عضويت در مرسلات     
 

›أخبار

›المكتبة

›البرامج

›بطاقات بريدية

›احاديث

›منشورات وأنشطة

›ارسال المقالة

›مقالات

›الصور

›منتديات

›الأسئلة و الأجوبة

›الروابط

›مرسلات في 120 ثانية

›اتصل بنا

›موبايل

›الفائزون

›تشاور

›صوت و فيلم

›خارطة الموقع

›بيت الاطفال و الشباب

›من نحن


القائمة
اعلان
اعلان
الفقه
01
الجمعة, صفر 03, 1432 التلقيح الصناعي آية اللّه الشيخ محسن حرم پناهي
ان التلقيح الصناعي من الامور الحادثة التي لم يرد فيها نص خاص، لكنه لا يخرج من عمومات النصوص والاصول، ولذا لم يال الفقهاء جهدهم في استنباط حكمه منهما، امتثالا لامر مواليهم(عليهم‏السلام) في قولهم: «علينا القاء الاصول و عليكم التفريع‏».
تعريفه واقسامه:
التلقيح الصناعي: هو افراغ النطفة في رحم الانثى بغير جماع.
النوع الاول:
وله اقسام تختلف احكامها باختلافها:
القسم الاول:
ان تلقح نطفة الرجل في رحم زوجته او امته، فانه من حيث هو لا منع فيه، لعدم الدليل على حرمته، وبما انه من قبيل الشبهة البدوية التحريمية، فمقتضى الاصل فيها البراءة الشرعية والعقلية. نعم قد يحرم من حيث مقدماته، مثل مباشرة الاجنبي له.
القسم الثاني:
ان تلقح نطفة الاجنبي في رحم الاجنبية بغير وقاع:
وبما انه ايضا من الشبهة البدوية التحريمية، كان الاصل فيها البراءة الشرعية والعقلية، وان كان الاحتياط فيها -بما انه حفظ وتحصيل للواقع من غير استناد الى الشارع- حسن عقلا على كل حال . هذا ولكن في المقام عمومات من الكتاب والسنة لا يخلو بعضها من الدلالة على المنع:
اما الكتاب فآيات: منها: قوله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن)، لانه بناء على ان حذف المتعلق يفيد العموم يجب حفظ الفرج من كل شي‏ء يرتبط به، ومنه التلقيح باية صورة كان.
وفيه: ان المراد حفظ الفرج من الغير، فلا يعم افراغ المراة مني الاجنبي في رحمها بالمباشرة او باداة صناعية.
هذا مضافا الى احتمال ان يكون المراد به خصوص النظر، كما يدل عليه حديث ابي بصير -المنقول في تفسير القمي والكافي- عن ابي عبداللّه(ع) قال: «كل آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر».
ولا اشكال في رواة السند، انما الكلام في التفسير المذكور، فقد جمعه بعض تلامذة القمي(قدس‏سره) ممن لم يعلم حالهم في الرجال، مضافا الى ان فيه ما لا يصح الالتزام بظاهره. نعم، ان اسناد الكافي ضعيف ببكر بن صالح الرازي.
ومنها: قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون × الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين × فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون).
بناء على ان قوله: (فمن ابتغى وراء ذلك) يدل على ان اي عمل يتنافى مع حفظ الفرج فهو اعتداء وتجاوز للحدود الشرعية الا اذا كان من طريق الزواج او ملك اليمين.
وفيه: ان المتبادر منه ارتكازا هو حفظ الفرج من النكاح، مع ما مر من اختصاص الاية بالنظر كما في حديث ابي بصير المتقدم.
ومنها: قوله تعالى: (حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم ... وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف ان اللّه كان غفورا رحيما).
فبما ان التكليف لا يتعلق الا بالفعل فلا بد من تقدير فعل، وبما ان حذف المتعلق يفيد العموم، فالفعل المقدر يعم التلقيح بلا اشكال.
ولكن من المعلوم عدم صحة ارادة هذا العموم، والا لزم تخصيص الاكثر، فلا بد وان يكون المقدر الفعل المناسب عرفا، وهو النكاح، ويشهد لذلك قوله تعالى في ذيل الاية: (وان تجمعوا بين الاختين).
واما السنة فروايات: الاولى: رواية علي بن سالم، عن ابي عبداللّه(ع) قال: «ان اشد الناس عذابا يوم القيامة رجل اقر نطفته (نطفة عقاب) في رحم يحرم عليه‏».
ولا اشكال في سند الرواية الا من جهة علي بن سالم، حيث قيل انه مشترك بين البطائني المشهور بالوقف المرمي بالكذب، وبين علي بن سالم المجهول.
ويمكن دفعه: بان علي بن سالم ثقة على كلا التقديرين، لان البطائني الضعيف -على ما حققناه في محله- هو الحسن بن علي بن ابي حمزة، واما علي بن سالم، سواء كان هو البطائني او غيره، فبما انهما من اصحاب الصادق(ع) فهما ثقتان، لتوثيق المفيد(رحمه‏اللّه) عامة اصحاب الصادق(ع)، كما في الارشاد.
واما تقرير دلالتها: فبان النطفة كما في مفردات الراغب: «الماء الصافي، ويعبر بها عن ماء الرجل‏»، بل هذا هو صريح دلالة الرواية، لاضافتها فيها الى الضمير الراجع الى الرجل، فما قيل من ان مبدا تكون الحيوان هو المركب منه ومن ماء الانثى وان كان صحيحا -كما لا يبعد ان يكون هو المراد بالامشاج في قوله تعالى: (من نطفة امشاج)- ولكن اين هذا من معناها في اللغة والمراد بها في الرواية؟! وكيف كان فظاهر الحديث ان موضوع المنع هو اقرار الرجل ماءه في رحم يحرم عليه من غير دخل في المباشرة بحسب المتعارف فيه، ولذا استدلوا بالحديث على وجوب العزل في الزنا، لانه دل على ان الاقرار محرم آخر زائد على اصل الجماع.
لا يقال: ان قضية الغلبة الخارجية انصرافه الى خصوص المتعارف.
لانه يقال - مضافا الى ان الغلبة الخارجية بمجردها لا توجب الانصراف- : ان تعليق المنع على اقرار النطفة يكشف عن ان الموضوع نفس قرارها، وانه مبغوض من حيث هو ولو كان بسبب محلل كيد الزوج او نفس يد المراة، ويؤكد ذلك رواية اسحاق الاتية.
الثانية: رواية من لا يحضره الفقيه: قال النبي(ص): «لن يعمل ابن آدم عملا اعظم عند اللّه عز وجل من رجل قتل نبيا، او هدم الكعبة التي جعلها اللّه قبلة لعباده، او افرغ ماءه في امراة حراما». وقد رواه في الخصال باسناده عن سعد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن غير واحد من اصحابنا، عن ابي عبداللّه(ع).
ولا اشكال في ضعف سند الحديث من جهة الارسال، ومن اشتماله على القاسم بن محمد المجهول.
لكن ربما يدفع: بان اسناد الصدوق الحديث الى النبي(ص) يكشف عن اعتقاده بصدوره عنه(ص) قطعا او لحجة معتبرة، لا سيما بعد التزامه في اول «الفقيه‏» بان لا يخرج فيه الا ما هو حجة في اعتقاده، ويؤيد ذلك انه اخرجه في الخصال باسناده عن غير واحد من اصحابنا -كما عرفت- فانه كناية عن جماعة يبعد خلوهم عن الثقة عادة.
لكن الظاهر ضعف الدفع المذكور: اما التزام الصدوق في مقدمة كتابه ففيه -مضافا الى تخلفه عنه في كثير من الموارد، كما في الحدائق-: ان الالتزام بحجية الرواية اعم من وثاقة الراوي، لاحتمال استناد الملتزم الى قرائن لو كانت تصل الينا لم نكن نعتمد عليها. واما الاستبعاد فغايته انه يفيد الظن الذي لا يغني من الحق شيئا.
واما دلالته: فبما ان «حراما» وصف ل’ «افراغا» المقدر، فانه يدل على حرمة افراغ مفروغ عن حرمته، وكون التلقيح حراما اول الكلام.
الثالثة: رواية اسحاق بن عمار، قال: قلت لابي عبداللّه(ع): الزنا شر او شرب الخمر؟ وكيف صار في شرب الخمر ثمانون وفي الزنا مئة؟ فقال: «يا اسحاق، الحد واحد، ولكن زيد هذا لتضييعه النطفة ولوضعه اياها في غير موضعه الذي امره اللّه عز وجل به‏».
ولا اشكال في ضعف سندها بالحسن بن علي بن ابي حمزة البطائني، كما في رجال الكشي وغيره.
واما دلالتها، فالرواية بظاهرها تدل على منع امرين:
احدهما: تضييع النطفة.
والثاني: وضعها في غير موضعها الذي احله اللّه تعالى، وبما ان الاول باطلاقه غير ممنوع شرعا، فلا بد وان يكون الثاني تفسيرا للاول وتقييدا له، فيكون المعنى: ان وضع النطفة -من حيث هو- في غير محله الذي احله اللّه تعالى حرام. ولعل المراد من قوله(ع): «موضعه الذي امره اللّه» هو قوله تعالى:
(نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم).
الرابعة: رواية محمد بن سنان، عن الرضا(ع) -فيما كتب اليه من جواب مسائله- : «وحرم اللّه الزنا لما فيه من الفساد، من قتل النفس، وذهاب الانساب، وترك التربية للاطفال، وفساد المواريث، وما اشبه ذلك من وجوه الفساد».
الخامسة: رواية احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي في الاحتجاج، عن ابي عبداللّه(ع) -في حديث- ان زنديقا قال له:
لم حرم اللّه الزنا؟ قال: «لما فيه من الفساد وذهاب المواريث...» . قيل: ان في الروايتين دلالة على ان حكمة التحريم هو ذهاب الانساب والمواريث، وهي بعينها موجودة في التلقيح.
وفيه: اولا -بعد الغض عن ضعف السند: انه اخص من المدعى، لعدم وجود الحكمة المذكورة في التلقيح اذا كان صاحب الماء معينا.
وثانيا: انما العلة تعمم وتخصص دون الحكمة، لانها عبارة اخرى عن المقتضي، ومن المحتمل ان يكون معه مانع يمنع عن تاثيره، لا سيما في مثل المقام مما ذكر فيه مقتضيات متعددة لا يقتضي بعضها الا الكراهة، كترك التربية المذكور في رواية ابن سنان.
السادسة: صحيحة شعيب الحداد قال: قلت لابي عبداللّه(ع): رجل من مواليك يقرئك السلام، وقد اراد ان يتزوج امراة، وقد وافقته واعجبه بعض شانها، وقد كان لها زوج فطلقها على غير السنة، وقد كره ان يقدم على تزويجها حتى يستامرك فتكون انت تامره، فقال ابو عبداللّه(ع): «هو الفرج، وامر الفرج شديد، ومنه يكون الولد، ونحن نحتاط، فلا يتزوجها».
فان مؤدى الرواية هو وجوب الاحتياط في امر الفرج -والذي يكون منه الولد- عند الشك، فان تفريع المنع على الاحتياط يكشف عن كونه قانونا كليا عنده في مقابل جريان اصالة البراءة في الشبهات التحريمية، بداهة انه لو كان الطلاق باطلا لم يكن هناك وجه صحيح لوجوب الاحتياط، وان كان صحيحا فلا وجه للحكم بالمنع، الا ان الاشكال كله في انه كيف يحتاط الامام(ع) مع علمه بتمام الاحكام؟! فلا مناص حينئذ الا ان يحمل على الاستحباب، كما يشعر به اسناده الى انفسهم بقوله(ع): «نحن نحتاط‏»، بل تكشف عنه اخبار قاعدة الالزام الواردة في خصوص الموارد التي نطمئن بصدور بعضها اجمالا المعتضدة بالفتاوى.
اما الفتاوى:
قال في السرائر: «وقد روى اصحابنا روايات متظاهرة بينهم متناصرة، واجمعوا عليها قولا وعملا انه ان كان المطلق مخالفا وكان ممن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث لزمه ذلك ووقعت الفرقة به، وانما لا يقع الفرقة اذا كان الرجل معتقدا للحق‏».
وفي المسالك: «لا فرق في الحكم على المخالف بوقوع ما يعتقده من الطلاق بين الثلاث وغيرها مما لا يجتمع شرائطه عندنا ويقع عندهم، كتعليقه على الشرط، ووقوعه بغير اشهاد، ومع الحيض، وباليمين، وبالكناية مع النية، وغير ذلك من الاحكام التي يلتزمها. وظاهر الاصحاب الاتفاق على الحكم‏».
واما النصوص:
فمنها: رواية علي بن ابي حمزة انه سال ابا الحسن(ع) عن المطلقة على غير السنة ايتزوجها الرجل؟ فقال(ع): «الزموهم من ذلك ما الزموه انفسهم وتزوجوهن، فلا باس بذلك‏».
ولا اشكال في دلالتها، وانما الاشكال في سندها بالارسال، حيث جاء فيه: «عن غير واحد، عن علي بن ابي حمزة‏»، الا ان يقال: ان عبارة «غير واحد» كناية عن كون المراد جماعة يبعد خلوها عن الثقة، لكن لو سلم لا يفيد الا الظن.
ومنها: رواية جعفر بن سماعة انه سئل عن امراة طلقت على غير السنة الي ان اتزوجها؟ فقال: «نعم. فقلت له: اليس تعلم ان علي بن حنظلة روى: اياكم والمطلقات ثلاثا على غير السنة فانهن ذوات ازواج؟ فقال: يا بني، رواية علي بن ابي حمزة اوسع على الناس، قلت: واي شي‏ء روى علي بن ابي حمزة؟ قال: روى عن ابي الحسن(ع) انه قال: الزموهم من ذلك ما الزموه انفسهم وتزوجوهن، فانه لا باس بذلك‏».
ولا اشكال في سند الرواية، فان جعفرا من اصحاب الصادق(ع) والذي روى عنه الحسن بن محمد بن سماعة الثقة، وعلي بن ابي حمزة هو البطائني الثقة عندنا، كما لا اشكال في دلالتها.
ومنها: رواية العلوي قال: سالت ابا الحسن الرضا(ع) عن تزويج المطلقات ثلاثا، فقال لي: «ان طلاقكم «الثلاث‏» لا يحل لغيركم، وطلاقهم يحل لكم، لانكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها».
وسندها ضعيف بالعلوي المجهول، ولا اشكال في دلالتها.
ومنها: رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الى ابي جعفر الثاني(ع) مع بعض اصحابنا واتاني الجواب بخطه:
«فهمت ما ذكرت من امر ابنتك وزوجها، فاصلح اللّه لك من امرك ما تحب صلاحه، فاما ما ذكرت من حنثه بطلاقها غير مرة فانظر -رحمك اللّه- فان كان ممن يتولانا ويقول بقولنا فلا طلاق عليه، لانه لم يات امرا جهله، وان كان ممن لا يتولانا ولا يقول بقولنا فاختلعها منه، فانه انما نوى الفراق بعينه‏».
ولم تثبت وثاقة الهمداني بدليل معتبر وان وردت في وثاقته روايات. ثم ان الشرطية تدل على صحة الطلاق من الجاهل منا وان كان على خلاف السنة، لكن الرواية -كما عرفت- لا يعتمد عليها.
الى غير ذلك مما دل على الزامهم بما التزموا به من صحة الطلاق ولو كان على خلاف السنة الواصلة الينا من طريق اهل البيت(عليهم ‏السلام). وقضية القاعدة هو تقييد الصحيحة بها والاخذ بصريح التفصيل فيها بين اهل الحق وفساد طلاقهم اذا كان على خلاف السنة، وبين اهل الخلاف وصحة طلاقهم مطلقا. ولا يضر الضعف في سند بعض تلك الاخبار بعد كثرتها واشتمال المجموع على المعتبر المعتضد بالعمل.
نعم يرد على التقييد ان المؤمن المؤالف لا يطلق على خلاف السنة عادة الا جهلا وتقليدا لاهل الخلاف، او عملا بالمتعارف غفلة، فلا بد وان يحمل الصحيح على هذا الفرض.
ومن هنا يعرف حال روايتين اخريين:
احداهما: رواية عبدالرحمان البصري، عن ابي عبداللّه(ع) قال: قلت له: امراة طلقت على غير السنة، فقال(ع): «يتزوج هذه المراة، لا تترك بغير زوج‏».
فانه يحمل على طلاق المخالف بمقتضى اخبار التفصيل بين الغلبة والانصراف، فتامل.
وثانيتهما: رواية العلاء بن سيابة قال: سالت ابا عبداللّه(ع) عن امراة وكلت رجلا بان يزوجها من رجل، فقبل الوكالة، فاشهدت له بذلك، فذهب الوكيل فزوجها، ثم انها انكرت ذلك الوكيل، وزعمت انها عزلته عن الوكالة، فاقامت‏شاهدين انها عزلته، فقال: «ما يقول من قبلكم في ذلك؟» قال: قلت:
يقولون: ينظر في ذلك، فان كانت عزلته قبل ان يزوج فالوكالة باطلة والتزويج باطل، وان عزلته وقد زوجها فالتزويج ثابت ... قال: ثم قال: «يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل؟ قلت: نعم ... وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة، وفي غيره لا يبطلون الوكالة الا ان يعلم الوكيل بالعزل، ويقولون: المال منه عوض لصاحبه والفرج ليس منه عوض اذا وقع منه ولد، فقال(ع): سبحان اللّه! ما اجور هذا الحكم وافسده! ان النكاح احرى واحرى ان يحتاط فيه وهو فرج، ومنه يكون الولد...».
ولا اشكال في سند الرواية، لان الصدوق(قدس‏سره) اخرجه في الفقيه باسناد صحيح الى ابن سيابة، والرجل موثق -على المختار- في اصحاب الامام الصادق(ع)، كما لا اشكال في دلالتها على وجوب الاحتياط في امر الفرج، وما يكون منه الولد، فبالنتيجة يجب الاحتياط في مفروض المسالة كما لا يخفى.
لا يقال: ان «احرى‏» و«اولى‏» بمعنى واحد كما في اللغة، فلا يفيد الا الاستحباب.
لانه يقال: كيف؟! وقد قال(ع) قبله: «سبحان اللّه! ما اجور هذا الحكم وافسده!».
فتحصل: ان رواية ابن سالم تدل على مبغوضية قرار نطفة المرء في رحم من تحرم عليه من النساء، فكل من له دخل في تحقق ذلك ففعله مبغوض، فلا يختص الحكم بالرجال، بل تمكين المراة من ذلك ممنوع. نعم لو قلنا: ان موضوع المنع الاقرار، لم تكن الرواية متعرضة لحكم تمكين المراة، الا انه يحرم عليها ايضا لكونه من التعاون على الاثم.
واما رواية ابن سيابة فتدل على وجوب الاحتياط مطلقا لا سيما بملاحظة التعليل الواقع فيها.
القسم الثالث: هو تلقيح نطفة المراة في رحم امراة عقيم ليقع عليها زوجها ويتكون الولد منها ومن ماء الرجل:
قيل: انه يستفاد مما مضى من الاخبار في القسم الثاني ان انعقاد النطفة من ماء الرجل ونطفة المراة التي تحرم عليه حرام، فان مورد تلك الروايات وان كان هو اقرار الرجل ماءه في رحم امراة تحرم عليه لكن يؤخذ بتلك الروايات بعد الغاء الخصوصية عن نطفة رجل اجنبي امتزجت بنطفة امراة اجنبية كما في مورد الروايات، والتعدي منه الى افراغ الرجل ماءه في رحم زوجته، لان انعقاد النطفة بالاخرة يكون من امتزاج نطفة اجنبيين.
قلت: نعم، لكن مجرد ذلك لا يوجب الغاء الخصوصية، وذلك لامكان حدوث احساس في المراة من قرار نطفة الاجنبي في رحمها لا يحدث ذلك الاحساس لها من وقوع نطفة زوجها فيها ولا من وجود نطفة امراة مثلها في رحمها.
فلولا عموم خبر ابن سيابة ودلالته على وجوب الاحتياط في امر الفرج وكل ما يكون منه الولد لقلنا بجواز هذا القسم بمقتضى اصالة البراءة.
القسم الرابع: هو تلقيح الرجل ماءه في رحم الحيوان: ولا ريب في حرمة كونه بالمباشرة، واما بالتسبيب ففيه اشكال، من اختصاص ما تقدم من الايات والروايات بالانسان، ومن اطلاق خبر ابن سالم، لكن الظاهر انصرافه عن غير الانسان.
الا انه قيل: بالغاء الخصوصية عن مورده، لان المستفاد منه حرمة انعقاد النطفة من ماء الرجل ونطفة ما يحرم عليه.
وفيه: ما عرفت من ان الموضوع ليس هو انعقاد النطفة، بل اقرار ماء الرجل او قراره في رحم يحرم عليه، واختلاف الحيوان والانسان واضح منكشف من اختلاف احكامهما في الحدود وغيرها، فدعوى الغاء الخصوصية من الغرائب، فقضية القاعدة في هذا القسم هي البراءة.
نعم، لو امكن تولد الانسان من الحيوان الحامل من ماء الانسان امكن دعوى وجوب الاحتياط فيه، لعموم قوله(ع):
«ومنه يكون الولد» كما في خبر ابن سيابة.
القسم الخامس: ان تلقح نطفة حيوان انثى في رحم امراة عقيم ثم يجامعها زوجها ويتكون منها الولد:
فالاصل فيه البراءة، لعدم وجود دليل عام ولا خاص على منع ذلك.
الا ان يقال: ان مقتضى عموم قوله(ع) في رواية ابن سيابة:
«ومنه يكون الولد» هو وجوب الاحتياط.
القسم السادس: هو ان يلقح ماء الحيوان الذكر في امراة ويتكون منه الولد:
فانه ان امكن هذا فقد يقال: انه لا دليل على منعه بالعموم ولا بالخصوص، فالاصل فيه هو البراءة.
الا ان الحق ان يقال: ان عموم قوله(ع) في حديث ابن سيابة المتقدم انه على خلاف الاحتياط، لان منه الولد.
ودعوى: ان قضية الغاء الخصوصية عن مورد اخبار القسم الثاني حرمة هذا القسم ايضا غير تامة، اذ قد عرفت انه قياس باطل، لاختلاف الانسان والحيوان في الاحكام، فانه يكشف عن اختلافهما في الخصوصيات، فتدبر.
القسم السابع: هو ان تلقح نطفة امراة في رحم حيوان انثى وحملت هذه بنزو حيوان ذكر عليها:
فان هذا الفرض -ان امكن خارجا- لا دليل على منعه مطلقا لا خصوصا ولا عموما، لاختصاص حديث ابن سيابة بصورة كون الانثى من نوع الانسان، فالاصل في هذا القسم هو البراءة.
القسم الثامن: هو ان يلقح مني حيوان في رحم حيوان آخر من نوعه او من نوع آخر.
ففيه فرضان، والاول وان يبعد تحققه خارجا لكن لو فرض تحقق مثله جاز شرعا، لاصالة البراءة بالنسبة الى الملقح، لاختصاص المنع بافراغ ماء الانسان في رحم يحرم عليه كما في خبر ابن سالم، واين هو من تلقيح ماء حيوان في حيوان آخر؟! وتحريم هذا العمل بالخصوص يحتاج الى دليل لم يصل الينا.
واما حديث ابن سيابة فموضوعه النكاح، اي عقد الزوجية، واما قوله(ع): «وهو فرج ومنه يكون الولد» فمنصرف عن غير الانسان، لا سيما بعد ملاحظة الصدر، اعني قوله(ع): «النكاح اولى...».
والثاني الذي يكون التلقيح فيه كالاول لكن ليتولد حيوان من نوعهما او من نوع ثالث، لا دليل على المنع فيه والا كان توليد البغل ممنوعا، فاذا كان جائزا بالافراغ فبالتلقيح بطريق اولى، او بالغاء الخصوصية، لعدم خصوصية في الحمار والفرس اللذين استقرت السيرة منذ القدم على تحصيل البغل منهما، فلا يقال ان السيرة دليل لبي يقتصر في مورده على المتيقن.
القسم التاسع: ان تؤخذ النطفة من النباتات و تلقح في رحم انسان او حيوان ويتولد منها انسان:
وهذا القسم- لو امكن- له صور يدخل الكل تحت عموم ادلة البراءة، لعدم وصول دليل على المنع فيه الينا مطلقا لا خصوصا ولا عموما:
اما حديث ابن سالم فلاختصاصه بماء الانسان، والا لزم منع الحيوانات عن اكل النباتات التي يتكون منها.
واما خبر ابن سيابة فان كان التلقيح في انسان فلا يبعد شمول عموم التعليل له ووجوب الاحتياط فيه، لانه الفرج ومنه يكون الولد.
هذا كله في اقسام نوع من التلقيح.
النوع الثاني :
وهناك نوع آخر له صور ايضا: الصورة الاولى: هو ان تؤخذ نطفة رجل وزوجته في الخارج، ثم تزرع في رحم نفس الزوجة او زوجة اخرى للرجل او امته:
فانه لا دليل على حرمة هذا الزرع باقسامه، فيعم الكل دليل البراءة عند الشك في منعه، لكن من حيث هو، وقد يحرم من حيث ان المباشر لعملية الزرع غير محرم، او كان المباشر امراة يحرم عليها النظر واللمس و ...
ودعوى: ان المستفاد من الروايات الثلاث الاول المتقدمة هو حرمة زرع نطفة المراة في رحم امراة اخرى مطلقا ولو كانت محللة على الرجل، اي صاحب الماء.
مندفعة: بان موضوع هذه الروايات كما عرفت هو استقرار ماء الرجل في رحم امراة تحرم عليه لا مطلقا، فلا تعم الفروض.
واما حديث ابن سيابة ففيه: ان موضوعه النكاح والشك في وقوعه بعد عزل الوكيل وقبل الاعلام، وهذا بخلاف المقام، فان المفروض وقوع العقد والشك في جواز تلقيح النطفة المركبة في الخارج وزرعها في الرحم.
الصورة الثانية: هو اخذ النطفة من ماء الرجل والمراة التي تحرم عليه، ثم زرعها في رحم امراة تحل عليه او تحرم عليه او رحم نفس المراة التي اخذت منها النطفة او رحم حيوان.
وينبغي البحث هنا في امرين:
الاول: في نفس اخذ الماءين ومزجهما والتهيئة للزرع في الرحم.
الثاني: في زرعهما في الرحم.
اما الاول: فلا اشكال في جوازه، بداهة عدم كونه من العناوين المحرمة، ولا يعمه شي‏ء مما تقدم من الادلة المانعة، لكن من حيث هو، واما منعه من جهة الاخذ بالاستمناء او لزوم اللمس او النظر المحرمين فخارج عن محل البحث، كما ان موضوع الروايات المانعة خارج عنه كما عرفت.
ودعوى: عموم قوله(ع): «لوضعه اياها في غير موضعه‏» -كما في رواية اسحاق- للرحم الصناعي ايضا.
مندفعة: بانصرافه الى الموضع المتعارف، اي الرحم، والا لزم منع العزل عن المراة المحللة ولو مع الاذن.
واما الثاني -اي زرع النطفة المذكورة في الرحم بجميع اقسامه المتقدمة- : فقد قيل: ان الحرام- لو سلم- هو عبارة عن تشكيل النطفة من ماءين محرمين ، واما حفظها بعد التحقق في الرحم كغيره فليس به باس لو لم نقل بوجوبه، ولذا لا يجوز للزانية اسقاط الجنين المتكون من الحرام، وذلك لعدم عموم الاخبار الناهية لمثل هذه الفروض، ووجوب الرجوع فيها الى اصل البراءة.
اقول: اما قوله: «الحرام لو سلم...الخ‏» ففيه: انه لا دليل على تحريمه اصلا، فان مورد الروايات الناهية هو الزرع، وهي تعم الفرض الثاني فقط، اعني فرض زرع النطفة في رحم يحرم على صاحب الماء، لما عرفت من عدم تقييدها بالمباشرة، وكذا خبر ابن سيابة فانه يدل على وجوب الاحتياط في مورد الشك في وقوع النكاح، فعمومه لمثل المقام -من فرض عدم تحقق النكاح جزما- بطريق اولى، فتامل.
هذا فيما اذا كان صاحب الماء معينا، والا كان حراما ايضا، لمثل الملاك في الفرض المتقدم، وقد يؤخذ فيه بملاك منع الزنا من اشتباه النسب، وقد عرفت الكلام فيه.
الصورة الثالثة: هو اخذ النطفة من انسان، ثم تركيبها مع نطفة متخذة من حيوان انثى، ثم زرعها في رحم امراة محرمة على صاحب الماء او محللة او في حيوان:
قيل: انه لا دليل على تحريم تشكيل النطفة كذلك، كما انه لا عموم للاخبار الناهية عن الزرع في مثل الفروض، لاختصاصها بالنطفة الماخوذة من انسانين واقرارها في رحم انسان، ولو سلم الغاء الخصوصية فلا بد وان تلغى خصوصية الزرع، لا تشكيل النطفة في الخارج.
وفيه: ما عرفت من شمول الاخبار الناهية للفرض الاول، وكذلك عموم دليل الاحتياط.
ومن هنا يعرف حكم العكس، بان تؤخذ نطفة امراة وتمزج بمني الحيوان ثم يزرع الممزوج في رحم امراة اخرى او حيوان، فانه لا دليل على منع شي‏ء من الفرضين، والمرجع في مثله البراءة، فتدبر.
الصورة الرابعة: هو ان يؤخذ ماء الرجل ويمزج بمادة من النباتات بدل نطفة الانثى، ثم يزرع في رحم امراة او حيوان:
قيل: ان دليل المنع لا يعم شيئا من تشكيل النطفة ولا الزرع في مثل ذلك.
وفيه: ما عرفت من عموم دليل المنع اذا كان الرحم المزروع فيه محرما على صاحب الماء.
الصورة الخامسة: ان يؤخذ ماءان من حيوانين او من نباتين او يؤخذ احدهما من الحيوان والاخر من النبات، ثم يزرع في رحم انسان او حيوان:
والاصل في مثل هذه الفروض هو البراءة بعد الالتفات الى ما عرفت من عدم عموم المنع لها، فتدبر.
الرحم الصناعية :
ثم ان هناك نوعا من التوليد ليس هو من اقسام التلقيح وانما يذكر هنا استطرادا، وهو مزج ماء الرجل وزوجته او الاجنبية او حيوان او نبات او سائر الاقسام التي مرت في النوع الثاني، ثم يربى هذا الممزوج في رحم صناعي حتى يتكامل ويصير انسانا:
فانه لا دليل على تحريم شي‏ء منها، لعدم عموم الاخبار الناهية واخبار الاحتياط.
اما الاول: فلورودها مورد اقرار المني في رحم يحرم على صاحب الماء، والمفروض في هذه الفروض عدم وقوع النطفة في الرحم.
واما الثاني: فلورودها مورد الموضع الذي يكون منه الولد.
الا ان يقال: انه يستفاد من الروايات الناهية المنع عن تحقق الولد وتكونه من ماء غير محلل بالسبب مثل عقد النكاح والملكية من غير دخل للظرف، ولعل التقييد به لعدم امكانه بغيره يومئذ عادة.
حكم الولد بالنسبة الى الرجل :
اذا عرفت انواع تحصيل الولد واصنافه من الطرق المستحدثة، تصل النوبة الى البحث عن احكام هذا الولد، وانه في حكم الولد الحاصل بالمباشرة او لا؟ فاقول: اما النوع الاول من تلقيح احدى النطفتين او كلتيهما في الرحم، فتارة يبحث في التحاق الولد بصاحب المني، واخرى في التحاقه بصاحبة النطفة.
ولا شبهة في التحاقه بصاحب المني ان كان الرحم حلالا عليه، لان ولد الرجل لغة وعرفا عبارة عمن تولد من نطفته وان لم يحصل بالمباشرة. ويدل عليه ايضا صحيح محمد بن مسلم قال: سمعت ابا جعفر وابا عبداللّه(عليهماالسلام) يقولان:
«بينما الحسن بن علي في مجلس امير المؤمنين(ع) اذ اقبل قوم فقالوا: يا ابا محمد اردنا امير المؤمنين، قال: وما حاجتكم؟ قالوا: اردنا ان نساله عن مسالة، قال: وما هي تخبرونا بها؟ قالوا: امراة جامعها زوجها، فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر فساحقتها، فوقعت النطفة فيها فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: ...يعمد الى المراة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في اول وهلة، لان الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها، ثم ترجم المراة لانها محصنة، وينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها، ويرد الولد الى ابيه صاحب النطفة، ثم تجلد الجارية الحد...».
وقريب من الصحيح في الدلالة رواية اسحاق بن عمار عن الصادق(ع).
ومن هنا يعرف حكم صورة حرمة الرحم على صاحب المني من التحاق الولد به حقيقة وعرفا، ولدلالة الروايتين عليه -كما عرفت- لورودهما مورد حرمة الجارية على الرجل.
نعم، لو كان استناده اليه مشكوكا لاحتمال استناده الى زوج المراة التحق به شرعا، بدليل قاعدة الفراش الثابتة حجيته باخبار متوافرة منقولة من طرق الفريقين:
اما الخاصة: ففي البحار عن ابن عباس(رحمه‏اللّه) انه قال في جواب معاوية: «واما ما ذكرت من نفي زياد فاني لم انفه، بل نفاه رسول اللّه(ص) اذ قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وايضا: كتب الحسين(ع) في جواب معاوية: اولست المدعي زياد بن سمية... وقد قال رسول اللّه(ص): «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وفي الوسائل عن الحسن الصيقل عن ابي عبداللّه(ع) قال: سمعته يقول: وسئل عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل ان يستبرئ رحمها، قال: «بئس ما صنع، يستغفر اللّه ولا يعود.
قلت: فانه باعها من آخر ولم يستبرئ رحمها ثم باعها الثاني من رجل آخر ولم يستبرئ رحمها فاستبان حملها عند الثالث، فقال ابو عبداللّه(ع): الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وبسند آخر عن الصيقل قال: سالت ابا عبداللّه(ع) وذكر مثله، الا انه قال: قال ابو عبداللّه(ع): «الولد للذي عنده الجارية وليصبر، لقول رسول اللّه(ص): الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وباسناده عن سعيد الاعرج عن ابي عبداللّه(ع) قال: سالته عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد لمن يكون الولد؟ قال: «للذي عنده، لقول رسول اللّه(ص): الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وباسناده عن علي بن جعفر عن اخيه(ع) قال: سالته عن رجل وطئ جارية فباعها قبل ان تحيض، فوطئها الذي اشتراها في ذلك الطهر فولدت له، لمن الولد؟ قال: «للذي هي عنده فليصبر، لقول رسول‏اللّه(ص): الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وباسناده عن سعيد الاعرج عن ابي عبداللّه(ع) قال: قلت له:
الرجل يتزوج المراة ليست بمامونة تدعي الحمل؟ قال: «ليصبر، لقول رسول اللّه(ص): الولد للفراش وللعاهر الحجر».
وباسناده عن الحلبي عن ابي عبداللّه(ع) قال: «ايما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فانه لا يورث منه، فان رسول اللّه(ص) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا الا رجل يدعي ابن وليدته‏».
وفي الوسائل باسانيد متعددة عن يحيى عن ابي عبداللّه(ع)، وعن ابي بصير عنه(ع)، وعن زيد الشحام عنه(ع) نحوه.
واما العامة: ففي الصحيحين: «عن عائشة قالت: كان عتبة بن ابي وقاص عهد الى اخيه سعد بن ابي وقاص ان ابن وليدة زمعة مني، فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح اخذه سعد بن ابي وقاص وقال: ابن اخي قد عهد الي فيه، فقام عبداللّه بن زمعة فقال: اخي وابن وليدة ابي ولد على فراشه ... فقال رسول الله(ص): هو لك يا عبد اللّه بن زمعة، ثم قال(ص):
الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم قال(ص) لسودة بنت زمعة -زوج النبي(ص)- : احتجبي منه يا سودة، لما راى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي اللّه تعالى‏».
اذن، فلا اشكال في صدوره قطعا، ولا اقل من الاطمئنان به، فلا بد من البحث‏حول دلالته من مفرداته وجمله:
اما المفردات: فمعنى الولد واضح. واما الفراش: فقد يقال «للمفروش‏» فرش وفراش، ويكنى به عن كل واحد من الزوج والزوجة كما في الحديث، فانه كني به عن الاعم من الزوج والمالك، كما يظهر من موارد ما تقدم من الاحاديث، وكما يستفاد من سياقها. والعاهر: الزاني. واما الحجر: فقد كني به عن الخيبة وعدم الخلاق، كالتراب، فقد يكنى به عن ذلك.
ويقال: ما له الا التراب، وقيل: ان المراد به حجر الرجم، والمعنى على كل هو الخيبة، سواء اريد به مطلق الحجر او حجر الرجم.
واما الجمل: ففيه جملتان: الاولى: «الولد للفراش‏»، ومعناها: اختصاص الولد بالزوج والمالك، في مقابل اختصاصه بالعاهر او كونه من ولد الشبهة، والحاصل ان معناها الاختصاص والانحصار، فان الاختصاص يستفاد من اللام في «الفراش‏» بعد القطع بعدم ارادة الملك بها، واما الانحصار فيستفاد من اللام في «الولد»، كما في «الرجل زيد»، وان المتبادر منها وجود جنس الرجل فيه بحيث لا يشذ عنه شي‏ء منه.
فان قلت: ان الاختصاص ايضا يفيد الحصر، قلت: كيف؟! و«الجل للفرس‏» لا ينافي اختصاص شي‏ء آخر به.
ثم ان هذه الجملة -على الظاهر- خبر، لكنها انشاء واقعا، والا لزم الكذب في بعض الاحيان، وانما جعله الشارع حفظا للنسب ولمصالح اخرى لا نعلمها، بل لا يمكن جعل الحكم على المقطوع نفيا ولا اثباتا اذا كان القطع طريقيا محضا كما لا يخفى.
ويدل على ذلك ايضا ما جاء في الحديث من انه: «جاء رجل الى رسول الله(ص) فقال: كنت اعزل عن جارية لي فجاءت بولد، فقال(ع): ان الوكاء قد ينفلت، فالحق به الولد»، فانه لو كان الفراش موضوعا -سواء قطع به ام لا- لم يصح التعليل بما يوجب الاحتمال.
وكيف كان، لا ريب في ورود الحكم مورد الشك، ولكن هل هو بمناط الظن النوعي والكشف الناقص. او هو حكم تعبدي موضوعه الشك كالاصول بمناط تطهير المتولدين عن دنس الزنا في مقام الظاهر، او حكم حكومي من ناحيته(ص) حفاظا على مصالح النظام وصونا للنسب والميراث؟ احتمالات، لا يبعد صحة الاخير منها، فانه اوفق بظواهر الاحاديث، مثل حديث البحار حيث قال ابن عباس: «فاني لم انفه بل نفاه رسول اللّه(ص)، اذ قال(ص)...» فان نسبة النفي اليه(ص) دون اللّه تعالى يكشف عن كونه من احكامه(ص) التي تجب اطاعته فيها بحكم قوله تعالى: (واطيعوا الرسول)، ومثل قولهم(عليهم ‏السلام): «وليصبر، لقول رسول اللّه(ص)...» كما في رواية الصيقل، وعلي بن جعفر، وسعيد، فانه لو كان من حكم اللّه تعالى لكان الصبر لحكم اللّه، وكذا مثل قوله(ص):
«هو لك‏» كما في رواية عائشة، فانه ظاهر في انشاء الحكم في موارد التنازع. ويؤيد الوجه الاول امره(ص) باحتجاب سودة بعد قوله(ص): «هو لك‏» كما في حديث عائشة، فانه نوع احتياط حفظا للواقع ولو في بعض آثاره.
ثم انه يظهر من اطلاق ما تقدم من النصوص بل ورود بعضها مورد الظن بالخلاف -مثل حديث عائشة- هو اعتبار الفراش ولو قام ظن على خلافه.
واما امر سودة بالاحتجاب عنه، فبما انه ينافي الحكم بالالحاق فانه يحمل على الاستحباب او الارشاد الى حسن الاحتياط، هذا مضافا الى ضعف سند الحديث، فلا يقاوم الاطلاقات المعتبرة، ولا يكاد يكون مقيدا لها، وانما ذكرناه في المقام اعتضادا به لا استنادا اليه، واما الحكم بالاستحباب على وجه الاحتمال فلقاعدة التسامح.
هذا كله في الجملة الاولى، واما الثانية -اعني قوله(ص):
«وللعاهر الحجر»- ففي معناها احتمالان:
احدهما: انها كناية عن حرمان العاهر وخيبته شرعا من الارث، ويؤيده صحيح الحلبي عن ابي عبداللّه(ع) قال: «ايما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فانه لا يورث منه شي‏ء، فان رسول الله(ص) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر...»، بناء على رجوع التعليل الى الجملة الاخيرة، فانه اوفق بالسياق.
الثاني: انه لا نصيب له الا الرمي بالاحجار، بناء على ان تقديم ما حقه التاخير يفيد الحصر، والا كان المعنى ان نصيب العاهر الرمي بالاحجار.
وفيه: انه كذلك اذا كان الزاني محصنا والا فيجلد، فيدور الامر بين التخصيص والتخصص او التقييد والاطلاق. وقضية اصالة العموم والاطلاق هو رجحان الثاني بناء على بناء العقلاء عليهما في مثل المقام، لكنه مما لم يحرز على المختار.
اذا عرفت ما تقدم: فاعلم ان «اللام‏» في قوله(ص): «الولد للفراش‏» ظاهرة في الجنس تفيد العموم ان لم يكن منصرفا الى الولد الحاصل بالجماع، لمكان ما هو المتعارف في الخارج، والا لم تعم الحاصل بالتلقيح وانتهى الامر فيه الى القرعة، الا على القول بالطريقية، فانها بمناط الغلبة ولا دخل للجماع فيها كما لا يخفى.
هذا كله في حكم الحمل بالنسبة الى الرجل.
حكم الولد بالنسبة الى المراة :
واما حكم الحمل بالنسبة الى المراة الملقحة وانها هل ترث منه او لا فربما يتوهم العدم، لتكونه على وجه غير شرعي قياسا بولد الزنا، وبما انهم لم يتفقوا في حكم المقيس عليه فلنبدا الكلام فيه ثم نختم بالمقيس:
فاعلم ان المشهور عدم التحاق ولد الزنا بامه، خلافا لما حكي عن الصدوق وابي علي وابي الصلاح ويونس بن عبدالرحمان، فانه اجمعت العصابة على الاقرار بفقهه كما في رجال الكشي.
ومستند المشهور نصوص: منها: صحيح الحلبي عن ابي عبداللّه(ع): «ايما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى ولدها فانه لا يورث منه شي‏ء، فان رسول اللّه(ص) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا الا رجل يدعي ابن وليدته‏». وقد روى الكليني باسناده عن ابي بصير وزيد الشحام مثله.
ومنها: صحيح ابن سنان عن ابي عبداللّه(ع) قال: سالته فقلت له: جعلت فداك كم دية ولد الزنا؟ قال: «يعطى الذي انفق عليه ما انفق عليه، قلت: فانه مات وله مال، من يرثه؟ قال(ع):
الامام‏».
ومنها: رواية محمد بن الحسن الاشعري قال كتب بعض اصحابنا الى ابي جعفر الثاني(ع) معي يساله عن رجل فجر بامراة ثم انه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو اشبه خلق اللّه به، فكتب بخطه وخاتمه: «الولد لغية لا يورث‏». والغي في الاصل الضلال، وفي الحديث كناية عن الزنا.
ولا يخفى ان اطلاق هذه الاحاديث بل عموم الاخير -بناء على كون «اللام‏» للتعليل- يعم الام.
واما مستند الصدوق فنصوص ايضا: منها: موثقة اسحاق بن عمار، عن جعفر، عن ابيه(عليهماالسلام): «ان عليا(ع) كان يقول: ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه امه واخواله واخوته لامه او عصبتها».
ومنها: مرسلة الصدوق، قال: روي ان دية ولد الزنا ثمانمئة درهم، وميراثه كميراث ابن الملاعنة .
ومنها: ما عن يونس قال: ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل امه على ميراث ابن الملاعنة .
ولا يخفى ان قضية القاعدة هو تقييد المطلقات بالموثقة.
لكن نوقش في هذه النصوص:
اما في الموثقة فبضعف السند لاشتماله على غياث بن كلوب لانه عامي، مضافا الى ما عن الشيخ من رميها بالشذوذ، فلا ترفع اليد عن الاخبار المتقدمة لمثلها.
واما في المرسلة فبالارسال.
واما في رواية يونس فبعدم استنادها الى الامام(ع)، ولعله راي رآه لضرب من الاعتبار.
هذا مضافا الى موافقة الكل للعامة، فليحمل على التقية او على عدم كون الام زانية، فانها هي واقاربه يرثونه لثبوت النسب الشرعي، فيكون مثل ولد الملاعنة.
هذا، ولكن يمكن دفع الكل: اما غياث فثقة كما في العدة، وقال: ان الطائفة عملت باخباره. واما الشذوذ ففيه -مضافا الى عدم ثبوته بعد ملاحظة رواية يونس واحتمال استناد الصدوق الى حديث آخر- انه لا يضر الا عند التعارض، ولا تعارض بين المطلق والمقيد الا بدوا.
واما المرسلة فذكرها من باب الاعتضاد لا الاستناد. واما تعهد الصدوق في مقدمة الفقيه بذكر الحجة فقد عرفت تخلفه عنه في موارد كثيرة، وانه لا يجدينا، لاحتمال استناده الى قرائن غير معتبرة عندنا.
واما يونس فلا يظن بمثله ان يدفع راي الائمة(عليهم‏السلام) براي نفسه.
واما التقية فمع انها بعيدة عن امير المؤمنين(ع) لا يحمل عليها الا عند التعارض، وقد عرفت انه لا تعارض في المقام.
فتحصل: ان الاقوى التحاق الولد بالام، وثبوت الارث بينهما.
هذا كله في المقيس عليه. واما المقيس: فقضية الفحوى التحاقه بالمراة، مضافا الى انه ولدها عرفا ولغة.
ويدل على ذلك ايضا قوله تعالى: (ان امهاتهم الا اللائي ولدنهم)، فانه يدل على ان المناط هو الولادة من المراة، والمفروض ولادة الولد من المراة، فعمومات ادلة الارث وغيره من احكام الولادة بحالها.
ويدل على الالتحاق ايضا ما تقدم من رواية محمد بن مسلم واسحاق بن عمار، فان قوله(ع): «ويرد الى ابيه‏» يعم المقام بالغاء الخصوصية، ومع الغض عن ذلك كله يدل على الالتحاق ايضا ما تقدم في رواية اسحاق من ان ولد الزنا ترثه قرابة امه ...
واما حكم الولد بالنسبة الى صاحب النطفة ان علم تكونه منها، فلا اشكال في عدم التحاقه بالزوج، للعلم بالعدم، انما الكلام في التحاقه بصاحب النطفة وعدم التحاقه باحد، ففيه اشكال، ينشا من كون مفهوم قوله(ص): «الولد للفراش‏» انه لا ولد لمن لا فراش له، ومن اختصاص الحديث -كما عرفت- بموارد الشك، مضافا الى عدم صدق العاهر عليه جزما، ومفهوم الجملة: انه لا خيبة لغير العاهر، ولو سلم التعارض لم يكن ريب في تولده منه وصدق الولد عليه لغة وعرفا، مضافا الى صراحة ما تقدم من صحيحة محمد ابن مسلم ورواية اسحاق في التحاقه بابيه صاحب النطفة
 
امتیاز دهی
 
 

المزيد
Guest (PortalGuest)

دفتر تبلیغات اسلامی حوزه علمیه قم (شعبه اصفهان)
Powered By : Sigma ITID