عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
نم
الخميس, صفر 02, 1432 بحث فى حكم التشريح آية اللّه السيد الخرازي

ان بلورة الراي الفقهي في مسالة ما لا يكتفى فيه بدراستها
من قبل فقيه واحد .. سيما فيما اصطلح عليه بالمسائل
المستحدثة فانها بحاجة الى ان تشبع تدقيقا وتحقيقا وان
يتناولها الباحثون كل من زاويته .. والمقالة التي امامك
خصصت لبحث مسالة التشريح.. وقد استطاع الباحث اثبات
الحرمة الا في موارد مستثناة..
التشريح بمعناه المصطلح في زماننا هذا عبارة عن تشقيق
اجزاء البدن بعد الموت لملاحظتها من جهة تاثير الامراض
وغير ذلك.
ويقع الكلام في مقامات:
المقام الاول: في تشريح اجساد الكفار
لا اشكال في جواز تشريح بدن الحربي، وهو غير الذمي; اذ لا
حرمة للحربي حيا وميتا، ولا اولوية لمن كان الجسد بيده من
اهل الحرب.
واما تشريح بدن الذمي او المعاهد; فان كان احترام ابدانهم
مشروطا في عقد الذمة او المعاهدة او كان العقد مبتنيا على
ذلك على نحو يكون كالمذكور فلا يجوز التشريح.
واما اذا لم يشترط فقد استدل لحرمة التشريح باطلاق
صحيحة جميل، عن غير واحد من اصحابنا، عن ابي عبداللّه(ع)
انه قال: «قطع راس الميت اشد من قطع راس الحي‏»،
وصحيحة عبداللّه بن سنان، عن ابي عبداللّه(ع) في رجل
قطع راس الميت قال: «عليه الدية; لان حرمته ميتا كحرمته
وهو حي‏»، وغير ذلك من الاخبار; بدعوى ان مقتضى اطلاق
هذه الاخبار هو عدم الفرق بين المسلم والكافر في حرمة قطع
اعضاء الميت ولزوم الاحترام.
ويمكن دعوى انصراف تلك الاخبار عن مثل الذمي; لدلالة
تعيين مقدار ديته في بعض الاخبار، على ان المراد من الميت
المذكور هو الميت المسلم ولا يشمل غيره; فان تعيين مئة
دينار لقطع راس الميت لا يتناسب مع دية قطع راس الكافر
الذمي; اذ ديته في حال الحياة ثمانمئة درهم، فلا يمكن ان
تزيد ديته في حال الممات عن حال حياته، فذكر مئة دينار
شاهد على ان المراد من الميت هو الميت المسلم.
وبالجملة، فالسؤال في مثل خبر الحسين بن خالد عن رجل
قطع راس ميت، وقول الامام(ع): ان اللّه حرم منه ميتا كما
حرم منه حيا، وان ديته دية الجنين في بطن امه قبل ان تلج
فيه الروح وذلك مئة دينار مما يشهد على ان المراد من
الميت هو الميت المسلم، والمراد من الدية في قوله(ع) في
صحيحة عبداللّه بن سنان; «عليه الدية‏» هي تلك الدية
المعهودة.
هذا، مضافا الى انه مع تسليم الاطلاق وعدم الانصراف يمكن
تقييده بالايمان والاسلام جمعا بينه وبين سائر الاخبار الدالة
على اعتبارهما في الحرمة والاحترام، كقوله(ع) في صحيحة
صفوان: «ابى اللّه ان يظن‏بالمؤمن الا خيرا، وكسرك عظامه
حيا وميتا سواء»، وكقول رسول اللّه(ص) في حديث العلاء بن
سيابة: «حرمة المسلم ميتا كحرمته وهو حي سواء»، وقوله(ع)
في خبر محمد بن مسلم: «ان اللّه حرم من المؤمنين امواتا ما
حرم منهم احياء»; وذلك لان تقييد الميت بالمؤمن والمسلم
مشعر باختصاص الحكم المذكور بهما، خصوصا مع تفرع
تسوية الحي والميت في الحرمة على ابائه تعالى ان يظن
بالمؤمنين الا خيرا، فتامل.
مضافا الى التصريح بنفي الكرامة عن الميت النصراني في
معتبرة عمار بن موسى عن ابي عبداللّه(ع) انه سئل عن
النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت، قال: «لا
يغسله مسلم، ولا كرامة، ولا يدفنه، ولا يقوم على قبره، وان
كان اباه‏»; فانه حاك عن عدم الحرمة الذاتية للكفار، وحيث
ان المعتبرة تدل على نفي كرامة الكفار واحترامهم تقدم على
المطلقات بناء على تسليم اطلاقها، كما هو مقتضى الجمع بين
المثبت المطلق والنافي المقيد.
على ان قوله(ع): «لان حرمته ميتا كحرمته وهو حي‏» يدل
على ان الحرمة في المشبه به ثابتة، والحرمة الذاتية ثابتة في
المسلم لا في اهل الذمة; لاحتمال ان يكون احترامهم من
جهة عقد الذمة لا من جهة ذواتهم، والاحترام العقدي دائر
مدار حياتهم لا بعد مماتهم، كما هو المفروض.
وعليه، فالتمسك بالحديث في اهل الذمة مع عدم ثبوت
الحرمة الذاتية لهم تمسك بالعام في الشبهة الموضوعية ان
كان الشك في صدق الحرمة الذاتية عليهم، وتمسك بالعام
في الشبهة المفهومية ان كان الشك في تعميم الحرمة
بالنسبة الى الحرمة الناشئة من عقد الذمة.
ولا مجال ايضا للاستدلال على اثبات حرمة اجسادهم بالآيات
والروايات الدالة على رفع المقاتلة مع الكفار بقبول الذمة
والجزية، كقوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم
الآخر ولا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحق
من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم
صاغرون); بدعوى دلالة الآية على انهم بعد اداء الجزية يكونون
كسائر المسلمين، فلا يجوز التعرض لهم، وبعبارة اخرى
يكونون كالمسلمين في الاحترام في‏زمان حياتهم ومماتهم.
وذلك; لانها ونظائرها تدل على ان غاية وجوب المقاتلة معهم
هي ما اذا اعطوا الجزية، واما انهم كالمسلمين في الاحترام فلا
دلالة لها بالنسبة اليه، فالتمسك بها وبنظائرها لاثبات احترام
اهل الذمة كالمسلمين كما ترى.
فتحصل مما ذكر: ان الذمي يستحق ما يقتضيه عقد الذمة
من الامان وحفظ الدماء والاموال والاستفادة من مزايا البلد
الاسلامي وغير ذلك، واما احترام ابدانهم فان كان مشروطا
في العقد ولو بالتباني عليه فهو واجب; للزوم الوفاء بالعقود،
والا فلا دليل على احترامها خصوصا اذا كان التشريح متعارفا
عندهم ولا يعدونه هتك حرمة لها.
وبالجملة لا تقاس ابدانهم بابدان المسلمين والمؤمنين حتى
لا يجوز تشريحها.
ولقد افاد واجاد سيدنا الامام المجاهد(قدس‏سره) حيث قال:
«واما غير المسلم فيجوز ذميا كان او غيره، ولا دية ولا اثم
فيه‏»، ومثله قول السيد الخوئي(قدس‏سره) في مستحدثات
المسائل: «يجوز تشريح بدن الميت الكافر باقسامه‏».
فتشريح اجساد الكفار باصنافهم جائز ما لم تعاهدهم الدولة
الاسلامية على احترام اجسادهم، والافاللازم مراعاته; لعموم
(اوفوا بالعقود) ونحوه.
المقام الثاني: في تشريح اجساد المسلمين والمؤمنين
لا اشكال ولا خلاف في حرمة هتك المسلم واهانته حيا وميتا،
ويدل عليه مضافا الى اطلاق الاخبار المتظافرة الدالة على
حرمة اهانة المؤمن الاخبار المستفيضة الواردة في احترام
الميت المسلم:
منها: صحيحة عبداللّه بن سنان عن ابي عبداللّه(ع) في رجل
قطع راس الميت قال: «عليه الدية; لان‏حرمته ميتا كحرمته
وهو حي‏». وفي المصباح المنير: «الحرمة بالضم ما لا يحل
انتهاكه، والحرمة... اسم من الاحترام مثل الفرقة من
الافتراق‏». وربما تطلق على الحرام، ولكن الاخبار الآتية تشهد
للاول; لاضافة الحرمة فيها الى الميت، وهي ظاهرة في
الاحترام كما لا يخفى، فلا وجه لدعوى رجوع الضمير في قوله:
«لاءن حرمته‏» الى راس الميت، والمقصود منه هو بيان حرمة
قطع الراس في حال الممات كحال الحياة، لا احترام
الميت‏حال الممات كحال الحياة.
ومنها: خبر العلاء بن سيابة عن ابي عبداللّه(ع) في بئر مخرج
(محرج خ‏ل) فوقع فيه رجل فمات فيه فلم يمكن اخراجه من
البئر ايتوضا في تلك البئر؟ قال: «لا يتوضا فيه يعطل، ويجعل
قبرا، وان امكن اخراجه اخرج وغسل ودفن، قال رسول
اللّه(ص): حرمة (المرء) المسلم ميتا كحرمته وهو حي.
ومنها: صحيحة صفوان قال: قال ابو عبداللّه(ع): «ابى اللّه ان
يظن بالمؤمن الا خيرا وكسرك عظامه حياوميتا سواء».
ومنها: خبر محمد بن سنان عمن اخبره عن ابي عبداللّه(ع)،
قال: قلت: رجل قطع راس ميت، فقال: «حرمة الميت كحرمة
الحي‏».
ومنها: خبر محمد بن مسلم، قال: سمعت ابا جعفر(ع) يقول:
«لما احتضر الحسن بن علي(عليهماالسلام) قال للحسين(ع):
يا اخي، اوصيك بوصية فاحفظها الى ان قال: ان اللّه حرم
من المؤمنين امواتا ما حرم منهم احياء».
الى غير ذلك من الاخبار الدالة على حرمة بدن الميت المسلم.
وعليه، فلا يجوز هتكه بالكسر او الجرح او القطع او الحرق او
غيرها، من دون فرق بين ان يكون لذلك داع عقلائي او لا، الا
ترى ان من وضع رجله على راس مؤمن بقصد رفع وجعها مثلا
لا الاهانة عد ذلك اهانة وهتكا! ومن ذلك يظهر ان تشريح
بدن الميت المسلم ولو لداع عقلائي كتعليم الغير وتحصيل
الحذاقة هتك واهانة ومحرم; لان احترامه حال كونه ميتا
كاحترامه حال حياته.
وربما يستدل على حرمة تشريح بدن الميت المسلم بالاخبار
الناهية عن التمثيل بالميت الكافر بالاولوية، منها: ما رواه في
الكافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن
معاوية بن عمار قال: اظنه عن ابي حمزة الثمالي عن ابي
عبداللّه (ع) قال: «كان رسول اللّه(ص) اذا اراد ان يبعث سرية
دعاهم فاجلسهم بين يديه، ثم يقول: سيروا بسم اللّه وباللّه
وفي سبيل الله وعلى ملة رسول اللّه لا تغلوا ولا تمثلوا...»
الحديث، ونحوه موثقة مسعدة بن صدقة.
وقد اورد عليه بان التمثيل والمثلة فيما اذا كان لغرض
التنكيل والعقوبة، والمفروض عدمهما في التشريح الذي يكون
المقصود منه هو ازدياد الحذاقة. وفي تاج العروس: «مثل
بفلان مثلا ومثلة بالضم نكل تنكيلا بقطع اطرافه والتشويه
به، ومثل بالقتيل جدع انفه واذنه او مذاكيره او شيئا من
اطرافه‏»، وقال ايضا في بيان معنى التنكيل: «ونكل به تنكيلا
اذا عاقبه في جرم اجرمه عقوبة تنكل غيره، او صنع به صنيعا
يحذر غيره عن ارتكاب مثله‏».
هذا، مضافا الى ظهور التمثيل والمثلة في قطع خاص كقطع
الاطراف والاذن والانف ونحوهما، فيكون اجنبيا عن التشريح.
نعم، يمكن ان يستدل لذلك ايضا بالاخبار الدالة على وجوب
تجهيز الميت من تغسيله وتكفينه ودفنه بناءعلى عدم جواز
تاخير تلك الواجبات; فان التشريح المتوقف على مضي ايام
ينافي الفورية العرفية المستفادة من الاوامر الواردة في تلك
الواجبات، ولا مجال للتشكيك في اسنادها مع كونها مفتى بها.
ولا ينافي وجوب الفورية العرفية استحباب التعجيل; اذ
المراد منه هو الاقدام على هذه الامور بنحو زائد على الفورية
العرفية. والقول بان التاخير لا يحرم ما لم يوجب الاهانة او
التحقير مناف مع ظهور الاوامر الواردة في الفورية. نعم لو لم
يتوقف التشريح على مضي ايام فلا منافاة بين التشريح وتلك
الواجبات، ولا يحرم من تلك الجهة.
وبالجملة، فتشريح بدن الميت المسلم لا يجوز; لما ذكر من
الادلة.
موارد مستثناة من حرمة التشريح :
المورد الاول: انه اذا توقف حفظ حياة المسلم على تشريح
جسد ميت مسلم آخر كما اذا ابتلي جمع من المسلمين
بمرض مهلك فمات بعضهم ولم يمكن تشخيص المرض
وعلاجه الا بتشريح جسد الميت المسلم الذي مات بذلك
المرض، او اذا مات الطفل في بطن امه وكان حفظ حياة الام
موقوفا على اخراجه بالتقطيع او الكسر ونحوهما، او اذا ماتت
الام وكان حفظ حياة الطفل موقوفا على تشقيق بطن امه
فلا اشكال في جواز ذلك، وادعى في الجواهر في المثال
الاخير عدم الخلاف في جوازه.
وكيف كان، يدل عليه مضافا الى ان ذلك مقتضى قاعدة
التزاحم وتقديم جانب الاهم التي عليها بناء العقلاء في الامور،
ومضافا الى شهادة التتبع في تضاعيف ابواب الفقه نصا وفتوى
على ان حفظ النفس المحترمة من اهم الواجبات والبديهيات
الفقهية ولو توقف على ترك واجب او ارتكاب محرم، وليس
ذلك الا لمعلومية اهمية حفظ النفس في الفقه النصوص
الخاصة:
منها: صحيحة علي بن يقطين المروية في الكافي عن حميد
بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد بن ابي
حمزة عن علي بن يقطين قال: سالت العبد الصالح(ع) عن
المراة تموت وولدها في بطنها، قال: «يشق بطنها ويخرج
ولدها».
ومنها: مرسلة ابن ابي عمير المروية في الكافي عن علي بن
ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن بعض اصحابه عن ابي
عبداللّه(ع) في المراة تموت ويتحرك الولد في بطنها، ايشق
بطنها ويخرج الولد؟ قال: فقال: «نعم، ويخاط بطنها».
ومنها: خبر وهب بن وهب عن ابي عبداللّه(ع) قال: «قال امير
المؤمنين(ع): اذا ماتت المراة وفي بطنها ولد يتحرك
فيتخوف عليه فشق بطنها واخرج الولد، وقال في المراة يموت
ولدها في بطنها فيتخوف عليها، قال: لا باس ان يدخل الرجل
يده فيقطعه ويخرجه اذا لم ترفق به النساء».
ومنها: ما رواه الكشي في كتاب الرجال عن حمدويه بن نصير
عن محمد ابن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن محمد
بن مسلم ان امراة سالته فقالت: لي بنت عروس ضربها الطلق
فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب
ويجى‏ء، فما اصنع؟ قال: قلت: يا امة اللّه، سئل محمد بن
علي‏الباقر(ع) عن مثل ذلك فقال: «يشق بطن الميت
ويستخرج الولد».
ومنها: ما رواه في التهذيب حيث قال: وفي رواية ابن ابي
عمير عن ابن ابي اذينة «يخرج الولد ويخاط بطنها». وغير ذلك
من الاخبار.
ولعل هذه الاخبار ترشد الى ما عليه العقلاء من تقديم جانب
الاهم وهو حفظ الحياة فيما اذا تزاحم مع حرام آخر.
وكيف كان، فلا اشكال في جواز ذلك فيما اذا توقف حفظ
حياة مسلم او مسلمة على تشقيق او تشريح خصوص الميت
المسلم بحيث لا يمكن التفصي عنه بطريق آخر.
ولذلك قال سيدنا الامام المجاهد(قدس‏سره): «لو توقف
حفظ حياة المسلم على التشريح ولم يمكن تشريح غير المسلم
فالظاهر جوازه‏».
ثم ان جواز التشريح او التشقيق المذكور لحفظ حياة المسلم
او المسلمة هل يتوقف على العلم بموت المسلم لو لم يفعل
ذلك، او يكفي الخوف في ذلك؟
ظاهر بعض الروايات كخبر وهب بن وهب هو الثاني. هذا،
مضافا الى اقتضاء مادة الحفظ الواجب لزوم مراعاة موارد
الخوف العقلائي ايضا; فان مع عدم المراعاة لا يصدق الحفظ
كما لا يخفى، على انه لو توقف وجوب حفظ النفس على العلم
بالموت لوقع الانسان كثيرا في المخالفة الواقعية.
ويشكل ذلك مضافا الى ضعف خبر وهب بن وهب بان
وجوب حفظ النفس حيث لم يثبت بالدليل اللفظي العام بل
الدليل عليه هو الاجماع والاصطياد من الموارد الخاصة
فاللازم هو الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو صورة العلم
بالتوقف، فلا وجه لرفع اليد عن حرمة التشريح مع فعليتها
بالتكليف الاحتمالي وهو حفظ حياة المسلم ولو كان المحتمل
اهم.
اللهم الا ان يقال ان المرجع في امثال المقام هو بناء العقلاء،
فاذا كانوا ملتزمين بمراعاة صورة الخوف بحيث‏يجعلون
الاهمال فيها سببا لاستحقاق المذمة فيجوز عند خوف تلف
النفوس ايضا التشريح او التشقيق.
هذا، مع امكان الاستدلال بترك الاستفصال في النصوص
المذكورة وان كان خبر وهب بن وهب ضعيفا، والمسالة
محتاجة الى التامل الزائد.
المورد الثاني: انه اذا توقف غرض اهم من حرمة الميت
المسلم على التشريح والتقطيع فلا اشكال في جواز ذلك; لانه
ايضا مقتضى قاعدة التزاحم التي عليها بناء العقلاء ولم يردع
عنه الشارع، بل يؤيده ما روي عن مولانا امير المؤمنين (ع)
من الامر بنبش القبر واخذ ضلع من اضلاع الميت لاثبات
النسب والارث.
ومصاديق هذه الكبرى متعددة، وحيث كانت دليلا لبيا يؤخذ
بها في القدر المتيقن، ولعل منها : ما اذا توقف حفظ النظام
الاسلامي على تشريح بدن مسلم وتقطيعه، كما اذا بلع رجل
من المسلمين ما يكون حاويا لاسامي الذين كانوا في صدد
القضاء على النظام الاسلامي او كان حاويا لاطروحة اراد
الاعداء اجراءها لهدم النظام الاسلامي ومات هذا الرجل فلا
اشكال في جواز ذلك اذا لم يمكن اخذه الا بذلك; لاهمية
حفظ النظام الاسلامي، بل يجب ذلك; لان حفظ النظام من
اهم الواجبات.
ومنها: ما اذا توقف تشخيص نوع سلاح من اسلحة الاعداء على
تشقيق ابدان الشهداء حتى يقوم المسلمون بمقابلته او رفع
آثاره عن جيش المسلمين; لاهمية حفظ نفوس المجروحين
وتحكيم النظام الاسلامي.
ومنها: ما اذا توقف اثبات القتل او النسب على تشريح جسد
الميت المسلم; لاهميته من حرمة المسلم. هذا، مضافا الى
امكان دعوى عدم صدق الهتك والاهانة مع رجوع المصلحة
اليه او الى اهله; اذ قتل القاتل رعاية لمصلحة المقتول واهله.
هذا كله فيما اذا كان التوقف المذكور معلوما، واما مع
احتمال ذلك لا العلم فالحكم بالجواز مشكل; اذ رفع اليد عن
الحرام الفعلي باحتمال احياء الحق كما ترى، وايضا قاعدة
التزاحم لا تجري مع عدم العلم بالتزاحم.
نعم، لو علم من الخارج ان المحتمل الاهم يزاحم الغير
فتجري القاعدة فيه.
وهل يكون كسب المهارة اللازمة لمعالجة بعض الاعضاء
الخطيرة كالقلب او الكبد ونحوهما من موارد الاهم حتى
يجوز التشريح والتقطيع ام لا؟
يمكن ان يقال: وجود الماهر للمعالجات الخطيرة مما يهتم به
العقلاء، ولا يقصر ذلك عندهم عن اثبات القتل او النسب
بالتشريح، بل لعله اهم منها; لان عدمه ربما يؤدي الى تلف
النفوس الكثيرة.
ويشكل ذلك بان لازمه هو رفع اليد عن الحرمة الفعلية بالامر
غير الفعلي او الاحتمالي الاستقبالي، وهو مشكل الا اذا علم
من الخارج ان الامر غير الفعلي الاستقبالي او احتمال الامر
الاستقبالي، على حد يزاحم الامر الفعلي ولكن ذلك فيما اذا
كان متوقفا على تشريح خصوص جسد الميت المسلم، واما اذا
لم يتوقف بل امكن تحصيله من تشريح غير المسلم او
الحيوانات او المزاولة مع التماثيل المصنوعة لذلك او غيرها
فلا يجوز.
والاصعب من ذلك ما اذا كان المقصود من التشريح
والتقطيع هو مجرد الارتقاء العلمي والمصالح الطبية وغيرها
من الامور الراجحة العقلائية التي يسعى كل مجتمع نحوها
فان مجرد ذلك لا يوجب تقدمه على المحرم الفعلي.
نعم، لو توقفت مصلحة النظام الاسلامي على كسب المهارة او
التعلم للارتقاء العلمي بحيث لو لم يراع الحاكم الاسلامي ذلك
لعد خائنا كما اذا كان اهمال الارتقاء العلمي موجبا لضعف
الاسلام والمسلمين والحاجة الى الاعداء وسلطة الاجانب
لجاز للحاكم الاسلامي تجويز ذلك فيما اذا توقف عليه
بخصوصه; لان مراعاة المصالح العامة التي لا يرضى الشارع
باهمالها وتركها مما يلزم على الحاكم الاسلامي.
المورد الثالث: انه اذا كانت مصلحة التقطيع او الكسر عائدة
الى الميت، كما اذا وقع جسده لسبب من الاسباب، كالزلزلة او
غيرها بين الاشياء بحيث لا يمكن اخراجه لتجهيزه الا
بالقطع او الكسر ونحوهما فلا اشكال في جوازه بل وجوبه;
لتوقف تجهيزه عليه. ولا ينافي ذلك حرمة الميت; اذ ليس
ذلك هتكا واهانة، لان مصلحة التجهيز عائدة الى نفس الميت.
كما ان ذلك ليس بمثلة; لانها كما عرفت تنكيل وعقوبة، بل
ترك الجسد بحاله خلاف حرمة الميت; ولذا جرت السيرة
العقلائية بل المتشرعية على اخراج الميت وتجهيزه في امثاله.
نعم، ان وقع في بئر ولم يمكن اخراجه فاللازم هو جعل البئر
قبرا له، كما ورد بذلك رواية العلاء بن سيابة وافتى بها جماعة.

وان امكن اخراجه سالما بتخريب الدار او غيرها كالسيارة
ونحوها فهو مقدم ولو احتاج ذلك الى مؤونة فيمكن ان يقال
ان تلك ايضا من مؤونة تجهيزه، فتخرج من اصل ماله ان كان
له المال، وتقدم على ديونه ووصاياه وميراثه. وان لم يكن له
المال فان كان الميت زوجة ففي التنقيح لا يبعد الحكم
بوجوب سائر مؤن التجهيز على الزوج، لصحيحة عبدالرحمن
المتقدمة الدالة على ان الزوجة والام والاب والابن والمملوك
لا يعطى لهم الزكاة لانهم عيال الرجل ويلازمونه; فان معنى
العيال وكونهم لازمين له انهم لازمون له في مؤنهم ومصارفهم
وان معونتهم على ذمته كما هو معنى كون شخص عيالا لآخر
تقول: عال اهله; اي قام بمعيشتهم ومصارفهم وكونهم لازمين
له لا يختص بحال الحياة، فيجب عليه القيام بجميع مؤن
تجهيز الزوجة اذا لم يكن لها مال يفي بذلك. بل مقتضى
الصحيحة ان الامر كذلك في مثل الاب والام والابن.
وكيف كان، فان لم يكن الميت الذي ليس له المال زوجة او
مثل الاب والام والابن فقد ادعي الاجماع على عدم وجوب
الكفن فضلا عن سائر مؤن تجهيزه على المسلمين، بل هي
واجبة على بيت المال.
وربما يستدل له بموثقة الفضل قال: «سالت ابا الحسن
موسى(ع) فقلت له: ما ترى في رجل من اصحابنا يموت ولم
يترك ما يكفن به، اشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال: اعط
عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه، فيكونون هم الذين يجهزونه.
قلت: فان لم يكن له ولد ولا احد يقوم فاجهزه انا من الزكاة؟
قال: كان ابي يقول ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا،
فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه‏واحتسب بذلك من
الزكاة وشيع جنازته‏».
وان لم تكن زكاة فهل تكون مؤونة تجهيزه واجبة على
المسلمين ام لا؟
ذهب في التنقيح الى عدم وجوبه; لحديث نفي الضرر وان
عدت مؤونة التجهيز مقدمة للواجب كالتكفين والدفن، وهو
وان كان ظاهر عبائر العلماء، ومقتضاه هو دفنه عاريا، ولكن
يشكل ذلك في مثل المقام; فان ترك الميت بحاله من دون
تجهيز هتك لحرمته ولا يرضى الشارع بذلك، واللازم احتياطا
هو اعطاء المسلمين القرض الى بيت المال واحتسابه من
الزكاة عند وجوبها عليهم، فليتامل.
المورد الرابع: اذا اوصى مسلم بتشريح جسده بعد الموت
لترقيع بدن المحتاجين فهل تكون الوصية نافذة ام لا؟
يمكن القول بالجواز والنفوذ، لا لعدم صدق الضرر مع
المصلحة العقلائية كما قيل; لان الضرر لا يخرج عن الضررية
بالدواعي العقلائية، بل لاختصاص المانع الشرعي وهو عنوان
الضرر بحال الحياة، فلا مانع من نفوذ الوصية بعد ارتفاع
العنوان المانع بالموت; لان المشروعية حال العمل كافية كما
ان القدرة حال العمل كافية في حسن الخطاب.
لا يقال: ان مقتضى الروايات الدالة على ان حرمة الميت
كحرمة الحي هو عدم نفوذ الوصية بالتشريح; لمنافاته مع
حرمة الميت.
لانا نقول: ان المنافي للحرمة هو التقطيع العدواني لا الماذون،
ومورد الروايات هو التقطيع العدواني.
لا يقال: ان حرمة الميت ليست من الحقوق حتى تسقط
بالوصية والاذن، بل هي من الاحكام، فلا تسقط بالاذن
كالاذلال.
لانا نقول: مقتضى تشبيه حرمة الميت بحرمة الحي هو
مشابهة احترام الميت مع الحي، وحيث كان احترام الحي من
باب الحقوق عدا صورة الاذلال، ولذا يسقط بالاذن كوضع
الرجل على راس الغير او منكبه فانه خلاف احترامه; ولكن مع
اذن الغير بذلك لداع من الدواعي لا يكون منافيا لاحترامه،
كما يؤيد او يشهد لذلك الروايات الدالة على تفويض الامور
كلها الى المؤمن عدا الاذلال فانها ظاهرة في ان غير الاذلال
من الحقوق فان احترام الميت ايضا كذلك.
اللهم الا ان يقال: ان الوصية بالتشريح ربما تنافي وجوب
التغسيل والتكفين والدفن، وتكون من هذه الجهة غير
مشروعة، فلا تكون نافذة. نعم لو اوصى باعطاء بعض الاعضاء لا
تكون منافية للواجبات المذكورة، وايضا ربما تستلزم الاذلال،
ومن هذه الجهة ايضا لا تكون نافذة.
وكيف كان، فلو شك في الجواز لاحتمال كون الوصية وصية
بالاثم فلا يجوز التمسك بعمومات ادلة نفوذ الوصية; لانه
تمسك بالعام في الشبهات المصداقية بعد تخصيص العمومات
بعدم كون الوصية وصية بالاثم.
المورد الخامس: انه اذا شك في بدن انه لمسلم او كافر غير
ذمي او معاهد فقد ذهب بعض الاعلام الى جواز تشريحه ولو
وجد في البلاد الاسلامية.
ويشكل ذلك اذا وجد المشكوك في البلاد الاسلامية لان
البلد الاسلامي من الامارات والطرق على كون المشكوك
ملحقا بالاعم الاغلب في الاحكام.
ويدل عليه الحاق المشكوك في غير موردنا بالاعم الاغلب في
صحيحة احمد بن ابي نصر عن الرضا(ع) «سالته عن الخفاف
ياتي السوق فيشتري الخف لا يدري اذكي هو ام لا، ما تقول
في الصلاة فيه وهو لا يدري ايصلي فيه؟ قال: نعم، انا اشتري
الخف من السوق ويصنع لي واصلي فيه، وليس عليكم
المسالة‏».
وفي موثقة اسحاق عن العبد الصالح(ع) قال: «لا باس بالصلاة
في القز اليماني وفيما صنع في ارض الاسلام، قلت له: فان
كان فيها غير اهل الاسلام؟ قال: اذا كان الغالب عليها
المسلمون فلا باس‏».
اذ الظاهر من هذه الاخبار ونظائرها هو ان الملاك في اعتبار
السوق او ارض الاسلام هو غلبة المسلمين، فالغلبة معيار كلي
في الحاق المشكوك بالاعم الاغلب، ولا عبرة بخصوصية المورد
بعد عموم الملاك.
كما لا وقع لما يقال من ان الالحاق فيها الحاق في الفعل لا
في الفاعل لان الالحاق في الفعل مسبوق بالالحاق في الفاعل;
بدلالة الاقتضاء، حيث ان الفعل المشكوك لا يلحق بالمعلوم الا
بالحاق فاعله المشكوك حاله بمعلوم الاسلام، فقبل الحاق
الفعل الحق فاعله بمعلوم الاسلام.
هذا، مضافا الى ان العبرة بالمعيار الكلي المستفاد من
الروايات، وهو ان الغلبة امارة على الالحاق وعدمه ما لم يدل
دليل على الخلاف كدعوى الاجماع على الحاق لقيط دار الكفر
بالمسلم مع وجود المسلم فيها واحتمال كونه منه مع ان
الغلبة مع الكفار او كدعوى شمول الاطلاقات الدالة على
تغسيل الميت للقيط دار الكفر اذا احتمل كونه من مسلم بعد
استصحاب عدم التنصر او الكفر باستصحاب العدم الازلي مع
ما في الاخير من انه يمكن ان يقال ان الاستصحاب لا يجري
مع قيام الامارة وهي الغلبة على كفره فان الدار دار الكفر، نعم
لو قام الاجماع على الحاقه بالمسلم فلا كلام.
هذا كله فيما اذا قامت الغلبة على الالحاق بالاعم الاغلب، واما
اذا لم تقم تلك الامارة فهل هنا امارة اخرى ام لا؟
يمكن الاستدلال بمصححة حماد بن عيسى المروية في
التهذيب باسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن ابراهيم
بن هاشم عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن حماد بن عيسى
(يحيى خ ل) عن ابي عبداللّه (ع) قال: قال رسول اللّه(ص) يوم
بدر: «لا تواروا الا من كان كميشا يعني من كان ذكره صغيرا
وقال: لا يكون ذلك الا في كرام الناس‏» فان مقتضى تلك
المصححة هو العمل بهذه العلامة; ولذا ذهب جماعة على
المحكي منهم الفاضلان والشهيد الى العمل بها في وجوب
تجهيزه بالتغسيل والتكفين وغيرهما.
لا يقال: ان هذه العلامة مخصوصة بموردها.
لاءنا نقول: كما في المستمسك ان موردها وان كان واقعة بدر
لكن التعليل في ذيلها يقتضي عموم الحكم.
اللهم الا ان يكون المقصود منه بيان وجه المناسبة ورفع
الاستيحاش لا التعليل للحكم.
هذا، مضافا الى ما افاده في التنقيح من ان: «الصحيح ان
الرواية لا دلالة لها على ان ذلك علامة مميزة بين الطائفتين;
وذلك للجزم بان الاسلام والكفر ليسا من الاسباب الموجبة
لصغر الآلة وكبرها; فان الذين كانوا كفارا ثم اسلموا فهل
يحتمل ان اختلفت آلتهم عما كانت عليه باسلامهم؟! اذن،
كيف يجعل ذلك امارة مميزة بين الكفار والمسلمين؟!
والرواية ايضا لم تدل على انها مميزة بين الطائفتين، وانما
دلت على الامر بمواراة كميش الذكر من غير فرق في ذلك
بين المسلمين وغيرهم; لان صغر الآلة على ما يقولون ولعله
الصحيح انما يوجد في الكرام والنجباء، كما ان كبرها علامة
على عدمهما; فكانه كلما قرب من الحيوانات وجد بعض
اوصافها.
والنبي(ص) قد من على الكفار بعد غلبة المسلمين في وقعة
بدر بالامر بمواراة النجباء منهم والاشراف فحسب لئلا تبقى
اجسادهم من غير دفن، فلا دلالة في الرواية على التمييز
بذلك بين المسلمين والكافرين‏».
اللهم الا ان يقال: ان الظاهر من المصححة هو ان المذكور
فيها لتمييز اجساد المسلمين عن غيرهم، ومن البعيد جدا ان
يحسن النبي الى الكفار المعاندين بدفنهم بعنوان انهم من
الكرام، فيمكن الاستناد الى العلامة المذكورة تعبدا في
المشكوك وان لم تكن حقيقتها واضحة.
المورد السادس: هل يكون الجنين الميت المسلم بحكم من
مات من الاحياء حتى لا يجوز تشريحه او تقطيعه او لا يكون؟
والذي ينبغي ان يقال: ان الجنين ان ولجت فيه الروح ثم
زهقت عنه يشمله قوله(ع): «ان حرمته ميتاكحرمته وهو
حي‏»; لان الجنين في حال حلول الروح فيه كان ذا حرمة
بحيث لا يجوز ايراد النقص والضرر عليه، فبعد زهوق روحه
كان ايراد النقص عليه باي نحو كان محرما كزمان حلول
الروح فيه.
ويشهد له ايضا موثقة سماعة عن ابي الحسن الاول(ع) قال:
«سالته عن السقط اذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد
والكفن؟ قال: نعم، كل ذلك يجب عليه‏».
فان الظاهر من السؤال والجواب فيها ان احكام الجنين بعد
الاستواء هي احكام الاحياء بعد عروض الموت من الغسل
واللحد والكفن، وهذا يحكي عن كون الجنين له حرمة بعد
مماته كحرمته حال حياته.
وان لم تلج فيه الروح ولم تستو خلقته فبعد اسقاطه لا
يصدق عليه الميت من الانسان حقيقة; لعدم ولوج الروح فيه
وان كان قبل الاسقاط له روح حيوانية، فلا يشمله قوله(ع):
«حرمته ميتا كحرمته وهو حي‏».
وعليه، فالاستدلال به على حرمة التعرض له بالتشريح ونحوه
كما ترى.
وايضا لا يدل على حرمة ذلك ما دل على حرمة اسقاط
النطفة، كصحيحة رفاعة; لان حرمة اسقاط النطفة اجنبية
عن حرمة التعرض لها بعد سقوطها وهلاكها.
نعم، تنظير الميت المسلم بالجنين قبل ولوج الروح فيه في
بعض الروايات لثبوت الدية ومقدارها مشعر بكونهما
متماثلين في الاحكام. هذا، مضافا الى اطلاق عنوان «الميت‏»
عليه قبل ولوج الروح كقوله تعالى: (وكنتم امواتا فاحياكم ثم
يميتكم ثم يحييكم)، فتامل.
وعليه، فلا يجوز التعرض للجنين بتشريحه وتقطيعه وغير
ذلك.
ولكن مقتضى مفهوم موثقة سماعة هو عدم جريان احكام
التجهيز عليه قبل الاستواء. وعليه، فلا مانع من حفظه في
القارورة ونحوها لولا الاجماع على الخلاف. فتامل.
المورد السابع: انه لو بلع احد مالا لغيره فان صار تالفا ببلعه
فلا بحث، واما مع بقاء عينه في بطنه وموته فهل يجوز شق
بطنه ورده او لا بل يجب رد بدله ان امكن؟
المحكي عن الشيخ (قدس‏سره) في الخلاف انه قال: ليس لنا
نص فيه، والاولى ان لا يشق جوفه; لقوله(ع): «حرمة المسلم
ميتا كحرمته حيا» ولا يشق جوف الحي فكذا الميت والمحكي
عن الشافعي انه يشق ويردالى صاحبه; لما فيه من دفع الضرر
عن المالك برد ماله اليه وعن الميت بابراء ذمته وعن الورثة
بحفظ التركة لهم. ورجح ذلك في التذكرة حيث قال بعد نقل
القولين: «وهو (اي قول الشافعي) الوجه عندي‏».
وفيه: ان مجرد كون ذلك موجبا لحفظ التركة للورثة او ابراءا
لذمة الميت‏حتى من العين وهما احسان الى الميت او الورثة
لا يصلح لتجويز التشقيق مع عموم حرمة المسلم ميتا
كحرمته حيا; لان غايته ان‏الاحسان اليهما مستحب ، فلا يرفع
اليد به عن الحرمة الفعلية. واما التمسك بحديث نفي‏الضرر
ففيه اولا: ان الضرر المالي يزاحمه الضرر غير المالي، وهو
هتك المسلم وتشقيق بدنه، فاللازم هو تقديم اقل الضررين
ان كان، والا فان لم يكن ترجيح بينهما فالتخيير، فيجوز
التشقيق مع لزوم الدية عليه.
لا يقال: ان البالع اقدم على الضرر، فلا يشمله حديث نفي
الضرر حتى يتزاحم الضرران.
لانا نقول: انه اقدم على البلع لا على الضرر، فلا وجه لعدم
الشمول.
وثانيا. ان بلعه في حكم الاتلاف فتشتغل ذمته بمثله او قيمته،
فلا يجوز تشقيق البدن تمسكا بحديث نفي الضرر مع اتلاف
المال واشتغال ذمته بمثله او قيمته، وايضا بعد كونه تالفا لا
مجال للتمسك بحديث «على اليد ما اخذت حتى تؤديه‏»;
لوجوب رد عين المال، بل يحكم بوجوب رد بدله، فالاقوى هو
ما ذهب اليه الشيخ من عدم جواز التشقيق.
المورد الثامن: انه لو بلع مالا لنفسه فهل يجوز ان يشق بطنه
بعد الموت ويؤخذ هذا المال ام لا؟ والمحكي عن
الشيخ(قدس‏سره) انه لم يشق ووجهه في التذكرة بانه ماله
استهلكه في حياته فلم يثبت للورثة فيه حق.
ويشكل ذلك بمنع صدق التلف والاستهلاك مع وجود العين
في البدن، ولكن يمكن ان يقال: ان بلع شي‏ء من الاموال
والجواهر مع حرمة تشقيق بدن المسلم بعد الموت كالاتلاف;
اذ الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي، والعين وان كانت
موجودة لكنها كالتالفة ولا يتعلق بها حق الورثة بعد الموت;
لان التركة لا تشمل التالفات. والتمسك بحديث نفي الضرر
لرفع حرمة التشقيق فرع تعلق حق الورثة بالتالف فمع عدم
تعلق حقهم به فلا موضوع للحديث، كما لا يخفى.
نعم، لو صار الجسد متلاشيا بمرور الزمان وبرز المال فالظاهر
انه من التركة; لان الزائل العائد كالذي لم يزل عرفا، ويرثه
الوراث الموجودون حال البروز، فتامل.
ومما ذكر يظهر حكم ما اذا اجري عملية جراحية واستوجب
ذلك وضع بعض الفلزات القيمة في جوف بعض اعضائه ثم مات
فانه بوضعه في البدن يصير تالفا، فلا يتعلق به حق الورثة;
لعدم صدق التركة عليه ما دام موجودا في البدن الذي يحرم
تشقيقه. وكيف كان، فالعجب من العلامة (قدس‏سره) بحيث
حكم هنا باستهلاك المال بالبلع ولم يحكم به في المسالة
السابقة مع انه لا فرق بينهما; فان عد ذلك مستهلكا بالبلع كان
كذلك في كلا المسالتين والا فلا يكون كذلك فيهما .
«تنبيهات‏»
التنبيه الاول:
لا يخفى عليك ان الظاهر من كلمات الاصحاب ان لجسد
الميت المسلم دية، وهي كدية جنين المسلم قبل ولوج الروح
فيه، قال في الجواهر: وفي قطع راس المسلم الميت الحر مئة
دينار على المشهور بين الاصحاب، بل عن الخلاف والانتصار
والغنية الاجماع عليه، انتهى.
ويدل على ثبوت الدية موثقة عبداللّه بن سنان عن ابي
عبداللّه (ع) في رجل قطع راس الميت، قال: «عليه الدية; لان
حرمته ميتا كحرمته وهو حي‏».
ويدل على مقدارها خبر الحسين بن خالد الذي عبر عنه
صاحب الجواهر بالحسن وعمل به الاصحاب، روى محمد بن
يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن محمد بن حفص عن
الحسين بن خالد [عن ابي الحسن(ع)] قال: سئل ابو
عبداللّه(ع) عن رجل قطع راس ميت قال: «ان اللّه حرم منه
ميتا كما حرم منه حيا، فمن فعل بميت فعلا يكون في مثله
اجتياح نفس الحي فعليه الدية، فسالت عن ذلك ابا الحسن(ع)
فقال: صدق ابو عبد اللّه، هكذا (ع) قال رسول اللّه (ص)، قلت:
فمن قطع راس ميت او شق بطنه او فعل به ما يكون فيه
اجتياح نفس الحي فعليه دية النفس كاملة؟ فقال: لا. ولكن
ديته دية الجنين في بطن امه قبل ان تلج فيه الروح; وذلك
مئة دينار، وهي لورثته، ودية هذا هي له لا للورثة‏» الحديث.
ورواه البرقي في المحاسن عن ابيه عن اسماعيل بن مهران
عن حسين بن خالد مثله.
والظاهر من جامع الرواة ان المراد من حسين بن خالد هو
الصيرفي، وعليه فطريق المحاسن موثق.
ورواه الشيخ ايضا باسناده عن علي بن ابراهيم نحوه.
وباسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن
الحسين عن محمد ابن اشيم عن الحسين بن خالد مثله.
وكيف كان، فهذا الخبر يكفي بعد اعتبار بعض اسناده وعمل
الاصحاب به لاثبات مقدار دية الميت، فانقدح ان دية الميت
دية الجنين قبل ولوج الروح فيه.
ثم ان تجويز التشريح في الموارد المستثناة لا يوجب سقوط
الدية الا اذا كانت‏حياة المسلم متوقفة على ذلك، فلا يبعد
التمسك حينئذ باطلاق الاخبار الواردة في تشقيق بطن
الام واخراج الولد لعدم وجوب الدية، لان تلك الاخبار كانت
في مقام البيان ولم يذكر الدية فيها اذ السؤال فيها عن
الوظيفة، فلو تعلق ذمة الذي يشق بطن الام بالدية لذكره
الامام(ع)، فحيث اقتصر على غير الدية يستفاد منه انه لا دية
في ما اذا توقف حفظ الحياة على ذلك بناء على عدم
خصوصية الامومة والولدية، فافهم.
كما انه لا دية اذا كان التقطيع او الكسر وغيرهما في مصحلة
الميت، كما اذا وقع بين الاشياء او تحتها بحيث لا يمكن
تخليصه للتجهيز الا بالكسر او الجرح او القطع; لظهور موثقة
عبدالله بن سنان وغيرها في ان علة الدية هو هتك حرمة
الميت، وحيث ان في مثل المورد الذي يكون ذلك في
مصلحة الميت نفسه لا يصدق الهتك والاهانة فلا وجه للدية;
اذ المفروض انه لا دليل على ثبوت الدية للميت غير امثال
هذه الرواية مما تكون معللة بان الدية لهتك الحرمة. واحتمال
كونه من باب الحكمة لا العلة مع كونه في الكلام مانع عن
انعقاد اطلاق الحكم بالدية، فالاصل فيما اذا لم يكن هتك هو
عدم الدية، واللّه العالم.
ولا دية ايضا اذا اوصى الميت باعطاء جسده للتشريح مجانا
بناء على مشروعية تلك الوصية; فانه مع عدم صدق الهتك
والاهانة يكون ذلك مقتضى الوصية، واما اذا كان التشريح من
جهة تزاحم الاهم فلا اشكال في رفعه الحكم التكليفي وهو
الحرمة بالتزاحم، واما الحكم الوضعي فلا دليل على رفعه.
ودعوى الملازمة بين الحكم بالجواز وسقوط الدية غير ثابتة،
مع امكان اجتماع الجواز مع ثبوت الدية; كاجتماع جواز
الارتكاب مع ثبوت الكفارة في بعض محرمات الاحرام.
بل مقتضى اطلاق ادلة الدية هو ثبوتها ولو كان التشريح او
التقطيع جائزا من جهة التزاحم.
نعم، لو اذن ولي امر المسلمين بالتشريح من دون الدية
لاقتضاء المصلحة الموجبة لذلك مع عدم امكان اداء الدية من
بيت المال فالدية ساقطة; لان الولي يقوم مقام الامام الاصل
في اولوية التصرف فيما اذا راى المصلحة في ذلك، فتامل.
ثم ان مقتضى تنزيل الميت منزلة الجنين في ثبوت الدية
ومقدارها هو ثبوتها في الاعضاء والجوارح ايضا بحسب نسبتها
الى كل الدية على حسب ما قرر في الحي، ولذلك قال
المحقق في الشرائع: «وفي قطع جوارحه بحساب ديته كذا في
شجاجه وجراحه‏».
ثم ان مقتضى موثقة حسين بن خالد ان الوارث لا يرث من
الدية شيئا، وانما يصرف في وجوه القرب عنه، ويؤيده مرسلة
محمد بن الصباح عن بعض اصحابنا عن ابي عبداللّه(ع) انه
قال: «ليس لورثته فيها شي‏ء، انما هذا شي‏ء اتى اليه في بدنه
بعد موته يحج بها عنه او يتصدق بها عنه او تصير في سبيل
من سبل الخير» الحديث.
هذا، ولكن ذهب علم الهدى (قدس‏سره) الى ان الدية تكون
لبيت المال; لانها عقوبة جناية، ولا قاطع بوجوب الصرف في
وجوه الخير عنه، ولان اسحاق بن عمار قال للصادق(ع): فمن
ياخذ ديته؟ قال الامام: «هذا للّه، وان قطعت‏يمينه او شي‏ء من
جوارحه فعليه الارش للامام‏».
واورد عليه في الجواهر بان فيه ما لا يخفى; فان ما عرفت من
النص وغيره كاف في القاطع، وخبر اسحاق يمكن ان يكون
المراد منه ان الامام ومن نصبه يقبضها ويتصدق بها عنه فانه
الولي لمثل ذلك، كما اشار اليه المفيد قال: يقبضها امام
المسلمين او من نصبه للحكم في الرعية ويتصدق عن الميت
بها، كما هو واضح.
ثم انه تختلف الاقوال في صرف الدية في اداء ديون الميت،
ولعل قوله(ع): «ودية هذا هي له لا للورثة‏» يشمل اداء الديون ;
حيث ان شموله يوجب تفريغ ذمة الميت، ويكون ذلك له
وبنفعه، ولعل الحج‏والتصد ق مذكور من باب المثال.
واليه يؤول ما في الجواهر من ان التحقيق قضاء الدين منها
على كل حال; ضرورة بقاء خطاب الوضع في ديته وان سقط
عنه خطاب التكليف.
التنبيه الثاني:
لا يجوز نظر الرجل الى المراة وبالعكس في موارد جواز
التشريح، وهكذا لا يجوز اللمس والمس من دون فرق بين
المسلم والكافر، وايضا لا يجوز للمماثل كشف العورة; كل
ذلك لاطلاق ادلة حرمة النظر واللمس والمس، فلا يجوز رفع
اليد عنه ما لم يزاحمه الضرورة والاضطرار.
التنبيه الثالث:
ان اللازم في موارد جواز التشريح ونحوه هو الاكتفاء بالارفق
فالارفق، فلا يجوز الزائد على القدر الواجب كما صرح بذلك
الشهيد الثاني(قدس‏سره) في مورد اخراج الولد الحي من
بطن امه الميتة وذلك; لان الضرورة تتقدر بقدرها، وبقي
الباقي تحت عمومات المنع فان تجاوز عنه عصى وكان ضامنا
للدية من دون فرق بين الموارد المستثناة.
التنبيه الرابع:
تجب خياطة مواضع التشريح على الاحوط; لموثقة ابن ابي
عمير حيث قال الصادق(ع) في الجواب عن السؤال في
المراة تموت ويتحرك الولد في بطنها ايشق بطنها ويخرج
الولد؟ : «نعم ويخاط بطنها».
اللهم الا ان يقال : «ان عدم ذكر ذلك في سائر الاخبار مع
كونها في مقام البيان يشهد على عدم وجوب ذلك، فتامل.
التنبيه الخامس:
ان حكم العضو من اعضاء المسلم كحكم جسده الكامل، فكما
لا يجوز تشريح جسده الكامل كذلك لا يجوز تشريح بعض
اعضائه. وعليه، فلو وجد بعض الاعضاء في مقابر المسلمين مما
يحكم بكونه من المسلم يترتب عليه ما يترتب على جسده
الكامل. ودعوى انصراف قوله(ع): «ان حرمته ميتا كحرمته
وهو حي‏» عن الاعضاء، بلا وجه.
التنبيه السادس:
ان تغسيل الميت واجب ومقدم على التشريح في موارد
الجواز الا اذا زاحمه حفظ حياة مسلم آخر فيجوز تاخيره،
فاذا قدم التغسيل لا يجب اعادته بعد التشريح، نعم وجب
تطهير البدن من النجاسة ان امكن وتجهيزه وتكفينه، ولا
يجوز القاء بعض الاجزاء فضلا عن الاعضاء في المزابل ونحوها;
لعموم وجوب احترام المسلم، وعموم ادلة الدفن والتكفين.
ويؤيده ما ورد في لزوم دفن ما سقط من الميت من الشعر
ونحوه، كموثقة ابن ابي عمير عن بعض اصحابه عن ابي
عبداللّه(ع) قال: «لا يمس من الميت‏شعر ولا ظفر، وان سقط
منه شي‏ء فاجعله في كفنه‏».
 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID