة عليهما في الطلاق فهل يعم حكمهما لمنقلعة الرحم او لا؟
واما على قول السيدين من عموم الاعتداد لهما ايضا فلا مجال
للبحث عن استثناء ما نحن فيه عنه، فالبحث عما نحن فيه
فرع لقول المشهور، وهو واضح.
ومنه يتبين ان البحث في مسالتنا انما هو بعد الفراغ عن
تحكيم ادلة نفي العدة عن اليائسة والصغيرة ورفع اليد عن
معارضاتها; لعدم اعتناء المشهور بها او لموافقتها لمذهب
العامة او لغير ذلك.
وربما امكن ان يقال: انا لا نسلم تفرع البحث عن انتفاء العدة
في محل‏كلامنا على الفراغ عن انتفائها عن اليائسة والصغيرة;
وذلك ان ادلة الانتفاء عامة تدل على حكم المقلوعة الرحم بما
انها فرد من الافراد الداخلة في موضوع تلك الادلة بلا ابتناء
ولا تفرع على دخول اليائسة والصغيرة فيها.
الا ان التحقيق خلافه; وذلك ان عناوين الادلة النافية - كما
سياتي - كالنص فيهما بحيث لا يمكن اخراجهما عنها
واختصاصها بمثل من انقلعت رحمها، بل اما يرفع اليد عنها
كما هو قول السيدين، واما يؤخذ بها كما عليه المشهور، وعلى
الثاني ينفتح مجال البحث عن عمومها لموضوع كلامنا.
مقتضى القاعدة في المطلقة:
اذا عرفت هذا فنقول: قد يقال: ان مقتضى القاعدة ثبوت
العدة على كل‏مطل قة. وما يمكن ان يستدل به على هذه
القاعدة عدة من الآيات والاخبار:
1 - فمن الآيات قوله تعالى - في اول سورة الطلاق -: (يا ايها
النبي اذا طلقتم‏النساء فطلق وهن لعدتهن واحصوا العدة) فان
ظاهرها ان الطلاق انما يتحقق ببلوغ العدة وعموم (النساء)
شامل لجميع اصنافها التي منها من انقلع رحمها، فيدل على
ثبوت العدة في طلاقها ايضا.
فان قلت: ان اضافة العدة الى ضمير النساء في قوله تعالى:
(لعدتهن) تدل على مفروضية تشريع العدة للنساء، فلا محالة
تحكي عن تشريع العدة لهن قبل نزول هذه الآية، ويكون
اشارة الى آية البقرة، وحيث انها مختصة بمن تحيض من
النساء، فآية الطلاق ايضا تختص بمن تحيض، ولا عموم فيها.
بل قد يقال: ان الآية حيث انها ليست في مقام تشريع اصل
العدة، بل في مقام ذكر ان الطلاق والافتراق لا بد وان يكون
عند بلوغ العدة وانقضائها، فلا محالة تختص بمن شرعت لها
العدة من النساء، ولا عموم فيها يشمل جميع النساء لكي تدل
على قاعدة عامة.
قلت: لا ينبغي الريب - كما افيد - في ان الآية انما تكون
بصدد ان الفراق انما يكون ببلوغ العدة، الا انه لا ريب ايضا في
ان ما جعلته موضوع هذا الحكم عنوان (النساء) الذي ليس فيه
اي قيد، وهو اسم جمع يعم جميع افراد النساء، ولا مجال
لتقييد موضوع القضية بما يوجبه ثبوت محمولها له، كما في
سائر الموارد.
ولا يقاس بما اذا علم ان المحمول لا يمكن ثبوته لجميع
مصاديق الموضوع، فان نفس هذا العلم قرينة على هذا التقييد
الذي هو خلاف الظاهر، واما اذا لم يكن قرينة فاللازم ان
يؤخذ بظاهر الكلام الذي هو العموم.
وبالجملة، فحيث ان النساء عام يشمل جميع الافراد فمدلولها
الالتزامي ان كل واحدة منهن قد شرعت لها عدة تعتدها، وهو
كاف في اثبات المطلوب.
وما افيد من انه اشارة الى خصوص ما في آية البقرة لكي
تختص بمن تحيض من النساء.
فهو مما لا شاهد له، فان مدلول اللفظ ولازمه ليس سوى ان
النساء قد شرعت لهن عدة، واما ان هذا التشريع هو خصوص
التشريع المدلول عليه بآيات البقرة ليس الا، فلا شاهد له، بل
هو مدلول التزامي تابع في العموم والخصوص لمدلوله
المطابقي، وقد عرفت ان موضوع الحكم هو عنوان (النساء)
الشامل لجميع افراد النساء واصنافها.
نعم، يمكن ان يقال: ان العموم الذي قيل انما يستفاد من
الآية لو لم تكن مذيلة بذيل يحتمل كونه قرينة للتقييد، والا
فالذيل يمنع عن انعقاد العموم، ويوجب فيه الاجمال، وهاهنا
الامر كذلك.
وذلك ان قوله تعالى في الآية الرابعة من السورة نفسها:
(واللائي يئسن من‏الم حيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن
ثلاثة اشهر) قد قيد الاعتداد بالاشهر بالارتياب الظاهر في
ارتياب الحمل واحتماله، فيدل بالمفهوم على انه مع عدم
احتمال الحمل في اليائسة المذكورة فلا عدة عليها، فربما
يفهم منه انه كلما لم يكن احتمال الحمل لم يكن مجال للعدة،
فهي قرينة متصلة بذيل الكلام، يقيد بها المطلق الواقع صدره،
وتمنع عن انعقاد الاطلاق او العموم له.
والانصاف: ان مجرد احتمال ان يكون نزول الآيات الاربع دفعة
واحدة واحتمال ان يراد بالارتياب احتمال الحمل يوجب طرو
الاجمال في ظهور الكلام، فلا يمكن الاستدلال به على اثبات
قاعدة عامة; وحيث ان كلا من الاحتمالين قائم فالاستناد
اليها لاثبات القاعدة مشكل جدا بل غير صحيح، والله العالم.
2 - ومنها قوله تعالى - في سورة البقرة -: (والمطلقات
يتربصن بانفسهن ثلاثة‏قروء) بلحاظ ان عموم (المطلقات) ايضا
شامل لجميع اصناف النساء كعموم (النساء) حرفا بحرف.
والتحقيق: ان دلالتها غير تامة، فان حكم التربص ثلاثة قروء
يخصص عمومها بخصوص من تحيض منهن، فان الاقراء الثلاثة
- سواء كان القرء بمعنى الطهر كما هو الصحيح ويشهد له
الاخبار بعناية انه المناسب لاصله في اللغة اعني الجمع، فان
زمن الطهر زمن اجتماع الدم في الرحم ام كان بمعنى الحيض
كما عد ايضا من معانيه - انما يتصور تحققها فيمن تحيض
وتطهر، فيكون لها ثلاثة اطهار او ثلاث حيض، واما من لا
تحيض بعد الطلاق اصلا - اما لعدم بلوغها سن الحيض واما
لتجاوزها عنه واما لانقلاع رحمها واما لعوارض وامراض
شخصية - فلا محالة لا يمكن دخولها في العموم المحكوم بهذا
الحكم، فاختصاص المحمول ببعض الاصناف وعدم امكان
تصوره في بعض آخر دليل وقرينة على تخصيص الموضوع،
كما لا يخفى.
3 - ومن الاخبار معتبرة داود بن سرحان عن ابي عبدالله(ع)،
قال: «عدة المطلقة ثلاثة قروء او ثلاثة اشهر ان لم تكن
تحيض‏».
بتقريب انه(ع) حكم على المطلقة بالاعتداد ثلاثة اشهر او
ثلاثة قروء، واطلاقها شامل لجميع المطلقات، فيستفاد منها
تلك القاعدة الكلية.
الا ان لقائل ان يمنع اطلاقها; ولذلك ان الظاهر انه(ع) في
مقام بيان مقدار عدة المطلقة وكميتها، واما ان هذه العدة
ثابتة في جميع الموارد او بعضها فهو امر آخر ليس في مقام
بيانه.
4 - ومنها صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله(ع) قال: لا ينبغي
للمطلقة ان تخرج الاباذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة
قروء او ثلاثة اشهر ان لم تحض‏». وتقريب دلالتها يظهر مما
ذكرناه ذيل سابقتها، فالجواب عنه ايضا يظهر مما مر فانه(ع)
في مقام بيان انه ليس للمطلقة ان تخرج في زمان العدة، ثم
بين كميتها. واما ان كل مطلقة محكومة بالاعتداد ام لا، فهو
امر آخر ليس في مقام بيانه.
ومنه يظهر الكلام تقريبا وجوابا في رواية محمد بن قيس عن
ابي جعفر(ع)، قال: «المطلقة تعتد في بيتها ولا ينبغي لها ان
تخرج حتى تنقضي عدتها، وعدتها ثلاثة قروء او ثلاثة اشهر الا
ان تكون تحيض‏».
فالحق انه ليس هنا قاعدة عامة تقتضي ثبوت العدة لجميع
المطلقات لتكون هي المرجع اذا قصرت ايدينا عن التمسك
بدليل خاص.
وكيف كان، فمفروض البحث قيام الدليل على ان لا عدة في
اليائسة والصغيرة والقول بعدمها فيهما، وليس البحث في
ذلك، وانما الكلام في من قلع واخرج رحمها هل هي ملحقة
بهما او لا؟
وحينئذ فيتمحض الكلام في انه هل قام دليل على ان طلاق
المنقلعة الرحم ايضامن اقسام الطلاق البائن حتى تكون هي
ايضا محكومة بان لا عدة عليها في الطلاق كاليائسة والصغيرة؟
فنقول:
يمكن‏الاستدلال‏لمحكوميتها بحكم‏اليائسة والصغيرة‏بطوائف
من‏الاخبار:
الطائفة الاولى: ما تدل على ان من لا تحبل مثلها لا عدة
عليها:
1 - فمنها ما عن الكافي والتهذيبين باسناد صحيح عن
صفوان عن محمد بن حكيم عن محمد بن مسلم عن ابي
جعفر(ع) قال: «التي لا تحبل مثلها لا عدة عليها».
والكلام فيه اما في السند، واما في الدلالة:
اما سنده، فليس فيه احد يتامل في وثاقته، الا محمد بن
حكيم، فانه وان سلم انه الخثعمي الا انه مع ذلك لم ينص
على توثيقه; اذ لم يرد في محمد بن حكيم ازيد من «ان ابا
الحسن(ع) كان يامره ان يجالس اهل المدينة في مسجد
النبي(ص) وان يكلمهم ويخاصمهم، حتى كلمهم في صاحب
القبر، فكان اذا انصرف اليه، قال له: ما قلت لهم؟ وما قالوا لك؟
ويرضى بذلك منه‏». وهذا الارتضاء لا يدل على انه كان ثقة
في‏الحديث، نعم قد روى الحديث عنه صفوان الذي لا ريب
في انه صفوان بن يحيى، وهو من الثلاثة الذين ذكر الشيخ في
العدة «انهم من الثقات الذين عرفوا بانهم لا يروون ولا يرسلون
الا عمن يوثق به‏»، مضافا الى انه من اصحاب الاجماع، من
الستة الثالثة، فبناء على الاخذ بظاهر كلام الشيخ - كما ليس
ذلك بالبعيد - يكون سند الرواية معتبرا، والله العالم.
واما دلالته، فقد حكم بانه لا عدة على «التي لا تحبل مثلها»
فجعل موضوع حكم انتفاء العدة ان تكون المراة داخلة تحت
عنوان «التي لا تحبل مثلها» فيعم ما نحن فيه، ويقتضي ان لا
يكون عدة على من انقلع رحمها.
وبيانه: ان عدم حمل امراة تارة يحتمل فيه ان يكون
لخصوصية شخصية عارضة ربما ترتفع بمر الزمن فيحتمل
ارتفاعها كل آن، فعدم الحمل اذا كان من هذا القبيل فلا اثر
له في انتفاء العدة، وتارة اخرى يكون مستندا الى جهة واضحة
توجب ان لا تحمل كل امراة وجدت فيها هذه الجهة، ويصح
ان يقال: ان هذه المراة لا تحبل مثلها، فهذه هي موضوع
الحكم في الحديث، فحينئذ هذه المراة ومثلها اذا طلقت فلا
عدة عليها.
وهذا كما في الصغيرة التي لم تبلغ، والعجوز التي جازت
سن‏المحيض، وكالمراة التي قلع رحمها من راس، فهي ايضا
داخلة تحت عموم الموضوع فيعم ها الحكم بلا اشكال.
وانحصار مصداق الموضوع في مثل زمان صدور الحديث
بخصوص القسمين الاولين لا يوجب انحصار مفهومه فيهما، بل
يعم جميع ما كان داخلا تحت العموم، لا سيما وان تعليق
الحكم المذكور على هذا العنوان فيه اشعار قوي بان تمام
الملاك لانتفاء العدة انما هو انها لا تحبل، وهو موجود قطعا
في موضوع البحث، كما لا يخفى. وبالجملة، فدلالة الحديث
على عدم وجوب العدة على المراة التي قلعت واخرجت رحمها
لا ينبغي الريب فيه.
ان قلت: ان نفس العنوان الماخوذ في الحديث وان كان
بمفهومه شاملا لمقلوعة الرحم الا انه منصرف الى المصداق
المتعارف في ذلك الزمان، وهي الصغيرة والعجوزة.
قلت: لا نسلم الانصراف لا سيما وان العنوان مذكور ابتداء في
كلام الامام(ع) بل ان جعل الحكم على الموصول وذكر الصلة
الخاصة له يكون فيه دلالة على سر الحكم وانه لا عدة عليها،
لانها لا تحبل، ويوجب قوة ظهوره في الاطلاق.
2 - ومنها مرسل جميل بن دراج - المروي عن الكافي
والفقيه والسرائر - عن بعض اصحابنا عن احدهما8 في الرجل
يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا يحمل مثلها وقد كان قد دخل
بها والمراة التي قد يئست من المحيض وارتفع حيضها ولا تلد
مثلها قال: «ليس عليهما (عليها - خ سرائر) عدة وان دخل بهما
(بها - خ سرائر»).
وفي سند الحديث ارسال، ارسله جميل بن دراج عن بعض
اصحابنا عن احدهما كما في الكافي والسرائر - وجميل من
اصحاب الاجماع، وهو افقه الستة الثانية من اصحاب الاجماع،
وهو افقه الستة الثانية من اصحاب ابي عبدالله (ع)، الا ان
مجرد ذلك غير كاف في اعتبار السند.
لكن عبارة الصدوق في الفقيه - بعد نقل موثقة الحلبي عن
ابي عبدالله(ع) هكذا: «وفي رواية جميل: انه قال في الرجل
يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا يحمل مثلها، وقد كان دخل بها،
والمراة التي قد يئست من المحيض وارتفع طمثها ولا تلد
مثلها، فقال: ليس عليهما عدة‏» وظاهره ان جميلا قد روى
الحديث بلا ارسال عن ابي عبدالله(ع)، فيكون صحيح السند.
اللهم الا ان يقال - بعد وحدة متن الحديث في الكتب الثلاثة،
وبعد كون الراوي في جميعها جميل بن دراج -:
ان العرف يحكم بان الحديث المروي في الكتب الثلاثة حديث
واحد، والتصريح بالارسال في الكافي والسرائر قرينة على ان
مراد الصدوق ايضا من تعبيره برواية جميل ان آخر من ذكر
في سند الحديث هو جميل، وان كان هو قد ارسله عن
المعصوم(ع)، وهو وان كان خلاف الظاهر الا انه لا باس
بالمصير اليه في مقام الجمع. وان ابيت فبعد استظهار وحدة
الحديث‏يكون من باب تعارض نقله‏ لنقلهما، ولازمه التساقط
وعدم ثبوت حجية السند، هذا كله من جهة سنده.
واما دلالته، فلا يبعد ان يقال: ان ذكر عبارة «ولا تحمل
مثلها» او «ولا تلد مثلها» بعد ما ذكر «ان الصبية لم تبلغ وان
المراة قد يئست من المحيض وارتفع حيضها» ظاهر عرفا في
ان تمام السر والملاك في الحكم بنفي العدة انما هو ان مثلها
لا تحمل ولا تلد، وان ملاك الحكم بانتفاء العدة في الموردين
والموضوع الاصيل فيهما واحد، هو انها لا تحمل ولا تلد مثلها،
فالصبية او اليائسة بما انها لا تلد ولا تحمل ليس عليهما عدة،
فكانه(ع) قال التي لا تحمل مثلها ولا تلد مثلها فلا عدة عليها،
وحينئذ يعم الحكم لما نحن فيه، اعني المراة التي قلعت
واخرجت رحمها.
3 - ومنها ما عن التهذيب عن جميل بن دراج عن بعض
اصحابنا عن احدهما(ع) : «في الرجل يطلق الصبية التي لم
تبلغ ولا تحمل مثلها فقال: ليس عليها عدة وان دخل بها».
وفي سند الحديث - مضافا الى الارسال المذكور - علي بن
حديد الذي نقل عن الشيخ‏قدس‏سره تضعيفه في التهذيبين،
نعم هي في الدلالة مثل المرسل السابق، بل يحتمل قويا ان
يكون تقطيعا منه، والله العالم.
وقد يعد من معارضات هذه الطائفة صحيحة محمد بن مسلم
عن احدهما عليها السلام‏انه قال: «في التي تحيض في كل
ثلاثة اشهر مرة او في ستة او في سبعة اشهر، والمستحاضة
التي لم تبلغ الحيض، والتي تحيض مرة ويرتفع مرة، والتي لا
تطمع في الولد، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت انها لم تياس،
والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم، فذكر ان عدة
هؤلاء كلهن ثلاثة اشهر» حيث ذكر في من عدتها ثلاثة اشهر
«التي لا تطمع في الولد» وهي عبارة اخرى عن التي لا تحبل
ولا تلد، فيكون معارضا لما سبق.
لكنه لا يبعد ان يقال: ان ظاهر سياق الحديث انه بصدد عد
طوائف من النساء خرجت عن المعهود من النساء وكانت على
خلاف المتعارف، وعليه فالمراد بالمراة «التي لا تطمع في
الولد» - بقرينة ان اطلاقها يشمل ما اذا كانت مستقيمة
الحيض وقتا وعددا - خصوص الامراة‏التي تكون عقيمة لم
تحبل طول الزمان مع ان لها زوجا لا علة به وكان عدم حملها
مستندا الى عارض شخصي غير معلوم، ولا تعم من كان لعدم
حبلها سبب معلوم لا تحبل مثلها، ولو سلم لها اطلاق لما كان
شك في تخصيصه بما ذكرنا بقرينة ما سبق من الاخبار.
هذا تمام الكلام عن الطائفة الاولى.
الطائفة الثانية: ما تدل على ان من لا تحيض مثلها لا عدة
عليها.
1 - منها صحيحة حماد بن عثمان عن ابي عبدالله(ع) قال:
«سالته عن التي قد يئست من المحيض والتي لا تحيض مثلها
قال: ليس عليها عدة‏».
بيان‏الاستدلال بها:
ان تمام موضوع‏السؤال هو عنوان «التي لا تحيض مثلها»، وهي
شاملة لمن قلعت واخرجت رحمها، فان الرحم مبدا دم
الحيض، فالمراة التي اخرجت رحمها لا تحيض مثلها، فلا
محالة يحكم عليها بانها لا عدة عليها.
فان قلت: ان هذا العنوان المطلق قد وقع في كلام السائل،
وحيث ان قلع الرحم واخراجها امر حادث اقتضته التطورات
العلمية الحديثة، فلا محالة كان مصداقه في ذلك الزمان
منحصرا في الصغيرة التي لم تبلغ سن الحيض، ولذا كان
ذكره في لسان السائل منصرفا الى خصوص االصغيرة، فلا
ينعقد له في كلام االسائل اطلاق عام لما نحن فيه، والامام(ع)
جعل ما ذكره السائل موضوعا لحكمه، فيختص الحكم
المذكور في كلامه(ع) ايضا بخصوص الصغيرة.
قلت: هذا غاية تقريب نفي الشمول، الا انه مع ذلك كله ايضا
يمكن ان يقال: ان التعرض لانتفاء الحيض عن المطلقة في
كلام السائل يعطي ان في ذهنه ارتباطابين التحيض
والاعتداد.
ولعله نشا مما سمعه عنهم: من قولهم: «العدة من الماء»
وقولهم «اما عدة المطلقة ثلاثة قروء فلاستبراء الرحم من
الولد». فارتكز في ذهن هذا الفقيه العظيم الذي اجمعت
العصابة على تصحيح ما صح عنه ان الاعتداد انما هو لمكان
الاطمئنان من عدم الحبل، فاذا كانت المراة لا تحيض فهذا
الاطمئنان حاصل بنفسه، فلا حاجة الى الاعتداد، فلاجل هذا
الارتكاز قام بصدد السؤال ليطمئن قلبه بما ارتكز عليه ذهنه.
وعليه، فتمام الموضوع عنده هي التي لا تحيض مثلها،
وخصوصية عدم بلوغ سن الحيض او الخروج عنه لا اثر لها
عنده، فاذا اجيب بقوله(ع): «ليس عليها عدة‏» فهم ان تمام
الموضوع لعدم الاعتداد هو ما ارتكز عليه ذهنه، فاذا حدث له
مصداق آخر بمقتضى التقدم العلمي الحديث لما كان ريبة في
محكوميته ايضا بحكم ذينك المصداقين الطبيعيين.
2 - ومنها معتبرة عبدالرحمان بن الحجاج قال: قال ابو
عبدالله(ع): «ثلاث يتزوجن على كل حال، التي لم تحض
ومثلها لا تحيض، قال: قلت: وما حدها؟ قال: اذا اتى لها اقل
من تسع سنين، والتي لم يدخل بها، والتي قد يئست من
المحيض ومثلها لا تحيض، قلت: وما حدها؟ قال: اذا كان لها
خمسون سنة‏».
وبيان الاستدلال به ان العناوين الثلاثة، ولا سيما بعد التفسير
المذكور فيه وان لم يعم شي‏ء منها ما هو محل الكلام، الا انه
مع ذلك فليس ببعيد دعوى ان المفهوم منها ان من لا تحيض
مثلها فليس عليها عدة، والعنوانان المذكوران فيه مصداق
لهذا الكلي، ولا خصوصية لعدم بلوغ سن المحيض، ولا
للخروج عنه، بل تمام الموضوع لنفي الاعتداد هو ان تكون
ممن لا تحيض مثلها، وهو عام لمحل الكلام.
وبعبارة اخرى: ان تعليق الحكم على عنوان «التي لا تحيض
ومثلها لا تحيض‏» شاهد على ان تمام الملاك والعلة لانتفاء
العدة انما هو كونها لا تحيض ومثلها لاتحيض، لا ان
ملاك‏الحكم هو السن الخاص، والا كان المناسب ان يقول
«التي لم تبلغ التسع، والتي جاوزت الخمسين‏» فالعدول الى ما
في الحديث، ولا سيما تكرار جملة «ومثلها لا تحيض‏» فيه
شهادة واضحة على ما ذكرنا.
3 - ومنه تعرف امكان الاستدلال بصحيحة زرارة عن ابي
عبدالله(ع) في الصبية التي لا تحيض مثلها والتي قد يئست
من المحيض قال: «ليس عليهما عدة وان دخل بهما».
وتعبيرنا بالصحيحة بناء على نسخة التهذيبين، والا فنسخة
الكافي مكان «زرارة‏» «من رواه‏»، فتكون مرسلة ارسلها حماد
بن عثمان احد اصحاب الاجماع، لكنه لا يضر بصحة سند ما
في التهذيب والاستبصار بعد احتمال ان يكون حماد رواها
بوجهين، نعم لو اطماننا ان الحديث واحد وانما جاء الاختلاف
لتشابه صورة «عن زرارة‏» و«عم ن رواه‏» في الكتابة لما كان
يثبت لها سند يحكم عليه بالصحة، وكانت النتيجة تابعة
لاخس المقدمتين كما لا يخفى، وبعد ذلك كله فالامر سهل.
فالحاصل: ان المستفاد من هذه الطائفة من الاخبار ان من لا
تحيض مثلها من المطلقات فليس عليها عدة، وهذا العنوان له
مصاديق ثلاثة: اثنان منها طبيعيان هما: من لم تبلغ سن
المحيض ومن خرجت عن سنه، والثالث اقتضاه التقدم العلمي
الحديث، وهي من قلع واخرج رحمها، وحيث ان تمام
الموضوع هي من لا تحيض مثلها وهي صادقة ومتحققة في
جميع المصاديق، فيتبعها الحكم، اعني عدم الاعتداد، هذا.
ما دل على وجوب العدة على من لا تحيض:
الا ان هنا عدد من الاخبار ربما تدل على ثبوت العدة على
المطلقة التي لا تحيض ثلاثة اشهر، وهذه الاخبار على لسانين:
احدهما: ما يكون بلسان «التي لا تحيض مثلها» وهو خبر
محمد بن حكيم قال: «سالت ابا الحسن(ع) فقلت: المراة التي
لا تحيض مثلها ولم تحض كم تعتد؟ قال: ثلاثة اشهر، قلت:
فانها ارتابت قال: تعتد آخر الاجلين; تعتدتسعة اشهر، قلت:
فان ها ارتابت، قال: ليس عليها ارتياب; لان الله عزوجل جعل
للحبل وقتافليس بعده ارتياب‏».
فموضوع سؤاله هو «المراة التي لم تحض ولا تحيض مثلها»
وهو عين موضوع اخبار الطائفة الثانية، وقد حكم(ع) عليها
بالاعتداد ثلاثة اشهر، وهو مناقض لما تضمنته اخبار هذه
الطائفة، كما لا يخفى.
ثانيهما: ما اسند فيه عدم التحيض الى نفس المراة من دون
اسناد له الى مثلها، وهي اخبار متعددة:
1 - منها صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله(ع) قال: «عدة المراة
التي لا تحيض، والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة اشهر، وعدة
التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء... الحديث‏».
2 - ومنها صحيحته ايضا عن ابي عبدالله(ع) قال: «عدة المراة
التي لا تحيض، والمستحاضة التي لا تطهر، والجارية قد
يئست ولم تدرك الحيض ثلاثة اشهر، والتي يستقيم حيضها
ثلاث حيض، متى ما حاضتها فقد حلت للازواج‏» وهذه العبارة
لفظ التهذيب، ورواه الصدوق في الفقيه بحذف «ولم تدرك
الحيض‏» عن وسطه وحذف «متى ما حاضتها الخ‏» عن آخره.
3 - ومنها صحيحة ابن سنان عن ابي عبدالله(ع) قال: في
الجارية التي لم تدرك الحيض، قال: «يطلقها زوجها بالشهور،
قيل: فان طلقها تطليقة ثم‏مضى شهر ثم حاضت في الشهر
الثاني قال - الحديث‏».
4 - ومنها خبر ابي بصير قال: «عدة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة
اشهر، والتي قد قعدت من المحيض ثلاثة اشهر».
5 - ومنها معتبرة ابي بصير عن ابي عبدالله(ع) قال: «عدة
التي لم تحض والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة اشهر، وعدة
التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة قروء، والقرء جمع الدم بين
الحيضتين‏».
فهذه الاخبار قد حكمت على «التي لم تحض ولا تحيض
مثلها» او «التي لا تحيض‏» او «التي لم تدرك الحيض‏» ونحوها
بالاعتداد ثلاثة اشهر، وهو مناف - بنفس العنوان في الاول
وباطلاقه في غيره - لما حكمت عليه اخبار الطائفة الثانية من
عدم الاعتداد.
مناقشة هذه الادلة:
والحق ان عن معارضة هذه الاخبار جوابين: احدهما عام
لجميعها والثاني خاص بكل منها.
اما الجواب العام عن جميع هذه الاخبار المعارضة، فهو انها
من اخبار قول السيدين، وقد عرفت ان بحثنا هذا متفرع على
قول المشهور من عدم اعتداد اليائسة والصغيرة، اعني ان
بحثنا مفروض بعد رفع اليد عن مثل هذه الاخبار بما هو مقرر
في ذاك البحث.
واما الجواب الخاص عن كل منها، فما عدا خبر محمد بن
حكيم مطلق شامل لمن لا تحيض مثلها ولغيرها، واخبار
الطائفة الثانية خاصة بمن لا تحيض مثلها حاكمة بان لا عدة
عليها، فتكون قرينة على تقييد هذه الاخبار بغيرها،ممن‏كان
عدم‏حيضهالعوارض‏شخصية‏بعد وقوعهافي‏سن‏من تحيض.
وقد صرح به شيخ الطائفة في التهذيب والاستبصار
فانه‏قدس‏سره في التهذيب - بعد ان استدل لعدم وجوب
الاعتداد على المطلقة الصغيرة والآيسة بجملة من الاخبار -
قد ذكر معارضا لها خبر ابي بصير وصحيح الحلبي، ثم قال:
«فلا تنافي بين هذين الخبرين وبين ما قدمناه; لانا نحملهما
على المسترابة التي مثلها تحيض، وليس فيهما ان مثلها لا
تحيض، فاذا كان كذلك حملناهما على ما يوافق
الاخبارالمتقدمة، ولاتضاد، والذي يدل على صحة ذلك قوله
تعالى: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم
فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن) فشرط في وجوب
العدة عليهما الريبة، وذلك دال على ما قدمناه‏». ونحوه افاد
في الاستبصار في باب عدم العدة على الصغيرة واليائسة
فراجع.
واما خبر محمد بن حكيم، فمتنه المنقول في الكتب هو ما مر
الا انه لا يخلو عن اضطراب; فان «المراة التي لم تحض ومثلها
لا تحيض‏» هي الصغيرة التي لم تبلغ سن الحيض، ولا مجال
في مثلها لارتياب الحمل المذكور في الخبر، ولذلك فيحتمل
فيه تحريف من النساخ او وهم من الراوي.
بل الرجوع فيه الى سياق عبارة التهذيب يعطي انه قد وقع
فيه زيادة لفظة «لا» من النساخ وان الصحيح «المراة التي
تحيض مثلها ولم تحض كم تعتد» فيكون موضوع سؤاله قسما
من المسترابة.
وذلك ان الشيخ‏قدس‏سره - بعد دفع المنافاة بين خبر ابي
بصير وصحيح الحلبي وبين سائر الاخبار بما مر آنفا وحملهما
على المسترابة - قال:
«والذي يزيد ما قدمناه بيانا - من ان عدة المسترابة ثلاثة
اشهر - ما رواه احمد بن محمد بن عيسى فذكر صحيحة
اسماعيل بن سعد الاشعري ثم‏صحيحة زرارة ثم خبر محمد
بن حكيم هذا».
فقد ذكر هوقدس‏سره خبر محمد بن حكيم بيانا ودليلا على
ان عدة المسترابة ثلاثة اشهر، ومن المعلوم ان خبر ابن حكيم
انما يكون بيانا لعدة المسترابة اذا كان موضوعه «المراة التي
تحيض مثلها ولم تحض هي‏» والا فالمراة التي لم‏تحض و لا
تحيض مثلها ليست بمسترابة، بل هي صغيرة محكومة بان لا
عدة عليها.
وبالجملة، فسياق العبارة قرينة واضحة على زيادة لفظة «لا».
ومما يؤيده ايضا ان ثقة الاسلام الكليني قد اخرج حديث
محمد بن حكيم في الكافي باسناد آخر في باب المسترابة
بالحمل عن ابي الحسن(ع) قال: «قلت له: المراة الشابة التي
تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها، كم عدتها؟ قال:
ثلاثة اشهر، قلت: فانها ادعت الحبل بعد ثلاثة اشهر، قال:
عدتها تسعة اشهر، قلت: فانها ادعت الحبل بعد تسعة اشهر،
قال: انما الحبل تسعة اشهر... الحديث‏» فان المظنون وحدة
الحديثين، والاختلاف انما جاء من قبل النقل بالمعنى.
وقد سبقنا - في استظهار زيادة لفظة «لا» والتاييد بنقل
الكافي - المحدث الباقر المجلسي في شرحه ملاذ الاخيار،
فانه قال هنا ما لفظه قوله:
«التي لا تحيض مثلها» الظاهر ان كلمة «لا» زيدت من النساخ،
وفي الكافي عن محد بن حكيم بسند آخر: «التي تحيض مثلها».
واحتملها ايضا المحدث الكاشاني قدس‏سره في الوافي، فانه
قدس‏سره بعد نقل كلام آخر للشيخ في ان مقتضى الجمع بين
الاخبار ان لا عدة على اليائسة والصغيرة، وذكر انه مناف لخبر
محمد بن الحكيم قال: «الا ان يقال: ان لفظة «لا» في «لا
تحيض مثلها» من زيادة النساخ‏».
وكيف كان، فاخبار الطائفة الثانية ايضا تامة الدلالة على ان
من قلعت رحمها لا عدة عليها، والله العالم.
الطائفة الثالثة: ما وردت في بيان العلة لاعتداد المطلقة:
1 - وهي خبر محمد بن سليمان عن ابي جعفر الثاني(ع) قال:
«قلت له: جعلت فداك، كيف صارت عدة المطلقة ثلاث حيض
او ثلاثة اشهر، وصارت عدة المتوفى عنها زوجها اربعة اشهر
وعشرا؟ فقال: اما عدة المطلقة ثلاثة قروء، فلاستبراء الرحم
من الولد، واما عدة المتوفى عنها زوجها فان الله تعالى
شرطللنساء شرطا وشرط عليهن شرطا.. الحديث‏». وحاصل ما
ذكره في عدة الوفاة ان الاربعة اشهر وعشرا انما هي غاية صبر
المراة في ترك الجماع.
ورواه البرقي - في كتاب العلل من محاسنه - عن ابيه عن
محمد بن سليمان الديلمي عن ابي خالد الهيثم الفارسي نحوه
عن ابي الحسن الثاني.

كما رواه الصدوق في علل الشرائع - في باب العلة التي من
اجلها صار عدة المطلقة ثلاثة اشهر او ثلاث حيض وعدة
المتوفى عنها زوجها اربعة اشهر وعشرة ايام - باسناده عن
البرقي عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابي الهيثم نحوه.
وفي سند الرواية ضعف; لوقوع الحسين بن سيف ومحمد بن
سليمان في اسناد الكافي، ومحمد بن سليمان الديلمي وابي
خالد الهيثم الفارسي او ابي الهيثم في اسناد المحاسن والعلل،
وهم بين مجهول ومشترك.
وبيان الاستدلال بها ان ظاهرها ان علة الحكم على المطلقة
بالاعتداد هي استبراء رحمها من الولد، وحيث انه قطعي في
المقلوعة الرحم; لانها لا رحم لها لكي يحتمل فيها ولد نقوم
بصدد الاطمئنان بخلوها عنه بالاعتداد، فعليه فلا مجال
لوجوب الاعتداد عليها.
ويمكن ان يقال: انها في مقام بيان الفرق بينهما في مقدار
العدة، لا في مقام ذكر سر اصل الاعتداد، ولذلك فيحتمل
فيها انه(ع) اقتصر في مقام بيان الفرق بما يختص بالمصاديق
الشائعة; ولهذا قال: «اما عدة المطلقة ثلاثة قروء» وهو خاص
بمن تحيض من النساء.
2 - ومن اخبار هذه الطائفة خبر زرارة عن الباقر(ع) قال:
سالته عن امراة نعي اليها زوجها فاعتدت فتزوجت، فجاء
زوجها الاول ففارقها وفارقها الآخر، كم تعتد للناس؟ قال:
«بثلاثة قروء، وانما يستبرا رحمها بثلاثة قروء، تحلها للناس
كلهم‏» قال زرارة: وذلك ان اناسا قالوا: تعتد عدتين لكل واحد
عدة، فابى ذلك ابو جعفر(ع) وقال: «تعتد ثلاثة قروء فتحل
للرجال‏».
وهي في الدلالة قريبة من سابقتها، فان مفارقة الزوج الاول
لها انما تكون بالطلاق، فهي تعتد عدة الطلاق، وقد علل
الاكتفاء بثلاثة قروء بانه يستبرا بها رحمها، فتدل على ان سر
اعتداد ثلاثة قروء في المطلقة انما هو استبراء رحمها، فاذا
كان هذا الاستبراء من الولد حاصلا قطعا من اول الامر، فليس
لوجوب الاعتداد عليها وجه، فلا عدة على من اخرجت رحمها.
الا ان الحق انه لا دلالة فيه على ان الاستبراء المذكور علة
للاعتداد من الطلاق، فلعله علة الاكتفاء بثلاثة قروء بالنسبة
الى زوجها الثاني. مضافا الى ان في السند موسى بن بكر الذي
لم تثبت وثاقته.
وربما يؤيد هذه الطائفة خبر اسحاق بن جرير عن ابي
عبدالله(ع) قال: قلت له: الرجل يفجر بالمراة ثم يبدو له في
تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال: «نعم، اذا هو اجتنبها حتى
تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله ان يتزوجها،
وانما يجوز له تزويجها بعد ان يقف على توبتها» فانه يدل على
حصول استبراء الرحم بالاعتداد.
لكنه لا دلالة فيه على ان الاستبراء هو تمام العلة في عدة
المطلقة، فان‏الخبر وارد في الاعتداد من الزنا، ولعل سره غير
سر اعتداد المطلقة، كما اختلف السر في عدة الوفاة والطلاق
على ما مر. نعم، فيه تاييد له للظن بانه هو السر في عدة
المطلقة ايضا.
ومثل هذا الخبر رواية تحف العقول ايضا فراجع.
لكنه يعارض هذه الطائفة صحيحة ابي عبيدة الحذاء، قال:
«سئل ابو جعفر(ع) عن خصي تزوج امراة وفرض لها صداقا
وهي تعلم انه خصي، فقال: جائز. فقيل: فانه مكث معها ما شاء
الله ثم طلقها هل عليها عدة؟ قال: نعم، اليس قد لذ منها
ولذت ... الحديث‏».
فقد جعل مجرد التذاذ الخصي منها سببا لوجوب العدة عليها،
مع ان الخصي لا مني له يوجب حملها، فلا يكون سر العدة
استعلام فراغ الرحم من الحمل، وبعبارة اخرى: ان البيضتين
هما مبدا خلق المني، والخصاء هو سل‏البيضتين ونزعهما،
فالخصي لا مني‏له لكي يحصل منه نطفة في رحم زوجته،
فاليقين حاصل من اول الامر بفراغ رحمها من الماء او الولد،
فلو كان استبراء الرحم منه هي العلة لثبوت العدة عليها لكان
اللازم عدم وجوبها فيها، مع ان الصحيحة مصرحة بثبوت العدة،
وعللتها بقوله(ع): «اليس قد لذ منها ولذت‏».
قال في الجواهر - بعد قول المحقق: «لا عدة على من لم
يدخل بها» شرحا لمفهومه مازجا بالمتن - ما لفظه:
«ولا خلاف في ان كلا من الدخول والمس يتحقق بايلاج
الحشفة وان لم ينزل، بل وان كان مقطوع الانثيين - فضلا عن
معيبهما - الذي من المعلوم عادة عدم الانزال منه وعدم
الحمل; لما عرفت من تحقق الدخول بالوط‏ء منه لغة وعرفا،
وهو عنوان الحكم نصا وفتوى بل الاجماع بقسميه عليه،
ضرورة كونه المراد من التقاء الختانين الذي رتب عليه الغسل
والعدة في المستفيض من النصوص او المتواتر، وحكمة كون
العدة لبراءة الرحم لا تنافي ترتيب الشارع الحكم على معلومة
البراءة، كما في غيرها من الحكم‏».
الا ان الصحيحة الثانية غير معمول بها، قال في الرياض بعد
ذكرها: «لكنها - مع مخالفتها اطلاق النصوص المتقدمة القائلة
ان بالدخول يجب المهر والغسل والعدة - مطرحة عند
الاصحاب‏».
ثم ان صحيحة الحذاء وان كانت معارضة في موردها بصحيحة
البزنطي، قال: «سالت الرضا(ع) عن خصي تزوج امراة على
الف درهم ثم‏طل قها بعد ما دخل بها. قال: لها الالف التي
اخذت منه، ولا عدة عليها»
وبالجملة، فصحيحة الحذاء قرينة حمل اخبار الطائفة الثالثة
على انها في مقام بيان الحكمة التي لا يدور الحكم مدارها،
ومعها لا مجال للاستدلال بتلك الطائفة من الاخبار على نفي
العدة عن محل الكلام، مضافا الى ما مرت اليه الاشارة من ان
هذه الطائفة من الاخبار ليست بمعتبرة السند، هذا.
وبعد هذا كله، فالطائفتان الاولى والثانية كافيتان لاثبات
حكم موضوع البحث، وهو عدم وجوب الاعتداد على من قلعت
واخرجت رحمها من النساء كما كان الامر كذلك في الصغيرة
التي لم تبلغ سن المحيض والكبيرة التي جازت سنه، والله
العالم.

 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID