روح عصر صدر الدين الشيرازي
اذا اردنا ان نصور شخصية رجل حكيم مفكر ظهر بآراء جديدةوافكار نيرة في محيط مظلم جوه بحسب الجمود والعصبية لابد ان نصورعصره الذي عاش فيه; ليحيط القارئ علما بشخصية ذلك الرجل البارزة.
ان من درس روح العصر الذي ظهر فيه صدرالدين في المحيطالفارسي يتمثل امامه روحان: روح التصوف البحت وتاويل نصوصالشريعة، وروح الجمود على ظواهر الكتاب والسنة، والنضال باشكاله كانبين الروحين يشتد آونة ويضعف اخرى، ومؤلفات الفريقين مشحونةبطعن كل على الآخر، ولحدوث كل من الروحين وسريانها سبب اصلينبينه لنصور به روح عصر الفيلسوف، ولا نعتمد فيما نقول الا على كلماتالثقات المشهورين من العلماء الذين عاشوا في فارس في هذا العصر .
اما سبب حدوث التصوف في فارس وانتشاره فيه هو ان التاريخيدلنا على ان مذهب الباطنية وتعاليم عبدالله وابيه ميمون بن ديصانطافت في كثير من الارجاء الاسلامية، فصادفت في فارس تربة صالحةللنمو; لان الباطنية تظاهرت بمذهب التشيع، وفارس كانت معقل الشيعة،والباطنية تقرب من التصوف الاسلامي; اذ هما يلتقيان في نقطة تاويلنصوص الشريعة وتقريبها من العقل، والقول بان لها باطنا غير ظاهرها;اضف الى ذلك ما كان في افكار الفارسيين من الانس بمذاهب الفلسفتينالاغريقية والهندية اللتين يصح ان يعتبر التصوف الاسلامي وليدهما .
ومعلوم ان المذاهب على انواعها فلسفية كانت ام ادبية ام سياسية اذاوجد لها ناصر ومعاضد من المسيطرين على الامة التي تمذهبتبها تسرعفي خطاها، والتصوف الفارسي من المذاهب التي هيا لها الزمان ناصراومعاضدا قويا; فان الدولة الصفوية التي عاش في ظلها صدرالدين ظهرتمن ناحية التصوف، فاول الملوك الصفويين ومؤسس دولتهم كان صوفيابحتا، وجده الشيخ صفي الدين من اعظم اقطاب الصوفية، وقبره فياردبيل (1) مزار لمريديه الى الآن، وعليه ابنية فخمة .
خرج الشاه اسماعيل الصفوي من جيلان بلفيف من الصوفيةالمريدين له ولجده الشيخ صفي الدين في سنة 906 ه . و هو ابن اربععشرة سنة، وفتح بلاد آذربايجان ، فروح التصوف كانتسارية في ملوكايران الصفويين المعاصرين لصدرالدين.
قال بعض مؤرخي الافرنج . (2) ان تصوف الشيخ صفي الدين هو الذيحفظ كيان الدولة الصفوية نحو مائتي سنة، ولو لا ان السياسة الصفوية فيجنبها كانت تدعو الى تقوية المذهب المخالف له - اي مذهب الجمود الذيكان يحسب نفسه من الدين - لكان التصوف اكثر شيوعا مما كان عليه،وذلك ان سلطان الدين كان قويا، والمسيطرون والملوك مضطرون الىمجاراة تيار الفكر الشائع، وطاعة صوت الجمهور، ولو كان على خلاف مايرغبون وما يضمرون» .
قال الشيخ يوسف البحراني المتوفى سنة 1186ه، وهو من كبارمحدثي الشيعة في كتابه لؤلؤة البحرين في شان محسن الفيض تلميذصدرالدين وخريجه الكبير ما نصه:
« لاشتهار مذهب الصوفية في ديار العجم وميلهم اليه بل غلوهم فيهصارت له - اي لمحسن - المرتبة العليا في زمانه، والغاية القصوىفي اوانه، وفاق الناس جميع اقرانه، وقول هذا المحدث الثقة الجليليدل على اشتهار مذهب التصوف وكثرة انصاره في العصر الذيعاش فيه صدرالدين، وكان في جنب هذه الروح الجمود باديا فيطائفة من اهل الحديث والفقه، وكانوا متمسكين بظواهر الكتابوالسنة، وكان سببه شدة تمسكهم بالدين واستيلاء سلطانه علىنفوسهم، وبعدهم عن اغراضه واسراره .
وكانوا يرون اتباع العقل المحض والمبادى الفلسفية مروقا عنالدين، وسلوكا لسبيل المضلين » (3) .
والقارئ يجد في ضمن هذه الرسالة كلمات للعلماء المشهورين - منهذه الطائفة كالسيد نعمة الله التستري، والشيخ يوسف السابق الذكر - فيشان الفلسفة والتصوف وشان صدر الدين، يقول الشيخ يوسف في ذيلكلامه السابق:
« كان التصوف شائعا في عصر محسن الفيض حتى جاء على اثرهشيخنا المجلسي (4) ، وسعى غاية السعي في سد تلك الشقاشق الفاغرةواطفاء تلك البدع الباترة (5) » .
وهذا الكلاميمثل للقارئ شقةالخلاف بين المذهبين،قلنا: ان التصوفكان شائعا في عصر صدرالدين الا ان شيوعه كان نسبيا، وكانت الغلبةللجمود; لان السياسة كما قلنا كانت تدعو الى تقوية عضدالدين ورجاله .
لان الصفويين اسسوا دولتهم في ظل الدين والتشيع وموالاة اهلبيتالنبي عليهم السلام، وكان نصر الفقهاء والمحدثين المتمسكين بالظواهرسببا لحفظ عرشهم ودفع كيد خصومهم، ولكن كانت في ضمن هذا النضالللتصوف معركة معنوية صح ان نقول انه كان فائقا على مظاهر الجمود،ويشهد به ان جماعة من العلماء المشهورين بالزعامة الدينية والفقهاء كانوامن انصاره .
فان الشيخ بهاء الدين العاملي المتوفى سنة 1031ه. او 1030ه. الذي اعتمد عليه الشاه عباس الاول الصفوي، وفوض اليه منصب شيخالاسلام في ايران كما ذكر، كان ممن ينصر التصوف وقلبه مطمئن بصحته،وكلماته يلوح منها ذلك .
فهذا دليل على استيلاء روح التصوف على روح هذا الشيخ المحدثالفقيه الذي كان يمثل بظاهره فريق اهل الجمود، وصنف رسالة في وحدةالوجود وبيان مذاهب الصوفية، وقال فيها مانصه:
« ولا شك ا نهم اي الصوفية من اولياء الله تعالى الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفيالآخرة، والذين آمنوا وكانوا يتقون » .
طبعت الرسالة في القاهرة سنة 1328 ه .
ويدل عليه كلام صاحب لؤلؤ[ة البحرين] يقول في كتابه المذكور:
« ربما طعن عليه القول بالتصوف لما يتراى من بعض كلماتهواشعاره في هذا العصر الذي تلبد جوه بسحب الجمود، عاشصدرالدين مروج فلسفته التصوف، واصول الفلسفتين الاغريقيةوالفارسية الفهلوية وتمكن من وضع تآليفه الكثيرة الجليلة التياخلدت له الذكر الجميل ولم يصبه ما اصاب الفلاسفة الاحرار منالاضطهاد والزجر والقتل » .
فتوى رجال الدين بكفره
افتى جماعة من رجال الدين والفقه المتمسكين بظواهر الشريعةبكفره، واخذوا عليه امورا:
الاول: ا نه ذهب الى مذهب وحدة الوجود كما صرح به في كتبهوفلسفته حتى في تفسيره نقل قول محيي الدين بن عربي: « ان فرعونمات مؤمنا موحدا » واستحسن هذا الكلام بقوله: « هذا كلام يشم منهرائحة التحقيق » .
الثاني: ا نه ذهب في شرحه لكتاب الكافي، وفي تفسيره لسورةالبقرة، وفي كتابه الكبير «الاسفار» الى انقطاع العذاب عن اهله فيالآخرة، وانكر الخلود في النار، وهو خلاف ما علم بضرورة من الدين .
الثالث: ذكر في الاسفار - في بحث العشق - ان عشق الغلمان وصورالحسان عشق مجازي، وهو قنطرة الى عشق الاله، وفيه روح المذهب البانتيسمي .
الرابع: ا نه ذهب الى المعاد الجسماني بما لا يلائم ظاهر الشريعة،ومذهبه في المعاد كمذهب الشاعر الفيلسوف عمر الخيام في رباعيهالمشهور:
گردون نكرى زعم فرسوده ماست.
جيحون اثرى ز چشم پالوده ماست.
دوزخ شررى زرنجبيهوده ماست.
فردوس دمى زوقت آسوده ماست.
وجد هذا الرباعي بخطه في ظهر بعض تفاسيره، ومعناه قريب منمذهب الخيام:
اى آنكه ز آتش درون مىسوزى.
وز نار جحيم خشم نون مىسوزى.
گر زانكه نمونه زدوزخ خواهى.
بنگر ز درون خود كه چون مىسوزى.
ولقد اجاد الشاعر الكبير محمد السباعي بابراز هذا المعنى الفلسفيفي العربية بقوله:
انني ارسلت روحي آنفا.
في دياجي الغيب كيما اكشفا.
غامضا من عالم الخلد اختفى.
فانثنى روحي ونبا انما.
انا فردوس صفا نار انتقام.
وجد هذا الرباعي بخطه على ظهر تفسيره لسورة الحديد بينرباعيات كلها لخطه:
اى بوالعجب از بسكه ترا بوالعجبست.
وهم همه عشاق جهان از تومست.
مسكين دل منضعيف وعشقتو قويست.
بيچاره ضعيف كش قوى بايد زيست.
تاثير الفلسفة الاغريقية في نفسه.
منذ ظهر الانسان في الوجود خضعت نفسه بقوى العالم مادية كانت اوارادية، وقوة التعليم من اقوى المؤثرات في النفس الانسانية، ولا سيما اذاكانت القوة المؤثرة مما تقبله النفس بفطرتها اثرت الفلسفة الاغريقيةوتعليم ارسطو واتباعه في نفسه اثرا عميقا، ذكر في اول الاسفار:
« اني قد صرفت قوتي في سالف الزمان منذ اول الحداثة والريعان في الفلسفة الالهية بمقدار ما اوتيت من المقدور، وبلغ اليه قسطي منالسعي الموفور، واقتفيت آثار الحكماء السابقين، والفضلاءاللاحقين، مقتبسا من تائج خواطرهم وانظارهم، مستفيدا من ابكارضمائرهم واسرارهم، وحصلت ما وجدت في كتب اليونانيين والرؤساء المعلمين تحصيلا يختار اللباب من كل باب » (6) .
وقال في بحثه عن حدوث العالم:
« واعلم ان اساطين الحكمة المعتبرة عند طائفة ثمانية: ثلاثة منالمليين ثالس وانكسيمانس واغاثاذيمون، ومن اليونانيين خمسةانباذقلس وفيثاغورث وسقراط وافلاطون وارسطو قدسالله نفوسهم، واشركنا الله في صالح دعائهم وبركتهم، فلقد اشرقت انوارالحكمة في العالم بسببهم، وانتشرت العلوم الربوبية في القلوببسعيهم، وكل هؤلاء كانوا حكماء زهادا عبادا متالهين معرضين عنالدنيا مقبلين على الآخرة، فهؤلاء يسمون بالحكمة المطلقة، ثملميسم احد بعده هؤلاء حكيما، بل كل واحد منهم ينسب الىصناعة كبقراط الطبيب وغيره » (7).
منابع افكار صدرالدين وفلسفته
نجد فلسفة صدرالدين تستمد من منابع كثيرة اهمها آراء اليونانيين،ولا سيما آراء ارسطو، و تلميذه ابن سينا، وافكار محيي الدين بن عربيالصوفي، وتعاليم الدين الاسلامي المستخرجة من القرآن الحكيم والسنةالنبوية، فجدير ان نشير الى هذه المنابع الاربعة على سبيل الايجاز ليعلموجهة فلسفته .
1 - آراء ارسطو: فهي آراء وافكار تراها في كتبه الواصلة الينابواسطة نقلة العصر العباسي الزاهر، وفي كتب اليونان والعرب، اهمها اثباتالحركة الطبيعية الازلية، واثبات احتياج المتحرك بمحرك يتحرك بمحركآخر حتى ينتهي الى متحرك لا يتحرك بآخر، فهو جوهر وفعل معا، فهذاالمحرك الثابت هو الله مصدر الحركة الابدية التي تتحرك بعلة غائية،اي بطريق الجذب نحو العقل الاعظم، والشوق اليه كما يستميلنا الخبر ويستهوينا الشيء الجميل بدون دخل لهما في ذلك، وعلى هذا المثالينجذب عالما الارواح والاجسام نحو الله بدافع ذاتي .
وهو يرى ان المادة قديمة، وان المحرك الاول اي الله لم يخلق المادةبل نظمها، وان الله جوهر روحاني يتجلى فيه العقل والحياة باتم مظاهرهما، ويتمتع ابدا بالسعادة الكاملة، ولانهما كه بمشاهدة ذاتهلايلتفت الى العالم .
2 - آراء ابن سينا: فهي على ما يظهر لنا آراء فلاسفة اليونان، وافكارارسطو، وتعاليم مدرسة امينوس سكاس التي يسميها العرب بمدرسةالاسكندرانيين، وتعاليم تلميذه . افلوطين الذي يسميه الشهرستانيبالشيخ اليوناني، وهو منظم مذهب استاذه، وكان من آراء هذا الفيلسوفاليوناني فيما وراء الطبيعة ( متافيزكا ) ان هذا العالم كثير الظواهر، دائمالتغير، وهم لم يوجد بنفسه، بل لابد لوجوده من علة سابقة عليه هيالسبب في وجوده، وهذا الذي صدر عنه العالم واحد غير متعدد لا تدركهالعقول، ولا تصل الى كنهه الافكار، ولا يحده حد، وهو ازلي قائم بنفسهفوق المادة وفوق الروح وفوق العالم الروحاني، خلق الخلق ولم يحل فيماخلق، بل ظل قائما بنفسه مسيطرا على خلقه، ليس ذاتا، وليس صفة، هوالارادة المطلقة لا يخرج شيء عن ارادته، هو علة العلل ولا علة له، وهوفي كل مكان ولا مكان له .
وبحث ا نه كيف نشا عنه العالم، وكيف صدر هذا العالم المركبالمتغير من البسيط الذي لا يلحقه تغير كان هذا العالم غير موجود ثم وجد،كيف يصدر هذا العالم الفاني، من الله غير الفاني . هل صدر هذا العالم منالصانع عن روية وتفكير او من غير روية ولم وجد الشر في العالم ما النفسواين كانت قبل حلولها بالبدن واين تكون بعد فراقه؟
وهذه المسائل واشباهها التي بحث عنها افلوطين هي مباحثشغلتحيزا من افكار ابن سينا بعد ان ورثها من المعتزلة والصوفية وجمعيةاخوان الصفا ، كما هي المسائل التي درسها صدرالدين وزينها للناظرينفي القرن الحادي عشر، وكانت الشرائع السماوية والقوانين الادبية تشغلمكانا فسيحا في مبادئ ابن سينا، واليك نص قوله في النبوة:
« يوجد رجال ذو طبيعة طاهرة اكتسبت نفوسهم بالطهر وبتعلقها بقوانين العالم العقلي; لذا هم ينالون الالهام ويوحي اليهم العقلالمؤثر في سائر الشؤون، ويوجد غيرهم لا حاجة لهم الى الدرس للاتصال بالعقل المؤثر; لا نهم يعلمون كل شيء بدون واسطة . هؤلاءهم اصحاب العقل المقدس، وهذا العقل لمن السمو بحيث لا يمكنلكل البشر ان ينالهم منه نصيب، وهذا القول صريح في ا نه يقصدباصحاب العقل المقدس الانبياء الذين يحظون بالوحي الرباني كماا نه اعتراف منه باصل كبير من اصول الاديان » .
وهذه النزعة الدينية اثرت في نفس صدرالدين، وصرح في كثير منكتبه بمثل هذا الراي الفلسفي الديني، و بذلك نعلم ان ابن سينا بعيد عمانسبه اليه الكونت دوغوبينو في كتابه المذاهب والفلسفة في آسيا الوسطىبقوله:
« ان ابن سينا نهض بل خرج على ما كان يعلمه الدين منذ اربعمائة سنة، وانه هدم من الاسلام ومن معتقده جانبا عظيما، نعم، انه كان ذا نفوذ كبير على افكار الملوك والامراء، فجهر بآرائه الفلسفية بحرية تامة، لكنه احترم في جنبها الدين الاسلامي، وكان حقا معلماكبيرا للفلسفة في ايران الى قدوم جنكيز خان المغولي » .
3 - افكار محيي الدين بن عربي : اكثر افكار هذا الامام الصوفي اختفتعلينا وراء حجاب من الرموز والالغاز، فما عرفناه من افكاره وحصل لنااليقين به هو ا نه كان ممن يعتقد بوحدة الوجود حتى قال: انه كفر النصارى ليس بقولهم ان المسيح هو الله بل كفرهم بقولهم انه ابن الله، وكا نه كان يؤمن بنظريات آشور الحلولية على ان له آراء في الاخلاق الفاضلة والتي سلك سبيلها الصوفيون كالحب والسكر والتوبة والمجاهدة والخلوةوالتقوى، ومقامي الخوف والرجاء، ومقام الفكر والذكر واسرارهما، ولهبحث في النبوة واسرارها .
وكان محيي الدين يعد من قادة التصوف وحاملي لوائه ومعلميه فيايران كابن سينا الى زمن جنكيز خان المغولي، يبجله صدرالدين غايةالتبجيل، ويقرن اسمه بكلمات التجليل كالعالم الرباني والعارف الكاملواشباهها، واقتبس صدرالدين آراءه واوردها ضمن الكلمات الفلسفية .
4 - الدين الاسلامي: اما الدين الاسلامي فالقرآن باصوله العالية وسننهالسامية مرآة تعاليم هذا الدين الجلي، آخى بين العلم والدين، وارشد الى توحيد الحق المهيمن وتنزيهه عن كل نقص وشرك، واعلن باسم الله واعلاه في وسط كان يعبد الاوثان، ورفض كل باطل، وحطم كل وثنوصنم، وهو النور الذي القى اشعته البيضاء في مدة يسيرة بين الاندلس والهند، ولا زال سراجا يضيء العالم منذ قرون طويلة، ولكن النزاع فيالخلافة في الصدر الاول الذي امتد الى القرون المتاخرة من ناحية، وتشابهبعض آيات القرآن الذي دعا المفكرين الى النظر فيها من ناحية اخرى كانامن الاسباب التي اوجدت الفرق واحدثت الجدل، فظهر هذا الدين بمظهرغير مظهره الذي تجلى به في الصدر الاول ظهر منحرفا عن اصله السامي،فبهذه الصورة تلقاه صدر الدين.
توقف حركة الفلسفة في ايران
كانت لفلسفة ابن سينا حركة قوية في ايران الى ان هجم المغول فيالقرن السابع الهجري فوقفت هذه الحركة; لان الغزاة كانوا يرمون الىالترتيب السياسي وتنظيمه، ولم يكن لهم اهتمام بالفلسفة; لان غاية هؤلاءالفاتحين كانت ان ينشئوا نظاما مدنيا قويا بكل ما يمكن من الوسائل، ولماصباوا الى الاسلام راوا من المعقول ان يسندوا كل الاسناد هذا الدين،فلميوافقوا على نشر فلسفة ابن سينا ومن قال بمذهبه وان هم اهتموا بنشرالفنون والصنائع .
ظهور الدولة الصفوية
قلنا فيما سبق ان الحركة الفلسفية وقفتحينما هجم المغول; لان كبيراهتمامهم كان بنشر الفنون والصنائع وقليلا كانوا يعتنون بالعلم والادب .وسارت الامور هذا السير الى ان تسنم اول الصفويين غارب العرش، وكانصوفيا بحتا، ولكنه لما راى الشيعة مذهبا خاصا بالبلاد الفارسية اولع بهاهو وخلفاؤه ولعا يدل على ذكاء، فانهم روجوا نموها وتبسطها بكل مااوتوا من السطوة والسلطنة، ولم يسن بفلسفة ابن سينا . ولكن الفلسفةكانت تتحرك وتبدي اشارات الحياة لان ارجاع المسببات الى اسبابهاوالفحص عن عللها مما يطلبه الطبع البشري .
طريقة التدريس في آسية
ولما كان الدرس في العلوم العالية في آسية تتلقى مشافهة، وكانالفلاسفة القائلون بمذهب ابن سينا متفرقين وهم نفر قليل كثيروا الخوف امام علماء الدين، اضطر صدرالدين ان يختلي عدة سنين في جبال قممتنقلا في رحلاته في فارس، لاقطا من افواه الحكماء جميع الشروح التي نشات من نفوس اصحابها بعد الخبرة والثقة بنفوسهم، وبدا بنفسه يعلم فيالمدن التي يمر بها، ولما لم يكن له منافسون من جهة الفصاحة، ولا من جهة التا نق في العبارة، ولا من جهة سهولة التعبير، كان سامعوه يفرحونبما يلقيه عليهم ويقتنونه بكل حرص، وكانوا كثيرين، ثم كان ينتقي منهمتلاميذ ذوي فضل ممتاز .
خوفه من رجال الدين
وكان صدرالدين نفسه ايضا يخاف رجال الدين المتمسكينبالظواهر، ولهذا كان يسعى جهده ان لا يثير في نفوسهم كامن الريبة، فكانموضوع بحوثه امورا مكنية يثبتها بالادلة الصريحة، ولو لم يفعل ذلكلعرض نفسه لشكاياتهم وتشديدهم عليه تشديدات لا نهاية لها، فيخاطربالعمل عينه بمستقبل اصلاح الفلسفة الذي كان يكفر به فوفق بين فكرهوبين مقتضيات الاحوال، ولجا الى الوسيلة العظمى، وسيلة التقيةوالكتمان .
وكان اذا هبط مدينة يحرص على زيارة مجتهديها او علمائهاويجلس في آخر الناس، وكان يطيل السكوت، واذا تكلم نطق بكل هدوءوسكينة مستحسنا كل كلمة تخرج من افواه اولئك الاجلة، وكان اذا سئلعن معارفه لا ينطق الا بالآراء المدونة في اسفار المذهب الشيعي المحض،ولا يشير ابدا الى ا نه يعنى بالفلسفة، وبعد ايام قليلة من رؤية المجتهدينوالعلماء كانوا يدعونه بانفسهم الى ان يدرس تدريسا علنيا، وللحال كانيلبي دعوتهم .
طريقته في نشر فلسفته
كان يجعل عنوان درسه من ابواب الفقه اولا، ثم يزيد المسالة تدقيقافي وجوب اتباع الاوامر والنواهي والفرائض على ما يفعله امهر العلماء فينظرياتهم، فكان هذا العمل يحببه في قلوب العلماء، ويزيده اعتبارا، واذاكان يبحث في باب الوضوء او الصلاة كان ينتقل منها الى اسرارها، ومنهاالى نواميس الوحي، ومنها الى التوحيد، وكان هناك يجد مجالا لاظهارآرائه الفلسفية، وابراز شخصيته الكبيرة بآيات من الحذق والمهارةوالاستدراك، وكشف الاسرار للتلاميذ المتقدمين .
وكان في القاء دروسه يسرد عبارات ذات معنيين راقية تتراىبوجهين لا يفهمها من تلاميذه الا الذين رسخت اقدامهم في الاستنتاج، ثميغطي كل هذه الاقوال بغشاء رقيق من العبارات الدينية التي تؤيد دينه،وتظهر احترامه لمبادئ الدين .
بثه فلسفة ابن سينا كان ينشر مذهب ابن سينا في الطبقة المنورة كلها، واذا كان يحرصعلى اخفاء مذهبه في كلامه، فكان اخفاؤه له فيما يكتبه اقوى واعظم،والوقوف على حقيقة مذهبه الفلسفي صعب الا لمن اتصل سند درسه الىتلامذته الذين تلقوه عن نفسه، ولمن وقف على اصطلاحاته الفلسفيةوسند آرائه غير مقطوع في هذا العصر، ولكن قل عدد تلامذته اليوم، وكانفي عصر ناصر الدين شاه القاجار جماعة من كبار تلامذته، اي الذين كانواينقلون جيلا بعد جيل عن معلمهم الاكبر من امر فكره، وبايديهم مقاليدالعبارات التي كان يتخذها لكي لا يعبر عن افكاره صريحا .
شخصيته الفلسفية يقول الكونت دوغوبينو: ان صدرالدين لم يكن منشئ فلسفة جديدة،بل هو اعاد الى فلسفة ابن سينا ضرمها، واضاءها في مصباح جديد،والحق ا نه اظهر شخصيته من ناحية مذهبه الفلسفي، واتى براي جديدمستقل في بعض مسائل فلسفية، وخالف ابن سينا في مسائل جمة،وسنشير الى بعضها ضمن هذه الرسالة، ولا شك ا نه كان مصلحا للفلسفةالآسيوية، وهو الذي البسها ثوبا يقبله كل من ينظر اليها، فقبلها من كان فيعهده، واعجب بنظرياته العارفون، ولا غرو فانه عاش في عهد غير عهدابن سينا، وفي وسط غير وسطه .
بدرسنا شخصية هذا الفيلسوف نراه ا نه اخلد اثر العلم; اذ نفخ فيرميم مذهب ابن سينا، واعاد اليه شبابه في العصر الذي عاش فيه، والبسهحلة مكنته من ان ينتشر في جميع مدارس ايران، واستطاع ان يفسحلمذهبه الفلسفي موطنا بجانب تعاليم الدين .
ولو لا خدمته العلمية لكان نجم الفلسفة يغرب وراء ظلمات الغزواتالمغولية، وعشاق الفلسفة مدينون لهذا الفيلسوف الكبير، وحقا يعد معلماكبيرا للفلسفة في ايران بعد ابن سينا الى الآن .
مذهبه في ازلية العالم المادي وحدوثه افترق الدين والفلسفة في مسالة قدم العالم وحدوثه، فبالضرورةينتهي البحث الى ازلية المادة وحدوثها قدما زمانيا، يصرح الدين بظاهرهبالحدوث وان يد البارئ ابدعت المادة من العدم، والفلسفة تجهر بالقدم .
وقف صدر الدين امام هذه المسالة العويصة وقوف المتحير، وراىنفسه بين تجاذب قوتي الدين والفلسفة .
يقول في اول رسالته في الحدوث:
« هذه المسالة تحيرت فيها افهام الفحول، وتبلدت عن ادراكهااذواق العقول; لغاية غموضها . . . ، والناس فيها بين مقلد كالحيارىومجادل كالسكارى، فمن العقلاء المدققين والفضلاء المناظرين مناعترف بالعجز عن اثبات الحدوث للعالم بالبرهان قائلا: العمدة فيذلك الحديث المشهور، والاجماع من المليين، وانت تعلم انالاعتقاد غير اليقين; اذ الاول قد يحصل بالتقليد او الجدل، وهمامناط الظن والتخمين، والثاني لكونه بصيرة باطنية لا يحصل الابالبرهان المنور للعقول، او بالكشف التام التابع للوصول » (8) .
وزيف آراء المتكلمين التي تمسكوا بها في حدوث المادة وقال:
« فمنهم من يتصدى لاثبات هذا المقصد العظيم المبتنى عليه كثيرمن قواعد الدين القويم بالادلة المتزلزلة الاركان، والاقيسةالمختلة . . . كالمتكلمين . . . زعما منهم ان تمهيد اصول الدين ممايحتاج الى مثل تلك الكلمات الواهية، وما احسن قول الغزالي فيحق من تصدى لنصرة قوام الدين بالامور السخيفة المبتنية علىالمجاز والتخمين: انه صديق جاهل، وقال ايضا: ان ايراد مثلها فيمعرض الانتصار للشرع القويم ربما يؤدي الى خلل عظيم من حيثان ضعفاء العقول ربما يزعمون ان اصول الدين مبتنية على هذهالدعاوي الواهية، وهذا كما ان بعض المحدثين نقل ان بعض الزنادقةوضع الاحاديث في فضل الباذنجان منها: « كلوا الباذنجان فانها اولشجرة آمنتبالله تعالى » . . . وقال: انما وضعه ليتوسل به الى القدحفي صدق احاديث من شهد الله تعالى بصدقه » (9) .
وهو نفسه لم يستطع ان يخطئ مبادئ الدين القائلة بالحدوث لقوةايمانه بالانبياء، وقبول اصول تعاليمهم قبولا فلسفيا .
وفند راي ابي نصر الفارابي المدون في رسالته في الجمع بين رايالحكميين افلاطون وارسطو بتاويله مذهب افلاطون في الحدوثبالحدوث الذاتي والافتقار الى الصانع .
وقال: هذا القول في الحقيقة تكذيب للانبياء من حيث لا يدري،وقال: ان النصوص الماثورة عن افلاطون تعطي ا نه يريد بالحدوثالحدوث الزماني لا الحدوث الذاتي. وقال: وهذا من قصور ابي نصر فيالبلوغ الى شاو الاقدمين .
ونقل عن افلاطون في كتابه المعروف بفاذا وفي كتابه المعروفبطيماوس كما حكى عنه تلامذته كارسطو و طيماوس وشافرطوسوابروقلوس انه قال:
« ان للعالم مبدا محدثا ازليا، واجبا بذاته، عالما بجميع معلوماتهعلى نعت الاسباب الكلية، كان في الازل ولم يكن في الوجود رسمولا طلل الا مثال عند البارئ جل اسمه، ربما يعبر عنه بالعنصرالاول » (10) .
ووجه ايضا راي ارسطو با نه يريد من الحدوث الحدوث الزماني،وراى ان العلم لا يصدق حدوثها من العدم المحض، وفكر فكرا عميقاليحل المعضلة، ولما انتهى فكره الى نقطة وجد فيها سبيله للتخلص منظلمة هذا الشك. راى ان الوقت قد حان ليجهر برايه فقال:
« ان هذه المسالة عندي في غاية الوضوح والانارة، لم اجد مننفسي رخصة في كتمانها وعدم الاشاعة والافاضة بها على منيستاهلها ويقبلها » (11) .
واخذ يجهر برايه قائلا: ان ما سوى الله حادث ولا قديم ذاتا وزماناالا الله تعالى .
نظرية الحركة في الجوهر
سلك في ازلية المادة مسلكا وفق به بين الدين والفلسفة، وابدى نظرية سماها الحركة الجوهرية، وهي نظرية في غاية الغموض والابهام تكاد تشبه نظرية آينشتاين، يعسر فهمها الا بالامعان والتدبر العميق فيفلسفته واصطلاحه .
وهي ان العالم المادي مطلقا لا يزال في تجدد مستمر، فالمادةبجوهرها في الآن الثاني غير المادة في الآن الاول، وهي متحركة دائمابحركة جوهرية، وللهيولى والصورة في كل آن تجدد مستمر، ولتشابهالصور في الجسم البسيط ظن ان فيه صورة واحدة مستمرة لا على التجددوليست كذلك، بل هي واحدة بالحد لا بالعد; لا نها متجددة متعاقبة علىنعت الاتصال، لا بان تكون متفاصلة متجاورة ليلزم تركيب المقادير والازمنة من غير المنقسمات .
وبهذه النظرية استنتج التوفيق بين الدين والفلسفة ، فالدين انما ارادمن الحدوث تجدد المادة وحركتها حركة جوهرية، وهي حادثة في كل آن وان لم يكن لها مبدا زماني، وهو يوافق العلم، فلا اختلاف بينهما; اذ كلمنهما يقول بالحدوث بهذا المعنى والمبنى، اي تجدد المادة تجدداجوهريا ، وكل منهما يقول بالقدم; لا نه لا يتصور عقلا حدوثها من العدمالبحتحتى يتصور لها مبدا زماني، وهي نتيجة عدة اصول:
منها: ا نه فرض للوجود طرفين، وهو في احد طرفيه فعلية محضة منجميع الجهات، وهو البارئ الموجد تعالى، وبعبارة اوضح: هو الوجودالمطلق، وفيه كل الكمال المتصور الفعلي، وفي طرفه الآخر قوة محضة منجميع الجهات الا في فعلية القوة (12) ، وهذا يطلق على الهيولى . (13) .
فيكون في الوجود طرفان البارئ تعالى والهيولى، والبارئ تعالىوجود اكمل من جميع الجهات ، فلا يحتاج الى الخروج عما كان، وفيالوجود ايضا مرتبة وسطى له الفعلية من جهة، والقوة من اخرى فبالضرورةيكون فيه تركيب، فذاته مركبة من شيئين: احدهما: بالفعل، والآخر:بالقوة، وله من جهة القوة ان يخرج الى الفعل لغيره ، وهذا الخروج اذا كانبالتدريجيسمى حركة، والحركة: هي فعل او كمال اول للشيء الذي هوبالقوة (14) ، ومعنى الحركة: التجدد والانقضاء .
والتجدد فيالمادة صفة ذاتية فلا تحتاج الى جاعل وفاعل يجعلهامتجددة، وهذا الراي يفيد ان يد البارئ اوجدت المادة متحركة، والحركةموضوعة في طبعها، والعلم الحديث ايضا يقول: ان حركة الذرات فيطبعها، ومنها المتحرك انما يتحرك بشيء آخر لا يكون بنفسه متحركا،فتكون حركة بالقوة، فقابل الحركة امر بالقوة، وفاعلها امر بالفعل، والحركةعلى مذهبه سببها وجود فعلية القوة، وللشيء ان يخرج الى الفعل لغيره .
ومنها: ان مبدا الحركة الطبيعة لا النفس ولا العقل (15) ، وقال: الفاعلالمباشر للحركة ليس عقلا محضا عن غير واسطة; لعدم تغيره، ولا نفسا منحيث ذاتها العقلية، بل ان كانت محركة فهي اما من حيث كونها في الجسماو من حيث تعلقها به، فيكون اما طبيعة او في حكم الطبيعة ، والطبيعة علىمذهبه سيالة الذات متجددة الحقيقة، نشات حقيقتها المتجددة بين مادةشانها القبول والزوال، وفاعل محض شانه الافاضة والاكمال، فلا يزالينبعث عن الفاعل امر وينعدم في القابل، ثم يجبره الفاعل بايراد البدل علىالاتصال .
فهذه الاصول وصل الى النتيجة التي هي مفاد نظريته، وهي ان مبداالحركة سواء اكانت طبيعية ام ارادية ام قسرية هي الطبيعة، والحركةمعناها: التجدد والانقضاء، ومبدا التجدد لابد ان يكون متجددا فالطبيعةبالضرورة متجددة بحسب الذات; لان المتحرك وهي المادة لا يتصورصدوره عن الساكن، ويستحيل صدوره عن الثابت، وقال: وبصحة هذاالاصل اعترف الرئيس ابن سينا وغيره بان الطبيعة من جهة الثبات ليستعلة الحركة، وقالوا: لابد من لحوق التغير بها من الخارج ، والطبيعة اذاكانت متجددة فالمادة في الآن الثاني بجوهرها غير المادة فيالآن الاول .
قال في آخر الفصل الرابع من رسالة الحدوث:
« تنبيه تمثيلي [عقلي]: ان كان كل شخص جوهري له طبيعة سيالةمتجددة، وله ايضا امر ثابت مستمر نسبته اليها نسبة الروح الىالجسد ، فان الروح الانساني لتجردها باق، وطبيعة البدن ابدا فيالتجدد والسيلان والذوبان، وانما هو متجدد الذات الباقية بورودالامثال، والخلق لفي غفلة عنه، بل هم في لبس من خلق جديد،وكذلك حال الصور الطبيعية فانها متجدد من حيث وجودها الماديالوضعي الزماني، فلها كون تدريجي متبدل غير مستقر الذات، ومنحيث وجودها العقلي وصورتها المفارقة الافلاطونية (16) باقية ازلاوابدا في علم الله تعالى ، فالاول وجود دنيوي بائد داثر لا قرار له،والثاني وجود ثابت غير داثر لاستحالة ان يزول شيء من الاشياءعن علمه، او يتغير علمه تعالى « ان فى هذا لبلاغا لقوم عابدين » (17) ( الانبياء /106 )
ولما ابدى نظريته وتنبه انه تفرد بها قال في الفصل الخامس من رسالةالحدوث:
« اما قولك فيما سبق: ان هذا احداث مذهب لم يقل به احد منالحكماء فهو كذب وظلم، فان اول حكيم قال به في كتابه هو اللهسبحانه، وهو اصدق الحكماء، فانه قال: « وترى الجبال تحسبهاجامدة وهى تمر مر السحاب » ( النمل /88 ) وقال: « بل هم فى لبسمن خلق جديد » ( ق/15 ) . وقوله: « والسموات مطويات بيمينه » .( الزمر /67 ) وقوله: « على ان نبدل امثالكم وننشئكم فى مالاتعلمون » . ( الواقعة /61 )
وتمسك ببعض آيات وروايات اخر نكرنا ذكرها لعدم دلالتها فينظرنا، ثم نقل عن ابن عربي قوله في الفصوص: « ومن اعجب الامران الانسان في الترقي دائما، وهو لا يشعر بذلك للطافة الحجابورقته وتشابه الصور مثل قوله: « واتوا به متشابها » ( البقرة /25 )ونقل قوله في الباب السابع والستين والمائة من الفتوحات، فالوجودكله متحرك على الدوام » (18) .
الهوامش:
1) اردبيل مدينة كبيرة في فسيح من الارض واقعة على بعد 210 كيلومترات شرقي تبريزفي شمالي فارس .
2) وهو سرجان ملكم في تاريخه الذي وضعه لايران .
3) لؤلؤة البحرين، ص131 .
4) هو محمدباقر بن محمد تقي بن مقصود علي المجلسي الاصبهاني من اعظم محدثيالشيعة ورؤسائهم الروحيين في عصر الصفويين، عاصر الشاه سليمان، والشاه سلطانحسين الصفويين، وكان هذا المحدث الكبير ممن يتصدى لشؤون السياسة، ويستشيرهالسلطان في تدبير الملك وتنظيم ايران، وله آثار علمية جليلة كثيرة، منها: كتابه الكبيربحار الانوار في احاديث الائمة الاطهار في 24 مجلدا كبيرا، وفي بعض مجلداته بحثعن علوم متنوعة من الفلك والفلسفة والكلام، ولاسيما في جزئه المسمى بالسماءوالعالم توفي سنة 1111 ه ، ومجلس كما قيل قرية من قرى اصبهان .
5) وفي نسخة البائرة .
6) الاسفارالاربعة، ج1 ، ص4 .
7) رسالة حدوث العالم، صدرالدين الشيرازي ، ص274 .
8) رسالة حدوث العالم، ص182 .
9) رسالة حدوث العالم، ص182 .
10) منقول في رسالة حدوث العالم، ص188 .
11) رسالة حدوث العالم، ص190 .
12) فسر اصطلاحه في القوة بقوله: هو ما يقال لمبدا التغير في شيء آخر من حيث هو شيءآخر سواء اكان فعلا ام انفعالا، ويقول ايضا: ان القوة الفعلية قد تكون مبدا للحركة، واذاكانت مبدا الحركة لا تخلو من التجدد والتغير، فهو متحرك حافظ لتغيره، وقد تكون القوةوراء ما لا يتناهى بما لا تتناهى في الايجاد والابداع كقوة البارئ، وقد يكون فيالانفعال بما لا ينتهي كالهيولى الاولى .
13) فسرنا الهيولى فيما سبق .
14) وهذا تعبير آخر عن سير الوجود نحو الكمال والارتقاء اليه حسب قانون النشوءوالارتقاء .
15) العقل يطلق في اصطلاحه على الجوهر المجرد الروحي .
16) تطلق الصورة الافلاطونية في الفلسفة اليونانية على عالم المثال والجواهر المجردة.
17) رسالة الحدوث ، ص210 .
18) رسالة الحدوث ، ص215 .