عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
01
الجمعة, صفر 03, 1432 حكم الصاق العضو المقطوع في القصاص آية الله السيد محمود الهاشمي
اختلفت كلمات الاصحاب في هذا الفرع ، وقد طبق في من قطع بعض اذن آخر فاقتص له منه ثم الصقه احدهما ، فهل للاخر قطعه ام لا ؟ لورود رواية فيه ، وقد اختلف في تفسيرها من حيث ورودها في المجني عليه اذا اوصله بعد الاقتصاص او الجاني .
استعراض كلمات الفقهاء :
قال في المقنعة : « ولو ان رجلا قطع شحمة اذن رجل ثم طلب القصاص فاقتص له منه فعالج اذنه حتى التصق المقطوع بما انفصل منه ، كان للمقتص منه ان يقطع ما اتصل به من شحمة اذنه حتى يعود الى الحال التي استحق بها القصاص .
وكذلك القول فيما سوى شحمة الاذن من العظام والجوارح كلها اذا وقع فيها القصاص ويعالج صاحبها حتى عادت الى الصلاح ، وينبغي ان ينتظر الحاكم بالمجروح والمكسور حتى يعالج ويستبرئ حاله باهل الصناعة ، فان صلح بالعلاج لم يقتص له ، لكنه يحكم على الجاني بالارش فيما جناه ، فان لم يصلح بعلاج حكم له بالقصاص » .
وصريح العبارة ما اذا اوصله المجني عليه بعد الاقتصاص فيكون للجاني حق قطعه ثانية ، كما انها عممت الحكم لغير الاذن من قطع سائر الاعضاء .
وفي الكافي : « ولا يجوز القصاص بجرح ولا قطع ولا كسر ولا خلع حتى يحصل الياس من صلاحه ، فان اقتص بجرح فبرئ المجروح والمقتص منه او لم يبرا فلا شي‏ء لاحدهما على صاحبه ، وان يبرا احدهما والتام جرحه اعيد القصاص من الاخر ان كان القصاص باذنه ، وان كان بغير اذنه رجع المقتص منه على المعتدي دون المجني عليه » .
وظاهره التعميم للمجني عليه والجاني بلا فرق ، الا انه عبر بالجرح ، ولعل المقصود منه قطع العضو او جزء منه لا مطلق الجرح الذي فيه قصاص ، وسياتي التعرض لهذه النقطة .
وفي النهاية : « ومن قطع شحمة اذن انسان فطلب منه القصاص فاقتص له منه فعالج اذنه حتى التصق المقطوع بما انفصل عنه كان للمقتص منه ان يقطع ما اتصل به من شحمة اذنه حتى يعود الى الحال التي استحق لها القصاص . وكذلك القول فيما سوى ذلك من الجوارح والاعضاء » . وهي كعبارة المقنعة .
وفي الخلاف : « مسالة 72 : اذا قطع اذن غيره قطعت اذنه ، فان اخذ الجاني اذنه فالصقها فالتصقت كان للمجني عليه ان يطالب بقطعها وابانتها . قال الشافعي : ليس له ذلك ، ولكن واجب على الحاكم ان يجبره على قطعها لانه حامل نجاسة ; لانها بالبينونة صارت ميتة فلا تصح صلاته ما دامت هي معه .
دليلنا : اجماع الفرقة واخبارهم » .
وهو فيما اذا الصق الجاني ما قطع منه قصاصا ، فيكون للمجني عليه حق قطعه ، ولم يتعرض للعكس .
وفي المبسوط : « اذا قطع اذن رجل فابانها ثم الصقها المجني عليه في الحال فالتصقت كان على الجاني القصاص ، لان القصاص عليه بالابانة وقد ابانها . فان قال الجاني : ازيلوا اذنه ثم اقتصوا مني ، قال قوم : تزال لانه الصق بنفسه ميتة فازالتها الى الحاكم والامام ، فاذا ثبت هذا وقطع بها اذن الجاني ثم الصقها الجاني فالتصقت فقد وقع القصاص موقعه ; لان القصاص بالابانة وقد ابينت ، فان قال المجني عليه : قد التصق اذنه بعد ان ابنتها ازيلوها عنه ، روى اصحابنا انها تزال ولم يعللوا ، وقال من تقدم : انها تزال لما تقدم ; لانه من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا يستقيم ايضا على مذهبنا .
فاما الصلاة في هذه الاذن الملتصقة فلا تصح عندهم ; لانه حامل نجاسة في غير موضعها لغير ضرورة فلم تصح بها الصلاة ، وهكذا يقتضيه مذهبنا . وهكذا قالوا اذا جبر عظمه بعظم ميتة ، فان لم يخف عليه التلف ازيل عنه ، فان لم يفعل لم يصح صلاته ، وان خاف التلف اقر عليه ; لان النجاسة تزول حكمها . وعندنا : الصلاة تصح في هذه ; لان العظم لا ينجس عندنا بالموت الا اذا كان عظم ما هو نجس العين من الكلب والخنزير » . وقد تعرض فيه لكلا الفرضين .
و في جواهر الفقه : « مسالة : اذا قطع رجل اذن آخر فاخذها المجني عليه والصقها فالتصقت بمكانها في الحال ، هل له قصاص مع ذلك ام لا ؟
الجواب : له القصاص ; لان القصاص وجب بالابانة ، والابانة قد حصلت ، وليس لالصاقها تاثير في اسقاطه ، لانها ميتة قد الصقها بنفسه ، وذلك مما يلزم ازالته عن نفسه ، وقد ذكرنا ذلك فيما يتعلق بالصلاة من المسائل .
مسالة : المسالة وقال الجاني : ان اريد القصاص مني فازيلوا القطعة التي الصقها ، هل له ذلك ام لا ؟ وهل يمنع من القصاص حتى يزال ذلك ام لا ؟
الجواب : قد بينا ان هذه القطعة يجب ازالتها قسرا ، اراد ذلك الجاني ام لم يرده ، واما المنع بذلك من القصاص فلا يصح ; لانا قد بينا ان القصاص وجب بالابانة والابانة قد حصلت» .
وقد تعرض فيه الى عدم سقوط حق القصاص بايصال المجني عليه ، وان ازالته بعد الايصال لازم على كل حال لانه ميتة .
وفي المهذب : « واذا قطع اذن رجل فابانها ثم الصقها المجني عليه في الحال فالتصقت كان على الجاني القصاص ; لان القصاص يجب بالابانة ، فان قال الجاني : ازيلوا اذنه واقتصوا مني ، كان له ذلك لانه الصق بها ميتة ، فان كان ذلك ثم الصقها الجاني فالتصقت وقع القصاص موقعه ، فان قال المجني عليه : قد التصقت اذنه بعد ابانتها ازيلوها عنه ، وجب ازالتها . واذا صلى الذي الصق المقطوع باذنه فالتصق لم تصح صلاته ; لانه حامل النجاسة في غير موضعها لغير ضرورة ، فاذا اجبر عظمه بعظم ميتة فلا تمنع صحة الصلاة عندنا معه ; لان العظم ليس بنجس ; لانه لا تحله الحياة ، والميتة انما تكون ميتة بان يفنى عنها الحياة التي تكون حياته فيها ، والعظم لا تحله الحياة كما قدمناه » .
وقد تعرض فيه للفرضين معا مع حق الازالة لكل منهما معللا ذلك بكونه ميتة .
وفي الغنية : « ومتى اقتص بجرح او كسر او خلع قبل الياس من صلاحه فبرئ احدهما ولم يبرا الاخر اعيد القصاص عليه ان كان باذنه ، وان كان بغير اذنه رجع المقتص منه على المعتدي دون المجني عليه » .
ومثله في اصباح الشيعة ، وظاهره كعبارة الكافي التعميم للفرضين .
وفي السرائر : « ومن قطع شحمة اذن انسان فطلب منه القصاص فاقتص له منه فعالج الجاني اذنه حتى التصق المقطوع بما انفصل عنه كان للمقتص منه ان يقطع ما اتصل من شحمة اذنه حتى تعود الى الحال التي استحق لها القصاص ، وهكذا حكم المجني عليه ، سواء كان ظالما او مظلوما ، جانيا او مجنيا عليه ; لانه حامل نجاسة ، وليس انكاره ومطالبته بالقطع مخصوصا باحدهما بل جميع الناس . وكذلك القول فيما سوى ذلك من الجوارح اذا لم يخف على الانسان منها تلف النفس او المشقة العظيمة ، ووجب على السلطان ذلك لكونه حاملا للنجاسة ، فلا تصح منه الصلاة حينئذ » . وهو ايضا يعم الفرضين لكن مع التعليل بكونه ميتة .
وفي الشرائع : « ولو قطعت اذن انسان فاقتص ثم الصقها المجني عليه كان للجاني ازالتها ; لتحقق المماثلة ، وقيل : لانها ميتة . وكذا الحكم لو قطع بعضها » .
وفي المختصر النافع : « ولو قطع شحمة اذن فاقتص منه فالصقها المجني عليه كان للجاني ازالتها ليتساويا في الشين » .
وهما مخصوصان بما اذا الصق المجني عليه اذنه بعد القصاص وان للجاني حق ازالته .
وفي القواعد : « ولو ابان الاذن فالصقها المجني عليه والتصقت بالدم الحار وجب القصاص ، والامر في ازالتها الى الحاكم ، فان امن هلاكه وجب ازالتها والا فلا . وكذا لو الصق الجاني اذنه بعد القصاص لم يكن للمجني عليه الاعتراض . ولو قطع بعض الاذن ولم يبنه فان امكنت المماثلة في القصاص وجب والا فلا ، ولو الصقها المجني عليه لم يؤمر بازالته وله القصاص ، فلو جاء آخر فقطعها بعد الالتحام فالاقرب القصاص كما لو شج آخر موضع الشجة بعد الاندمال » .
وقد تعرض فيه الى عدم سقوط حق الاقتصاص بالالصاق ، واما القطع بعده فهو للحاكم .
وفي الارشاد : « ولو عادت سن الجاني فليس للمقتص ازالتها ، بخلاف الاذن » .
وظاهره ان للمجني عليه حق الازالة ثانيا لو اوصلها الجاني ، كما انه صريح في عدم الحق في ما اذا عاد سن الجاني بعد القصاص ، ولعله لكونه سنا اخرى بخلاف ايصال الاذن .
وفي المختلف : « قال ابن الجنيد : لو قطع رجل اذن رجل فاقيد ، فاخذ المستقاد منه اذنه فالصقها فالتصقت كان للمجني عليه ان يقطعها ثانيا ، فان كان الاول اعاد اذنه فالتصقت ثم طلب القود لم يكن له اولا ولا ثانيا .
والوجه : ان له القصاص ; لان هذا الالتصاق لا يقر عليه ، بل يجب ازالته فلا يسقط القصاص بما لا استقرار له في نظر الشارع » .
وظاهره ان الالتصاق اذا كان بنحو يستقر - كما هو الحال في العلاج اليوم كان لسقوط القصاص بذلك وجه .
وفي الرياض : « ولو قطع شخص شحمة اذن آخر فاقتص منه ، فالصق المجني عليه الشحمة بمحلها كان للجاني ازالتها بلا خلاف على الظاهر المصرح به في التنقيح ، قال : وانما الخلاف في العلة ; فقيل : ليتساويا في الشين ، كما ذكره المصنف ، وقيل : لانها ميتة لا يصح الصلاة معها . ويتفرع على الخلاف انه لو لم يزلها الجاني ورضي بذلك كان للامام ازالتها على القول الثاني ; لكونه حامل نجاسة لا تصح الصلاة معها .
اقول : والاول خيرة الشيخ في الخلاف والمبسوط مدعيا في صريح الاول وظاهر الثاني الاجماع ، وهو الحجة المعتضدة بالنص الذي هو الاصل في هذه المسالة « ان رجلا قطع من اذن الرجل شيئا فرفع ذلك الى علي (ع) فاقاده فاخذ الاخر ما قطع من اذنه فرده على اذنه فالتحمت وبرئت فعاد الاخر الى علي (ع) فاستقاده ، فامر بها فقطعت ثانية فامر بها فدفنت ، وقال (ع) : انما يكون القصاص من اجل الشين » . وقصور سنده او ضعفه منجبر بالعمل . والثاني خيرة الحلي في السرائر والفاضل في التحرير والقواعد وشيخنا في المسالك ، وهو غير بعيد ، والذي يختلج بالبال امكان القول بالتعليلين ; لعدم المنافاة بينهما مع وجود الدليل عليهما ، فيكون للازالة بعد الوصل سببان : القصاص وعدم صحة الصلاة ، فاذا انتفى الاول بالعضو مثلا بقي الثاني كما في مثال العبارة ، ولو انتفى الثاني بنفي الاول كما في المثال المزبور لو اوجب الازالة ضررا لا يجب معه ازالة النجاسة للصلاة في الشريعة » .
وهو ايضا في فرض الصاق المجني عليه لعضوه بعد القصاص ، فيكون للجاني حق ازالته وقطعه من جديد ، وقد نفى فيه الخلاف وجعل المراد من الرواية ذلك ، ولم يتعرض للعكس .
وفي مباني تكملة المنهاج : « مسالة 171 : لو قطع عضوا من شخص كالاذن فاقتص المجني عليه من الجاني ثم الصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحله فالتحم وبرئ جاز للجاني ازالته ، وكذلك الحال في العكس .
مسالة 172 : لو قطعت اذن شخص مثلا ثم الصقها المجني عليه قبل الاقتصاص من الجاني والتحمت فهل يسقط به حق الاقتصاص ؟ المشهور عدم السقوط ، ولكن الاظهر هو السقوط وانتقال الامر الى الدية » .
وفي تحرير الوسيلة : « مسالة 19 : لو قطع اذنه فالصقها المجني عليه والتصقت فالظاهر عدم سقوط القصاص ، ولو اقتص من الجاني فالصق الجاني اذنه والتصقت ففي رواية قطعت ثانية لبقاء الشين ، وقيل : يامر الحاكم بالابانة لحمله الميتة والنجس ، وفي الرواية ضعف . ولو صارت بالالصاق حية كسائر الاعضاء لم تكن ميتة وتصح الصلاة معها ، وليس للحاكم ولا لغيره ابانتها ، بل لو ابانه شخص فعليه القصاص لو كان عن عمد وعلم والا فالدية ، ولو قطع بعض الاذن ولم يبنها فان امكنت المماثلة في القصاص ثبت والا فلا ، وله القصاص ولو مع الصاقها » . هذه اهم كلمات الاصحاب التي عثرنا عليها في المسالة .
والمقصود من الرواية موثقة اسحاق بن عمار ، عن جعفر (ع) ، عن ابيه (ع) : ان رجلا قطع من بعض اذن رجل شيئا فرفع ذلك الى علي (ع) فاقاده ، فاخذ الاخر ما قطع من اذنه فرده على اذنه بدمه فالتحمت وبرئت ، فعاد الاخر الى علي (ع) فاستقاده ، فامر بها فقطعت ثانية ، وامر بها فدفنت ، وقال (ع) : « انما يكون القصاص من اجل الشين » .
والرواية وان كانت واردة في قطع الاذن الا انه باعتبار عموم التعليل في ذيلها وظهوره في بيان المناط الكلي يعم الحكم فيها لجميع موارد قصاص الاطراف .
تحقيق المسالة :
وينبغي البحث اولا في جهتين : احداهما : حكم الجزء الذي الصق بعد الابانة تكليفا ، وهل انه ميتة نجسة لا تصح الصلاة فيه ويجب ازالته ام لا ؟ الثانية : في اثر اعادته والصاقه على حكم القصاص .
اما الجهة الاولى : فالصحيح ان يقال : بان الجزء الذي يوصل تارة يلتحم مع البدن ويصير جزء منه تسري فيه الحياة الحيوانية كسائر اجزاء البدن ، واخرى يبقى لا حياة فيه ولكنه متصل بظاهر البدن نظير الاعضاء المصنوعة التركيبية كما اذا اخذ من عظم انسان آخر او سنه او ظفره فركب مع بدن المجني عليه ، وهذا لا يكون عادة الا في مثل الاجزاء التي لا تحلها الحياة . ففي الحالة الاولى الصحيح هو صيرورة الجزء المذكور بعد الاتصال جزء حيا من الانسان الحي فلا تكون ميتة ولا نجسة ، والتمسك باخبار القطعة المبانة وانها ميتة او نجسة في المقام غير صحيح ; لانها منصرفة عن فرض ايصال القطعة المبانة قبل بردها واستمرار الحياة فيها بذلك من جديد ، بل تلك الاخبار ناظرة الى ما يبرد من القطعة المبانة وتموت بالانفصال والابانة ، فتكون ميتة حقيقة وعرفا .
ودعوى التمسك باستصحاب النجاسة الثابتة للجزء المبان بمجرد البينونة وقبل الالتصاق الى ما بعد زمان الالتصاق . مدفوعة اولا : بعدم ثبوت الحالة السابقة في المقام بناء على الاستظهار المتقدم في تلك الاخبار ; لانها ان سلم دلالتها على ثبوت النجاسة من حين الابانة فهي تقتضي ذلك بشرط بردها وعدم استمرار الحياة فيها بالاتصال من جديد ، ففي هذه الصورة يحكم بنجاستها من اول الامر ، لا صورة الاتصال والحياة ، فلا احراز للحالة السابقة للنجاسة في المقام .
وثانيا : لو سلمنا ثبوت النجاسة للجزء المبان حين الابانة في المقام ايضا قلنا بعدم جريان استصحابها ; لانها انما تثبت في القطعة المبانة بعنوان كونها ميتة ، او بعنوان كونها قطعة مبانة بما هي مبانة عن الحي ، بحيث تكون حيثية الموت وفقدان الحياة الحيوانية او حيثية الابانة تقييدية في موضوع النجاسة عرفا لا تعليلية ، ومعه لا يمكن اجراء استصحابها بعد الاتصال للجزء المبان وصيرورته حيا وجزء من البدن ; لتغير الموضوع وتعدده عرفا ، ويشترط في جريان الاستصحاب احراز وحدة موضوع الحكم المستصحب وبقائه في الحالتين ، كما هو محقق في محله . واما الحالة الثانية - وهي ما اذا لم يكن في الجزء بعد الاتصال حياة فلا اشكال في ان ذلك الجزء يكون من الميتة والقطعة المبانة ، الا انه اذا كانت مما لا تحله الحياة كالعظم والسن والظفر والشعر فلا نجاسة له ، كما ان حمله في الصلاة لا دليل على مانعيته ، فلا وجه لما ذكره العامة من الزامه من قبل الحاكم او غيره بازالته .
واما - الجهة الثانية وهي اثر الالصاق للجزء المقطوع في حكم القصاص : فهنا ايضا تارة يفرض انه الصقه من دون التحام وبرء ، بل لمجرد حفظ صورة ذلك الجزء ، كما اذا قطع ظفره فاخذه والصقه لحفظ صورته من دون ان يعود جزء ينمو كالاظفار الاخرى ، وهكذا في العظم او الجلد لو امكن فيه ذلك ، واخرى يفرض انه بعد الالتصاق يعود جزء من البدن كالاول ينمو ويتصف بالحياة كالاجزاء الاخرى .
ففي الفرض الاول لا ينبغي الاشكال في عدم تاثير ذلك على القصاص سلبا او ايجابا ، وليست رواية اسحاق بن عمار ناظرة الى هذه الفرضية جزما ; لانه قد ورد التصريح فيها بالالتحام والبرء بعد الالتصاق ، وهو ظاهر في الفرض الثاني ، فيكون هو موضوع البحث في هذه المسالة .
ويلحق بالفرض الاول ما اذا عالج المجني عليه او الجاني العضو المقطوع بالصاق جزء من انسان آخر او حيوان اليه فصار جزء حيا منه وارتفع نقصه بذلك ، فان هذا الفرض ايضا اجنبي عن موضوع البحث ; لانه اضافة جزء غير ما كان من بدنه اليه ، فالمماثلة في القصاص بلحاظ ما كان جزء من بدنه حاصلة ، واما التعويض بجزء خارج عنه فهذا حق ثابت لهما معا واجنبي عن منظور ادلة القصاص ، كما ان رواية اسحاق الدالة على ان القصاص من اجل الشين ظاهرة في النظر الى الشين الحاصل بلحاظ شخص الاجزاء السابقة من البدن ، لا ما يمكن ان يضاف اليه من الخارج او يهبه الله له ثانيا بمعجزة ، كما اذا اعطاه الله يدا اخرى بعد ان قطعت‏يده الاولى ، فموضوع البحث فيما اذا اعيد نفس الجزء المقطوع من البدن اليه عرفا .
ويقع البحث عنه في مسائل ثلاث : الاولى : فيما لو اعيد العضو المقطوع للجاني او للمجني عليه بعد القصاص فهل للاخر حق ازالته ام لا ؟ الثانية : فيما لو اعيد للمجني عليه قبل الاقتصاص ، فهل يسقط بذلك حقه في القصاص وينتقل الى الدية او الارش ام لا ؟ الثالثة : في جواز الاقتصاص بمجرد الابانة مع امكان الالصاق والاعادة بالعلاج او وجوب الصبر حتى يتبين الحال ؟
المسالة الاولى :
اما البحث في المسالة الاولى ، فلا ينبغي الاشكال في ان الاصل الاولي يقتضي حرمة الاضرار بالمسلم او قطع عضو منه الا ما ثبت بالدليل جوازه ، وقد ثبت في باب الجناية العمدية حق الاقتصاص للمجني عليه على الجاني ، فلا بد من البحث اولا عن مقتضى ادلة القصاص في الاطراف وانه هل يمكن ان يستفاد منها الحق للمجني عليه او الجاني في ازالة ما اوصله واعاده الاخر الى بدنه بعد القصاص من العضو المقطوع ام لا ؟ ثم نبحث عما تقتضيه الرواية الخاصة ، وهي رواية اسحاق بن عمار ، فالبحث في مقامين :
اما المقام الاول : فظاهر كلمات بعض الاصحاب ان القصاص في الاعضاء يتحقق بالابانة والقطع كما ان سببه يتحقق بالابانة ، وقد تقدم كلا هذين التعبيرين في عبارة المبسوط المتقدمة ، كما تقدم في عبائر بعض الاخرين . وهذا يقتضي ان لا يحق للمجني عليه - على القاعدة اكثر من ان يقطع اذن الجاني ، سواء اوصله بعد ذلك ام لا ، وكذلك العكس ، كما يقتضي في المسالة الثانية القادمة كفاية ابانة العضو لثبوت حق القصاص ، سواء اوصل قبل القصاص ام لا ; لتحقق الابانة ، وقد تقدم التصريح بذلك ايضا من المبسوط وغيره .
ولكن في قبال ذلك يمكن ان يقال : بان المستظهر من قوله تعالى في قصاص الاطراف : (النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص) هو المقابلة بين العضوين لا القطعين والابانتين ; اي ان كل عضو وطرف يؤخذ من المجني عليه وينقص منه يؤخذ في قباله نفس العضو من الجاني وينقص منه ، فليس القصاص بلحاظ انه آلمه بقطع عضوه فيؤلمه بقطع نفس العضو منه ، بل القصاص بلحاظ نفس العضو ونقصه ، فيدل على حق انقاصه من الجاني بحيث لو اوصله كان من حق المجني عليه ان يعود فينقصه منه ثانيا ; لان نفس العضو صار متعلق حقه ، لا بمعنى انه يملكه ، بل بمعنى انه يملك سلبه منه وانقاصه .
فالحاصل : صريح الاية المقابلة بين نفس الاعضاء في المجني عليه والجاني ، وان عين المجني عليه تكون بعين الجاني ، وانفه بانفه ، واذنه باذنه . . وهكذا ، والمستظهر من مثل هذا التركيب عرفا البدلية والمقابلة بينهما في مقام الاخذ والعطاء ، وان احدا لو اخذ عين الاخر وسلبها منه كان للاخر ان يسلب عينه وياخذها منه ، فالقصاص في الاطراف قصاص نفس الاطراف وجودا وعدما وما يحصل من النقص والعيب بسببها ، لا قصاص القطع والابانة بما هو قطع وجرح . ويترتب على ذلك مطلبان :
1 - ما نستفيده بلحاظ المسالة القادمة من ان سبب القصاص وموجبه ليس مجرد حصول قطع العضو وابانته ، بل ولا حدوث النقص والعيب من ناحيته في زمان ثم عوده بشخصه ، فان هذا لا يكفي للقصاص بعد العود ، بل في مقابل نقصان عضوه بجنايته يحق له القصاص ، فما دام ذلك العضو ناقصا منه يصح ويحق له القصاص لا اكثر ، وسياتي مزيد بحث عنه .
2 - ما نستفيده في هذه المسالة من ان مقتضى القاعدة ان للمجني عليه قطع العضو اذا اوصله الجاني بعد القصاص ثانيا ; لانه في مقابل عضوه المنقوص منه ، فله حق الانقاص بمقتضى المقابلة المذكورة .
وكلتا الاستفادتين مختصتان بما اذا كان الايصال والاعادة لنفس العضو المقطوع لا عضو من بدن آخر او من مكان آخر من بدنه ، فان ايصاله لا يمنع من صدق انقاص العضو الاصلي الذي كان في قبال عضو المجني عليه ، فهذا عضو جديد خارج عن متعلق الحق وعن المقابلة ، وهذا نظير ما اذا حصل له مال آخر غير ما اتلفه عليه المتلف ; فانه لا ربط له باشتغال ذمته بما اتلفه ، كما اشرنا الى ذلك سابقا .
يبقى ما اذا اوصل المجني عليه العضو المقطوع منه بعد القصاص من الجاني ، فهل يحق للجاني عندئذ ان يقطعه منه ثانيا ام لا ؟
لا اشكال ان الاية ناظرة الى حق المجني عليه على الجاني لا العكس ، ولكن يمكن ان يدعى استفادة المقابلة من الطرفين عرفا وانه اذا كان عضو المجني عليه في قباله نفس العضو من الجاني كان عضو الجاني ايضا في قباله نفس العضو من المجني عليه ، فاذا قطعه المجني عليه قصاصا وفي قبال انقطاع عضوه لم يكن له الحق في ايصال عضوه بعد ذلك ; بمعنى انه لو اوصله كان للجاني ان يقطعه ويسلبه عنه كما اخذه منه قصاصا .
واما المقام الثاني : فالرواية الخاصة في المسالة انما هي معتبرة اسحاق بن عمار المتقدمة ، والضمير في قوله : « فاقاده » يحتمل فيه احتمالان من حيث رجوعه الى المجني عليه او الجاني :
الاول : ان يرجع الى قول السائل في ابتداء كلامه : « ان رجلا قطع » والذي هو الجاني ، فيكون المقصود من قوله : « اقاده » اقتص منه واقاده به كما يقال : اقاد القاتل بالقتيل . والمقصود من قوله : « فاخذ الاخر . . . » المجني عليه لا محالة ، فتكون الرواية ناظرة الى فرض ايصال المجني عليه اذنه بعد الاقتصاص من الجاني .
الثاني : ان يرجع الضمير الى الرجل في قوله : « من بعض اذن رجل شيئا » والذي هو المجني عليه ، فيكون المقصود من قوله : « اقاده » اقتص له واقاده منه ، كما يقال : استقاد الامير فاقاده منه ، ويكون الاخر الذي اخذ ما قطع من الاذن فاوصله هو الجاني ، ومورد الرواية ما اذا اوصل الجاني اذنه بعد القصاص لا المجني عليه .
وكلمات الفقهاء في تفسير الرواية ليست واضحة ، وان كان المستظهر من اكثرهم حملها على المعنى الاول ، ولعله لظهور الضمير في الرجوع الى موضوع كلام السائل ومحوره في قوله : « ان رجلا قطع من بعض اذن رجل شيئا » . وهذا الاستظهار لا باس به لو قرانا الجملة الثانية : « فرفع ذلك الى علي (ع) » مبنيا للمفعول لا الفاعل ، والا كان فاعله ضميرا يرجع على الرجل الثاني ، اي المجني عليه ، فيناسب ان يكون الضمير الذي يليه في جملة « فاقاده » ايضا راجعا اليه .
وعلى كل حال ، لا اشكال في ان جواب الامام (ع) في ذيل الرواية : « انما يكون القصاص من اجل الشين » بيان لنكتة كلية وقاعدة عامة في باب قصاص الاطراف غير مختصة بقطع الاذن . وظاهرها نفس ما ذكرناه في المقام السابق من ان موجب القصاص وما يكون من اجله هو العيب والنقص الحاصل بالجناية لا مجرد الابانة والقطع ; لان المراد من « الشين » هنا هو العيب والنقص في البدن ، ومن قوله (ع) : « من اجل الشين » اي بسببه وفي قباله ، فيكون الظاهر من قوله : « انما يكون القصاص . . . » التعليل ، وان ما يكون سببا للقصاص وموجبا له وفي نفس الوقت متعلقا لحق المقتص له على المقتص منه انما هو العيب والنقص الحاصل في البدن بذهاب العضو وفقدانه . وهذا يستفاد منه كلا المطلبين المتقدمين ، اي ان سبب القصاص في الاطراف وموجبه ليس مجرد القطع والابانة بل فقدان العضو ونقصه ، وان حق المجني عليه بمقتضى المقابلة ايجاد نفس النقص في الجاني ، لا مجرد قطع عضوه وابانته ولو بان يوصله ثانيا .
لا يقال : بمجرد القطع والابانة قد حصل الشين والنقص فيثبت القصاص .
فانه يقال : ظاهر التعليل ان القصاص يدور مدار فعلية النقص والشين حين القصاص لا مجرد حدوثه ، والا لم يصح قطع ما اوصله الجاني او المجني عليه ثانيا ; لانه قد حصل الاقتصاص منه بمجرد القطع ، بل لم يكن معنى مفهوم للتعليل المذكور .
فالحاصل : ظاهر التعليل ومفهومه المقابلة بين نقص العضوين في طرفي الجاني والمجني عليه ، وان مجرد الابانة لا تكفي ، وهذا كما يقتضي جواز القطع ثانيا كذلك يقتضي كون الموضوع لحق الاقتصاص بقاء النقص حين الاقتصاص ، لا مجرد حدوثه سابقا مع عوده سالما بشخصه ; فانه لا موضوع للمقابلة عندئذ .
لكن يبقى البحث في ان هذا هل يختص بالمجني عليه - فهو الذي يحق له ان يمنع الجاني من ايصال عضوه بعد القصاص او يثبت في العكس ايضا فيما اذا تحقق القصاص قبل ايصال المجني عليه للعضو المقطوع الى بدنه ؟
الصحيح اننا اذا استظهرنا الاحتمال الاول في الرواية فالنتيجة ثبوت الحكم في كلتا الصورتين : صورة ايصال المجني عليه بعد القصاص بمقتضى مورد الرواية ، وعكسها بمقتضى ظهور التعليل المتقدم بيانه ، بل والاولوية ; فانه اذا كان يحق للجاني بعد القصاص ان يمنع المجني عليه من اعادة ما قطعه منه الى بدنه - مع انه كان قطعه بلا حق وعدوانا فالمجني عليه اولى بان يكون له هذا الحق على الجاني .
واما اذا استظهرنا الاحتمال الثاني وان مورد السؤال والواقعة في الرواية ان الجاني اعاد اذنه بعد القصاص ، فلا يمكن ان يستفاد من الرواية جواز قطع الجاني لما يعيده المجني عليه بعد القصاص .
اللهم الا اذا قبلنا الملازمة العرفية المتقدمة في المقام السابق اي المقابلة من الطرفين ، او استظهرنا من التعبير بقوله : « ثم جاء الاخر » التعميم ، وان المقصود مطلق احدهما ، سواء كان هو الجاني او المجني عليه من دون خصوصية لاحدهما والا لكان يذكر خصوصية كونه جانيا او مجنيا عليه .
المسالة الثانية :
واما البحث في المسالة الثانية ، فقد اتضح حالها مما تقدم من استظهار ان موجب قصاص الاطراف ما اذا كان العضو مقطوعا ، فاذا اوصل قبل الاقتصاص لم تشمله ادلة قصاص الطرف ; لارتفاع الموضوع بذلك وبقاء العضو في البدن . كما ان التعليل في المعتبرة يشمله ، فلو فرض اطلاق ادلة القصاص لذلك قيدناه بظهور التعليل في الرواية ، نعم هذا لا ينفي ان يكون للمجني عليه حق القصاص ما دام لم يوصل العضو الى بدنه ، وهذا ما سنبحثه في المسالة الثالثة .
وقد يستدل على سقوط القصاص في الطرف بعد البرء بمثل مرسلة جميل عن بعض اصحابنا عن احدهما (عليهماالسلام) - في رجل كسر يد رجل ثم برات يد الرجل قال : « ليس في هذا قصاص ولكن يعطى الارش » .
ومرسلته الاخرى عن احدهما (عليهماالسلام) انه قال في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت ، قال : « ليس عليه قصاص وعليه الارش » .
وفيه - مضافا الى ضعف السند بالارسال : ان سقوط القصاص في كسر اليد باعتبار انه لا قصاص في العظم عموما ; فان التعبير بقوله : « ليس في هذا قصاص » ظاهر في نفي القصاص في هذا النوع من الجناية لا لكونه بعد البرء ، فتكون الرواية على وزان ما ورد في الروايات - وبعضها معتبرة من انه لا قصاص في عظم ، ولا اقل من احتمال ذلك واجمال الرواية .
كما ان نفي القصاص في سن الصبي التي تسقط ثم تنبت باعتبار عدم كونها سنا اصلية بل موقتة ، فيكون القصاص في السن الاصلية .
اذن ، فلا يمكن ان يستفاد من هذه الرواية ما نحن بصدده ، وانما ينحصر طريقه فيما ذكرناه من الوجهين المتقدمين .
وقد افتى بسقوط القصاص ببرء العضو المقطوع واتصاله بعض الاعلام المتاخرين تمسكا بمعتبرة اسحاق ، كما ان ظاهر كلمات المفيد وجملة من القدماء ذلك ، وقد تقدم بعضها ، وياتي الاشارة اليها في المسالة القادمة ، فانتظر .
وهل تثبت دية العضو عندئذ على الجاني ، او يكون عليه الارش ولو بالحكومة ؟
قد يقال بثبوت الدية تمسكا باطلاق ادلة الدية في قطع الاعضاء ، مضافا الى ما دل على ان حق المسلم لا يذهب هدرا .
الا ان الانصاف عدم امكان اثبات دية العضو في المقام بعد فرض اتصاله وبرئه ; فان ظاهر ادلة ديات الاعضاء انها في قبال فقد العضو وانها قيمته . نعم ، لو اوصل عضوا مثله من بدن آخر شمله الاطلاق بالنكتة المتقدمة ، واما مع فرض اتصال نفس العضو المقطوع وعوده كالاول بلا نقص فادلة ديات الاعضاء غير شاملة له . كما ان ما دل على ان دم المسلم او حقه لا يذهب هدرا لا ربط له بمقدار الدية والتعويض اللازم على الجاني ، وانما يثبت عدم ذهاب اصل الحق ، واما مقداره فلا بد وان يرجع فيه الى ادلة تحديد الديات والارش ، فلا يثبت غير الارش ولو بالحكومة .
المسالة الثالثة :
واما البحث في المسالة الثالثة - وهي جواز الاقتصاص بمجرد الابانة مع امكان الالصاق والاعادة ولو بالعلاج وعدمه : فظاهر ما تقدم عن الكافي والمقنعة عدم جواز القصاص حتى يحصل الياس من صلاحه ، ففي الكافي : « ولا يجوز القصاص بجرح ولا قطع ولا كسر ولا خلع حتى يحصل الياس من صلاحه » .
وفي المقنعة : « وينبغي ان ينتظر الحاكم بالمجروح والمكسور حتى يعالج ويستبرئ حاله باهل الصناعة ، فان صلح بالعلاج لم يقتص له ، لكنه يحكم على الجاني بالارش فيما جناه ، فان لم يصلح بعلاج حكم له بالقصاص » .
والغريب ذكر الجرح والكسر والخلع مع القطع ايضا ، مع انه لا اشكال في عدم توقف القصاص في الجروح التي فيها القصاص على البرء ، كيف ؟ ! وهي مما تبرا عادة ، كما انه لا قصاص في كسر العظم ولا خلعه ونقله ، كما دلت عليه الروايات .
ولعل المقصود وجوب الصبر في القصاص للجروح حتى يتبين مقدار السراية وعدمها ، الا ان هذا لا يناسب ما ذكر في ذيل عبارة المقنعة من عدم القصاص على تقدير الصلاح بالعلاج ، الا اذا كان المقصود من الجرح قطع العضو او جزء منه ، وهو يدل على ما ذكرناه في المسالة السابقة من سقوط القصاص بايصال العضو المقطوع وبرئه ، اللهم الا ان يحمل على فرض عدم القطع والابانة الكاملة للعضو ، فانه الذي كان برؤه ممكنا عادة في تلك الايام .
وفي المختلف : « مسالة : قال ابن الجنيد : والاولى عندنا بالقصاص من الجراح دون النفس ان يكون بعد ان يبرا المجني عليه ; لئلا يتعدى الجراح الى التلف او زيادة على ما يجب به وقت وقوعه ، واذا اخر ذلك عرف ما يمكن ان يقع به القصاص وقت برئه ، وان اختار المجني عليه ان يقتص قبل البرء كان ذلك له ، فان زاد الجراح لم يكن على الذي يستقاد منه زيادة في اقتصاص ولا دية ، ولو برا المجني عليه فاقتص ثم انتقضت جراحة المجني عليه فآلت الى التلف لم يكن فيها قود ، وعلى الجاني الدية بعد ارش ما اقتص منه للشبهة . وقال الشيخ في المبسوط : القصاص يجوز في الموضحة عند قوم ، وقال قوم : لا يجوز الا بعد الاندمال ، وهو الاحوط عندنا ; لانها ربما صارت نفسا .
وقول ابن الجنيد قوي في جواز المبادرة الى القصاص ; لانه حق يثبت له ، فيندرج تحت قوله تعالى : (والجروح قصاص) ، لكن قوله : فان زاد الجرح لم يكن على الذي يستقاد منه زيادة في اقتصاص ولا دية ، بل يجب عليه دية الزيادة والقصاص ان كان مما يقتص فيه . وكذا قوله : لو برا المجني عليه فاقتص ثم انتقضت جراحة المجني عليه فآلت الى تلف لم يكن فيه قود ، بل الوجه وجوب القود ; لحصول السبب وهو الجناية عمدا » .
وقال في موضع آخر : « مسالة : قال المفيد : وليس في كسر اليد وشي‏ء من العظام وشي‏ء من قطع الاعضاء التي تصلح بالعلاج قصاص ، وانما القصاص فيما لا يصلح من ذلك بشي‏ء من العلاج . وقال الشيخ في النهاية : من قطع شيئا من جوارح الانسان وجب ان يقتص منه ان اراد ذلك المقطوع ، وان جرحه جراحة فمثل ذلك ، الا ان تكون جراحة يخاف في القود منها على هلاك النفس فانه لا يحكم فيها بالقصاص ، بل يحكم بالارش ، كالمامومة والجائفة وما اشبههما ، وكسر الاعضاء التي يرجى انصلاحها بالعلاج فلا قصاص ايضا فيها ، بل يراعى حتى ينجبر الموضع اما مستقيما او على عثم ، فيحكم حينئذ بالارش ، فان كان شيئا لا يرجى صلاحه فانه يقتص من جانيه على كل حال . وقال سلار : الجناية ان خيف من القصاص فيها تلف نفس المقتص منه في الاغلب لا قصاص فيها بل الدية ، وان لم يخف فصاحب الجناية مخير بين القصاص والدية ، ولا قصاص فيما يبرا ويصلح ، وانما فيه الارش ، والقصاص فيما لا يبرا .
والوجه ان نقول : انه لا قصاص في كسر الاعضاء والعظام اما لما فيه من التغرير او لعدم التوصل الى قدر الحق ، واما غير الكسر فان خيف فيه التلف فلا قصاص ايضا ، وان لم يخف منه التلف وجب القصاص ، سواء برا او لا ; لعموم قوله تعالى : (والجروح قصاص) ، مع ان سلار قال لما عد الجراحات : فلا قصاص الا في سبع منهن ما عدا المامومة والجائفة ، مع غلبة الظن ببرء اكثرها ، فان قصد من الجنايات التي تشتمل على الكسر فقد وافق الشيخين . ابوالصلاح قال : انما يكون جارحا بما يوجب القصاص مع تكامل الشروط المذكورة في القود اذا كان ما قصده مما لا يرجى صلاحه - كقطع اليد والرجل والاصبع الى غير ذلك ولا يخاف معه تلف المقتص منه ، فاما الكسر والفك والمنجر والجرح الملتئم والمامومة في الشجاج والجائفة في الجوف وما يجري مجراه فلا قصاص في شي‏ء منه ، وفيه الاشكال السابق اولا » .
اقول : اما القصاص في كسر العظام فقد تقدم انه لا قصاص فيه ، وتفصيل بحثه في محله .
واما الجروح التي فيها القصاص فلا ينبغي الاشكال في عدم توقف الاقتصاص فيها على عدم اندمال جرح المجني عليه ; والا لم يبق قصاص في الجروح ، وانما البحث في وجوب الصبر حتى يندمل الجرح وعدمه بلحاظ تحديد مقدار الجناية ; لاحتمال سراية الجرح الى تلف النفس او ازدياده واتساعه ، فلو اقتص قبل ذلك فقد يمنع ذلك من امكان الاقتصاص ثانيا لما سرى اليه ; لاستلزامه جناية زائدة في القصاص - كما تقدم عن ابن الجنيد وان ناقشه العلامة وهذا ايضا بحث آخر خارج عما نحن بصدده ، فمع قطع النظر عن هذه الحيثية تكون ادلة القصاص في الجروح شاملة للمقام بمجرد تحقق الجرح ، وانما البحث بعد ذلك في سقوط قصاص الجرح الزائد اذا حصلت السراية وعدمه .
واما قصاص الاطراف - اعني قطع عضو ونحوه ، والذي تقدم ان الموضوع والموجب له بمقتضى المقابلة في ادلته بين عضو الجاني وعضو المجني عليه او بمقتضى معتبرة اسحاق بن عمار تحقق النقص والشين في بدن المجني عليه فهل يجب فيه الصبر حتى يظهر البرء وعود العضو المقطوع الى حالته الاولى فلا قصاص او يظهر عدم الصلاح فيثبت القصاص ويستقر ، او لا يجب فيه الصبر ، بل ما دام العضو مقطوعا ولم يوصل بعد كان له القصاص ; لصدق تحقق الشين والنقص في تلك الحال ، غاية الامر لو اوصله بعد الاقتصاص كان للاخر قطعه ، وكذلك في طرف العكس ؟
الانصاف انا لو استفدنا من ادلة قصاص الطرف - ولو ببركة معتبرة اسحاق ان الموضوع والموجب لهذا القسم من القصاص هو الشين ونقصان العضو لا مجرد تحقق الابانة والقطع في زمان ، فالمتفاهم من ذلك عرفا ان الموجب له استمرار ذلك النقص في البدن من ناحية شخص ذلك العضو بحيث‏ينبغي التثبت منه والصبر ليتبين الحال ولو بالعلاج ، والا كان الاقتصاص في غير محله ، لا انه واقع في محله غاية الامر يكون للاخر الحق في قطعه اذا اوصله ثانيا .
نعم ، لو عالج العضو المقطوع فاصلحه بعضو مماثل من بدن آخر ونحوه لم يسقط حقه في الاقتصاص ; لانه بمثابة عضو آخر جديد استحصله .
ونستخلص مما تقدم في الجهات الثلاث النتائج التالية :
1 - اذا قطع عضوا من شخص مما فيه القصاص فاقتص منه ، ثم اراد المقتص منه ايصال ما قطع منه واعادته الى ما كان عليه ، كان للاخر الذي نقص عضوه حق منعه وقطعه من جديد . نعم ، اذا اصلح النقص بعضو اجنبي لم يحق للاخر منعه ، كما لو فقا عينه فزرع عين حي او ميت بدلها ، او قطعت‏شحمة اذنه فوضع بدلها لحمة من بدنه او بدن غيره بعملية تجميل او نحو ذلك .
2 - اذا قطع عضوا من شخص مما فيه القصاص ، فالصق العضو المقطوع واعيد الى وضعه الاول قبل الاقتصاص ، سقط حق القصاص ، ويشكل ثبوت الدية ايضا ، بل يرجع الى الحكومة . هذا اذا لم يكن الاصلاح باجنبي والا كان له القصاص او الدية كما اشرنا في الفرع السابق .
3 - يجب الصبر في موارد قصاص الاطراف حتى يتبين برء العضو ولو بالعلاج فينتفي القصاص ، او عدم برئه فيستقر القصاص . هذا اذا لم يكن العلاج باجنبي بل باعادة نفس العضو المقطوع ، والا كان القصاص مستقرا من اول الامر .
 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID